نبذة الناشر: تتناول فصوله تعريف الثقافة من عدة وجهات نظر، الجانب النفسي و الجانب الاجتماعي للعلاقة الثقافية، توجيه الأفكار و الثقافة، معنى الثقافة في التاريخ و معناه في التربية، الأزمة الثقافية، تعايش الثقافات و الثقافة في اتجاه العالمية. و قد أضيف إلى آخر الكتاب، بعد طبعته الثانية، فصل بعنوان "ما ضد الثقافة L'anti Culture"، هو في الأصل مقال كان قد كتبه في إحدى المجلات الناطقة بالفرنسية، و قام بترجمته عمر كامل مسقاوي، تلميذ المؤلف و الوصي على نشر كتبه، و أضافه إلى هذا الكتاب لما رأى من أنه يتمم فكرة المؤلف عن مشكلة الثقافة، و تنفيذاً لوصيته في تبليغ أفكاره إلى قارئي العربية.
جاء هذا الكتاب استجابة لتساؤلات الطلاب الذين كانوا يرتادون مجلس الأستاذ مالك بن نبي في القاهرة مستوضيحين مفهوم الثقافة فيما كتب في (شروط النضة) و (فكرة الإفريقية الآسيوية)، فشعر بالحاجة إلى جمع أفكاره عن الثقافة و عرضها من جديد في صورة تحليلية تحفز الفكر العربي الإسلامي و تحركه باتجاه اكتشاف الحقائق و المصطلحات بوسائله الخاصة، ووفق المعطيات النابعة من تجربته.
مالك بن نبي (1905-1973م) الموافق ل(1323 هـ-1393 هـ) من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين يُعدّ المفكر الجزائرى مالك بن نبي أحد رُوّاد النضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين ويُمكن اعتباره امتدَادًا لابن خلدون، ويعد من أكثر المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة كانت جهود مالك بن نبي في بناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة، سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو من حيث المناهج التي اعتمدها في ذلك. وكان ابن نبي أول باحث يُحاول أن يُحدّد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجًا مُحدّدا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ"
لا أدري إن كان تقييم النجمة الواحدة لي أم للكتاب... هل هي الترجمة الركيكة؟ أم لغتي الضعيفة؟ هل هي أفكاره المعقدة؟ أم ذكائي المحدود؟
لست أدري! ولكن في النهاية، هو تقييمي وكما يقال تقييمي يلزمني ولا يلزم غيري
الكتاب يناقش موضوع هام جدا وهو أثر الثقافة على المجتمعات، وكيفية تشكيلها للعقل الجمعي، ومدى تأثيرها على السلوك.
عانيت كثيرا لدرجة اليأس مع هذا الكتاب... فكنت أمر على الصفحات كالتائه في الظلام حتى أعثر على معلومة هنا أو فكرة هناك.
وعزائي الوحيد هو اعتراف ويليام جيمس � الفيلسوف الشهير � بأنه لا يفهم كتب هيجل، ويقول في كتابه: وهيجل يكتب بطريقة لا أستطيع معها فهمه، ولذلك لن أذكر شيئا عنه هنا
طبعا لن تكون هذه قراءتي الأخيرة سواء للمؤلف أو للكتاب، ولكن سأحاول أن ابحث عن شروحات لمؤلفاته أو أمضي حقبا
أول كتاب بعد المذكرات والعفن أقرؤه لمالك بن نبي بجدية قرأت الكتاب لأجل مسابقة كنت سأشارك فيها بهدف أن أجبر على الخيص لكنني انسحبت منها وهاهي محاولتي المتواضعة في كتابة مراجعة حول الكتاب مع العلم أنني بدأته بشرط يجب أن لا يتعدى 300 كلمة كما أنني لم أضع الفواصل والاشارات كما ينبغي وأتمنى مستقبلا أن يتحسن مستواي أكثر
الكتاب يتكون من 154 ص ومقسم لخمس فصول
الفصل الأول: تحليل نفسي للثقافة أوليات. هنا عرف الكاتب هذا المصطلح وتجلى العنوان بوضوح حيث ركز عن مشكل المصطلح بالنسبة للعالم العربي خاصة والعالم عامة وتطرق الى أصل هذه الكلمة ووقت ظهورها وكيف ظهرت . الثقافة وعلم الاجتماع : وهنا تطرق الكاتب الى أن مفهوم الثقافة تقدم تطور بعد النضة الأوربية وانها علاقة متبادلة وأعطى مفهومها على حسب المدارس والجهات وهي الأمريكي والماركيسي والعربي وتتأثر الثقافة بالجانب النفسي والاجتماعي حيث تؤثر الظروف الاجتماعية والنفسية على فكر المجتمع الواحد أو الفرد الواحد وعن فاعلية الفكر بحد ذاته كما أن الثقافة تتأثر بطبيعة الأفراد والمجتمعات الفصل الثاني : تركيب نفسي للثقافة - تراكيب جزئية وتركيب عامة لخصها الكاتب في أن الثقافة هي التركيب العام لتراكيب جزئية أربعة هي : الأخلاق ، والجمال ، والمنطق العملي ، والصناعة كما تكلم عن توجيه الأفكار الذي يرى أن هذه المشكلة تكمن في أن قوة الفكرة تضمحل أمام عدم معرفة توجيهها توجيه سليم وأمام الفشل في تكتلها مع الهدف الواضح وتوجيه الثقافة الذي يرى أنه يحدد بالحاضر وبالمصير الذي سنؤول اليه الحرفية في الثقافة : وفي هذا يرى الكاتب أن عدم محاولتنا تصفية عاداتنا وحياتنا مما يشوبها من عوامل الانحطاط هو ما أدى الى ظهوروانتاج حرفيين منبثين في أنحاء الشعب الأمي وهذا ما انتجته ثقافة نهضتنا وأن تحريف معنى الثقافة عندنا هو ما أنتج المتعالم الذي من صفاته أنه يرى العلم ألة للعيش و سلم للوصول للحكم ويرى أنه من الأولويات أن نسعى الى عودة الثقافة عندنا الى مستواها الحقيقي وذلك بتحديدها عاملا تارخيا لكي نفعمها ، ثم نظاما تربويا تطبيقيا لنشرها بين طبقات المجتمع التوجيه الأخلاقي : الأزمة الثقافية : الفصل الثالث : تعايش الثقافات وفي هذا تحدث الكاتب عن امكانية التعايش وعن سلبياته أو عوائقه وضرب كمثال مؤتمر باندونج والآفروآسيوية الفصل الرابع :الثقافة في اتجاه العالمية هنا تحدث الكاتب عن الثقافة في العالم العربي ومشكله مع العالمية وتوافق الثقافة مع شخصه ودينه وتكلم عن افريقيا وعن انواع الثقافة العالمية كوسيلةللامبراطورية أو للحضارة ... بصراحة هذا الجزء لم افهمه بما يكفي l’anti culture الفصل الخامس ما ضد الثقافة وهنا تحدث عن اللا ثقافة وعرفها أنها المستوى الاجتماعي اللتاريخي ، الذي لابد أن ننطلق منه لنبني ثقافة تتمتع بالأصالة والعالمية في آن واحد الخاتمة أما حوصلة ما أخذته من الكتاب بالنسبة للعالم العربي هو أن مشكلتنا خاصة مشكلة عدم وجود تعريف أساسا للثقافة ولا يمكننا أن نتكلم عليها ، وأنه علينا التخلص من عدة ظواهر وعدة رواسب ، كما علينا الانطلاق من مبادئ واضحة وأن نضع بعين الاعتبار ديننا وتاريخنا وظواهرنا وأن لا نتخبط عشوائيا للأخذ من هذا وذاك دون دراسة ، وأن نسعى للنهوض بالفرد والمجتمع في شتى الجوانب رحم الله المفكر مالك بن نبي ... وان شاء الله قراءة ثانية لهذا الكتاب بالذات وإلى كتاب جديد
"الثقافة"، تلك الكلمة التي تجري على ألسنتنا ويدعيها الكثيرون ويتشدق بها الأكثر، كنت أظنني أفهمها أو أن فهمها يسيرا أو أنها مجرد كلمة لا تحتاج أكثر من بضع كلمات لتعريفها مثلها كمثل العلم أو الدين، لكنني أدركت من خلال هذا الكتاب أن مجرد معرفتها معرفة حقيقية ومحاولة تعريفها وتوضيح حدودها هو مشكلة كبيرة بحق، وقد بذل فيها المؤلف جهدا رائعا وحاول تعريفها أولا من خلال المعاجم واللغة العربية ثم انتقل إلى تعريف عالمين أمريكيين وآخرين ماركسيين ليوضح التباين في تناول الثقافة وتعريفها وحدودها وأنها خاضعة لمعطيات متغيرة من مجتمع إلى آخر وعليه فالتعامل معها بصورة جامدة أو محاولة استنساخها من مجتمع إلى مجتمع آخر هي عملية مجحفة وغير مجدية فعليا لما سيحدث من تضارب بين المعطيات في هذا المجتمع والمفاهيم الثقافية الناتجة عن معطيات أخرى في المجتمع الآخر.
ويتناول المؤلف العلاقة بين الفكرة والشيء وارتباطهما بتكوين الثقافة والاختلاف في أيهما المحرك الأكبر وكذا الفرد والمجتمع وأيهما المؤثر الأكبر على عملة التثقيف، ثم يوضح أن الفكرة والشيء لا يمثلان وحدهما الثقافة بل إنهما يخضعان لمؤثرات أخرى تسهم معهما في تكوين الثقافة.
وفيما يخص مسألة الضمير الأوربي والأفريقي وأن الأول نابع من الثقافة الرومانية المتجهة إلى الإمبراطورية بينما الثقافة الإغريقية متجهة إلى الحضارة، فيطالب بأن يصحح الضمير الأوروبي بتوجيهه قليلا تجاه الإنسانية ومفهوم أحقية الإنسان الإفريقي أو الآسيوي به، فإن ما تناوله المؤلف يعد شيئا حالما ربنا يستحيل حدوثه لأن المحرك الأصيل كما ذكر هو نفسه من قبل هو الدين وهو الذي دفع الأمم الأوروبية إلى نهضتها وهو ذاته الذي يبقي على العداء الخفي بين الأمم ذوات الدين المختلف أضف إلى هذا الإرث العدائي النفسي بين المستعمِر والمستعمَر، وحتى بين المنتصر والمهزوم في الحروب، ولا شك أنه مهما بدت العلاقات مقبولة -سياسيا- بين أمريكا واليابان أو أمريكا وروسيا أو بين مصر وإسرائيل فإنه تنطوي على ما يمكننا تبيهه بالثأر وبتمني الشر للآخر، ولعل هذه الأمنيات أو الأحلام كانت معقولة إذ أن المؤلف كتب خلال الاستعمار وعندما بدأ يرحل عن البلاد المستعمَرة، وحينما كانت منظمة اليونسكو ومثيلاتها من المنظمات العالمية في أوجها والجماهير مخدوهة بأهدافها مفتونة بمعسول كلامها، أما الآن وقد مر زمان طويل أدركنا أن القوة وكما كانت دائما هي السبب الأوحد للسيطرة وللسعي إلى التقدم والتطور، فقد أصبح التطور والتقدم سببا من أسباب القوة سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو سياسية، فليست الحضارة هدف في حد ذاتها بل هي وسيلة لفرض السيطرة وللبقاء على القمة.
كما أن ميل المؤلف إلى أن إفريقيا مطالبة بتصدير الضمير لا العلم وأن المزيد من العلم خاصة فيما يتعلق بالآلة الحربية سيزيد العالم ظلاما بحجة أن القرن التاسع عشر بتطوره العلمي والعسكري لم يجلب الرفاهية بل الحزن والبؤس على العلم هو كلام مثالي أكثر من اللازم بل هو مخالف للعقل، فالضمير يحتاج إلى قوة والقوة تحتاج إلى ضمير وأي منهما وحده يكون مفسدا، ثم كيف يقبل العالم المتحضر منك توجيهه أخلاقيا وهو يراك دونه بكثير؟، ومسألة إتجاه العالم إلى السلام هو خدعة محضة، إذ يطلب بها من الدول الضعيفة أن تخضع اعتقادا منها أن السلام سيحل بينما الدول المتطورة تزيد في تسلحها وقوتها ولا شك أن السلام يحتاج إلى قوة تحميه ولذا فعلى الجميع أن يتحلى بهذه القوة وإلا ما الذي يجعل أحدهم وصيا على السلام العالمي بينما الآخر خاضعا له حقيقة، ثم أن في المناداة بالسلام العالمي إغفال لقضايا جوهرية تقف حجر عثرة في سبيله ، ففي الجانب العربي والإسلامي تقف قضية فلسطين عائقا، فكيف نرجو سلاما عاليا ولنا حق مغصوب، وقد جربت المفاوضات والقم بلا جدوى أو فائدة، إننا في عالم لابد أن تكون لديك فيه قوة ليستمع الناس إليك، حتى ولو كان حديثك عن نبذ العنف والقوة، ينبغي أن تكون قويا حتى تكون صادقا ومصدقا في نبذك للعنف لا أن تكون ضعيفا فتكون مجبرا على نبذه بل ولعلك تتسول نبذه حتى لا يصيب من ذي القوة أذى.
ولا يشفع للمؤلف انتقاده لفكرة السلام المؤيد بقوة السلاح أو سلام المنتصرين إذ أنه مطالب أن يأتينا من تاريخ الإنسانية بإمكانية مماثلة لإحداث سلام بدون قوة سلاح أو تفاوض على أساس الخوف من الخسائر والمفاضلة بين خسارتين، حقا إن انتقاده لتلك الفكرة يهز العاطفة لكنه كشاعرية الشعراء لا أكثر فلا سبيل لإقامتها على أرض الواقع إلا بتوحيد نفوس العالمين وهذا محال لأننا إنما خلقنا لنتباين لا لنتشابه على صعيد الأفراد والجاعات والدول وعلى صعيد الأمم كذلك.
وقد تدارك المؤلف تلك الحقائق في الفصل الأخير من كتابه هذا والذي كتبه بعده بعشر سنوات، لكنه مع الأسف لم يتخلى عن فكرته ولكنه راح يتناول المشكلة الاقتصادية ثم خرج منها إلى كل المشكلات الأخرى التي يقع فيها المجتمع، وتنبه إلى حرص البعض أن يبقوا حالة اللاثقافة في هذه المجتمعات الناشئة، وفرق على إثر هذا بين افلوكلور والثقافة واعترض على حصر البعض الثقافة فيه بينما هو جزء منها.
لقد سبق وقلت بعد مطالعتي لكتاب "شروط النضة" - والذي ضمن منه فصلا كاملا في هذا الكتاب- أن مالك بن نبي يعد مهندس النضة الإسلامية المنتظرة وهو في كتابه هذا يتناول ركنا مهما من أركان هذه النضة المنتظرة بالتحليل ساعيا لمعرفة الكيفية التي يمكن للمجتمع العربي والإسلامي أن يتعرف على ثقافته وكيف يتسنى له أن يطورها في حدود مفاهيمه التي تشتمل على معطيات نابعة من عربيته وإسلاميته،وقد خرج المؤلف بعض الشيء عن هذا الاتجاه العربي الإسلامي إلى ا��إقليمية فتناول الإفريقية والآسيوية، ولا شك أن محاولة خلق ثقافة موحده أو منبع موحد للثقافة الأفريقية أو الآسيوية على شاكلة الثقافة الأوروبية مما قد يستحيل لأن الثقافة الأوروبية قد وحدتها –كم� ذكر المؤلف من قبل- توحد الديانة فقد كانت المسيحية المنطلق الأول لتلك الحضارة حتى وإن تنكر لها الغرب فيما بعد، بينما في أفريقية أو آسيا ينعدم هذا العنصر الموحد إلا ما يتعلق بالموقع الجغرافي وهو أمر لا يرقى لتكوين ثقافة موحدة، غير أن هدف امؤلف –كم� ذكر في خاتمة كتابه- أن يوضح أنه مع ضعف الرابط الجغرافي إلا أنه من الممكن أن يسعى لإقامة ثقافة كما سعى الإتحاد الإفريقي أو الأفروآسيوي فمن باب أولى أن تكون الثقافة الإسلامية مع عظمتها متانتها قادرة على إحداث تلك الوحدة الثقافية بل والدفع بوطنها إلى التحضر والتقدم.
هُناك كتبٌ لا يمكن أن تقرأها مستلقيًا من أجل التّرويح عن نفسك.. إنّها كتبٌ يجبُ أن تخطّ عنها خواطركَ ومُلاحظاتك ولو على جِلدك.. إنّها كتبٌ تدرسُها درسًا ..
سيكُون من الصّعب كتابةُ مراجعةٍ - أو حتّى شبهُ مراجعةٍ - عن مثل هذه الكُتب.. عن فكرِ أستاذنا مالك بن نبي، الذي لم يُفهم تُراثه إلى الآن، ولا يُمكن أن يفهم إن لم يؤخذ على محمل الجدّ ودونَ أن يُقارن بالعناوينَ البرّاقة التي تأخذ شُهرتها سريعًا جدّا، وأحيانًا كثيرة دون استحقاق..
حينَ يصبّ المؤلف حسّ الهندسة، L'esprit d'ingènieur ( وقد كان مُهندسًا بالفعل ) داخل كتبه حول الثّقافة، بهدف تحليل وتركيب عناصرها النّفسية من أجل الفهم ثمّ التّطبيق.. تُصبحُ القراءة لهُ ممنهجةً أكثر، تستنفرُ كلّ أساليب استوعابك من أجلِ أن تتابع معه الحديث ( أو القراءة، لا يهمّ ).
وكمَا قال الدّكتور
« من أجل ذلك، أجد نفسي (متطيراً) من مقارنة مالك بابن خلدون .. أخشى أن نفعل به كما فعل بابن خلدون معاصروه.. »
( هَاهنَا رابطٌ للمقال: حدّثنَا مالكٌ فقال )
أنَا أيضًا.. مُتشائمةٌ جدّا حول الوضع، وحولَ ما هو آتٍ.
كنت قد قرأت هذا الكتاب في السابق لكنني لم أدقق فيه كما هذه المرة . في الواقع تعجبني أفكار مالك بن نبي و أخطط للحصول على بعض من مؤلفاته الأخرى .
أعجبتني عدة أفكار طرحها الكاتب ، من ضمنها أن أحد مشكلاتنا الرئيسية هي أننا نستقي الحلول من الخارج دون الالتفات للفروقات الثقافية بين المجتمعات ، مما يعني أننا نحاول حل مشكلاتنا ضمن قوالب جاهزة قد لا تكون مناسبة من الأصل لخصوصية مجتمعاتنا .
فكرة أخرى طرحها الكاتب و استوقفتني كثيراً ، تقول بأن الثقافة العربية تعاني حالياً من أزمة رهيبة تتمثل بما يسمى "حرفية الثقافة" ، بمعنى أن المجتمع العربي فيه نسبة أمية عالية و هو أمر بديهي ، إلا أن المشكلة الأكبر تتمثل في أمثال المثقفين الذين يتخذون من علمهم و ثقافتهم وسيلة للحياة دون الاهتمام بفكرة الثقافة بحد ذاتها ، و قد أسماهم بالمتعالمين ، خطورة هذا الوضع تكمن في أن أولئك المتعلمين لم يقوموا بإخضاع أفكارهم الخاصة للتوافق مع التعليم الذي استقوه ، بل إنهم استمروا يحافظون على طبيعتهم الأمية لكنهم في نفس الوقت من حملة الشهادات ! هذه الفكرة شرحت بالنسبة لي ظاهرة العنف الجامعي التي نعاني منها ، إذ أن طلاب الجامعات لا يفقهون فكرة أنهم يتعلمون من أجل بناء ذواتهم و تطوير مجتمعاتهم بل إن أقصى ما يطمح إليه واحدهم هو حصوله على شهادة تخوله من نيل وظيفة يعتاش منها ، فالثقافة أضحت وسيلة و ليست غاية بحد ذاتها .
إجمالاً أفكار مالك بن نبي متجددة و تمس واقعنا بشكل مباشر ، أنصح بهذا الكتاب بشدة
جرب أن تقرأ في موضوع، أي موضوع، بلسان غريب عنك، ثم أتبع قراءتك بقراءة لسان ابن لغتك ودينك، لا سيما إن كان حاذقا أصيلا كابن نبي، ثم أخبرني عن النشوة التي تواتيك. على الرغم من أهمية الآراء الغربية في موضوعات الثقافة، وما يتصل بها من حقول في أصلها هي من إنتاجهم، إلا إن الطرح العربي الإسلامي يظل الأكمل والأشمل، ولا لوم ينال الأول، سوى أن الثاني يطرح أسئلة تشغلك، ويشرح بأدوات تعيها وتفهمها، بينما يحلق الأول بعيدا عن السرب. قراءة ماتعة، وتساؤلات حقيقة بالطرح والمعالجة، من قارئ نبيه قبل أن يكون كاتبا حاذقاً.
في أحد الايام قبل تقريبا 9 سنوات كنت أتناقش و صديقة لي عن الكتب التي نقرؤها. و سألتني عمّا إذا كنت قد قرأت لمالك بن نبيّ. أجبتها بالصدق و هو أنني قرأت له بعض العناوين و أنا أتجول في مكتبة مركز البحث العلمي في الانتروبولوجيا الاجتماعية و الثقافية حين كنت أزور والدي في مكتبه. إلا أن صديقتي تبسمت تلك الابتسامة الممزوجة من السخرية و الحسرة ثم قالت: " كونك لم تقرئي لمالك بن نبيّ فاسمحي لي أن أقول لك أنك لم تقرئي قط" طبعا أخذتني حميّة الجاهلية في التعصب و الحنق و أخبرتها أن هذا غير صحيح فكونها هي أيضا لم تقرأ مثلا لفريديريك دارد الذي كنت أقرا له أنذاك رواية اسمها toi qui vivais لا يعني أنها لم تقرأ أدب فرنسي. طبعا قلت هذا لمجرد القول و الهروب من وخز في قلبي كان قد بدأ في إيلامي. و حسرتها التي كانت قوية في عينيها لاحقتني طوال هذه السنوات حتى قررت بالفعل أن أقرأ لمالك بني نبيّ كل كتبه و كنت قد اشتريت ثلاثة عناوين هي : تأملات، مشكلة الثقافة، مذكرات شاهد للقرن. و فعلا بدات في قراءة مشكلة الثقافة و قد شعرت فعلا بوجود مشكلة في عقلي. لا أزال في الصفحة الخمسين و عندي ثلاثة أوراق كتبت فيها الفوائد!!! تذكرت صديقتي تلك و وددت لو أخبرها عن حسرتي أنا هذه المرة..غير أنني لا أعرف لها طريقا. أظن أن المشكلة تكمن في عدم إتقان الاقتناء و الاهتمام في التنوع حين نود أن نقرا و هذه مشكلة لا يقع فيها إلا القارئ النهم بكل تأكيد و بعيدا عن الغرور
الجزء الثاني من مراجعتي لكتاب: مشكلة الثقافة لمالك بن نبيّ.
مشاركة مني لمبادرة كلنا نقرأ في اليوم العالمي للكتاب أنهيت الكتاب الأول بفضل الله تعالى من سلسلة مشكلات الحضارة لكاتبه المفكر الإسلامي الجزائري الجليل: مالك بن نبيّ الذي يوصف بمنهجية و فلسفة التفكير و ملكة في تقديم العلاج و الطبابة في قضايا الأمة المختلفة. و قد كانت سعادتي و حسرتي في نفس الوقت و أنا أقرأ الكتاب تؤنسان عقلي و هو في حالة تفكر و تدبر لقضية الثقافة في مجتمعنا الجزائري خاصة و العربي عامة. فضلت أن لا أتحدث في هذه المقالة عن مالك بن نبيّ رحمه الله و عبقريته الفذة في تحليل المشكلات لأنني أصغر بكثير من أن أستعرض إعجابي و انبهاري بتقنيته في الكتابة هذا من جهة. و من جهة أخرى يمنعني حزني و ازدرائي لنفسي أن أظهر عدم استحيائي لكوني أقرأ لمالك بن نبيّ أول مرة. و قد تحدثت عن هذا في الجزء الأول من هذه المراجعة الطويلة مستطردة بقصة الصديقة التي أنبتني حين علمت مني أنني أعرف لمالك عناوين فقط. بيد أن الاعتراف بالتقصير خطوة لانجاز الكثير و قراءة كتاب مشكلة الثقافة أولا قبل غيره من الكتب ما كان اختيارا مني إلا لمواجهة مشكلتي أنا شخصيا و أضعني تحت مجهر التشخيص متحدية بذلك نفسي و عقلي و هما الأجدر و الأولى بالتحدّي قبل كل شيء آخر و أي شخص آخر باعتبار أن التحدي أو المنافسة بين أحبة القراءة و الفكر و الثقافة وسيلة لإثراء البنك المعلوماتي للدماغ و ممارسة معينة من أجل عبادة الله على علم و بصيرة: " و في ذلك فليتنافس المتنافسون". غير أنني ارتأيت أن اقسم مراجعتي هذه لعدة أسباب منها: 1- كون أن الكتاب كاملا استنفذ تأملي بصفة كبيرة و موجعة للثقافة. 2- استنباطي للأفكار و الفوائد استقرت على أربعة أوراق و نصف الورقة. 3- طلب صديقة لي أن أشاركها ما تعلمته من الكتاب معلنة أن الكسل يمنعها لقراءته و البعض الآخر الذي لا يتحمل التطويل حتمّ عليّ أن أقسم المقال و أبسط قدر المستطاع مصطلحات علم الاجتماع و علم النفس و لغة الفلسفة التي كتب بها الكتاب. 4- أجدني مجبرة على كتابة مقال عن كل فكرة أو جملة اقتبستها من الكتاب لا رغبة مني في الكتابة و استخدام أناملي في رياضة إنما هناك دافع قوي يتمثل في الشعور بالألم و الحسرة و غزو مشاعر مماثلة لفؤادي من حيث لا أدري.
و قد يكون تقسيمي للمراجعة عائد بالدرجة الكبرى إلى إحساسي بمسؤولية تجاه من سيقرأ و بامتنان و التقدير لمؤلف الكتاب و الأكثر من هذا و ذاك استحضاري و أنا أكتب الآن هذه الكلمات لآية وقفت بسيف الثبور منتصبا مترقبا غير بعيد منّي في قوله تعالى:" فويل لهم مما كتبت أيديهم و ويل لهم مما يكسبون". لذا كان لزاما عليّ أن أتأنّى و أعدكم بــ:....يتبع.
قراءة وتقرير قراءة في كتاب مشكلة الثقافة "1-2" : الكتاب : مشكلة الثقافة . المؤلف : مالك بن نبي - ترجمة عبدالصبور شاهين . الناشر : دار الفكر - دمشق- . " مشكلة الثقافة " كتاب من القطع المتوسط ، عدد صفحاته 150 صفحة ، صدر ضمن سلسلة مشكلات الحضارة التي كتبها المؤلف . يُصّنف الكتاب في علم الاجتماع ، وهو ينقسم إلى خمسة أقسام : 1- تحليل نفسي للثقافة ، 2- تركيب نفسي للثقافة ، 3- تعايش الثقافات، 4- الثقافة في اتجاه العالمية ، 5- ماضد الثقافة . هذا تلخيص لأبرز ماجاء في الفصل الأول والثاني، وأتبعها بما انتقيته من اقتباسات يسيرة . - الفصل الأول : تحليل نفسي للثقافة . يبين المؤلف في الفصل الأول من كتابه ، ماللأفكار من أثر في تقدم الشعوب أو عدمه ، وأن الدول المتقدمة إنما تقدمت في عالم أشيائها بسبب تقدم عالم أفكارها الراقية ، كما يقول هنا : " والواقع أن أي مجتمع لايكون قد شاد بعد ( عالم أشيائه) بل كل ماهنالك أن (عالم أفكاره) يبدأ في التكوين ، دون أن يشتمل أحياناً إلا على بوادر تفكير إيديولوجي " . إذن فهو في هذا الفصل اتجه إلى التحليل ومحاولة إبراز العوامل المختلفة التي لها دور في تحديد ثقافة معيّنة ، ومن أجل هذا كان عنوان الفصل كما يقول المؤلف بنفسه (تحليل نفسي للثقافة) ، وربما يفيدنا هذا في فهم واقع اجتماعي معيّن ، وإدارك معالمه النفسية والاجتماعية والجوهر الكامن في طريقة مواجهة مشكلة الثقافة ، تبعاً لدرجة التطور في بلد ما ، وتبعاً لمرحلته التاريخية ، فالعالم العربي الإسلامي يختلف في موقفه من الثقافة عن العالم الغربي وعن العالم الشيوعي ، فليست مشكلته منحصرة في محاولة فهم ( الثقافة ) وإنما تحقيقها بصورة عملية ، وهذا ماقد يساعدنا في فهم طبيعة الأشياء . بعض الاقتباسات من هذا الفصل : 1- وغني عن البيان أن حلاً يجعل من عالم الأشياء هيكل البناء الثقافي ، لايمكن تطبيقه في البلاد الإسلامية حيث لم تملك بعد ( عالم الأشياء ) ، ومن الواضح أيضاً أن مجتمعاً عندما يولد أو ينهض لايكون لديه (عالم الأشياء ) ، وبالتالي لايكون لديه سوى ( عالم الأفكار ) يلتمس فيه إخصاب فكرة ، بواعث ثقافته ، أعني مباديء التجديد والخلق والإبداع ، ومن أجل هذه النوعية التاريخية في المشكلة ، لايمكن أن نستورد الحلول ، كما تستورد من الخارج قضبان الحديد أو المواد الخام . ص39 2- ولقد أرانا تاريخ ألمانيا الحديث كيف أن بلداً شهد الانهيار الكامل لعالم أشيائه ، قد استطاع باحتفاظه بعالم أفكاره ، أن يبني كيانه من جديد .ص35 3- وتتجلى المقدرة الخلاّقة في الفكرة ، في التفاصيل ذات الأهمية البسيطة ، كمايمكننا أن نلاحظه في هذه الأيام في عربات الباعة الجائلين في شوارع القاهرة ، جيب يبيعون (الفوانيس) الملونة لتسلية الأطفال في ليالي رمضان ، فمن الواضح أن (الفوانيس) وهي "شيء" قد أوجدها معنى رمضان ، أعني" فكرة" .ص45 4- فاعلية الفكرة رهن بشروط نفسيه واجتماعية تتنوع بتنوع الزمان والمكان ، ويمكن القول عامة أننا إذا ماعرفنا تاريخ مجتمع معيّن ، فسنجد أنه كما لديه مقبره يستودعها موتاه ، فإن لديه مقبره يستودعها أفكاره الميّتة ، الأفكار التي لم يعد لها دور اجتماعي . ص46 5- تراث ابن خلدون قد ظهر في العالم الإسلامي ، ومع ذلك لم يسهم في تقدمه العقلي والاجتماعي ، لأن هذا التراث كان يمثل فكره لاصلة لها إطلاقاً بالوسط الاجتماعي . ص47 6- الفكرة والشيء لايكسبان قيمة ثقافية إلا في ظل بعض الشروط ، وهما لايخلقان الثقافة إلا من خلال اهتمام أسمى ، بدونه يتجمد (عالم الأفكار) و(عالم الأشياء) حتى كأنه قطع من الآثار في متحف ، فيفقد كل فاعليه اجتماعية حقه . ص48 - الفصل الثاني : تركيب نفسي للثقافة : أبرز المؤلف في هذا الفصل معنى الثقافة بوصفها (جواً) يمتص الفرد تلقائياً عناصره ، من ألوان ، وأصوات وحركات وروائح وأفكار ، يتلقاها لابوصفها (معاني) و(مفاهيم مجردة) ، لكن بوصفها صوراً مألوفة يستأنسها منذ مهده ، أي أن المؤلف باختصار تتبع الاطراد الثقافي في طور تكوينه ، والا طراد العكسي كذلك أو ما أسماه بالأزمة الثقافية ، أي عندما يزول ( الجو ) الثقافي ، ويتعذر تركيب العناصر الثقافية في منهج تربوي وهذا مايقصده بالأزمة الثقافية . بعض الاقتباسات من هذا الفصل : 1- فينبغي لكي ننظم العناصر الثقافية في وحدة عضوية ، أن نضع خطة تربوية صالحة لتحقيق هذه الوحدة ، وبذلك نكون قد تصورنا منهج تحقيق مشروعنا بصورة فنيّة . 2- أكبر مصادر خطأنا في تقدير المدنية الغربية أننا ننظر إلى منتجاتها ، وكأنها نتيجة علوم وفنون وصناعات ، وننسى أن هذه العلوم والفنون والصناعات ، ماكان لها أن توجد لولا صلات اجتماعية خاصة ، لاتتصور هذه الصناعات والفنون بدونها ، فهي الأساس الخلقي الذي قام عليه صرح المدنية في علومه وفنونه ، بحيث لو ألغينا ذلك الأساس ، لسرى الإلغاء على جميع مانشاهده اليوم من علوم وفنون . ص81 3- ولسوف نصل في النهاية إذا ماتتبعنا كل مدني من مظاهر الحضارة الغربية ، إلى الروابط البيئية الأولى ، التي بعثت الحضارة ، وهذه حقيقة كل عصر وحضارة . ص81 4- وليس من شك في أن (مصطفى كمال ) حينما فرض (القبعة) لباساً وطنياً للشعب ، إنما أراد بذلك تغيير نفس لا تغيير ملبس ، إذن إن الملبس يحكم تصرفات الإنسان إلى حد بعيد . ص83 5- يجب أن يثيرنا أقل نشاز في الأصوات والروائح والألوان ، كما يثيرنا منظر مسرحي سيء الأداء ، إن الجمال هو وجه الوطن ، فلنحفظ وجهنا كي نحفظ كرامتنا ، ونفرض احترامنا على جيراننا الذين ندين لهم بالاحترام نفسه . ص 85 6- إننا نرى في حياتنا اليومية جانباً كبيراً من ( اللافاعلية) في أعمالنا ، إذ يذهب جزء كبير منها في العبث والمحاولات الهازلة . ص88 7- وليس من الصعب على الفرد المسلم أن يصنع مقياساً نظرياً يستخرج به نتائج من مقدمات محددة ، غير أنه من النادر جداً أن يعرف المنطق العملي ، أي استخراج أقصى مايمكن من الفائدة من وسائل معيّنة . ص 85 8- .. فالأزمة الثقافية تنمو وتنمو معها أيضاً نتائجها ، من الحد الذي يمكن تداركه بالتعديل البسيط إلى الحد الذي يصبح فيه التعديل مستحيلاً ، أو لايمكن إلا بثورة ثقافية عارمة ، تكون في الحقيقة بمثابة إنطلاقة جديدة للحياة الاجتماعية من نقطة الصفر . ص 91 يتبع ..
لم يشتهر هذا الكتاب كما اشتهر كتاب "مشكلة الأفكار" وشروط النضة" لكن عنوانه جذاب وحجمه خفيف يلفت الانتباه إليه خاصة أنه يتناول مشكلة الثقافة. والغريب أنك تكتشف من خلال قراءتك للكتاب انها لفظة دخيلة على لغتنا العربية أصلها لاتيني لكن لا علينا فلكل يوم تكتشف لفظة جديده. الرائع الماتع في كتب مالك بن نبي اسقاطاته الفكرية على العلوم الأخرى في شرح أفكاره فأنت تستمع حين تقرأ قانونًا رياضيًا، أو فيزيائيًا، كيميائي أو طبي على شكل وروح منهج تفكير تحقق منه استفادة مرتبطة بتحقيق مقصد تعلمك هذا العلم الذي لم تستفد منه شيء سوى صيغته القانونية. وفي هذا الكتاب ومثله كتاب الأفكار يمتعنا مالك بن نبي بالإسقاطات العميقة الطبية والرياضية بقمة الروعة والجمال. يوضح الكتاب مفهوم عميقًا للثقافة، يواجه فيه المتعالمين وأدعياء الثقافة الذين اتخذوها وسيلة للكسب أو وسيلة للتعالي والاستكبار على الأقل علمًا وفهمًا. ويخشى ما يخشاه على المفكرين الجدد من تكديس الأفكار والوقوع في فخ الترف العقلي الذي لا ينتج عنه عمل، فليس يكفي أن ننتج أفكارًا وانما يجب أن يصاحبها توجيه نحو العمل. فأصحاب العقول المجردة كثيرون وغثاء كغثاء السيل لكن أصحاب العقل التطبيقي هم النادرون، وفيهم يتكون جوهر الارادة ومنطق العمل والحركة. ويحذر أيضًا من النشاطات التي تنعدم فيها الفاعلية وتتسم بالشلل ولا يكون منها سوى أنها مخدر يرفع فيك حالة النشوة والتغيير ثم ما يلبث أن ينتهي مفعوله فتكتشف أنك فعلت لا شيء. وهي رسالة للتأكيد عند بداية كل عمل أن نعرف كيف نقيس كفاءة أعمالنا وماهي مؤشرات تقدمنا وتأخرنا، وابتعادًا عن الارتجالية وشغل البركة في اختيار العمل لمجرد العمل، أو لإرضاء ضميرنا الغائب في أننا نعمل. وفي سياق حديثه عن النضة قال: "ان أول واجباتنا تصفية عاداتنا وتقاليدنا، واطارنا الخلقي والاجتماعي مما فيه من عوامل قتّالة ورمم لا فائدة منها حتى يصفو الجو للعوامل الحية والداعية إلى الحياة" وهي مساحة واسعة لعمل المفكر والناقد لمجابهة كل صنوف الموروثات السلبية، ولا عذر وفي سياق آخر يقول" مشكلة الانسان هي مشكلة الحضارة" وهو اعلان صريح وواضح أن استيقظوا لمشاكلكم وهمومكم الخاصة وكفاكم البحث عن حلول لمشاكل غيركم. النضة لن تبدأ إلا حين تبدأون بالبحث جيدًا حول حل مشاكلكم أولا...فهذه بداية الحضارة. وأخيرًا يؤكد على عالمية ثقافتنا كونها ثقافة تدعو للجمال وللسلام وللرحمة للإنسانية جمعاء. هذا قليل مما ذكر في الكتاب إلا إن روعته تجعلك تتوقف عن المزيد فلا شيء يستحق مراجعة كتاباته الا قراءة كلماته مباشرة مرات ومرات عديده.
الكتاب فيه أشياء عجيبة فعلاً .. سأكمل بكتابين لمالك بن نبي إلى بقية السنة ثمّ سأكتب بعض النقاط التي لاحظتها إلى الآن في كثير من كتبه ولكن هذه النقاط هنا لفتت انتباهي وهي مجرد رأي شخصي قابل للنقاش وليس نقد علمي منهجي بطبيعة الحال: - حصر العالم الإسلامي في المغرب والأندلس فقط وحصر المسلمين في وقتها في التجربة الأفريقية فقط وهذا الحقيقة عجيييب - يعتبر المفكر الثقافة والحضارة شيئان مندمجان وهذا حقيقي لكن أنا ليس مع الرأي الذي يقول أنه كلما زادت الحضارة زادت الثقافة وقد قرأت هذا الرأي عند عدد من المفكرين مثل المسيري وبيجوفيتش - أحيانا تغلب النظرة المثالية على الطرح للمواضيع بشكل مريب - أول فصل عن تعريف الثقافة وتفكيك المفهوم صراحة جميل جدا ويمكن أن تكون هذه طريقة لكل المفاهيم - آخر فصل عدّل فيه كثيراً عن الآراء المثالية فيما سبق وهو فصل لاحق على الكتاب بعد تغيرات واقعية وهذه نقرة تدل على أن هناك أمور يجب أن تتخذ من الواقع لا بما ينبغي أن يكون.
ولقد يحدث أن يخطئ الفتى المسلم في تقديره للمشكلات والأشياء، فهو غالباً ما يخطئ عندما يعتقد أن الذي ينقصه في وضعه الراهن إنما هو الصاروخ، أو على الأقل البندقية التي يؤدي بها كما يتوهم واجبه العاجل. فضميره هنا قد أصيب بانحراف، لأنه يحسب حساب حضوره الفذ وسط عالم يشعر بأنه لا مكان له فيه، ولكنه يفسر أصل دائه تفسيراً خاطئاً حتى يعزوه إلى نقص (أشياء) كثيرة في حياته، على حين أن ما ينقصه إنما هو (الأفكار). وسنظل نكرر ونلح في تكرارنا أن أزمة العالم الإسلامي منذ زمن طويل لم تكن أزمة في الوسائل، وإنما في الأفكار، وما لم يدرك هذا العالم تلك الحقيقة إدراكاً واضحاً، فسيظل داء الشبيبة العربية الإسلامية عضالاً، بسبب تخلفها عن ركب العالم المتقدم.
لكن الثروة الثمينة هذه معرضة للأخطار، فنحن في عالم ما زال ملطخاً بخطيئة الاستعمار إزاء أولئك المشغوفين بـ (ثقافة سيطرة)، ولا يريدون أن يتيحوا للشعوب التي خرجت حديثاً من ربقة الاستعمار، إمكانية تحقيق (برنامج ثقافة) ولا أن يحافظوا على (لاثقافتهم) بكراً لا يمسها سوء. هناك أفلام، وهناك أسطوانات، وهناك مجلات خلاعية. وهناك كتب التربية الجنسية، وهناك أساليب التخنث والترجل، وهناك مجون نشاهده أمام أبصارنا، وهناك حتى فلسفة اللذة الجنسية كما تضع الشباب على طريق الفرويدية. وهذه كلها ليست إلا مظاهر منظورة أو غير منظورة لوحش متعدد الأطراف، واسع المدى، قذر تسمم أنفاسه الملوثة مناخاً، تولد فيه القيم الثقافية الأصلية، وتمتد أطرافه تتلوى كالأفعى، لزجة الدبق، تمسك بقوة وتنزلق، لتحم الخناق وتخمد في أعماقنا وفي قلوبنا وفي عبقريتنا وفي روحنا، تلك الثروة الأساسية التي هي المنطلق في تحديد (منهج ثقافة).
ابن نبي اناط بنفسه دور المشخص لمعوقات الي تمنع المجتمع العربي من دخول الحضارة وهنا يشخص مشكلة الثقافة التي هي - بالنسبة له - اهم معيق للمجتمعات المتخلفة من دخول الحضارة. الكتاب من النوع العادي غير الثقيل على الدماغ ربما لأنه لا يحلل كثيراُ بقدر مايعطيك أبعاداً للمشكلة من زوايا مختلفة مكتفياً بقدر معقول من التوضيح فقط. الكتاب جيد بصورة عامة وإن كان بحاجة لتكيثف أكثر وتبيان.
الكتاب الثاني الذي أقرؤه للمؤرخ الجزائري مالك بن نبي، وازداد إعجابي بأسلوب كتابته وطرحه. ماهي الثقافة؟ من أين أتتنا هذه الكلمة؟ ماهي الأزمة الثقافية؟ وماهي المقومات الضرورية لبناء ثقافة؟ يجيبنا مالك بن نبي عبر كتاب مشكلة الثقافة عن هذه الأسئلة وأسئلة أكثر. مشكلة الثقافة كتاب يطرح مفهوم الثقافة من زوايا متعددة، ويتطرق للفكرة والشيء وكيفية تحولهما لثقافة. يبين الكاتب في هذا الكتاب تأثير الملبس والفكرة والأخلاق على أسلوب الحياة والثقافة، ويستشهد في سائر أقواله بقرائن وأدلة وشواهد إسلامية من الكتاب والسنة ومواقف الصحابة. كذلك، يتطرق الكتاب للثقافة في المعنى التاريخي والتربوي والأخلاقي، ودور الثقافة في تحديد مصير الإنسان. ينظر الكتاب للوقائع الاجتماعية على أنها تركيبات من منهج أخلاقي وذوق جمالي وصناعة ومنطق عملي. وكل واقع اجتماعي هو ثقافة معينة تؤدي للحضارة. كتاب ممتع جدًا ولطيف.
يبدأ الكتاب في تعريف الثقافه ، فلكي ندرك معنى ما لا بد ان نجد في ذواتنا ما يوافق صورته ، اذ ان عملية التعريف تبدأ بان نطلق على الاشياء (اسما) ثم تتشكل لدينا صوره معرفيه عنه بعد التحامنا به ، ولذا يبدو من الصعب ان نعرف الثقافه في المجتمع العربي كوننا لا نعايشها في المعنى ، فبعض المجتمعات تعيشها كواقع اجتماعي وبعضها يجري عليها تعديلات والبعض الاخر -العرب مثالا- لم يعرفوها بعد .. يقول البعض ان الثقافه مرتكزه على الاشياء ، اي الثقافه الماديه ويقول الاخرين انها تستند الى الافكار .. لهذا نرى ان المجتمع الالماني استطاع النهوض سريعا بعد الحرب العالميه رغم تدهوره اقتصاديا لانه احتفظ بافكاره داخل عقله .. يشرح لك الكتاب لم قد تجد اثنين من البشر ولنقل درسا منهج الطب الانجليزي واحدهما اجنبي والاخر عربي ، اي ان لديهما نفس المرجع المهني العلمي، لم تختلف فاعلية هذان الاثنان في مجتمعاتهما.. لان السلوك الفردي هو ناتج الثقافه التي تنبثق اصلا من الافكار التي تسود المجتمع .. لهذا ايضا تجد ان السلوك بين طبيب انجليزي وراع غنم انجليزي متشابه بينما يختلف النظيران العربي والاجنبي .. لهذا ايضا تجد ان مسرحية مثل (عطيل وديدمونه) قد تثير الحزن لدى المجتمع الاوروبي الذي تحكمه الثقافيه الجماليه فهو يحزن لانه يرى ثنائيا ينتهي نهاية بشعه ، اما الثقافه السائده عند العربي فهي الثقافه الاخلاقيه لذا لا يجد داع للتعاطف مع رجل قاتل وسارق .. فهذه الافكار والمعتقدات التي نشئ عليها تحكم سلوكه وبالتالي تحكم ثقافته ..
الجزء الاول من الكتاب ممتاز ، ثم يبدأ بشرح العلاقه مع المجتمع الخارجي ويطرح مثال الثقافه الافروسيه ..
أول كتاب أقرأه لمالك بن نبي .. كتاب جيد فيه بعض المعلومات المفيدة لكن مشكلته إنه ممل جداً .. كتاب نظري أكاديمي أشبه بكتب المدرسة في الفسلفة أو علم النفس .. معلومات نظرية بحتة ما حسيتش إن ليها علاقة بالواقع إلا قليلاً الكتاب حسسني بالتوهان في أغلب صفحاته .. انتقال من موضوع للتاني للتالت وبعدها الرجوع للموضوع الأول بلا نظام ..
الشعب الذي يفقد ثقافته ، يفقد حتما تاريخه —� الثقافة هي الجسر الذي يعبره الناس الى الرقي و التمدن ---- الثقافة تحفظ المجتمع من السقوط الى الهاوية —� الثقافة هي ذلك الدم في جسم المجتمع يغذي حضارته. � لو أردنا تعريف الثقافة عمليا سوف نقول :مجموعة الصفات الأخلاقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته و من ثم تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه. فهي المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه و شخصيته. � صرح الحضارة الغربية قام على أساس مجموعة من القيم والأخلاق التي التي هي نتاج مجموعة من المفكرين. � روح الاسلام هو الذي خلق من عناصر متفرقة كالانصار و المهاجرين أول مجتمع إسلامي ، ولكن ليس الإسلام كما نفهمه اليوم. —� قوة التماسك الاجتماعي موجودة بوضوح في الإسلام �- لكن اي اسلام ؟ الإسلام المتحرك في عقولنا و سلوكنا و المنبعث في صورة إسلام اجتماعي � قوة التماسك الاجتماعي جديرة بأن تؤلف لنا الحضارة المنشودة � لا يمكن لصورة قبيحة ان توحي بالخيال الجميل او بالأفكار الكبيرة ، فان لمنظرها القبيح في النفس خيالا أقبح ، و المجتمع الذي ينطوي على صورة قبيحة، لابد ان يظهر أثر هذه الصورة في افكاره وأعماله و مساعيه. � لا شك ان للجمال اهمية اجتماعية كبيرة ، فهو المنبع الذي تصدر عنه الأفكار ، وتصدر عنه بواسطة تلك الأفكار أعمال الفرد في المجتمع —� الذوق الجميل الذي ينطبع فيه فكر الفرد ، يجد الإنسان في نفسه نزوعا الى الإحسان في العمل و توخيا للكريم من العادات. � أصبحنا اليوم نفقد ذوق الجمال ، ولو أنه كان موجودا في ثقافتنا. � الجمال هو الاطار الذي تتكون فيه الحضارة ،فينبغي ان نلاحظه في انفسنا و نتمثله في شوارعنا وبيوتنا و مقاهينا..
ما هي الثقافة ؟ مفهوم تعايش الثقافات ؟ مفهوم الثقافة عند المسلم ؟
منذ بداية الكتاب ،، ومالك يحاول ان يعطي مفهوم مجملاً لمعنى الثقافة ،، من التاريخ وحتى الآن ،، ينبع تعريف مالك بن نبي للثقافة من نقد وجهة نظر رأسمالية قائمة على الفردية ، ووجهة نظر شيوعية قائمة على الجماعية ، ثم يبين خطأ تركيز بناء مفاهيم ثقافية على أفراد أو مجموعات معبرة عن مفهومها في الإسلام فقط ، حيث قسمها إلى أربعة عناصر أساسية: ((الأخلاق ، الجمال والذوق ، المنطق العلمي ، الصناعة والتكنولوجيا)) ، . يعرّفها مالك بأنها: ((مجموعة من السمات الأخلاقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر على الفرد منذ ولادته وتصبح لا شعوريًا علاقة تربط أفعاله بطريقة الحياة في البيئة التي ولد فيها ..)) .
فالثقافة إذن هي: المحيط الفكري والنفسي والاجتماعي والأخلاقي والروحي..، الذي يحتضن الوجود الإنساني في المجتمع، ويدعمه بالخبرة المعرفية والسلوكية والأخلاقية والجمالية..، وفي هذا المحيط تتشكل طباع، وشخصية، وذوق الفرد الثقافي، محكومة بالسنن النفسية والآفاقية. فالثقافة إذن: نظرية في العرفة، ومنهج في السلوك وطريقة في العمل والبناء.
في أول تجربة لي للكاتب الكبير مالك بن نبي ،، وفقت في اختيار الكتاب ،، كتاب لطيف بعدد صفحات ليس بكثير ،، ومحتواه جديد على ما قرأته سابقاً ،،
كتاب مشكلة الثقافة لمالك بن نبي. كتاب قرأته مباشرة بعد كتاب (شروط النضة) لذات المؤلف،وذلك لشعوري بأن الكتابين مكملين لبعضهما. الكتاب يقع في خمسة فصول،يبدأ المؤلف في أول فصل بدراسة "نحليلية"نفسية للثقافة،والعناصر الأساسية الممثلة للثقافةوبين المعنى الواسع للثقافة والذي لا يعرف عنه معظم الناس إلا معنى "صوري" ضيق جدا. يبين في الفصل من الأسبق والأكثر تأثيرا في تشكيل الثقافة عامة:أهو الشيء أم الفكرة؟ يعني هل لأن لدينا "شيء" فإنه يوحي لنا بفكرة فنصنع منها ثقافة،أم هل لأن لدينا "فكرة" فنصنع منها شيء يبني لنا ثقافة.!؟ كان النقاش والطرح رائعا في الدعم والدحض لكل صورة على حدة،بالإضافة إلى انه أورد الفروق ما بين المنهج ��لأمريكي والمنهج الماركسي حيال هذه النقطة. وبين في هذا الفصل كذلك تداعيات المراحل المختلفة والتي قد يصبح معها بعض الثقافات غير صالحة لذلك الزمان لنفس المجتمع،فما بالك بمجتمعات مختلفة في أزمنة مخنلفة.!؟ كما ناقش الكتاب ماهية الثقافة واختلافاتها بين الأمم ودور (المقاييس الذاتية) في اختلاف هذه الثقافات. الفصل الأول تحليلي خالص. الفصل الثاني:يعمل فيه المؤلف على تجميع ما فككه،بمعنى أنه باب (للتركيب) النفسي للثقافة،وتشكيل المركب الكامل من العناصر التي سبق لها تحليلها بالفصل الأول. تكلم عن شروط الثقافةوتركيبها المتمثل بـ:الأخلاق،والجمال،والمنطق العملي،والصناعة. ناقش المؤلف الشرط الأول بشكل جميل،وكذلك الثاني،وأراه قصر في شرح الثالث والرابع. كما أن في هذا الفصل بالذات الكثير من النقاط التي أوردها الكاتب في كتابه (شروط النضة) حرفيا . مما نوقش في هذا الباب دور النشاط التمثيلي على مسرح الحياة،على إحياء الفكرة،وأن الفكرة تصاب بالشلل اذا ما افتقرت للنشاط،وكذلك الشلل يصيب النشاط المُفتقر للفكرة. تكلم عن مشكلة كبيرة تواجه المجتمع الإسلامي في تركيب ثقافته ومن ثم حضارته،وهي في انتشار نوعية من الناس أسماهم (المتعالمين) الذين تعلموالا لغاية العلم والتطوير،بل لغاية الوصل للمآرب والاستمتاع بحظوة مجتمعية براقة كاذبة،وأكد أن (الجاهل) للمجتمع الساعي لتكوين ثقافة من جديد،خير له من (المتعالم) الذي يُصعب معالجته،فمعالجة الجهل بالتعليم،ولكن ما علاج المتعالمين.!؟ ناقش الكتاب هذه النقاط كما أسلفت بدرجات متفاوتة من التوضيح،ولكن آخر الكتاب أعجبني في إثراء ما أسمها المؤلف (الأزمة الثقافية) وقد قسمها لأزمة ثقافية على مستوى الأفراد وأزمة ثقافية على مستوى المجتمع،كما أثار في هذه الجانب نقطة تلامس حالنا في البلاد العربية كلها اليوم،من دور الحكومات والسلطات البيروقراطية الطاغية في (انتهاز) حال افراد المجتمع ومحاولة قمع أي محاولة للتفكير المنهجي،وإخفاء الواقع والنكبات التي تحل فيه من أزمات ثقافية-سياسية-اقتصادية..الخ والتي تنضوي جميعا تحت راية (الثقافة) في تعريفها ومفهوما الشمولي،ومحاولة هذه الحكومات تصريف وتشتيت أنظار الشعوب إلى أمور أخرى تلهيهم عن واقع الفساد والأزمة الثقافية التي تعيشها بلدانهم الفصل الثالث كان يتكلم بصورة عامة عن تعايش الثقافات،ودور (اليونسكو) في هذه المبادرات،وأخذ المبادرة الأفروآسيوية) كمثال -1955م- في هذا الباب وحللها بشكل لا بأس به. الفصل الرابع يتحدث عن الثقافة وكيف أنها أصبحت توجه عالمي،ودور العولمة في ذلك،وأهمية إيجاد (هامش) ثقافي يسمح بتعايش أكبر للمجتمعات المختلفة مع حفظه لطبيعة الاختلافات بين الخلفيات الثقافية لهذه المجتمعات،وفرق المؤلف هنا عن الحضارات الثقافية المبنية على التسامح والقوة الفكرية،وبين الحضارات الامبراطورية القائمة على القوة العسكرية،وناقش الدور المناط بافريقيا كونه أحد ابنائها في تحقيق هذا (التعايش العالمي) للثقافات وأكد على أن دورها يجب أن يكون من نوع القوة الفكرية،لأن طبيعة الشعوب الافريقية تنافي القوى العسكرية الامبراطورية. الفصل الخامس والأخير كان مختصرا قصيرا،عن ما اسماه المؤلف (ما ضد الثقافة) وهو يناقش الصور الشائعة في المجتمعات الدولية جراء المدنية والحضارات والفروق بين الشعوب وما اثمرت عنه في تشويه صور جميلة كثيرة. مأخذي على الكتاب وما أثر عندي بالتقييم:هو عدم مقدرة المؤلف على تشكيل حضارة بروح إسلامية (عملية) تُطبق بعيدا عن التنظير العام،وقد أكد المؤلف صعوبة هذه العملية غير مرة في الكتاب وأنه يتطلب الكثير من العقول النيرة،التي تقدر معطيات المرحلة وطبيعة الشعوب وضوابط الدين. عذرا على الإطالة ودمتم بخير،،
حسبما جاء بمقدمة الكتاب .. لقد جاءت أفكار بن نبي حول مفهوم الثقافة برؤية جديدة، لم تألفها المصطلحات المستوردة التي تمت صياغتها في إطار الفكر الليبرالي، أو في إطار الفكر الاشتراكي التقدمي، لذا فقد شعر المفكر مالك بن نبي بالحاجة إلى جمع أفكاره حول الثقافة وعرضها من جديد، في صورة تحليلية تحفز الفكر العربي والإسلامي وتحركه باتجاه اكتشاف الحقائق والمصطلحات، بوسائله الخاصة، ووفق المعطيات النابعة من تجربته.
يتكون الكتاب من مقدّمة وأربعة أجزاء، هي: تحليل نفسي للثقافة، تركيب نفسي للثقافة، تعايش الثقافات، الثقافة في اتجاه العالمية. وبمناسبة إعادة نشر الكتاب في أضاف له بن نبي جزءاً مُلْحقا بعنوان ما ضدّ الثقافة
إن مشكلة الثقافة التي يطرحها مالك بن نبي يمكن تحديدها عبر ثلاثة مستويات:
- أولا: المستوى المعرفي بتجاوز التكديس إلى البناء وهدم الأفكار المرسخة لما يسميه بالقابلية للاستعمارلدى الفرد، والتي تتحدد من خلال أنواع أهمها: الفكرة الميتة وهي الفكرة التي خذلت أصولها وانحرفت عن نموذجها المثالي ولم يعد لها جذور في محيط ثقافتها الأصلي وتعبر عن الجانب الذي يسميه بالاستعمار والجانب الذي يطلق عليه القابلية للاستعمار"، والفكرة القاتلة هي الفكرة التي فقدت شخصيتها وقيمتها الثقافية بعد أن فقدت جذورها التي ظلت في مكانها في عالمها الثقافي الأصلي "أي تلك الأفكار التي نستعيرها من الغرب".
- ثانيا: المستوى السلوكي ويحدده مالك بن نبي من خلال المنطق العملي والصناعة وتحقيق الفائض في الواجبات على حساب الحقوق وتوجيه رأس المال ، والفعالية. فالثقافة هي التي تحدد السلوك الفعال حيث يتحقق الانسجام بين سلوك الأفراد وأسلوب الحياة في المجتمع، وتنشأ رقابة بين الطرفين؛ رقابة طبيعية إذا اختل شيء ما في سلوك الأفراد تنشأ ردود الأفعال في أسلوب الحياة لإيقاف الانحراف أو الخطأ في السلوك والعكس بالعكس. وهذا التكوين ينشأ مع الطفل منذ اليوم الأول في المهد.
- ثالثا: المستوى الوجداني وهو التوجيه الأخلاقي والعناية بالذوق الجمالي واستحضار الفكرة الدينية المركبة التي يمكن لها أن تبني الإنسان ليقوم بدوره في بناء الحضارة . فالدين هو وحده الذي يستطيع أن يؤسس مجتمعا وليس العلم . كما أن المجتمع لا يقوم على غير المبدأ الأخلاقي الذي يقوم ببناء عالم الأشخاص، الذي لا يتصور بدونه عالم الأشياء، ولا عالم المفاهيم. والمجتمع الذي تأسس وتكونت وحدته على أساس أخلاقي، يتطلب صورة ومظهرا، يتطلب تنظيمه الشكلي من حيث ملبسه ومعاشه وترتيب أشياء بيته. الأشياء التي تتصل بالقيم الجمالية، لذا لا بد من الثقافة أن تمدنا بالذوق الجمالي وتنمي فينا هذا الذوق.
كتاب ليس من السهل فهم محتواه، فهو موجه للمثقفين . هنا تجدون بعضا من الاقتباسات المهمة :
�" إن تنظيم المجتمع و حياته و حركته، بل فوضاه و خموده و ركوده، كل هذه الأمور ذات علاقة وظيفية بنظام الأفكار المنتشرة في ذلك المجتمع؛ فإذا ما تغير هذا النظام بطريقة أو بأخرى فإن جميع الخصائص الإجتماعية تتعدل في الإتجاه نفسه. " مشكلة الثقافة - ص13 ....................... �"أهمية الأفكار في حياة مجتمع معين تتجلى في صورتين: فهي إما أن تؤثر بوصفها عوامل نضة بالحياة الإجتماعية، و إما أن تؤثر على عكس ذلك بوصفها عوامل ممرضة تجعل النمو الإجتماعي صعبا أو مستحيلاً. " مشكلة الثقافة- ص 14 .................. �" العالم قد دخل في مرحلة لا يمكن أن تحل فيها أغلبية مشكلاته إلا على أساس نظم الأفكار، و في مرحلة كهذه يتحتم على البلاد العربية و الإسلامية أن تولي أكبر قدر من اهتمامها لمشكلة أفكارها، و خاصة تلك البلاد التي لا تملك كثيرًا من أدوات القوة المادية. " مشكلة الأفكار - ص 15 ..................... عندم� سؤل يونج: ماهي (الذات) أو (الأنا). قال بإجابة فلسفية لطيفة : " الأنا هي جزيرة صغيرة في مجال غير محدود يمثل اللاشعور". ......................... فاعلي� الأفكار مرهونة بشروط نفسية و اجتماعية تتنوع بتنوع الزمان و المكان. ص 46 ........................... يمكنن� القول عامة: إننا إذا ما عرفنا تاريخ مجتمع معين، فسنجد أنه كما أن لديه مقبرة يستودعها موتاه، فإن لديه مقبرة يستودعها أفكاره الميتة، الأفكار التي لم يعد لها دور إجتماعي. ص 46 ..................... لي� يكفي مطلقا أن ننتج أفكاراً، بل يجب أن نوجهها طبقا لمهمتها الإجتماعية المتحدة التي نريد تحقيقها. ص 67 �#مشكلةالثقافة �#مالكبننبي ........................... ل� يمكن لصورة قبيحة أن توحي بالخيال الجميل أو بالأفكار الكبيرة، فإن لمنظرها القبيح في النفس خيالا أقبح، و المجتمع الذي ينطوي على صور قبيحة، لابد أن يظهر أثر هذه الصور في أفكاره و أعماله و مساعيه. ص 81 �#مشكلةالثقافة �#مالكبننبي @Ѳ ............................. الأفكا� هي المنوال الذي تنسج عليه الأعمال، وهي تتولد من الصور المحسة الموجودة في الإطار الإجتماعي، فتنعكس في نفس من يعيش فيه، وهنا تصبح صورا معنوية يصدر عنها تفكيره، فالجمال الموجود في الإطار الذي يشتمل على ألوان و أصوات و روائح و حركات و أشكال، يوحي للإنسان بأفكاره، و يطبعها بطابع� الخاص من الذوق الجميل أو السماجة المستهجنة. ص 82 �#مشكلةالثقافة �#مالكبننبي @Ѳ
This entire review has been hidden because of spoilers.
تلفتني تلك النماذج الخاصة التي يصنعها أصحابها لأنفسهم، مالك بن نبي أحدهم فهو يتحدث عن التوجيه الجمالي والعمل التطبيقي وجانب الصناعة، لمست حديثه في شروط النضة وهذا ثاني كتبه التي أقرؤها له ووجدتها كذلك.
- الأفكار التي أحاول مراجعتها لأدرك أنني خرجت من الكتاب بشيء منظم بشكل جديد هي :
- الأفكار أساس لا تتحول إلا واقع مالم تطبق مهما كانت جميلة.
- السعي لثقافة مشتركة لا ذائبة ومدمجة أنفع بكثير من العزلة التي تبدي للآخرين ثقافة هزيلة.
- ثقافة الفرد وثقافة المجتمع، انتقال الأول إلى الثاني يعلمنا مدى تجانس الفكرة ووجودها في شكلها المعقد وشكلها البسيط.
تجدون مزيد من الأفكار التي أعجبتني في الاقتباسات.
،
حمدت الله عز وجل أن جعلني أجبر نفسي على الإكمال لأن الفصل الأول كان فرنسياً جداً -هكذا أتوقع- بالرغم من أني ل�� أقرأ في حياتي شيئاً فرنسياً لكنه كان مغرق بالتعاريف.
الأمثلة التي أتى بها تصلح لأوروبا والمنطقة الإفروسوية وحتى الأحداث أغلبها جعلت من القراءة شيئاً أشبه عندي بتفكيك الرموز لأنني لا أعلمها، لذا قد أعود في أقرب فرصة لمسرد الشخصيات والمصطلحات والمنظمات -وهو أمر أحبه في الكتب- لأجد ما تعنيه وأفهم أكثر.
لا أنصح بقراءة الكتاب إلا مع البحث أثناءه عن الأمثلة وتفاصيلها لتفهم الفكرة.
مشكلة الثقافة.... فيما يتعلق بالمؤلف فقد أبديت رأيي فيه وبكتاباته في تعليقي السابق على كتابه "مشكلى الأفكار في العالم الإسلامي" لذلك لن أطيل الكتابة بهذا الخصوص... أما فيما يتعلق بالكتاب الذي أنهيته للتو... فرأيي فيه لا يختلف عن رأيي فيما سبق من مؤلفات المفكر... فهو كتاب يحمل من الأفكار الشيء الكثير وفيه من الصعوبة ما يكفي ليدفع بالقارئ إلى إعادة الفصل مرةً تلو الأخرى ليحيط بأقل القليل مما ورد فيه... إلا أنني وفي هذا الكتاب بالذات أحسست بشيء من المثالية في طرح الأفكار جعلني أميل إلى الشعور بعمق الفاصل الزمني الذي يفصلني عن الفترة التي كتب فيها... للأسف كان فيه نظرة متفائلة لم تلق صداها فيما بعد... وكان يميل إلى تغليب أفكار السلام التي لم تستطع أن تنتشر في عالم تحكمه دول تحمل ثقافة وروح المستعمر... وهنالك مأخذ آخر على الكتاب إذا أنه وفي أحد فصوله كان مقتبساً من مؤتمر يُعنى بالشأن الإقريقيّ وليس الإسلامي فكان ذلك خروجاً عن السياق الذي كان لابد للكاتب أن يلتزمه خصوصاً بعد سرده للفصل الذي سبقه والذي ضم شروطاً محددةً لعرض مشكلة الثقافة لمجتمعات مختلفة... إضافةً إلى كل ماسبق فقد خطر في بالي الكثير من الأسئلة أثناء القراءة كان أهمها: لو أن مالك بن نبي رحمه الله عاش في هذا العصر هل كان سيكتب نفس الكتاب بنفس الأفكار؟؟ سؤالٌ سألته لنفسي ولا أعلم أي الإجابات هي الأكثر صحة...
بداية تحدث الكاتب عن مفهوم الثقافة وقام بتعريفها كما جاءت في القواميس العالمية وتصرف بها حتى أدخل نوع جديد من الثقافة أسماه الثقافة الدخيلة انتقد مفهوم الثقافة في المدرسة الاشتراكية والغربية وقام بربطها تاريخياً وتربوياً وقال جملة أعجبتني :أي إخفاق يسجله المجتمع في إحدى محاولاته، إنما هو التعبير الصادق على درجة أزمته الثقافية . تحدث عن المواقف الاسلامية والغربية ازاء الثقافة وذكر أنها احدى ضروريات الحياة وأنها أهم من العلم وأكثر فاعليةً منه كما انه ربط الثقافة بالحضارة من جهة كونها محيطاً يحيط بالإنسان، وإطاراً يتحرك داخله كما قام بذكر التراكيب الجزئية المكونة للثقافة وهي: المنطق العملي - الأخلاق - الصناعة - الجمال أيضاً نوّه ابن نبي أن المسلم يفتقر للمنطف في حياته رغم انه يملك منطق الفكرة وهي تعاليم دينه الإسلامي و أشار في كتابه بفصل كامل عن تعايش الثقافات وعن إمكانية التبادل الثقافي بين الثقافات المختلفة وأن الخلافات السياسية لا تعيق السير الحضاري لهذه التعايشات الكتاب جميل بالمجمل وهو أحدى كتب سلسلة مشكلات الحضارة
كان هذا الكتاب مدخلا لعالم مالك بن نبي المتناسق، والذي تظهر به شخصية المهندس المؤمن الغيور .. فيدخل إلى الثقافة ليحللها لغة ومصطلحا، ويعود مرة أخرى ليجمعه ويعيد تركيبه، واصفا الحل الذي يراه ..
يتميز الكتاب أيضا أنه مرتبط بالواقع ارتباطا وثيقا، فليس سباحة في عالم الفكر والمصطلحات وحسب، بل إسقاطا مباشرا على فترة كانت - وما زالت - تحتاج كثيرا من الإصلاح الفكري الواقعي .. انطلاقا من عالم الأفكار، وهو ما تطرق له وحاول علاجه من كل نواحيه مالك بن نبي - رحمه الله - في سلسلته مشكلات الحضارة ..
كتاب ممتع ويحتاج الكثير من التركيز لتركيبه وتماسكه .. وقد يحتاج أكثر من قراءة ..
هو أول قراءة لي لمالك بن نبي، و أعتقد أنها قراءة مخيبة للآمال في العموم. هناك أفكار جميلة مبعثرة هنا و هناك، لكنني لا أجد ذلك التمشي الرياضي الجاد و المنظم الذي يميّز التفكير الفسلفي.. و لم أقدر تقريبا أخرج منه بشيء يخص نظرة مالك بن نبيّ لمشكلة الثقافة. الفكرة الكبرى التي اوغل في الحديث فيها دون ان يذهب به الاستطراد دون رجعة، كان مفهوم الثقافة كعلاقة تفاعليّة بين الفرد و المجتمع. لكن غير ذلك، فالعناوين اعظم و اجل من المضمون، و لم ار أي تحليل نفسي (كما أشار) و لا حلولا في مجال التربية، و لم أصلا الدافع وراء الخوض في مسألة السلام.