القاهرة القديمة .. ذات المقاهي والحوانيت والحواري والازقة ، بقبتها الزرقاء الصافية وأشعة شمسها الذهبية المرسلة تعانق المآذن فيها والمساجد.. لم يرها أحد إلا ووقع في هواها، فكم من العشاق لك يا قاهرة المعز.. وكم من الكتاب الذين صوروك بكلماتهم وكم من الفنانين رسموا وجهك البديع في لوحاتهم، إنها هى القاهرة ذاتها التى وقع في عشقها الكاتب الكبير "جمال الغيطاني" فتعودنا منه ان يطوف بنا في أرجائها ويقص علينا حكاياتها في مؤلفاته، وها هى إحداها تستقر بين يدينا.. هذا الكتاب الذي يروى لنا فيه عن القاهرة في ألف عام، يتحسس ملامحها التي عايشها ويفيض علينا بما يعرفه من تاريخها.. يكتب عن المقاهي وأصلها وما تعبر عنه ، يعرج منها ليتحدث عنها كركن أساسي في أدب "نجيب محفوظ" العاشق ايضا للقاهرة القديمة، ويذكر لنا كثيرا وكثيرا عن مساجدها وبناتها وتاريخهم ، لنغوص في التاريخ الفاطمي والمملوكي ونصل إلى شواطئ القرن العشرين واوائله فنعرف عن سيرة ناسها كما نعرف عن سلاطينها.. إنه كتاب لا يقدمه المؤلف دراسة تاريخية جامدة وإنما حديث صنع فيه التاريخ بالأدب وخرج من وجدان البعيد في أحضان التاريخ نتلمس تفاصيل الأشياء في الكلمات، إنه كتاب ينظم قصيدة أو ينشد موالا لا تفيق منه عزيزي القارئ إلا وقد علق في وجدانك وعقلك.. وحلقت روحك في أصدائه.. وامتلأت أجواء نفسك
•جما� أحمد الغيطاني علي •ول� عام 1945، التاسع من مايو، في قرية جهينة محافظة جرجا (سوهاج حاليا). •نش� في القاهرة القديمة، حيث عاشت الأسرة في منطقة الجمالية، وأمضى فيها ثلاثين عاما. •تلق� تعليمه في مدرسة عبدالرحمن كتخدا الابتدائية، ومدرسة الجمالية الابتدائية. •تلق� تعليمه الاعدادي في مدرسة محمد علي الاعدادية. •بع� الشهادة الإعدادية التي حصل عليها عام 1959، التحق بمدرسة العباسية الثانوية الفنية التي درس بها ثلاث سنوات فن تصميم السجاد الشرقي وصباغة الألوان. •تخر� عام 1962، وعمل في المؤسسة العامة للتعاون الانتاجي رساما للسجاد الشرقي، ومفتشا على مصانع السجاد الصغيرة في قرى مصر، أتاح له ذلك زيارة معظم أنحاء ومقاطعات مصر في الوجهين القبلي والبحري. •أعتق� عام 1966 بتهمة الانتماء الى تنظيم ماركسي سري. وأمضى ستة شهور في المعتقل تعرض خلالها للتعذيب والحبس الإنفرادي. وخرج من المعتقل في مارس 1967. •عم� مديرا للجمعية التعاونية لخان الخليلي، وأتاح له ذلك معايشة العمال والحرفيين الذين يعملون في الفنون التطبيقية الدقيقة. •بع� صدور كتابه الأول عرض عليه محمود أمين العالم المفكر الماركسي المعروف، والذي كان رئيسا لمؤسسة أخبار اليوم الصحفية أن يعمل معه فانتقل للعمل بالصحافة. •بع� أن عمل في الصحافة بدأ يتردد على جبهة القتال بين مصر واسرائيل بعد احتلال إسرائيل لسيناء، وكتب عدة تحقيقات صحفية تقرر بعدها تفرغه للعمل كمحرر عسكري لجريدة الأخبار اليومية واسعة الانتشار، وشغل هذا التخصص حتى عام 1976. شهد خلالها حرب الاستنزاف 1969 � 1970 على الجبهة المصرية، وحرب أكتوبر 1973 على الجبهتين المصرية والسورية. ثم زار فيما بعد بعض مناطق الصحراء في الشرق الأوسط، مثل شمال العراق عام 1975، ولبنان 1980، والجبهة العراقية خلال الحرب مع إيران (عام 1980- 1988). •من� عام 1985 أصبح محررا أدبيا لجريدة الأخبار، وكاتبا بها. ثم رئيسا لتحرير (كتاب اليوم) السلسلة الشهرية الشعبية ثم رئيسا لتحرير أخبار الأدب مع صدورها عام 1993. •تزو� عام 1975، أب لمحمد وماجدة. •كت� أول قصة قصيرة عام 1959. •نش� أول قصة يوليو 1963. وعنوانها (زيارة) في مجلة الأديب اللبنانية. وفي نفس الشهر نشر مقالا في مجلة الأدب التي كان يحررها الشيخ أمين الخولي، وكان المقال حول كتاب مترجم عن القصة السيكولجية. •من� يوليو 1963 وحتى فبراير 1969 نشر عشرات القصص القصيرة نشرت في الصحف والمجلات المصرية والعربية، كما نشر قصتين طويلتين، الأولى بعنوان "حكايات موظف كبير جدا". نشرت في جريدة المحرر اللبنانية عام 1964، والثانية "حكايات مو
هي كما هي منذ ألفِ عام ..سافرة القبح، فاجرة الظلم، شيمتُها البغيّ! .. أخشاها فأقبع منها على الدوام بركنٍ قصيّ ...و لم أزر بها يوماً أهراماً أو مُتحفاً أو مقام !...أنا منها تماماً كذلك السائق الحجازيّ ...حدثنا ذات مرةٍ بشغفٍ عن شِعاب مكة كلها ثم أخبرنا أنه لم يطف يوماً بالبيت الحرام !...أنا مثله أيضاً أعرف كباطنِ الكف شِعاب هذي البلد....فليس الوطن معبداً ولكن من بناه.. ولا هرماً ولكن من أدمت أحجاره يداه.. شِعاب البلاد كدُّ شعبها ...تاريخٌ مُزمنٌ من الويل البشريّ والكَبَد ....وعلى ما أعتقد كان ذلك بالتحديد هو سر افتقادي للدهشة إزاء ماورد بهذا الكتاب.. فبلادنا كما هي منذ اﻷزل� تكفر بكل الملل... ثم تعتنق دين الحاكم بإخلاص... تتعبد له بالمظالم ..فتنذر له مع هوان الناس المشانق على بوابات المدينة ..ليكون أول ما تستقبل به القاهرة اللعينة زوارها هو الرؤوس الذبيحة والدماء ..ثم تأتي بالليل النساء ليُخفين في الشقوق القانية التمائم، فيلدن الولد!..كنت أعلم أني لن أجد هنا سوى حاضر عتيق ٍ قد علاه الغبار ..نحن فيه مُجرد صورةً باليةً على جدار الدهر يسجننا اﻹطا� ...فما الذي دفعني إذن لهذا الكتاب؟!..أيمكن أن تكون وصية نفس السائق التي قابلناها آنذاك باستغراب ؟! .. إذ أوصانا جاداً على بوابة الحرم قائلا :"اسألوا الله لي الحج المبرور"؟!.. فإن كانت كذلك حقا فهذا إذن هو حجي إليها منها سيراً بالنظر على أعتاب هذي السطور.
لم تتجلى قدرة جمال الغيطاني رحمه الله بالسرد ، قدر ما ظهرت عند حديثه عن عهد المماليك ..فتيةٌ من بلاد بعيدة صاروا ملوكا وسلاطين ..فخلدوا سلطتهم وأكدوا سطوتهم في أرجاء القاهرة بإنشاء المباني العتيدة ...والتي لم تخلُ قصص بناءها من المفارقات الحزينة ...كمسجد السلطان المؤيد على سبيل المثال ..والذي نذره يوماً لله قبل مُلكه وهو أسير حفرة بسجن الشمائل الشبيه بسجن العقرب بيومنا هذا في قسوة الحال .. يحكي الغيطاني فيقول: � بعد ثلاث سنوات من تولي المؤيد سلطنة مصر ، شرع في بناء مسجده الكبير، فبدأ بهدم سجن شمائل، وبعض المباني المجاورة له، وهنا يجب رصد ملحوظة هامة ، وهي إقدام كل حاكم مصري على تشييد بناء معماري ضخم يُنسب إليه، لا يقتصر الأمر على سلاطين المماليك الذين شيد كل منهم مسجدا، يتراوح في حجمه وفخامته تبعا لطبيعة حكم السلطان، من حيث استقراره في الحكم مدة طويلة، وحالة البلاد وشخصيته، ألا يذكرنا هذا بفراعنة مصر العظام ، عندما كان الفرعون يقدم على تشييد بناء معماري ضخم، يقهر به الفناء ويضمن الخلود، سواء كان البناء هرما مدرجا أو معبدا ضخما أو بهو أعمدة أو لوحات دقيقة تُنقش في الصخر، خاصة إذا لاحظنا أن الأهرامات في حقيقتها هي مقابر ضخمة . وكذلك المساجد التي أقامها سلاطين المماليك وأمراءهم تضم مقابرهم أيضا ، وعندما ندخل من الباب الرئيسي لمسجد المؤيد، تطالعنا تربته الرخامية قبل وصولنا إلى اﻹيوا� الرئيسي للجامع، وبجواره تربة ابنه إبراهيم (والذي قتله المؤيد لئلا يلي الحكم من بعده ثم مات بعد ذلك بعام من الحسرة والكمد)، وفي الجهة القبلية غرفة أخرى دُفنت بها زوجة السلطان وابنته ، وكأن الداخل إلى المسجد إنما يجسد الموت ، وبدخوله إلى اﻹيوا� تبدو له الحياة رحبة ، مشبعة بالضوء والخضرة وكأنه الفرج بعد الضيق ،أو الحياة بعد الموت. وفوق مدفن السلطان المؤيد تقوم قبة حجرية شاهقة العلو ، تنتصب الجدران في شموخ رهيب، غامض كأن السلطان المؤيد يغالب الفناء ، وﻷ� الحاكم قدراته أكبر وإمكانيته أوسع، فقد لجأ إلى كافة ما يمكنه لتحقيق ما يهدف إليه، وهذا ما فعله السلطان المؤيد. يقول ابن إياس:"فلما بنى السلطان هذا الجامع حصل للناس بسببه غاية الضرر.".صورة غريبة يقدمها لنا إبن إياس، إذ كان المؤيد يقصد بناء بيت من بيوت الله ، تشييد مسجد فلماذا يحدث الضرر بالنسبة للناس ؟ لقد كان اﻷسلو� المملوكي في الحكم المتسم بالتعسف والظلم، يتسرب إلى أعمال الخير أيضا. كان بناء المسجد يحتاج إلى كمية كبيرة من الرخام ، لهذا صار والي القاهرة يهاجم بيوت الناس ويخلع منها الرخام غصباً ، وهنا لندع ابن إياس مرة أخرى يتحدث:" وصار المؤيد يكبس الحارات التي بها بيوت المباشرين ، وأعيان الناس بسبب الرخام وكان التاج والي القاهرة يهجم على الناس في بيوتهم ومعه المرخمون (عمال الرخام) فيقلع رخام الناس طوعا أو كرهاً ، وأخرب دوراً كثيرة كما أخذ باب "السلطان حسن" الذي خلعه وجعله على باب جامعه وأخذ التنور الكبير النحاس "النجفة" منها أيضا."
ورغم غرابة قصة البناء إلا أن هذا لم يمنع الغيطاني من الرثاء لحال هذا المسجد الذي بٌني غصبا واقتدارا..يقول : "وفي صحن المسجد سنرى فسقية من الرخام بُنيت لتكون ميضأة، نقترب منها ونحن نذكر حديث مؤرخنا العظيم إبن إياس بعد انتهاء عمارة مسجد المؤيد:" ثم إن السلطان نزل إلى هناك وأقام إلى بعد العصر وأمر السلطان أن تُملأ الفسقية التي في صحن الجامع سُكراً فملئت ووقف اﻷمرا� يفرقون السكر على الناس بالطاسات." نذكر هنا ونحن نرى أحد الرجال يتعرى ، وبجلس القرفصاء ليتبول في الميضأة ، وآخر يغسل تحت إحدى " الحنفيات " طبقا به بقايا أطعمه، وإذا مددنا النظر فسنلمح باﻷرضي� بقايا ونفايات قذرة. أحقا مُلئت هذه الفسقية يوماً ما بالسكر وأخذ منه الناس؟"
لكن الأكثر إيلاماً من مساجد القهر هو بوابات القاهرة ..وأشهرها "باب زويلة "أو كما يصفه الغيطاني "بالباب الدامي" ..ثم يحكي فيقول: "منذ عشرات السنين فقد باب زويلة أهم وظائفه فلم يعد يُمثل أحد مداخل القاهرة بعد أن اتسعت المدينة وامتدت مباني اﻷهال� خارجها فيما تلى العصر الفاطمي من حُقب، ثم بطل تعليق رؤوس المتمردين عليه منذ أوائل القرن الماضي ، حتى متولي حسبة القاهرة الذي كان يتخذ مكانا مجاورا له، لم يعد يجلس في نفس المكان ﻷ� الوظيفة نفسها بطلت منذ القرن الماضي، ولم تترك أثرا إلا على ألسنة بعض الناس الذين نسبوا الباب إلى المتولي ، فصار اسمه "باب المتولي"، مابقي لباب زويلة حتى يومنا هذا قيمة مستمدة من عمره الضارب في الزمن لمدة ألف سنة، وبقايا اعتقاد قديم لدى بعض نساء العامة أن من لا تحبل تستطيع أن تدق مسمارا وتعقد عليه بعض الخيوط عندئذ تتحقق امنيتها وتنجب ، غير أن باب زويلة لا زال يحتفظ بعلامات من الوظيفة التي ظل يمارسها ﻷطو� فترة من الزمن، إنه المكان الذي كانت تعلق عليه الرؤوس ، وإذا دققت النظر فقد تلمح بقايا دماء جفت منذ قرون، في هذا الموضع علقت رؤوس فلاحين فقراء وأغراب وأعداء وسلاطين حكموا مصر."
ثم يضيف بموضع آخر ضاربا لبعض ضحاياه الأمثلة، فيقول: " أمر السلطان بإعدام قادة ثورة العبيد ، ونفى ما بقي من العبيد إلى بلاد العثمانيين وأنهى وجود العبيد " الشناترة" من مصر ، وكثيرا ما كانت تعلق رؤوس العربان في صحاري مصر على البوابة وكان بعض الذين يلقون حتفهم على تلك البوابة قد ارتكبوا حوادث طفيفة للغاية، ونلاحظ تكرر ذلك بعد الغزو العثماني لمصر عام 922 هجرية ، إذ يشنق ملك اﻷمرا� خاير بك فلاحا فقيرا ﻷن� اقتلع عودين من خيار الشنبر (نبات طبي) وطوال الاحتلال العثماني تتكرر حوادث الشنق والإعدام بجوار البوابة ﻷتف� اﻷسباب� حتى يذكر لنا الجبرتي معلقا:" مع أن الزيادة كانت سارية في المبيعات والمشتريات من غير إنكار ، لكنه الظلم الفادح ولا معقولية ما جرى خلال هذا العصر" . وحتى اﻻ� لا تزال البوابة العتيدة تقوم وسط البيوت التي تزاحمت حولها ، وكادت تخفي معالمها ، رمادية بأحجارها ، قانية بتاريخها ، يلفها غموض وإبهام لكثرة ما نُسج حولها من أساطير ، لكن أبرز ما يتعلق بها أن اﻵلا� لاقوا حتفهم هنا فوقها ، بعضهم من أفراد الشعب المصري المغلوب على أمره ، وآخرون ارتكبوا جرائم قد تكون صغيرة وكبيرة وأمراء متمردون وأسرى انتهت حياتهم في ذلك المكان وسلطان واحد (طومان باي ) شُنق عليها وهو يدافع عن آخر ما تبقى في سلطنة مصر المستقلة."
أما سيرة الحاكم بأمر الله فبدأت بالعدل والإحسان ..إذ كان يطوف على البيوت والسوق ليدّون بنفسه شكاوى الناس ويرد لهم الحقوق ..كان هذا قبل أن يقرر فجأة أن يُضيق عليهم الخِناق آمرا بسلسلة من الممنوعات، كمنعه لأكل الملوخية والجرير والقرع وأم الخلول، كما أمر بقتل الخنازير ، ومنع عجين الدقيق بالرجل.. وقد استطاع الغيطاني أن يجد له بعض المبررات الصحية لتلك الأوامر والنواهي السابقة...غير أنه فشل في إيجاد أعذار لتلك اللاحقة ...كمنعه لصناعة النعال الحريمي، ومنع النساء من الرقص في البيوت ومن الخروج ليلاً ومن كشف وجوههن وراء الجنائز وهو المنع الذي استمر طويلا حتى خلافة الظاهرعام 1020 ميلاديا...لكن الأعجب من ذلك كانت نهايته إذ أصاب "الحاكم بأمر الله" أعراضٌ غِلابٌ من الدروشة والاكتئاب ، فاعتزل الناس هائماً على وجهه في الصحراء في غيابٍ يبدو أنه لم ينتهِ بعد في اعتقاد البعض..يقول الكاتب: " في أواخر عصر الحاكم ، ظهر بمصر عدد من الدعاة ، بدأو ينشرون تعاليم غريبة مؤداها اعتبار المنصور أبو علي الحاكم بأمر الله فوق مستوى البشر وأن أحدهم وهو محمد بن اسماعيل الذي لُقب بالدُرزيّ يؤمن بالتجسيم والحلول ، فروح آدم تجسدت عليّا رضي الله عنه وهذه انتقلت إلى الحاكم بأمر الله ومن قبله أبيه وجده، فدعا الناس إلى عبادة الحاكم ، واستطاع الدرزيّ نشر دعوته بين عدد من اﻷتبا� بلغ عددهم حوالي 16000 ، ثم طُرد هؤلاء من مصر واستقروا بالشام حيث يعيشون إلى يومنا هذا في انتظارعودة الحاكم بأمر الله ، وهم طائفة الدروز."
لم تكن تلك هي القصة الوحيدة للقهر بالدين ، فلقد أبدعت مصر على مر العصور في قدرتها على التمييز المشين بين الناس تبعا لاختلاف العقائد والاعتقاد ...أدناها كان التمييز بالعمائم كأن يرتدي خطيب الجمعة بالتحديد عمامة سوداء بطرطور أسود ويرتدي الأشراف العمائم الخضراء..يحكي الغيطاني في فصل كامل عن العمائم فيقول : "أضخم العمائم حجما كانت من نصيب رجال الدين ، وهي أهم جزء في ملابسهم ولازالت حتى اليوم، وقد أطلق عليهم "المتعممون" نظرا ��أنه من المستحيل أن يظهروا بدون عمائم، وكانت عمامات رجال الدين تستند إلى الطبقة التي ينتمي إليها صاحبها في المركز الاجتماعي، فكان رجال الدين الفقراء يرتدون عمائم أقل حجما، وحتى سنة سبعمائة لم يكن للعمامة علاقة بالأديان الثلاثة ، ولكن الوضع تغير بعد أن جاء إلى مصر وزير مغربي فاجتمع بالملك الناصر محمد بن قلاوون ونائبه ، وتحدث معهم في أمر اليهود والنصارى ، وهاله ما رآه من تمتعهم بالحقوق، وقال إنهم عندهم في غاية الذل والهوان، فأثّر كلامه عند أهل الدولة ولا سيما الأمير بيبرس الجاشنكير فأمر أن يلبس النصارى العمائم الزرق واليهود العمائم الصفر، ثم توالى من بعد ذلك حرمانهم من الكثير من الحقوق! " ثم اختار جمال الغيطاني هذه السطور كنهاية موفقة لتاريخ العمائم البليد إذ قال: " لقد ولى العصر الذهبي للعمامة مع انتهاء العصر المملوكي عام 1517 مع الغزو العثماني ، وعندما جاء إدوارد لين في بداية القرن التاسع عشر لم يكن قد تبقى الكثير من طبقات العمائم وأنواعها، وأصبح لفظ العمامة يعبر الآن عن السخرية أحيانا، خاصة عندما يقول الناس " أصله لبّسه العمة" أي خُدع لأنه مغفل، فأصبحت العمامة توحي بالغفلة والبله بعد أن كانت رمزا للسلطان والغضب والجاه، ولطبقة الإنسان ولديانته وسبحان مغير الأحوال."
وكان في غابر الأزمان أسواق عجيبة هي أشبه بالحيل كسوق بيع العصافير الحبيسة يشتريها اﻷغنيا� ليعتقوها ...لكنهم لم يعتقوا أحدا من سوق العبيد والذي ازدهر في بيع الرجال والنساء، يُعرضون عراة فيما عدا قطعة رقيقة من القماش لستر عوراتهم ، حيث ينادي تاجر الرقيق :"ليس كل ما استدار جوزة ولا كل ما استطال موزة ولا كل ما احّمر لحمة ولا كل سمراء ثمرة. ثم يبدأ المزاد على اﻷﻵم البشرية." كما وصفه الغيطاني بإبداع ثم أضاف: "غير أن الحياة الجماعية للسوق ربما لا تزال تحتفظ بخصائص قديمة ، ففي وسط السوق يروح ويجئ الباعة المتجولون الذين لا يملكون دكاكين ثابتة لبضاعتهم، وهؤلاء ينادون على بضاعتهم. فيصيح بائع الترمس "مدد مدد يا امبابي " ويعني بهذا القول الاستعانة بالشيخ الامبابي وهو ولي مشهور ، ويصيح بائع الليمون " الله يهونها يا ليمون" وكثيرا ما ينادي على البطيخ "يا مسلي الغلبان باللب" ويستعمل بائع الورد نداءا فريدا "الورد كله شوك من عرق النبي فتح". وكانت اﻷسوا� تخضع لمراقبة المحتسب، وكان يجوس من حين إلى آخر خلال المدينة يتقدمه عامل يحمل الميزان والصنج، وخلفه الجلادون والخدم ، وهو يمرعلى الدكاكين واﻷسوا� واحدا بعد اﻵخ� يفحص الموازين والمكاييل وإذا اكتشف مخالفة ينزل العقاب بمرتكبها، وتذكر كتب التاريخ عقوبات فريدة أنزلها المحتسب بالغشاشين، كهذا الرجل الذي كان يبيع الكنافة ناقصة الوزن، فأمر المحتسب بجلوسه عاري المؤخرة فوق صينية الكنافة الساخنة ، وأحيانا كان المحتسب يقطع جزءا من اﻷذ� أو اﻷن�. ولكن هل كان ذلك يعني أن العدالة مطلقة؟ يقال أنه كان يسعى بين أيدي المحتسبين رجل يحمل ميزانا أكبر حجما من الميزان المستعمل، ويقال أن قب الميزان كان أنبوبة مجوفة بها زئبق ، فكان حامل الميزان يستطيع إذا عرف الذين رشوا سيده أن يرجح إحدى الكفتين بسهولة. "
ثم علت نبرة الشغف في النص عند الحديث عن بيوت القاهرة القديمة ك"بيت المسافرخانة" أو"بيت السحيمي" بالتحديد ..وهي البيوت التي كانت تشكل في خيالي الطراز المثالي لما أحب أن أرى عليه أبنية القاهرة جمعاء ...لكن مقاطع كتلك كانت تشعرني بأن هذه الدعة والسكون ليست سوى سجون جميلة ..يقول الغيطاني: "في بيت السحيمي تطالعنا النوافذ الصغيرة المخصصة للحريم ، ينظرن منها دون أن يراهن أحد ، نشعر بجو اﻷسر� وعدم الحرية الذي كانت تعيش فيه جداتنا ، كانت الحريم محصورة في هذه البقعة الجميلة المحاطة بالمشربيات في بيت السحيمي ، إن غرف الحريم هذه لا ينفذ إليها غير رب البيت، وكلمة حريم تعني محرم على الغريب محلل للسيد نفسه والدهاليز المؤدية إلى الحريم لا تمضي في مستوى واحد بل تهبط فجأة كدرجة السلم لتستمر من جديد، فلو مشي فيها أحد الغرباء في الظلام وكان جاهلا بمواضع البيت لسقط ، عندئذ يكتشف أمره بسهولة ،لقد كانت حياة جداتنا مثيرة للكآبة والملل، كلنت تدور حول المأكل والملبس والنوم والجلوس على الديوان ساعات كثيرة ، والاستغراق في اﻷحلا� ، ومحاولة إرضاء الزوج وكسب محبته وقصرها على الواحدة منهن، ويقول ستانلي لين بول في كتابه عن القاهرة إن امرأة إنجليزية سألت إحدى القاهريات كيف تمضي وقتها؟ فأجابت : إنني أجلس على هذه اﻷريك� فإذا ما انتابني الملل نهضت ﻷجل� على تلك!!"
لا ينفي هذا احتواء الكتاب على الكثير من المقاطع اللطيفة ..وخاصة عند حديثه عن أزمان أكثر حداثة من عمر القاهرة ..وبالتحديد عند فصل المقاهي والتي حكى فيها عن بعض المقاهي الطريفة الغرض كمقهى "المضحكخانة" للتنكيت على سبيل المثال أو آخر كان يوفر بذاك الزمان سماعات لكل رواده فيستمعوا لأحدث الاسطونات الموسيقية وآخر أكثر عنفا لهواة مصارعة الكلاب...غير أن الصفة التي غلبت على أشهرها كانت البلاغة والأدب ، إذ كانت أشبه بالمنتدى الثقافي منها إلى المقاهي...لذا لن تعجب إن قرأت من بين روادها أبلغ الأسماء...يقول الغيطاني : "حتى انتشار المذياع في مصر ، كانت المقاهي أماكن مخصصة لرواية قصص السير الشعبية والملاحم، وكان أصحاب المقاهي يستقدمون رواة القصص ، وبعضهم يُعرف باسم "الهلالية" لتخصصهم في سيرة أبوزيد الهلالي، والبعض الآخر يعرف باسم "الظاهرية" نسبة إلى الظاهر بيبرس، وقد ظهرت قصة الظاهر بيبرس في القرن السادس عشر الميلادي، وهي قصة طويلة تمتاز بخيال خصب ، فضلاً عن أنها تصور حياة المجتمع المصري بدقة ، ونلاحظ أن قصة الظاهر بيبرس قد انتشرت وذاعت بعد الغزو العثماني لمصر عام 1517، ويبدو أنها كانت كرد فعل على الهزيمة ، والجراح التي لحقت بالناس، ونفس الظاهرة نلاحظها بالنسبة لملحمة " أبو زيد الهلالي" التي انتشرت بعد هزيمة الثورة العرابية، والاحتلال الانجليزي لمصر ، إنه رد فعل الشعب اتجاه حدث أليم، وشكل لحماية الذات بواسطة الفن. يمكن القول إن العصر الذهبي لمقاهي القاهرة كان في النصف الأول من هذا القرن ، خاصة العشرينيات، والثلاثينيات، وكانت القاهرة الجميلة الهادئة وقتئذ، تزخر بالعديد من المقاهي ، منها مقهى نوبار والذي توجد مكانه الآن مقهى المالية، وكان مجمعا للفنانين، وكان عبده الحامولي يقضي أمسياته فيه، ومعه بعض أصحابه، ومنهم باسيلي بك عريان الذي أفلس بعد أن أنفق نصف مليون من الجنيهات، وفي ميدان الأوبرا كان يوجد مقهى السنترال، وموضعه الآن جزء من ملهى صفية حلمي في ميدان الأوبرا، وهذا الملهى يضم أيضا مقهى من طابقين حتى الآن، ويعرف باسم كازينو الأوبرا، وكانت تعقد به ندوات أدبية لنجيب محفوظ كل يوم جمعة ، وعندما التقيت به لأول مرة كان ذلك في ندوة الأوبرا الشهيرة هذه . أما مقهى متاتيا فمكانه في ميدان العتبة الخضراء ، وكان يؤمه جمال الدين الأفغاني ، والإمام محمد عبده ، وسعد زغلول ، وإبراهيم الهلباوي المحامي المشهور، ثم ارتاده عباس العقاد وإبراهيم المازني والشيخ فهيم قنديل صاحب جريدة عكاظ التي كانت تصدر في القاهرة."
ولم يكن ذلك هو المقطع الوحيد الذي ورد به اسم الأديب "نجيب محفوظ" فيما يخص المقاهي ..فلقد كان رحمه الله صاحب باع طويل بهذا المجال ..فيضيف الغيطاني بمقطع آخر: "ومن رواد مقهى عرابي نجيب محفوظ، حيث يلتقي بأصدقائه القدامى ، وزملاء طفولته، وفي هذه الجلسة التي تتم كل يوم خميس تلعلع ضحكات الأديب الكبير ويبدو مرحا ، سريع النكتة، ولا يطرق هذه الجلسة من الشبان إلا عدد محدود جدا عرف طريق المقهى الذي يستعيد فيه أديبنا الكبير ذكرياته وقصص شبابه مع رفاق الزمن القديم ، غير أنه انقطع عن الانتظام في حضور هذه الندوة الأسبوعية منذ عامين، والسبب أزمة المواصلات في القاهرة التي تعوق أديبنا الكبير عن الوصول من بيته في العجوزة إلى ميدان الجيش. "
سيرة الأديب "نجيب محفوظ" هذه وسيره هذا في أزقة القاهرة وضواحيها ، استدعى إلى ذاكرتي وأنا أكتب الآن فيلما تسجيليا قصيرا ...أذكر جيدا كيف أحبته أمي عندما شاهدته للمرة الأولى فقامت بحفظه وضمّه لمكتبة تسجيلاتها آنذاك ...وأذكر الآن بالتحديد الدقيقة التي واجه فيها نجيب محفوظ الكاميرا بمنزله هادئا تقف إلى جواره زوجته السيدة "عطية الله إبراهيم" بينما كان يشكرها على تحملها ل "حياة الرهبنة" برفقته ...فضحكت أمي حينها ضحكة ذات مغزى ثم قالت بإعجاب: "راجل شجاع يا نجيب" !!
أما قصة تمثال نهضة مصر لنحّاته الفنان محمود مختار والذي حمل من أجله حجر الجرانيت الصلب من أسوان ..وكسر هو وعماله في سبيله مئات الأجنات من الحديد وجرح لأجله مع يده ألف يد ..ليخرج مثالا على الجمال البسيط الصريح..فقد كان يخفي وراءه قصة حكاها الغيطاني بلسان قومي مبين ...غير أنها لا تؤكد بالنسبة لي سوى أن كل ما بُني بسيف الشوفينية فهو قبيح!... يحكي الغيطاني على لسان الفنان مختار رحمه الله : "يقول مختار: كان ذلك في سنة 1920، وكنت حينذاك في باريس حيث اشتركت في المعرض العام ، وليس الاشتراك فيه أمرا سهلا لأن اللجنة صارمة جدا في أحكامها، وكان لي الشرف أن أنتخب من بين الفائزين، لا يسعني إلا أن أشكر الأمة المصرية التي قابلت هذا الخبر بالابتهاج. ثم يضيف الغيطاني فيقول: وبعد فوزه كتب حفني ناصف أربع مقالات عن التمثال في جريدة الأخبار التي كان يصدرها المرحوم أمين الرافعي، وأعقبتها مقالة للدكتور حافظ عفيفي يدعو جريدة الأخبار إلى القيام باكتتاب عام لإقامة تمثال نهضة مصر في أحد ميادين العاصمة ، وكتب أمين الرافعي في نفس الاتجاه، رحب المرحوم أمين الرافعي بالفكرة، ونشر نداء الاكتتاب تحت عنوان " نهضة مصر" دعوة إلى الأمة المصرية. ولاقت الدعوة صدى هائلا بين كافة المصريين، تحمس الجميع للفكرة تلاميذ صغار أرسلوا كل مدخراتهم ، سيدات يبعن مصاغهن من أجل إقامة التمثال، وظهر بين رجال الأزهر دعاة لإقامة التمثال، وكان بعضهم يجمع لع التبرعات بعد الصلاة ، وأرسل الفلاحون تبرعاتهم من أقصى القرى، ومن جوف النجوع والكفور، ويقدم بدر الدين أبو غازي في كتابه الضخم غن مختار ، نصوص رسائل بعث بها بعض المواطنين من كافة أنحاء مصر. رسالة من الفاعل " الشحات إبراهيم الكيلاني" بهندسة السكك الحديدية انطوت على ستمائة مليم قيمة تبرعه. " إنني رجل فقير جدا، أشتغل بهندسة السكك الحديدية الأميرية بوظيفة فاعل، ويوميتي 70 مليما ومتزوج بيتيمة الأب ، وأم زوجتي تبيع ترمسا ، ولي شغف بقراءة الصحف عن عهد النهضة المصرية الأخيرة ، بينما كنت جالسا أقرأ جريدتكم الغراء بكيت بكاء شديدا ، فسألتني زوجتي عن سبب بكائي وأخبرتها عن التبرع لتمثال نهضة مصر ، ولم يكن معي نقود أتبرع بها خلاف 200 مليم ، فقالت زوجتي أنها تتبرع ب100 مليم وقالت أمها مثلها، وكذلك فعل أخوها وعمره 15 سنة ، أما أختها البالغة من العمر 13 سنة فقالت أنها لا تمتلك إلا 50 مليم فتبرعت بها، ولي طفل عمره سنة ونصف كانت أمه قد وفرت له 50 مليما فأحضرتها فأصبح المجموع 600 مليم فأرجوكم أن تتقبلوا منّا هذا المبلغ القليل لتوصيله إلى أمين "صندوق تمثال نهضة مصر"، وتتوسطوا في قبوله ،ونكون لكم من الشاكرين. " !!
بلادنا قنينة سِحر!! ...تُصوّرها الخريطة على صدر قارةٍ غنيةٍ بالفقر "كحجاب محبة" يربطنا بالحنين المبهم اﻷسبا�!! ...خيالٌ كهذا قد يُسهل عليّ تفسير حاضرنا القبيح ..كأن أطمئن نفسي مثلاً بأن الحجاب قد أزيح ، فانفرط عقد المحبة شيئاً فشيئاً عن طلاسمه كاشفاً الندوب للنظر ..أو إن شئت قل أن القنينة قد أصابها شئ من الكسر ...وكل ما في الأمر أنا نغوص اﻵ� أنا وأنت مع الجميع في لُجّة الشعوذة اللعينة!! ...خليطٌ كريه من دم الوطاويط مع أحشاء ديكة الفجر الذبيحة، ممزوجةٌ بأظافر منزوعة وأعين مفقوءة لنفوسٍ جريحة، طُبخت كلها على أصداء صرخات ألف ألف سجين..المزيج المُعتّق منذ سنين قد انهمر، فغمر الكل في شر النفاثات في العقد !...المدهش اﻵ� في هذا اﻷم� هو أني قد أكون من هذه البلد على حافة الغرق ..ثم أجدني لا أشعر بالقلق سوى من احتمالية كون سحرها تبعاً لما سبق قد أوشك على النفاذ..وها أنا الآن كمجذوبٍ عليلٍ حائر أبحث لنفسي عن خيالٍ آخر بحيث يُبقي لي فتنة الوجه الدميم إلى الأبد!!
*** أسلوب الكتاب سلس وموضوعاته شيقة، لا يتبع نظام الفصول وإنما الموضوعات، فالكاتب يحكي عن ملامح القاهرة المملوكية تحديدا وأحيانا الفاطمية والعثمانية فيصف المقاهي والأسواق ومجالس السلطان والبيوت والمآذن والمصاحف ويصف كذلك بعض الشخصيات كالحاكم بأمر الله والسلطان الغوري والسلطان المؤيد شيخ وبعض الوزراء وهو في وصفه هذا يتبع أسلوب الحكايات المشوق والجذاب، ربما عاب الكتاب بعض التكرار أحيانا وربما بدأ الكاتب متعصبا أحيانا لآراء لا أحبها لكن الكتاب عموما لطيف واستطاع أن يقربني من أمنية قديمة وهي أن أتجول في شوارع "مصر القديمة" وأتعرف على آثارها كلها وأستعيد هذا التاريخ المنسي .
اجمل ما قرات وخاصه اثناء جولتي في الكتاب عن المقاهي والشيشه والارجيله كنت رائع. استاذ جمال الغيطاني وكاني. رايت القاهره الجميله العظيمه كما ينبغي ان تكون
أفضل طريقة لقراءة أغلب فصول هذا الكتاب ان تستخدمه كخريطة، ولا اعني ذلك مجازا.. خريطة ترشدك لمعالم القاهرة القديمة وانت تتجول وسط مبانيها وتقرأ عنها.. فالكتاب غالبا ما يتناول شارع بأكمله من أوله إلى آخره مثل شارع المعز لدين الله، او يتناول مجموعة من المساجد او مجموعة من المقاهي المتجاورة ويصفها وهو يمشي ببنها... لذلك استخدم الكتاب كخريطة في يدك، حرفيا وليس مجازا، وانزل إلى تلك الشوارع والأحياء وسر فيها على خطى الكاتب وهو يشرح لك الحكايات الخفية وراء كل مبنى وأثر.
كتاب ممتع جدًا لأي شخص بيحب القاهرة أو مهتم بإرثها وتاريخها، وصف دقيق للأماكن وتفاصيلها وإلمام مبهر بالطرق والأزقة وحتى العطفات، بالإضافة لأسلوب سردي ممتع يحسسك إنك بتقرأ مجموعة حكاوي منفصلة لكن بتصب كلها في نفس المكان، القاهرة. الأسلوب اللي الكاتب نفسه بيوصفه كواحد من أشكال التقاء فن القصة والحكي في ألف ليلة وليلة بتصميم المدن الإسلامية وفن الزخرفة، أصل بيتفرع منه فروع بيتفرع منها فروع وكلها بتدور حوالين نفس الحاجة، انفصال للجزء عن الكل ثم لقاء بين الجزء والجزء لصناعة الكل، أسلوب بيوحي بأهمية الكل بدون انسحاق الجزء وأهمية الجزء بدون إهمال الكل في المجتمع الإسلامي وقتها. الكتاب كمان فيه معلومات قيمة عن التاريخ والقصص المحيطة ببعض الأماكن في القاهرة زي مسجد الحاكم بأمر الله وبوابة المتولي(باب زويلة) ومسجد المؤيد شيخ والأقمر وغيرهم، وفيه أجزاء مهمة من التاريخ الفاطمي والمملوكي ووصف لطبيعة الحياة وقتها مع عرض لفقرات من كتب مؤرخين كبار زي المقريزي وابن اياس، في المجمل كتاب ميتفوتش لأي محب لتاريخ وفن القاهرة واللي بالتأكيد ميكفيش الكتاب ده ولا مئات غيره لحصرهم.
كتاب دسم وملئ بالمعلومات والتواريخ والحوادث. فيما يقل عن 300 صفحة يصطحبنا الرائع جمال الغيطاني في جولة إلي التاريخ يكون هو مُرشدنا، لم لا وهو الخبير والعاشق للتاريخ المصري خصوصاً المملوكى، نتعرف علي عجائب وعظمة دولة سلاطين المماليك ونلاحظ الملحوظة التي تمر بنا كلما نقرأ كتاباً تاريخياً : التاريخ يُعيد نفسه حدثنا جمال الغيطاني عن روعة المعمار وشرح لنا أسلوب حياة المصريين في القاهرة ولكن عنوان الكتاب غير مناسب في رأيي، فهو لم يتحدث عن القاهرة خلال 1000 عام هو عُمرها. بل صب جل تركيزه علي عصر المماليك وقليل من عصر الدولة الفاطمية. لم يشرح لنا سنوات الحُكم العثماني في مصر. علي كل حال، هذا كتاب مناسب لعشاق التاريخ المملوكي ويفتح مداركنا ويمدنا بمصادر لمن يحب التعمق في قراءة المماليك. المقريزي وابن تغري بردي وابن إياس، كلهم مؤرخون اقتبس منهم جمال الغيطاني من كتابه ويمكننا الاستزادة منهم.
وكأن الكتاب بياخدك ويسافر بيك عبر الزمن .. خلال أزمنة قديمة للقاهرة .. بأدق تفاصيلها الاجتماعية والثقافية .. ومش مجرد سرد تايخي للأحداث تفاصيل القهاوي والأسواق والمساجد والقصص الشعبية والشوارع والحارات والحكام .. كلها هتلاقيها محكية بأسلوب بسيط وسهل وسلس..
ملاحظتي البسيطة جدا على الكتاب هو تجاهل فترة قاهرة محمد علي والقاهرة الخديوية تماما إلا في فصل المصاحف تقريبا .. وتركيز الكتاب كله تقريبا على القاهرة الفاطمية والمملوكية، والمرور بشكل سريع جدا في أحد الفصول على التاريخ الفرعوني.. فمقدرتش احدد ايه المقصود بالظبط بالألف سنة
ويمكن أحد أسباب تجاهل الفترة العثمانية وما بعدها هو اعتبارها فترة احتلال وغزو زي ما صرح بكده في أكتر من مكان في الكتاب
لكنها في المجمل تجربة جميلة وتستحق القراءة لعشاق القاهرة
كتاب شيق وممتع واوجه اﻻستفاد� فيه متعدده .. شخصيا احسست بالملل من فصول كتلك (( دار الطراز - مجالس السلطان الغورى - مقاهى نجيب محفوظ )) والباقى امتعنى لدرجه جعلتنى اعيد قراته ومن اكتر ما اعجبنى (( العمامه المملوكيه - الخيول المملوكيه - مسجد المؤيد - مسجد الحاكم بامر الله - ماذن القاهره - بيوت القاهره القديمه - الباب الدامى - مصاحف نادره - تمثال نهضه مصر )) كتاااب ممتع وشيق ويفتح لك اﻻبوا� للكثير من المواضيع التى سوف ترغب فى التطلع اليها بشئ من التفصيل
يأخدنا جمال الغيطاني في جولة تاريخية ممتعة داخل القاهرة منذ عهد المماليك والذي يحتل القسم الأكبر من الكتاب. الشعب المصري صامت على الظلم والقهر منذ عهد طويل لدرجة التواطؤ مع الخطأ والجريمة والمحرمات كرهت العصر المملوكي أكثر وحقدت على خنوع المصريين! أسلوب الغيطاني السهل الممتنع يغوص بك في أعماق السطور دون أن تشعر بملل أو بعدم فهم كتاب تاريخي جميل ورائع يستحق القراءة أنصح به :)
Salah satu novel terOK yang pernah saya baca. Buku ini mengisahkan seorang pemimpin yang adil, jujur, dan cerdas di Mesir pada abad pertengahan. Novel ini bisa memberikan inspirasi bagi orang yang tertarik akan kisah kepemipinan dan Islam pada zaman abad pertengahan.
كتاب رائع واسلوبه سلس و مش ممل على الاطلاق بيستعرض فيه جمال الغيطانى ملامح القاهرة -التى اعشقها- من اول المقاهى و النرجيلة :D و المآذن والاسواق و المساجد و ملامح الناس و الحكام ريللى استمعت بيه جدااا عيشنى فى زمن تانى من عمر حبيبتى القاهرة
كتاب يتكون من 22 فصلًا يأخذنا فيه “جما� الغيطاني� في جولة سياحية تاريخية في أحياء وشوارع القاهرة على مدار ألف عام، يصف الشوارع والمقاهي والمساجد والبيوت ومع كل هذا الوصف يحكي لنا حكايات البلاد والعباد، يحكي عن الحُكام والسلاطين والأدباء والشيوخ.
يُعرفنا على مقاهي القاهرة قديمها وحديثها ويحكي عن تحريم القهوة وتاريخ الدخان والنرجيلة، ويحكي عن المقاهي التي اعتاد الأديب “نجي� محفوظ� زيارتها، يحكي عن العمامة المملوكية والخيول المملوكية، وعن نساء القاهرة القديمة وبيوتها ومآذنها ومساجدها، كما يحكي عن متاحف القاهرة وعن الأهرامات وأسرارها.
أحببت الفصول التي قص علينا فيها "الغيطاني" قصة مسجد المؤيد وقصة مسجد الحاكم بأمر الله ومعها نعرف عن حياتيهما بشكل سريع، كذلك أحببت كثيرًا فصل مآذن القاهرة وفصل الباب الدامي الذي يقص علينا فيه قصة "باب زويلة" الشهير.
يعيب الكتاب الإسراف في الوصف في بعض الفصول وكذلك التكرار وتشابه الأفكار والحديث في بعض الفصول، أما غير ذلك فالكتاب ممتع وسلس ومليء بالحكايات المشوقة والجذابة.
بياخدنا الغيطاني في رحلة معه في شوارع و حواري القاهرة و يعود بنا بعدها إلى أزمان السلاطين الفاطميين و المماليك و كمان بياخدنا لجولة في قراءاته التاريخية الأدبية المتعددة.
من أمتع كتب التاريخ و فيه كمية معلومات شيِقة بشكل رائع يعني من أول أصل كلمة "شيشة" لحد معلومات عن خاير بك الأمير المملوكي الي باع نفسه و خان قنصوة الغوري و طومان باي الثاني عشان مصر تقع في إيد حكم العثمانيين على يد سليم الأول أو إبن عثمان زي ما المماليك لقبوه.
كتاب أنصح بيه أي عاشق للتاريخ و الأدب و الفن و الجمال و أي حد حابب يعرف أكتر عن تاريخ مصر الحافل و الي مليان نوادر و حكايات عظيمة :')
ايه الجمال ده؟! كتاب يحفظ جمال القاهرة القديمة بحواديتها الغريبة والفريدة .. من عين عاشق بإسلوب رشيق ولغة جميلة سلسة تحس كإنك بتشوف فيلم وثائقي مش بتقرأ كتاب..
وانا بقراه عقلي كان بيستحضر كل الافلام والمسلسلات القديمة ف كنت حاسة اني بشوف فيلم جميل❤️ انصح الكل بقراءته
انتهيت أخيراً بعد طول انتظار وتأجيل أكثر من سنة من كتاب ضخم في محتواه وصغير في حجمه.. عن كتاب (ملامح القاهرة في ألف سنة) للكاتب / جمال الغيطاني أتحدث. الكتاب أعتبره محاولة للنفاذ إلى روح المدينة الساحرة العجوز في العمر والفتية في الروح ومعشوقة القلب (القاهرة). كنت قد بدأت قراءة هذا الكتاب في أواخر العام الماضي 2016 قبيل سفري إلى نيبال، ولكن فقد مني الكتاب حيث كنت قد نسيت أين وضعته، فاضطريت إلى تبكير البدء في رائعة الروائي الروسي الكبير / دوستويفسكي (الإخوة كارامازوف)، ثم مرت الأيام وتم اختيار هذا الكتاب لمناقشة الشهر في شهر سبتمبر الماضي أثناء سفرتي إلى تنزانيا ضمن أنشطة نادي كتاب (ركن الياسمين) الذي سعدت بالانضمام إليه مؤخراً. عندما عثرت على هذا الكتاب مرة أخرى بعد أن كنت فقدته، قررت إعادة البدء فيه، واستغرق الأمر مني وقتاً طويلاً حوالي ما يزيد عن الشهرين لأني كنت متعرضاً لضغط كبير في العمل أثر على معدل قراءتي بسبب الإرهاق الدائم، إلى أن سعدت أخيراً بإنهاء هذا الكتاب يوم الأربعاء الماضي الموافق 15/11/2017. الكاتب معروف عنه اهتمامه بالتاريخ المملوكي وغوصه في مراجع هذا التاريخ التي نقلها لنا شيوخ المؤرخين من العصر المملوكي مثل ابن إياس المصري وابن تغري بردي، وغيرها من المراجع التاريخية عن هذا العصر والتي كتبها مستشرقين أجانب، ولذلك ظهر الكتاب مكدساً بالمعلومات التاريخية المثيرة والمبهرة. أول ثلاث فصول من الكتاب قام الكاتب بتحليل الدور الاجتماعي والثقافي والتاريخي لمقاهي مدينة القاهرة، متعرضاً لأشهر المقاهي الحالية والبائدة في تلك المدينة الضاربة في أعماق التاريخ، ولم يغفل بالشرح الأدوات المستخدمة في المقاهي، وتعرض إلى الدور الذي لعبته المقاهي في حياة الكاتب الكبير / نجيب محفوظ وكيف ساعدته هي وشخوص مرتاديها على استلهام كثير من شخصيات رواياته البديعة. بعد ذلك، تناول الكاتب في فصل مستقل النارجيلة، مستعرضاً بالشرح تركيبها العضوي ومجالس تدخين النارجيلة وتبغ النارجيلة وأبرز المقاهي في القاهرة التي تقدم النارجيلة بشكل مميز. في فصل تالٍ شرح الكاتب أجزاء وأنواع وأشكال العمائم المملوكية بدءاً من عمامة السلطان، ثم عمائم رجال الدين وعمائم النساء والكلوتات والشرابيش (اسم أنواع العمائم التي كان الأمراء في العصر المملوكي يرتدونها)، وشرح الكاتب أيضاً الوظائف التي كانت العمائم تقوم بها، حيث كانت تستخدم لحفظ النقود والأغراض الثمينة ضمن لفائف العمامة مما جعلها مطمعاً للصوص من خلال حوادث خطف العمائم. ولم يغفل الكاتب بالتناول في فصل كامل بعنوان (الخيول المملوكية) أصناف الخيول وأنواعها واستخدماتها المختلفة في السلم والحرب والترفيه، وشرح تكوين الاصطبل السلطاني وأقسامه. وعرض الكاتب بالشرح أيضاً سباقات الفروسية في العصر المملوكي وكيفية تدريب الفرسان وطقوس ركوبها والاضطرابات والقلاقل التي كانت تحدث من بعض الأمراء وقواتهم في حالة نقص أو ازدياد أسعار التبن والشعير بوصفه الطعام الأساسي للخيول. وكان للأسواق القديمة في القاهرة نصيباً من العرض في فصل مستقل بالكتاب، حيث أبرز الكاتب بالشرح أهم الأسواق القديمة وشرح التقسيم الوظيفي للأسواق من حيث نوع السلع أو الخدمات المقدمة في السوق المعني، كما وصف الكاتب كيف كانت تدور حركة التجارة في الأسواق القديمة وشرح وظائف الوكالات التجارية التي كانت تقوم بدور أشبه بأدوار المجمعات التجارية الضخمة التي كان التجار يتجمعون فيها في مواعيد ثابتة ويفد إليها التجار من مختلف الأقاليم ويقيمون في أماكن النوم والاستراحات في تلك الوكالات. وعرض الكاتب في فصلين متتاليين بالشرح والوصف التحليلي لمسجدين من أهم وأكبر المساجد القديمة في القاهرة القديمة أولهما من العصر المملوكي وهو مسجد المؤيد شيخ المحمودي والآخر من العصر الفاطمي وهو مسجد الحاكم بأمر الله، وشرح باختصار سيرة صاحبي هذين المسجدين وظروف عصريهما وملابسات إنشاء المسجدين والجماليات الإنشائية والمعمارية بهما. ومن أكثر الفصول المحببة إلى قلبي فصل (مآذن القاهرة)، حيث عرض الكاتب بالشرح التاريخي التطور المعماري الذي طرأ على مآذن القاهرة، وشرح أجزاء مآذن أشهر المساجد القديمة في القاهرة من مختلف العصور الإسلامية التي مرت على القاهرة بدءاً من العصر الطولوني وحتى العصر المملوكي. أحببت كثيراً فخره بالقيم الجمالية للعناصر الإنشائية للمآذن في عصر السلطنة المملوكية مقارنةً بمأذنة القلم الرصاص للمحتل العثماني، على حد قوله. ولما كانت القاهرة تمتاز عن غيرها من الحواضر المصرية، بخلاف مدينة رشيد، بنوع من المباني الأثرية يتمثل في البيوت والقصور القديمة التي كانت تستخدم لأغراض السكنى والتي حفظها لنا الزمان بحالتها مثل بيوت زينب خاتون والست وسيلة في منطقة الباطنية خلف الجامع الأزهر، وبيت السناري في السيدة زينب وقصري الأميرين بشتاك في شارع المعز وطاز في السيوفية. كان لهذه البيوت القديمة نصيبها من الشرح والتناول في فصل مستقل ركز فيه الكاتب بشكل أساسي على (بيت السحيمي) الكائن في حارة الدرب الأصفر المتفرعة من شارع المعز و(قصر المسافرخانة) الكائن في حارة درب الطبلاوي بالجمالية. وكان لباب زويلة أو بوابة المتولى نصيبه هو الآخر في الكتاب من شرح التراث التاريخي المرتبط به والذي جعل تلاوة سورة الفاتحة عند المرور من تحته عقيدة مستقرة في الوجدان الشعبي نظراً لما أريق عليه من دماء وما علقت عليه من رقاب. ومن الموضوعات التي أبهرتني في فصول الكتاب الفصل الخاص بشرح (مجالس السلطان الغوري) نقلاً عن كتابي الشريف حسين بن محمد الحسيني أولهما (نفائس المجالس السلطانية في حقائق الأسرار القرآنية) وثانيهما (الكوكب الدريْ في مسائل الغوريْ)، والحق أن هذه المجالس نقلت لي وجهاً آخر عن البلاط السلطاني المملوكي جعله أقرب في مخيلتي إلى بلاط ملوك ألف ليلة وليلة. وأفرد الكاتب في فصلين متتالين بالشرح المختصر سيرة شخصيتين تاريخيتين من العصر المملوكي لهما تراث إنساني سلبي، أولهما شرف الدين عبد الوهاب النشو وهو من عصر السلطان الناصر محمد بن المنصور قلاوون، وكان النشو شخصية وصولية متسلقة بامتياز حتى استطاع التحكم في المصائر والأسواق والأرزاق، مستعيناً في ذلك بشرار الخلق، على نحو جعله كابوساً مقيماً للأمراء ولجموع الشعب حتى لقي مصيره المتوقع بعد أن فقد السلطان الناصر محمد بن المنصور قلاوون ثقته فيه. والشخصية الثانية كانت لخاير بك الذي كان أحد نواب السلطان في عصر السلطان الغوري وانضم عقب هزيمة السلطان الغوري في موقعة مرج دابق على يد قوات السلطان العثماني سليم الأول، وكيف كان هو الذي أوعز للسلطان سليم الأول بقتل آخر سلاطين المماليك البطل طومانباي بعد هزيمته على يد قوات العثمانيين في موقعة الريدانية، فقام السلطان العثماني سليم الأول بشنق البطل المملوكي السلطان طومانباي على باب زويلة في مشهد بكاه فيه كل المصريين الشرفاء. وبسبب تملقه وخيانته نجح خاير بك (أو كما اشتهر باسم / خاين بك) في أن يكون أول والي معين من قبل السلطان العثماني على مصر، إلا أنه عاش منبوذاً ومكروهاً من جموع المصريين حتى كانت نهايته عبرة لمن يعتبر. لم أكن أعلم قبل قراءة الفصل الخاص بالمصاحف النادرة في القاهرة أن دار الكتب المصرية بالقاهرة يوجد بها معرض للمصاحف النادرة من عصور مختلفة، ففي هذا الفصل عرض الكاتب بالشرح والتحليل لمجموعة من المصاحف نادرة مثل : 1. مصحف السلطان الناصر محمد بن قلاوون. 2. مصحف سيدنا عثمان. 3. مصحف السلطان الأشرف سيف الدين أبي النصر برسباي الدقماقي الناصري. 4. مصحف السلطان قايتباي. 5. مصحف السلطان الظاهر برقوق. 6. مصحف السلطان فرج بن الظاهر برقوق. 7. مصحف السلطان المؤيد شيخ المحمودي. 8. مصحف السلطان شعبان ومصحف والدته السيدة خوند بركة. وعرض الكاتب في نفس الفصل شرحاً للمصاحف التركية والعثمانية والإيرانية باعتبارها تمثل مرحلة هامة من مراحل تطور الفن الإسلامي. وفي فصل مختصر، مر الكاتب مروراً سريعاً على آثار الشارع الأعظم؛ القصبة العظمى (شارع المعز). ولكن أكثر الفصول غرابةً بالنسبة لي، هو الفصل الذي عرض فيه الكاتب لأقدم كتاب من نهايات العصر الأيوبي تناول أسرار أهرامات الجيزة، أي قبل مايزيد على الخمسمائة عام على بدء الاهتمام بعلم المصريات على نحو احترافي متخصص بعد فك رموز الكتابة الهيروغليفية على حجر رشيد على يد العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون، الكتاب عنوانه (أنوار علويَ الأجرام في الكشف عن أسرار الأهرام) ومؤلفه (الشريف أبي جعفر محمد بن عبد العزيز الإدريسي) المتوفى عام 1251 م. ومن المحاولات الطريفة التي قام بها الكاتب هو إجراء المقارنة الجغرافية بين الواقع والوصف الأدبي للأماكن التي جرت عليها أحداث الثلاثية الشهيرة للأديب الكبير / نجيب محفوظ. واختتم الكاتب كتابه بثلاث فصول من موضوعات متنوعة تراوحت بين سرد قصة بناء تمثال نهضة مصر وكيف تم الاكتتاب الشعبي لتوفير الموارد المالية اللازمة لنحته، والاحتشاد الشعبي وراء ناحته النحات الكبير (محمود مختار) والعوائق الحكومية والسياسية التي تعرض لها أثناء نحت التمثل وملابسات اختيار المكان الملائم لعرضه، وبين قراءة تحليلية وزخرفية وفنية لقصص ألف ليلة وليلة مع إسقاط على أثر ذلك على التصميم المعماري لمدينة القاهرة القديمة، وأريد في هذا لاسياق أن أقتبس الفقرة التالية من هذا الفصل : ((في الطرق الكبرى تنتظم الأسواق، هنا يجئ المجموع، يجد الناس حاجاتهم، ولكن بيوتهم هناك في داخل الحارات والأزقة والدروب حيث الحيوات الخاصة، حيث يتجزأ العالم الكبير إلى عوالم صغيرة، أما هذا التصميم فيؤدي إلى حجب الرياح المثيرة للأتربة الحارة وإلى كسر حدتها، وإلى ميل الظل على الظل، إلى الرحمة بالمارة، والحد من التيارات الباردة في الشتاء، تصميم يبدأ من الكل ويتجزأ حتى يدق ويخيل إليك أنه سيتلاشى فيبدأ عندئذٍ من جديد)). ثم ينهي الكاتب كتابه بفصل عن كتاب (دار الطراز) للشاعر المصري (بن سناء الملك) الذي شرح فيه الشاعر المذكور أصول فن الموشحات الذي ازدهر في المغرب العربي، وكان له الفضل في نقل هذا الفن إلى المشرق العربي. أحببت هذا الكتاب كثيرأ، لأنه جسد حبي للتاريخ والآثار وأعاد لي طوال قراءته الشعور بالانتشاء والانبهار الذي طالما أعايشه أثناء أي زيارة أقوم بها لأي موقع أثري بسبب معايشتي الذهنية للفترة الزمنية التي شيد خلالها هذا الأثر. هو كتاب مرهق ومجهد، ولكنه جدير بالقراءة مرات عديدة ولهذا أعطيه تقييماً خمس نجوم.
يتناول الغيطانى ملامح من تاريخ القاهرة فى ألف عام هم عمر هذه المدينة العريقة التى بناها جوهر الصقلى بأمر من الخليفة الفاطمى المعز لدين الله فى العام 969م... تناول الغيطانى تاريخ المقاهى، النرجيلة، العمامة المملوكية، الخيول المملوكية، أسواق القاهرة العربية، مسجد المؤيد، مسجد الحاكم بأمر الله، مآذن القاهرة، بيوت القاهرة القديمة، الباب الدامى، مجالس السلطان الغورى، النشو، خايربك، مصاحف نادرة فى القاهرة، متحف حى للآثار الإسلامية، أسرار الأهرام، القاهرة بين الواقع والخيال فى ثلاثية نجيب محفوظ، تمثال نهضة مصر، زخرفة، ألف ليلة، مدينة فارس 1979...
صحح الغيطانى بعض الموروثات المغلوطة داخل صفحات الكتاب، فكتب مثلا:
- لم يكن التاريخ الفرعونى معروفاً لأهالى العصر - القرن السادس عشر الميلادى -، ولكن كانت الآثار القائمة فى الوادى، تُحير الأهالى ورسومها، من هنا صاغ الشعب تاريخاً أسطورياً لمصر، يمتزج فيه الخيال باللاوعى الجماعى للشعب المصرى والذى يختزن أحداث التاريخ القديم ولكن فى صورة أسطورية لا علاقة لها بالواقع والتاريخ.
- وحتى سنة سبعمائة هجرية لم يكن للعمامة علاقة بالأديان الثلاثة، ولكن الوضع تغير بعد أن جاء إلى مصر وزير مغربى فاجتمع بالملك الناصر محمد بن قلاوون ونائبه الأمير سلار، وتحدث معهم فى أمر اليهود والنصارى، وهاله ما رآه من تمتعهم بالحقوق، وقال أنهم عندهم فى غاية الذل والهوان، فأثر كلامه عند أهل الدولة، ولاسيما بيبرس الجاشنكير فأمر أن تغير عمائم النصارى واليهود، فيلبس النصارى العمائم الزرق، واليهود العمائم الصفر، ولم يستمر هذا الوضع كثيراً غير أن السلطان الصالح صالح بن الملك الناصر أمر فى سنةة 755 هـ بمنع اليهود والنصارى من عدة أمور وألزمهم بارتداء العمائم الزرقاء والصفراء.
- حدث فى أوائل القرن الثالث عشر الميلادى، أن وقعت فتنة كبيرة فى القاهرة بين المماليك، وكانت الفتن كثيرة الحدوث وقتئذ، تعودها الناس، فلا يخلو شهر من تمرد بعض المماليك فى القلعة، ونزولهم إلى الأسواق يخطفون ما بها من أطعمة وبضائع وثياب، وعمائم للناس، وأحياناً كانوا يخطفون النساء والغلمان، ليفعلوا بهم الفاحشة، كل هذا لإثارة الإضطراب والذعر.
بذلت جهدا كبيرا في قراءة هذا الكتاب. فيه بعض المعلومات الطريفة و الهامة عن مدينة القاهرة، لكن الكتاب مليء بالأخطاء النحوية واللغوية و المائية التي تحرم القارئ من متعة الاستمتاع به. فقد تجد صفحة كاملة عبارة عن جملة واحدة، بدون نقاط أو فقرات! كما ان الكتاب عبارة عن تجميع ما قيل عن القاهرة من هنا وهناك دون جهد يُذكر في استخراج ما هو ذو صلة مباشرة بما يتحدث عنه. والتكرار فيه يجعل القارئ يمل بسرعة من قراءة سرد غير مرتبط بأية قواعد للبحث العلمي . أمر آخر يُفقد الكتاب لهجته: لا توجد رسوم توضيحية تُساعد على فهم الأشياء أو المكان، ولا حتى خريطة للقاهرة، فقط سرد مطول وغير مترابط. كان يمكن لهذا الكتاب ان يكون رجعا هاما أو موسوعة ضخمة عن القاهرة. ما سبق ذكره يهبط به إلى مستويات لا يستحقها. رحم الله الغيطاني
It is a very interesting book that dives into Cairo history. It explores its heritage, mosques, coffeshops and even historical Quran. It made me curious to revisit some historical places and to visit other places for the first time including the books house.
كتاب رائع يغوص فيه الراحل جمال الغيطانى فى أعماق القاهرة و يستعرض تاريخها و تراثها من خلال المساجد و المصاحف و المقاهى و روايات نجيب محفوظ. لقد شدنى الكتاب لزيارة الأماكن المذكورة به و لزيارة دار الكتب للاطلاع على المخطوطات و المصاحف الأثرية التى يجب أن يكون لها متحفا فى حد ذاتها
نوعية الكتابات التي لا اجد تعليقا مناسبا سوي لا تعليق من فرط اللذة عند قراته كل مرة قراته لاول مرة في سنوات الجامعة الاولي وكانت النظارة التي رايت من خلالها عالم القاهرة القديم لاول مرة ويظل دائما الوسادة التي ارتاح عليها اذا اردت الهروب من الواقع المؤلم فتخدرني الصفحات باحلام لذيذة واتخيل نفسي واحدا من سكان تلك المدينة التي لم تعد نفس المدينة للاسف يرحمك الله يا جمال ويعوضنا عن غيابك وكتاباتك
الكتاب جيد جدا وهو عبارة عن مرجع مبسط لتاريخ القاهرة في العصر الإسلامي ، فما بين الحديث عن مقاهي القاهرة ، وأسواقها ، ومساجدها ومآذنها ،والمصاحف بل وحتي الخيول والعمائم تدور أحداث الكتاب . بعض فصول الكتاب تحكي أحداثا مآساوية عن الحكام والسلاطين وكيف تحكمت نزواتهم وجنونهم في البشر ، جعلتهم يتفننون في القتل والتعذيب في بعض الأحيان .
القاهرة في ألف سنة .. رحلة إلى الزمن الجميل مع جمال الغيطاني .. كتاب ثري جدا بالمعلومات القديمة بأصول الأماكن ما كانت عليه ما أصبحت علية الأن .. من العزّ و الرقي إلى التدني في المستوى الثقافي و المعماري .. ليتها بقيت كما كانت سـاحرة بهية نظيفة .. و على أي حال تبقى القاهرة كما هي في كل الأزمان جاذبة لكل الجنسييات أسره لكل القلوب ،هي الأجمل و الأقرب إلى قلبي رحم الله جمال الغيطاني
لم افهم كيف وقع من جمال الغيطاني في بعض الأخطاء التاريخية مثل ان شجر الدر مدفونه في ضريح الصالح نجم الدين الايوبي، او ان السلطان محمد بن قلاوون هو الذي احضر بوابة كنيسة عكا ليضعها في مدرسته (الثابت تاريخيا ان شقيقة السلطان الاشرف خليل هو من احضرها).
كتاب موسوعي بكل المقاييس جدير بان توسع مادته في سفر كبير مكون من عدة أجزاء الا انه يسرد بعض الملامح الخاطفة التاريخية والفكلورية والثقافية لا غنى عنها لأي كاتب او مؤلف او باحث في تاريخ القاهرة كمكان وحضارة وتأثير
This entire review has been hidden because of spoilers.