أبلغتني رهام بعد يومين من وصولها البلدة، باتّصالٍ هاتفيّ مشوّش، بأنّها وجدت بقايا شاهدة الرخام التي تحمل اسم أبيها، لكنّها لم تجد مكان القبر بعد، وبأنّها لن تعود حتّى تعثر عليه، وتعيد ترميمه كما كان، ثمّ قالت بتصميم: «لن أعود قبل أن أكتب السطور الأولى من سيرة أبي المحذوفة من وثائق السجلّات الرسميّة«. كنت أحرّك ملعقة السكّر في الكأس الثانية من شايٍ ثقيل، أعددته بنفسي، لمقاومة صداع كان يلازمني منذ الصباح، حين سمعتُ وقع كعب حذاء نسائيّ على الدرج. توقّفتُ عن تحريك الملعقة، للتأكّد من جهة الصوت. أحسستُ باضطراب مفاجئ في أضلاعي، مع اقتراب وقع الخطوات، فقد كان في التوقيت نفسه الذي أتت فيه رهام سمعان إلى دار النشر أوّل مرّة، قبل سنة وثلاثة أشهر وتسعة عشر يومًا، تستفسر عن معجم بالفرنسيّة، وعن عناوين كتب محظورة.
مواليد الحسكة 1959 إجازة في التاريخ � جامعة دمشق � 1986يعمل في الصحافة الثقافية منذ مطلع الثمانينات مشرف ثقافي على "ملحق تشرين الثقافي الأسبوعي" مراسل ثقافي لصحيفة الأخبار اللبنانية مراسل ثقافي لإذاعة مونت كارلو الدولية عضو هيئة تحرير مجلة "زوايا" في بيروت شارك في ورشات عمل في القاهرة وعمّان وباريس وله مشروع روائى بدأ برواية (عين الذئب 1995) ثم تلاها رواية (ورّاق الحب 2002) والتى نشرت فى سوريا ثم أعادت دارالشروق طبعها بمصر، ثم تلتها فى 2006 روايتى (بريد عاجل) و(دع عنك لومى)، كما كانت له تجربة فى كتابة سيناريو تلفزيونى بعنوان (السندباد الجوى) مع المخرج حاتم على
فاز الكاتب السوري خليل صويلح بجائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي لعام 2009 عن روايته "وراق الحب "، لتترجم، وتصدر عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية عام 2010 وتوزع في كل من القاهرة ونيويورك ولندن
. . . . . �" لكنني سأكتشف تدريجاً أنّ الأخطاء لا تكمن في اللغة وحدها، إنمّا في تأويل عبارةٍ ما، بما ليس فيها، وفِي كمائن المجاز، وذلك بإشعال حطب الضغينة، وإيقاظ الأسلاف من قبورهم كي يعيدوا تمثيل الجريمة مرّة أخرى، بالوقائع نفسها، كما يحدث في شريط جنائي مصوّر" . . �" لا تصارع خنزيراً في الوحل ، فتتسخ أنت ، ويستمتع هو " . . �" الغريزة وحدها ترشد اليدين " . . هي ثالث رواية اقرأها للكاتب و الصحفي #خليل_صويلح الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن روايته #إختبار_الندم . #عزلة_الحلزون رواية تتناول سيرة مدقق للكتب التاريخية لإحدى دور النشر ومترجم لصحيفة أخرى ، يسترجع الراوي مفكرين و فلاسفة أمثال ابن رشد ، ابن عربي ، المقريزي ، الجاحظ و ابن المقفع تَرَكُوا بصمة وأثاروا لغطاً حول ما طرحوه من أفكار كانت وقتها مخالفة لمعتقداتهم . رواية جميلة أستطيع ان اطلق عليها ( رواية معرفية ) تحمل المتعة و اللغة الرشيقة و الأسلوب الممتع الذي يتميز به الأديب #خليل_صويلح أنصح بها 👌🏻�
عزلة الحلزون لخليل صويلح تاريخ وحواضر لا يجمعها غير التزييف
في روايته الأحدث، عزلة الحلزون، يتجرأ الكاتب السوري خليل صويلح على أُطر الموروث والمنقول، فيقوّض بنيان الماضي، ليقدم لنا بطلاً يفتح بطن التاريخ، ليختلط الخاص، بالعام، وتتسع الدائرة باستحضار شخصيات تاريخية تجول رفقة البطل، المدقق اللغوي، بين أوراقه، وفي عالمه الخاص، شاكية متأذية من سوء الخواتيم، ملقية بالكثير من علامات الاستفهام، التي تظل محلقة فوق رؤوس القراء، عقب طي اواخر صفحات الرواية، مودية بهم إلى ظنون تتوالد حتى تقف بهم على أعتاب هدم عبارة “تاريخ”� بمعول الشك.
قرأت عدة مقالات وآراء “نقدية� بخصوص الرواية، منها ما جاء موضوعيًا، ومنها ما جاء قاسيًا، ولعل بعض الأصدقاء قد استوقفهم إدراج مقاطع سردية كاملة تتناول نهايات بعض الشخوص والأعلام وفقًا لما جاء بالتاريخ، واعتبروها كتابة موسوعية تضعف بناء الرواية وتحيد بالسرد عن مجراه، ولكن، لأن المتلقي مختلف، والذائقة مختلفة، فقد وجدتُ في هذه المقاطع تحديدًا، عنصرًا مثريًا للنص، ومحققًا لغايته الأولى.
والتاريخ الشائه، المزيف، يختلف تمامًا عن تنوع الرؤى حول أحداث تاريخية ثابتة، فقد يُكتب عن ثورة يناير في مصر باعتبارها ثورة استثنائية عظيمة، فيما يوثق آخرون لها باعتبارها انتفاضة شعبية استغلتها فئات وفصائل بعينها، في نفس الوقت الذي يُترخها البعض باعتبارها نكبة غير مسبوقة! وهذا تناول مختلف لحدث تاريخي ثابت، إذ كانت هناك ثورة في مصر في يناير ٢٠١١، وما يكتب هنا وهناك هو انطباعات سينسبها التاريخ لأصحابها.
أما ما يضعنا أمامه خليل صويلح، فهو خلخلة الثوابت، ولفت الانتباه إلى زيف التاريخ الذي نوليه من الاعتناء حد القداسة، ففي عزلة الحلزون كل شيء موصوم بالشك، التاريخ الشخصي للبطل، واسرته الهلالية، والوقائع التي يتم تحريرها في الموقع الذي يعمل به صباحًا، ويدققها هو، زائفة وربما مختلقة من الأساس، والأجساد التي تحج إلى مركز التجميل على مقربة من مكتبه، تخرج مزيفة بدورها، الروايات تصدر بأسماء زائفة، وكذا الكثير من كتب التراث، وصاحب دار النشر المهتمة بإعدة طبع المخطوطات التراثية، و التي يعمل بها البطل ليلاً، لا يمانع الاستيلاء على الكتب، ولا يتردد حيال تزييف المخطوطات تحت مسمى التنقيح والمراجعة، طالما أن الأمر يرضي الرقيب، ويحقق الهدف الربحي المرجو من نشر الكتاب!
يحاول البطل البحث عن هويته، عن تاريخه ونسبه الخاص، عن الحقائق المخبوءة في هوامش كتب التاريخ، يحاول أن يصنع تاريخه الخاص، حتى وان جاءت شجرة نسبه على الحائط المتاخم لفراش عشيقته، فحتى عشقه لها زائف رغم غزوات الغيرة لمخيلته حال غيابها، فقد كانت هناك عشيقة قبلها، والرواية تنتهي بوقع أقدام عشيقة جديدة، محتملة. كل ذلك يدور ويجري، أمام خلفية صاخبة عن نتاج الحرب في سورية، وما أفرزته من تشوهات في النسيج المجتمعي، فهناك التماثيل الحجرية في حانة الأصدقاء، والعشاق والمشردون في سينما الاهرام، والروائي المختفي غاندي كاز، والفساد الهرمي الذي يدأب على انتزاع الحقوق لتشبيد الأبراج، وهناك رهام، ضحية أخرى تتقاطع سيرتها مع كل هذا، عبر وثبات بين تيارات فكرية وعقائدية متنافرة، تعبرها بحثًا عن تاريخها الشخصي الخاص (بدورها). هكذا ندور مع المدقق اللغوي في دوامته الخاصة، داخل غسالة قديمة محشوة بثياب بلون الأمل المضاع، تركتها من خلفها عائلات هربت فوق أشلاء بعضها، قبل أن نترك بطل صويلح كما وجدناه، حلزون صامت، يأنس بعزلته، يراقب الكون عبر أقل مساحة رؤية ممكنة، من داخل صدفة لا تحميه من غبار الحرب، يقبض بجسده على قلب الطائر في صدره، هاربًا من ميراث قلوب الذئاب، الذي كتبه التاريخ بالدم، ولا يؤمن هو، أن أي من ذلك يشبهه!
الرواي هنا، أي البطل، وكأنه عدسة كاميرا سينمائية، تجول رفقة القارئ بين أطلال المدينة، بين آثار تركتها القذائف في الجدران، وفي القلوب، يسلط الضوء على الماضي المهدم، ويقترب حتى يلامس المسوخ والصروح المصطنعة، التي يُفترض بها أن تحل محل الماضي، لكي تطمس تاريخ الصارخين أسفل الأنقاض، في تشويه جديد، ليس هو الأخير، للتاريخ!
لم يطلعنا صويلح على الكثير مما بخص حواضر البطل، فبرغم السرد المفصل لتاريخ عائلته وأجداده وأعمامه، والدم الذي ما انفك ينز من كتب سير الأولين، ومع معرفتنا بطبيعة عمله، و(بعض) علاقاته النسائية، فنحن لا نعرف المزيد عن البطل، لا عمره ولا تاريخه الشخصي الخاص بالعشق والزواج والإنجاب، ولا علاقته بأسرته، ولا وضعه المالي الذي أودى به إلى العمل بوظيفتين، هكذا أراد خليل صويلح أن يقدم لنا -ربما- بطلاً منعزلاً داخل صدفته، صدفة ضيقة لا تتسع لأكثر من حلزون واحد، ولا مجال لأحد أن يلج إليها سواه�
وكم هم كُثُر من تشابهت حيواتهم في عزلتها مع حلزون خليل صويلح.
كنت أتساءل في بداية القراءة عن سبب هروب الكاتب إلى الرحلة البدوية المربكة والشائكة والتي اضطرتني إلى إعادة القراءة عدة مرات كي أتذكر الأسماء والأجداد وأحاول استحضار البيئة البعيدة جداً عن مخيلتي والغريبة عني، لكنني كلما قرأت أكثر عن آل الهلالي وعن كتاب الأسماء الذي ارتبطت حياتهم به كنت أصدق أكثر هذه القدرية التي لحقت بهم مثل لعنة، فسواء طابقت أسماءهم أرواحهم أو لم تطابق، كانت ترسم لهم سيرة حياتهم الغريبة والفريدة، هذه اللعنة مددت أمامي سؤال الهوية الذي لا ينفك يظهر كلما فتحنا باباً من أبواب يوميات ما بعد الحرب، هل كان أجدادنا أبطالاً أم قطاع طرق؟ وهل ورثنا قلوب الطيور أم قلوب الذئاب؟ ما رأيته مؤكداً هو الاغتراب الذي حاول الهلاليون سد فجواته في وجدانهم، والذي امتد مثل خيط أسود إلى دمشق اليوم التي تخبئ الأصدقاء في حانات معتمة ليتراكم فوقهم الغبار وتصدأ حيلهم العاطفية والفكرية والثقافية. لا أعتقد أن هناك وصفاً يطابق المثقف السوري اليوم أكثر من وصف الحلزون، في الرواية يعيش البطل حياته الحلزونية الدبقة بين الكتب المهترئة محاولاً مصادقة التاريخ لوضعه في وجه الحاضر فيستطيعا تبيان تضادهما وفكفكة عقد الواحد الآخر، لكن بلاغة الماضي تستمر في إفحام الحاضر الغارق في الركاكة التعبيرية والأكاذيب والشخصيات المزورة، لكن هل وقعنا في فخ البلاغة وصدقنا ما لم يجب تصديقه؟ ام أننا نرث هوس الاستذئاب بينما تقبع داخل ضلوعنا طيور خائفة تحلم بخيط تركواز مسروق من سماء ما، هؤلاء الأجداد المتكبرون على شهواتهم أجبروا الأسلاف على خلق سراديب يفرغون فيها مجونهم بأشكال تترواح بين لقاءات محمومة في أماكن لا تخطر على بال، إلى إفراغات حماسية خطابية تشي بشخصيات هزيلة مصابة بعطب في الرجولة. هذا التوهان الذي يرافق السوري اليوم هو خنجر لم يقرروا بعد إزالته من أحشائهم لأنهم مخدرون بنشوة الاستذكار، استذكار روايات ليست إلا "تعظيم وتعظيم وتعظيم"، بينما يختبئ المدقق داخل قوقعته، هارباً من المعرفة وهارباً من ذاته التي تتحجر وتقسو مثل نبتة شائكة وسط الخراب.
شخصية تائهة أخرى بين تقاطعات معقدة من الأزمنة والأمكنة، الأنساب الواقعية والاغتراب عنها، علاقات تُكتَشَفُ وتُخلَق مع مضيّ الزمن وتقلبات المهن والأفكار. شخصيةٌ تائهة بين كلّ ذلك. العناصر الأساسية للبطل وللرواية تتكشف شيئاً فشيئاً، لكنكَ تراها كلها موجودةً في الصفحات الأولى من الكتاب. ما يختلفُ هو انجلاء الغشاوة عن نظرتك للشخصية، وذلك بانكشاف الغشاوة عن نظرة الشخصية لذاتها. في رواية خليل صويلح الثانية التي أقرؤها، بتُّ أقربَ إلى تفكيك وفهم الآلية التي تسير بها رواياته. فالحبكة ومنعطفات الطرق لا تكون في الغالب أحداثاً مدهشةً تبعث على المفاجأة، بل انكشافُ جزءٍ من ضبابية الحكاية. وهكذا تنسج الحكاية نفسها، لتكون منعطفاتها نفسيًّة أكثر منها حَدَثيّة، لدى البطل والقارئ معاً، وبلغةٍ وتراكيب نُقِشَت وخُلِقت لهذا النوع الروائي ولهذه التجربة الفذة الفريدة. فهنا تهزني التراكيب اللغوية الكاشفةُ للغزٍ ما في ��لحكاية، أو التراكيب التي تخلق تقاطعاتٍ بين التاريخ والحرب والحب والقبائل والأنساب والكتب والمؤلفين، في سطرٍ واحد! يهزني كل ذلك أكثر من منعطفٍ جذريٍّ مدهشٍ في الأحداث. لغة وتراكيب عجائبيّة، تترافقُ بمثاليّةٍ مع المنعطفات النفسية للبطل ولك. فتغدو الرواية رحلة أعصابٍ مشدودة وفضولاً لتلقي عجائب لم تُتَخَيَّل بعد. وستذهل تلك العجائبُ الفضولَ مهما عَظُمَ الخيال.
الرواية أرهقتني شخصياً، أرهقتني حقاً، كثيراً ما وضعتُ الكتاب جانباً واستلقيتُ محاولاً النوم لأنّ الرواية أرهقتني وأثقلتني. ذلك على الرغم من تمرسي على الألم، وعلى قراءته وكتابته.
عملٌ آخر أنهيهِ من نتاج هذه المسيرة الغنية الشهية، آسفاً على ما قرأتُه، متلهفاً لما سأقرؤه.
لم يكن صحواً تماماً، ولم يكن مناماً تماماً. كنت أتخبط فوق رمال متحركة في صحراء لا نهائية، وقد قذفني ريحٌ عاصفة خارج صدفتي الصلبة. أنا الآن، حلزون مكسور الظهر: -جدتي، هل أطعمني جدي قلب ذئب حقاً؟
أعجبني في الرواية شخصية رهام سمعان والغوص في حياتها ،خسارئها، كل شيء ذكر الكاتب لشوراع واماكن في دمشق الخوص في عمق شخصيات الرواية الرئيسية ميخائيل جبران، رهام سمعان.
رواية مختلفة ، تمتزج فيها الأحداث بين سيرة الشخصية الرئيسية وسير متعددة تقرأها الشخصية من خلال عملها في تدقيق الكتب التاريخية القديمة . ومن الواضح تعمد الروائي اختيار هذه الشخصية لتكون شاهداً على تزييف التاريخ وتزييف الحقائق في وقتنا الحاضر أيضاً !
اقسم بالله انني اجبرت نفسي على تكملة هذه الرواية ولم افهم ما هو المقصود منها. غير انها مملة ورتيبة وخالية من اي متعة، اتتني الاحداث فوضوية وكان الكاتب اجبر نفسه على كتابتها دون هدف