ألفت العديد من الكتب ووضعت الدراسات لتناول الفترة التاريخية من عمر الوطن العربى التى خاضتها دوله فى طلب الإستقلال والتحرر والحصول عليه. فمنها من تابع الأحداث التاريخية وسجلها، ومنها تتبع الحركات الوطنية وآخر قام بتحليل لهذا أو ذلك. ولكن ما يقدمه هذا الكتاب والدراسة التى يحتويها هو رؤية جديدة تماماً بدأت من أوليات ومسلمات.. فدرستها وقدمت لها تعليقاً وتحليلاً جديداً.. حيث يقوم الدكتور (تميم البرغوثى) فى كتابه بتفسير حالة التبعية التى تسطير على دول الوطن العربى، يبين كيف أن الإستعمار يخلق دولاً ومواطنين ويحدد نظم لهم تضمن استمرار هذه التبعية فى حالة الحصول على الإستقلال. ليس هذا فحسب بل و التشبث بكل أساليبه حتى تصبح هذه النظم، ماهى إلا بديلاً له مهمته الأولى الإبقاء على مصالحة وهيمنته. وإتخذ المؤلف من (مصر) و (حزب الوفد) نموذجاً.. وكان أساس الدراسة هو نظرية "مابعد الكولونيالية" ولكن في إطار سياسى. وقد جاء الكتاب على ستة فصول بعد مقدمة وافية هى بمثابة ارض صلبة يتحرك عليها القارئ المتخصص أو غير المتخصص إنه كتاب يقدم رؤية جديرة بالمطالعة وإتاحة الوقت للتمعن فيها فيما تقدمه من تفسيرات.
Tamim Al-Barghouti (Arabic: تميم البرغوثي�, born 1977, Cairo) is a Palestinian poet and political scientist,Al Barghouti writes poetry in Standard Arabic as well as the Palestinian, Egyptian and Iraqi colloquial dialects. He obtained a B.A. in Political Science at Cairo University in 1999, and specialized in International Relations at the American University in Cairo, from which he graduated in 2001. He received a PhD in political science from Boston University in 2004, and became an assistant professor at the American University in Cairo in 2005. During 2003 and 2004, he wrote a weekly column in the Lebanese Daily Star newspaper on colonialism and Arab history and identity.
شاعر فلسطيني، اشتُهر في العالم العربي بقصائده التي تتناول قضايا الأمة، وكان أول ظهور جماهيري له في برنامج أمير الشعراء على تلفزيون أبو ظبي، حيث ألقى قصيدة في القدس التي لاقت إعجابا جماهيريًا كبيراً واستحسان المهتمين والمتخصصين في الأدب العربي ولد بالقاهرة، عام 1977 لوالده مريد البرغوثي و والدته رضوى عاشور حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2004 ،عمل أستاذاً مساعداً للعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومحاضراً بجامعة برلين الحرة، كما عمل بقسم الشؤون السياسية بالأمانة العامة للأمم المتحدة بنيو يورك، وبعثة الأمم المتحدة بالسودان، وباحثاً في العلوم السياسية بمعهد برلين للدراسات المتقدمة وهو يعمل حالياً أستاذاً مساعداً للعلوم السياسية في جامعة جورجتاون بواشنطن،له كتابان في العلوم السياسية: الأول باللغة العربية بعنوان: الوطنية الأليفة: الوفد وبناء الدولة الوطنية في ظل الاستعمار صدر عن دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة، عام 2007، والثاني بالإنجليزية The Umma and the Dawla: the Nation state and the Arab Middle East عن مفهومي الأمة والدولة في العالم العربي صدر عن دار بلوتو للنشر بلندن، عام 2008 له خمسة دواوين مطبوعة هي:
ميجنا، عن بيت الشعر الفلسطيني برام الله عام 1999 وهو ديوان منشور باللهجة الفلسطينية المنظر، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2002 وهو ديوان منشور باللهجة المصرية قالوا لي بتحب مصر قلت مش عارف، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2005 وهو ديوان منشور باللهجة المصرية مقام عراق، عن دار أطلس للنشر بالقاهرة عام 2005 وهو ديوان منشور بالعربية الفصحى في القدس، عن دار الشروق بالقاهرة عام 2009 وهو ديوان منشور بالعربية الفصحى ازدادت شهرته إثر اشتراكه في برنامج أمير الشعراء الذي أذيع على تلفزيون أبو ظبي مؤخرا،عرف بحضور القدس الدائم في شعره وانتصاره لقضية شعبه، ومن قصائده التي اشتهرت بشكل واسع قصيدة في القدس إضافة إلى عدد من القصائد الأخرى منها:
أمر طبيعي الجليل جداتنا ستون عاما ما بكم من خجل كانت قصيدة في القدس هي الأوفر حظا من حيث الاهتمام على الصعيد النقدي والأ
شوه تميم البرغوثى جميع رموز الحركة الوطنية المصرية منذ منتصف القرن التاسع عشر و هى فترة بدء الدراسة التي يقدمها في هذا الكتاب و حتى حركة الضباط الأحرار في منتصف القرن العشرين حيث انتهت الدراسة و ان حاول في الخاتمة أن يمد هذا التأثير و الإتهام إلى كل الرموز في كل الدول العربية حتى تاريخ صدور الكتاب.
أتقبل كلام الكاتب فقط كوجهة نظر فهى بالفعل وجهة نظر متعوب عليها جدا و لها التقدير و تضىء جانب مهم من تاريخنا و تاريخ رموزنا الوطنية التي قد تتفق مع فكرنا و ايدولجيتنا أو لا تتفق إلا أننا نتفق إجمالا على وطنية سعد زغلول و مصطفى النحاس و محمد عبده و غيرهم و هم اللذين كان لهما دور كبير في التحرر الوطنى و بناء التجربة الديموقراطية المصرية التي تعثرت أكثر مما تقدمت.
بنى تميم فرضيته التي نال عنها شهادة الدكتوراه من جامعة بوسطن الأمريكية على أن الاحتلال الإنجليزى هو الذى صنع مصر بصورتها الحالية و إسمها و نخبتها الوطنية و مؤسساتها من الألف للياء ليكونوا بديلا عن الإستعمار في حكم البلاد بشرط الحفاظ على مصالح المستعمر و حفظ البلاد من الوقوع في أيدى أبنائها الوطنيين وطنية حقيقية لا وطنية أليفة كوطنية زعماء الوفد اللذين جعلهم محلا لدراسته و نقده موزعا عليهم اتهامات العمالة و التواطؤ مع المستعمر الإنجليزى دون أن يخل ذلك من اتهاماته لباقى الأحزاب السياسية بنفس الإتهامات أيضا و لكن بتفاصيل أقل.
ربما وفد اليوم ليس كوفد الأمس صاحب قضية التحرر الوطنى و بناء دولة ديموقراطية حديثة و ربما أصاب تميم في بعض اتهاماته إلا أنها قراءة مجتزأة للتاريخ و متطرفة جدا في رؤيته للأحداث و صانعيها و كأنه بثوريته المعهودة يصر على أن يحصلوا على كل شيء أو لا شيء و يصفهم بأنهم صنيعة المستعمر لأنهم أصروا على أن يكون لهم دور سياسى في وجوده و بشروطه متناسيا أنهم فرضوا شروطهم أيضا و انتزعوا ما استطاعوا من الحقوق الوطنية التي اعتبرها المستعمر تنازلات مؤلمة و قلصوا الوجود الإنجليزى في منطقة القناة فقط تمهيدا لرحيله بالكامل كما أسسوا جيش قوى استطاع أن يقف في وجه الملك نفسه و في وجه الإنجليز كما نهضوا بالصناعة و الزراعة و السياسة و التعليم و الاقتصاد و قلصوا الإمتيازات الأجنبية و إن كانت لهم أخطاء توازى إنجازاتهم مجتمعة إلا أنها لا تنزع عنهم وطنيتهم و تجعلهم جميعا بما صنعوا عرائس خشبية تحركها أيدى الإستعمار من وراء الستار.
الكتاب به ملخص جيد للأحداث التاريخية في الفترة من ثورة تسعة عشر و حتى حركة الضباط الأحرار و الإتجاهات السياسية في مصر خلال تلك الفترة. رغم اختلافى مع الكاتب في فكرته و طرحه إلا أنه بحث مهم و جدير بالدراسة و يقدم وجهة نظر مثيرة للجدل المفيد الذى يؤدى في النهاية لكشف وجه من وجوه الحقيقة.
ينطلق الكتاب بفكرة أساسية وهي مفهوم الدولة التي تشكلت علي يد الاحتلال الكولونيالي وكيف أنها لم تكن سوي فخ وقعت فيه حركات أسست شرعيتها علي أساس مواجهتها للاستعمار ذاته ، وأخذ الكتاب نموذجه التمثيلي حزب الوفد فى فترة الاحتلال البريطاني لمصر وكيف أدي التناقض الداخلي ما بين خطابه الشعبي الذي اكتسب منه شرعية التمثيل وما بين خطابه ناحية القوة الامبريالية والتي كانت تحتاج إلي من يمتلك تمثيل شعبي ليتفاوض معها وليحقق لها امكانية وجود قيادة يمكن التأثير عليها وادراك الامور من خلالها وذلك لا يمكن حدوثه بالطبع مع مواجهة أطياف الشعب المصري كاملاً . فكرة مفارقة التمثيل بتتمثل فى وجود خطابين متناقضين علي الحزب المحافظة علي التوازن وهو ما قد يحدث لمدة قصيرة ولكن مع عدم قدرة الوفد علي الاحتفاظ بتلك القدرة علي الاطلاق كان له أسباب خارجية أيضاً ، فالأحزاب المنافسة وخصوصاً حزب الأمة كان يلعب علي نفس النقطة ويعارض الوفد مركزاً علي ممارسته فى الخطاب الاول الموجه للمستعمر واستمرت لعبة القط والفأر تلك وتمثلت فى عدد التغييرات للوزارة التي كانت تجعلنا نضحك اثناء دراستها فى كتب التاريخ ونلعنها لا لشئ سوي أنها كانت تعني مزيداً ومزيداً من الحفظ .
منطلقاً من مفارقة التمثيل يحاول الكتاب مناقشة تفاصيلها فى حالة الوفد والاحتلال البريطاني لمصر عبر فترة كبيرة عبر مناقشة خطابه الشعبوي ومقارنته بسير المفاوضات ويمكن تمثيل ذلك بواحدة من أحقر الجمل التي كان من الممكن أن تقال فى هذه المرحلة فى تاريخ مصر عندما قال سعد زغلول زعيم الوفد والزعيد الشعبي المزعوم أنه صحيح أننا خسرنا الثورة ولكننا كسبنا الانجليز كأصدقاء ، وهي حالة سنراها بعد ذلك عبر قفز حركات وشخصيات علي ثاني ثورة شعبية كما عشنا السنوات السابقة.
كتاب رائع للمتميز تميم البرغوثى، الفكرة تتلخص فى الآتى: هناك إحتلال، و هناك شعب يطالب بالإستقلال، و هناك نخبة و طنية منتفعة تسعى للتوفيق بين الإرادتين - المتناقضتين- ( إرادة الشعب و إرادة المُحتل) و تبقى الوسيلة للتوفيق بين المتناقضين هى القُدرة على تقديم أكبر تنازلات و إعطاء أكبر ضمانات للمستعمر حتى يسمح لهذه النخبةأن تحل محله
تقع النُخبة فى مُعضلة، فهى تُريد الإحتفاظ بالسُلطة ( القيام بدور المُستعمر) و تريد أن تُلبى مطالب الشعب بالإستقلال - التى من المفترض أنها تُمثله...و هنا يأتى الإخفاق دائما
حقيقة الصراع بين الأحزاب، لم يكُن سوى صراع على من يفوز بدور قائم مقام المستعمر، فما يقدمه أحد الأحزاب كضمانات للمستعمر فى حفظ و تأمين مصالحه يُسارع الحزب المنافس على رفضها، ثم ما يلبث أن تتبدل الأدوار عند جلوس الحزب المنافس مع المستعمر فيقبل ما كان يرفضه سابقا !!
الخلاصة: طالما وافقت النخبة على التفاوض فهى قبلت أن تلعب بالشروط التى وضعها المستعمر لها، فأى نصر تحققه هو نصر زائف لا يتعارض مع مصالح المستعمر و تصبح لدينا وطنية أليفة تسير على الكتالوج الغربى
من أكثر الكتب الصادمة التي قرأتها دراسة مقارنة ومتفحصة لبزوغ القيادات الوطنية في بدايات الاحتلال البريطاني وكيف تحول الاحتلال الاستعماري إلى ديدن وسلوك يكاد يتطابق معه من قبل القيادات الوطنية والتي تتنافس وتتناقض في تمثيلها لرغبات الشعب تارة وقيود ومصالح الاستمعار تارة أخرى فمنيت بفشل ذريع في كلتا القضيتين فلا منها مثلت شعبها فانتصرت على الاحتلال ولا منها طبقت النموذج الاستعماري فحلت محله وتولت السلطة والتناقض العجيب في قبول أو رفض الاتفاقيات لا يكون على رغبة الشعب , وانما على كون الحزب هو الممثل في السلطة فقط , فيرفض مشروع فقط لأن حزبا أخر عرضه وعندما يأتي لسدة القيادة يقبل بما هو أدنى منه. والملك الذي يكسب من التنازع فيدخل معترك السياسة أملا زيادة شعبيته. سرد دقيق وشامل لصعود القيادة الوفدية وفشلها المتكرر لعدم قدرتها على مجاراة أو تحقيق الاهداف الاكثر راديكالية للحركات الأولى كالحزب الوطني (مصطفى كامل ومحمد فريد) أو ابسط الطلبات الشعبية من الجلاء والاستقلال الكامل ووكذلك انشقاقات الحركة الوفدية التي أنجبت أحزابا أخرى كالدستوريين الأحرار أو السعديين أو غيرها وانسحاب الدعم الشعبي منه إلى حركات أخرى كمصر الفتاة أو الاخوان المسلمين أو الظباط الأحرار وهكذا حتى تمت حركة 1952
هذا الكتاب كان رفيق البحر الجميل طوال الأسبوع الماضي
الكتاب عظيم، يمكن لأنه رسالة دكتوراه فمفيش فرصة لآراء شخصية للدرجة
ممكن نختلف على الفرضية اللي تميم بنى عليها رسالة الدكتوراه أصلا ولكن في اللحظة اللي بنقبل فيها الفرضية فكل اللي جا بعدها متماسك وأسلوبه واضح وسهل، يمكن كنت أحب أخلص قراءة تاريخ للرافعي قبل ما أبدأ الكتاب عشان الأسماء وعلاقات الشخصيات، بس كان سهل أجمع وراه نسبيا، وسعيدة بوجه النظر اللي هو عرضها وإعجابي بيها لا يساوي تبنيها أو إنها بالضرورة أصبحت نظرتي الخاصة.
الدراسة أكثر من رائعة... كنت دائما ما أعزي ضعف مستواي فى التاريخ فى المدرسة لعدم قدرتي على الحفظ، لكن عندما قرأت التاريخ بأسلوب الدكتور تميم التحليلي استطعت أن أستوعب الأحداث و شعرت أني عشت فى هذا الزمن ربما لم أكن لأفهم تحليله لو كنت قرأت الكتاب قبل ثورة 25 يناير، لكن الآن و قد استوعبت كيف يمكن للسلطة و السعي لها أن تؤثر على الناس فكل التحية لهذا البحث الرائع
الكتاب هو في الأصل الأطروحة التي قدمها تميم البرغوثي لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية، وعنوانه يعكس فحواه بشكل جيد. يحاول الكاتب البرهنة على أن الأحزاب السياسية التي قدمت مشروعًا سياسيًا في مقدمته التحرر الوطني، ولكن كممارسة كانت تحاول تمثيل سلطات الاحتلال بقناع آخر، انتهت إلى فشل ذريع وخسارة للشرعية السياسية والجماهيرية في الشارع.
يشرح الكاتب الطبقات الاجتماعية التي شكلت حزب الوفد، وكيف تمت مفاوضات الجلاء عن مصر ومقدمات ثورة 1919، وكيف اكتسح الوفد البرلمان بعد إقرار أول دستور مصري، لكنه انتهى إلى خسارة كل تلك الشعبية بعد فشله في تنفيذ ما نادى به في برنامجه الراديكالي، ليصبح في النهاية ممثلًا للاحتلال. بدأ ظهور هذا العجز الدائم من التناقض الكامن في طبيعة عملية الحلول محل الاحتلال. إن فشل الوفد المتكرر في تأمين الاستقرار للبريطانيين والاستقلال للمصريين أدى في النهاية إلى ذوبانه كحاجز أو وسيط. فلم يتمكن الوفد من إدارة المصالح الاستعمارية في مصر والحفاظ على المقدرات الاقتصادية للاحتلال البريطاني، وفي نفس الوقت فشل في تحقيق الاستقلال التام عن المملكة المتحدة وتحرير مصر اقتصاديًا من السيطرة الاقتصادية للإمبراطورية الإنجليزية.
أدت هذه الظروف إلى ظهور حركات أكثر راديكالية، مثل مصر الفتاة وحدتو والإخوان المسلمين، والتي تشكلت من خلفيات اجتماعية وطبقات اقتصادية مختلفة، وكان المنتسبون إليها يشكلون العمود الفقري لحزب الوفد سابقًا. انتهجت تلك الحركات ممارسات راديكالية في استخدام العنف، وحاولت إقامة تشكيلات شبه عسكرية لخوض حرب عصابات ضد الاحتلال البريطاني. إن المباني التي أُحرقت في 26 يناير 1952 كانت رمزًا ثلاثيًا: القومية المصرية الليبرالية، والاحتلال العسكري، والتبعية الاقتصادية الرأسمالية. كان هذا الثلاثي يحكم مصر بواسطة الوفد لثلاثين عامًا، وكانت هذه الوساطة هي الوظيفة السياسية للحزب. لقد كان الوفد مبنيًا بطريقة تؤهله أساسًا للتفاوض بمهارة، حيث كان حزبًا للقانونيين والمحامين، وبالتالي لم تكن على أجندته السياسية مقاومة الاحتلال البريطاني باستخدام حرب العصابات أو العنف من قبل حركات مسلحة بديلة عن جهاز الشرطة والجيش الذي أنشأه الاحتلال الإنجليزي في مصر.
بصراحة، لم تضيف الرسالة أي جديد إلا بعض النصوص التوثيقية الخاصة بالمعاهدة المصرية-الإنجليزية، والتي على أساسها تم تحقيق الاستقلال المصري الشكلي عن إنجلترا. أعتقد أن الرسالة أخفقت في الإسهاب في كيفية تشكيل الطبقة الكومبرادورية على الطريقة الماوية، والتي من خلالها يمكن فهم إخفاقات كل من الوفد وطلعت حرب وأغلب النخب البرجوازية التي حاولت نسخ التجارب البرجوازية الأوروبية في خلق دولة وطنية قومية مستقلة. فالطبيعة الاقتصادية لتلك النخب تتناقض مع مصالحها الاقتصادية بشكل مباشر، نتيجة الطريقة التي تم بها إدماج بلدانهم بشكل قسري في دورة الإنتاج الرأسمالي الإمبريالي آنذاك.
ولذلك، كانت الدولة القومية الحديثة، التي وضعت نواتها الاحتلال، ما هي إلا دولة أداتية لاستخدام شرعيتها في الضبط والحصر لإدامة نمط التراكم الإمبريالي، ومنع حدوث انفجار على النمط الشيوعي الراديكالي. لهذا السبب، لم يسمح الاحتلال البريطاني للوفد بالسيطرة على الدولة من خلال جهازي الشرطة والجيش، أو العمل على تكوين كوادر عمالية، حتى وإن كانت أغلبية السكان من الفلاحين، خوفًا من كسب الوعي الطبقي الذي يترجم مباشرة إلى أعمال عنف ضد المحتل. وهذا ما حدث في حريق 1952، حيث جاءت ثورة الضباط الأحرار كاستجابة أخيرة من الدولة المصرية بكوادرها البرجوازية في محاولة أخرى للاستقلال الوطني، ولكن باستخدام شرعية الإنجازات وقوة الجيش وخلق مجتمع شمولي.
لا أعتقد أن نداء تميم البرغوثي في آخر الكتاب، بأن حزب الله انتصر على إسرائيل لأنه كيان عسكري ولا يعتمد على دولة أنشئت لأغراض كولونيالية، كان موفقًا. فهذا النداء يخلط بشكل كبير بين مفهوم الوضع القائم في لبنان والطبقات الاقتصادية التي تتخذ شكل طوائف، والتي ساعد الاحتلال الفرنسي على ضمها في كيان اصطناعي قد ينهار في أي لحظة.
دراسة تاريخ الدولة القومية المصرية أو العربية الحديثة بشكل عام من الأهمية بمكان لفهم كيف تشكّل واقعنا السياسي المعاصر، لاسيما وأن هذه الدولة القومية تشكّلت في ظل الهيمنة الكولونيالية على العالم العربي والإسلامي، فهذه الدراسة هي امتداد لدراسة التاريخ السياسي ما بعد الكولونيالي على غرار دراسات إدوار سعيد وميتشل وفرانز فانون وميشيل فوكو حول كيفية إنتاج الاستعمار للمعرفة والسلطة والنخب في البلاد المستعمَرة .
ينطلق هذا الكتاب المهم لتميم البرغوثي من مقولة أساسية أن حركة التحرر الوطني المصرية صاغ معناها القوة الاستعمارية البريطانية عن طريق أولًا صناعة النخب التي يُسميها الكتاب " خلق الممثلين" ، وثانيًا الانتقاء من هذه النخب من يقبلون بالمنطق الاستعماري وتحديداته لمفاهيم التحرر والإستقلال، وثالثًا عملية إحلال هذه النخب محل المستعمِر بعد أن يطمئن أنهم سوف يقومون بحماية مكتسابه، فهذه النخب بمعنى من المعاني وفق تعبير اللورد كرومر " إنسان ألي مصنوع بمهارة ".
وفق هذه المقولة سيدرس الكتاب كيف بنت هذه النخب الدولة الوطنية في ظل الاستعمار متخذًا من حزب الوفد أساسًا لاختبار صدق هذه المقولة بوصفه اللاعب الأساس وصاحب الشعبية الكبيرة حتى قيام انقلاب الضباط الأحرار، وفي الحقيقة أنك لن تفهم كثيرًا من المواقف المتناقضة التي سيذكرها الكتاب لهذه النخب إلا لو أخرجت عقلك من ثنائية [ العميل/ الوطني] ، فمحاولة القراءة التاريخية الصحيحة -بتقديري- لسلوك هذه النخب أعقد من هذه الثنائية، فهو سلوك محكوم في جانب منه بحالة انبهار هذه النخب بفكر وعادات وتقاليد المستعمِر ، وفي جانب آخر الرغبة المُلحّة في الإحلال محل المستعمِر وفق شروط وقوانين هذا المستعمِر .
ومن ثم سيرصد الكتاب حالة التنافس المرير بين هذه النخب على تقديم أنفسهم للمحتل بوصفهم البديل المناسب الذي يقبل بمحدداته وقوانينه ومفاهيمه، مثل المنافسة مثلًا بين سعد زغلول وعدلي يكن، وسيرصد كذلك المفارقات الناتجة عن هذا الأمر ، فعندما تكون النخبة- كالوفد مثلًا -في المعارضة تنتهج سياسات راديكالية وعنيفة تجاه المحتل، وبمجرد أن تملك السلطة تقبل بمنطق الاحتلال، بل وتقبل بما كانت ترفضه من قبل وهي في موقف المعارضة .
وفي إطار هذا التنافس كان سياسة بعضهم كسعد زغلول هي أن يمنع بريطانيا من أن تجد الممثلين الذين تريدهم، بينما يقدم نفسه هو والوفد ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب المصري، فكان التصعيد ضد البريطانيين مسألة تكتيكية كورقة ضغط للقبول بهم كممثلين أو بدائل لهم، فمثلًا كان عبد الرحمن فهمي مساعد زغلول يحشد الشارع في سبيل " الإستقلال التام أو الموت الزؤام" في حين كانت قيادات الوفد تعرض على البريطانيين مطالب أشد تواضعًا .
إن الكتاب يحاول بكل طاقته - وقد نجح في هذا بتقديري- أن يرصد حالة الإزدواجية بين خطاب تلك النخب لصانيعها المستعمرين بوصفهم أفضل بديل لحماية مكتساباتهم ولو بإستقلال منقوص، وبين خطابهم للقواعد الشعبية والجماهيرية التي كانت أكثر ىاديكالية في مطالبهم .
ومن هنا ستلاحظ أن أغلب مشاريع الإستقلال التي قدمتها النخب الوطنية هي مشاريع في حقيقتها استعمارية، أو كما يقول عبد الرحمن الرافعي المؤرخ القومي عن معاهدة 1936 أن الإكراه الاستعماري هو قوامها ومصدرها، فالملاحظ أن هذا الإكراه الاستعماري الذي يتكلم عنه الرافعي هو الذي سيكشف مدى إيمان هذه النخب بمباديء شعوبهم، مثلًا يرصد البرغوثي موقف سعد زغلول المتناقض من رفضه إعلان فبراير 1922 ثم أصبح رئيس وزراء في دولة لم ينبن استقلالها إلا على هذا التصريح وبمقتضاه، وكذلك التناقض بين النحاس في السلطة والنحاس في المعارضة، فعندما يكون محمود محمود في السلطة يعارض النحاس مرسوم قمع الاحتجاجات الطلابية، ولكن عندما يكون النحاس في السلطة يفرضه على الناس ! .
من الأشياء المهمة في الكتاب التركيز على فكرة ارتباط مصالح هذه النخبة بالمحتل، وكيف أن السياسات الاقتصادية التي انتهجها الاحتلال هي التي صنعت الوضع الاقتصادي لهذه النخبة بعد انهيار السياسة الإحتكارية لدولة محمد على عقب إتفاقية لندن، ويبدو واضحًا أن مناطق الاتفاق المصلحي والتوافق الفكري بين هذه النخبة والاستعمار أكبر بكثير من مواطن الاختلاف، وأن النظام السياسي الذي أوجده المستعمر هو نفسه الذي تطلعت أن تحل من خلاله النخبة محل المستعمِر .
بالنهاية هذه النخبة من سعد زغلول وعدلي يكن والنحاس وعبد الخالق ثروت ومحمد محمود وغيرهم لم يكونوا " عملاء" بالمعنى السياسي للكلمة أو يتقاضون مرتبًا بريطانيًا كالشريف حسين، هي بالنهاية نخبة تشكّلت فكريًا وسياسيًا في نظام رسمت معالمه وزارة المستعمرات ودار المندوب السامي، وكانوا أمام خيارين إما انتهاج سياسة المحتل تمامًا وإما أن يعبّروا عن ثورية الجماهير تعبيرًا حقيقيًا، لكنهم آثروا الرقص على السلم واتباع سياسة توافقية فلا رضى عنهم المستعمِر الرضا التام ولا نالوا الثقة الشعبية المطلقة؛لأن خطابهم بالأساس خطاب مزدوج ومتناقض، وبالتالي لم يكن غريبًا ما رصده الكتاب في آخر فصوله من تأكل شعبية الوفد وبداية انحسارها أمام مصر الفتاة والإخوان المسلمين.
هذا الكتاب من أفضل الكتب التي تُقدّم رؤية مختلفة عن تاريخ الحركة القومية الوطنية بعيدًا عن تهويلات القوميين أو تخوينات بعض أبناء التيار الإسلامي لرموز هذه الحركة الوطنية، نعم لم يكونوا عملاء ولكنهم ولم يكونوا أيضًا مناضلين أبرارًا ، كانوا في الواقع مهزومين فكريًا ونفسيًا أمام الغازي الذي كان يجلس زغلول أمام مندوبهم السامي كرومر بالساعة والساعتين ليتعلم وليُتنور في حياته.
"إن الوطن الذي ينشئه الإستعمار، لا يكون إلا إستعمارًا ، فخًا له علم و نشيد ، ولا يكون الإنتماء له و الإعتداد به إلا وطنية أليفة،ناعمة لينة على الإستعمار، صاحبها حر أن يركض كيف شاء في غرفة مغلقة، فإن خرج منها مات"
الوطنية الأليفة: الوفد وبناء الدولة الوطنية في ظل الاستعمار ظاهر العنوان أنه كتاب تاريخ عن حزب الوفد لكنه أعمق مما يوحي به عنوانه. الكتاب عن نشأة الدولة الوطنية أو القطرية في عهد الإستعمار و يطرح الكاتب تميم البرغوثي نظريته أن هذه الدولة صنيعة المستعمر و نظامها والولاء له هو ما يضمن للمستعمر سيطرته على الشعب المستعمر بفتح الميم الفكرة مبسطة قائمة على ما صاغه الكاتب من مصطلحين "مفارقة التمثيل" و "مفارقة التبديل"
فالأول هو من يجب عليه أن يمثل الشعب المغزو عند المستعمِر يجب أن يتوفر به شرطين ،الأول هو أن يكون متوافق مع مصالح ورؤية المستعمِر ، والثاني أن يمتلك شرعية شعبية تؤهله للسيطرة على الشعب و ضمان الأمن للمستعمِر.ويفسر البرغوثي المفارقة هنا بأن هذين الشرطين متنافضين ، فالشرعية يكتسبها الممثل من وعد الشعب بالإستقلال و الشرط الأول بالحفاظ على مصالح المستعمِر التي بالتأكيد لا توافق الوعد الأول ،فالسعي في تح��يق أى من الوعدين يفقد مباشرة الممثل القدرة على تنفيذ الآخر.
أما المصطلح الثاني فهو سعي السلطة الوطنية الممثلة بالحلول محل الإحتلال و القيام بكل مهامه و الحفاظ على مصالحه ، الممثل هنا لا يجد مشكلة في نظام الغازي ولا الرضا بمنطقه الإستعماري ، كل ما يريده هو أن يحل محله
عن طريق ما سبق أظهر الكاتب كيف أن القبول بالمنطق الإستعماري في إعادة تعريف مصر بالدولة الوطنية صنيعة حولت الحياة السياسية لساحة صراع على التمثيل للإستعمار وليس للشعب و السعي لتوفيق مطلبين متناقضين هما الإستقلال والحفاظ على المصالح الإستعمارية و كيف أن محاولة التوفيق نهايتها دائمًا الفشل و إما الإستقالة والخروج من السلطة لعدم القدرة على الوفاء بوعد المستعمِر أو خسارة القواعد الشعبية. فالصراع على السلطة ما هو إلا صراع داخل قفص المستعمر الذي وضع قواعده أفرغ الإستقلال من معناه من خلال دراسة حزب الوفد يتناول الفصل الأول كيف خلق المستعمر النخبة السياسية التي يرديها أن تقوم بدور الممثلين والفصل الثاني عن تطابق الصورة التي أحب المستعمرون أن يروا مصر عليها و الصورة التي كان يعتقدها قادة الحركة الوطنية المذكورون
أما الفصل الثالث يتناول الدلائل على مفارقة التمثيل والتبديل إبان ثورة 1919 و الخطاب المزدوج المتناقض للقادة الوطنيين للإحتلال وقواعدهم الشعبية
في الفصل الرابع يتناول مفاوضات الوفد مع البريطانيين حول الإستقلال و إبراز سياسة الحلول محل الإحتلال في مسودات الإتفاقات المقترحة
و أخيرًا الفصلين الخامس والسادس يتناولون عواقب اتباع سياسة التبديل و هي العجز عن البقاء في السلطة و خسارة كل القواعد الشعبية لحركات لا تعترف بالحياة الحزبية التي خلقها المستعمر مثل الإخوان المسلمون و مصر الفتاة والشيوعيون والضباط الأحرار
تقييمي للكتاب هو أعلى تقييم لكم الفائدة الى اكتسبتها منه من إعادة تقييم فكرة الوطنية القطرية و إلقاء الضوء على شخصيات كانت تدرس لنا أنها نموذج يحتذي به مثل سعد زغلول و لطفي السيد و الشيخ محمد عبده ، واسلوب الكاتب السلس مر على فترة مصر الحديثة بشكل رائع مكثف فيما قبل إنقلاب يوليو 1952 . أخيرًا هذا الكتاب عند قرائته في ضوء مابعد ثورة 25 يناير يكشف عن مدى التشابه بين الحياة السياسية إبان الإحتلال البريطاني و ما بعد الثورة و تولي الإخوان السلطة ، فالإخوان يتشابهون جدًا مع الوفد في إكتساب شعبيتهم بالوعد من التحرر من التبعية الأمريكية و طرحهم خطاب متناقض فيى الإعلام الغربي و خطابهم الشعبي و التأكيد على الحفاظ على المصالح الأمريكية وأمن إسرائيل و الخطاب بالتحرر منهم في نفس الوقت يمكن الملاحظة أن الإخوان يركضون في نفس القفص و أن نهايتهم ستكون مثل الوفد العبرة من هذا الكتاب تتلخص في
الكتاب بتعامل بنزق شديد مع الوطنية المصرية وتطورها فيعتبرها بمنتهى الاستخفاف مجرد مؤامرة استعمارية متغاضيا عن التكون التاريخي العضوي لتلك الوطنية في إطار الصراع الطبقي على ملكية الأرض مع النخبة التركية والصراع الوطني مع الاستعمار في الثورة العرابية، ويضع تلك الوطنية كنقيض للانتماء الإسلامي والعربي لمصر، رغم أن تلك الوطنية في طورها الأول على الأقل لم تكن كذلك، فهي لم ترفض الخلافة بقدر ما رفضت العنصرية التركية، وكانت العلاقة العميقة مع الشام والحجاز وحتى أفريقيا العربية غير مطروحة للنقاش باعتبارها علاقة أكيدة.
بعد ذلك يعتبر تميم أن البرجوازية الزراعية المصرية حتى في طبقتها الوسطى (العمد ومتوسطي الملكية) استفادوا من الاستعمار، رغم أن ذلك أيضا لم يكن صحيحا، فتطور الملكية الخاصة في مصر كان صيرورة طبيعية لم يأت بها الاستعمار، وإنما تطور طبيعي لأنماط الإنتاج وما فعله الاستعمار في الواقع هو أنه أحبط تحول تلك البرجوازية الزراعية إلى برجوازية صناعية ومالية وتجارية قادرة على الاستفادة من سوقها القومي بدون استغلال إمبريالي.
في الأخير تميم يقبل أكاذيب كرومر العنصرية في الوقت الذي يحاول فيه نقدها، فكرومر يحاول أن يصور الاحتلال بأنه معلم يخلق وطنية مصرية من العدم، بينما ما حدث هو أن الاحتلال أحبط التطور العضوي للوطنية المصرية وشوهها بعمق في ظل دعاوى عنصرية حقيرة عن أن المصريين ليسوا أمة متحضرة بعد.
بخصوص نقد تميم في الوفد، فهو عموما في موضعه بالتأكيد، لكنه في مواضع كثيرة أيضا يبدو واقعا في نزق إهمال ظروف الأمر الواقع التي تملي شيئا من المناورة والتنازل المرحلي بحكم اختلال موازين القوى مع الخصم.
يبدو تميم من خلال الهوامش غارقا تماما في إسقاط الحالتين العراقية والفلسطينية المعاصرتين على التجربة المصرية، وهو إسقاط غير مرفوض من حيث المبدأ، لكن يعيبه عدم الانتباه إلى الزوايا المختلفة التي تخص كل حالة على حدة.
كيف يعجبك كتاب لا تتفق مع مضمونة ؟ عندما يكون كتابا بهذه الجودة . منذ السطور الاولي اوضح تميم انه خصص رسالتة لنيل درجة الدكتورة والتى ترجمت لهذا الكتاب فى اقامه الحجج على فكرة اساسية ( هي فكرة مركزية عند عامه الاسلاميين و بعض اليساريين ولكنى لا أظن احداً منهم نافح عنها بهذه القوة ) الا وهي أن الدول القومية القطرية الحديثة فى الشرق الاوسط هى منتج استعماري خالص صممها و نفذها و رسم خطاها المستعمر البريطانى و الفرنسي وحتى مصر التى يجعلها محور الكتاب كنموذج ليست استثناء رغم تاريخها الطويل وان لم تكن حالتها واضحة مثل دول سايكس بيكو و الترتيبات البريطانية التى اسست دول وامارات الخليج , وان هويتنا القومية هى هوية مصطنعة فصلها المستعمر و البسنا اليها كجزء من خطتة الاستعمارية . ثم يأخذنا الكتاب فى رحلة ثرية وممتعة ممتلئة بالملاحظات الدقيقة و الربط الذكي بين المواقف والاحداث تدليلا على تلك الفكرة و تكريسا لها .. ولا اختلف مع تميم فى كثير من اجزاء طرحة ولا أستطيع انكار دور الاستعمار الناعم منه و الخشن فى تاريخنا الحديث و تكوين واقعنا السياسي و الثقافي ولكن .. أشكاليتى مع هذه الفكرة تكمن فى نقطتين.. الاولي السمت التأمري الذى يضفي عليها فيفسر تاريخنا الحديث كلة باعتبارة مؤامرة أمبريالية ضد قيام دولة الخلافة الاسلامية وهذا ما يحتاج للكثير من النظر من زاويتين.. الاولي ماهية تلك الدولة / الخلافة و الثاني ان قيام الدولة القطرية هو تطور طبيعي متماشى مع تطور العلاقات الاقتصادية و الكيانات الاجتماعية انشئها كما أنشىء كل كيان سياسي الحاجة لوجودها وان كانت الامبريالية قد ساهمت بدرجة كبيرة فى التشكيل الجغرافي للدول الحديثة و في تكوين نخبتها بنسب متباينة (كما حدث فى العالم كلة بالفتح و الهجرات فى العالم القديم ثم الاستعمار فى الحديث) الا ان القول بانها من صنع تلك النخب و تلك الدول باطلاق و كان وجودها لم يكن لولا الاستعمار به الكثير من التعسف .. ثم ان نظرية المؤامرة مضادة للبحث العلمي الدقيق لانها تجعلنا نقفز الي استنتاجات غير دقيقة و نبني عليها نتائج مثلما فعل تميم فى بعض النقاط كجعل اصلاحات سعيد بمنح المصريين حرية تملك و توارث الاراضى نتيجة لفرض قوانين منع الاحتكار على تركيا ومصر بالتبعية , و الخلط بين مفهوم الفلاحين الطبقي و استعمال كرومر للفظ للتعبير عن المصريين الخلصاء مقابل الاتراك المتمصرين والاصرار على تفسير سلوك الوفد فى المفاوضات بعد ثورة 19 بقبول بقاء قوات بريطانية في القناة و عودة القوات البريطانية لمصر فى حالة الخطر انه اذعان للاستعمار و موالاة له مع اغفال حقيقة ان تركيا قد حاولت استعادة مصر بحملة عسكرية قبل ذلك بعدة سنوات ولديها حزب قوي يدعم تبعية مصر لتركيا ان غاب الانجليز عن المشهد كما ان انجلترا لم تكن الدولة الاستعمارية الوحيدة وفي حالة تركها مصر مباشرة فستكون هدفا لالمانيا و فرنسا و حتى ايطاليا تغافل تميم عن حقائق ثابتة لانها لا تخدم وجهه نظرة . والثاني هو استغلال البعض هذه الفكرة لمجابهه قيم المواطنة ذاتها من خلال الحط من قيمة الدولة الوطنية والتى هى بعيدا عن الشوفونية التطور السياسي الطبيعي للمجتمعات الحديثة والنموذج السياسي الوحيد حتى حينة الذى يضم مواطنين من اعراق و عقائد متباينة بداخل اطار واحد يساوي بينهم .. و عليه فالحط من نموذج الدولة الوطنية يعنى فى كثير من الاحيان التنصل من المواطنة وقيم المساوة و العدل الاجتماعي اعلاء للتمايز العقائدي و العرقي .. اخيرا الكتاب متقن بذل فيه من الجهد الكثير و دون بقلم شاعر متميز فيستحق القراة والاشادة
من اروع ما قرأت من التحليلات السياسية لتلك الفترة خصوصا , وعلي الرغم من أعترافي بهذا الكم الهائل من الأقتناع بذلك التحليل "المنطقي" الا أنه فعلا كتاب صادم , ولكن تلك هي طبيعة الحقائق دائما
ولكن هناك من الملحوظات علي الكاتب "الدكتور تميم" في بعض الفقرات _القليلة_ في الكتاب , فبالرغم من روعة تحليلة السياسي المُتميز بنقل الحقائق وتفنيدها دون ما سواها , بل بالعكس ينتقي بعض الشبهات التي تؤيد فكرة وينفي كونها الا شبهات , حتى لا يقع قارءه في بحر التخطل , الا أنه في بعض الأوقات القليلة كما ذكرت طغت عاطفة الدكتور تميم علي بعض التحليل فبدت غير مُقنعة بالنسبة لي بالمرة
فكمثال واحد من بين تلك , عندما حلل موقف سعد زغلول وأستقالته عام 1924 من الوزارة "رئاستها" , بعد مقتل السير لي ستاك يقول تميم أن سعد أستقال لأنه أراد أن يراوغ ويحاور , فينتقل بعيدا عن مطالب المندوب السامى "اللنبى" التي تجعل موقف سعد أمام قواعده مُحرج , فاستقال هذا كله دون تفسير منطقي وحيد , كتلك التفسير المنطقية التي ساقها الدكتور تميم , كتفسيره لبراءة الملك من تهمة حرق القاهرة مثلا !
فكان من الأفضل علي تميم أن يذكر مثل تلك المواقف كما ذكرها المؤرخون , لأن مثلها قد يحتمل التفسيرين فمن الممكن أن يكون سعد أتخذ موقف الأستقالة أستكمالا لمسلسل الراديكالية الذي بدأه في 1918 , أو ليحافظ علي سمعته في مقاومة الأحتلال خاصة مع علم الناس بموقفه الشخصي المؤيد لأحداث السودانين ! , وقد يكون سعد كان قد أتخذ ه��ا الموقف باخلاص شديد للقضية فعلا , فكل هة التأويلات لا محل لها من الأثبات القطعى , وكذلك تحليل تميم
إذا كان تقييم الكتب بحسب قدرتها على إعادة صياغة المفاهيم وتغيير القناعات وبناء وجهة جديدة للنظر, فإن هذا الكتاب ولا شك من أفضل الكتب التي قرأتها على الإطلاق
لقد حاول الكاتب, وربما نجح في ذلك, أن يضع يده على أصل المشكلة في الحياة السياسية المصرية بشكل عام عندما وضع تجربة حزب الوفد كوحدة اختبار للطرح الذي أراد أن يقدمه من خلال بحثه ككل.
لقد أورد الكاتب جملة في الصفحة الأخيرة من بحثه أراها تلخص التجربة والطرح, وأرى أنها أهم ما قيل في توصيف تجربة حزب الوفد كنموذج أو تجربة منافسيه المعاصرين أو خلفهم المتأخرين كتجربة الإخوان فيما بعد ثورة يناير
"إن الوفد لم يكن يعاقب على ما فعله, ولكن على ما كانه, ولقد كانت نفس العناصر التي سببت وجوده,هي التي سببت دماره, وهذه هي المفارقة"
الكتاب اكثر من رائع .. فكرته الاساسية تدور عن الوطن والمستعمر المحتكر للقوة الاستراتيجية وعدة احزاب تتصارع من اجل الوصول لحكم وتسيير الامور الحياتية اليومية للشعب المصري ... فهو من منطلق وطني لكنها في النهاية قوة وطنية اليفة لا ترفض التعاون مع المستعمر ... كتاب رائع من د/تميم البرغوثي :)
عن النخبه المصرية التى تقوم بنفس عمل الاستعمار متدثره بغطاء الوطنيه ، عن نمط النخبة السياسية اللى تم صنعها بإيد المستعمر قبل انقلاب يوليو 52 و نفس النمط بعد انقلاب العسكر على الملك وصولا لمحمد مرسى .
بعية والهزيمة التي لحقت بكافة البلدان العربية على اختلاف نظم الحكم فيها واختلاف أشخاص الرؤساء والملوك والأمراء في كل نظام منها منذ منتصف القرن الماضي تثير دائما في أهل هذه البلاد كما في غيرهم سؤالا عن السبب . لماذا فشل الليبراليون والشيوعيون والقوميون والإسلاميون ثم لماذا فشل فلان ثم فلان ثم فلان من حكام البلد الواحد على اختلاف أساليبهم في الحكم وصفاتهم الأخلاقية ومهاراتهم السياسية .
الإجابة التي يقدم هذا الكتاب جزءا منها هي : أن الإطار الذي حاول الحكام والمعارضون العرب تحريره من التبعية للأجنبي هو نفسه أداة من أدوات التبعية .. أعني أن الدول التي رسمت حدودها القوي الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين صممت بحيث تكون في ذاتها أدوات الاحتلال فيكون اقتصادها تابعا وأراضيها منكشفة عسكريا ثم صممت لكل دولة من هذه الدول عقيدة سياسية تجعل منها وطنا فتمنحها شرعية بين الناس وتمنعها من الاندماج في غيرها من جيرانها في العالم العربي والإسلامي أو تمنع أهلها من تشكيل تنظيمات بديلة أصح وأعفي ولست أدعو هنا كما دعا كثيرون قبلي إلى دمج الدول القطرية التي أنشأها الاستعمار معا لتكون دولة قومية واحدة في العالم العربي .. فالعلة ليست الحجم .. قد تحكم العرب جميعا دولة واحدة ثم تكون ضعيفة وتابعة كأي أجزائها ..
إنما العلة فيما أعتقد وأزعم في فكرة الدولة القومية الحديثة ذاتها كوسيلة لتنظيم المجتمع
ولا أقول أيضا إن العلة في كون الدولة القومية سلعة أوربية فأكثر السلع الأوربية مفيد ومفيد جدا ولكن أقول إن نوع الدولة القومية الحديثة الذي صدرته لنا أوربا بل وفرضت علينا استهلاكه فرضا في الفترة الاستعمارية يختلف عن نوع الدولة الحديثة الأصلية التي نتجت عن تطور التاريخ الأوربي من الحروب الصليبية إلى المدن الإيطالية إلى الصراع مع الكنيسة إلى تكون الطبقات الوسطي التجارية ثم الصناعية إلى ظهور القوميات ... فالنوع الذي عندنا مغشوش .. فيه عيب خلقي يمنع تطوره ونموه ..
لقد خلق الاستعمار لنا أوطانا ووطنيات لم نخترها نحن .. ووضع لها مؤسسات مدنية وعسكرية وقيودا اقتصادية وقانونية لم نكن نحن لنضعها لها وهو بذلك يضمن أن تبقي هذه الدول تتصرف كمستعمرات بعد استقلالها بل يضمن أن تكون تبعيتها شرط هذا الاستقلال
أقتبس من الكتاب فقرتين مهمين جدا الفقرة الأولى من الخلاصة " والزعم الذى يزعمه هذا الكتاب, مع الإعتراف بالحاجة الى دراسات أشمل لإثباته, هو أن الدول العربية دول فخاخ, أنشئت لتكون مؤسسات إحتلال بالوكالة, وأنها لا تستطيع مواجهة الإستعمار, ما لم يعدل عنها الى غيرها من وسائل التنظيم الاجتماعى والسياسى والإقتصادى" اما الفقرة الثانية فمن فمن الفصل السادس "فى 1933 شكل أحمد حسين جماعة مصر الفتاة, وقد إفتقر برنامج الجماعة الى أى عمق ايديولوجى او تركيب نظرى (...) كما انه اعاد تعريف القومية المصرية, فخلافا للهوية الفرعونية المحتفل بها فى العشرينيات, أكد على هوية مصر العربية والإسلامية, لأن عظمة مصر لا تتحق إلا بتحالف مع كل الدول العربية, ثم يقود هذا التحالف العالم الإسلامى, التدخل الأجنبى فى مصر جريمة, وعليه فأى تعاون مع هذا التدخل هو خيانة عظمى, وهذا الكلام ينطبق على الثقافة كما ينطبق على السياسة, فقد دعت أدبيات الجماعة الشباب المصرى لمقاطعة المنتجات الأجنبية, والأفلام وأماكن الرذيلة, كما أكدت الجماعة على العروبة والإسلام فى المجال الثقافى, حيث طلبت أدبيات الجماعة من الشباب المصرى عدم التخاطب إلا بالعربية,( وهى حركة موجهة ضد أبناء الطبقة العليا من المصريين المتفرنجين, وألا يتعاملوا مع من لا يتكلم هذة اللغة, (...) ففى خطابهم كان السكر أو الكلام بالفرنسية مع مصرى نقيضا لكون المرء رجلا, وفيه شئ من الخنوثة."
"درس من التاريخ ولا درسا فيه " بهذه الجملة بدأ الدكتور تميم هذا الكتاب ابدع الرائع في تحليل عقلاني موضوعي رائع لفترة زمنية تاريخية مصرية ولو انني لست من محبي كتب التاريخ وازعم انني لا افهمها البتة فاستطاع تميم ان يجعلني افهم وهو ما ادعي انه الهدف الاسمى الاول والاخير من القراءة لعل ما افرحني جدا خلال قراءة الكتاب هو الموضوعية والتي كنت سابقا افتقدها حيث نوه تميم انه يحلل ما يراه فقط ولا يحاول تحليل نوايا البشر فهو يقدم الفعل ويحاول تحليله بمنأى عن محاولة فرض مشاعر معينة لدى القارئ.
تحدث في الكتاب عن مفارقتي التمثيل والتبديل اما مفارقة التمثيل فهي تصدي مجموعة معينة تنتمي للأهالي لتحقيق مصالح الاستعمار اي وضع وسط بين القوة الغازية والجماعة المغزوة لذلك تقتضي قبول الطرفين الممثل له والممثل عنه وبسبب الضغط بين الجهتين يودي الى نوع من التناقض لمحاولة إرضاء الطرفين ولحل هذا التناقض نجد أنفسنا امام مفارقة التبديل اي القيام بمهام الاستعمار بدلا منه وعليه يجب ان يثبت سيطرته على الاهالي
لم أقرأ كتاب بهذا التماسك وهذا المسح الفكري الشامل لفترة تعتبر الأهم في مسيرة السياسة المصرية بتماسك أطروحة تميم هنا، وإن كان فيها بعض العيوب إلا أن حسناتها غلبت كل شيء. تذكرني قراءته هنا بألبرت حوراني.