بدأتُ التحدي بكتاب يتحدث عن تاريخ تونس و أختم بكتاب للدكتور التونسي "سامي عامري"
ليست هذه الحيثيات وحدها ما جعلت هذا الكتاب مميز عندي بل موضوعه ايضا.
العالمانية : هذا المصطلح الذي انتشر و كل يُعرفه من زواية نظره
▪{عالم الاجتماع يرى العالمانية ظاهرة متعلقة بالتطور بنى الإجتماعية،و عالم السياسية يراها معادلة سياسية مخصوصة و يراها الفيلسوف فكرة في الإبستميولوجيا ام عالم الشريعة يراها مفهوما عقيديا و منهجا في التشريع }�
▪ه� العالمانية تُكتب بكسر العين او بفتحها؟ � ما أصل المصطلح، ما جذوره التاريخية ؟ ▪م� العالمانية ك تعريف جامعْ ؟ ▪كي� دخلت العالمانية الى العالم العربي ؟ ▪ه� اللوم على المستعمر ام أن هناك أشخاص من النفس البلد تبنوا هذا الفكر و قاموا بالدعاية له؟ ▪ه� العالمانية فكرة ام دين ام ماذا بضبط ؟ ▪ه� يمكن التعايش بين الاسلام و العالمانية ؟
الحقيقة لتشعب الطرح و تعدد المراجع التي اعتمدها لم أستطع كتابة مراجعة تفي الكتاب حقه. هذا البحث أكاديمي المتميز
� أ أعجبك الكتاب رغم انه كشف امام الجميع و ب البراهين ان تونس (بلادي �) دولة عالمانية ذات عالمانية جزئية ؟
لانه تحدث ك دكتور: طرح الافكار و المصطلحات و البراهين من مختلف المعاجم و المدارس و هذا يبرز تمكنه فهو ناقش الفكرة بفكرة و بين الآثار السلبية ل العالمانية في العالم الغربي.
� تحدثه على جزئية ما بعد العالمانية فالشعوب العربية في مرحلة العالمانية . Alors que الدول الغربية في مرحلة ما بعد العالمانية التي تغيرت الاسماءها منهم من يقول: ما بعد الحداثة او الحداثة السائلة و هنا فسر لمَا يطلق عليها ما بعد العالمانية .
▪اضاف� لذلك تحدث على أصناف العالمانية لا الجزئية و الشاملة فحسب. بل أشكال تمظهرها في مختلف المجالات. فالعالمانية الشجرة و الماركسية و الليبرالية و اللائكية و عدة مظاهر أخرى فروع لنفس الشجرة.
▪بيَّ� الاسباب التي تجعل من العالمانية دينًا و قد تم اعتراف ذلك قانونيا :
▪كت� "أرنست رينان "عن أمله في مستقبل عالماني : 《قناعت� العميقة هي أن دين المستقبل سيكون الأنسةأي عبادة كل ماهو متعلق بالأنسان� ⬅️ و تبدو حقيقة العالمانية واضحة المعالم في كلمات "روبرت ج.انجرسول" فهو يري : إن "دين الإنسانية" لأنها تحيط بجميع اهتمامات الإنسان في هذا العالم ، و هي أيضا ترعى الإنسان و تسعى إلى رفاهِهِ و تقاوم في الآن نفسه <الاضطهاد اللاهوتي > و أن يكون الإنسان تابعاً أو خاضعًا أو عبدًا أو كاهنًا لأي شبح .
⬅️اتخذ الإعتراف بالعالمانية كـ دين صبغة قانونية سنة 1961 في هامش للمحكمة العليا الأمريكية أشارتْ فيه إلى أن >> الأنسة العالمانية دين من الأديان غير التألهية العالمانية طاعون العصر صـ 233.
▪بيا� صفات و مميزات هذا الدين أنه دين إلحادي و دين شركي ▪الخاتم� التي ذكرت فيها الوصايا العشرة. المتبعة للمعالجة تدعيات انتشار العَلمانية و ركز فيها على دور الداعية و طالب العلم. يحسب له ذكره لنقائص و عيوب طُلاب العلم و الدعاة و في جانب منها المعاملة و الكلام و الملابس. (تلك الملابس و الهيئة الغريبة على لباسنا التونسي و التي انتشرت و طبعا يرى الذي يلبسها انه ناطق الرسمي بالاسم الحق) في هذه النقطة احسست بالانتمائه الى تونس 😊 .
▪الكتا� من افضل ما قرأت هذه السنة و يعتبر مرجعا لكن أعيب عليه التكرار المبالغ فيه للفكرة ذاتها كذلك في الفصل الاخير الذي يعتبر الفيصل هو بيان: أن الاسلام و العالمانية لا يلتقيان الا بتحريف واحد منهما. كانت الردود بسيطة ليس بقوة جزء الاول . جعل السبب هو التعارض بينها وبين حقيقة التوحيد بمستوياته الثلاث من ناحية :توحيد الألوهية و توحيد الربوبية و توحيد الاسماء و الصفات و أركان الايمان من ناحية أخرى
� أختم ب التعريف الدكتور للعَالمانية و ذكر سبب بطلان ربط العَلمانية بالعلم :
《العَالماني� مبدأ يقوم على انكار مرجعية الدين او السلطة في تنظيم شؤون الناس بعضها او كلها انطلاقا من مرجعية الانسان لإدراك الحقيقة و المنفعة الكامنة في هذا العالم �
▪العَالماني� كالإصطلاح اشتق من العالم لا من العلم لكن لا يؤدي لزوماً إلى القول . إن العلاقة بين العالمانية و العلم منفصلة .⬅️ إذا ان جوهر العَالمانية هو الانصراف الى العالم كلياً او جزئياً و هذه النزعة المادية لا بد ان تؤدي الى الانغماس في هذا العالم مادة و قوانين حاكمة لها .و قد آلت النزعة المادية الى تقديس العلم
بحث متكامل لكشف دلالات المصطلح وإعادة صياغة المعنى على الوجه الأدق.
رحلة ممتعة وثرية .. قادت للكثير من الاستنتاجات بما يخص المنظور الكلي للعالمانية بصورها المتعددة.
ما يميز البحث على المستوى الخاص .. هو التدرج، وتوصيل المعلومة على مراحل ومحطات مما يجعل الفهم أرسخ للشرح. كذلك أهمية العنوان وتطلب استيعاب حيثياته في هذا العصر بالتحديد وربطه تاريخياً وفلسفياً بالأقوال الذائعة والحوادث المتعلقة على الجانب الأصوب، كي يجاري القارئ الصورة العصرية والفكرية للواقع.
سامي عامري .. صاحب قلم تجريدي، علمي، مخلص في إزالة القشور السطحية والغوص عميقاً للقالب الجوهري لموضوعات دراسته. لذا فأي قراءة له تعني صعود إدراكي، فكري .. وحصيلة علمية جيدة.
قبل أن أعلّق على الجهد الكبير جداً للباحث د.سامي عامري سأضع بعض النقاط المهمة ( جلّها من الخاتمة ) التي تُطرق لها في الكتاب :
- مصطلح عالمانيّة انجليزياً يعود للاتينية و أصله عربيا يعود للسريانية و هو مشتق من ( العالم ) لا( العِلم ) ولذلك فالمصطلح الأصوب له هو العالمانية ليست العِلمانية ولا العَلمانية ولا الدنيوية .
- تمايز العلاقة بين العالمانية و العلم لا ينفي تشابكهما ابستمولوجياً .
-العالمانية هي : " مبدأ يقوم على إنكار مرجعية الدين أو سلطانه في تنظيم شؤون الناس بعضها أو كلها انطلاقاً من مرجعية الإنسان لإدراك الحقيقة و المنفعة الكامنتين في هذا العالم "
- كشف البحث الآثار الكارثية للعالمانية في الغرب و مثلها في الشرق , و كشف التفاوت بين المسيرة التاريخية العفوية نوعا ما في الاول و النشأة القائمة على الخداع و المكر في الثاني .
- العالمانية مناقضة لشهادة " لا إله إلا الله " من كل وجه : شروطاً و أركاناً و واجبات و لوازم .
- تعتبر العالمانية في المعجم القرآني شكلاً من أشكال الدين الفاسد .
- العالمانية اعتقاد شركيّ و نهج إلحادي في المعجم القرآني .
- ربط العالمانية بالحداثة سقطة مدويّة !
- العالمانية ليست ضمانة ضد الثيوقراطية الإسلامية , لأن الاسلام ليس ثيوقراطياً و دولة الإسلام ليست دولة " مدنية بمرجعية دينية :" و إنما هي نسيج دستوري خاص لا تعرفه المعاجم السياسية اليوم .
- يجب علينا اجتذاذ مصطلح " الإسلاميين " من استعمالاتنا الحياتية و اليومية و الاجتماعية لما له من مآلات خطيرة و شق لصف الإسلام و المسلمين .
** الكتاب ممتاز جداً في الرد على العالمانيين العرب بل حتى الغربيين و الدكتور سامي استفاض بشكل كبير في هذه المادة الإثرائية التي من وجهة نظري مادة علمية ثمينة تستحق أن تدرّس في ظل الهجمات العالمانية الممنهجة على العالم الاسلامي .. 300 صفحة كانت كفيلة بأن تبني تصوراً كاملا عن منهج خطير و سرطان ينتشر كالنار في الهشيم , و قد ذكر الدكتور في آخر الكتاب عدة أمور و وصايا من المهم جداً الإطلاع عليها و لو ممن لم يقرأ الكتاب .
** رسالة الكتاب هي ألا نغتر بالمشاع من الكلام القائل أن الإلحاد هو إنكار الخالق و القول بأزلية المادة و عبثية الوجود ، فذاك وجه واحد من أوجه الإلحاد ، بل هو من الناحية الواقعية أقلها حضورا و أضعفها تأثيرا ، أما الإلحاد الأكبر الذي سرى على الوجود في ليل بهيم فاستولى على عقول الغافلين هو إلحاد العالمانية.
أول عمل أقرأه له ، فكان الانطباع الأول : ماذا بقي في هذا الموضوع الذي قُتِل بحثاً ليعاد التأليف فيه ؟ و لكن قراءة المقدمة فقط أدهشتني . هذه الدرجة من تحري الدقة لم أكد أجدها عند غيره ، و يضاف إليها العناية الإيتمولوجية البالغة بالمصطلحات . الجهد المبذول عظيم جداً ، يدل عليه عليه عدد المراجع التي تكاد تساوي عدد صفحات الكتاب . و أحسب أنه أحاط بالموضوع من أغلب جوانبه . مدهش و مغنٍ عن كثير مما أُلِّفَ في هذا الباب .
يتناول الكتاب دراسة قضية العالمانية بالنظر إلى أصولها وآثارها ومآلاتها.
》حت� نعرف حقيقة العالمانية لابد أن ندرسها من ثلاث زوايا: ١) الحقيقة النظرية للعالمانية كما هي في خطاب أهلها. ٢) الحقيقة العملية ببيان واقعها على الأرض. ٣) حقيقتها في منظار الشرع.
� الفصل الأول: الحقيقة النظرية للعالمانية
》تعتب� آفة تحريف المصطلحات ظاهرة معرفية قديمة ومتجددة، لا يخلو منها واقع ثقافي، وقد كان المسلمون الأوائل من أهل السنة على وعي بخطورة تحريف الألفاظ عن دلالتها، والتحريف الإصطلاحي له وجهان: وجه يُقبح الحق وآخر يُحسن الباطل، ومن تحسين القبيح ما نحن بصدده من أمر العالمانية، وإلباسها غير ثوبها، وتجميل باطلها، وإخفاء مصادمتها لمحكمات الشرع سعياً من أنصارها إلى دسِّ باطلها في وعي الأمة دساً
》ا� كلمتي عَلماني وعَلمانية هما من الألفاظ الراسخة في المعجم الديني للنصارى العرب - الناطقين باللغة العربية أصالة أو اكتساباً - للدلاله على من ليسوا من رجال الدين ومن المصطلحات المسيحية التى شاع استعمالها مصطلح عالماني، وتعنى حرفياً: ما له علاقة بالعَالَم، أى: دنيوي، والتى تحولت فيما بعد إلى عَلماني. ومن وقت قريب نسي الناس أصل كلمه عالماني واشتقاقها المسيحيين وحرفوها في النطق إلى عِلماني المشتقه من العلم،وأُسِئَ فهمها إذ أصبحت تشير إلى مذهب من يزعمون وجود تعارض بين العلم البشري والتنزيل الإلهي. ولذلك فإن أدق اصطلاح عربي للتعبير عن هذا المفهوم الأعجمي مَنْبتاً ودلالة هو: العالمانية.
》التعري� المختار للعالمانية: "مبدأ يقوم على إنكار مرجعية الدين أو سلطانه في تنظيم شؤون الناس، بعضها أو كلها، انطلاقاً من مرجعية الإنسان لإدراك الحقيقة والمنفعة الكامنتين في هذا العالم"
》للعالماني� أشكال كثيرة تاريخياً وجغرافياً:
أولا: أشكال العالمانية تاريخياً من الممكن أن نقسم مفهوم العالمانية بمعناها اللغوي فالحضاري إلى ثلاث مراحل، هى: ١) العالمانية الدينية هي المرحلة المبكرة لمفهوم المفاضلة بين الديني والعالمي، وتمييز رجل الدين الذي يعيش في معزل عن العالم في مقابل الرجل الشَّعبيِّ الذي يعيش داخل العالم، واستمرت هذه المرحلة لفترة طويلة استوعبت كامل القرون الوسطى. ٢) العالمانية القانونية تتمثل هذه المرحلة في تحويل ملكية عدد من أملاك الكنيسة إلى السلطات المدنية، وذلك رداً على استحواذ الكنيسة على العديد من الأملاك، حيث ارتبط الاقطاع في جانب كبير منه بالمال الكنسي الإكليروسي، وقد تأكد هذا المفهوم بوضوح في القرن ١٨ مع استرجاع السلطات المدنية لأملاك كثيرة كانت تحت يد الكنيسة. ٣) العالمانية الحضارية في هذه المرحلة أُقْصِى الدين جزئياً أو كلياً عن واقع الحياة، وهي الصوره المهيمنة على الأنماط السياسية والاجتماعية والاقتصادية اليوم
ثانياً: أقسام العالمانية بالنظر إلى موقفها سلباً من الدين. نشأت العالمانية أساساً لتحدد موقف العقل الإنساني من الدين داخل دائرة الدولة والجماعة والفرد، ومن الممكن تقسيم موقف العالمانية من الدين إلى ثلاث مذاهب: ١) العالمانية الاستئصالية وهى ترفض الدين بجميع أشكاله، وترى فيه خديعة وضلالة لابد من حماية الفرد والجماعة منه ٢) العالمانية الليبرالية وهى تذهب إلى قبول الدين في الدولة والمجتمع، والدعوة بأن يكون له دور إيجابي في بيئته، وإن كان ذلك دون أن تتبنى الدولة منظومة دينية لتكون هي المرجع الكلي ٣) العالمانية التحاصُصِيَّة لا تدعو العالمانيه التحاصُصِيَّة إلى إقصاء الدين بكله من الحياة، وإنما ترى حصره في جزء محدد من الوجود والتعامل معه باعتباره خياراً فردياً
ثالثاً: أقسام العالمانية بالنظر إلى علاقة الكنيسة بالدولة ومن أهم أنماط العالمانية في هذا السياق: ١) الفصل التام بين الكنيسة والدولة، وهو النموذج الفرنسي ٢) الكنيسة مؤسسة عامة جزئياً، وهو النموذج الألماني ٣) الكنيسة متصلة سياسياً بالدولة، وهو النموذج البريطاني والنرويجي حيث التناغم بين الدولة والكنيسة راسخ في القانون والأشكال الظاهرية للدولة
رابعاً: أقسام العالمانية بالنظر إلى مساحة سلطانها. قسمها عبد الوهاب المسيري إلى قسمين: ١) العالمانيه الشاملة ترى العالم باعتباره مادياً، وتنكر وجود الدين تماماً في أسوء حال أو تُهمّشه في أحسنها ٢) العالمانية الجزئية تذهب هذه الرؤية إلى وجوب فصل الدين عن عالم السياسة، وربما الاقتصاد، وهو ما يُعبر عنه بعبارة: "فصل الدين عن الدولة"
� الفصل الثاني: الحقيقة الواقعية للعالمانية..
》العالماني� فى العالم الغربي أهم ما افرزته العالمانية من مفاسد في موطنها في بلاد الغرب: ١) نهاية الإنسان "فالانسان أصبح يعيش في خديعة كبرى، هي الحرية، حيث يفعل ما يريد، وينغمس في كل جديد، ويركب كل طارئ، لكنه في حقيقته يسير على سِكَّةِ الجبرية، ويتحرك في طرق قسرية، لا يملك واقعاً تجاوزها، لأنه إنسان مُدجّن، فاقد لحق الإختيار لفقدانه حاسه النقد ولتعلقه الحنينيّ بالوسائل بعد أن تلاشت من أُفُقِهِ الغايات، فهو يلبس ما يُحاك له، ويشرب ما يُعصر له، ويأكل ما يُطهى له، ويركب ما يُصنع له، لأنه يجب أن يكون هكذا، دون أن يُسائِل نفسه لماذا يجب أن يكون ما كان" ٢) موت العالم فبموت الإله - كما قال نيتشه - مات العالَمِ. فإفراغ العالم من غموضه وسحره ليتحول إلى مجموعة من المعادلات الرياضية السهلة والمدركة، جعل العالم فاقد للإغراء، ومثير للإملال، ومحفز للانتحار الفكري وحتى الإنتحار المادي، فالإنسان أصبح يتحرك بلا موجه ذاتي، ويسير إلى غير غاية كبرى، فلقد تحول العالم الذي يحتويه إلى متاهة كُبرى بلا معالم ولا اتجاهات. ٣) النفع المادي المعبود الجديد فلقد استحالت المنفعة كياناً يحمل قداسة كلية في حس الوجود العالماني، فهي القبلة التي تتجه إليها النفس بكليتها، وحولها يطوف الكائن العالماني في خشوع وخضوع كاملين. ٤) أزمة المبدأ الخلقي تقوم الأخلاق العالمانية على المرجعية التامة للعقل، فما حسنه العقل فهو الحسن، وما قبحه فهو القبيح، وفي هذا إسقاط تام للمرجعية الدينية، كما برز مذهب الأنانية الأخلاقية الكامن في قلب الأخلاق العالمانية الذى يمكن تسميته ب"الإنسان الجزيريّ" المنفصل عمن حوله، فصواب الفعل ضمن هذه المنظومه هو ما حقق للأنَا المصلحة الذاتية، دون اعتبار لأى شئ آخر، وتبقى لذلك الكلمه التي تُنسب للروائي الروسي ديستيوفيسكي صادحة بالصدق (إذا مات الله.. فكل شيء مباح) ٥) تحفيز الدروينية الإجتماعية والاقتصادية "هي الشريعة التي تجعل إنسانَهَا القوي مقبرة لإنسانَهَا الضعيف" ٦) نهايه المرأة - الأنثى على الرغم مما يبديه أنصار الجَنْدَرَةِ من دعوى الانتصاف لقيمة المرأة من التاريخ المظلم للنصرانية، إلا أنهم يستعيدون مفهوم قديس الكنيسة توما الأكويني وغيره في تعريف المرأة باعتبارها "ذكراً معيباً"، إذ أن هذا المشروع لم يقم على ردِّ المرأة إلى ذاتها، وإنما هو دعوة لها إلى أن تلغى كل فارق بينها وبين الرجل لتتحول إلى رجل. ٧) النسبية لم يقتصر سلطان النسبية على دائرة المفكرين والمنظّرين، وإنما مد ظله القاتم على مساحة كبيرة من المجتمع، حتى غدت النسبية كما قال بابا الكنيسة: "الإشكال الأكبر للإيمان في زمننا" وصار لا يوجد شيء اسمه حقيقة مطلقة ٨) إنهاك البيئة إن التزامن بين صعود العالمانية في الغرب لتكون المرجع المبدئي للفعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتفاقم الأزمات البيئية ليس عفواً من الأمر. وقد ادت هيمنه التوجه العقلي النفعي إلى وصف من يدافع عن حرمة الطبيعة باعتباره عاطفياً وغير عقلاني.
》العالماني� في العالم العربي * ترد الحقيقة التاريخية بواكير ظهور العالمانية في البلاد العربية إلى مرحلة غزو نابليون مصر آخر القرن ١٨، حيث اُخترقت المنظومتان القانونية والقضائية في مصر لينشأ بعد ذلك تدريجياً جيل "مُفَرْنَسُ" الرؤى والهوى. * لا يجد المتابع للأصوات الأولى الداعية للعالمانية غير النصارى العرب من مصر والشام، ومن أعلام هذه المرحلة شبل شميل، فرح أنطوان، جورجي زيدان، يعقوب صروف، سلامة موسى ونقولا حداد، والقيمة الكبرى لهؤلاء تتمثل في أنهم: ١) أول من جهر بالعالمانية بديلاً عن الشريعة ٢) أول من عد تمسك المسلمين بدينهم سبباً في تخلفهم ٣) أول من دعا إلى أن تحل الرابطة العروبية أو الوطنية الإقليمية محل رابطة الإسلام ٤) أول من شَهَّرَ بشيوخ العلم الشرعي ٥) أول من قرر أن الغرب منتصر لا محالة، ولذلك فالأَوْلَى أن يلتحق به العرب طوعاً قبل أن تدهمهم موجته قسراً ٦) أول من نقل فلسفه الغرب الحديثة إلى لغة العرب * مطالب رواد العالمانية كان مطلبهم الأساسي وهو إلغاء الإسلام بصفته رابطة تجمع المسلمين ونظام يجمع الأمة وشريعة تنظم حياة الإنسان، وقد نشأ بعدهم جيل من العالمانيين يقول "لا أمل في حياة فكرية معاصرة إلا إذا بترنا التراث بتراً، وعشنا مع من يعيشون في عصرنا علماً وحضارة ووجهة نظر إلى الإنسان والعالم" ولم تخرج طبقات العالمانيين اللاحقة عن سلفها في أصل الدعوة، وإن كان الفريق الأعظم قد رأى في صراحة الدعوة وتطرف أصولها المحادة للدين مسوغاً للمخالفين لكشف حقيقة غايتهم، فجنحوا إلى تخفيف فجاجة الدعوة والعبارة، وبذلوا غاية جهدهم للإيهام أنه لا تعارض بين الإسلام والعالمانية، حتى قال بعضهم أن: الإسلام عالماني * أدوات العلمنة التى استخدمت غزو جسد الأمة العربية: ١) تشجيع البعثات التعليمية لطلبه البلاد المحتلة إلى الغرب ٢) أدرك المحتل ان التغيير القسري المباشر لا يمكن أن ينشئ واقعاً عالمانياً مستقراً، ولذلك عمد إلى وضع شخصيات مصنوعة على عينه لتحكم البلاد، وكان شرط حماية مناصبهم تنحيه الشرع أو المحافظة على ما عُطل منه إبان الإحتلال ٣)الدعوة إلى القومية العربية والعمل على إحياء الجاهليات الأخرى في المنطقة، فظهرت الدعوة إلى القومية الكردية والأمازيغية والآشورية ٤) فرض جو ثقافي لا يعترف إلا بالفكر العالماني، ويحتقر أشد الاحتقار الفكر الديني التقليدي، الذي حُمِّل كل أوزار التخلف في بلاد المسلمين "استطاع العالمانيون الوصول إلى أعظم مراداتهم، وهو إقامة مجتمع يرى النظام العالماني أصلاً للحكم، وأنه الطبيعي في الأمور، وأن الدعوة إلى إقامة الشريعة خروج عن المألوف"
》م� بعد العالمانية لا يُراد من الحديث عن ما بعد العالمانية نهاية العالمانية بصورتها الكُلية، وإنما مفهوم ما بعد العالمانية تعبير عن عجز العالمانية عن بسط سلطانها الكامل على المجتمع، وتحويل الدين إلى وجود عارض فاقد للتأثير على أفكار الجماعة "في نهايه القرن ٢٠ وبدايه القرن ٢١، كانت عودة الدين من المنفى مفاجأة كبيرة في أوساط الباحثين، بسبب اعتقاد مُشترك على نطاق واسع، أن الدين قد فقد سلطانه على السياسة، وأنه قد فقد أثره في نهاية المطاف في المجالات العامة، ولقد فتحت هذه الصدمة الباب لإعادة مناقشة مسألة العالمانية، وحقيقة دعوى فهم واقعنا من منظارها"
هناك ثلاث عوامل اقتصادية - سياسية أدت إلى تطور الوعي في المجتمع ما بعد العلماني: ١) كثرة الأحداث المتعلقة بالنزاعات الدينية، والتي ينقلها الإعلام بكثافه، وقد ساهمت في تغيير أمرين: إثبات أن الدين لم يتلاشى، وأن التحديث لا يؤدي إلى إلغاء تأثير الدين ٢) أثر الدين في تشكيل الرأي العام والأخلاق الخاصة ٣) تزايد عدد المهاجرين وما يحملونه معهم من ثقافة تقليدية، فرضت على المجتمع العالماني أن يستوعبها ويقبل بحقها في الوجود
"ذهب فريق من علماء الاجتماع إلى القول أننا نشهد انتكاسة للعالمانية، وعودة إلى ظهور التأثير الديني في مختلف أ��جه نشاط الإنسان المعاصر" "الدين إذاً عنصر صميمي في الوجود البشري الجمعي، بما يجعل العالمانية الصرفة محض أمل عاطفي لخصوم الدين"
� الفصل الثالث: الحقيقة الشرعية للعالمانية..
الغاية الكبرى للمسلم في دراسته للمذاهب الفكرية هي معرفة حكم الشرع فيها، هل هي موافقة للنص المُنزَّل في منطوقه ومفهومه أم هي محدثات تردها آيات القرآن وأحاديث الرسول عليه الصلاه والسلام؟ ولتحقيق تصور دقيق للعالمانية يُتيح للمسلم أن يقطع بالحكم، ويكون على بصيرة من القول سنعمل على:
أولاً: بحث العالمانية وموقعها مقابل التوحيد. يقسم التوحيد إلى: * توحيد الربوبية وبالبحث نجد أن العالمانية تتعارض معه، بما تتضمنه من منازعة الرب في جانب الهداية والأمر الشرعي، ذلك أن الذي تفرد بخلق هذا الكون، تفرد كذلك بحق هدايته وتوجيه الخطاب المُلْزِم إليه * توحيد الألوهية ت��وم العالمانية على إسناد الحكم إلى الإنسان فرداً أو جماعة أو أمة، فتتعارض بذلك مع توحيد الألوهية برفضها الإقرار لله سبحانه بحق الطاعة المطلقة والاستسلام الكامل للأمر والنهي "فالعالمانية تُنكر سلطان كل سلطان على الإنسان من خارج الإنسان" كما تتعارض العالمانية مع توحيد الألوهية في تعريف غاية العمل، فإن الإسلام قائم على إخلاص الفعل في مبتدئه ومنتهاه لنيل رضوان الله، أما العالمانية فقائمة على خضوع الفرد أو المجتمع للأفكار والأهواء الخاصة * توحيد الأسماء والصفات تتعارض العالمانية مع توحيد الأسماء والصفات في كل ما أثبته الوحي لله سبحانه من صفات كمال العلم والحكمة والقدرة، فإن العالمانية تزعم أن الإنسان يستمد علمه بعَالَمِهِ من العالم لا من خارجه، وأنه الأَوْلَى بحق تحقيق ما يريد وسبيل تحقيق ذلك
ثانياً: بحث العالمانية وموقعها مقابل الإيمان. * ان العبادة لا تصح شرعاً إلا بشرطي الإخلاص والمتابعة، فمن أحدث ديناً جديداً يقصد به مخلصاً من قلبه عبادة الله، لم يُقبل منه وباء بالإثم لأن الله سبحانه قد أرسل رسوله الخاتم ليدل على الطريق إليه * العالمانية ترفض الاذعان والاستسلام لمرجعية النبوة، وترى ألَّا شرعية لمرجع مفارق لهذا العالم، وأن النبوه لا سلطان لها على وعي الإنسان وحركته.
》العالماني� دين ذاتي الدين في الاصطلاح القرآني يتسع ليكون معناه: منهج الحياة الذي يخضع له المرء أو الجماعة خضوعا ناتجاً عن رؤية كونية شاملة وعند النظر في العالمانية نرى أنه من الممكن رؤيتها من جوانب مختلفة باعتبارها تصورات واسعة ذات سلطان شمولي على الفرد والجماعة، لذا تعتبر العالمانية في جوهرها العقيدي الحاضر في جميع أشكالها ديناً بالمعنى الإسلامي الشرعي
"إننا لا ننكر أن في العالمانية من الخير شيئاً، ولا ندفع القول أنها قد أنهت الكثير من مظالم الماضي، وإنما نحن نرد القول أن العالمانية هي الحل، إننا لسنا بصدد بذل قراءة قيمية للتاريخ، والموازنة بين واقع أوروبا في القرون الوسطى وما آلت إليه في القرون الأخيرة، فإنه لو قطعنا - جدلاً - أن حال الغرب اليوم أفضل من كل وجه من حاله أيام السلطان الكنسي، فإننا لن نتوصل بذلك إلى أن العالمانية هي الحل أو أنها الدواء لأدْوائِنا"
》حي� أدرك العالمانيون أن المصادمة العلنية الصريحة للإسلام سيُحيي روح الممانعة في الأمة ولو بعد حين، اجتهد أحبار كنيس العالمانية في دفع حقيقة صدام الإسلام معهم، ولهم في ذلك طرائق ومناهج منها: ١) دعواهم أن الإسلام عالماني في جوهره ٢) دعواهم أن الإسلام رسالة روحية محضه، لا علاقة لها بالحكم في أمور الدنيا ٣) طُهر الدين فمن أشهر تلبيسات العالمانيين زعمهم أن اقحام الدين في السياسة ظلم للدين من وجهين: * إقحام الدين في غير مجاله * تلويث الدين بدرن السياسة والحقيقة أن الإسلام لا يقتحم عالم السياسة، وإنما السياسة جزء صميمي منه، فهي داخلة في الفقه في باب السياسة الشرعية
"إن ديناً يُخشى على طهره من رجس الواقع، ويَفِر من أسئلة الناس، ومُعافَسَة أمورهم، لهو خديعة كبرى، إن ديناً يحفظ طهره بسلبيته، لهو بحق أفيون الشعوب، إذ يُخدر سواعدهم عن العمل بآمال في وعود حبيسةِ عالم الآخرة"
٤) فهم النص المقدس عمليه بشرية محضة وخلاصة هذه الرؤية، نفي وجود تشريع رباني على الحقيقة، وإنما هي تأويلات ظرفية تَحكمها ثقافة المُفسر وبيئته وأغراضه ٥) تاريخية النص القرآني وهذه أعظم شطحات المكر العالماني في البلاد العربية لتتجاوز النص والدين بالكلية، ةتكمن الخطورة الكبرى هنا في إسقاط التراث الإسلامي برمته لأنه يقع ضمن التاريخ، والتاريخ لا يحمل في رَحِمه إلا الظرف، إذ هو نتاج عوامل متقلقله غير ثابتة
》ċċالخلاص�: ( لا يمكن أن يكون الإسلام عالمانياً أو متوافقاً مع العالمانية، إلا إذا حرَّفنا الإسلام أو العالمانية عن حقيقتهما)
من خلال قراءاتي ودراستي في البناء الفكري ، أدركت كم أنَّ هذا الإنسان مخلوق مغرور متغرطس متكبر وبه من البشاعة ما به لدرجة أنه وصل بنفسه لمقام الإلـه ، وكلما رأيت ذلك أدركت أنه عليّ أن أعرف قدري ولا أذهب بنفسي لحد بعيد فما أنا إلا مخلوق صغير ، وأيضاً تيقت أنّ الأمر كلُه لله يُقَلِّبه كيف يشاء فالهدى بيده وحده وكذلك الضلال .
من أبرز ما يُتعلَّم من هذا الكتاب: -أهمية تحرير المصطلحات، واهتمام الإسلام بهذه القضية منذ سيدنا آدم الذي علَّمه الله الأسماء كلَّها.
-أن العالمانية لم تنشأ بسبب تعارض الدين (الكنيسة) مع العلم، بل بسبب صراع الكنيسة مع العقل الذي يبحث عن خلاصه خارجها ويسعى للتخلص من وصاية رجالها فكريًّا وسياسيًّا واقتصاديا.
-أن الواقع الغربي للعالمانية ليس ناصعًا كما يُهلل أنصارها، فالعالمانية الغربية هي ما أنتج: نهاية الإنسان، موت الإله، تقديس المنفعة المادية، سيولة الأخلاق، تحفيز الداروينية الاجتماعية، نهاية المرأة بخداعها بالمساواة بالرجل (جعله المعيار الذي تطمح إليه وإفقادها خصوصيتها في سبيل ذلك)، إنهاك البيئة. بكل ما يندرج تحت كل عنوان منها من تفاصيل وتحليلات.
-إجهاض كل مساعي العالمانيين العرب لعلمنة الإسلام، ودحض تلفيقاتهم المُوهمة بعدم تعارض العالمانية معه، بالإشارة إلى سوء تفسيرهم للنصوص الشرعية عن قصد أو بدون.
-تصحيح النظرة إلى ما يؤخذ على الإسلام -بزعم العالمانيين- مما أخذه الأوروبيين على الكنيسة فنشأت عنه العالمانية، ليُخلص إلى نتيجة مفادها أن الإسلام ليس الكنيسة الغربية وأنه لا كهنوت فيه، وأنه الحل الناجح الوحيد لجنايات كلٍّ من الكنيسة والعالمانية على الإنسان والمجتمع والعالم.
هذا الكتاب كما هو عنوانه عن العلمانية اصطلاحًا ودلالةً.
وهو على أربعة أجزاء: العلمانية نظريًا ثم واقعيًا ثم العلمانية والإسلام ثم العلمانية كما يصفها العلمانيين. الجزء الأول بنظري هو أفضل ما في الكتاب فقد فصّل الكاتب وأجاد واستخدم ما عنده من معرفة في اللغات واطلاع على الكتب الأعجمية. الثاني جيد وأقل من الأول. الثالث أقل من المأمول وكذلك الرابع وإن كان أقل سوءًا.. وقبل نقد الكتاب أشير إلى أن من أهم مزايا الكتاب هو اعتماده على مصادر كثيرة قد بلغ عددها أكثر من مئتين نصفها عربي والآخر أعجمي
مشكلة الكتاب الكبرى هي أنه كتاب يغلب عليه الوصف لا النقد مع أن ظاهر الكتاب وسياقه ومؤلفه تجعلك هذه الأمور تظن أنه كتابًا نقديًا عاليًا لكنه مجرد كشف للمصطلح بلا فضح للدلالة كما زعم في العنوان الفرعي.
ولهذا كان الجزء الأول الأفضل لأنه جزء وصفي في أكثره مع قليل من الاستدراكات والنقد. ولهذا كان الثالث والرابط من السوء بمكان لأنهما وصفيان في مكان نقد وتحرير فهو في كلامه عن علاقة الإسلام بالعلمانية يكتفي بشرح معنى الشهادة والإيمان وغيرها ثم يزعم في نهاية الفصل بمخالفة العلمانية لهذه المعاني الإسلامية من غير اشتغال علمي. وهنا كذلك مشكلة أخرى وهي أن فصل الإسلام والعلمانية كأنه متن عقدي فأكثره شرح لأساسيات العقيدة كالإيمان ومعناه! وكذلك الجزء الرابع فيه عرض لتلميع العلمانيين للعلمانية وفيه شيء من المناقشة لكن غلب عليه الوصفية مع الضعف عمومًا في بيان ما يقوله العلمانيون
أخيرًا الكتاب ينبغي قراءته للمهتم لأنه جدد أمورًا تخص بالعلمانية وصحح كثير من الأغلاط حولها كما في الجزء الأول خاصة.
كتاب مثير للشفقة الحقيقة، وكما هو متوقع كل اللي بيقرؤوا الكتاب 5\5 وبارك الله في قلمك يا شيخنا..
ممكن بعدين أبقى أكتب مراجعة لبعض النقاط اللي لفتت انتباهي لفجاجتها، لكن اكتفي حاليًا بقول إن الكتاب ده يلخص مشاكل الخطاب "الثقافي" الإسلامي النيو-سلفي الجميل اللي طلع بعد الربيع العربي، اللي بدل ما يقول "حكم الطاغوت" بقى بيقول "الدولة القومية الحديثة".. وبما إنه منشغل بالبحث عن دلالة العلمانية ومعرفش ايه عن التفكير في علاقة الدين بالمجال العام، فهو خطاب إن "مُكّن له" فاحنا هنلاقي نفسنا في دولة شمولية فاشية بفكر قروسطي متخلف.. وهي الظاهرة المعروفة إعلاميًا بداعش. وشكرًا
أول كتاب أقرؤه عن العالمانية، وبداية معرفتي بكاتب وباحث من أفضل الموجودين على ساحة الدعوة الدكتور سامي عامري. شرعت في القراءة، وما هي إلا صفحات قليلة حتى أدركت كم الجهد المبذول، والاعتناء الكبير الذي بذله الشيخ لإخراج الكتاب بهذا الشكل. بارك الله في علمه، وفي عمره. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما يا رب العالمين.
تم بحمد الله. ضمن برنامج البناء الفكري.. المرحلة الخامسة من المستوى الأول..
لق�� كُتِبَ هذا الكتاب بمدادٍ من قلبٍ مهمومٍ بدينه منافحٍ عنه مُستعلٍ به.
هو بحثٌ في تاريخ العالمانية منذ ظهور المصطلح وتحوله ورخاوة تعريفاته، ثم رصدٌ لواقع العالمانية في الغرب ومآلاتها من سحق الدين والإنسان بالتبعيّة، ثم كيف دخلت العالمانية العالم العربي وآثارها فيه من مسخٍ للهوية وتيهٍ، ثم النظر إلى العالمانية من منظور الشرع، وموقعها من شهادة التوحيد ولوازم الإيمان وكيف أنها هدرٌ لها، ثم كيف دلّس عالمانيو العرب مفهوم العالمانية وحوّروه ليكون مقبولًا عند العامة رائجًا بينهم، ثم أخيرًا خاتمة بها نصائح هامة للعاملين في مجال الدعوة.
الكتاب كله يُمكن اختصاره في سطرٍ واحد قاله المؤلف:"إن العالمانية ثورةٌ على إنسانية الإنسان وإرغامٌ له على أن يلتحف إزار الألوهية."
سامي عامري كاتبٌ وباحثٌ مجتهدٌ جدًا ومنظّم جدًا ومتفانٍ في عمله جدًا.
"الغاية الكبرى للمسلم في دراسته للمذاهب الفكرية هي معرفة حكم الشرع فيها، هل هي موافقة للنص المُنزّل في منطوقه ومفهومه أم هي مُحدثاتٌ تردها آيات القرآن وأحاديث المعصوم- صلّ الله عليه وسلم"
ياله من ختام لسنة ، كتاب لا تقدر إلا ان ترتبط معه عاطفيا ، هل تعلمون تلك الرابطة و الحزن عند تقليبكم لصفحات الاخيرة من بعض الكتب ، تلك العاطفة ستنتابكم هنا، ستقلبون اخر الصفحات وانتم تعلمون انكم اصبحت ليس كما كنتم قبل ان تفتحلو هذا الكتاب .. كمية معلومات كبيرة و ضخمة جداً ، قد تشعر بعدم التركيز احيانا ولكنها مفيدة لكل مثقف ، تناول الاستاذ سامي الموضوع بطرح اكديمي بحت ، حقيقة لا اجد ما اصف به هذه الدرة لعلي اعود و اكتب مراجعة اخرى بعد. ان ابلور شعوري تجاه هذه التحفة ..
كتاب العالمانية طاعون العصر للدكتور سامي عامري من الكتب التي ستضيف إلى معلوماتك مهما كنت قرأت من قبل في نفس ذات الموضوع . والدكتور سامي في حقيقة الأمر باحث دؤوب تتميز مؤلفاته بغزارة المراجع لاسيما الأجنبية منها والتي من خلالها حاول تصحيح أهم الأخطاء الشائعة عن العالمانية؛ منها أنها لا تنسب إلى العلم وإنما تنسب للعالم ، فمن الخطأ أن تُكتب عِلمانية - بكسر العين - كما أنه ليس من الدقة اللغوية أن تُكتب عَلمانية - بفتح العين- ثم يرى أن الأدق أن تكتب هكذا عالمانية .
يرى المؤلف أن العالمانية هي أكبر من مجرد فصل الدين عن الدولة ، فالعالمانية بالنسبة لموقفها من الدين تتنوع من عالمانية استئصالية = ترفض الدين بحميع أشكاله ، إلى عالمانية ليبرالية = ترفض الهيمنة الدينية مع اعطاء هامش له في الدولة والمجتمع ، إلى عالمانية تحاصصية = ترى الدين خياراً فردياً .
يرى المؤلف أنه من الأخطاء التي شاعت بين الكتَّاب المسلمين قولهم أن العالمانية أثر لصراع الكنيسة مع العلم = فصراع الكنيسة مع العلم ساهم في تقوية شوكة العلمانيين في زمن التأصيل ولكن لم يكن بالحدة المدعاة ، ويرى أن المذهب التطوري الدارويني هو المسألة العلمية الوحيدة التي هزَّت إيمان الناس بالدين في الغرب .
إذن ظهور العالمانية لم يكن بسبب صراع الكنيسة مع العلم وإن كان هذا الصراع قد اشتد فيما بعد كنتيحة للعالمانية لا كونه سبباً لها ، أما رافد العالمانية الأكبر الذي ساهم في ظهورها هو صراع الكنيسة مع العقل الذي كان يبحث عن خلاصه من وصاية رجال الإكليروس ، ولذلك رفعت الثورة الفرنسية شعار ( العقل) لا ( العلم) ، وسمى عصر الأنوار بعصر العقل لا عصر العلم .
هل اللائيكية هي العالمانية ؟! يري المؤلف أن جعل مفهوم اللائيكية مرادفاً للعالمانية = من معالم المنهج التبسيطي المخل ، فلكل منها أصل اشتقاقي مختلف ، ومجال دلالي خاص ، ولكن يمكن اعتبار اللائيكية شكل من أشكال العالمانية الجزئية .
تنقل المؤلف بين دراسات الأكاديميين الغربيين ليبين تراجعهم عن فكرة قضاء العالمانية على الدين ، والمؤلف بارع فعلاً في الوقوف على افكار النخب الغربية بلغتهم ، فبين من خلال كتاباتهم ان الدين أقوى حضوراً مما كانوا يعتقدون .
بين الكتاب في مبحث شرعي أن العالمانية شكل من أشكال الدين الفاسد ، وأنصارها في الغرب يعتبرونها ديناً ، فهي مناقضة لشهادة التوحيد من كل وجه .
من المباحث المهمة في الكتب مبحث ( التدليس في دفع التعارض بين الإسلام والعالمانية ) وفيه يرد على تدليس العالمانيين في محاولتهم علمنة الإسلام كقولهم الإسلام عالماني في جوهره ، أو زعمهم أنه رسالة روحية محضة ، او تشويشهم بمفهوم الدولة المدنية ، او زعمهم ان فهم النص عملية بشرية ليجعلوا القرآن كلاماً قابل لكل التأويلات ولكل الأفهام ، وقد رد المؤلف على كل هذا ولكن بنحو مختصر .
الكتاب مهم وإضافة للمكتبة العربية وتصحيح وتعديل وتقويم لبعض الأفكار الشائعة عن العالمانية التي تحتاج للضبط .
يتناول هذا الكتاب قضية العالمانية كنظرة عقيدية بالنظر إلى أصولها وآثارها ومآلاتها، لتتميز حقيقتها عن ما نُسب إليها. فهذه الدراسة تسعى إلى إقامة تصور صحيح لحقيقة المذهب على أساس القراءة في المصادر الأصلية، ويراعي الباحث في عمله التحليلي أن يؤول البحث إلى وضع فهم دقيق للعالمانية بما يتيح الوصول إلى معرفة حكمها في الشرع ويدفع التأويلات الباطلة لمقولاتها وتصوراتها من طرف أنصارها. كذلك تبدأ الدراسة بترسيخ أمرين مهمين: � الحاجة العملية لفهم الواقع وقراءته قراءة موضوعية . � الحاجة إلى تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة والتحليلات غير الدقيقة. وتجيب الدراسة كذلك عن العديد من الأسئلة التي تدور حول المصطلح. وما يميز الكتاب إعتماد الباحث على مناهج متنوعة نظرا لتركيبة الموضوع المطروق ومنها. � المنهج التحليلي النقدي عند دراسة مقولات العالمانية وعرضها على محك النظر المجرد والتجربة. � المنهج الوصفي التحليلي عند رصد الحضور الواقعي للعالمانية في الغرب وفي العالم الإسلامي، وعند تناول أثر العالمانية في العالم في العقود الأخيرة. � المنهج التاريخي عند تعقب ظاهرة العالمانية وتحولاتها التاريخية. � المنهج الشرعي لعلماء أصول الدين في بحث قضايا الإيمان ونواقضه.
This entire review has been hidden because of spoilers.
كتاب رائع! بذل الأستاذ سامي عامري جهدا كبيرا في كشف مصطلح "العالمانية" وفضح دلالتها. يلخص الكتاب للقارئ موضوع العالمانية وتاريخها الفلسفية مع التحديات التي تقدمها العالمانية في بلاد المسلمين. يخرج القارئ من الكتاب بحصيلة علمية جيدة. أنصح بقراءة هذا الكتاب مرارا لإدراك ما فيه من جواهر متناثرة في طيات الكتاب.
كتاب يزيل القشور السطحية للمفاهيم العالمية ويوصل المعلومة بتدرج مما يجعل كلامه راسخ بالعقل ويوضح للقارئ الصورة العصرية والفكرية للواقع .. كتاب ممتع وغني
كتاب منظم تنظيما رائعا منه فقط تدرك علمية الكاتب حفظه الله، والكتاب عبارة عن دراسات في عدة مجالات تصب في النهاية في إدراك ماهية العالمانية بأنواعها وفرقها عن اللائكية، وأصول الكلمة الأوروبية وكيف تطورت الدلالة على مر العصور حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. الكتاب ملم بالجانب النظري والعملي للعالمانية، والجزء الذي تحدث عن العالمانية في الوطن العربي يجب أن يعرف معلوماته كل العرب؛ الوعي في هذا الأمر ضروري.
ما أكده لي الكتاب أننا نعيش في دول عالمانية وليست دول مسلمة بأي حال من الأحوال. لنقول أن الدولة مسلمة يجب أن تكون غايتها تنفيذ أوامر الله تعالى، وليس تنفيذ قرارات البشر (والتي بطبيعة الحال هي ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم). فمن الغباء أن نسمي دولنا دولا مسلمة لأن المواطنين ممنوعين من شتم المقدسات، وأصلا هم منعوا ذلك احتراما للإنسان وليس لتقديس المقدسات.
الكتاب ذكر بالأسماء مَن هم المسيحيون العرب الذين كانوا السبب فيجلب الحكم العالماني المدني للدول العربية وكانوا بذلك يقصدون محاربة الإسلام وليس إشاعة الحرية والتخلص من القيود التي كبتتهم عن حقوقهم الدينية.
ذكر الكتاب التجربة التونسية ونتائجها الكارثية على الواقع اليوم.
الكتاب يحوي العديد من المغالطات. بعض النقاط الواجب توضيحها (ترقيم النقاط تبعا لترقيمها في خاتمة الكتاب ):
7- ادعى الكاتب مايلي : كَشَفَ البحثُ الاَثارَ الكارثيَّة للعالمانيَّة في الغربِ على خلافِ ما يُرؤجُهُ العالمانئون العَرَبُ وأظهر، تفصيلأ تدميرَها للإنسان ، وتحويلَها إيّاه الى مجرّد "شيء" يُصَنَّعُ ، وإفسادَها للفِكْرِ والأخلاقِ ، وإهلاكَها للحَرْثِ والنَّسْل
أرى أن الكاتب التبس عليه الأمر وبدلا من ان ينتقد العلمانية كان ينتقد الرأسمالية و هذا الخلط تبين من خلال المفاهيم التي ساقها كأمثلة وبني عليها هذا النقد مثل الإنسان أحادي البعد (هربرت ماركوز)، والقفص الحديدي (ماكس فيبر)، والعالم المسطح (توماس فريدمان) لدعم حججه. و في ما يلي تعريف مختصر لهذه المفاهيم:
أ. الإنسان أحادي البعد (هربرت ماركوز)
في عمله "الإنسان أحادي البعد" الصادر عام 1964، ينتقد ماركوز المجتمع الصناعي المتقدم (وبالتالي الرأسمالية) لتقليص البشر إلى كيانات "أحادية البعد" تركز على الاستهلاك والتوافق. يفقد الأفراد قدراتهم النقدية والإبداعية والروحية، ويصبحون مشاركين سلبيين في أنظمة تعطي الأولوية للمادية على ازدهار الإنسان.
ب. القفص الحديدي (ماكس فيبر)
في كتابه الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية، يصف فيبر "القفص الحديدي" بأنه عقلنة المجتمع وبيروقراطيته. إن الرأسمالية، المتأثرة بأخلاقيات العمل البروتستانتية، تخلق نظامًا حيث يُحاصر الأفراد في روتين من الكفاءة والحساب والإنتاجية، ويفقدون الحرية والروحانية. يشير "القفص الحديدي" إلى التأثيرات اللاإنسانية للحداثة.
ج. العالم مسطح (توماس فريدمان)
لقد أدت العولمة، التي تحركها القوى التكنولوجية والاقتصادية، إلى "تسوية" العالم، مما أدى إلى خلق مجال متساوٍ للمنافسة، ولكن أيضًا إلى تآكل الهويات والتسلسلات الهرمية المحلية.
الرد على هذا الادعاء: أ. العلمانية ليست مادية لا تفرض العلمانية المادية أو الاستهلاكية؛ بل إنها تفصل الدين عن المؤسسات العامة فحسب، مما يسمح للأفراد بملاحقة معتقداتهم الخاصة، سواء كانت دينية أم لا. ب. دور الرأسمالية في الاغتراب الاغتراب الذي وصفه ماركوس وفيبر هو في المقام الأول نتيجة للأنظمة الرأسمالية التي تعطي الأولوية للربح على الاحتياجات البشرية، وليس المبادئ العلمانية. ج. العلمانية كإطار للتنوع تمكن العلمانية التعددية من خلال خلق مساحة محايدة لتعايش وجهات النظر العالمية المختلفة، بدلاً من محو العمق الروحي أو الخصوصية الثقافية.
8- ادعى الكاتب مايلي : العالمانيَّةُ في العالم العربيّ ليست خلاصةَ سيرورة تاريخيَّة عفويّة، وإنّما هي نتاج مَكْرِ العالمانيّين النّصارى على خلاف العالمانيّة الناشئةِ في الغَرْب
الرد على الكاتب: في حين أنه من الصحيح أن العلمانية في العالم العربي نشأت في ظل ظروف تاريخية مختلفة عن تلك التي نشأت في الغرب، فإن وصفها بأنها مجرد "نتاج لمكر العلمانيين المسيحيين" يعد تبسيطاً مفرطاً للواقع. إن العلمانية في الغرب لم تكن عفوية بحتة؛ بل إنها تطورت عبر قرون من الصراع بين الكنيسة والدولة، والحركات الفكرية مثل التنوير، والنضالات العملية من أجل التسامح الديني والاستقرار السياسي. وعلى نحو مماثل، نشأت العلمانية في العالم العربي استجابة لتحديات تاريخية محددة، بما في ذلك الاستعمار، والتحديث، والديناميكيات المعقدة للتعددية الدينية.
أ. السياق التاريخي: الاستعمار والعلمانية لا شك أن العلمانية في العالم العربي تأثرت بالاستعمار. فقد فرضت القوى الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا أو شجعت على تبني سياسات علمانية كجزء من استراتيجيتها في الحكم. على سبيل المثال:
نفذت فرنسا قوانين علمانية في مستعمراتها، مثل الجزائر، لإضعاف المؤسسات الإسلامية وتعزيز السيطرة. وقد اعتُبرت هذه السياسات بمثابة هجوم على الإسلام، الأمر الذي ساهم في استمرار الشكوك حول العلمانية في المنطقة. وعلى نحو مماثل، روج الحكم الاستعماري البريطاني في مصر وأجزاء أخرى من العالم العربي في كثير من الأحيان للإصلاحات القانونية والتعليمية التي تهمش السلطات الدينية لصالح هياكل الحكم العلمانية. ومع ذلك، من الأهمية بمكان أن نلاحظ أن العلمانية في العالم العربي لم تكن مجرد فرض أجنبي. فقد انخرط المثقفون والمصلحون المحليون بعمق في الأفكار العلمانية وسعوا إلى تكييفها مع مجتمعاتهم.
ب. المفكرون العرب الذين ساهموا في الفكر العلماني
لعب العديد من المفكرين العرب، سواء المسلمين أو المسيحيين، أدوارًا مهمة في تطوير الأفكار العلمانية، مما يدل على أن العلمانية ليست مجرد مفهوم مستورد بل استجابة للاحتياجات والتقاليد الفكرية المحلية:
علي عبد الرازق (1888-1966): كان عبد الرازق عالمًا مصريًا بارزًا ومصلحًا إسلاميًا، وقد زعم في كتابه المثير للجدل "الإسلام وأصول الحكم" (1925) أن الإسلام لا يفرض شكلاً محددًا للحكم. ودعا إلى فصل الدين عن الدولة، مؤكدًا أن الحكم يجب أن يقوم على مبادئ عقلانية وعلمانية وليس على الشريعة الدينية.
طه حسين (1889-1973): اشتهر حسين بأنه "عميد الأدب العربي"، وقد دافع عن دور التعليم والعقل والتحديث في المجتمعات العربية. ودعا إلى فصل المؤسسات الدينية عن السياسة لضمان التقدم والمساواة، ووضع العلمانية كوسيلة لتعزيز المجتمعات العربية وليس إضعافها.
سلامة موسى (1887-1958): كان موسى مفكرًا وكاتبًا مصريًا، ودعا إلى العلمانية كوسيلة لتحديث العالم العربي وتصنيعه. وأكد على الفكر العقلاني والعلم وأهمية فصل العقيدة الدينية عن السياسة العامة.
فرح أنطون (1874-1922): كان أنطون مفكرًا عربيًا مسيحيًا وأحد أوائل الأصوات العلمانية، ودعا إلى التسامح الديني وفصل الدين عن السياسة. وكثيرًا ما تناولت أعماله الحاجة إلى دولة علمانية لإدارة التنوع ومنع الصراع الطائفي.
ميشيل عفلق (1910-1989): كان عفلق أحد مؤسسي حزب البعث، وروج للقومية العربية والاشتراكية، وكلاهما متأثران بشدة بالمثل العلمانية. وزعم أن الوحدة الوطنية والتنمية تتطلبان تجاوز الانقسامات الدينية.
صادق جلال العظم (1934-2016): انتقد الفيلسوف السوري العظم النزعة التقليدية ودعا إلى العلمانية كوسيلة لتعزيز التفكير النقدي والحرية الفكرية في المجتمعات العربية. ويُظهِر هؤلاء المفكرون، من بين آخرين، أن العلمانية في العالم العربي تشكلت من خلال مجموعة واسعة من وجهات النظر والدوافع، والتي غالبًا ما تكون متجذرة في الحقائق والتحديات المحلية.
ج. معالجة ادعاء "مكر العلمانيين المسيحيين" إن الادعاء بأن العلمانية في العالم العربي كانت مدفوعة بـ "مكر العلمانيين المسيحيين" يسيء تمثيل تنوع أولئك الذين دافعوا عن العلمانية ونواياهم. وفي حين كان بعض المثقفين المسيحيين، مثل فرح أنطون وميشيل عفلق، مؤثرين بالفعل، فإن دعوتهم للعلمانية لم تكن تتعلق بالمكر أو التلاعب. بل كانت تتعلق بمعالجة القضايا الملحة في عصرهم، بما في ذلك: الحاجة إلى الوحدة الوطنية في المجتمعات المتنوعة دينياً. الرغبة في تحديث وإصلاح الأنظمة السياسية والتعليمية الراكدة. الاعتراف بأن الطائفية تشكل عائقاً أمام التنمية. إن تأطير العلمانيين المسيحيين باعتبارهم "ماكرين" يهدد بتعزيز السرديات الطائفية الانقسامية ويتجاهل الدوافع الأوسع والأكثر شمولاً وراء الفكر العلماني في العالم العربي.
د. العلمانية في الغرب لم تكن "عفوية" من المهم أيضًا أن نتناول المقارنة بالغرب. كانت العلمانية في الغرب بعيدة كل البعد عن كونها "عملية تاريخية عفوية". فقد نشأت من:
قرون من الصراع: أجبرت حركة الإصلاح، والإصلاح المضاد، وحروب الدين المجتمعات الأوروبية على إعادة النظر في العلاقة بين الكنيسة والدولة. فلسفة التنوير: دافع مفكرون مثل جون لوك وفولتير عن التسامح الديني وفصل الكنيسة عن الدولة كوسيلة لتعزيز الحرية ومنع الاستبداد. التصنيع والحداثة: أدى صعود الاقتصادات الصناعية والدول القومية إلى خلق الحاجة إلى الحكم العلماني لإدارة السكان والمصالح المتنوعة. في كل من الغرب والعالم العربي، كانت العلمانية نتاجًا للنضال والنقاش والتكيف مع الظروف التاريخية المحددة.
9- ادعى الكاتب مايلي : كشف البحث في دراسات الأكاديميين الغربيين ولا سيّما علماء الاجتماع عن تراجع أكثرهم عن الانتصار لدعوى قضاء العالمانيّة على الدّين مُقِرِّيْنَ أنّ الدّين أقوى حُضورًا مما كان يُظن وأنّه باقٍ لا يمكن أنْ يُنْهِيَهُ أيُ مَذْهَبٍ بَشَرِي.
الرد على ادعاء الكاتب صحيح أن علماء الاجتماع المعاصرين راجعوا نظريات العلمنة السابقة، معترفين بأن الدين أكثر ديمومة وقابلية للتكيف مما كان متوقعا في البداية. ومع ذلك، هذا لا يعني أن العلمانية فشلت أو أنها سعت إلى القضاء على الدين تماما. العلمانية ليست عقيدة معادية للدين بل هي إطار للحكم يضمن الحياد وحرية المعتقد.
أظهرت الدراسات أنه في حين تعمل العلمانية على الحد من هيمنة الدين على الجمهور، فإنها غالبا ما تسمح للدين بالازدهار بطرق خاصة وتعددية. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، لا يزال الالتزام الديني قويا على الرغم من الحكم العلماني، بينما في أوروبا، أصبح الدين أكثر شخصية ورمزية. يسلط هذا التعقيد الضوء على أن العلمانية والدين ليسا متنافيين بل يتعايشان بطرق متنوعة وديناميكية.
وعلاوة على ذلك، فإن مرونة الدين تؤكد قدرته على التكيف مع الحداثة، وتحويل دوره من السلطة المؤسسية إلى مصدر للهوية الشخصية والجماعية. وبعيدا عن دحض العلمانية، تظهر هذه النتائج أن العلمانية تخلق الظروف لمجتمع تعددي حيث يمكن للمعتقدات المتنوعة التعايش.
ومن ناحية أخرى إن انتقاد العلمانية يشكل قوة وليس ضعفاً إن الطبيعة الدائمة للدين وقابلية العلمانية للتكيف تؤكدان أيضاً على تمييز مهم: فالعلمانية تزدهر بالنقد والتطور. وعلى النقيض من الأنظمة الدينية، التي تزعم غالباً السلطة الإلهية والقوانين الثابتة، فإن العلمانية ترحب بالنقاش والمراجعة. على سبيل المثال:
لقد أدت الانتقادات الاجتماعية لنظريات العلمانية المبكرة إلى الاعتراف بالدور الدائم للدين في الهوية الشخصية والجماعية.
إن المناقشات العامة حول السياسات العلمانية، مثل القوانين التي تحكم الرموز الدينية أو التعليم الديني، تثبت أن العلمانية تتطور استجابة للاحتياجات الاجتماعية المتغيرة. إن هذه القدرة على التأمل الذاتي والنمو تشكل قوة العلمانية، مما يميزها عن الأنظمة الدينية التي تعتمد على العقائد الثابتة.
10 - ادعى الكاتب ما يلي: أكّد البحث أهمية دلالات ما يعرف بما بعد العالمانيّ وعلاقة ذلك ببداية انحسار المدّ العالمانيّ وإخفاقِ الكثير من وعوده
الرد على هذا الادعاء:
إن ما بعد العلمانية لا يعني تراجع العلمانية أو فشلها، بل يعكس تطورها استجابة لاستمرار الدين في المجتمعات الحديثة. وهو يعترف بأن الدين لا يزال مهمًا، ويتكيف مع الأطر العلمانية بدلاً من استبداله بها. إن الإنجازات الأساسية للعلمانية ــ ضمان حرية المعتقد والحياد والتعايش ــ تظل سليمة، حتى مع معالجتها للانتقادات والتكيف مع الحقائق التعددية.
إن الادعاء بأن العلمانية فشلت يسيء فهم غرضها. فلم تكن العلمانية قط تهدف إلى القضاء على الدين، بل كانت تهدف إلى توفير مساحة عادلة ومحايدة لجميع المعتقدات للتعايش. وتسلط ما بعد العلمانية الضوء على التفاعل الديناميكي بين الدين والحكم العلماني، مما يدل على أن العلمانية ليست ثابتة ولكنها قادرة على التحسين والتطور.
وبدلاً من الإشارة إلى نهاية العلمانية، فإن ما بعد العلمانية يشير إلى تكامل أعمق لوجهات نظر عالمية متنوعة، مما يثبت مرونة العلمانية وقدرتها على الصمود في المجتمع المعاصر.
من ناحية أخرى أرى أن الكتاب استخدم مصطلح descularism من غير توضيح و كأنه أراد الخلط مع مصطلح ما بعد العلمانية
تشير ما بعد العلمانية إلى الاعتراف بأن الدين لا يزال قائماً ويظل مؤثراً في المجتمعات الحديثة، حتى جنباً إلى جنب مع المبادئ العلمانية. وهذا لا يعني نهاية العلمانية، بل يعترف بالتعايش والحوار بين المنظورين العلماني والديني. وتتطور العلمانية لدمج هذه الحقائق واستيعابها دون التخلي عن مبادئها الأساسية المتمثلة في الحياد والشمول.
من ناحية أخرى، تعني إزالة العلمانية عكس عمليات العلمنة. فهي تشير إلى العودة إلى الهيمنة الدينية في الحياة العامة والسياسية، حيث يستعيد الدين السلطة على الحكم أو القوانين أو المعايير المجتمعية
و كمتال على ذلك الهند التي في الفترة الاخيرة عانت من تقليص لدور العلمانية وهذا كان من خلال: صعود سياسات الأغلبية: يُنظر إلى النفوذ المتزايد للقومية الهندوسية (هندوتفا) على أنه يتحدى الأسس العلمانية في الهند، ويعزز مصالح الدين الأغلبية على حساب الأقليات.
تغييرات السياسة والقانون: غالبًا ما يُستشهد بالتدابير المثيرة للجدل مثل قانون تعديل المواطنة (CAA)، الذي يقدم الجنسية السريعة للاجئين غير المسلمين، والمناقشات حول قوانين حماية الأبقار وملكية المعابد، كأمثلة على الميل بعيدًا عن الحياد العلماني.
الاستقطاب الديني: أثارت حالات العنف الطائفي والخطاب السياسي والانقسامات المجتمعية على أسس دينية مخاوف بشأن ضعف الالتزام بالمبادئ العلمانية.
مقولة أخرى وردت في الكتاب: الحقيقة: العالمانية دين يقمع الأديان الأخرى عند وجودها على أرض واحدة، ليحلّ محلّها؛ فهو لا يوفّق بينها (وهذا ليس بمطلب إسلامي أصلًا؛ فالإسلام يعلو ولا يُعلى عليه)، وإنّما ينصّب الرؤية العالمانية مرجعية عليا، ويترك للأديان هوامش للتديّن الفردي
إن الادعاء بأن العلمانية هي "دين" يقمع الديانات الأخرى يمثل بشكل غير صحيح مبادئها الأساسية. فالعلمانية هي نظام سياسي مصمم لضمان الحرية الدينية وحماية التنوع ومنع أي دين من الاستيلاء على السلطة السياسية. ورغم أن العلمانية قد لا تتوافق مع النظرة العالمية الدينية التي تسعى إلى سيادة نظام عقائدي واحد، فإنها لا تهدف إلى قمع أو استبدال الأديان، بل إلى خلق مساحة عادلة ومحايدة للتعايش بين جميع المعتقدات.
هوامش أخرى تعتبر نقاط ضعف في الكتاب
1- إن عدم وجود إشارة مناسبة إلى المسح الذي أجري في عام 2014 المذكور في الصفحة 16 يضعف مصداقية الكتاب، حيث لا يستطيع القراء التحقق من البيانات أو تقييم موثوقيتها خصوصا أن الرابط الموجود في الهامش لا يعمل. وبدون تحديد من أجرى المسح، أو منهجيته، أو التركيبة السكانية للمشاركين، فإن الادعاءات المستمدة منه تفتقر إلى الشفافية والمساءلة. وهذا الإغفال يقوض أهمية البيانات وإمكانية تعميمها، خاصة أنه لا يوجد تفسير لسبب اختيار 14 دولة عربية محددة. ونظراً لأن المسح يبدو محورياً لبعض حجج الكتاب، فإن هذا الأساس الضعيف يثير المخاوف بشأن صرامة منهجية المؤلف بشكل عام ويدعو إلى مراجع أكثر وضوحاً وتفسيرات سياقية لدعم مثل هذه الادعاءات.
2- مرة أخرى في الصفحة 163. ان الإشارة إلى دراسة استقرائية أجرتها مؤسسة استشراقية أمريكية في عام 2013 تفتقر إلى التحديد، حيث لم يتم ذكر اسم الدراسة والمؤسسة التي أجرتها، مما يجعل من المستحيل على القراء التحقق من مصداقيتها. وعلاوة على ذلك، فإن الوصف الغامض لمنهجية الدراسة يثير تساؤلات حول دقتها، وقد تؤثر التحيزات المحتملة لمؤسسة استشراقية على تفسير البيانات. بالإضافة إلى ذلك، بدون الوصول إلى الدراسة من خلال رابط صالح أو استشهاد مناسب، لا يستطيع القراء التعامل بشكل نقدي مع نتائجها. ومن أجل الشفافية والمصداقية، يجب على المؤلف تقديم تفاصيل كاملة عن الدراسة، بما في ذلك منهجيتها والتحيزات المحتملة والاستشهاد الوظيفي أو المرجع.
3-ان كان الاستطلاع السابق قد شمل دولا أخرى كتركيا و السعودية فإني أرى أن المقارنة بين تونس ودول مثل تركيا أو المملكة العربية السعودية كانت لتعزز التحليل من خلال تسليط الضوء على المناظر السياسية والإيديولوجية المتنوعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إن الديمقراطية العلمانية نسبياً في تونس تتناقض مع النظام الملكي المحافظ دينياً في المملكة العربية السعودية ومزيج العلمانية والإسلامية في تركيا، مما يوفر رؤى قيمة حول كيفية تعامل هذه الدول مع العلاقة بين الدين والسياسة. كانت مثل هذه المقارنة لتمنح فهماً أعمق للعلمانية والإسلام السياسي ونماذج الحكم المختلفة في المنطقة. ومن خلال إغفال هذه المقارنة، يفوت المؤلف فرصة لاستكشاف تعقيدات هذه الأنظمة ويبسط الديناميكيات السياسية في العالم العربي بشكل مفرط.
4- من ناحية تونس و نقد التجربة العلمانية فإني أرى أن محاولة المؤلف لربط قضايا تونس بشكل مباشر، مثل ارتفاع معدلات الطلاق، والصراعات الاقتصادية، والتحديات التعليمية، بالعلمانية، تبسط هذه المشاكل المعقدة بشكل مبالغ فيه. فهذه القضايا متعددة الأوجه، وتتأثر بعوامل مثل السياسات الاقتصادية، وعدم الاستقرار السياسي، والديناميكيات الاجتماعية، وليس العلمانية وحدها. ومن خلال التركيز فقط على العلمانية، يهمل المؤلف السياقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الأوسع التي تساهم في هذه التحديات. والتحليل الأكثر توازناً من شأنه أن يعترف بالعلمانية باعتبارها مجرد جانب واحد من نظام أكبر، مع مراعاة العوامل الاقتصادية والسياسية والثقافية المختلفة المؤثرة، بدلاً من إلقاء اللوم على العلمانية حصرياً.
لا يستغني عنه مَن يريد أن يعرف العالمانيّة كما يُرجّح لفظها الشيخ. فكك أصل مصطلحها لغوياً، وعرَّفَ حقيقتها فلسفياً/معرفياً، وسردَ تاريخَها العمليّ، ووضّح أنواعها، وأشارَ إلى أدواتها، وبيَّن آثارها الواقعيّة؛ غرباً وشرقاً وسمّاها: الحصاد المُرّ، وحققَ الحكمَ الشرعيَّ فيها ومناقضتِها التوحيدَ وأنها دينٌ بذاتها؛ دينٌ إلحاديٌّ شركيٌّ، وأزال رداءها الدعائيَّ الكاذب، ودفعَ التلفيق بينها وبين الدين، وأبانَ عن تهافت أصول العَلمانيين العرب. فأمضى ما عَزَمَ عليه -موفَّقاً- من «كشفٍ للمصطلح وفضحٍ للدلالة». وكل هذا بعلميّةٍ، ورساليّةٍ لم يحاول مواراتها، بل كان صريحاً في استعلاءه الإيمانيّ طوال الكتاب، بموضوعيّةٍ لا نسبية، قلَّ أن يكتب بها أدعياء البحث العلمي والنقد التاريخي، الذين جاءت أبحاثهم غربيةَ السَنحة، أعجميةَ المنهج!
ومن أفضل ما فيه -وكله خير- ما ذكرَه الشيخ سامي من آثار «العالَمَانيّة» في المطالب الخمس من الفصل الثاني، وهي على الترتيب: - نهاية الإنسان: صار تُرساً في آلة الكون بعدَ أن نُزِعَ من إنسانيّته، أو إنساناً ذا بُعدٍ (والصحيح: جانب) واحدٍ، على حدّ تعبير ميركيوز. ويصفُ حياتَه حسام أبو البخاري أحسن الله خلاصه بوصفٍ لطيف: من الرَّحِم الدافِع إلى الرَّحم القابل. - موت العالَم: "عالَمٌ بلا أسرارٍ مُحفِّزَةٍ للعقل أو الروح، هو عالَمٌ بلا روحٍ ولا رَوْحٍ. لقد فقدَ الإنسان في عالَمه المُعَلمَن متعة المكابدة وأُسِرَ في ظُلمة مكابدة المتعة" - النفع المادّي، المَعبود الجديد: المنفعة "منتهى الأفق ومَحَطُّ الغاية" - أزمة المبدأ الخُلُقي العاقبيّة والنفعيّة. يصف بيتر سينجر المذهبَ الأول بأنه "لا يبدأ بقواعد أخلاقيّة وإنما بأهداف" والثاني فردٌ من أفراده. - تحفيز الداروينيّة الاجتماعيّة والاقتصاديّة: هندسية العلاقات الاجتماعية معدومة التراحمية.
فقد حلَّت عندي -هذه الآثار النفعية والعاقبية الحاكمة على الأخلاق التي شرحها الشيخ على أحسن ما يكون- إشكالاً قديماً، وفسّرت لي الاحتفاءَ الغربي -وكثير من غير المتدينين من المسلمين- بما راجَ من مقاطع تحت عنوان: Random acts of kindness that will restore your faith in humanity. فهيَ تُصوِّرُ لهم -على فرض أنها «حقيقية»- أَثَرَةً لم يعهدوها، وترابطاً خسروه، وتراحماً فقدوهُ، بعدما ولَّووا وجههم شطرَ الأرض تحتَ مطارق العَلمانيّة.
وعلى طاري المقاطع هذه؛ لكَ أن تعجبَ أنّ بعض هذه المقاطع، ما يصوِّر عودة جندي/ـة بعد جولةٍ في أفغانستان أو العراق أو الصومال إلى أسرته، وكيف لا يملكُ الجميع دموعَهم -حتى المسلم المَزعوم- متناسين أنه عادَ/ت من قتل أطفالٍ ونساءٍ وشيوخٍ.
وحديثه عن "إنهاك البيئة" ولَّدَ بعض الأسئلة: لماذا خرجت هذه الحركات البيئية في الغرب؟ ربما للسيولة الهوياتيّة؛ فوجدوا فيها روحانيّةً «خضراء» تُرَبِّتُ على فراغ نفوسهم. لماذا لم تخرج عندنا على المعنى الموجود في الغرب؟ لإيمان راسخٍ -أو مُتوارَث- أنّ الطبيعةَ «مُسخَّرةٌ» لنا -الناس-، لكن بحدودٍ؛ فليسَ لك أن تقطعَ شجرةً أو تقتلَ هرَّةً إلا لضرورة، بل حتى الحمقى الخُضر الذين خرجوا بيننا في حمّى تقليد الغالِب، يستدلون بأحاديثَ تحثّ على الحفاظ على البيئة بأجناسها، وهي هي نفسُها ترسَّخ مبدأ «التَّسخير». إذا كانت آثار العَلمانية -من فردانيّةٍ داروينيّة الطابع، ونفعيّة المنطلق والغاية- المهيمنة على التعامل الإنساني في الفضاء الاجتماعي "جعلت البيئة مستهلكاً بعيداً عن الاعتبارات الأخلاقيّة التي تَمَسُّ من حقِّ الآخَر الجارِ، والآخَرِ البعيد، والآخَر الذي لم يولَد بعد" فهذه الثلاث حقوق محفوظةٌ عندنا؛ كتجويز قطع ما يؤذي من شجر الجار إن رفضَ كفَّه ولا يضمَن. وقوله تعالى: {ما قطعتم من لينةٍ أو تركتموها قائم��ً على أصولها فبإذن الله}، وقول رسوله صلى الله عليه وسلَّم موصياً الغزاة: ((ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً)) وما أقرّه الفاروق رضي الله عنه من حقّ {والذين جاؤوا من بعدهم}، فحفظَه، وإن لم يكن متعلّقاً في البيئة وجنسها من شجرٍ وثمر، فيدخل فيه إشارةً، والله أعلم.
في بدايته لم يعجبني، فلا أحبذ اسلوب الخطاب الذي لا يحترم حريتك، أعرض الاقوال والبراهين وللقارئ حرية الإتباع، لكني تفهمت ذلك بعدما انهيته فهو بموقف تعليم لمنهجيته في تقصي المصطلح وتفنيده. وعمومًا من المنتصف حتى النهاية حسن وخاتمته كريمة في النصح للمصلحين ونصائحه طيّبة اكرمه الله وأجزاه خيرًا.
يعتبر بحث ممتاز، فيه اسهابات كثيرة مفيدة، افكارك تتصل معه لأنه يبني خطوة بخطوة، يؤسس مفاهيم ويرتقي بها.
الباحث اجتهد ونتائج اجتهاده واضحة ومثرية، ولعل أهم ما أشار إليه أو كان الحصري عنده هو مصطلح (الدولة المدنية) أنه غير موجود بالمعاجم السياسية الغربية.. إنما استحدثه العرب (ذكرها في الصفحة 285)
وكذلك ما ذكره من الفروقات بين مصطلح اللائكية والعالمانية مثري. أعتبر فرنسا أحقر من الصهيونية حقيقةً وفي كلٍ شر.
- لغة الكتاب ثقيلة، ولكنه معذور في اللغة والاسهاب لحكم البحث. - اما عن رأيي لم يعجبني كثيرًا، لم أحب الكتاب :) - ولم أحب عرضه (المنهجي) لا اراه مناسبًا وأن كان نافع. - أن كان عندي زيادة فهو مراجعة محمد التميمي فيها، أحسن بالابانة والنقد، أتفق معه.
كِتاب جميل جدًا، آخِذًا في الدراسة للموضُوع بعمق تفصيليّ، من معنى اصطلاحي ولَفظي، وأصل المسميّات، والمعنى الحاضِر، وأثرها في الغرب، والعرَب، وتبِعاتها، وكذلك يفتح تشعبات ويورِد بالمصادِر لمن أراد الاستِزادة، لم أستثقله كبداية فِي القراءة عن العلمانية، أنصحُ به :)