"مع أول صفحة ستعرف الكتاب الذي تتعامل معه والتقييم الذي يستحقه
أول تدوينة قرأتها له عرفت ان ال 5نجوم ستكون من نصيبه
ميخائيل نعيمة لم تتعد معرفتي به المقررات الدراسية ،وان موضوع البكالوريا كان نصا له والذي فضلته على نزار قباني
لأعود لملاقاته بعد 6 سنوات من ذلك

الارقش الذي لم يكن غير سليل عائلة ثرية ذبح حبه ليلة الزفاف والذي سيذكرك فورا بمقوله
من الحب ما قتل ،لتمحى ذكرياته كلها بعد الحادثة الا جملة وحيدة استولت على عقله

"ذبحتُ حبّي بيدي لأنّه فوق ما يحتمله جسدي ، ودون ما تشتاقه روحي "

احيانا خسارة الذكريات تخلق انسانا جديدا ،تبعث الانسان من الموت الى الحياة ،كما حدث لشكيب
الذي اصبح الارقش الزاهد الذي لم تكن الحياة شغله ولا الناس اهتمامه
الارقش اصبح وليد عقله والصمت اللذان اغرقاه في لذه من التأمل والتفكر في الدنيا
الى ان عادت الذكريات لتعيد الارقش الى شكيب ولتعيد الحي الى قبره

أول ما جذبني الى النص ليس الفكرة بل اللغة التي اعادتني لنصوص جبران خليل جبران"

"- يسوق المطر ميخائيل نعيمة الى احد مقاهي نييورك، ويضعه الفضول والصدفة بمواجهة دفتر مذكرات خطّه الأرقش ويتلوه نعيمة.

- "الناس قسمان: متكلمون وساكتون" هكذا تنطلق المذكرات، وبما ان الأرقش من أمة السكوت فهو يصغي للناس، لا لأقوالهم بل لدواخلهم، لنفوسهم، لجشعهم، لقلقهم، للطبيعة، للسحر السرمدي في البحر والنجوم.. ويصغي لذاته ومكنونات صدره فيعود للبدء للكلمة لوصية المعلم الأول "اعرف نفسك"!

- يتحاور الأرقش مع نفسه ويستخلص العِبر، ويتحاور مع الطبيعة فتبدأ الحقائق بالإنجلاء امامه، فيكشف لنا زيف بعض المفاهيم وآراء جديدة في مفاهيم اخرى مثل "صنم الوطنية" الإمتحان الإلهي، الحياة والموت ورابط الكمال الذي يربطهما، الحب والكراهية، الحرب والسلم، الإيمان والإلحاد...

- في كتابته لوصيته يودع الأرقش أعضائه النفيسة (العين، الأذن والقلب) للدود، فكل ما هو جسدي-مادي فانٍ ولا بقاء سوى للروح السرمدية التي تطفو على وجه الأزمان.

- لماذا اختار نعيمة ان يجري القصة على لسان "الأرقش" ذي الوجه المنخور؟ لأن الروح هي المقصد، هي البداية والنهاية وما الجسد الا محطة بسيطة في رحلتها السرمدية أكان هذا الجسد آيةً من الجمال او مثالاً في القبح.

- الخاتمة كانت نتيجة لما تم سرده وعودة على بدء في الذاكرة، ولا شك ان مفهوم الحب الذي طرحه نعيمة (ويشاركه فيه أدباء المهجر بشكل عام) مفهوماً قدسياً لا يرتبط بعهود أرضية! وإلأرقش أراد الإنتحار بعد ان قتل زوجته ليتخلصا من جسديهما لكن الصدمة افقدته ذاكرته فحينما عادت اليه استقل القطار الذي فاته وذهب للقائها!

- لا زلت أقرأك يا نعيمة (الى جانب جبران والريحاني) لا لأعرفك بل لأعرف نفسي فيما تكتب.

- القصة تقتبس بأكملها!!
#هاشيت _أنطوان #على_هوى_كتبنا"

""وما دُمتُ فكراً مُتجسّداً لا جسداً مُفكّراً فأنا في كُلّ لحظة، أو أقل منها، إنسانٌ جديد."



قليلة جداً تلك الكتب التي تأسر أرواحنا وتسحر ألبابنا وتشحذ عقولنا على التفكير العميق، وإحداها "مذكرات الأرقش".. الذي -لحُسن الحظ- كان بعكس توقّعاتي عنه. فمنذ الانتهاء من التوطئة، شعرت وكأن خيطاً سحرياً يشدّني للكتاب. ومع كل صفحة كنت اكتشف شيئاً جديدة وكنزاً نفسياً ككنوز الحكايات والأساطير..

الأرقش، هو ذلك الشاب ذو الوجه المجدور، الصامت دوماً. الذي يعمل في مقهى عربي في نيويورك. الذي توحي هيئته بمدى وضاعة شأنه، لكن لا أحد على وجه الأرض يعلم ما يعتلج بصدر هذا الأرقش من مشاعر، وكم يجيش بصدره من خواطر وتأملات، وكم هي شفافةٌ روحه، وكم هي واسعةٌ مداركه. وهنا كنت أتذكر قول الإمام علي:

وتحسب أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر

نعم، لقد كان الأرقش عالماً كاملاً في صورة إنسان.
اختار الصمت الأبدي على الكلام. اختار التوحّد في روح العالم الكُلّي على الاندماج في حياة البشر ومشكلاتهم التافهة. شخصاً استطاع الولوج إلى أعمق أعماق النفس البشرية، واستطاع أن يسمو وينأى عن كل الصغائر.

قد يكون ما قرّبني من شخصية الأرقش وجعلني أحبها أكثر، هو أن ميخائيل نعيمة يتكلّم بلسان الأرقش، حتى يمكنني القول أن الأرقش هو الوجه الآخر لنعيمة، فيبيّن لنا نظرته إلى الحياة وأمورها على لسان هذه الشخصية العجيبة. ويدل هذا على تمكّن الكاتب ومدى خبرته وثقافته وعمق نظرته وتصوّراته، وبأسلوب سردي ولغوي مُبهر ومتماسك وأخّاذ استطاع أن يُقدّم للأدب العربي الحديث نفيسة من النفائس التي تعيد للإنسان إنسانيته وتخلّد اسم كاتبها.

كم أنا محظوظة بأن تكون هذه الجوهرة أول قراءاتي لميخائيل نعيمة.
..."