"طيب انا قريت الرواية دى و حبيتها جدا و كتبت عنها "ريفيو " ونشرته من فترة..هو طويل شوية بس أنا حبيت احطه هنا كمان على جود ريدز..

قرأت مؤخرا رواية "سيرة عباد الشمس" لكاتبها الروائى أسامة الشاذلى...و حبيت أكتب عن الرواية دى لانها اثرت فيا جدا و لانها كمان بتمس بطريق غير مباشر قضية احنا كلنا عايشينها و معاصرينها بشكل أو بأخر...احترام الاختلاف...تقبل الاخر..فكرة ان الانسان هو الانسان مهما اختلف توجهه فكره أو عقيدته...و كل دة فى سياق شيق جدا بعيد كل البعد عن المباشرة...

الرواية دى لفتت نظرى بطريق غير مباشر ان فيه زوايا مختلفة ممكن نشوف منها كل حاجة و ان الواحد عشان يحكم لازم يكون شايف من كل الزوايا و دة مبيبقاش فى الغالب متاح ..فبالتالى فكرة اصدار الاحكام مرفوضة و مش منطقية أصلا..

على سبيل المثال بطل الرواية هنا "شكرى أبو عياد" بهائى الديانة...أنا عن نفسى مكنش عندى اى فكرة عن الديانة البهائية غير ان معتنقيها من الاقليات فى مصر و يادوب شفت حلقة فى التلفزيون لوائل الابراشى عنهم و عن طقوسهم المختلفة!.. منكرش ان هى دى الزاوية بس اللى بصيت عليهم منها.. انهم ناس مختلفين...و الحقيقة انى أغفلت بدون قصد انهم "بنى ادمين" ليهم حياة و اسر و مشاعر ...اعتقد اختيار الكاتب لموضوع الديانة البهائية دة كان موفق جدا لابراز الفكرة...بالرغم من انه اكيد هيبقى مثير للجدل جدا عن البعض من عاشقى التنظير و مدمنى اصدار الاحكام المسبقة...

أنا مش ناقدة أدبية و لا أدعى اطلاقا امتلاك المقومات لدة..بس حبيت اقلب صفحات الرواية معاكو هنا و اقولكوا انا شفتها ازاى بعين قارئة ليها.. حبيت انكم تشاركونى احساسى بيها ..لانى على اد ما استمتعت بيها جدا فعلا أثرت فيا و غيرت وجهة نظرى و نظرتى اجمالا لحاجات كتير..

تعالوا ناخد سوا لفة سريعة مع الرواية و نبتدى بالعنوان اللى شدنى فى الاول و حسيت بعبقريته اكتر ونا بقرا الاحداث...الرواية صغيرة فى الحجم ..عبارة عن وجبة خفيفة لكن مشبعة.... لفت نظرى تنقل الكاتب فيها عبر المكان و الزمان بسلاسة شديدة و الربط بين الاشخاص و الاحداث...حبيت الحبكة و عشتها بدون مجهود و دا حلو جدا..

الرواية بأختصار أولها ضحك ووسطها وجع و دموع و مشاعر و اخرها ابهار...و يغلب عليك و انت بتقراها احساس مشاهدتك لفيلم ..بتبقى متخيل المكان و الزمان و شايف شخوصها و يمكن سامع صوتهم كمان و دا عجبنى جدااا فعلا.. فيها حس كوميدى خفيف بيظهر فى سياق السرد أحيانا و مش مفتعل ..تتوالى الاحداث اللى هتقدر بتفاصيلها المكتوبة بعناية تحس باحساس ابطال الرواية فى الكتير من المواقف اللى اصعبهم من وجهة نظرى اللى مرت بيهم بطلة الرواية " نورسين"...اللى انا حبتها جدا و حسيت معاها بالوجع فى مواقف كتير من حياتها المتخمة بالاحداث الجلل و مع ذلك تلاقى نفسك يمكن فى اخر الرواية بتحسدها على حياة جميلة عاشتها بالرغم من كل الوجع دة..

الرواية فيها جزء تاريخى بتدور احداثه فى السبعينيات لمحبى التاريخ لكن بدون اسهاب أو مط و تطويل و اعتقد ده كان ضرورى لاظهار خلفية بعض ابطال الرواية..

أحد ابطال الرواية كان يعمل فى ملقن فى المسرح و استغل الكاتب دة فى انه ذكر تفاصيل و احداث فى كواليس المسرح يمكن كتير منا ميعرفهاش و أظهرت المامه بفن المسرح عموما.. و فيه تكريم ضمنى لاحد أهم الفنانين اللى كلنا بنحبهم –الفنا�� عبد المنعم مدبولى- و اللطيف انك هتحب ده جدا و انت بتقرا ومش هتحس انه مقحم فى السياق..

نيجى بقى لجزئى المفضل فى الرواية..قصة الحب العظيمة اللى بين بطل الرواية "شكرى" و بطلة الرواية "نورسين"...اللى بالرغم من غرابة تفاصيلها لكن فعلا اتكتبت بشكل يخليك تحسها و تتفاعل معاها.. بطلها راجل عنده قدرة عجيبة على الاحتواء و دا يخليه فعلا ياخد لقب "راجل" بجدارة و بطلتها ست بالرغم من اللى قاسته فى حياتها لكن عندها قدرة مبهرة على الحب والعطاء و الغفران..

الرواية كمان بتمر سريعا على ملمح الصداقة الصداقة الحقيقية اللى بتربط شخصين برباط مقدس و اد ايه ان اهميتها يمكن احيانا بتكون اقوى من رباط الدم و الاخوة و بنشوف دة فى علاقة البطل شكرى بصديقه...

الرواية بتشهد تحول فى المشاعر من الكره للحب فى علاقة البطل بابنه التحول دة زى ما كان بيحصل فى الرواية كان بيحصل بالتوازى عند القارىء اللى شوية بشوية هيبدأ يفهم و يكتشف برضه انه بيحكم غلط لما يبص على الامور من زاوية واحدة و دة كان عظيم بالنسبالى و أكد الفكرة اكتر..

و بكدة أكون بالرواية دى سافرت عبر المكان و الزمان لان احداثها بتدور بين ايران و مصر و بيروت.. حضرت فرح و عزا..دخلت المسرح بتفاصيله..دخلت السينما كمان و حسيت بمشاعر مختلفه اثناء القراية ضحك و بكا و وجع و احيانا خضة...دا غير انها وسعت دايرة تقبل الاخر عندى لان فعلا اختلافنا مهما ان كان مينفيش انتماءنا لبنى الانسان..

زهرة عباد الشمس اللى بتتبع قرص الشمس اينما وجد.. رغم شكلها المميز عن باقى الزهور و رغم حركة دورانها دى الا ان دا ممنعهاش تكون زهرة.. و لم يتم لفظها بعيدا عن مجتمع الزهور...و ستظل رغم اختلافها و ندرتها زهرة.. فى حين ان بعض البشر بيشوفوا ان مجرد تسميتها عباد الشمس كفر.. و بيفضلوا تسميتها بدوار الشمس مع ان اسمها دة مجرد كناية مش أكتر!..أنا عن نفسى قررت اتعلم من النباتات الرقيقة دى..الزهور..لأن فعلا كلنا مختلفين بشكل او باخر ..

من احلى الاقوال اللى وردت فى الرواية:
*"وكتب الله لنا أنفاسا فى صدور من نحب.. تأتينا بها القُبلة"
*"الخوف يفسد تكوين الأشياء الجميلة، يفسد إحساسها وطعمها وكل ما يتعلق بها"
*"عشقت كونى مصوراً، كونى أداة تمنح البشر تخليداً للحظاتهم ، كم هو من الرائع أن تكون يد الله المانحة"
*"كل واحد بيحب نفسه..بس لو بذل مجهود يحب حد تاني نص ما بيحب نفسه، الأرض كانت حتبقى جنة"
*"أنا زهرة عباد الشمس التى تريدونها دوارا"
*"عودت نفسي ألا أنطق كلمة لم تخرج من قلبي، لا داعي للكلام، جعلت لساني حضنا للأخرين"
شكرى أبو عياد ...

"