الكاتب العراقي عبدالرزاق الجبران يتناول في هذا الكتاب فكر الدكتور علي شريعتي اعتمادا على منهجيةٍ تتأمل أن تكون تكاملية تستهدف استقصاء معالم مشروعه التجديدي. هذا الطموح المنهجي يتنكب في خطواته الأولى نظرا لتفكك بنية الكتاب واضطراب لغة النص. فالحماسة في إبانة معلمية شريعتي وتقدمه على مستوى تفجير الوعي الديني، يملي على الجبران إحضار العديد من الأسماء والشواهد والمشاريع والعلوم وبثها في المضان المختلفة من الكتاب من غير إبداء الحرص المطلوب على إيجاد الصيغة المنهجية والصياغة النصية الكفيلة باستجماع ذلك كله من غير نفور أو تنافر. فالجبران يثبت مثلا تحليلات المفكر الجزائري محمد أركون في إطار تفكيك الواقع الإسلامي، وهو أمر يصعب تركيبه مع الموقف الدعوي بفكر شريعتي وأمثاله ممن يقفون على مسافة بعيدة عن المفكرة المعرفية التي يحملها أركون. إن أركون يدعو إلى إدخال الرؤية التاريخية في قراءة التراث بما فيه الحدث القرآني وذلك على ضوء المنهجيات التطبيقية، وصولا إلى الجزم بخيار العلمانية وضرورته بالنسبة إلى الإسلام الذي لم يعد دينا بفقدانه البعد المتعالي وتحوله إلى أيديولوجيا صراعية. هذا الخطاب الأركوني لا ينسجم مع الكثير من معالم الفكر التجديدي لشريعتي فضلا عن بقية الرموز الإصلاحية المعروفة، وإقحامه في الكتاب يعكس المسكوت عنه في أفكار الجبران والتي تتوارى خجلا أو خوفا خلف أسماء المصلحين المسلمين ومقروءاتهم الاستنهاضية.
مفكر ديني عراقي، بدأت خطاه التنويرية مع تأسيسه مجلة الوعي المعاصر ومجلة إنسان في مهجره دمشق.. ثم ظهرت معه خطى تمردية مفاجئة بعد ظهور كتابه الأهم جمهورية النبي/عودة وجودية، وتمرده التام على الكهنوت الديني والنسق التنويري البارد، باتجاه مغاير تماما لكل وجهات الإصلاح الديني باعتماده الحل الوجودي للدين في منهجه المعرفي..وقيامه على الانقلاب لا التجديد. بقناعة أن التزوير لاح كل التراث بيد الكاهن. تغير معه الفقه إلى أحكام مغايرة تماما لما هو مألوف. أثارت كتبه كثيرا من الجدل والاختلاف.. تكاد تكون مهمة تكسير هاجس الخوف لدى القراء هي المهمة الأصعب التي استطاع الجبران تحقيقها سيما في الكتاب الأول من سلسلة جمهورية النبي ليتحرروا بعدها من حيرة التناقض الذي كانوا يحسون به مع الكهنوت سيما أنه لم يكتف بتسليط الضوء على حجم الزور الذي لحق النسخة الأصلية للدين و إنما مكّن قراءه من منهج جديد للاستقراء أعاد إليهم الثقة و هم يواجهون اليقين الجمعي لمجتمعاتهم إذ أنهم وجدوا أن منهجه الذكي ( وصال المعنى ) يجمع بين سهولة الطرح و قوة الحجة ( اعطيني معنى جميلا أقبل حكمك ) في مقابل الاستدلال النصي الذي يعاني أساسا من التعارض إن في نقله أو فهمه ،،، الحقيقة أن الجبران منح قراءه علاجا بالصدمات شعروا معه بالتحرر و إعادة الثقة ثم علّمهم أصول الاستقراء و الاستدلال ببساطة شديدة و قوة كبيرة ..أسَّس لوجودية دينية تؤصل عن التراث الإسلامي والبشري العام قبل ان تؤصل عن كيركجارد الذي مثل له نقطة يقظته الأولى. النزعة الانسانوية هي النزعة الأولى معه في كل معيار أيديولوجي.. وأس وصال المعنى فيه وأس فلسفة الجمال.
قرأتُ هذا الكتاب قبل أن أقرأ لعلي شريعتي شيئًا، و وجدت فيه تحليلاً جيدًا و عرضًا لفكر شريعتي قد أعطاني تصورًا أوليًا عن فكره -لا أعتمده بالطبع اعتمادًا كليًا في تقييم أفكار شريعتي-. و يظهر من الكتاب تبني الكاتب في حين كتابته للكتاب لفكر شريعتي، فكان العرض بنفس المتبني -حسب تقييمي- و لم يكن متجردًا لفهم فكر شريعتي. كما أن الكتاب لم يخل من التعريض بمن لا يسير على منهج شريعتي، و لم يخل أيضًا من تعظيم شريعتي، و أيّد الكاتب التعريض و التعظيم بشواهد لعلماء و مفكرين آخرين، و هذا مما يؤثر في فهم القارئ لفكر شريعتي. كما أن نقد الكاتب للفكر الذي لا يتوافق مع فكر شريعتي نقدٌ حادٌ متوافقًا في ذلك مع شريعتي في نقده الحاد، أعني من نقد شريعتي الحاد الذي أظهره الكاتب -لأني لم أقرأ لشريعتي حين قراءتي لهذا الكتاب-.
هذا بعض ما لاحظته على الكتاب، و لكن عمومًا هذا الكتاب جيد من ناحية التحليل و العرض
و تمثل قراءة هذا الكتاب بالنسبة لي تجربة رائعة مررت بها فأثرت تصوراتي.
العظيم شريعتى ان تكتب عن سيرة احد قد يكون امر يسير اما التحليل الفكري للمجددين ورطة يقع بها اي كاتب لنرفع القبعة لجبران التحليل رائع فهو من دراويش شريعتى ارشح الكتاب كبداية لمن يريد التعرف علي المعلم شريعتى اول كتب الاجازة نستكمل مكتبة شريعتى ... تم بحمد الله
لغة النص مرتبكة جدا , وبنية الكتاب غير مترابطة , حماس الكاتب تجاه معلمه شريعتي اوقعته في اخطاء منهجية طيلة الكتاب , عدا الفصل الاخير تقريبا . استعان الكاتب بمواقف وتشبيهات مجازيه غير دقيقة , بالاضافه الي استشهاده بكتاب ومجددين في سياق منفصل عن افكار شريعتي كما اوضحها هو , هناك تنافر واضح في الفصل الرابع والثاني بين رؤيتين لا تعرف ايهما منسوب لشريعتي , بين تفكيك الواقع الاسلامي وادخال الرؤية التاريخية ضمن سياق التراث بما في ذلك القرآن ( وهو درب المجددين الاسلاميين ) بالاضافة الي اختيار حازم لبنية النظام الحاكم في الفكر الاسلامي ان كان معتدما علي مبادئ علمانية , والرؤية الاخري التي ذكرت ايضا في ذات الفصول هي التمسك بالتراث ومحاولة تجديد الاسلام وفق منظور ضيق بالبحث في المتون عن شئ جديد , اكد ذلك حرص الكاتب علي ابراز منهجيه شريعتي في التمسك بالقرآن وتفضيلة التشيع الصفوي عن التشيع العلوي .
4 نجوم لان المحاولة جريئة في فهم منهج احد المجددين القادمين من السوربون في وجه القادمين من تلال مكه حسب وصف الكاتب في افتتاحية الكتاب , المعلم الذي يوصف الاسلام كايدولوجيا متكاملة علي المستوي الاجتماعي والسياسي ومن ثم الخروج من التابوت ضد الاستعماد والجهل والتاخر والتخلف , يفصل شريعتي ماهية وجود ابن سينا وابي ذر ففي حين كان ابن سينا فيلسوفا وعالما يجلس في بلاط الملوك ويمدح ظلمهم كان ابو ذر يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده , اذ ان ايدلوجيه الاسلام لا يمكنها الاعتماد عن تحويل نسق المجتمع الي علماء او زهاد او مجاهدين فقط وانما خليط من ذلك كله .
الكتاب جيد .. يحتاج فقط الي قليل من الحماسة وقليل من الارتباك
اول كتاب اقرأه للجبران حول المفكر الاسلامي الكبير الدكتور علي شريعتي رحمه الله..وقد وفق الجبران في طرح افكاره وتشذيبها بصورة تجديدية الذي يفسر فيه الاسلام الحقيقي.. بعد ماكان الاسلام الممسوخ هز الطاغي اسلام الملالي والسلطان واصبح ممسوخ لايعبرعن جوهره الحقيقي..فشريعتي هو امتداد لكل من جمال الدين الافغاني ومحمد عبده ومحمد اقبال فهؤلاء المفكرين حاولوا تغيير النظرة الى الاسلام الحداثوي من خلال تاطير ايديولجيات التجديد الديني..وصنع اسلام ثوري اسلام حضاري واعي بعصره..بعد ان كان افيون للشعوب في يد السلطان..وقد تطرق الجبران في فصول الكتاب الى حياة شريعتي وبداياته اي بين الحقبة والمسار..ودراسة منهجه..واصلاح المؤسسة الدينية لصناعة بروتستانتية اسلامية..وطرح الايديولوجية التي تؤدي الى العودة الى الذات الاسلامية الاصيلة..وحاول الجبران وكانت محاولة موفقة لطرح اراء شريعتي بصورة سهلة بعيدة عن التعقيد مع الحماسة والارتباك البسيطين
كُفِّرت حتى غدوت زنديقا، وقُدِّست حتى غُلي فيك، وهذا هو شأن العظماء. أتدري أيضا لماذا حاربوك، لأنك كنت تنفق مال الدنيا على الدين، وكانوا � كما وسمتهم � ينفقون مال الدين على الدنيا، فخشوك على دنياهم، كما خشيتهم على دينك. ذبحوا الحقيقة في مذبح الشريعة، وأنت عانقت مديتها بين جوانحك، ونحرت مصالحك تحت قدميها. دفنوا دينهم خلف محل دينهم. أما أنت فدفنت خلف دينك الخبز والصيت، فشتان بين دكاكينهم وقرآنك.
اسم الكتاب: علي شريعتي و تجديد لتفكير الديني المؤلف: عبد الرزاق جبران عدد الصفحات: 374 صفحة التقييم: 5
يمثّل الكتاب دراسة تحليلية سوسيولوجية تاريخية لبناء الايديولوجيا و العودة إلى الذات عند الدكتور علي شريعتي.
كان في مطلع الكتاب عَودٌ تاريخي و حضاري لاستطلاع الإصلاح الديني و الدورات التاريخية التي عدّها الكاتب من أهم المنطلقات لدراسة الفكر الإسلامي حيث قال:
(( إن أكبر إشكاليات الفكر الإسلامي هو تغييب الذهنية التاريخية، بالتسليم لأفكار الماضي و اتجاهاته، و رفض تاريخية تلك الموروثات، أي رفض ارتباطها بعوامل مؤثرة في الإيقاع المعرفي الإسلامي داخل منظومته، من عوامل ثقافية و اجتماعية و سياسية و اقتصادية و مذهبية و مدرسية)).
و جاء شريعتي عائداً كان هذا الفصل للبرهنة على الحاجة لحلحلة ما تسبب في دوغمائية التراث الإسلامي و التي أستفاق لها شريعتي، فكانت وجهته المؤسسة للمشروع الضخم (التراث و التجديد) مرتكزة على ثلاث شٔعب:
(( أولها: العلاقة مع التراث القديم، ثانيها: العلاقة مع الحديث و ثالثها: العلاقة مع الواقع)).
و استطرد الكاتب في فصل حياة شريعتي بين الحقبة و المسار، مفصلاً بذلك ارهاصات و منعطفات حياته التي وجّهته هذه الوجهة، و كيف نذر نفسه للشعب و خدمته.
أما الفصل الثالث فكان مؤطراً للمنهج و ما ابدعه في حيثية الرمز و الأسطورة في الوجود الديني و جاء فيه: (( كان عليه أن يحدّق في رمزية الغراب و هابيل و قابيل في فلسفة الصراع، و آدم و الملائكة في فلسفة الإنسان في جهة تكوينه، و آدم و الأسماء في فلسفة الإنسان في جهة معرفته)).
شريعتي و إصلاح المؤسسة الدينية نحو بروتستانية إسلامية
(( لم يجابه شريعتي الدين و يحاربه و لم يأت بوجه أجنبي عن ملامحه، و لكنه رفض مفهوماً و وجوداً معيناً من الدين، بما يسميه "الدين الذي ضد الدين" فلدى شريعتي الدين نوعان، أحدهما ضد الآخر)).
(( أراد شريعتي في طريقه الإصلاحي أن يفرز للناس بين الدينين كيما يعرفوا جناحهم الحقيقي، و مكان تحليقهم و هذا ما حتم عليه أن يدور إصلاحه حول الدين الاستحماري، الدين المضلل، الدين الحاكم شريك القوة و المال ( إشارة إلى ثلاثية سلطة قابيل: فرعون و قارون و بلعم بن باعورا). )).
مسألة الإيديولوجيا تعرض الكاتب لموضوع الجماعة و القائد (الأمة و الإمامة) و ذلك من منظار شريعتي، شارحاً الرؤية التي عبر عنها ب( جماهيرية الأنبياء واقعياً لا ارتباطاً قيادياً). و أن كل الأنظمة في مختلف الأشكال السياسية المثلى منها تحمل رؤيتين فلسفيتين بما يتعلق بقيادة و حكم المجتمع. الأولى: إدارته. الثانية: هدايته.
(( و يفضّل شريعتي أرقى عنوان تمييزي لوظيفة الإمامة و السياسة إنها بناء الجماهير لا إدارتهم و حفظهم)).
و أن شريعتي يرى أن القائد هو بالتعيين و من له حق ذاتي (المفكر الملتزم) لا ببركة خارجية كالانتخاب أو الوراثة.
الإتجاه التفسيري (المنهج، الآليات، النتاج) يتناول هذا الفصل الجانب الإبداعي في الفهم و التفسير و التحليل الذي لا يختص بالمؤسسة الدينية حسبما يرفضه شريعتي و الذي يرى أن النص الديني السماوي لغةً رمزية تعتمد فذ بيانها على الرمز، و من منطلق أن التعبير الرمزي يملك جهات عدة.
(( أما النتاج فكان من نتاجاته في الفهم الرمزي للنص: أما مع سورة القدر فترى شريعتي يغزو أعماقاً، لم يغزها مفسر قط على امتداد التراث التفسيري، لا يفسرها شريعتي بتلك الليلة التاريخية المعهودة في أثرها الغيبي - و إن لم ينكر وجود ذلك- و إنما يذهب إلى عالم الشهود، مع الأرض و الناس و المجتمع ليخطو فضاءات ملحة في ماهية الإنسان و صيرورته: " فتلك الليلة هي التي تصنع المصائر و تخلق القيم، تلك الليلة التي هي خير من ألف شهر،، لحظات قصيرة مارقة، هي أكثر وجوداً من كثير من السنين، و أبعد عراقة من طويل من الأعمار" )).
ما أعجبني: العمق و البعد التحليلي للكاتب و لن أقول أنه غالى في شريعتي بل حاول الوقوف وقفة إجلال منصفة أمام هذا المفكر العظيم.
ما لم يعجبني: الإطالة و التكرار بين الفينة و الأخرى.