«للخُرافةِ غريزةٌ حَشَريةٌ تَنْتحي إلى الشَّوق، وتَعشقُ الثَّغَرات، وتُقِيمُ في الفجَوات. يَسُودُ الدَّجَلُ ويَركُزُ لواءَه في المناطقِ التي ما زالَ العلمُ فيها مُبلِسًا مُحَيِّرًا لا يَملكُ جَوابًا حاسِمًا.»
تُسيطِرُ الخُرافةُ على الكَثيرِ مِنَ التفاعُلاتِ البشريَّة؛ فلم تَكْتفِ الخُرافةُ بالتغلغُلِ في المجتمَعاتِ الفقيرة، التي لم تَنَلِ القِسطَ الكافيَ مِنَ التَّعليم، بل امتدَّتْ إلى أوساطٍ تبدو راقيةً أو تَحملُ قدْرًا مِنَ العِلمِ والثقافةِ والمدنيَّة. وعبرَ كافةِ الأوساطِ التعليميةِ والإعلاميةِ نَستقبلُ يوميًّا عِلمًا زائفًا، وخُرافاتٍ جديدةً يَفتحُ رَوْنقُها البرَّاقُ المجالَ لتصديقِها والعملِ بها. وهذا الكِتابُ نستطيعُ من خلالِه أنْ نُميِّزَ بينَ العِلمِ والعِلمِ الزائِف، عن طريقِ عرضٍ لإسهاماتِ بعضِ المفكِّرينَ وفلاسفةِ العِلمِ مثل: توماس جيلوفيتش، وكارل بوبر، وجون كاستي، وقد عَدَّه المؤلِّفُ تَتمَّةً لكِتابِ «المُغالَطاتِ المنطقيةِ» الذي ناقَشَ مَوْضوعاتٍ ذاتَ صِلة.
الدكتور عادل مصطفى طبيب نفسى مصرى معاصر تخرج في كلية الطب، جامعة القاهرة، وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة في يونيو 1975. تخرج في كلية الآداب، جامعة القاهرة، قسم الفلسفة، وحصل على درجة الليسانس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وكان الأول على دفعته طوال سنوات الدراسة. حصل على ماجستير الامراض العصبية والنفسية من كلية الطب، جامعة القاهرة عام 1986. شارك في ثمانينات القرن الماضي في تحرير مجلة (الانسان والتطور) التي كانت تصدرها دار المقطم للصحة النفسية. حائز على جائزة أندريه لالاند في الفلسفة، وجائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة عام 2005. قدم للمكتبة العربية ثلاثين كتابا في الفلسفة والأدب وعلم النفس والطب النفسي
كتابٌ قيّم ممتاز. يعتبره الكاتب تتمّة لكتابه (المغالطات المنطقية) وأجده أهمّ من الأخير. يناقش فيه "العلم الزائف" وعلماءه وجاذبيّته أو فخاخه. في محاولةٍ لتعزيز مناعة العقل ضدّ "الزيف الفكري"، والذي قلّما نجا منه الناس، بما فيهم العلماء. يعتمد الكاتب في فصول كتابه هذا على تلخيص كتبٍ ومقالاتٍ لثلّةٍ من أفضل مفكّري العلم وفلاسفته. غير أنّ الكاتب (عادل مصطفى) يقع كما في غالب كتبه في ذات الخطأ المتمثّل بتكرار العبارة والفكرة، وإنْ اعتذر عن ذلك في مقدّمة كتابه مبررًا ذلك بطبيعة مادّة الكتاب، كونها تلخيص لكتب ومقالات تتشارك مواضيعها. لكنّ المطمع في من له جمال أسلوب د.عادل مصطفى، ودقّة عباراته أن يعيد صياغة كتبه لتكون أجمل وأكمل. تنعكس ثقافة الكاتب -هنا- على غزارة مادّته وكثافة أفكارها وتشعّبها ضمن سياق الموضوع. مما يجعل كتبه كنزًا من أفكار تستحقّ التفكّر والتأمّل والتوسّع. أنصح بقراءته.
مُراجعتي لكتاب "الحنين إلى الخُرافة" للدكتور عادل مصطفى
للخُرافة جاذبية هائلة على النفس البشرية، لكن العلم يجب أن يكون سلاحنا لهزيمة الجهل المُقنّع "العِلم الزائف".
-------
لم تعد مُشكلة التمييز بين العلم واللاعلم ترفًا بل قضية مُلحّة
في عصرنا الحالي، وخاصة بعد الفوضى العارمة التي خلقتها حالة الخوف من جائحة كورونا والتي أعقبتها حالة من الارتباك الشديد تجاه اللقاح المُستحدث الخاص به، وفي عصر اختلاط الحق بالباطل، والعِلم الصحيح بالعلم الزائف من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. تأتي أهمية هذا الكتاب من أجل محاولة للتشبّث ببعض العقل والمُنطق للبقاء آمنين وسط تيارات العصبية المُغرقة إما في التشاؤم أو التفاؤل.
يتحدث الكتاب عن العِلم الزائف وكيفية مواجهته، وعلى الرغم من أن الكاتب يقرّ بصعوبة وجود معايير حاسمة تجزم بالحُكم على معلومة ما أنها من العِلم الزائف، إلا أن هناك أمارات عامة تُهيب بنا أن ننتبه ونرتاب، قد لا تمون هذه الأمارات -كُل على حده- كافية، غير أن اجتماع عد وافر منها قد يدون بنا إلى مشارف اليقين.
يُوضّح الكاتب د. عادل مًصطفى بعض هذه الأمارات، مثل أن العلم الزائف لا يعترف بأخطائه ولا بتصحيح نفسه، كما يتهرّب العُلماء الزائفون من النشر في المجلات العلمية المُحكّمة ومن مُراجعة النُظراء في مجالهم بزعم أن المجتمع العلمي مُتحيزون ضدهم، كما أن من دأبهم أن يطلبوا من مُنتقديهم أن يُبرهنوا على خطأ نظريتهم بدلًا من أن يُبرهنوا هم على صحتها!
يُركّز العلم الزائف أيضًا على الأمثلة المؤيّدة فقط، ويتجاهل الأمثلة المُضادة، بالإضافة إلى أن أغلب أطروحاتهم لا تكون قائمة على الأبحاث العلمية التاريخية أو المُعاصرة، وإنما تكون أعمالهم قائمة على نماذج إرشادية جديدة تمامًا. هذا بالإضافة إلى ولعهم باستخدام رطانات مُبهمة مثل "الطاقة الكونية الحيوية، تعاطفات، منظومة خط الزوال، التكبير السيكوتروني،....)، بالإضافة إلى ميلهم بالادعاء بأن إجراءً هزيلًا مُعيّنًا يحل شتّى المُشكلات، وبأن عقارًا لا أصل له يشفي جميع الأدواء.
يُؤكد د. عادل مُصطفى على أهمية الالتزام بالمنهج العلمي للبحث (عشوائية العينة- ميكنة تسجيل البيانات لتجنب الميل البشري لرؤية ما يرغبون برؤيته-الدلالات الإحصائية-مُراجعة النُظراء-تكرار التجربة)
كما يخبرنا إن الخُرافة هي الأصل في عقل الإنسان، وذلك لولع الإنسان وانقياده الدائم للُمخططات والأنماط والنماذج المُبيّتة فيه، والتي انطبعت بفعل خبرات سابقة لم يكن له يد فيها، والتي اندثر أغلبها أو برهن العلم على عدم صحتها، بينما العلم الصحيح هو الذي يتطلب إرادة وضوابط احتياطية وإجراءات احترازية للإثبات ولتجنّب الميل البشري إلى أهوائه.
لهذا يشرح لنا أهمية دراسة العلم المُزيّف، ولماذا لم تعد مُشكلة التمييز بين العلم واللاعلم ترفًا بل قضية مُلحّة وضرورة تعلو على كًل ضرورة، خاصة في عالمنا المُعاصر والذي تمطرنا فيه الوسائل الإعلامية بوابل من الخُرافات الجديدة، وسيول من الغثاء المنفلت والنظريات الزائفة والدجل الوقح.
يقرّ الكاتب أن للخرافة جاذبية هائلة، وأنه مهما تقدّم العلم فسوف تظل الخرافة تحتل أعزّ الأمكنة في قلوب البشر، لأنها كانت هي الأصل وهي التي قدّمت للإنسان الوعد والسلوى يوم كان مُهملًا في عالم موحش مُلغز خطير. والوعد، حتى وإن كان كاذبًا، ليس بالشيء الهيّن فهو للنفوس المغلوبة على أمرها أنيس الأيام.
كتاب "الحنين إلى الخرافة" عُبارة عن فصول مُتفرّقة لكبار المُفكّرين والعلماء وفلاسفة العلم في مسألة التمييز بين العلم والعلم الزائف، مع تطعيم هذه الفصول بآراء الكاتب. وهو مليء بالأفكار الرائعة والتي توسّع مدارك القارئ لخلق شخصية نقدية تستطيع التمييز بين الخرافة والعلم، أو على أقل تقدير لا تكون سهلة الانقياد إلى سطوة الخرافة والعلم الزائف.
اقتباسات
يظهر العلم مُنذ اللحظة التي يُقرر فيها الإنسان أن يفهم العالم كما هو موجود بالفعل، لا كما يتمنّى أن يكون � د. فؤاد ذكريا
الشيء المُزعج في أمر الحقيقة هو أنها في الغالب غير مريحة، وكثيرًا ما تكون فاترة ومُملّة. إنما يريد العقل الإنساني شيئًا أكثر إيناسًا وأكثر تلطّفًا. H.L.Minchen
الغرض الحقيقي للمنهج العلمي هو أن يُبرهن لك على أن الطبيعة لم تخدعك لتجعلك تظن أنك تعرف شيئًا ما � أنت في الحقيقة لا تعرفه. R. Pirsig
الاتزام الأعمى بنظريٍ ما، ليس فضيلة فكرية، بل هو جريمة فكرية!" إ. لاكاتوش
الخرافة لا تُعقَل، بل تُشَمّ
تجارتان لا تعرفان البوار: تجارة الخُبز، وتجارة الوهم.
إننا نتعاطى التقنية الغربية لتنمية تخلّفنا، ونقطف ثمرات التنوير لتغذية ظلامنا، ونظن لغفلتنا، أننا يمكن أن نقتل عدوّنا بسلاحه، وأن ننازل العقل الجديد بعقل قديم.
تعليم الأمة بلغتها ينقل العلم بُكليّته إليها، أما تعليمها بلغة غيرها فإنه ينقل أفرادًا منها إلى العلم. الشيخ علي يوسف
التقييم النهائي
دراسة العلم الزائف أمرٌ غاية في الأهمية، لأنه في جهل مُقنّع ومصيبته أنه إن وصل إلى الدين سينشر التعصّب وإن وصل إلى السياسة سيُدمّر البلاد وإن وصل للمجالات العلمية سيطرد العلم الحقيقي ليشيع الجهل ونعيش في عالم من الخرافات.
كتاب "الحنين إلى الخُرافة: فصول في العلم الزائف" كتاب مُهم في موضوعه. صحيح أن الكتاب شابه بعض الإسهاب وأيضًا بعض التعقيدات في الشرح أو المُبالغة في زخرفة اللغة، إلا أن الكتاب يستحق القراءة بكُل تأكيد.
وأخيرًا بخصوص أنه تتمة لكتاب "المُغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري" - مُراجعتي لكتاب "المُغالطات المنطقية" على هذا الرابط - فأرى أن كتاب الحنين إلى الخرافة جاء أقل بكثير، وكان من المُمكن اختصاره. فأسلوب الكاتب في المُغالطات المنطقية كان أعمق في تناول الأفكار، وأكثر سلاسة في لغته.
تقييمي النهائي 3 نجوم
الكتاب مُتوفر على موقع مؤسسة هنداوي
أحمد فؤاد الواحد والعشرون من كانون الأول/ديسمبر 2021
كتاب: الحنين إلى الخرافة لمؤلفه: عادل مصطفى صدر عام: 2018 .
=====
كتاب (الحنين إلى الخرافة)، جزء ثان لكتاب (المغالطات المنطقية) للمؤلف نفسه. يعمق الكتاب بحثه في نتائج تلك المغالطات التي سبق بيانها بياناً مفصلاً، كما يغوص في ظاهرة (الخرافة) وتاريخها وأصولها، وكيف تتمكن من النفوس البشرية، ولماذا ظلت مسيطرة على مساحات شاسعة من العقول والقلوب رغم تطور العلم وتحقيقه قفزات هائلة في نفي الأساطير والاعتقادات الشائعة بأوهام لا أساس لها من الصحة.
وقد تطرق الكتاب، أيضاً، لما يسمى (العلم الزائف)، وبين بشيء من التفصيل أنواعه وطرائق ممارسيه في الاحتيال على السذج من الناس، وكيف يحصنون أباطيلهم من النقد والنقض، وكذا القواعد التي ينبغي أن نميز بها بين العلم الصحيح والعلم الزائف.
كما أكَّد المؤلف، في أكثر من موضع، أن الخرافة يمكن أن تتعايش مع المنطق في نفس العقل، إذ لا يندر أن نجد أناساً يؤمنون بالعلم والخرافة معاً في آن، يصدقون الفكرة ونقيضها في تعايش عجيب يصعب تفسيره، بل لعله ليس من المبالغة أن نقول بأن شيئاً من الخرافة، أو بقاياها على الأقل، ناشبة ولا بد في تفكير كل إنسان على الأرض كائناً من كان.
ومن تفسيرات ذلك، كما أورد المؤلف، أن لدى الإنسان ولعاً طبيعياً بالعجائب، وبما يثير استغرابه ودهشته، إذ إن التفسيرات العلمية للأشياء غالباً ما تبدو له باردة مملة، مخيبة للآمال، فلذلك قد يرتمي في أحضان الخرافة لما تعده به من جموح الخيال والدهشة، والتحرر من قوانين الطبيعية وقيودها الثقيلة. وهي الفكرة التي عارضها الكاتب بأن للعلم عجائبه أيضاً، وبشكل قد يفوق غرابة وإدهاشاً، بكثير، ما لدى الأساطير الخرافية.
يتميز الكتاب، تماماً كسابقه (المغالطات المنطقية)، بلغة أدبية جذابة جداً، وهو أمر نادر في الكتب الفكرية والعلمية التي تغلب عليها اللغة التقريرية، ما يجعل الإبحار في صفحاته متعة أدبية حقيقة تدل على ما يتمتع به الكاتب من حس جمالي مرف تجاه الألفاظ والتعابير المنتقاة بعناية.
أما ما يعيبه، وبشدة في نظري، تلك الكمية المفرطة من النظرة المادية للأشياء، والتابعة تبعية عمياء للتقريرات العلمية الغربية مهما تعارضت مع ثوابت الدين، وبشكل بلغ في مواضيع كثيرة درجة (الإلحاد العلمي) التام.
كان مؤسفاً جداً أن عقلاً حاداً مثل عقل الكاتب لم يتجاوز –رغ� انفتاحه- تلك النظرة المادية الضيقة للحياة، والتي بلغت به حداً كاد ينكر معه ��ل الغيبيات إطلاقاً، بما فيها الروح نفسها، وكل ما لا يمكن إثباته بالحواس البشرية المجردة.
هذا التوجه المادي الصرف كان حاضراً في كتابه السابق (المغالطات المنطقية)، وقد أشرت إليه في مراجعتي له، لكن�� في هذا الكتاب اتخذ منحى أشد حدة وصراحة بكثير،وبشكل لا يمكن أن يقبله أي مؤمن بالدين، ومعتقد بأن حواس الإنسان قاصرة عن إدراك الغيب، وأن الوحي الإلهي مصدر حقيقي للمعرفة.
كتاب الحنين إلى الخرافة موضوعه في غاية الأهمية فهو يتحدث عن الاسباب التي تدفع الناس إلى تصديق الخرافات حتى بعد سيادة المنهج العلمي وعن الوسائل التي يمكن أن نفرق بها بين العلم الحقيقي والعلم الزائف أعجبني فضحة للعرافين والمنجمين وكثير من الناس الذي يدعون أن التفكير الايجابي السحري هو الحل لكل المشاكل الصحية لابد قبل أن تقرأ هذا الكتاب أن تقرأ كتاب المغالطات المنطقية لنفس المؤلف عادل مصطفى حتى تفهم المصطلحات الواردة فيه عيبه الوحيد هو التكرار وتقسيم الفصول بناء على اراء العلماء وليس بناء على الموضوعات كما أن هناك استفاضة في الحديث عن نظرية العلم والتي لا تهم القارىء العادي الذي من المفترض أن يوجه له هذا الكتاب
عدة فصول تلخص مقالات بعض المفكرين/ العلماء عن الفرق بين العلم الحقيقي والعلم الزائف. الكتاب به أمثلة ومعلومات قيمة ومثيرة للاهتمام، لكن تتكرر نفس الأفكار في كل فصل. كما أن وصف الكاتب لأصحاب العلم الزائف بألفاظ فيها سخرية لم تكن الطريقة الأمثل للنقد. بشكل عام، الكتاب مفيد جداً.
«تلَفِتُن� الخدع البصرية العديدة إلى أن الإدراك البشري ليس بالدقة التي نظنها، وتُنبِئنا دراساتُ الذاكرة، وأخطاء تقارير شهود العِيان، بأن الذاكرة البشرية خادعة مُرجفة ولا يُعَوَّل عليها. وتَجبَهُنا ظاهرة "الباريدوليا" بأن العقل البشري مرتهن للأنماط المخزونة فيه على نحو لا فِكاكَ منه. إن الذهن البشري معطوبٌ بطبيعته؛ وليست إجراءاتُ البحث العلمي سوى تدابيرَ تعويضيةٍ لتَدارُكِ هذا العطب الصميم. إنما نَشَأت الطرائقُ العلمية لكي تتلافَى هذه العيوبَ وتعوضَ هذا القصور.»
-
«ف� عام 1677 كتب باروخ سبينوزا عبارته الشهيرة "الطبيعة تبغض الفراغ" لكي يصف مجموعة من الظواهر الفيزيائية. وبعد 300 عام من ذلك يبدو لنا أن عبارته تنطبق أيضًا على الطبيعة البشرية فهي أيضًا تبغض الفراغ. إن لدينا استعدادًا لأن نرى نظامًا ونمطًا ومعنى في العالم. ونحن نضيقُ ذَرعًا ونتبرَّم إذا وجدنا عشوائيةً وشَواشًا ولا معنى. الطبيعة البشرية تمقت انعدام التنبؤ وغياب المعنى. ومن ثم فنحن نميل إلى أن "نرى" نظامًا حيث لا نظام، وأن تتبيَّن أنماطًا ذات معنى حيث لا يوجد غير الصدفة وتقلباتها.»
�
«حي� تتفرس طويلاً في أي بناء علمي أو صرحٍ فكري سيكون بوسعك أن تتبين ملامحَ العقلِ البشري بكل خطوطه وزواياه و أقطاره ماثلةً أمامكَ كأنها منعكسةٌ في صفحةِ المرآة. فالعقل لا يملك أن يَسُلَّ نفسَه من العالم ويتنصل من الظواهر ليراقبها بِحَيدةٍ وبراءة. إنه مخلوطٌ بالأشياء يرى ذاتَه في الأشياء وترَى فيه ذَاتها الأشياء.»
لو كان لي من الامر شيء لجعلت هذا الكتاب مقررا على الطلاب في احد المراحل الدراسية هذا الكتاب الرائع من الدكتور عادل مصطفى هو تتمة لكتابه الاخر المغالطات المنطقية والذي لايقل روعة عن هذا الكتاب في مجتمعاتنا العربية تسيطر الخرافة على العقل وتختلط الخرافة مع العلم فيصبح التفريق بينهما امرا شاقا على عامة الناس في هذا الكتاب يرشدنا المؤلف كيف نفرق بين الخرافة او العلم الزائف والعلم الحقيقي بمحددات واساليب مختلفة
الذاكرة والخيال كانتا ركيزتي الثورة الذهنية للإنسان العاقل منذ فجر المعرفة العقلية. الذاكرة مكنت الإنسان من تحليل ماضيه واستخلاص العبر والخيال مكنه من تصور المستقبل ومن صنع الإبداعات والثورات العلمية اللاحقة لثورته الذهنية الأولى. وبنفس الوقت جنح الخيال الخصب للإنسان إلى اعتناق الخرافات والأساطير بكثافة في المراحل الأولى للتفكير التي غاب عنها المنهج العلميى بطبيعة الحال. اليوم وفي عصر العلوم المتقدمة وللمفارقة لا زال للخرافة حضور كثيف ولا زال (الحنين) للخرافة قائماً بشدة وله جاذبية في أذهان الناس وبكافة مستوياتهم المعرفية. وكأن العلم والمعرفة تقدمت في هذا الكون يالتوازي مع التدليس والاحتيال!! فتطورت خرافات العصر بما يتناسب وحداثة التاريخ التي هي بنظري من أسوأ خرافات الزمان!! واختلط العلم باللاعلم وماهو حقيقي بماهو مزيف. شكراً للكاتب عادل مصطفى على هذا المؤَلف الرائع الذي ساهم في خلق إدراك واعي للتمييز بين الغث والسمين.
الحنين إلي الخرافة (فصول في العلم الزائف) عادل مصطفي ........................... تبني الإنسان عبر رحلة التطور استراتيجيات معينة من الاقتصاد الذهني أعانته علي التكيف والبقاء في بيئة محفوفة بالمخاطر من كل صنف. هذه الاستراتيجيات كان هدفها الأساسي النجاة من المخاطر وبأي طريقة، لم يكن شرطا لطريقة النجاة أن تكون ناتجة عن عملية تفكير عميق، بل كانت دائما نتاج استجابة ورد فعل عصبي تجاه المخاطر، بل كان التفكير في غالب الأوقات سبب لهلاك صاحبه حيث كانت تدركه الأخطار قبل أن ينتهي من التفكير فيها. هذه الاستراتيجيات هي استجابات إدراكية مبيتة في غور دماغنا البشري وفي صميم معمارنا المعرفي، ومن شأنها أن تعين الإنسان علي اتخاذ القرار السريع المسعف وإن كان مشوبا غير دقيق وغير محكم. يعني ذلك أن العقل والعمل القائم علي أسس التفكير السليم ليس دائما هو التصرف السليم المطلوب في كل المواقف، بل في الماضي كان التصرف العاقل يعد تصرفا يودي بصاحبه علي حافة الخطر، ومن المعتقد أن العقلاء من هذا النوع لم ينج منهم أحد من مخاطر العصور القديمة، وبقي الآن من كان يتصرف بصورة لا توافق مقتضيات التفكير المتأني. في ظل عدم الحاجة إلي العقل المفكر في مواجهة الأخطار نمت الخرافة وترعرعت وصار لها مكانة كبيرة في تفسير الأحداث الكونية التي يعجز الإنسان عن فهمها، وغاب العقل تماما في فترة طويلة عن الفاعلية في الحياة الإنسانية. ثم ظهرت الحاجة إلي استعمال العقل حينما أصبحت الحاجة إليه ملحة. يبدو _ إذن _ أن الخرافة هي الأصل! وأن من طبيعة عمل العلم أن يسبح ضد هذا التيار الجبلي ويجتاز هذه العوائق الطبيعية؛ فيصطنع من الإجراءات الاحترازية والضوابط الاحتياطية ما يعوض به أوجه النقص في الإدراك والاستدلال البشريين. إنما العقل أسير للمخططات والأنماط المبيتة فيه، والتي انطبعت فيه بفعل خبرات سابقة لم يكن له يد فيها، واتخذت ما اتخذت من أشكال كنتيجة لعدد كبير من العوارض المحضة. ويبدو أن العلم والخرافة، وإن كانا ينتميان إلي عصرين مختلفين، يظلان متعايشين في نفوس البشر أمدا طويلا، وكأنهما طبقتان جيولوجيتان متراصتان الواحدة فوق الأخري في الجبل الواحد، وكل منهما ترجع إلي زمن مختلف. من خلال عرض هذه الحقائق ينقلنا الكاتب إلي عدد من المقالات المترجمة التي تتسق في أفكارها مع الفكرة الرئيسية للكتاب، من هذه المقالات: الفرق بين العلم والعلم الزائف. كيف نكشف الدجل؟ كيف تبيع علما زائفا؟ وغيرها من المقالات المتشابهة التي تدور حول فكرة واحدة غالبا.
يقدم لنا عادل مصطفى في هذا الكتاب ، مجموعة من الاساتذه وعلماء النفس ، لكل منهما موضوع يتناوله في مسألة العلم الزائف . فيوضح لنا الأستاذ "باري بريشتاين" الفرق بين العلم والعلم الزائف ، فكما نعلم أن العلم الرصين هو العلم الذي تدعمة الأدلة والبراهين ، عكس العلم الزائف . واحد الفروقات الرئيسة ، أن العلم الزائف يمتاز بقابليته لعدم التكذيب ، أي لدية ردود أحتيالية لكل نقد موجه إليه . ثم ننتقل بالكتاب مع "توماس جيلوفيتش" إلى كيفية أكتشاف الدجل ، فالدجالون كثر ، في الدين ، الطب ، البيع والشراء ..الخ ، وهؤلاء دائمًا ما يستخدمون العلم الزائف كدعامة لهم ، حيث يوظفون بعض كلماته الأحتيالية في مشاريعهم ، مثل أكد علية العلماء ، حسب دراسات علمية ، كان العالم الفلاني كذا وكذا ... ثم يعلمنا "أنتوني براتكانيس" كيف نبيع علمًا زائفًا ؟ أو الأصح كيف يبيعون علينا علمهم الزائف ؟ يوضح في هذا الفصل "انتوني براتكانيس" الأساليب والحيل التي يستخدمها تجار الوهم في السيطرة على الجماهير البسيطة وبث علمهم الزائف بينهم . ودليل نجاح هذه الأساليب ، هو ان العلم الزائف وتجارة الوهم لا زالت قائمة إلى الأن رغم التطور العلمي ! وهنالك المزيد من الفصول المهمة لا يسعني ذكرها كلها هنا . هذا الكتاب مهم جدًا وهو يعتبر بمثابة كتاب المغالطات المنطقية لنفس الكاتب ، ومن هنا نستخلص أن مهمة "عادل مصطفى" هي ازالة الشوائب التي تسبح حولنا وهدم الثوابت واصنامنا الفكرية ، ليصنع منا إنسان واعي نقدي لا يقبل ويصدق كل شيء حتى لو كان مدعم بالشواهد
الحنين إلى الخرافة. فصول في العلم الزائف. لـ عادل مصطفى.
للخرافة بريق لامع، يجذب إليها الأنظار، ربما لأنها تُعطي جواب _وهمي_ للبعض، وهذا مريح لعقولهم. ولكن؛ هل الخرافة مُفيدة/ تبني إنسان/ تعطي الإنسان أمل حقيقي؟ بالطبع لا.
هذا الكتاب يشرح لنا الفرق بين العلم الز��ئف والعلم الحقيقي، وسمات كل منهم. ويوضح لماذا يصدق الناس أو يميلون لتصديق الخرافات ويدافعون عنها باستماتة؟
العلم يعطي حقيقة، حقيقة تتطور وتتعدل حسب المعطيات، لأن العلم ليس بجامد، على عكس الخرافة التي ترفض مجرد التشكيك فيها.
هذا الكتاب مهم ومفيد، وإن كان يشوبه بعض الملل والتعقيد في بعض الأحيان.
حين قرأت عنوان هذا الكتاب "الحنين الى الخرافة" توقعته كتاباً ابسط وذا محتوً اسهل لم أتصوره كتاباً فلسفياً الى هذا الحد يأخذنا الكاتب في رحلة عميقة الفصول للكشف والتمييز والبحث والتحليل حول العلم والعلم الزائف وما بينهما من فروقات واختلافات كتاب قيم ومفيد يلمس جانباً مهماً يسيطر على زوايا قد تكون غير محسوسة من تفكيرنا فكم من الخرافات نؤمن بها في اعماقنا ونتحجج بانها ذات اسس علمية افدت من الكتاب كثيراً فيما يخص المجال الطبي والصحي كونه الأكثر ازدحاماً بالخرافات والعلاجات الزائفة وقد اقرأ للكاتب في قادم الايام كتاب المغالطات المنطقية للاستزادة والاستفادة
للعلم الزائف اثر كبير على المجتمعات ، حيث انه يؤثر على السياسة والاقتصاد بل حتى على حياة الناس. في هذا الكتاب يشرح عادل مصطفى ماهية العلم والعلم الزائف وكيف نفرق بينهما. ويذكر خصائص العلم الزائف، امثلة عليه، وكيف ندحضه ونوضح خطأه. كما انه تكلم عن قراءة الطالع، تحليل الشخصيات وغيرها من المغالطات المنطقية.
ما لم يعجبني في هذا الكتاب هو اللغة الصعبة احيانا، وتكرار المواضيع بشكل مبالغ فيه.
كتاب مهم، والأكثر أهمية منه الجزء الأول منه وهو كتاب المغالطات المنطقية. حصل تكرار كثير بسبب تعدد المقالات المترجمة، وكذلك حصل اختلاف كبير في لغة الطرح، فآخر الكتاب فلسفي عميق أكثر من أوله وأوسطه الذي كان عملي ولغته مفهمومة.
يا لله ما أجمل هذا الطرح. "لا حُجّةَ بين العقل والخُرافة ولا جدوى بأن تجلِس إلى الخرافة على طاولة الحوار، الخرافة لا تُدرَكُ بالعقل بل بِغيابه، الخرافة لا تُعقَل بل تُشَم".
كتاب فلسفي مهم يستحق القراءة والدراسة وأن يكون مقررا ثابتا في جميع الكليات. يعيب الكتاب التكرار الواضح جدا لدرجة تشابه عناوين بعض الفصول، كما أن بعض فصوله مكتوب بلغة أكاديمية تصعب على غير المتخصص في فلسفة العلوم. الكتاب عبارة عن مقدمة و13 فصلا، فكرة الكتاب وزبدته في المقدمة والفصلين الأول والأخير فقط، أما الباقي فشروح وشروح للشروح!
هذه بعض الفقرات التي استوقفتني وأعجبتني في الفصل الأخير: لا حُجةَ بين العقل والخرافة. لا جَدوَى بأن تجلس إلى الخرافة على مائدة حوار. لا معنى لإعمال العقل مع كيانٍ خَلَعَ العقلَ واحتَرَفَ اضطهادَه. الخرافةُ لا تُدرَكُ بالعقل بل بِغِيابِه! الخرافةُ لا تُعقَل بل تُشَم.
«الكذب ليس له رِجْلان»... إلا في الانحطاط؛ فلِلأدعياء أقدامٌ وأرجُلٌ مِن جَهل الجمهور ومِن أُمِّيَّةِ المُتَلَقِّي! الأدعياءُ أقربُ إلى قلبِ الجمهور وعقلِه؛ لأنهم يقدمون له غُثاءً مَحلولًا قريبَ التناول لا يُكَلِّفُكَ تدريبَ الذوق ولا يُجَشِّمُكَ تقويةَ المعدة.
منذ الأولى الابتدائية لا «ينجح» عندنا التلميذُ بل «يُرَحَّل»! يُرَحَّل إلى الأعلى، يأسًا من تعليمِه وقُنوطًا ونَفادَ حيلة، وكلما ارتقَى ثقلَتْ وطأةُ البناء على الأساس الهَش، ولا يزال يُرَحَّل حتى درجة الدكتوراه، قمةِ البناء السائخ في الطين المبني على باطل، وقد يكون لدينا منه «مُرَحَّلٌ بدرجةِ أستاذ»!
ليس هذا بالتعليم العالي، وإلا كان أثمرَ وأينَع وأضافَ وأبدع، ولا هو مجرد أميةٍ مُقَنَّعة، فالأميةُ بعدَ كلِّ شيءٍ هي صفحةٌ بيضاءُ ممدودةٌ للعلم ونداءٌ خالص، هي مَقعَدٌ محجوزٌ للعلم ومَوطِئُ قَدَم، هي علمٌ «بالإمكان» أو «بالقوة»، وهي بهذا المعنى «نصف علم». أما هذا التعليم العالي (كما ينادونه) فهو لِقاحٌ ضد العلم وتحصينٌ منه، وضمانٌ بأنه قد أُمِنَ شَرُّه وتَمَّ احتواؤه، ودعاءٌ بأن يقطعَ اللهُ دابرَه ويستأصلَ شأفتَه، إنه تعقيمٌ ذهنيٌّ منظَّم، وتجهيلٌ باهظُ التكلفة.
الخلافُ الأكاديمي ينبغي أن يبقَى أكاديميًّا. وإخراجُه إلى وسائل الإعلام هو لونٌ من اللعب القذِر وضَرْبٌ تحت الحزام. والطرفُ الذي يُخْرِجه هو دائمًا الطرفُ الأضعف، الذي أَعوَزَتْه الحجةُ فلجأ إلى الغوغائية، ويَئِسَ من لعبة العلم فلجأ إلى لعبة «الشرشحة»، فَتَعَوَّذَ بثُغاء القطيع، وجَلَبَ إلى الحرمِ الأكاديمي وحشًا جسيمًا يُرهِب به الخصم، هو «ديموس»، ذلك الشَّبِق الذاتوي الذي لا يَعنيه إلا أن يدغدغ نفسَه، ديموس البليد الذي لا يَفهم الأمرَ ولا يهمه الأمر. (ديموس: الناس أو العامة باليونانية)
الكتاب وفقًا وتوصيف الدكتور عادل مصطفى، هو بمثابة الجزء الثاني لكتاب المغالطات المنطقية، ومجرد فكرة إن الكتاب هو جزء مكمل لكتاب المغالطات المنطقية هي بحد ذاتها مدخل وسبب مهم جدًا لقراءة هذا الكتاب.
الكتاب في إجماله أقل في الإخكام من الجزء الأول، في ملاحظة كانت غير مفهومة بالنسبة لي في تقسيم الكتاب، هل الكتاب مُحرر من خلال عرض لبعض أفكار مفكرين وأساتذة، دي كانت ملاحظة غير مذكورة بالأساس وكانت جديرة بالذكر وإن كان الكتاب ذكر مع كل فصل مؤلفه.
أكثر ما أعجبني في الكتاب الفصل الثالث الخاص الخاص بـ "توماس جيلوفيتش"، يستحق القراءة أكثر من مرة وهو بمثابة دستور فكري وبه من المعلومات والتحليلات الكثير مما لا يسع أي باحث جهله.
الفصل 12 والخاص بالتمييز والحدود بين العلم واللاعلم كان من أقل الفصول تفصيلًا، وأصابني بقدر كبير من الملل وكباحث غير متخصص مقدرتش أتواصل مع المعلومات الغزيرة فيه، وباستثناء الجزء الخاص بـ "كارل بوبر" كانت المعلومات عميقة جدًا وصعبة على الشخص العادي. وفي رأيي ده كان فارق محوري بين الجزئين الأول "المغالطات المنطقية" والثاني "الحنين إلى الخرافة" في حين إن الأول مُوجه بشكل كبير لغير المتخصصين.
لما قرأت الكتاب الأول لعادل مصطفى (المغالطات المنطقية) كان انطباعي الأول: - الكتاب دا لازم يتم أقراره على الجميع في المدارس. وبما ان المؤلف بيقول (الحنين إلى الخرافة) هو تتمة لكتاب (المغالطات)، فمش من الصعب إني أخرج من الكتاب التاني بنفس الانطباعات السابقة. لما تصفحت الكتاب، جه في بالي صورة ذهنية معينة: إن أ. عادل مصطفى والمؤلفين الأجانب اللي ترجم عنهم مقالات تحولت إلى فصول في الكتاب، جميعهم زانقين العلوم الزائفة في ركن، وبيعملوا فيها السليمة. - المحتوى الموجود فيه ينطبق عليه المعنى الحرفي لكلمة (علم ينتفع به). نظرًا لإن الكتاب بيشرح: يعني ايه علوم زائفة، وايه اللي يفرقها عن العلوم الحقيقية، وبيذكر أعذار وسقطات علماء مشاهير وقعوا في فخ التورط في نتائج زائفة. وعلى الناحية التانية، بيذكر ليه لازم نغربل وننتقد العلوم الزائفة، وايه الأضرار سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المجتمعات. العيب الوحيد للكتاب ان لغته الأكاديمية جايز متخليهوش مناسب للجميع.
هو عبارة عن فصول من تأليف الكاتب و سبع مقالات ل اساتذة و علماء يتحدث كل واحدا منهم في مقالته طبعا .. عن العلم و الفوارق بين العلم الزائف و العلم الحقيقي .. هدا الكتاب مهم لأنو الكثيرين يخلطون بين العلم و نتائجه .. العلم منهج بحث منهج تقييم لنظريات و معارف الناس في الامور المرتبطة بالطبيعة طبعا .. هذا المنهج هو المقدس عند العلماء لا نتائج هدا المنهج .. طبعا النتائج جزء من العملية العلمية لكن السحر في المنهج العلمي انه .. يجمع امرين في الظاهر كأنهما متناقضين انفتاحه على الافكار الجديدة مهما تكن غريبة و شكه في كل فكرة سواءا جديدة او قديمة ..
و رائع قول الدكتور فؤاد زكريا عن اللحظة الفاصلة : يظهر العلم منذ اللحظة التي يقرر فيها الإنسان أن يفهم العالم كما هو موجود بالفعل ، لا كما يتمنى أن يكون .
لحنين إلى الخرافة فصول في العلم الزائف كتاب من تأليف الكاتب المصري عادل مصطفى، صدر الكتاب عن دار رؤية للنشر عام 2018. وقد صدت طبعة مجانية من الكتاب عن مؤسسة هنداوي. يذكر عادل مصطفى في مقدمة الكتاب بأنه «عبارة عن فصول متفرقة تقدم موجزاً لإسهام ثلة من المفكرين والعلماء وفلاسفة العلم في مسألة التمييز بين العلم والعلم الزائف، من أبرزهم "توماس جيلوفيتش، باري بيريشتاين، كارل بوبر، إمري لاكاتوش، سكوت ليلينفِلد، روري كوكر، جون كاستي، ماريو بَنج، ريتشارد ماكنالي، أنتوني براتكانيس، فالكتابُ -بمعنًى ما- مزيجٌ من التأليف والتصنيف».
ويرى المؤلف أن الإنسان عندما «يتعرض إلى مجموعة من الأدلة فسوف يميل إلى تصديق الأدلة الإيجابية التي تتوافق مع منظومته العقائدية، ويرفض السلبية منها. ولذا يكون ردع هذا النوع من العلوم من خلال التأكيد على أهمية ترويج ودعم العلوم الحقيقية، وذلك من خلال بناء الفكرالنقدي».
الكتاب يقدم دراسة عميقة و مسهبة للعلم الزائف، و الفرق بينه و بين العلم. المعرفة السليمة كما يسميها. وفق الدكتور عادل مصطفى بكتابة هذه الدراسة. يبدأ الكتاب بالحديث عن الخرافة ""الحنين إلى الخرافة" و يقول عنها :"أنها هي الأصل و هي العلم الأقدم." ثم يكشف لنا ماهية العلم الزائف و التمييز بينها و بين العلم. لعل أكثر ما يميز هذه الدراسة هي أنها تجيب عن أسئلة للقارىء من مثل، كيف نكشف الدجل؟ و كيف تبيع علما زائفا؟ ثم يعرض الدكتور دراسات و تجارب لفلاسفة و علماء واجهوا او صنعوا علوما زائفة. أخيرا يختم الدراسة بتأملات نثرية في العلم والخرافة. "وإذا ما ازددتُ علماً ، زادني علماً بجهلي"
الكتاب رائع ثري بالمعلومات بلغة مبسطة واسلوب خفيف يحتمله العامة يحتاج لقرائته كل بالغ عاقل فهو يحتوي على اساسيات دون المبالغة في التعمق ولكنه يساهم في فتح افاق ومباحث كثيرة ضرورية في باب العلم والعلم الزائف والمنطق والفلسفة.
بعد الانتهاء من الكتاب ستدرك حقيقة ان البشرية في حاجة مستمرة للمزيد من العلماء والمفكرين وان ماوصلنا اليه ليس كافي لدحض الخرافة وحماية الانسان من اضرارها، وان كل فرد عليه مسؤلية التعلم طوال حياته فبذلك فقط تستطيع ان تحمي نفسك من الخرافة وان تساهم في حماية الاخرين.
الخرافة هي تاريخيًا أول فكرة عظمى توصّل لها عقل الإنسان بل هي مترسخة في جيناته وطريقة تفكيره. أما ثاني فكرة عظمى هي الكتابة والتدوين والأخيرة هي سبب توصّلِنا للفهم الصحيح للكون من حولنا وبأنفسنا.