عاش الحبيب بورقيبة القرن العشرين كله بامتلاء وامتياز. لقد ولد في أول إطلالته وكان آخر من يرفع له منديل الوداع.
أُطلقت على بورقيبة ألقاب عدة منها "الزعيم" و "المجاهد اﻷكب�" و "الرئيس اﻷبد�" و "صانع اﻷم�". ولكن ما يمكن أن يضاف إلى ألقابه اﻵ� هو لقب "وحيد القرن" التونسي. فخلال ذلك القرن الطويل جداً، عاش بورقيبة حياة طويلة جداً. عاش مناضلاً لا يشق له غبار وزعيماً ألمعياً بلا منازع ورئيساً مدى الحياة فوق كل الشبهات، ثم عاش شيخأً هرماً متكئاً على عصاه وماضيه، و"بطريركاً" متسربلاً في خريف لا ينتهي.
الصافي سعيد، الكاتب والصحافي التونسي الذي عاش جوالاً على حواف السير الذاتية واﻷد� والسياسة والتاريخ، يروي لنا في هذا الكتاب تراجيديا ذلك "البطل" الذي بدا وكأنه خرج لتوه من العصر اﻹغريقي� ثم ليعيد تركيب شخصية رجل قيل "إنه يملك أرواحاً كثيرة".
من سنوات المطهرة إلى سنوات الحطام، إلى سنوات الصباح فسنوات المنفى والرقص والرصاص والصولجان والفتنة والرذائل، يمكن أن نقرأ سيرة ضبه مضادة، شبه محرمة، شبه كاملة لذلك البطل التراجيدي، هي ثمة جهد طويل وتحقيق ميداني قام به الكاتب على مدى سنوات معتمداً على شهادات حية لرجال كثيرين عاشوا في سرايا بورقيبة فصنعوا قسطاً كبيراً من مجده وجزءاً بسيطاً من تاريخ تونس الحديثة.
الصافي سعيد، اسم قلمي للكاتب والصحفي والروائي التونسي أحمد الصافي . يعتبر واحدا من أهم رجال الرأي منذ 2011 خاصة بعد انتشار تعبيره "الربيع العربي" بعد أن أصبح عنوان لمرحلة التغيرات العميقة التي يمر بها العالم العربي .
حيات:
في العشرينات من عمره غادر الصافي سعيد تونس الى الجزائر، درس هناك التاريخ في كلية الآداب وكذلك الصحافة والعلوم السياسية. وفي المعهد الأعلى للصحافة حضر محاضرات ألقاها رجال إعلام بارزون زائرون مثل محمد حسنين هيكل وجون فونتان وجان دانيال وسعد زهران. و تحت تأثير بالمناخ اليساري الذي عم المثقفين في العالم وقتها، أسس في الجزائر مع مجموعة من الشباب العرب والأفارقة حركة "فولنتاريا" (تطوّع) ومن خلالها بدأ تطوافه الكبير بين القارات والمدن الكبيرة.
ذهب الى أنغولا وقت الحرب الدائرة في أنغولا ثم الى كوبا والفيتنام والعراق، ووعند انتقاله إلى الأردن تعرض للاعتقال لشكوك تتعلق بعلاقاته اليسارية وزياراته لهذه البلدان. بعد تحريره بمدة قصيرة انتقل إلى بيروت حيث عايش الحرب الأهلية في لبنان بداية من العام 1976 ثم انتمى إلى الصحافة فنشر مقالاته في عدد من أشهر الصحف البيروتية. وفي نهاية الثمانينات استقر في باريس حيث بعث مجلة "الرواق 4". بعدها أصدر مجلة "أفريكانا". عاد إلى تونس فأصدر بالإشتراك مع مجموعة "جون أفريك" مجلة "جون أفريك بالعربية". وبعد ثورة 14 جانفي 2011 أنشأ جريدة "عرابيا" التي كانت انطلاقتها الأولى في شكل مجلة.
ترشح الصافي سعيد كمستقل لانتخابات المجلس الـتأسيسي في أكتوبر 2011 عن ولاية قفصة ولكنه لم يحقق حلما راوده لفترة وتحمس له بكل جدية للمساهمة في كتابة دستور تونس الجديد.
المسيرة الفكرية:
من خلال مشواره الصحفي والفكري الذي حمله من تونس إلى الجزائر إلى بيروت إلى باريس فتونس مرة أخرى، وعبر مدونة كبيرة قاسمها المشترك أسلوب فريد وإعطاء مجال كاف للخيال لكي يوازي الوقائع التاريخية، يظهر مشروع الصافي سعيد متكاملا يجمع بين الأبعاد السياسية والثقافية والإستراتيجية والمستقبليات دون أن يغفل تفاصيل الحياة الشخصية لصناع القرار والعوامل الإنسانية وبعضا من مناطق الظلال التي يهملها المؤرخون.
من ناحية الكم يعد الصافي سعيد من أغزر التونسيين إنتاجا، حيث نشر 4 روايات وعددا مهما من الكتب السياسية والإستراتيجية والتاريخية. قد يكون أهمها كتابه الموسوعي "خريف العرب" حيث تظهر جليا نظرياته في تفسير تاريخ العرب المعاصر أولا عبر سرد الحرب الدامية بين توأم العروبة والإسلام وهو الصراع الذي أعاق تأسيس الدولة الوطنية في كل البلاد العربية، ثم عبر جدلية البئر والصومعة والجنرال ليخلص إلى "مانيفستو عرابيا". كما عرف كتابه "بورقيبة: سيرة شبه محرمة" رواجا كبيرا حيث يعد اليوم مرجعا أساسيا للباحثين في مسيرة أول رئيس تونسي. تقاطعت عديد من أحداث الثورة التونسية مع ما جاء في روايته "سنوات البروستاتا" التي نشرها بعد أيام فقط من الثورة. وكان قد كتبها قبل سقوط النظام ببضعة سنوات فحملت نبوءة السقوط.
مسيرته المهنية:
عمل كمحرر في مجلة "الهدف"، جريدة "السفير"، مجلة "كل العرب"، جريدة "الشرق الأوسط"، مجلة "المجلة"..
و كرئيس تحرير: "وعي الضرورة" النظرية. "الرواق 4" الأسبوعية. مجلة "أفريكانا" الشهرية. "جون أفريك"، بالعربية الشهرية. "جيوعرابيا" الفصلية المختصة في الجيوبولتيك والحضارات. وأخيرا "جريدة عرابيا" الأسبوعية.
مؤلفات:
بن بلة يتكلم � 1981 مثلث الشياطيني الاستيوائي � 1986 سنوات المتاهة: على مذبح القرن 21 - 1994 الحمى42: لا أنبياء ولا شياطين � 1995 العتبات المدنسة في الشرق الأوسط - 1999 كازينو + (رواية) - 1997 بورقيبة سيرة شبه محرمة (بروتريه) - 2000 حدائق الله (رواية) - 2001 خريف العرب: البئر والصومعة والجنرال � 2005 عودة الزمن الإمبراطوري ونهاية الأوطان - 2006 سنوات البروستاتا (رواية)- 2011 حوارات الثورة - 2011 المضاد الحيوي: مخاضات بين زمنين - 2013
ترددت في كتابة رأيي في هذا الكتاب بالضبط كتردد الكاتب في الإدلاء بانطباعه عن بعض الأحداث دون أن يهمل تجريم وتأليه بعض الشخصيات فيرفع من يشاء ويذل من يشاء!! فانحيازه طوراً و مقته طوراً أخر لشخص معين يظهر تجاذبهه بين الأمانة العلمية كناقل للأحداث و واجبه كمفكر لطرح الفكر و الانتقاد!! أحببت كثيراً الأسلوب فقد صاغ الأحداث كما يصوغ مخرج فيلماً فكان يناور بالزمن كأن يعطي لمحة عن حدث في المستقبل ثم يرجع لتفكيك أسباب وقوعه والأحداث السابقة له، مما أوقعه أحيانا كثيرة في التكرار الممل.. بعض الأحداث أخذت حيزاً هاماً أو مبالغاً فيه من الإهتمام، البعض الأخر اتسم بالتجاهل.. نهاية الكتاب لم تنل استحساني.. توقعت أن يأخذ حدث " التغيير المجيد " أكثر من نصف صفحة وأن يدلي صافي سعيد بما يجول في خاطره عن إنقلاب بن علي على بورقيبة لكنه صاغ الحدث وكأن بن علي هو مبعوث العناية الإلهية الذي أنقذ تونس من بورقيبة! النهاية توحي بأن صافي نفخ في صورة بن علي ضمنياً رغم ما نعلمه من معارضته له.. هذا فقد ما أثار استغرابي !
أيّان كان موقفنا من بورقيبة فإنّ قصة حياة هذا الرجل تستحق أن نقف أمامها لا للأعتبار فحسب بل لفهم تاريخنا التونسي الذي لعب فيه بورقيبة حجرة البناء ليس شخص بورقيبة سوى إنعكاس لفئة عريضة من الشعب التونسي في فترة و عد وفاته و تميّز هذا الكتاب بنقل أدقّ التفاصيل عن حياته منذ طفولته إلى لحظة الإطاحة به و التي للأسف مرّ عليها الكاتب مرورا سريعا كأنّه خشي أن يقف عندها فتتابعه عيون أو أقلام كان بورقيبة ثامن إخوته و كان أصغرهم و عند ولادته علّق أخاه الأكبر محمد "الحمد لله أنّ المولود ذكر و لم يكن أنثى" كانت لهذه الكلمات-التي قلت له فيما بعد- أثر على نفس الشاب ثمّ السياسي و الرئيس بورقيبة تجلّت طبعا في موقفه من المرأة التي لم يستوعب أبدا أن تكون أقلّ درجة من الرجل مرحلة دراسته تبدو غامضة لانّه كان يتفادى الحديث عنها و قد قال وزير خارجيته سابقا محمد المصمودي أنّ بورقيبة كان يبكي حين يذكر له موضوع الدراسة لانّ عائلته كانت ترفض تدريسه و لم يقف بجانبه سوى أخوه محمود و مما تفاجأت به في الكتاب أنّه أمضى 12 سنة في التعليم الثانوي و يبدو أنّ تدهور صحته و إصابته بمرض السلّ كان السبب وراء ذالك.ورغم أنّه كان من الناجحين فقد كان أيضا من المشاغبين و لما رأى كيف أنّ نجاحه غطى على شغبه حينما كان أحد الأساتذة يخاطب واللده فاخبره بأنّ مشاغب لكنه متفوّق قال حينها "لقد فهمت في تلك اللحظة أن كل شيء قد يكون مسموحا إذا كنّا ناجحين" قولة ستكون مبدأ لحياته فيما بعد تحصل على منحة للدراسة في جامعة سربون في فرنسا التي كان مفتتنا بها و بقوّتها التي جعلت من تونس مستعمرة من قبلها كان بورقيبة أيضا معجبا بكمال أتاتيرك و متحمّسا لغاندي الذي قاد ثكفاحا مسالما ضدّ بريطانيا و كلاهما سيصبغ على شخصه . يشكّك الكاتب في حصوله على شهادة المحاماة لكنّه لا ينفي فصاحته في الخطاب و قدرته على على التأثير على من حوله.بعد عوته إلى تونس أسّس الحزب الحر الدستوري الجديد سنة 1934أبعد أن إنشق عن الحزب الدستوري الذي أنشأه عبد العزيز الثعالبي سنة 1920 و عرف بقلمه الناقد لسياسة فرنسا و هو ما أدى إلى نفيه إلى أن حرّرته ألمانيا عند دخولها لفرنسا أثناء الحرب العالميّة الثانيةو بسبب موقفه هذا سيضطر إلى السفر إلى المشرق بعد هزيمة دول المحور بينما خلفه على الحزب صديقه و شريكة في البناء الذي سيغتاله فيما صالح بن يوسف ,صوّر الكاتب الصراع بينا بورقيبة و صالح بن يوسف صراع مراكز و زعامة بينما الصراع في جوهره هو صراع أيدولجيات و رؤى ..كان بورقيبة يرى بالتفاوض مع فرنسا منطلق من قناعة أنّ سياسة "كلّ شيء او لا شيء" لا تجدي نفعا بينما كان بن يوسف يرى الكفاح المسلح هو الحل الوحيد لإخراج المستعمر لا من تونس فقط بل من المغرب العربي بداية من الجارة الجزائر و كان مسنودا من قبل عبد النّاصر القومي و مدوعوما من جبهة التحرير الجزائريّة .و كانت النتيجة أن إغتيل صالح بن يوسف بتخطيط من الجزّار زرق لعيون و قتل بعد قرابة الألف من اليوسفيين و هو ما يمثل 4 أضعاف الذين قتلتهم فرنسا في تونس منذ تنصيب الحماية إلى إعلان الإستلال الداخلي معركة بورقيبة مع اليوسفيين صفحة سوداء في تاريخه لن تغفر له فلقد قتل شركائه في الكفاح و النضال بل و إستعان بالطيران الفرنسي لقصفهم . ربّما ما جعل الكاتب يضيف إلى عنوان كتابه صفة التحريم هو دخوله في الكيمياء النّفسية لبورقيبة و تحليلها و الغوص فيها و ذكر التفاصيل و الدوافع التي يتغافل عنها البورقيبيون و يغطوها بشعار الزعامة و البطولة ..منذ عزله للباي و الذي أقسم له قبل أسبوع على المصحف بانّه لن يقدم على ذالك حسب شهادة حفيدته في وثائقي في الجزيرة ,بدى الغدر سمة الرجل الذي تشبع بالسطلة و أصابته عظمة الأنا حتى قال "أنا الدولة و الدولة أنا" , غرور جعله يتأله على الله و يامر النّاس بالإفطار في رمضان من أجل العمل ..لقد كان العقل هو الإله عند بورقيبة و لذالك كان معاديا للتيار العروبي و الإسلامي و عمل على تجريدشعبه من كل مقوّماته فحارب جامع الزيتونة و هاجم الحجاب و منع تعدد الزوجات و إنفتح على الغرب بينما ضلّت علاقته بالمشرق محتشمة خاصة بعد تصريحاته في أريحا حول تقسيم فلسطين و التعاون مع إسرائيل و التي قوبلت بإنتقادات لاذع.ةكلّ هذا جعله نجعلته يكره المشرق أكثر و يرى أنّه لا يقبل من ن يهاجم أساطيره و خرافاته و يريد أن يلعب أدوار البطولة في دراما الآخرين لم يؤمن بورقيبة بالديمقراطيّة كوسيلة لحكم الشعوب بل فقط كأداة تعامل بين الفريق الحاكم أي ديمقراطيّة نخبوية لا شعبيّة و مع ذالك فقد كان ديكتاتوريّأ مع حكوماته و مع شعبه بل و نصّب البيقراطيّة من خلال تنصيب نفسه كرئيس مدى الحياة . هل كان بورقيية زعيما حقّا؟ربّما مشكلتنا نحن العرب أنّنا عاطفيون جدّا و بورقيبة خاطب عاطفة التونسيين و غستمالهم بخطاباته و عرف كيف يكسب فرنسا و عرف كيف يعاديها و تمكن من دهاء السياسة و سراديبها فلم يترك أمامه منافسا إلا سحقه إذن هيا زعامة قامت على الجماجم و الدهاء و الخبث ,لقد شكّل هذا الرئيس المشهد السياسي التونسي المعاصر الذي يراه البعض سببا للترحم عليه و يراه آخرون دافعا للعنه و لكن ما من شكّ أنّمن خلفه لم يكن بأفضل منه وحتى بعد ثورة 2011 لازال التونسيون ياملون في رئيس من عهد جديد لم يشغل وزارة داخلية و لم يحضر الحقبة البورقيبية فهل هناك من أمل يا ترى ؟ للحديث بقيّة
سيرة بورقيبة الشبه محرمة هذه من أروع الكتب التي إهتمت بمسيرة أول رئيس للجمهورية التونسيّة. الكتاب يتتبع الأحداث و اللحظات التي عاشها بورقيبة من الطفولة إلى سنوات الشيخوخة.
** بيد ان المهم في كثير من الاحيان ليس أن نلعب الورقه نفسها ، ولكن المهم هو " اللاعب" بتلك الورقه .. فمن لاعب إلى لاعب تختلف قيمه الورقه نفسها . ولكن ما الذي يمكن أن يحدث حين تكون الاوراق نفسها التي بيدك هي بيد خصمك؟! **
بالرغم من اسلوب الصافي سعيد المشوق في سرد حقائق تاريخيه و سياسيه دسمه و مرهقه فكريا ، بأسلوب سلس وبسيط يجعلك تشعر بأنك تتابع فيلما سينمائيا لا سيره ذاتيه تعج بالاحداث المعقده .. وبالرغم من أنه كتاب يفك غموض وشيفرات تفكير بورقيبه ،طفولته ،حياته ،الصراعات التي قام بيها وصولا للسلطه ودهائه السياسي . ويكشف العديد من الحقائق الا أنه متحيز نوعا ما لشخص بورقيبه و قد ظلم العديد من الشخصيات التاريخيه التي كان لها دور كبير في حاضر البلدان العربيه اليوم !! يستحق هذا العمل اكثر من 3 نجمات لكن سأكتفي بهن .. لأن احساس ان الكتاب متحيز يمنعني 😅
كأنك تشاهد فيلما سينمائيا. الكتاب يحملك في رحلة عبر الزمن ليؤرخ فترة لم نعشها لكننا تمنينا لو تعلمنا عنها أكثر. يخرج هذا الكتاب عن صورة التمجيد و التأليه ليعرض كل الجوانب المكونة لشخصية بورقيبة و علاقته بالمحيطين به. فهو الطفل و الشاب و الرجل و الشيخ وهو المناضل و المحامي و الزعيم و السياسي و الرئيس. استمتعت يقراءته و أنصح به.
وجدت الكتاب بعد بحث طويلا بعيدا عن تمجيد و تهليلات يتاما بورقيبة أو من الأطراف المتعصبين منه. كتاب تقرأه و لكن تعيش معه الأحدث و تتخيلها في عقلك كأنك عشت تلك الفترة. هذا الكتاب أضاف لي معلومات أو مرة أعرف عن بورقيبة بدايته دراسته و خصوصا فترة الجامعة في فرنسا التي أثرت على تفكيره وعقليته. و أيضا انصدمت بحياة بورقيبة الشخصية علاقته مع زوجته الأولى و عشيقته وسيلة إلخ... سأبحث في هذا الجزء للتأكد من صحته. و أيضا تعرفت على طريقة تعامل بو��قيبة مع وزرائه و رفاقه. و أخيرا أكثر شيء أثار استغرابي هو كيف تغيرت حياته عندما تزوج بوسيلة و دخولها للقصر حتى في فترة من الفترات في قراءة للكتاب إستنتجت واقتنعت أن وسيلة هي من كانت تحكم و تأخذ القرارات في أغلب الأحيان و بورقيبة لا يحرك ساكنا لكنه استفاق من غيبوبته في النهاية عندما طلقها و أرسلها لفرنسا لتكمل بقية حياتها وحيدة هناك. كتاب استمتعت بقراءته و إكتشفت تاريخ فترة كثر فيها الحديث في تونس.
رحلة هوليودية في تاريخ تونس و في حياة رجل تونس الأول عبر القرن العشرين . الأسلوب القصصي و السلس أزاح كل ملل كان بإمكانه أن يتخللني و أنا أمخر عباب هذه الشخصية المركبة. رأيي في بورقيبة لا يهم ، فمن أنا حتى أصدر مثل هذه الأحكام . لكن المهم أن هذه السيرة شبه المحرمة ، فتحت عيني على كثير من التفاصيل كنت قبل ذلك أجهلها ، وساعدت بالتالي في وضع هذه الشخصية في إطارها التاريخي المناسب. المؤلف قام بعمل جبار في إستقصاء كل أخبار بورقيبة المعروفة و الغير معروفة ومن ثم تقديمها بحيادية و إختزال في زهاء 400 صفحة . لكن ومع ذلك كله ، كان بإمكانه أن يتوسع أكثر في سرد علاقة بورقيبة بوريثه بن علي و أن يتوغل أكثر في شخصية هذا الأخير . فبن علي قد نجح في نهاية المطاف في تحقيق ما عجز عنه كل من سبقوه و على رأسهم صالح بن يوسف ، ألا وهو الإطاحة بالزعيم ....فكان الأجدر أن ينال حظا أكبر هو أيضا في هذا الكتاب.
اشكر الكاتب فبعد قراءة سيرة الزعيم الراحل الحبيب بورڨيبة احسست بأني كنت مغيب تماما عن سيرته فظهر لي بانه ليس بزعيم للبلاد التونسية فقط بل كان اشعاعه اقليمي قاري ليكون من القادة العرب، اقتربت من التماس شخصية عظماء القرن العشرون بتفاصيله اللتي لم ادرسها في تعليمي الثانوي في تونس عبر مادة التاريخ
يقدم الكاتب سيرة شبه متكاملة الى حد بعيد دون مخاوف ودون مجاملة وهو اذ يفعل ذلك يقدم أيضا صورة أمينة ألى حد بعيد لتاريخ تونس حول فترة الاستقلال ولهذا يعد الكتاب مصدرا هاما للمهتمين بالتاريخ التونسى الحديث
إنه فيلما سينمائيا محكم السيناريو و القصة ، يفتح صفحة من صفحات التاريخ السياسي العربي ، والذي يكاد يختلف فقط في الاماكن و اسماء الاشخاص ،بينما الاحداث و الوقائع نفسها