ŷ

Marwa Melhem's Reviews > عزلة الحلزون

عزلة الحلزون by خليل صويلح
Rate this book
Clear rating

by
41648571
's review

really liked it

كنت أتساءل في بداية القراءة عن سبب هروب الكاتب إلى الرحلة البدوية المربكة والشائكة والتي اضطرتني إلى إعادة القراءة عدة مرات كي أتذكر الأسماء والأجداد وأحاول استحضار البيئة البعيدة جداً عن مخيلتي والغريبة عني، لكنني كلما قرأت أكثر عن آل الهلالي وعن كتاب الأسماء الذي ارتبطت حياتهم به كنت أصدق أكثر هذه القدرية التي لحقت بهم مثل لعنة، فسواء طابقت أسماءهم أرواحهم أو لم تطابق، كانت ترسم لهم سيرة حياتهم الغريبة والفريدة، هذه اللعنة مددت أمامي سؤال الهوية الذي لا ينفك يظهر كلما فتحنا باباً من أبواب يوميات ما بعد الحرب، هل كان أجدادنا أبطالاً أم قطاع طرق؟ وهل ورثنا قلوب الطيور أم قلوب الذئاب؟ ما رأيته مؤكداً هو الاغتراب الذي حاول الهلاليون سد فجواته في وجدانهم، والذي امتد مثل خيط أسود إلى دمشق اليوم التي تخبئ الأصدقاء في حانات معتمة ليتراكم فوقهم الغبار وتصدأ حيلهم العاطفية والفكرية والثقافية.
لا أعتقد أن هناك وصفاً يطابق المثقف السوري اليوم أكثر من وصف الحلزون، في الرواية يعيش البطل حياته الحلزونية الدبقة بين الكتب المهترئة محاولاً مصادقة التاريخ لوضعه في وجه الحاضر فيستطيعا تبيان تضادهما وفكفكة عقد الواحد الآخر، لكن بلاغة الماضي تستمر في إفحام الحاضر الغارق في الركاكة التعبيرية والأكاذيب والشخصيات المزورة، لكن هل وقعنا في فخ البلاغة وصدقنا ما لم يجب تصديقه؟ ام أننا نرث هوس الاستذئاب بينما تقبع داخل ضلوعنا طيور خائفة تحلم بخيط تركواز مسروق من سماء ما، هؤلاء الأجداد المتكبرون على شهواتهم أجبروا الأسلاف على خلق سراديب يفرغون فيها مجونهم بأشكال تترواح بين لقاءات محمومة في أماكن لا تخطر على بال، إلى إفراغات حماسية خطابية تشي بشخصيات هزيلة مصابة بعطب في الرجولة.
هذا التوهان الذي يرافق السوري اليوم هو خنجر لم يقرروا بعد إزالته من أحشائهم لأنهم مخدرون بنشوة الاستذكار، استذكار روايات ليست إلا "تعظيم وتعظيم وتعظيم"، بينما يختبئ المدقق داخل قوقعته، هارباً من المعرفة وهارباً من ذاته التي تتحجر وتقسو مثل نبتة شائكة وسط الخراب.
flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read عزلة الحلزون.
Sign In »

Reading Progress

February 19, 2020 – Shelved
February 20, 2020 – Started Reading
March 12, 2020 – Finished Reading

Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)

dateDown arrow    newest »

Marwa Melhem كنت أتساءل في بداية القراءة عن سبب هروب الكاتب إلى الرحلة البدوية المربكة والشائكة والتي اضطرتني إلى إعادة القراءة عدة مرات كي أتذكر الأسماء والأجداد وأحاول استحضار البيئة البعيدة جداً عن مخيلتي والغريبة عني، لكنني كلما قرأت أكثر عن آل الهلالي وعن كتاب الأسماء الذي ارتبطت حياتهم به كنت أصدق أكثر هذه القدرية التي لحقت بهم مثل لعنة، فسواء طابقت أسماءهم أرواحهم أو لم تطابق، كانت ترسم لهم سيرة حياتهم الغريبة والفريدة، هذه اللعنة مددت أمامي سؤال الهوية الذي لا ينفك يظهر كلما فتحنا باباً من أبواب يوميات ما بعد الحرب، هل كان أجدادنا أبطالاً أم قطاع طرق؟ وهل ورثنا قلوب الطيور أم قلوب الذئاب؟ ما رأيته مؤكداً هو الاغتراب الذي حاول الهلاليون سد فجواته في وجدانهم، والذي امتد مثل خيط أسود إلى دمشق اليوم التي تخبئ الأصدقاء في حانات معتمة ليتراكم فوقهم الغبار وتصدأ حيلهم العاطفية والفكرية والثقافية.
لا أعتقد أن هناك وصفاً يطابق المثقف السوري اليوم أكثر من وصف الحلزون، في الرواية يعيش البطل حياته الحلزونية الدبقة بين الكتب المهترئة محاولاً مصادقة التاريخ لوضعه في وجه الحاضر فيستطيعا تبيان تضادهما وفكفكة عقد الواحد الآخر، لكن بلاغة الماضي تستمر في إفحام الحاضر الغارق في الركاكة التعبيرية والأكاذيب والشخصيات المزورة، لكن هل وقعنا في فخ البلاغة وصدقنا ما لم يجب تصديقه؟ ام أننا نرث هوس الاستذئاب بينما تقبع داخل ضلوعنا طيور خائفة تحلم بخيط تركواز مسروق من سماء ما، هؤلاء الأجداد المتكبرون على شهواتهم أجبروا الأسلاف على خلق سراديب يفرغون فيها مجونهم بأشكال تترواح بين لقاءات محمومة في أماكن لا تخطر على بال، إلى إفراغات حماسية خطابية تشي بشخصيات هزيلة مصابة بعطب في الرجولة.
هذا التوهان الذي يرافق السوري اليوم هو خنجر لم يقرروا بعد إزالته من أحشائهم لأنهم مخدرون بنشوة الاستذكار، استذكار روايات ليست إلا "تعظيم وتعظيم وتعظيم"، بينما يختبئ المدقق داخل قوقعته، هارباً من المعرفة وهارباً من ذاته التي تتحجر وتقسو مثل نبتة شائكة وسط الخراب.


back to top