عن دار توبقال للنشر صدر كتاب «أتكلم جميع اللغات.. لكن بالعربية» للباحث والكاتب المغربي عبدالفتاح كيليطو، وترجمة عبد السلام بنعبد العالي.
يرى كيليطو أننا لا نتحرّر من لغتنا التي تربّينا عليها في أسرتنا، والتي اعتدناها وألِفناها. فهي حتى إن كانت في حالة كمون، فإنها تظل متربصة في المناسبات جميعها. على هذا النحو فإن كل متكلم يعبّر باللغات الأجنبية انطلاقا من لغته التي يمكن التعرّف عليها عن طريق نبرة شاذة أو لفظ أو تركيب، وأيضا عن طريق النظرة وسمات الوجه (أجل، لِلُغة وجه). مهما كانت الكلمات الأجنبية التي أتلفظها، تظل العربية مسموعة من خلالها كعلامة لا تَمّحي. أتكلم اللغات جميعها، لكن بالعربية بكل أسف، لست أنا صاحب هذه القولة الجميلة، لست صاحبها بالتمام. فهي اقتباس معدل لمقطع من يوميات كافكا الذي يورد هو بدوره قول فنانة من براغ: «أترون.. إنني أتكلم اللغات جميعها، لكن بالييديش». (alqabas.com.kw)
Abdelfattah Kilito is a well known Moroccan writer. He was born in Rabat in 1945. He is the author of several books in Arabic and in French. He has also written articles for magazines like Poétique and Studia Islamica. Some of the awards Kilito has won are the Great Moroccan Award (1989), the Atlas Award (1996), the French Academy Award (le prix du Rayonnement de la langue française) (1996) and Sultan Al Owais Prize for Criticism and Literature Studies (2006).
لا ازال عند رأيي أن كيليطو أحد أهم الباحثين في الأدب العربي خلال القرنين الماضي والحاضر، ولا يزال مستمراً في عطائه وأبحاثه التي تكشف عن عين ثالثة يملكها هذا الكيليطو في رؤية الأدب العربي القديم أو الحديث نسبياً. بل إنه يعير لمن يقرأ أبحاثه وتحليلاته هذه العين السحرية التي يستعين بها. في كتابه: أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية، طاف بي كيليطو من خلال صفحات قليلة عبر مختلف الأزمان والأماكن بين مؤلفات قديمة وحديثة، ارتبطت باللسان العربي والفكر العربي ومعتقداته ورؤاه، بصورة جميلة بعيدة عن التنظير أو التعقيد، إنه يضع الأدلة أمامك ليقول لك: انظر، اقرأ، واحكم بنفسك. كتاب جميل، أنصحكم به
غريب أنه على الرغم من صغر حجم الكتاب إلا أن رأيي ومشاعري تجاهه تتغير أكثر من مرة على مدار قراءاتي للكتاب بشكل يجمع بين شتى المتناقضات معًا في آن واحد؛ بين الإعجاب الشديد، شعور بالخفة كذلك الذي يجعلني أشعر وكأنني أقضم قطعة من الشيكولاتة وشعور آخر بملل ثقيل يجثم على صدري استعجل معه إنهاء صفحات الكتاب وحمدًا لله أن الجزء الممل كان في نهاية الكتاب وإلا لما أكن لأكمله حتى على الرغم من صغر حجمه.
الكتاب يتحدث عن إزدواجية اللغة في المغرب ما بين العربية والفرنسية (والعامية من جهة أخرى)، الغريب أن هذا الشيء نفسه الذي دومًا ما اعتبرته مزية جذابة للغاية في أهل المغرب ليس فقط لقدرة أهلها على التحدث أكثر من لغة بخلاف العربية كالفرنسية والأسبانية بل لأن تحدث هذه اللغات يمكن أصحابها من الانفتاح على أدب وثقافات مختلفة وتسهل عليهم الانغماس والاندماج في أكثر من مجتمع بسهولة ودون كبير عناء، أقول أن ذلك الشيء نفسه يتحدث عنه الكاتب كمأساة تحت مسمى الإزدواجية.
ربما يرجع ذلك إلى أن الأمر لا يتعلق بمنظوري السطحي لإتقان اللغة أنا التي تُعاني كي تتقن لغة ثانية أخرى فقط بجوار لغتها الأم، بل يتعلق الأمر بتفضيل تلك اللغة الثانية على اللغة الأم وهو ما يجعل الكاتب ينظر للأمر من زاوية الإزداوجية وليس من زاوية ثقافية، ربما يتعلق الأمر أيضًا بأن هذه اللغة الثانية نفسها هي لغة الاستعمار مما يعني ضمنيًا بأن الشعب وعلى الرغم من تحرره لازال يخضع بطريقة أو بأخرى للاستعمار ولآثاره السلبية التي تعتبر إزداوجية اللغة أحداها وأكثرها ظهورًا.
هذا الجزء بالذات هو أكثر ما أعجبني في الكتاب بأكمله، لا سيما أنه عُرض بطريقة لذيذة تربط الواقع بتحليلات عديدة لا سيما وأن قراءتي السابقة للفلسفة البنيوية والتفكيكية (التي تتعرض لمسائل اللغة بطريقة مشابهة) كانت من أصعب محاولاتي القرائية التي لم أستطع هضمها جيدًا، لكن وفي الجزء الأخير من الكتاب الذي بدأ فيه بالحديث عن بعض الأدباء المغاربة وأعمالهم وتحليلها شعرت بالملل لا سيما وأنني لم تكن لديّ أدني معرفة بما يتحدث عنه الكاتب ولا حتى الشغف للمعرفة من الأساس.
آراء الكاتب حول الترجمة وإشكاليات اللغة والتبادل اللغوي ممتعة وتستحق التأمل وأعتقد أنني سأعاود قراءة بقية كتبه لهذا السبب على وجه الخصوص، لكن غريب أن الكاتب يدافع عن الأدب العربي في مقابل اكتساح الأدب المكتوب بالفرنسية في الوقت الذي أرى به أن كتابه مترجم؟ اللعنة!
عذراً للقراء فمراجعتي كي تصل لذروتها وتُكسر جمود محتوياتها -قد تحتوي على ما لا يليق بكم كقراء - لكنه يعزز فهمي و يساند تفسيري ( ليس إلا ) !..
لتنجو حضارة ما من الإندثار فذلك ليس رهنًا بالزمن وحده .. بل بمدى صلابة لغتها أولاً و مدى تفاعل اللغة و احتكاكها مع قريناتها و بنات جيلها دون خدش حياء تفردها ثانياً .. اللغة التي تنكح نفسها بنفسها فهي عاجزة عن التناسل في أدناها ونعلم سلفًا بأن سبل النجاة أقصتها عقاباً لعصاميتها التي جاءت دون مبتغى واقعي لتكوينها و ما يستلزم تطويرها، لغة كهذه حتى وإن كانت أول المدركين لحقيقة قدرتها على الإكتفاء فذلك لا يشفع لها جمودها .. هذا ما تبادر لذهني من نقاش و سخط كيليطو في سطوره المائة هذه .. الأدب لغتنا الوسيطة هكذا سيوحي لك كيليطو على مهل .. ويغمزك هامساً تمسكك بهويتك العربية رهن بك و هو أمر لا جدال عليه و هو ملازمك ما دمت حياً و لكن أبقه بشكل متوازٍ ومعقول - خارج نطاق خطتك الأدبية - حدّ من تدخله قدر الأمكان .. وهو بهذا ينشد الإعتدال المدروس في الأدب المغربي مهدئاً نفس المنتمين له بأن قرآنهم و عربيتهم منبع سردهم الأصيل و لكن يتوجب مراعاة هويتهم الجغرافية التي تفرض عليهم هذا النوع من المعايشة و التجديد .. و تقدير محركات التجديد الأدبية التي تُسيّر حصة الأدب العربي عامة و حصتهم من الأدب بشكل خاص ..
" أتكلم جميع اللغات و لكن بالعربية " تأليف / عبدالفتاح كيليطو ترجمة / عبدالسلام بنعبدالعالي
( استبدال اللغة بالنسبة للكاتب، هو بمثابة، كتابة رسالة غرام باستعمال قاموس ) شيوران
بهذه المقولة يستهل المؤلف هذا الكتاب ، و يردف متسائلاً : كيف يكون الإنسان أحادي اللسان ؟
قيامة اللغة ستجدها في سطور كيليطو وهو يستهدف محاسبة هؤلاء اللذين يتحدثون بأكثر من لغة و يكتبون بأكثر من لغة .. ممن يحاولون الإنتصار في / كتاباتهم و أدبهم / للغة على حساب لغتهم الأم أو العكس حيث يتشدقون بمفهوم أحادية اللسان غير آبهين كون زمن التشدق بهذا الصدد ولىّ و اندحر ومتطلبات العصرنة و الحداثوية من حولنا تُعيّر أدبنا و تعيد برمجته و تلزمنا مواكبة أدبنا و لكن ب طزاجة .. و ترجمة نصوصنا و لكن ب استقلالية فكرية أكثر مسؤولية وشطب ثقة عمياء كانت تحوم في أفق حرفة الترجمة .. و تلزمنا كذلك تفسير إرثنا الأدبي بحسب الرؤية الكونية له و كيف تعتري هذه الرؤية مستجدات تفوق استعيابنا ورؤيتنا الإعتيادية له .. و تلزمنا بعدم الإستهانة بصعوبة الفروق بين النسخ و التأليف في نحت شكلنا الأدبي و مهما تسيد الخيال والتأليف فلا غنى عن عروبة اللغة المنسوخة ممارساتنا الأدبية بين المقبول و المتاح و المخزي ، الأدب العربي المتفرنس أو الفرانكفوني له نصيب الأسد من توجيه و نقد كيليطو في كتابه هذا ( لماذا قلت توجيه و نقد - رغم تباينهما - لأن موقف كيليطو هنا انفتاحي ومتقبل أكثر منه معارض و معايشته لاضطراب هذا النوع من الأدب هو ما يرومه من وراء مجموعة المقالات و الدراسات الأدبية والنقدية هذه ) وقد نال هذا الأدب نصيب الأسد لأنه قوامه أدبان - عربي و غربي - " غالباً ما يتجاهل أحدهما الآخر فهما ينتميان لعالمين متباينين " على حد تعبيره ، لذلك نجد عقلية الأدب المغاربي لا تتقبل الاعتراف بازدواجيتها اللغوية و عندما تترجم أدبها فهي بشكل آلي تفصل بينهما متمسكة بآحاديتها اللغوية فإما ترجح كفة الأدب العربي القح كالمخطوطات و التراثي الذي يحاكي ألف ليلة وليلة بقدمه و أما الغربي بحداثته و كلا الحالتين لا ترضي كيليطو فهما تخلّان بالتدرج الأدبي المرجو أسوة بالأدب العربي في كل أنحاء الوطن العربي .. كل هذا المقالات و الدراسات النقدية تجدها بقلم كيليطو مفعمة بالتنوع و المقارنة بين شتى روائع و قامات الأدب العالمي ..
النشأة المغاربية فرضت على كيليطو و مواطنيه ذلك - إزدواجية اللغة - فتجده يسرد كيفية تلقيه تعليمه من سنواته الأولى بأسى من تتناوب على رأسه حجار لغات عديدهم غير مدرك لطريقة الموافقة بين إتقاء شرورهم من عربية وأمازيغية و فرنسية ، يدرك أن لغته الأم / كرجل فاسي : تتربص به آنى ولى و جهه لذلك هي المحببة لقلبه و لكنها الأبعد عن تداوله ، بعدها يأخذنا لدوافع تغلغل التعليم الأجنبي في دراستهم في فترة الخمسينيات و كيف كان رمزًا للتقية من بطش المستعمر و إعداداً مبكرًا للتعايش المتساوي معه وربما المتصدي الغير مستوعب لخطورة الوضع وكل ذلك على حساب لغته البكر ، هذا ما نلحظه الآن متداول في تعليمنا الحديث رغبة للتحضر المفرط و رغم الفارق الزمني فكلا الرغبتان على حساب لغتنا، و يستأنف التركيز على نشأتهم الفقيرة فما تسرب لهم من آداب لا يشكل أدبًا تام الخلقة أصلاً و لا يعول عليه لبناء أساس أدبي قادر على الإرتقاء بذاته فهو ضائع بين التمصير و العامية و الأجنبية ، ما تلا ذلك كان عزوف لغوي إن لم يصل لحد التنكر وهنا يقول كيليطو : " إن نسيان اللغة الأصلية يعد عقاباً " ، محاولات ترجمة هذا الجيل للأدب منها الجيدة التي تستحق إشادة كيليطو بها ومنها الردئ الذي يستحق جلد عصاه ، ليس الحل الذي يقدمه المولف نسيان سحر المنشأ و لا هو بالقفز فوق كلاسيكيات الأدب و لا التمسك المثير للرثاء بها ، و لاهو تحييدُ فُصحانا عن باقي اللغات و جعلها مهددة بالانقراض ، ولا بتمجيد الأدب الغربي على حساب تشجيع الأدب المحلي أو الإنقياد وراء النزعة الإحتكارية لأحدهما لنتاج الأدباء العربي الحالي ، ولا هو باعتبار العزوف عن قراءة أدب العدو فضيلة أو القطيعة مع ثقافة جذورك العربية ، المطلوب التوفيق بينهم لنبتكر وجرأة الطرح في الأدب ومكايدة السائد من الحياد نحو أحدهما ونبذ السودواية التي تعيدنا للوراء أدبياً و المغالاة في الهجوم على الأفكار الحديثة التي تجعلنا على تمام التمكن من الإرتقاء بالأدب ، لنعد صياغة مفهوم أن الأدب هو الأدبيات بشكل أكثر حيوية عما تعلمناه من مقاعد الدراسة الميتة و لمنحنه دلالات أبعد مما هو عليه و نقيه شر التعطش للإطراء على حساب مصالح تقدمه ، لنكن صورة حقيقة عن أدبنا و ليست كل الصورة الحقيقية جميلة بالضرورة !
كنت أعتقدني أحرر كافكا من سجن أفكاري مذ تراءى لي عنوان الكتاب ، فإذا بي أصدم مع التقدم في القراءة بكونهافعلاً عبارة ليست من بنات أفكار عبدالفتاح كاليطيو بل هي مقولة لفتاة براغ من كتاب يوميات كافكا " أترون.. إنني أتكلم اللغات جميعها، لكن بالييديش " لماذا يتمنى عبارة كافكا من تضج نصوصه و كتبه بهذه الروائع التأملية والنقدية ؟ لست أدري !
مرة تلو مرة يثبت لي هذا الرجل أنه " صاحب حس نقدي سليم " و بالمداومة على قرائته سيعلمك كيف تتذوق نصوصك إن لم تنفر من ضمور ذائقتك ، فالعضو الذي لا يستغل جيدًا يضمر بسرعة ، و ستشعر معه و( كأنك تتبضع أدبك ) .
هذا الرجل يعتز بلغته لأنه يكتب / لها / و إن لم يكن يكتب / بها / و شخصيًا أرى ذلك أهم !..
" لا نتحرّر من لغتنا التي تربيّنا عليها في أسرتنا، و التي اعتدناها و ألفناها. فهي حتى إن كانت في حالة كمون، فإنها تظل متربصةً في المناسبات جميعها. على هذا النحو فإن كل متكلم يُعبّر باللغات الأجنبية انطلاقًا من لغته التي يمكن التعرف عليها عن طريق نبرة شاذة أو لفظ أو تركيب، و أيضًا عن طريق النظرة و سمات الوجه ( أجل، للغة وجه). مهما كانت الكلمات الأجنبية التي أتلفظها، تظل العربية مسموعةً من خلالها كعلامة لا تُمحى. أتكلم اللغات جميعها لكن بالعربية...بكل أسف، لستُ أنا صاحب هذه المقولة الجميلة، لست صاحبها بالتمام. فهي اقتباسٌ معدل لمقطع من يوميات كافكا الذي يورد هو بدوره قول فنانة من براغ: " أترون، إنني أتكلم اللغات جميعها، لكن باليديش"."
......................................
أمقتُ الكتب التي تجعلني فور الانتهاء منها في حالة عجزٍ عن تبيُّن موقفي بدقة إزاء غرض الكاتب الرئيس، و تحديدًا كتب المقالات القصيرة التي من المفترض أن الكاتب قد جمَعَها بين دفتي كتابٍ لإيصال فكرةً واضحةً في موضوعٍ ما، و رغم إعجابي الشديد ببعض الفقرات هنا، و التي أفصحتْ عن رؤية لغوية نافذة لدى الكاتب، إلّا أنّني لم أفهم ما يريده الكاتب، و تقريبًا عانيتُ من نفس المشكلة مع الطيب بوعزة في كتاب "ماهية الرواية".
يتحدث كاتبنا في كُتيّب قصير الفصول قليل الصفحات لم يتعدَّ مائة و عشرة الصفحة، عن ازدواجية اللسان في المغرب، تحت طائلة الاستعمار الفرنسي، الذي سعى لتقويض الهوية اللغوية و القومية قبل أيّ شيءٍ آخر، و هو أمرٌ مفهومةٌ مسوغاتُه لدى العقلية الإمبريالية، و تحديدًا في بلاد الشرق العربي، و تلك الفصول التي حكى فيها الكاتب عن معاناة التشتت الثقافي بين لغتين لا يمكن أن تُجسَّر الهُّوةُ بينهما، كانت جيدةَ العرض، و إن حُكِيَتْ بلغة جامدة تقريرية، يعني لم أفهم مشاعر الكاتب بالضبط، و هذا سَمْتٌ شديدُ الغرابة بالنسبة للكتاب عمومًا، فقد بذل الكاتب أقصى سعيْه لتدبيج الكتاب بلغة و أسلوب شديديْ الفصاحة، حتى غاب قصد الكاتب، و كأنّه يسرد بلا غاية مَبِينَة.
و النصف الآخر من الكتاب كان عن كُتّاب الأدب المغربي، و أعترف أنّي لم أستطع فهم هذا الجزء لأني لم أَلِجْ عالم الرواية المغربية إلى الآن، فقد كتب مقالاتٍ قصيرة عن كُتابٍ مغاربة لم أسمعْ عنهم قطُّ، و تناوله لأعمالهم كان موجزًا و لا يخلو من الملل و الغموض في تحليل الروايات، و كلها من الممكن إحالتها إلى قضية الازدواج العربي الفرنسي الذي قضى على نشأة أدب مغربي أصيل.
أكان الكتاب حسب توقعاتي؟ لا، و لا أعتقد أني نلتُ أي متعة، و لكنّ لي عودةٌ إلى الكاتب في أعمال أخرى إن شاء الله، أما هذه التجربة فقد خيّبَتْ آمالي قليلًا، و رفضتُ آراءه التي ربطت بين نهضة الأدب العربي و ضرورة انمساخه في اللغات الأوروبية حتى يُكتب له النجاح، بل إن فكرته حول ضرورة ربط الأدب بالترجمة و أن قيام الرواية العربية ارتبط بالمقامات، كانت مرفوضةً بالنسبة إليّ، فالمقامات ما أبعدها عن كونها نواةً للرواية بالمفهوم الحديث الذي بدأ مع رواية "زينب"، أول رواية عربية و مصرية لمحمد حسين هيكل، حسب أرجح الدراسات.
ربما كان موضوع الكتاب غريبا عني، فأنا لا أتقن لغة غير العربية ولا أعاني من ازدواجية اللغة كما يسميها كيليطو، ومع ذلك فقد استمتعت كثيرا بتحليله للنصوص والروايات والقصص التي ذكرها هنا، وأعجبتني نظرته الثاقبة كعادته فيما يعالجه من موضوعات. "أمام مثل هذا النص، أجدني مضطرا إلى الإنقطاع عن القراءة كي أسمح لذهني بأن يتشرب الكلمات، والصور التي يتلقاها، بعبارة أخرى أقرأ الصفريوي «رافعا الرأس»، العبارة لرولان بارت الذي يرى أننا إذا كنا نقرأ على هذا النحو، فليس ذلك لعدم اهتمام من جانبنا، وإنما على العكس، تدفقا للأفكار والإثارات والتداعيات". بهذه الفقرة ينهي كيليطو كتابه وأود أن أنهي بها كذلك تعليقي القصير على هذا الكتاب، والحقيقة أود أن أضيفها لتعليقاتي على كل كتبه التي قرأتها من قبل.
إن استبدال اللغة، بالنسبة للكاتب، هو بمثابة كتابة رسالة غرام باستعمال قاموس إيميل سيوران. لعل هذا هو أبلغ ما يصف الكتاب كتيب صغير، يطرق عدة مواضيع حول اللغة والهوية والاغتراب والذات والترجمة، عن المغرب وثقافاته، وأدبه، ومؤثراته مقالات مهمة، أغلبها نال إعجابي الشديد، وبعضها لم أعرف ما إذا كان أضاف لي شيئًا أم لا هو كتاب يفوق قدرتي على التعليق عنه، أحتاج لقراءته مرة أخرى، لكن بعض تعلم الفرنسية، والدراجة، وقراءة تاريخ المغرب وثقافته المتنوعة كتاب شهي، ولعل هذا هو الوصف الأدق له، بالنسبة لي بالطبع
كيف أنظر إلى لغتي الأصلية الأمازيغية وكيف أنظر إلى لغتي الثانية العربية و الثالثة الفرنسية و غيرها مما درسناه ونتعرف عليه كل يوم..هل متعددي الألسن أشخاص منتمون أم هم أشخاص أمميون من نحن حقيقة ؟ و كيف ينظر لنا الآخر هل بنفس الحجم الذي ننظر به إليه؟ هل نحن واعون أن لغة جسر و لغتنا لا تكفل ذلك..
لغات مزدوجةو لسان مشقوق مشطور وادب مفلوق فكيف للمرء أن يكون أحادي اللسان ؟!! كيف لمن يقرأ ويدرس الادب ان ينطق بلغة واحدة ؟!
من واقع حياته وطفولته يستهل كيليطو كتابه بسرد سيرة لسانه اللغوية حيث بداية الخمسينات قبل ان يزول الاستعمار عن المغرب عام 1956 فيدخل مدرسته والتي اسماها المدرسة الاستعمارية وهو ابن سبع سنين لا يعرف غير العربية الدارجة في بيته وبيئته ومن هنا تبدأ رحلة كيليطو اللغوية
"صرت ثلاثي اللغة اقرأ الفرنسية دون ان اتكلمها وتتلهى ببعض ما تبقى لي من الفصحى واتكلم الدارجة كلغة اليومي فاين الانسجام والاتصال ضمن هذا الخليط؟ عربية دارجة في بيته ومحيطه وعربية فصحى وفرنسية يتعلمها في المدرسة حيث القراءة والكتابة بهما وان تخطأ بهما فيعتبر خطيئة بينما لغته الدارجة التي تلقفها وهو طفل دفعة واحدة باتت متجذرة به فقد تتعايش مع لغات مختلفة ولكن اللغة الاولى هي الام ففيها الاريحية بالكلام دون اي خوف وفيها شعور بالامن والطمأنينة ولا بد حينها ان تتسرب وتتخلل اللغات الاخرى في كلام الانسان وكتاباته
لغات مختلفة عربية وقرشية وامازيغية وفرنسية حولت لسان المغربي للسان مشقوق مفلوق كلسان الافعى واللسان المفلوق في لهجة الهنود عبارة تدل على الكذب والنفاق وازدواجية اللسان وهم يقصدون به الرجل الابيض وعلى من يتكلم باكثر من لغة
وما بين تجربته وقراءته وما بين تصوراته ونظرته للواقع ينتقد كيليطو الادب المغربي بشكل خاص والعربي بشكل عام بشكل حكايات سردية سلسة فاذا كان المغرب مفلوق اللسان وله ادبين ولغتين على مستوى الادب فان الادب العربي كذلك منقسم على ذاته بتأثرة باللغات الاجنبية التي تشكلت فيها وبها لغة الاديب ويضرب مثالا على ذلك بفرونكفونية طه حسين وتوفيق الحكيم ولغة الانغلوفونيين عند العقاد والمازني وكما لا يمكن خلط كتابة مغربي فرنكفوني بكتابة فرنسي من باريس فلا يمكن ايضاً خلط كتابة مغربي يكتب بالعربية بكتابة مصري من القاهرة فلغة الكتابة محدد مهم ويتساءل هل يوجد ادب مغربي؟ ليجيب انه ليس متأكداً من ذلك فلكي تتأكد من وجود ادب ما لا بد ان يكون له تاريخ او ان يصير موضوع تاريخ
في مقاله المعري ودانتي ونتيجة لربط رسالة الغفران للمعري التي لم تحظى باهتمام كبير الا بعد مقاربتها بالكوميديا الالهية لدانتي على يد المستعرب ميخائيل اسين بالاسيوس فربما يأتي يوم ستقرأ فيها اللزوميات انطلاقاً من شوبنهاور لما بينهما من تشابه واضح هكذا هي الادب العربية تبتعد عن قرائها العرب ولكنها في النهاية تعود وتصل اليهم وبالعودة لمقاله بعنوان اصول يقتبس نص لفريدريك شليغل منظر الرومنسية الالمانية
وضيف شرح لعبد السلام بنعبد العالي للنص بان الثقافة العربية عندما تنقل النص للغتها تؤقلمه وتضمه اليها وترضخه فتقضي على عنصر الغرابة فيه فتبتلعه وتدخله في دائرة الانا شعورا منها انه لم يعد آخر
تحدث عن الترجمه وعرفها انها محرك التجديد والانفتاح اما عن علاقة الاخر بلغتنا فاننا لا نحب ان يتكلم اجنبياً لغتنا لا نحب ان ان يتكلمها بطريقة سيئة ولا ان يتكلمها باتقان فلن تقرأني ولن اقرأك لن تترجمني ولن اترجمك لا اعرف ان كان الادباء والنقاد من غيرتهم وعالمهم الكتابي ينظرون بهذه الطريقه بالنسبة لي افرح بتعلم الاعجمي للغتي واتقانها
بالفصل الاخير فكان اللغة مع كتاب مغاربة وقراءة في اعمالهم التي كتبت بالفرنسية كالعروي والخطيبي والصفريوي والملح والمؤدب ليؤكد ان المغربي اكتب بالعربية ام بالفرنسية او اية لغة اخرى فاللغة الام موجودة فهو في كتاباته يرجع ويفكر بلغته الام
اقتباس
من مقاله كوميديا الخطأ التي تناول فيها اللغة في رواية الحب المزدوج للخطيبي وبدأها بسؤاله ان كان الخطيبي قد ضل اللغة؟ ضلال متكرر وخطأ متجدد يبحث عن ذاته ويخطأ الشريك في كل مرة شريك يفقد تلو آخر أقتبس
"تمتد الحياة في المغرب على ساحل المحيط الشريكة الفرنسية "ملاك في منفى" ملاك مخلوع" خطيئة اصلية رافقت مولدها شاهدت وهي طفلة مشهداً فظعاً سألت الام لماذا تزوجتني؟ رد الاب ببرودة كان ذلك خطأ . ها هي تجد نفسها بلا هوادة هي التي انكرت والديها من غير اسم عائلي ولا شخصي في الرواية التي تذكرها ازعج الامر السارد كان يرغب في تسميتها كلما كان يتملكه الحنان. هل كان يسعى لان يحرمها حتى من اسمها الشخصي؟ هي لا تعرف لغة البلد الا ان ذلك لا يبدو انه يقلقها كانت تعشق هذا اللاتواصل ومع ذلك عندما كانت تسمعني اتحدث بالعربية كانت تشعر بالاقصاء كانا يتحدثان معا بالفرنسية ولكن في نهاية الامر يعلق السارد ما كا�� يبدو انه يوحدنا هو ترجمة استثنائية وغيرة مفرطة تلعب فيها اللغة حظها بكيفية تزداد وضوحا او تقل . كان يخاطب نفسه ان وسط بين لغتين كلما اقتربت من الوسط ازددت عنه بعداً انها الفكرة ذاتها عند الجاحظ انها الازدواجية اللغوية والحال ان مزدوج اللغة عند الجاحظ هو ذو لسانين فهما مثل الضرتين تدخلان الضيم على بعضهما البعض ولا يتمكن الزوج من ارضائهما معاً
عنوان الكتاب اقتباس معدل من يوميات كافكا الذي يورد قول فنانة من براغ : " أترون، إنني أتلكم اللغات جميعها، لكن بالييديش". تدور مقالات هذا الكتاب عن لغتنا، ولغة الآخر، عن نظرة المتكلم باللغة الأم لمن يتكلم لغته بطلاقة، وألفة هذا المتكلم للغته، وإنطباعه بها، وبألفاظها وتراكيبها، هذه التراكيب والنبرات التي تظل مسموعة حتى وإن تلفظت بكلمات أجنبية، يتحدث أيضاً عن الفصحى والعامية، و -بتركيز أكبر- عن اللغة العربية واللغة الفرنسية في المغرب، يحكي فيها كيليطو شيئاً من ذكرياته حول هذه الثنائية اللغوية، وبعض الآراء عن روائيين مغربيين مثل العروي والصفريوي، وعن الأدب الإستعماري، وكالعادة، يقدم كل هذا بأسلوب كتابته الساحر، وملاحظاته العجيبة، والاقتباسات من كتبه المحببة (رسالة الغفران - دون كيخوت -وغيرهم). مثل كتب كيليطو الأخرى، كتاب مركز بأفكاره، وجميل بأسلوبه .
أحد أهم الباحثين في الأدب العربي واللغة العربية، تأخرت كثيرًا بالقراءة له.. لكن أظنني بدأت في العمر المناسب الذي استطيع أن أفهم وأحب ما يكتب. خلال صفحات قليلة نسبيًا أخذنا كيليطو في رحلة لأصحاب اللسان المشقوق المشطور أي أصحاب اللغات المزدوجة. في حالته كما في أغلب سكان المغرب العربي مفلوقين بين العربية والفرنسية.. وأيضًا الدارجة. يتحدث أيضًا عن أن اللغة هويّة ووجه، وأن الانسان غالبًا لا يفلح في التملّص من لغته الأم، وكأنها وطن. تتضح جلية في كل اللغات الي يتكلمها. "إن استبدال اللغة بالنسبة للكاتب هي بمثابة كتابة رسالة غرام باستخدام قاموس" سيوران. أعجبني القسمين الأولين من الكتاب، الثالث لا بأس به ولكنني شعرت قليلًا بالملل.
جيّد، عيبه أن اسمه أكبر من مضمونه، فإنما قرابة نصفه يتناول فكرة العنوان: أثر اللغة التي ولد بها الإنسان على إدراكه للعالم وتفاعله مع اللغات نطقًا وكتابةً، مع بعض التأملات في تجدد الأدب والاستعارة من الآداب العالمية، ومرورًا ببعض العناوين للكتب الأدبية والروايات من وجهة نظر الكاتب وطبيعة نشأته وتعدد ألسنته، وأثر ذلك على قلم الأديب، وما يُظَن منها أنه اقتبس من سلفٍ بعيد، كقصة دانتي والمعرّي.
عموما هو كتاب عادي، يعمق شعوري بإفراط الناس في مدح كيليطو، وإحساسي أن الكتاب انتقل تدريجيًا في فصوله من (العُمق) إلى (التعامق) والتكلّف.
أو لعل هذا الكتاب ليس لي، خصوصا لأن الكتب المذكورة في نصفه الثاني لم أسمع بها حتى، لذلك تشعر أن الكتاب موجه للقارئ المغاربي أكثر من كونه لعموم القراء.
والترجمة ليست سيئة مقارنة بعموم مترجمي عصرنا ومذهبهم الضعيف، ولكن مقارنة بالتراجم العالية - تراجم ما بعد العرنجية- فهي ترجمة رديئة.
إن القضية التي يطرحها كيليطو هنا لا تتعلق فقط بوضعية الازدواج اللغوي، بل أيضاً "بالوضعية التي يتساكن فيها شكلان للأحادية اللغوية" وهو مايخلق تحدي متضاد للكاتب أو لمؤرخ الأدب المغربي، وليس هذا التضاد سلبي بالضرورة فهو تركيب قد يتمخض عنه معنى جديد. + المعراج على استلاب لغة الآخر، والنظر في اللغة كأداة للتفكير و كمؤسس للهوية، وعامل من عوامل التغريب في وجه آخر ! مع عنايته بالأثر الأنثربولوجي في خلق الثقافة اللغوية.
الكتاب في مُجمله عبارة عن مقالات بصفحات قليلة، تأخذ على عاتقها موضوعات لغوية، بعضها يعرض لكُتب ويُحللها بقراءة فريدة من نوعها، وبعضها يقارن بين كتب ويظهر منها جهات تبدو خفية أو غير موجودة. الكتاب غني بالعناوين، وسُيملي دون شك تأثيراً على قراءاتك المستقبلية وكيفيتها. بالتأكيد ليست القراءة الأخيرة لكيليطو
(أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية) إسم كتاب لعبدالفتاح كيليطو وهو كاتب مغربي أو ناقد ان صح التعبير لإنه بميل بكتبه الكثيرة باللغتين العربية والفرنسية للنقد مع إنه إله روايات مثل أنبؤوني بالرؤيا بس حتى روايته هاي كانت غريبة كإنها نقد عن طريق قصة وبتذكر إنها أخذت مني وقت طويل رغم أنها حول 120صفحة بس!
السيرة الذاتية للكاتب حافلة :انولد ب1945 وحاصل على دكتوراة دولة من السوربون ب1982وموضوعها السرد والأنساق الثقافية في مقامات الهمداني والحريري وبشتغل أستاذ في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس وسبق واشتغل في أستاذ زائر بعدة جامعات منهم السوربون وهارفرد وبوردو مرحبا وإله أكثر من 17مؤلف بمختلف المجالات الأدبية... هاي المعلومات من ويكيبيديا.
كيليطو مثال حي على إزدواجية اللسان والمزج الثقافي وهو نفسه بعترف بهالشي ودايماً كانت كتاباته حول هاي النقطة ونقده كان موجه للكتاب اللي بحملوا لغتين أو لسانين على رأيه وبحاول يناقش أسباب الإنطباعات اللي بتنعكس على الكتب والمؤلفات ومين اللي بنتصر بالنهاية وإله تشبيه حلو بحكي فيه انه أصحاب اللسانين زي الضراير كل وحدة بتكيد للثانية وبتحاول تبرز نفسها بأعمال الكاتب...وبستشهد بقول استشهد فيه كافكا بيومياته مأخوذ عن فنانة من براغ بتقول(أترون، إنني أتكلم اللغات جميعها، لكن بالييديش)..
عناوين الفهرس مغرية للقراءة وتقسيم الكتاب حلو لإنه كل جزء بحتوي على فكرة وبطرح عليها أمثله من مؤلفات تؤيد أو تقوض النظرية مثلاً :كيف يمكن للمرء أن يكون أحادي اللسان، لن تترجمني، اللغة مع،،،، يعني كتاب ممتع ومفيد بنفس الوقت زي كل كتب كيليطو
قرأت الكتاب في البداية لغرض الإعداد لبرنامج لُغوي ولم أجد فيه غايتي، فتركته وبعد مدة عُدت إليه لغرض آخر، محاولة مشرقية لفهم المغرب عبر أدبه كُتب الكتاب باللغة الفرنسية متوجهًا للعرب فكأنما الكاتب يقول أنه مهما تحدث بأي لغة فإن هذه اللغة في الأخير تحيله إلى العربية لكنني شعرت أن كثيرًا من المقالات كانت موجهة خصيصًا للقارئ المغربي، لا العربي على العموم فعدد منها كان يستثير ذاكرة المغاربي بأماكن وأطعمة يعرفها مما أفقدني القدرة على الربط والفهم في عدد من المقاطع ما يزال الطريق طويلًا أمامي لأسبر أغوار هذه المنطقة الجغرافية ومع كل حرف أقرأه للكاتب أدرك كم من أثمان ندفعها بسبب الاستعمار الذي كان
ألبيرتو مانغويل العرب � هذا هو عبد الفتاح كيليطو في رأيي الشخصي.
تجربة أولى لقراءة الكاتب عبد الفتاح كيليطو، وقطعًا لن تكون الأخيرة. بعد قراءة أول فصل من الكتاب شعرت بسعادة بالغة، ذلك لأنني كنت أُمنّي النفس أثناء قراءتي لكتاب تاريخ القراءة لألبيرتو مانغويل، بأن أجد كاتبًا عربيًا قارئًا مُتعمّقًا بليغًا سلسًا كي يتحدث معي كقارئ عن لغتي وهويّتي وشجون الخلط بين العاميّة والفُصحى، عن ثقافتي العربية التي تجمع بلدانًا لا زلت لا أعرف شيئًا عن أدبها وأهلها ولغاتها الدارجة. سافر بيّ كيليطو إلى الأدب المغاربي وحكى لي عن الأمازغية وشاركني هموم ازدواجية اللغة في حياته، وأبهرني بأنه يتحدث العربية في عقله حتى وإن كتب بغيرها، وتعاطفت مع غيرته الشديدة على اللغة العربية والتي تقطر كلماته حُبّا لها.
تباينت جودة الكتاب بين الممتع والجيد والممل، وهي نفس خلطة الكاتب ألبيرتو مانغويل أيضًا، الجزء الأول من الكتاب جاء ممتعًا وجادًا ومهمًا في مناقشته لقضية ازدواجية اللغة وكيفية تفكير الانسان بكل مهما، وتساؤلاته بأن هل الانسان الأحادي اللغة شخص مُقيّد فكريًا أم لا؟ وهل اللغات تعطي معنًا آخر للنص، بمعنى أدق هل الترجمة تعطي روحًا جديدة للنص الأصلي؟ أما الجزء الثاتي من الكتاب فجاء في إلقاء الضوء على بعض الأعمال المغاربية مع توجيه النقد السلبي أو الإيجابي لكل منها، مع تسليط الضوء على بعض الكُتّاب المغاربة، ورغم أن هناك من يصف هذا النصف من الكتاب بالممل، إلا أنني أعتقد أن حكمهم هذا يعود لعدم اطلاعهم أو معرفتهم بالأدب المغاربي بالأساس، ورغم أن تجربتي في قراءة الأدب ��لمغاربي جدًا قليلة، إلا أنني أعتبر أن حديث كليطو عن أدب هذه المنطقة ، شيئ ضروري جدًا لربط الناطقين باللغة العربية، وربط ثقافتهم ومد جسور التواصل بين الشرق والغرب في عالمنا العربي، بعد أن ظلت البقعة الغربية لفترة طويلة مجهولة إلى لمن سطع بريقه بشكل استثنائي، لهذا فأنا أرى هذا الجزء جيد، حتى وإن كان هناك فصلًا أو اثنين مملين.
ندمت على عدم استطاعتي على مقابلة عبد الفتاح كيليطو في احتفالية إنشاء مكتبة تكوين في مارس الفائت، وذلك لأنني كنت مريضًا طريح الفراش، لكنني مؤمن بأن اللقاء نصيب، ولعلّ لي نصيب في مقابلته يومًا ما.
اقتباسات أعجبتني:
"إن استبدال اللغة، بالنسبة للكاتب، هو بمثابة كتابة رسالة غرام باستعمال قاموس"
"وفي استطاعتنا أن نذهب حتى الزعم بأنه بعيداً عن بعض المناسبات، فمن المحرم التحدث بها [الفصحى]، وإلا العرضة للاستهزاء: فلا أحد، على سبيل المثال، قد يتجرأ على استعمالها وهو يتسوق ويقضي مهامه اليومية."
"بقدر ما يكون التكلم بالدارجة يسيراً ، بقدر ما تكون قراءتها شاقة مملوءة بالفخاخ."
"كنت أتقبل العامية في السينما والمسرح، لكنني لم أكن أطيق اقتحامها حرم المكتوب"
لطالما شغلني موضوع اللغة والكتابة وتأثيرهما المتبادل، كيف تكون متعدد اللغات وكيف ستكون كتابتك إن كتبتها بلغتين مختلفتين؟ هل ستختلف شريحة قراءك، وماذا عن الترجمة فيما بعد؟ يطرح الباحث المغربي هذا الموضوع بشكل مبسط ومختصر في هذا الكتاب
انا ويني من زمان عن كيليطو ؟ الأدب والفكر والفلسفه والرقي � الكتاب يركز على ثقافه الفرد بلغته وأمثلته بالسرد جميلة مثل بوارو ابن طفيل ابن العربي المعري وكافكا ومقارنات بين بعض الأدب وفلسفاتهم أسلوب سهل وسلس جداً
يمكنني أن أعتبر هذا الكتاب واحد من أهم وأمتع الكتب التي قرأتها حتى الآن.إن كيليطو رجل عبقري. ورائع. فأسلوبه المحبب الرائق يشدك إليه من أول سطر. إن مقالاته في هذا الكتاب ما هي إلا قصص شعرية؛ برغم أنها قراءات نقدية إلا أنها من الحلاوة بحيث أنك لا يمكن أن تصفها إلا بما وصفته بها.. وأكاد أجزم بأنه لو تناول أحد غيره هذه المواضيع لكرهنا في القراءات النقدية، بل وفي الأدب كله.
كتاب لطيف .. كيليطو يرى ما لا نراه ؛ ما نعتبره مسلمة و فكرة بديهية يثير دهشته و حيرته، . لن تمتلئ حقيبة معلوماتك بقراءة كتبه لكنك حتما ستتعلم كيف تتمهل، كيف تقف للحظة و تراقب .. لن تعتاد أي شيء بعدها 💚
ما خلصت إليه من قراءة الكتاب أن الكاتب يدعو إلى أمريين أحدهما ألا ننبذ الأدب العالمي والأفكار الحداثية والآخر ألا نتقوقع في لغتنا العربية البحتة فلا نكتب أدبنا كترجمة حرفية لأدب الغرب ولا نرفض واقع مانعيشه من استبداد الاحتلال وأثره على لغتنا وثقافتنا ونكتب كما لو كنا نعيش في زمن الخلافة بشكل آخر فلتكن لغتنا العربية حديثة بأفكارها وطرقها الابداعية بعيدة عن الاستننساخ والتشويه ،
عبدالفتاح كيليطو، الناقد والمفكر اللغوي المعروف، يقدم في كتابه "أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية" مجموعة من المقالات التي تمثل تحليلاته العميقة للغة والثقافة في المجتمعات العربية والمغاربية. الكتاب، الذي كتب بالفرنسية وتمت ترجمته بإتقان إلى العربية، يستكشف مفاهيم الازدواجية اللغوية وأثرها على الهوية الثقافية، ويتناول أيضًا الفرق بين اللغة الفصحى والعامية، موضحًا أهميتهما في التعبير والتفاعل الاجتماعي والثقافي. كيليطو يقدم في كتابه قراءات متنوعة وعميقة تساهم في فتح آفاق جديدة للقارئ حول كيفية تشكل الهوية الثقافية من خلال التفاعل مع اللغة والأدب.
بأسلوبه الساحر، ينقل كيليطو تجربته الشخصية ورؤاه حول الترجمة والتأثير الثقافي للغات المختلفة في المجتمعات المغربية والعربية. يتحدث عن تجاربه مع الثنائية اللغوية وكيف أن هذه الخلفية تؤثر على تفاعل الأفراد مع بيئتهم الاجتماعية والثقافية بشكل عميق. كما يستعرض قضايا الهوية المتعددة والانتماء الثقافي، ويسلط الضوء على كيفية أن اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل بل هي جزء حيوي من بنية الهوية الشخصية والجماعية.
في الجزء الثالث من الكتاب، يتعمق كيليطو في التحليل الأدبي لأعمال بعض الروائيين المغاربة المعاصرين مثل العروي والصفريوي، موضحًا كيف أن الأدب يعكس ويشكل الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمعات التي تنتمي إليها هذه الكتابات. يستعرض كيليطو تأثير الأدب الاستعماري وكيف أن الترجمة والتبادل الثقافي يمكن أن تكون أدوات للتحرر الثقافي والفكري من أواصر الاستعمار.
بالإضافة إلى ذلك، يناقش كيليطو في الكتاب أيضًا أبعاداً فلسفية ونظرية حول اللغة، حيث يطرح تساؤلات حول كيفية تأثير اللغة في عملية التفكير وبناء الهوية الفردية والجماعية. يربط بين النقد اللغوي والنقد الثقافي، مقدمًا للقارئ فهمًا أعمق لكيفية تأثير اللغة على تشكل الثقافات وتفاعلها.
ختامًا، يعتبر كتاب "أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية" لعبد الفتاح كيليطو إضافة مهمة للدراسات الثقافية واللغوية، حيث يقدم تحليلات عميقة وفلسفية للعلاقة بين اللغة والهوية والثقافة. يوصى بقراءته لكل من يهتم بالأدب والفلسفة والدراسات الثقافية.
لو كان لى أن أقترح عنوانا آخر للكتاب لكان رسائل فى الأدب المغاربي معظم أجزاء الكتاب كانت غير ذى فائدة بالنسبة لى لجهلى التام بالأدب المغاربي ومؤلفيه .. أعجبني حديث الكاتب عن ثنائية اللغة أو الازدواجية اللغوية كذلك أعجبني ثقافة الكاتب الواسعة والمتنوعة وأسلوبه النقدى الأخاذ ..
يُقال: من ذاق عرف، ومن أعجبه المذاق عاد فغرف! وتلك حالي مع "عبد الفتاح كيليطو". من قرأه ذاق أطايب ما يكتب، أفكارًا وأسلوبًا. وسرعان ما يعود راغبًا بمزيد. يمضي بالعبارة إلى أقصى ما تعنيه، ويحلق بالفكرة إلى أبعد ما تصله. يكتب قفزًا ووثبًا، كما كتب عن نفسه في كتابٍ أحدث، ولا يسعك إلا أن تقرأه "رافعًا رأسك" بين حين وآخر، كما يقتبس من "بارط"، لتتلقى دفق الأفكار والتبصرات التي تنساب إليك من كتاباته. الثلث الأخير من الكتاب صغيرِ الحجم كان دون ثلثيه الأوّليْن، فقد كان نقدًا وقراءات في أعمال مغاربية، لا أعرفها، ولا أظنها معروفة في مشرقنا.