هذا كتاب يستحق تحية خاصة، تقديرا لعناء وشجاعة هذا الفعل المتمرد فى حيز الكتابة المحاط بالأسوار والأسلاك الشائكة.. حيث قواعد التحريم التى تفصل بين الداخل والخارج، فليس كل ما يُعرف يقال، وليس كل ما يُقال يكتب.. وهذا وحده سبب كاف للتعاطف مع هذا الكتاب الجرىء الذى عانى كثيرا حتى ظهر إلى النور، ومازال مهددا بالحصار والتعتيم وسوء الفهم المتعمد، لمجرد أنه كتب ما لا يجوز قوله إلاَّ فى الحجرات المغلقة.
كاتبة وروائية مصرية كانت من أعلام الحركة الطلابية في أوائل السبعينيات في جامعات مصر. قدمت كتابات في عدد من الصحف والمجلات الشهيرة، ضاقت بالحياة وألقت بنفسها من الطابق العاشر في صيف 1997
لازم واحدة بالصدق دا تنتحر , لازم واحدة بالصفاء و الواقعية دي تنتحر , وهل يوجد طريقة أعظم من الانتحار لإنهاء الحياة ؟ الانتحار هو لحظة الشجاعة الأعظم على الاطلاق , لحظة تحديك لغرورك و حبك للخلود فتختار أن تنهي تلك الحياة .
وخاصة إذا كانت حياة سمجة سخيفة في مجتمع كاذب يتنكر لكل معايير المنطق و الحرية والاحترام .
المهم : نحن أمام حالة نادرة الوجود , حالة مكتوبة , مكتوبة بألمها و عذابها و قدرها الأسود في أن توجد في وسط افتقد لاحترام نفسه و ما تربى عليه من مبادئ و أسس .
جيل السبعينات : الجيل الأكثر ظلمًا على الاطلاق , فهو قد وقع بين ضيق ناصر و انفتاح السادات , الجيل الواقع بين نكسة تكسر الظهر و نصر يرفع الامة (المفروض) , الجيل الذي شب وهو يرى بلاده معسكر شرقي يناصر السوفيت و تفتح ذهنه وهو معسكر غربي تُباع بلده للأمريكان , ورغم كل ذلك كان الجيل الأكثر بريقًا و إبهارًا , الجيل الحي النابض , جيل المبادئ و القيم , جيل الجهاد من أجل رفعة وطنه , ولكن ماذا يفعل الجبل العظيم في مواجهة طوفان الفساد و الانحطاط , وكانت النتيجة المآساة , ودُك الجبل دكا , ففقد الرجال ظلهم , وفقد الجيل بكامله نفسه , فتنكر لمبادئه , فمنهم من زهد معنى الحياة ومنهم من خان وباع نفسه لكي يركب الموجة هو الآخر .
ولكن وسط هؤلاء ظهرت زهرة نقية , زهرة حافظت على امش ما من احترام الذات , فكيف ذلك ؟ لم نتركها إلا و سحقناها .
الحالة المكتوبة أمامنا هي خلاصة تجربة الجيل كله , بما له وما عليه , وكيف نظر للأمور وكيف تعامل معها , وكيف انتهى في النهاية .
جيل اليسار العظيم والماركسية و الشيوعية النابضة بجاذبية لا تقاوم , جيل الحب والحلم والحرب .
طبعا أي مقارنة بين الجيل دا والأجيال الشابة من السطحية بمكان , لا احنا قاومنا مثلهم ولا تعرضنا لضغوط بحجم ما تعرضوا لها .
أروى صالح : قلائل من يجدون صدق النفس ويتعاملون معه , فهي معاناة ولذلك نهرب جميعًا منها , ونادرًا ما ينعم علينا الزمن بمن يواجه نفسه , وأنت كنت نادرة من تلك النوادر , ألا على روحك السلام وعلى جسدك النعيم .
سواد على سواد هذا أصدق ما يمكن أن يعبر عنه فى تلخيص هذا الكتاب الصغير الحجم الثقيل على النفس...لا تقرأ هذا الكتاب إذا كنت تمر بحالة إحباط لأنك ستزداد إحباطاً و كآبة من كم السواد و المرارة و الإحباط الذى يقطر من كلمات الكاتبة التى لن تندهش إذا علمت أنها فى نهاية المطاف قد ماتت منتحرة. يخطىء من يظن أن الكتاب يؤرخ للحركة الطلابية فى بداية السبعينيات أو أنها شهادة شخصية عما جرى من أحداث...الأمر أعلى من هذا عند الكاتبة فهى تصف حال المثقف اليسارى و أزمة هذا الجيل الذى إنتفض مطالباً بالحسم للقضية الوطنية العالقة الممثلة فى إحتلال سيناء, و خرج بآمال عريضة و هو يظن أن الشعب خلفه...ثم فوجىء بأنه خارج المعادلة بعد أن دُجن من السلطة بنصر محدود...ثم إنفتاحٍ بلا حدود..و بهذا صار أنسب وصف لهذا الجيل هو أنهم (مبتسرون)...و الحقيقة أن ثورتنا المصرية لو أكملت فى نفس المسار الذى أرغمت على السير فيه حالياً, فسنستحق أن نرث عنهم هذا اللقب. معظم الكتاب نقد للأوضاع و حسرة على الآمال الضائعة و فضح للنخبة المثقفة المنفصلة عن الواقع و التى رضت التدجين و خانت الشعارات التى كانت تنادى بها, أو التى صنعتها الكلام..و فقط...و ما أصدق ما قالته حينما ذكرت أنها لو أتيح لها أن تكون مسئولة عن إنشاء حزب سياسى لفرضت أن يقتصر الإنضمام على من تجاوز الثلاثين و أن يكون ذا عمل و محتك بالشعب...يبدو أنها قد عانت من كثرة المنظرين حولها. شعرت بالرثاء لحالها و هى تتأسى على ماركسيتها و على كثرة من يتظاهرون بالماركسية و هم لا يفهمونها....و أنى لها أن تجد السلام النفسى الذى تنشده...و الحق أنى أغلب وقت قراءتى للكتاب كانت تلح على الآية الكريمة ((و من أعرض عن ذكرى فإن له معيشةً ضنكا)).
هذا كتاب الحقيقة بلا رتوش. حقيقة المخادعين في صفوف حركة اليسار والحركة الطلابية، الذين شوهوا بأفعالهم وزيفهم سمو الفكرة ونبل المقصد. هؤلاء الذين فضحتهم الكاتبة عبر سرد تجربة شخصية صادقةومؤلمة: المبتسرون صداقتي الشخصية مع أروى صالح سمحت لنا بمناقشات مطولة حول هؤلاء، الذين مازال بعضهم يقود أحزاباً وحركات سياسية، ويتحدث بترفع ويتشدق بالمصطلحات السياسية.. لكنهم خدعوا وضللوا كثيراً جيل الحركة الطلابية في السبعينيات. أروى صالح كاتبة رائعة وصادقة، تقرأ لها فتستمتع بفهم أعمق لما تسرده وترصده وتحلله
يا الله. تشهقُ قلقًا وخوفًا وحُزنًا بعد الانتهاء من هذا الكتاب الصادق حد العُري. المآساة لا تكمن فقط في مدى بؤس الماضي.. المآساة تكمن في التشابه الضخم بين جيل السبعينات المُبتسَر .. وبين جيلنا
أروي صالح فى كتابها "المبتسرون" كتبت الجملة الأكثر اقتباساً من جيلنا عن الذين ذاقوا غواية التمرد وأن هذه هي مأساتهم. فى الواقع أروي كانت تتحدث عن جيل مواليد الخمسينات والستينات واللي لما حب يعمل احتجاجات عمل مظاهرات الحركة الطلابية كانت وسيلة النظام لتدجين الشعب بعد هزيمة 67 وأنهم فعلاً ساهموا فى انقاذ النظام من أزمته الحقيقية وبعد نصر أكتوبر "المحدود" وما تلاه من اتفاقية سلام مذلة وانفتاح اقتصادي ساهم فى تدهور أحوالنا أكثر وأكثر. فى الحقيقة الجيل ده لما كبر كان ضد الشباب فى كل اختياراته بعد الثورة بل وكان ضد الثورة بشكل عام. فبسم الله ماشاء الله الجيل ده ضيعنا وهما شباب وضيعنا وهما عواجيز وأروي كانت بتتكلم عن نفسها مش أكثر وربنا ينتقم من كل ظالم.
كنت أتعجب فعلاٌ عندما أسمع أحداٌ من هذا الجيل يقول أنهم خاضوا نضالاٌ يوماٌ ما لم أعترف يوماٌ ما بأن جيل الحركة الطلابية قد أحدث فارقاٌ إيجابياٌ فى أي من القضايا التي كان حتي هو يرفع لواءها فى النهاية لم تكن تلك الحركة سوي ردة فعل فى مصلحة النظام العسكري فى مصر فى أحلك لحظاته بعد نكسة 1967 وانهيار كل شئ
كانت إحدي المسكنات ولما انتفت الحاجة لها وقرر النظام أن عليها ان تنطفئ فاطفئها بكل سهولة ومحاولة مقارنة هذا بالثورة التي قام بها جيلنا هو محاولة مجحفة بحق ثورتنا والشهداء والذين عانوا وما زالوا يعانون
لربما قد يساعدنا هذا علي محاولة لماذا وجدنا هذه الجيل يخذلنا في كل لحظات الاختيار الحر التي اتيحت له، فلقد باع مستقبلنا حتي قبل أن نأتي إلى هذا العالم.
تزداد قناعتي يومآ بعد يومآ أن الخبر الأسعد الذي يمكن أن يتلقاه جيلنا هو موت أخر من ولدوا قبل الثمانينات.
هى معاناة انسانة مثقفة فاهمة واعية على ما يدور متمردة بفكرها .. تحاول ان تتعايش مع البيئة والمجتمع .. ودائما ما تتصادم مع الغوغائية واليأس
فى مجتمع يتحلى اشخاصه بالمراء وعد الوضوح والكذب والنفاق كيف يعيش النقاء والصدق ؟؟
لا تجد سوى ان تهرب بنفسها داخل نفسها .. تحدث الى قلمها ليسجل بصدق وبراءة كل مايجول فى خاطرها
تشابه كبير بين جيل الحركة الطلابية فى السبعينيات وجيل الثورة فى الالفينيات .. هؤلاء الشباب الذين خذلهم حلمهم وعالمهم فهربوا الى عالم افتراضى ليتعارفوا فيه وينشأوا مجتمع من الفالصو يصالحوا فيه انفسهم
ما أشبه اليوم بالبارحة .. وما أشبه النهاية الحتمية التى قررتها الكاتبة لنفسها قبل انتحارها بعشر سنوات .. ونهاية جيل الالفينيات الذى يتجه اليه بمساعيه !!!
فليكن شعار المثقف الفاهم .. لا حياة وسط ثقافة ولا سلام وسط فهم
من بداية المقدمة التي كتبتها آروى صالح قبل طباعة الكتاب و نشره.. و المقدمة الأولى.. شعرت بتشوش رهيـــــب للكاتبة !!! يظهر التشوش و التناقض التي تعترف بجزء منه ضمناً عبر صفحات الكتاب.. .. لا عجب في أنها إنتحرت في نفس عام نشر هذا الكتاب !
أبرز ملامح التناقض كانت في تأكيدها كماركسية على رفضها لتكوين أسرة و أطفال يزيحوا عنها همومها فهي ترى أنه حل وهمي مُسكِّن .. و في نفس الوقت بحثها عن المعاني الإنسانية في كُل إنسان .. بحثها عن بشر كاملين كما تتخيلهم يُكمل نقصها و يزيح همومها ..
تلخص الحركة الطلابية اليسارية في بداية السبعينات و حُلمهم في تغيير شكل العالم و القضاء على فكرة "الفرد: مقابل فكرة "المُجتمع" و الوصول لروابط إنسانية كاملة و تمردهم على واقعهم .. ثم الفشل و الإحباط الذي أصابهم و أنتج تغييرات جذرية نفسية لدى الأغلبية الذي غير أيدلوجيته و أصبح برجوازي صغير أو كبير يتمحلس للسلطة و النظام..
و تنقد النظام الناصري الذي كان رأسمالياً في صورة إشتراكي.. الذي أوهم الناس و ضحك عليهم و خلق طبقة البرجوازيين الصغار الذين يدينون له حتى الآن بوصف عهد ناصر أنه عهد الحلم ..
تُلخص كُل هذا في كلمات أجدها رائعة: "لقد بدءوا أيام الحركة الطلابية بذلك الإندفاع النبيل يحمل هموم الوطن على الكتف و يخرج من ذاته الضيقة إلى الشارع الواسع.... و لكن الأمر إنتهى بهم أن أصبحت القضية هي إيجاد حل لذواتهم العاطلة."
و قد كان لها تشبيهاً أعجبني فقد رأيت فيه نفس ما يحدث الآن؛ حيث تري الكاتبة أنه حينما فشل التطبيق الإشتراكي الصحيح أصبح اليساري متباهياً بنظام الإتحاد السوفيتي متغاضياً عن كل تجاوزاته مُصراً على المقارنة به كنظام ناجح مع نموذجنا الفاشل.. و تناسى اليساريين كيف أرادوا لل��مال أن يحكموا و ما هي الشيوعية، و أصبح السؤال الذي يشغلهم و يرددونه هل أنتَ مع جوربتشوف أم ضده ؟
أكثر عبارات أعجبتني في هذه الصفحات كانت وصفها لنظام السادات و ما فعله: "غير أن النصر ما إن تحقق حتى استحال إلى تراب، انشطبت القضية الوطنية من الوجود، واعتبرت كل المعارك الوطنية السابقة شططا وحماقة وجب التكفير عنها، وأعلنت حرب أكتوبر "آخر الحروب" (لم يصبر حتى تبرد المدافع كي يفيقنا على واقع أنه حارب إسرائيل وأمريكا بجنود لا ثمن لدمهم، لا لشيء إلا ليصالح أهلهم على القتلة) وبدأنا عهدا خاليا من "الهموم الوطنية"، ولكن في الفراغ الذي تركته لم يحل "الانشراح" الذي اشتهر به ا لسادات، بل تلك الهموم ما عادت تحتاج شرحا، ولكننا فقط نسينا � أو تناسينا- أن أصلها هو أن القضية الوطنية لم تحل، أننا عدنا - مرة أخرى- غرباء في وطننا- ولقد جاء على شعبنا الزمن الذي صار فيه حديث "الوطن" و"الوطنية" يثير عنده الضحك، ومع ذلك تفضحه عاطفته حين تلتف القلوب حول مسلسل جاسوسية ساذج عن صراعنا مع إسرائيل، أو حتى مباراة لكرة القدم تسمح بإزالة الصدأ الذي علا حب الوطن. ولديهم من البجاحة الآن، بعد أن جعلوا الذل "واقعا" أن يفلسفوه فيعلنوا الندم: كان يجب أن نسلم منذ عام ٤٨ ! "قدها وقدود" فلقد فعلتموها حين جرؤتم، بدماء غيركم.. ولا يزال شعبنا يلعب لعبة نسيان مع نفسه، ولكن سيجيء وقت ويتذكر، فالشعوب أيضا ذاكرة..."
نقدت الكاتبة الحركة الطلابية التي إنتمت إليها و نقدت نفسها أحياناً .. و تحدثت بصراحة .. و عن بدء فقدان إيمانها بالماركسية .. رغم إنها ظلت مرتبطة بالماركسية و الشيوعية .. و ظلت دائماً تجد نفسها في الفكر الشيوعي .. و كانت طامتها الدائمة في الفجوة بين الحلم و الواقع و عدم قدرتها على التعايش مع الواقع بالتالي..
و رأيي الشخصي في تجربة الكاتبة أنها بحثت عن النموذج الإنساني و الروحي بعيون نموذج مادي .. و بعيون فكر لا يناسب البشر من أن يكون كل البشر واحداً متوحداً .. و لا يكون لكل إنسان حياته و ما يميزه .. هي تاهت كما نتوه جميعاً .. و لكن بوصلتنا الإيمانية كانت توجهنا .. حتى إن لم نستطع إيجاد الطريق كانت تطمئنا .. كانت ترينا جمال الله في خلقه .. و كانت ترينا الإنسان إنساناً حتى لو فقد الرؤية و الفهم و الإدراك و الإهتمام بشئون وطنه .. كانت ترينا الصغير و العجوز إنساناً .. و تجعلنا نبحث عن حكمة خلقنا و حكمة أن يمتد بنا العمر أو يقصر .. كان الله دائماً معيننا .. و دائماً نستيعن به .. أعتقد هذا ما كان ينقص الكاتبة و كان مفتاح ما تبحث عنه .. كان بين يديها و لكن لم تجده .. فما كان منها إلا كما نوهت في هذا الكتاب لفكرة الإنتحار عند الكبر إلا أن إنتحرت فعلاً عام 1997.
لا يسعني في النهاية سوى أن أدعي الله أن يكون مُعيني على الهُدى في هذه الدُنيا.. و أن يكون هو وكيلي و نصيري.
- هل حقا تريد ان تموت ؟ - لا احد ينتحر لأنه يريد ان يموت - لماذا ينتحرون اذا ؟ - لانهم يريدون ايقاف الألم فى الحقيقة انا مقرأتش الكتاب علشان اعرف حاجه عن الحركة الطلابية فى السبعينات كما يبدو من مضمونه يمكن دى اخر حاجه ممكن تشغل بالى فى الوقت الحالى يعنى ولكن فى الايام الاخيرة حلمت بزينب مهدى احلام اقرب الى الكوابيس و زينب مهدى هى شابة مصرية مرحة و ناشطة فى العمل السياسى والعام انتحرت منذ عدة اشهر وكان انتحارها صدمة كبيرة لى على المستوى الشخصى ربما من اكبر صدمات حياتى اردت التعرف على نماذج اخرى مثل زينب ولم اجد افضل من نموذج أروى صالح وكتابها الأهم المبتسرون الذى انتحرت بعده بأشهر قليلة بإلقاء نفسها من الدور الثانى عشر نفس الشخص نفس الروح ونفس درجة الصدق مع النفس , نفس الضعف الإنسانى نفس الإفتقار الى القدرة على التكيف مع واقع مريض ونفس رفض فكرة ان تكون عاجزا تقول أروى "تعبت.. استهلكت.. مفيش فايدة". قلت للطبيب النفسي أن شعور عملاق باللا جدوى يبدو كأنه يبتلع كل شيء: لا جدوى العمل العام الذي أحيا كل حواسي على مدار الأعوام الأربعة الماضية، لا جدوى وظيفتي الجديدة التي كنت أحبها.. ولا جدوى وظيفتي القديمة التي لم أكن أحبها، لا جدوى مشاريع علاقات عاطفية جديدة قد تحمل نهايات ينهزم فيها الحب كسابقاتها. قلت له إن استيقاظي كل صباح صار أمرًا مرهقًا. سألني إن كانت فكرة أن أنهي حياتي تقفز إلى ذهني، وأجبت بأني أجبن من ذلك كثيرًا، إلا أنني أقل تشبثًا بالحياة من أي وقت مضى.. ما عاد لديّ الكثير من أسباب البقاء.. قلت أيضًا أن الموت "خيار مش وحش". يبدو خيار أروى و زينب ومن سار مسارهم خيار الهروب إلى حيث لا يوجد كل هذا العنف والقسوة والتعقيد خيارا منطقيا تماما اذا اسثينا عامل الله واليوم الآخر من المعادلة الإنتحار هو اعلى درجات العدمية والعدمية فى حقيقتها كما يقول بيجوفيتش ليست إنكارا للألوهية بقدر ما هى احتجاج على غيابها اروى وزينب و ياسمين ومثلهم الكثير لم ينتحروا لأنهم رفضوا حكمة الله فى الكون بل لأنهم لم يدركوها ابتداءا انتحار اليائس الذى فشل فى الوصول الى حكمة الله وليس انتحار الجاحد المتمرد على مشيئته انه انتحار نبيل نبيل رغم كل شئ
هذه اللحظة التي تقف فيها على الحد الفاصل بين ذروة المغامرة و التي تقع على أعتاب نهايتها الأولى، و بين لحظات إنكسار المنحنى و هبوطه للأسفل، هذه الإشارة الأولى لبدء مرحلة حساب النفس، لشخصية عنيدة و شديدة الذكاء مثل أروى، يكون تقبل الهزيمة فيها صعبًا حد الجحيم. و عندما يكون هذا الحساب العسير ، مرتبطًا بأخطاء الماضي الكثيرة، و بأحلام لم تتحقق، فدخلت غير مرغوب بها في إطار الوهم، يكون القهر وقتها أكبر من أن يتم إستيعابه، يكون التمسك بالحلم نفسه غير متسق مع حجم الخسارة و التسليم بها!.. أصبح هذا الكتاب يقع في نطاق قاسي جدًا لجلد الذات التي ذهبت، و كل ما يتعلق بها، كأن "تصرف العمر كله بحثًا عن بديهيات!". و تبدأ مرحلة الحنين لهذا "الإنسان العادي" الذي كان يمكن، في يوم من الأيام، أن تكونه.
نحن المبتسرون الجدد. الممسوسون بالحلم. كانت لحظة الحلم بإمكانية تغيير وجه الحياة هي الترف الإستثنائي الذي تمتعنا به، ونؤدي اليوم ضريبته. لنا كتبت هذه الكلمات الصادقة الكاشفة التي كتبتها أروى عن جيلها، جيل الحركة الطلابية، بانفعال واضح، ولنا أيضا نفس المصير المر الذي كان لها ولجيلها؛ الانهيار، اعتزال الحياة، المرض النفسي، الموت؛ ثمن المواجهة الذي كان فوق طاقتنا بكثير..
كتاب صادق جدًا ،، فلا عجب أن تنتحر أروى صالح بعده ،، هذه كمية من الصدق لا يتحملها بشر استمتعت بقراءة الكتاب بقدر ما أصابني بإحباط ،، رأيت في صفحات الكتاب مستقبل مظلم لثورتنا تأمل معي هذه المقتطفات من شهادة أروى صالح عن الحركة الطلابية في السبعينات ،، وقارنها مع ثورتنا المبتسرة
" لم تكن هذه الجماهير تعرف لها طريقًا مستقلًا عن النظام، ولا مصالح متميزة عنه، كي تكون لها وجهة نظر مستقلة فيما يحدث. "
" فحين تتسم مواقف الشعب بالإجماع دون أي تمايز في صفوفه، تكون تلك علامة لا تكذب على أن الحكم في هذه الحركة الشعبية ما يزال للبرجوازية، فهي الطبقة التي تدعي دائمًا التحدث باسم مصالح الشعب كله، حتى حين تخونها."
" لقد تحولت حرب أكتوبر إلى علقة للشعب، يتوب من بعدها عن ذكر الوطن وحقوقه التي أتضح أنها يمكن أن تأكل الأبناء دون أن تصون كرامة، فالذي أتانا من الحرب لم يكن حقوقًا مستعادة حقًا." ضع الثورة مكان الحرب
" لم يكن ليحتلوا صدارة الحياة السياسية في لحظة إلا لأن هذه اللحظة انتقالية، بل ومؤقتة." بالطبع الطلاب هنا هم شباب الثورة
" فحركة جيل الستينيات لم تكن لها أرض شعبية تجعلها قوة مؤثرة في الواقع وتضع أقوالها على المحك " جيل الثورة المستقل !
" لأنه ليس بوسع إنسان عادي أن يقرر للناس كيف يتحركون بينما يجهل حتى كيف يعيشون "
" المتناقشين الذي أصبح الجدال السياسي والنظري المبرر الوحيد الفعلي لوجودهم. " النشطاء السياسيين
لا أظن أحدًا، على حد علمي، سبق أروى إلى هذا الوصف الدقيق جدًا! المبتسرون، أولئك المثقفون الذين لم ينضجوا بعد، لم تكتمل معرفتهم تمامًا لتخرج إلى حيز الفعل، وظلت تدور في حدود القشور... لعل روحها في السماء وجدت السلام الذي لم تجده على الأرض.
الكتاب زى لغز الكلمات المتقاطعة، فعلا كما تصفه هي. وده الى شدنى فى المقدمة، انها مش نقد منهجى عقلانى، بل صرخة شخصية صادقة جدا من أعماق القلب. فطبيعى انها تنتحر فى الأخر. أنا شايف ان المقدمة تمهيد لرسالة أخير للمنتحر، وهنا بتغيب العقلانية ويظل الصدق. فى أخر الكتاب فى رسائل شخصية لها، بتقول فى واحدة فيهم: "بس المشكلة الحقيقية في الكتابة دلوقتي، إني مفتقرة لما يكفي من العاطفة عشان أكتب، لما بتكتب بعاطفة بيتفجر الاكتشاف ويسبق الفكرة المجردة بالحدس الفذ � الموجود عند كل إنس��ن لو عرف يلقطه، في اللحظات دي ما بتفكرش� وما تلحقش تفكر- حتى في شكل التعبير المنهمر على السطور في كلمات قابضة على الحقيقة الحية بتسطع فيها زي الجوهرة.. حقيقة ما كنتش متعرف عليها أبدا قبل ما تطلع متبلورة زي النبوءة".
التناقض الماركسي تجاه عبدالناصر
كانت الحياة في ظل عهد عبد الناصر تبدو أبدع من أي حلم، الفقراء يتعلمون وُتفتح أمامهم سبل الصعود الاجتماعي بالجملة، والانتصارات تتولى على الاستعمار، تأتيهم في بيوتهم دون أن يتجشموا أي عناء، أنباء في الراديو عن غزوات الزعيم. وكل متشكك في هذا الحلم المعيشي إما مجنون أو به بطر، وهو في الحالين منبوذ. وانقسم الكيان الذي ينتمي للشعب بكامل نشأته، ويغترب عنه إذ يرفض التصديق في النظام الذي سحر فؤاده "بمنجزاته" ثم يغترب عن نفسه إذ يعجز عن أن يكن العداء لنظام يخوض معارك ضد الاستعمار، ولا يؤدي انفراده بساحةالقتال إلا لزيادة بريقه عند الشعب القابع يتفرج على "المعركة". ولو استطاع أن يكرهه تماما، كلية، لكان بليدا حًقا إذ يعزل نفسه عن المعركة الوحيدة الدائرة، التي لا يحارب الشعب أخرى غيرها كي يترك هذه لتلك، لذلك فقد أنتمي جزء منه –ه� أيضا- إلى ذلك النظام الذي يقمعه ويقمع الشعب –ث� يعود فيلفهما من حوله- ودائما باسم الوطن. والوجه المأساوي لهذا الوضع لا يقف عند حد العجز عن النضال فحسب، بل ويتحدد نصل قسوته في الاغتراب عن وجدان شعب بأسره، ملتف حول العدو،لا تخامره مجرد الرغبة في تحرير نفسه!
ولكن الهزيمة رشقت الأسئلة بلا رحمة في قلب هذا الحلم، حينئذٍ بدونا كشعب يحاول بعد طول نسيان أن يستعيد قدرته على التفكير،وتركه النظام الذي انكسرت هيبته الغشوم بالهزيمة، يلهو بهذه اللعبة الخطرة إلى حين. واندفع المثقفون كل الفئات المتعلمة يعيدون فتح كل الملفات المحرمة، وتجرأ المبدعون على مناولة الرقيب، يقولون كلاما "خطيرا" تماما بقدر ماكانت تستقبله تربة متعطشة تبحث عن طرق جديدة تسلكها، عن إلام، لشعب لم يكن قد استولى عليه اليأس بعد. لهذا كان زمن الهزيمة، هو الأكثر حيوية على كل مستوى يمكن تخيله في كل تاريخ نظام ثورة يوليو، حيوية لم يعرفهاالشعب لا قبلها ولا بعد "النصر" وفي هذا الزمن بالذات اندلعت الحركة الطلابية.
روح التمرد
"الوفاق التام مع الوجود". الوفاق التام كرغبة محرقة عند أناس يشعرون بالضبط بعدم الوفاق مع أنفسهم ومع العالم كأنهم خلاصة لإحساس أشقائهم البشر بالنقص الكامن دوما في الكائن الإنساني( ربما خفته التي لا تحتمل)،والساعي أبدا للاكتمال (لثقل يمنحه جذورا، وربما استمرارية قد تتغلب مرة في صراع الأبدي ضد الموت)، تلك الثغرة في الوجود الإنساني، التي من توترها بين الحلم والواقع � بين الأمل في الوفاق التام والعجز عنه- تصنع المواهب الكبيرة، وأيضا كل أنواع الإحباط والفشل والجريمة.
الأبطال لا يظهرون في غيبة الملاحم
إنهيار الحلم أمام الواقع
كانت الحركة الطلابية احتجاجا هلاميا، بقدر ما كانت تواجه واقعا غير واضح المعالم (وبنفس القدر الذي بدت به "القضية" آنذاك بسيطة واضحة، تلخصها صيحة "الحرب.. الحرب!") ولكنها أيضا جاءت من طبقة هلامية لااستقلال لها، ُتلائم هذا الدور وهذا الوضع، هي البرجوازية الصغيرة (الطلابية)، تلك التي كانت تنتمي بوجدانها وبكثير من مميزاتها (في ذلك الحين) لنظام عبد الناصر، وعلى رأسها مجانية التعليم، فهل كان ينتظر منها أكثر من أنتلعب على حجره! ومع ذلك فقد كانت في هذا بالذات تمثل لحظة في تطور وعي شعبنا الذي حبسه عبد الناصر في طوق الأطفال مسلوبي الإرادة. لأن تجربة الجماهير الفقيرة من الشعب مع هذا النظام لم تكن قد أنهت بعد ما بينها وبينه من روابط، كانت تريد من هذا النظام أن يحارب، إذ لا يدور بخلدها أن يخوض غيره المعركة مع الاستعمار (فعلى ذلك عودها)، فضلا عن أن يكون هذا الغير هو هي نفسها، لوحدها(. كرامتهم لم تكن قد تمايزت بعد عن كرامة النظام، وذلك هو لب الموضوع، فخلف الرطانة "الوطنية" لنظامٍ عود الناس على وضع المتحدث باسمهم وباسم مصالحهم.
وعندما تحول زمن عبد الناصر إلى ماض ضاعت معالمه،تهنا! ولم نجد ما نتوكأ عليه في المتاهة سوى الحنين. تعرى وعينا التاريخي وهو يواجه حاضرا لا يسير وفق نبوءاته الثورية فأخذنا نولول مع النادبين على زمن الانهيار قياسا بالطبع على زمن عبد الناصر، الذي بقي منتصبا كصنم قديم، يبتسم لنا بنصف شفقة وبنصف سخرية عبر العقود، فبطولتنا كانت منحة زمنه، ودولتها دالت معه. نبكي على دورنا الصغير في خريطته الكبيرة،والوهم الجميل بأنه سيكبر من وسطها ليأكل دوره (ثم نجلس أيضا ذات يوم جنب رفيقنا الأعلى، الاتحاد السوفييتي). ونبحث في الحاضر "اللئيم" عن ثغرة قد تنبعث منها أشباح الماضي � أشباح ليست بأية حالة "عمالية" وإنما بالتحديد هي على وجه التحديد "وطنية". ذلك الماضي الذي لم يبق يذكره بالخير إلا أقل من استفادوا منه � من حيث الامتيازات والقرب من السلطة ومصادر اغتراف المال- والمضارين الحقيقيين الوحيدين من ديكتاتوريته التي سلبتهم كل سلاح للدفاع عن النفس، فهزموا دون معركة حين جاء الهجوم التتري للانفتاح، إنهم أولئك الذين ما زالوا يذكرون له أنه باعهم حل ما، يخص الكرامة، كرامتهم وكرامة الوطن � أيام أن كانا واحدا- ولقد صنعوه على عينهم.
ورغم أن ملف السادات لم يفتح كله بعد لحساب التاريخ، إلا أن ميتته وحدها تشهد بأن عبد الناصر � ميًتا- كانت له "الكلمة" الأخيرة، والجنازتان تتحدثان عن نفسيهما. وحق للسادات بعدها أن يفسر صراعنا مع إسرائيل بلغة "علم النفس"، إذا كان قد أمكن حتى لحرب حقيقية لها كيان مادي من سلاح ومال وبشر، أن تتحول إلى مجرد أداة نفسية تمتص سلًفا أثر "صدماته الكهربائية" اللاحقة منتنازلات، فقط لأنه لم يجرؤ على تقديمها مهزوما! ولقد امتصت الصدمة الأولى نعم، صدمة رحلة القدس التي بزغ فيها إدراك أن شيئًا يحدث في "عكس الاتجاه" المنتظر. لم يصبر حتى تبرد المدافع كي يفيقنا على واقع أنه حارب إسرائيل وأمريكا بجنود لا ثمن لدمهم، لا لشيء إلا ليصالح أهلهم على القتلة، ولم يشرق بالكلام هذه المرة) وبدأنا عهدا خاليا من "الهموم الوطنية".
الإنعزال والإغتراب
الكيتش هو الحلم الأيديولوجي الذى يقبع في نهاية الطريق وفي مملكة الكيتش التوتاليتارية تعطى الإجابات مسبًقا محرمة بذلك أي سؤال جديد. فلكي يثمر حًقا ينبغي أن تصدقه بما يكفي كي تقامر � تقامر حتى بوجودك كله في لحظة، وهو بالضبط ما يفعله المناضلون في لحظة انتشاء بإمكانية "تجاوز" الوجود الفردي والمصيري (ولقد عرفنا كلنا � حتى أسوأنا- حلاوة هذهاللحظة، إنها لحظة حرية، لحظة خفة لا تكاد تحتمل، من فرط جمالها). ولكنك لو صدقته إلى حد بلوغ حالة من "الوفاق التام" بالفعل � الوفاق التمام مع الذات، أو مع الكيتش (حلم أو أسطورة الخلاص الجماعي)، أيا كان الكيتش الذي اخترته لنفسك، فقد دخلت رأسا دائرة ملؤها الشر بل الجنون. حينئذٍ تفقد التسامح، لا تعود مستعدا لقبول أي تناقض مع الكيتش- إذ لا يعود البشر بالنسبة لك عوالم حية، أي متناقضة، بل أشياء تضعها على سرير بروكست الذييحدده الكيتش (دينيا كان أو شيوعيا) � تقطع رأس هذا، وتمط رجل ذاك، كي يتلاءما مع طول السرير، مع قالب الكيتش. فحتى من يتشبثون بالكيتش الشيوعي اليوم، إنما يفعلون ذلك لأنهم لا يستطيعون أن يحققوا فرديتهم خارجه.
تفعل الأعاجيب كي تتملص من المجتمع بأسره لكي تلتقي، فتصنع من هذا اللقاء سجًنا خاصا بها، حياة موازية بديلة لحياة المجتمع، الاغتراب هو كلمة السر فيها. فهنا يتحدثون فيما لا يتحدث فيه الناس، وينشغلون بما شاءوا بعيداعن حياة هؤلاء، جدول الأعمال حر يحددونه حسب هواهم، وواجبات اليوم حرة مما يحدث في حياة الناس اليومية، تخضع للمام التي يرتأونها بمعزل عن هذه الحياة، وإيقاع اليوم نفسه حر، غريب بكل هذه الحرية المصنوعة بجهدمريع � ولو فقط لما يمليه من غربة عن المجتمع، ليحاروا أحياًنا فيما يفعلونه بها، فيأخذون في قراءة كتب ثورية أحدث ما وصلهم منها يرجع للقرن الماضي أو في تأمل العالم الذي اغتربوا الآن عنه، مجْترين اغترابهم في ملاحظاتعليه تبدو لهم ذكية، فيجرعون غربتهم التي يعمقونها على هذا النحو يستدرجهم إحساس غِر بالتميز. هنا يقيمون قوانينهم الخاصة التي تعز وتذل وترفع وتطيح وتطلق قوى ناس وتحبط قوى ناس، من داخل حكايا ليس لها صلة إلابهذا العالم الخاص الذي يتحول المجتمع عنده تدريجيا إلى "عالم خارجي"، يصبح "هم" مقابل "نحن"، ونحن غرباء حين نضطر للتعامل مع هذا العالم الخارجي، نلبس حينئذٍ أدوات تنكر لنقنعه أننا "عاديون" � تشتمل على "مهنة" لاتمتهنا ومشاغل "عادية" لم تعد هما من همومنا نحن بل فقط وسائط للتحريض في حرفتنا، وحتى هوية فكرية غير هويتنا الحقيقية، باختصار كل الوقائع التي منها يتكون وجود عياني، التي عبرها يحيا الناس ويتعرفون على ملامحالناس- إلا أننا لا نكون على حقيقتنا إلا حين نكون معا، ولكن أية حقيقة تلك التي تتواجد بكليتها خارج العالم الواقعي! لذلك، حين خرجنا للحياة أخيرا، كان الحطام بالجملة، مثل مومياوات أخرجت للشمس فجأة، فتهاوت ترابا.
انقسامات لا تعبر عن واقع خارجها، فليس بوسع إنسان عادي أن يقرر للناس كيف يتحركون بينما يجهل حتى كيف يعيشون. قد استحق المغفلون أن يمتطيهم الأفاقون. ويواصل العبيد خلق العبيد، تنتقل العبودية بينهم بالخبرة المسمومة وكأنها عدوى يجري إنتاجها على نحو منظم وواسع النطاق.
المأساة
خصوصّية المأساة عند جيل خاض تجربة التمرّد، هى أنه مهما كان مصير كل واحد من أبنائه ، سواء سار فى سكّة السلامة، طريق التوبة و الإذعان لقوة الأمر الواقع، و حتى إعلان الكفر بكل قيم التمرّد القديم، أو سار فى طريق الندامة، الإنهيار، إعتزال الحياة، المرض النفسى، فإنه شاء أم أبى لا يعود أبداً نفس الشخص الذى قبل أن تبتليه غواية التمرّد، لقد مسّه الحلم مرة، و ستبقى تلاحقه دوماً ذكرى الخطيئة الجميلة، لحظة حرّية ، خفة ، لا تكاد تحتمل لفرط جمالها، تبقى مؤرّقة كالضمير ، و ملهمة ككل لحظة مفعّمة بالحياة ،و الفاعلّية مؤلمة.
ولا يزال شعبنا يلعب لعبة نسيان مع نفسه، ولكن سيجيء وقت ويتذكر، فالشعوب أيضا ذاكرة
النهاية الصادقة
يقال إن القبائل الأفريقية كانت تعتقد أن الصائد حين يقتل حيواًنا، يسيطر عليه أخيرا ويتملك خصائصه، مستمدا منه قوى جديدة، لقد كان لإتمام الصيد الناجح شرط، هو ألا تلتقي عينا الصياد بالنظرة الأخيرة للحيوان المفارق للحياة وإلا لحقته لعنة النظرة المحملة بالعذاب واللوم بحكم لا يرد بالموت
دهسهم الواقع فحرمهم كل خيال.... بعد أن مات جزء منهم مع كل تجربة تسرب فيها الأمل أو الوهم فى العثور على خلاص. لم يعد هناك حلم مشترك، بل خوف مشترك من الخواء الذي يحل بعد ضياع الأحلام.
نحن أبناء الزمن الذي فقد فيه حتى الحزن "جلاله" صار مملًا هو الآخر، مثل "البرد" مثل "الصداع"، والملل لا يصن�� فنًا، فقط أناسًا مملين.
اللي حصل لي على مدى المشوار، كان فيه شيء فوق طاقتي، بالتحديد لأني كنت فيه � فـي الواقع- وحيدة.. كل أحلام العالم لا تغنيك عن لحظة الدفا اللي يقدر يديها لك وجـه إنـساني، (كانت دي "اللمسة الأخيرة"، عشان تكتمل الهوة السحيقة اللي بتفصل أحلامي عن واقعـي)..
إنه جف خلاص وما عادش قادر يقتات على فتات قديمة، معظمها كان � في الواقع - أوام اتحطَّمِت، كأن قدرتي على الاستمرار بعد الصدمات، كانت هي القدرة على تجديد الوهم!.. كنت دايما باعزي نفسي بالظن بأني أخطأت السبيل لمقصدي، وأواصل البحث محملة بنفس الأوام غير منقوصة، عن الجمال في بشر غير اللي عرفتهم، وفي النهاية، لما باتطلع داخلي، مش لاقية غير مقبرة جماعية.
Have you ever read a book, just to be astounded by how much more intelligent than you the author is? Or read a book and wanted to desperately to go to coffee with the author to pick their brains more?
This is the closest thing I will ever see to Dostevesky's Underground Man in real life (with the difference being the author is likeable)
This is a legitimate hidden gem of a book. The author is so profoundly self aware, so sharp, so cutting and yet so nihilistic and cynical. In this text, you can truly see that 'behind every cynical person is a disappointed idealist'. It is essentially a post mortem of the leftist movement in Egypt in the 60s and 70s, written by one of it's leaders.
Arwa Salih spares no prisoners in this book, which provides poignant criticism of Nasser (a leftist president I admire), Sadat (I don't want to use profanity so I won't talk about Sadat), fellow leftist activists, intellectuals, the bourgeoisie and so on. Arwa is not just searing and clear minded in her critique, but she is also rationale and relatively objective. She noticed for example, that leftists incorrectly believed the movement against the peace with Israel, was a sign of class consciousness rather than a single issue. She also noticed that Nasser, essentially imprisoned or co opted the movement and thus cheapened it. That Sadat went to war and sacrificed Egyptian and Syrian lives, knowing from the outset that he was always going to make peace which was 'gift wrapped in our blood'.
It also provides searing and necessary critique of the misogyny present in the 'progressive' leftist movement and how leaders frequently took advantage of women.
There is so much more in this book worth reading and remembering. Even from the view of a non leftist or non Egyptian, it provides a view of the human psyche. What is it that makes someone a militant? What happens to these pure idealists when their movements fail? What was it like to live in a moment where students took on a regime and believed they could win? How does this past relate to more recent history and the present?
The letters at the end truly provide an insight into the authors vulnerability and how their desire for a more equal society, a system by which to make sense of the world and their struggles in it, and their earnest desire for human love and affection where what triggered their activism.
May god rest the soul of Arwa Salih, a true idealist, who the world turned into a cynic.
الكتاب يستحق الضجة التي أثارها وقت النشر،و في الحقيقة يستحق أن يخلق ضجيجاً دائماً يذكرنا طوال الوقت بما حدث من أخطاء تاريخية داخل اليسار المصري،و بما جنته الأجيال المتتالية علي بعضها بشأن موقفها "الطليعي" الثوري المزيف فالزعامة أو القيادة أو الطليعة ليست مهنة بمرتب او بمقابل معنوي..و النضال ليس "صورة" أو image نصنعها و نحارب فقط لنحافظ عليها....و طبعاً و كما تقول صاحبة الكتاب نحن لا نعمم.. الكتاب تجربة مهمة و تحليل "انساني" في المقام الأول للظروف السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية التي كونت و أحاطت جيل الحركة الطلابية في السبعينات..كما تضيف إليه الرسالتين الشخصيتين في آخره بعداً أعمق في رحلة أروى للبحث عن الذات و مراجعة أفكارها و علاقتها بامن جديد.. واجب القراءة رغم الكآبة..ف"البنفسج زهر حزين..و لكنه يبهج"
تتحدث أروى بلسان يائس مثقل في جلد الذات واعلان عبثية كل ما جرى وسيجري، لم تتحدث كثيرا عن الحركة الطلابية وما حدث في السبعينات، وفي حال تحدثت كان الحديث ثقيلا بكل المشاعر البائسة التي تفقد الكتاب الموضوعية الأدبية وتوقظ فينا كل ما أخفيناه من غيوم سوداء وحزن رافقنا، فالغريب أن هناك مقاطع وصفحات كاملة كنت قد قلتها او سمعتها في وصف زمننا هذا وحالتنا هذه قرأتها على لسانها!
قاس هذا الزمن بعبثية تكراره وقلة حيلتنا في مواجهته، لم ألم يوما من انتحر او استغرب من فعله، ففي القلب دوما ما لا نتوقعه من بؤس عالق وعبث مسيطر على كل حياتنا، حتى أصبح هاجسنا الوحيد هو ان نكمل الطريق، بلا زيادة او نقصان أن نتمه فقط.
"أنا متشردة في الحياة بدون وضع اجتماعي من أي نوع،حتى السكن كان في ضيافة أختي،فأنا اعرف أني محكوم عليا أبقى على امش الحياة لأني مش حمل معاركها"
قرأت بضعة صفحات من هذا الكتاب منذ حوالي 4 سنوات خصوصًا بعد أن بدأ اسمه يتردد بشكل لافت بُعيد الثورة في أعوام 2011 و2012 في نسخة إلكترونية ولكن بسبب عدم نضجي وقتها، وعدم اعتيادي على الإلكتروني تركته وأرجأته إلى وقتٍ لاحق، ثم اشتريته من مركز الكتاب الدولي بجنيهان وأنهيته بالأمس عن أروى صالح وكتابها واكتئابها ويساريو السبعينات
رأيت في كتاب أروى صالح إغماضة الأعين التلقائية من إبهار ضوء الحقيقة، لابد أن هذا الكتاب كتب في فترة الانبهار بنور الحقيقة الموجعة، فخرجت كلمات الكتاب لاذعة محرقة كالملح على الجُرح، كانت فترة السبعينات والحركة الطلابية، والمستلهمة بالطبع (بأصالة) من عهدعبد الناصر الاشتراكي وبعثه الحلم الماركسي في أجساد الشباب وأرواحهم قبل أن يكون مجاراة لموجة الماركسية التي كانت قد ظهرت في أوائل القرن العشرين، أو محاكاة لمظاهرات الطلبة في فرنسا ودول العالم فيما يعرف بـ "أحداث مايو 68"، فراحوا يسيرون في موكب المسيرة الاشتراكية لعبد الناصر، رغم توهمهم الطاغي أنهم يناضلون نضالاً موازيًا متبعين منهجًا أكثر "راديكالية" مع ماركسيتهم وعقيدتهم الحالمة التي ترنو إلى عالم بلا طبقية، بلا حكام ومحكومين، بلا مُلاك ومملوكين، عالم فيه المساواة والعدالة تشرق عليها شمس الحرية واليوتوبيا..
ولكن جاءت النكسة لتعطيهم ضربة على رأسهم، وجاء موت عبد الناصر ليفهمهم أنهم لم يكونوا إلا كورس في الفرقة يرددون وراء المطرب، ليس كما كما توهموا وصدقوا أوامهم طوال مدة نضالهم أنهم هم المغنون الرئيسيون بينما الشعب كله يردد وراءهم، فانقلبوا يتخبطون هنا وهناك يطالبون بالحرب مع إسرائيل واسترداد الكرامة، والإبقاء على مكتسبات عبد الناصر "الاشتراكية" التي من الممكن ألا تكون مرضية ولكنها تصلح كأساس للانطلاق منه ومحاولة الانتباه لاستكمال النضال الحقيقي.. ولكن هيهات.. فقد قام السادات بوأد الحرب وجلب كرامة مستردة مشوهة، ولم يُبقِ حتى على مكتسبات عبد الناصر غير المرضية ولكن لقد قام بالانقلاب عليها تمامًا وأطلق "سياسة الانفتاح" التي كانت كارثة على الشعب المصري بأكمله، ولكن أطارت عقول هذه الحركة الطلابية وعناصرها الذين اكتشفوا أنهم لم يكونوا إلا مجموعة من البائسين الذين تشغلهم قضايا ماركسية راديكالية منعزلة تمامًا ومنفصلة عن واقعهم المرير، فجعلت هذا نوع من أنواع "التعرية" أمام أنفسهم وامام بعضهم البعض، ولم يكن حتى ثمة أوراق توت تستر عوراتهم، فراحوا يخبئون سوءاتهم في بعضهم البعض أو بطرقٍ أخرى لا تدل سوى على التخبط والاضطراب. فكان هذا الكتاب "تأطير" لهذا التخبط والاضطراب، وجلد ذاتي لها ولجيلها، وما يشبه المحاكمة أيضًا لـ "الرفاق" اليساريين، أو مونولوج بيوريتاني (تطهري) من كل الآثام التي ارتكبوها وظنوا أنهم مؤثرون في واقع الحياة النضالية الماركسية، ويحلمون معًا بمستقبل تسود فيه "العدالة" بمعناها الأيديولوجي الماركسي.. ولا شك أن هذا دليل على "المبتسرون" عنوان الكتاب واللقب الذي أطلقته الكاتبة على جيلها الذين يشبهون الأجنة الذين يولدون قبل إتمامهم التسعة أشهر فيخرجون إلى الحياة الملوثة بلا استعداد فسيولوجي كافي لمواجهتها، وهذه كانت حالة الرفاق الماركسيين من أبناء الحركة الطلابية فترة أوائل السبعينات الذين واجههم النصر المروّض باتفاقيات السلام وسياسات الانفتاح، وانكشاف حقيقتهم أمامهم أنهم لم يكونوا إلا "فئران كتب" ماركسية وببغاوات مناقشات مادية جدلية ليس لها في الواقع أي انعكاسات عن علاقة هذا الكتاب بجيلي، جيل الثورة المصرية
في فترة ما، كان بطش الداخلية قد توغل، والبيع في ممتلكات الدولة أصبح جملة وقطاعي.. كان الوضع الاقتصادي ليس بسيء في اللحظة الراهنة، على الأقل أفضل من الآن.. ولكنه ينذر بالخطر في السنوات المقبلة، وكان ثمة خطة لتوريث الحكم لنجل الرئيس، أي أن تدخل مصر نفق أشد إظلامًا مما هي فيه.. وذات صباح شتوي.. "خرج الشباب البديع قلبوا خريفها ربيع وحققوا المعجزة" مثلما قال الخال، وقامت الثورة وتنحى الطاغية.. لم يكن هناك ثمة خطة للثورة، لم يكن هناك أي قادة للثورة، حتى القادة الذين التف حولهم الشباب أصبحوا الآن مثيرون للضحك بتخاذلهم وخذلانهم لهؤلاء الشباب.. وراح هؤلاء الشباب يتخبطون أيضًا ولا يدرون ماذا يفعلون، وفي عز المعمعة نفسها لم يكن لديهم أي تصور مستقبلي أو إجابة عن السؤال المُلّح "ماذا بعد؟" لذلك، كان كلما حدث شيئًا نزلوا هؤلاء الشباب إلى الشوارع والميادين للهتاف والاعتصام، وتقريبًا هذا الشيء الوحيد الذي يجيدون فعله.. تشكلت عشرات الأحزاب، مئات الائتلافات، آلاف الحركات.. ولكن بلا أي خطة أو منهجية، فرحنا بالحراك السياسي والاجتماعي، بالانتخابات الحرة والنزيهة، بنقاشاتنا المستمرة على الإنترنت.. بصدامنا (كشباب علماني) مع الإسلاميين.. الصدام الذي اكتسب قيمة بسبب احتمالية تغييره المصير وتأثيره في وعي ملايين.. ولكن استفقنا على واقع أكثر مرارة.. أننا لم نكن فاعلين بأي شكل في أي شيء.. ليس هذا فقط.. بل أن ما كنا فاعلين فيه.. أو ما حققه الشباب بأنفسهم وبالسلاح الوحيد الذي يعرفون استخدامه: الهتاف والاعتصام.. مثل الانتخابات البرلمانية والتعجيل بالانتخابات الرئاسية وتسريع تسليم البلاد لرئيس مدني من خلال فتح صدورهم للرصاص في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، لم يأتِ في الحكم إلا بميليشيات جهادية في صورة أحزاب مدنية بمرجعية إسلامية ولم يخدم إلا مصالح هذه الجماعات! لكن إن نظرت للصورة الإجمالية للخمس أو الست سنوات السابقة، لرأينا أن الشباب لم يكن إلا مفعولٌ بهم، وقد وعوا هم لهذه النقطة فراحوا يعيدون النظر في عقيدتهم وتبينوا أنهم بلا عقيدة وراحوا يعيدون النظر في حياتهم نفسها وأسلوبها، فوجدوا أنهم بلا أي رؤية حياتية.. ففقدوا الثقة في أنفسهم تمامًا وراحوا يفنون أعمارهم في مشاهدة الأفلام السينمائية الكئيبة أو قراءة الروايات الكابوسية، أو اعتناق الفلسفة العدمية، أو سماع الموسيقى بتنوعها.. أما العمل السياسي، فكان أقصى ما يمكن فعله ه�� الأنين. لقد سلب فشل الثورة من أبناء هذا الجيل (خصوصًا مواليد أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات) ثقتهم في أنفسهم، بل سلب منهم قدرتهم على أن يرفعوا رؤوسهم، لقد سادت الهزيمة وساد الشعور بالانكسار عليهم، ترتعش أيديهم كلما خططوا لمشروع أو وضعوا تصورًا لمستقبل.. أو حتى وجدوا أنفسهم على أعتاب الدخول في علاقة جادة. لقد ازداد هذا الجيل بهذه الأحداث الأليمة، وهنًا على وهنه، وضعفًا على ضعفه، وهشاشة على هشاشته، لو كان يمكننا أن نطلق صفة على هذا الجيل فيمكن أن نسميه "الجيل الهش".. وإن كان بإمكاننا أن نلقبه بلقب كما لقبت أروى صالح جيل حركة السبعينات الطلابية بـ "المبتسرون" فيمكننا أن نصف هذا الجيل الذي ظن أنه هو صانع الثورات ومفجرها والمتحكم الأول والأخير بمصيره فلم يجد نفسه سوى مفعولٌ به، وأداة من أدوات تحقيق سيناريوهات معدة مسبقًا.. بـ "المغتصبون"ـ عن يساريو اليوم، وعن رفاقي المشرذمين، وعن العقيدة اليسارية منزوعة الأمل
لا ريب في إن كان يساريو السبعينات قد عاصروا الحقبة الناصرية "ولو في طفولتهم" ورأوا بأعينهم الملكية تنهار، والإقطاع يندحر، والطبقية إلى زوال، وأصبحوا في السبعينات يساريون ع الريحة.. يساريون النوستالجيا، حيث شهدوا بأعينهم ممارسات اشتراكية.. أو حتى ممارسات تغلفها النية الاشتراكية.. رأوا بصيص يساري في نظام الحكم..
أما نحن فيساريون على ماذا؟ يساريون لأننا فقط لم نجد خيارًا غير ذلك، حيث أننا أبناء الطبقات الفقيرة الذين يتجمعون على المقاهي الفقيرة، نتناقش في أمور مادية جدلية ديالكتيكية نلعن الإمبريالية العالمية ونسب 100 ملة للرأسمالية المتوحشة، نتحدث عن أمور أخرى عابرة، نحاسب لأنفسنا جنيهات قليلة على الشاي أو القهوة التي شربناها، ثم نذهب لأن لدينا عمل في مؤسسات رأسمالية عملاقة تستعبدنا مقابل فتات.. ونحن نحمل بداخلنا العقيدة اليسارية.. نحملها بداخلنا فقط، نثرثر عنها ع المقاهي أو في تعليقات خجِلة على مواقع التواصل الاجتماعي.. خائفين من الانتقادات والهجوم من غلمان الرأسمالية الذين يتهموننا بانعدام القيمة والتكاسل واصطناع الأهمية من خلال حمل العقيدة اليسارية وأن هذا شغل مراهقة لعدم وجود نقود في جيوبنا، أو عدم قدرة على الصراع الرأسمالي المتوحش لتحقيق الذات واختطاف اللقمة من أيدي بعضنا البعض!!
إننا يساريون بلا الانضمام إلى أحزاب يسارية، بلا تنظيمات أو حركات، بلا نقابات عمالية، لم نناضل من أجل الشيوعية ولا تعلمنا أن نهب أنفسنا للقضية، بلا أن نعرف حتى: "نعم نحن يساريون، ما الذي يتوجب علينا فعله؟"ـ إن يساريو اليوم ليس لهم حتى ما يقولونه، إنهم يختشون على دمهم ويصمتون ولا يصرحون بيساريتهم سوى في تجمعات تتسامح مع ذلك.. لم يبق منهم إلا شعارات يسخرون بها من أنفسهم وعقيدتهم فتجد الواحد منهم عندما يجري الحديث حول ممارسات رأسمالية تزيد الفقراء فقرًا وتسحق في طريقها القيم الإنسانية، يضحك بأسى ويقول بتهكم:
"الثورة الماركسية قادمة"
مثيرًا ضحكات "الرفاق" اليائسة أيضًا من أي أمل شيوعي أو أي انتصار يساري صغير
أروى صالح، يسارية من جيل الحركة الطلابية في السبعينيات، انتحرت بإلقاء نفسها من الطابق العاشر في صيف العام 1997 (7 يونيو)، بعد أن ضاقت بالحياة. بعد قراءة كتابها "المبتسرون.. دفاتر واحدة من جيل الحركة الطلابية"، قررت أن أكون جريئا، وأختصر حياتها في عدة نقاط سريعة: - متلازمة البرجوازية، ترد مشكلات ومصائب العالم إلى الطبقة البرجوازية. - خيبات عاطفية. - خيبات جسدية أمام شيوعي الستينيات. - خيبات فكرية بعد انهيار الشيوعية. - خيبات عملية. كل هذا انتهي بصاحبته، صاحبة النية الحسنة بين ربيبة مقاهي وسط البلد من الشيوعيين واليساريين والإشتراكيين، إلى النتيجة الوحيدة المنطقية، المرض النفسي والإنتحار! درس وعِبرة لكل الغارقين في أوام هؤلاء... "ابتعدوا عن هؤلاء وعن شعاراتهم البالية"!
في بداية روايتها المبتسرون، تنتقد أروى صالح اتجاه عدد كبير من المثقفين المصريين إلى العدمية والعبثية، فجيل الستينيات شهد سجن المثقفين، الذين قصرتهم في نظرها على الماركسيين،والذين كانوا نزلاء سجون عبد الناصر في بداية الستينيات، ثم خرجوا بضغط من الاتحاد السوفييتي بعد خمسة أعوام قضوها في غياهب السجن، ليجدوا وظيفة حكومية بانتظارهم، مقابل عدم إثارة المشاكل ضد النظام، وحل تنظيمهم السري. جاء جيل السبعينيات الذي تنتمي له أروى بكل احباطاته ليُهيل التراب على هؤلاء السابقين مسميا إياهم "الخائنين"، فتصف أروى جيلها بـ "المثقفين أو اليساريين أو المناضلين أو أشباه هؤلاء في حالات كثيرة"، "كنا أصغر من أن نرى"، "جيل يتساقط ناسه اليوم على موائد العدم بالجملة"، "نحن أبناء الزمن الذي فقد حتى الحزن جلاله، صار مملا هو الآخر، مثل البرد، مثل الصداع، والملل لا يصنع فنا، فقط أناسا مملين". جيل الستينيات شدا بنصف أغنيته، بينما احتفظ لنفسه بالنصف الآخر، عملا باتفاقه مع النظام الذي أخرجهم من غياهب السجون إلى مكاتب النظام يعملون فيها، بينما جيل السبعينيات لم يُقدم شيئا، ولا حتى النصف أغنية!
أيد الشعب الحركة الطلابية التي طالبت بفتح الباب للمقاومة الشعبية للاحتلال الإسرائيلي، ليس معارضة للنظام المتهاوي بفعل الهزيمة كما اعتقد شباب الحركة الطلابية الذين اتسمت رؤيتهم بالسذاجة، بل إن الشعب ظل يحتفظ بود للنظام الحاكم، كل ما في الأمر أن الشعب تعاطف مع هؤلاء الشباب الذين يضغطون على النظام من أجل حرب التحرير، وهو ما تجلى بعد ذلك في خفوت صوت الحركة الطلابية مع دوران الشعب في فلك النظام، الذي استطاع اقناع الشعب عبر آلته الإعلامية بأنه المتحدث والممثل الوحيد لمصلحة الشعب، في الوقت الذي كان يعمل فيه النظام - على حد وجهة نظر الكاتبة - ضد مصالح الشعب، فمن ناحية انقلب النظام على انتصارات أكتوبر 1973، عبر تسليم كامل للولايات المتحدة الأمريكية، وسياسات التطبيع والانفتاح التي انتهجها النظام في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.. كان النظام قد أدرك أن ما حدث في 56 لا يمكن تكرار في 67، فقد تغير العالم، كل ما في الأمر أنهم سعوا لتقليل التنازلات المقدمة للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وهو ما دفع عبد الناصر لاختيار السادات خلفا له بعد إدراكه إلى دفة تتجه الريح.
كان طلاب الحركة الطلابية التي اندلعت في السبعينيات صيدا لماركسيو الستينيات الذين سيطرت عليهم الخلافات حول عبد الناصر والنظام، فأورثوا خلافاتهم لجيل الحركة الطلابية، فكان جيل السبعينيات كتابعي الجماعات الدينية. عاش هؤلاء الطلبة في خيلاء كاذبة ووهم مُصطنع وجدران زجاجية بعيدا عن قضايا المجتمع الحقيقية، يقرأون في كتب ثورية أحدث ما كتب منها يعود إلى القرن الماضي، غارقين في عالم وهمي لا علاقة له بهموم ومشاكل العامة، فأدى بهم ذلك إلى الاغتراب عن المجتمع المصري. كتبت أروى صالح عن هذا العالم: "وفي ذلك العالم الوهمي، تنبت أرض لكل أنواع العجائب، فيها يُمكن أن يستحيل الأقزام فحولا، وأن تولد المآسي المُضيعة من مهازل رخيصة، وأن تُستغل التضحيات النبيلة في إرضاء نزوات مريضة، وأن تنشأ صداقات حميمة، بل وعلاقات حب بين أناس لا يجدون سبيلا حقيقيا واحدا للتعرف على بعضهم البعض، وأن تكتسب أية خزعبلات لخيال مهووس قوة اليقين، وأن تصنع الأحداث الامة صدف، بعضها طريف، والبعض الآخر بذئ، كل ذلك كان ممكنا وأكثر، مادام يحدث في واقع مصطنع خارج كل واقع، ومن ثم فهو أكثر تشوها من أي واقع".
تُكمل أروى واصفة حال أبناء جيل الحركة الطلابية عقب اصطدامهم بالحياة بعد حالة الاغتراب والبعد عن مشاكل المجتمع المصري الحقيقية والغوص في تنظيرات يسارية وشيوعية لا علاقة لها بالواقع: "حين خرجنا للحياة أخيرًا، كان الحطام بالجملة، مثل مومياوات أخرجت للشمس فجأة، فتهاوت ترابا، وكان صعبا على كثيرين أن يبلغوا صلحا مع أنفسهم بعد كل ما حدث، فالواقع الذي خرجوا إليه لم يكن أكثر رحمة، حتى لجأ البعض إلى أيسر الطرق لاستعادة توازنه، الارتداد. أما من لم يستطيعوا التخلص من إدمان "الأهمية"، فقد حافظوا على توازنهم القديم ذاته بعلاقات جديدة من نوع مختلف، مع مؤسسات "إنسانية" دولية مثلا، مع أنهم كي يشقوا حياتهم الجديدة دفنوا ذلك الماضي القديم برمته في زاوية منسية، بعد استثماره، دون الكثير من اللجاجة".
هى معاناة انسانة مثقفة فاهمة واعية على ما يدور متمردة بفكرها .. تحاول ان تتعايش مع البيئة والمجتمع .. ودائما ما تتصادم مع الغوغائية واليأس
فى مجتمع يتحلى اشخاصه بالمراء وعد الوضوح والكذب والنفاق كيف يعيش النقاء والصدق ؟؟
لا تجد سوى ان تهرب بنفسها داخل نفسها .. تحدث الى قلمها ليسجل بصدق وبراءة كل مايجول فى خاطرها
تشابه كبير بين جيل الحركة الطلابية فى السبعينيات وجيل الثورة فى الالفينيات .. هؤلاء الشباب الذين خذلهم حلمهم وعالمهم فهربوا الى عالم افتراضى ليتعارفوا فيه وينشأوا مجتمع من الفالصو يصالحوا فيه انفسهم
ما أشبه اليوم بالبارحة .. وما أشبه النهاية الحتمية التى قررتها الكاتبة لنفسها قبل انتحارها بعشر سنوات .. ونهاية جيل الالفينيات الذى يتجه اليه بمساعيه !!!
فليكن شعار المثقف الفاهم .. لا حياة وسط ثقافة ولا سلام وسط فهم
بدأت قراءة الكتاب في فترة تتسم بمعنويات جيدة، ربما تقاطعت مع أروى في نقطة أو اثنتين لكنى لم اصل للحالة التي تسجلها، مفردات كالبرجوازية والماركسية لا سابق صلة لي بها ولا افهم طبيعة الفترة التي عاشتها الجزء الأخير عظيم بما يحمله من صدق، وإن كنت استمريت في التفكير بأنه ربما لم تحاول أروى بما يكفي، ربما ضلت الطريق، ربما بالغت في الحلم وربما فشلت فقط لمحدودية إمكاناتها، وربما بسبب طبيعة زمنها. ربما يمكن النجاح بشكل مختلف لعل هذه الفكرة مبعثها سذاجة الشباب الغر، أو التمسك بهشاشة الحلم خوف السقوط في هوة اليأس. في الرسالة الأخيرة تبدو وكأنها حصلت على نوع من السلام أخيراً، والتعايش مع الاغتراب، والذي لم يستمر فقامت بعدها بـ اثني عشر عاماً بالانتحار بإلقاء نفسها من الطابق العاشر. وهذا يبعث الخوف في قلبي من أن محاولات التعايش والاندماج والاختلاط بالناس والحياة كلها تنتهي بشعور بالوحدة والاغتراب مهما حاولنا الهرب واليأس -بالطبع لا أسعى لمقارنة نفسي بأروى وشخصها المناضل ولكن الحياة لا تفرق كثيراً-
بالتأكيد أنتظر قرائتي الثانية لهذا الكتاب بعد سنوات قادمة تعقب الخروج للحياة والاختلاط بها وتحمل مسئولية الاختيار لأبحث عني في هذا الكتاب وكم من نقاط تقاطع سوف تكون معه.
أقتبس عنها تذكير : "لكن دانا اللي اتعلمت الدرس البليغ، المدفوع الثمن، إن القوة والضعف رحلة ومسار، مش قدر ومش هبة، وعارفة إن حتى في انهياري المهول، مش بس شئ أصيل، وإنما حتى جسارة لن يعرفها كثير من اللي "استمروا"، لأنه كان جواه رفض أصيل لتلصيم خرومي بحلول مزيفة، بأسرة.. بطفل، أو حتى "باستمرار" يمليه العجز عن مواجهة العالم عارياً، بلا أوراق توت، بما في ذلك ورقة توت النضال.أو "قشة الغريق" في أحيان أخرى "
ثمّة قيم مجردة، لا أجدها بسهولة في كل المؤلفات.. كلمات الكتاب تحمل صدقًا بحتًا في جميع ما ذكرته الكاتبة من جوانب، حتى وإن تعسر علي فهم بعض المصطلحات، إلا أنها تلمس جزءًا ما بداخل كل أحد يقرأه.. هذا ما وجدته في السطور. ليس عملًا تاريخيًا، بل تجريد لحقيقة تلبّست بالعديد من الأكاذيب، حقيقة تثبت أن سقوطنا ليس بالمعنى سقوط أحد الوجوه التي امتلكناها باختلاف الأزمنة وأحداثها، إنما السقوط الحقيقي المؤلم هو سقوط الروح، ليس سقوط الوجه بغض النظر عن مصداقيته أو اصطناعه. الحُلُم جزء منا بفقده تم فقد أحد الأطراف، وكما تقول المراجع الطبية بتزييف الاشارات الحسية وجود هذا الطرف المفقود، يحدث هذا مع الحلم، فنظل مطاردين به حتى لو تناسينا أو تقبلنا حقيقة اندثاره .. ذلك أن بوجوده كنا على حافة الاكتمال مرة. الحب كما الحُلُم كما الهوية، كلاهما يأخذ نفس السبيل من القتال بما يحمله من انتصار وهزيمة. شيء مني في هذا الكتاب � ربما أعود إليه مرة أخرى، ويكفي أنها تركت لكل من على طريق التخبط سبيلًا أن يدرك كل منا موقعه. حتى لا تتحقق نفس النهاية ربما :)
كنت أتعجب فعلاٌ عندما أسمع أحداٌ من هذا الجيل يقول أنهم خاضوا نضالاٌ يوماٌ ما لم أعترف يوماٌ ما بأن جيل الحركة الطلابية قد أحدث فارقاٌ إيجابياٌ فى أي من القضايا التي كان حتي هو يرفع لواءها فى النهاية لم تكن تلك الحركة سوي ردة فعل فى مصلحة النظام العسكري فى مصر فى أحلك لحظاته بعد نكسة 1967 وانهيار كل شئ
كانت إحدي المسكنات ولما انتفت الحاجة لها وقرر النظام أن عليها ان تنطفئ فاطفئها بكل سهولة ومحاولة مقارنة هذا بالثورة التي قام بها جيلنا هو محاولة مجحفة بحق ثورتنا والشهداء والذين عانوا وما زالوا يعانون
سأكتب مراجعة موضوعية لهذا الكتاب بعد أن تزول عني غشية الاكتئاب التي سببها لي هذا الكتاب فهو كئيب بلا حدود لكئابته .
تهوي أروى صالح بأسطورة المثقف المناضل إلى حيز الواقع، تكشف عن جيل الحركة الطلابية في السبعينات هالته، في محاولة لتشخيص الداء. كتاب أتصور انه تطلب قدر كبير من الشجاعة للسباحة ضد التيار، ورغم ذلك لم يكن كالطعن في الظهر لرفاق النضال، بل كان كاشفًا ومُلهمًا. علنا نتعلم من أخطاء السابقين.
أخدت منه فقرات و جمل كتير جدا .. و صعب عليا وأنا بخلصه إني مش هلاقي حاجة تمسني بالشكل دا قريب و وعدت نفسي إني لما أبقى تايهة - وأنا ببقى كدا كتير- إني هرجعله وأقراه أكتر وأحبه أكتر وأعيشه أكتر .. شكراً يا أروى
ما كل هذا الصدق !! الجزء الاخير على ما اظن هو رسالة وداع او انتحار اسقطت فيها الكاتبة زيف الدنيا وتحررت من خديعتها ارى ان هذا الكتاب يتعرض لنفوس العاملين بسلك السياسة من المناضلين وانصاف المناضلين ومدعى الجهاد ... كل منهم لديه من العيوب ما يرغب في تغطيته داخل عباءة قضيته الشعبية ودفاعه عن حقوق المظومين هذا الكيتش الذي تكلمت عنه فهو يرغب ان يتحرر هو نفسه من مخاوفه قبل ان يحرر العالم هو يغوص في المبادئ والشعارات الرنانة لينسى وجعه الاصلي وضيق حياته اعجبنى الجزء الذي تحدثت فيه عن تربية الاسرة البرجوازية الصغيرة وتربية الطفل الذي لا يخطئ .. انه لايخطئ امام الناس حتى لا يصيب عائلته بالعار الابدي ولكن يمكن ان يرتكب اى شئ بعيدا عن العيون ولكنه بعد فترة يتحول لكائن جبان مريض يخفي خوفه وجبنه في عباءة العيب والفضيلة الكاذبة
حب المثقفين (فالفتاة التى تواعد مثقف على اللقاء لا تمنى نفسها بنزهة فاخرة او حتى غير فاخرة , وانما تتوجه الى مقهى كئيب يشتري لها فتاها فيه كوبا من الشاى المغلى المر , ويبيعها احلاما "تقدمية " لا تكلفه سوى ارخص بضاعته , الكلام .كلام لم يعد يعرف هو نفسه اين استقرت من روحه , عن عدالة تتطلع اليها روح فتاة برجوازية صغيرة تحاصرها كل صنوف القهر واحيانا المهانة او فتاة من بنات البرجوازية الكبيرة تجرب التمرد )
فالمثقف البرجوازي الصغير لايزال يحتفظ بداخله بالفضيلة الكاذبة يصول ويجول ينشر عباراته الرنانة على مسامع البشر ولا ينفذ منها شئ ومن تصدقه فقد قبلت استغلاله واستحقت ان يستغلها
لا اعجب من وصفها لمثقفى مجتمعنا او انصاف او اربااع المثقفين الموجودون حاليا فلي احتكاك ضئيل بامثالهم ... واسطورة المرأة المثقفة تلك المرأ� التى تتجول في ميادين الثقافة باحثة عن شئ عن حب عن رجل عن احتماء وليس عن فكر او اقتناع او قضية .. هى تلك المرأة التى تنبع قناعاتها دائما من وحى رجلها ومن صميم عقله لا من صميم عقلها )يمكنم جميعا ان تجعجعوا باستقلاليتكم الفكرية ولكن هذا لن يفيد )
واخيرا ... انا اتفق مع فكرة انهاء الحياة حين يتحتم ذلك ... حين يصير العيش مذلة فما الداعى ؟؟!!
مأساة ! أول مرة أسمع عن "أروى صالح" كان فى رواية رضوى عاشور "فرج" ,استوقفتنى الشخصية جداً , و استوقفتنى مقاطع من الكتاب دة ضمنتها رضوى فى كتابها ,لقيت الكتاب بالصدفة فقررت أقراه .. طبعاً "فرج" كانت بتتكلم بشكل أساسى عن الحركة الطلابية مش بس فى مصر..
رغم الاختلاف الفكرى اللى بينى و بين الكاتبة , إلا إنى قلقت ,قلقت لإنى فهمت اللى هى كتبته ! كلامها عن العجز ,الفجوة بين الحلم و الواقع , و بين النظريات و التطبيق , ضياع الحلم الشخصى فى وسط الهم العام ,الخذلان و الفشل المتكرر , الخيبات , المراجعات الدائمة اللى بتخلى الواحد يكتشف فى النهاية إنه قضى القسط الأكبر من عمره فى محاولة لإعادة اكتشاف "بديهيات" ..و التمن ..و التمن ..و التمن اللى مش بيدفعه غير اللى مسه الحلم!
هل ممكن جيلنا يبقى نسخة من الجيل دة فى يوم؟! بين اللى باع , و بين اللى كمل محطماً , و بين اللى نسى و تعايش و اعتبر فترة نضاله ��ترة استثنائية فى حياته ..فاصل وصله "للواقعية" ليس إلا !
رغم إشفاقى الشديد عليها و على كل اللى زيها و علينا ! و شعورى إننا كجيل -رغم الاختلافات- قريبين .. حسيت إن البديل الوحيد المطروح قدامنا هو الاستمرار , الأداء المشرف عالأقل لو مش الانتصار للمبادىء و الأفكار ,المحاولات الدايمة و على المستوى الشخصى الثبات على الصدق و الاتساق مع الذات !
معتقدش إن الكتاب قدم تقييم موضوعى لتجربة الجيل دة ككل ,إلا أنه نور لنقط مهمة ,و أروى نجحت فى إنها توصف "مشاعرها" بجدارة ,يمكن أكتر من نجاحها فى رسم "التجربة " و تقييمها .. و دة كان صادق كفاية إنه يخلينى أتقبل الكتاب و أكمله للآخر و أتعايش مع حجم الألم اللى فيه ..
أسوأ شىء فى مأساويات هذا العالم ,أنها متكررة ! دائمة التكرار ! متطابقة حد الملل !