What do you think?
Rate this book
376 pages
First published January 1, 1996
ص24 "ربما كان واحداً من اعظم فتوحات العقل البشري الحديث في مجال فلسفة التاريخ والحضارة المقارنة اكتشافه ان ما يجمع بين مختلف ثقافات العالم وحضاراته هو عينه ما يفرقها: اي اعتقاد كل واحدة منها، المتنافي واعتقادات سائرها، بأنها هي مركز العالم. فما من ثقافة الا وتموضع نفسها في نقطة الوسط الوهمي من العالم، وما من امة -من الأمم الماضية على الاقل- الا وتتصور نفسها على انها من الكون بمثابة السرّة."
ص33 "ماذا نقول عن "الإمبريالية" التي يمارسها الجابري على فكر الحضارات الأخرى، اي غير المنتمية الى الثلاثي اليوناني-العربي-الأوروبي، عندما لا يكتفي بإستبطان نظرية هيغل واستنساخها بحرفيتها، بل يشطّ في تطبيقها، من خلال غلوه في أحكامه السلبية على الحياة العقلية لشعوب الحضارات الشرقية القديمة، الى مدى لم يذهب اليه هيغل نفسه؟"
ص37 "إننا نكون على وفاق مع معرفنا الراهنة اذا قلنا ان اليونان يدينون للحضارات السابقة (ما بين النهرين ومصر) ليس فقط بالتقنيات، بل كذلك بكتلة كبيرة من المعارف العملية"
بنيامين فارنغتون: العلم في العالم القديم
ص38 "الأغريق الذين كانوا يعرفون الكلدانيين ويكنون لهم الإعجاب من حيث هم اصحاب رقي وصنّاع طوالع فلكية، اساؤوا الى سمعتهم كثيراً"
ص101 هل صحيح ان حضارات الشرق الأقصى القديم لم تفكر في العقل؟ (بناء على اقصاء الجابري لها)
ان الأبحاث المتراكمة خلال الخمسين سنة الأخيرة، كما نوّه جان بيير فرنان،.. تقطع بأن هذا الجواب سيكون إيجابياً تمام الإيجابية ولا سيما بالنسبة الى الهند التي تجمعت حول حضارتها القديمة بحوث جديدة وثمينة قطعت بل قلبت رأساً على عقب استنتاجات المدرسة الإستشراقية للقرن التاسع عشر وأحكامها - وهي المدرسة التي يبدو ان الجابري توقف عندها-"
ص 87 "ليس اليونانيون ولا الفينيقيون هم من اخترعوا الفلسفة، بل لقاء هذين الشعبين. وهذا الأصل المشترك لإختراع الفلسفة تحمله في اسمها بالذات. فمعلوم ان الفلسفة منحوتة باليونانية من لفظتين:
Philos اي صديق او محب
Sophia اي الحكمة
والحال ان "صوفيا" نفسها ليست يونانية الأصل وهذا بإعتراف سقراط نفسه... ان الحكيم بالعربية هو الشافي وجذر الكلمة بابلي....وما نقدره ان الكلمة السامية "الشافي" دخلت اليونانية .. وعادت الى العربية "الصوفي"
ص222 "ما دامت كل الأطروحة المباطنة لمشروع "نقد العقل العربي" هي تأسيس "الشرق" في لاعقلانية تكوينية وبنوية معاً فقد بدا لنا ضرورياً التوقف عند تلك المدرسة من مدارس الفلسفة اليونانية - اي المكتوبة باليونانية- التي تبوأ فيها تراث العقل مكانة حملت "مؤرخ اللوغوس" الذي هو إميل برهييه على القول بأنه مع الرواقية "احتل العقل المساحة كلها وكرد كل ما ليس بضعة منه""
ص343 "المفاجأة التي يخبئها لنا أرسطو - وربما الأكبر بالإحالة الى العلاقة الضدية التي يريد الجابري تأسيسها بين العقل اليوناني والعقل العربي بموروثه السامي والشرقي- تكمن في انه يعتبر نظام قرطاجة الفينيقية متفوقاً لا على نظام أثينا الديمقراطي "المنحرف" أصلاً، بل حتى على نظام أسبرطة الأرستقراطي "الصحيح". فالنظام القرطاجي (يتقدم على الإسبراطي) باستناده الى: "الثروة والفضيلة وإرادة الشعب" .. (تسقط الثروة في النظام الإسبارطي)"
ص196 "لكن الجابري ما كفاه ان يبدأ تحقيبه للعقل الأوروبي الحديث بالفيلسوف ديكارت، لا بالعالم غاليليو. بل ما كفاه، حتى في داخل اسوار الفلسفة، ان يبدأ بمشرّع العقل الميافيزيقي الذي هو رينيه ديكارت، لا بمشرّع العقل التجريبي الذي هو فرنسيس بيكون. بل اختار، داخل نطاق الديكارتية بالذات، ان يبدأ لا بمؤسس المذهب، ديكارت ننفسه، بل بشارحه الأكثر انشداداً بأبصاره الى الماضي: نيقولا دي ماليرانش"
ص197 "كما عمل القديس اغسطينوس على "تنصير" أرسطو، كانت مهمة الأب مالبرانش "تنصير" الديكارتية، بل "كثلكتها"، وذلك بقدر ما كانت الديكارتية، بميتافيزيقاها التي ردت الى العقل استقلاله وبفيزيقاها التي جعلت من الطبيعة مجرد آلة، تتبدى "وثنية" اكثر مما ينبغي. فالمهمة التي اخذها مالبرانش على عاتقه هي بالضبط رد الفلسفة خادمة للاهوت، ورد الطبيعيات الى حظيرة الكسمولوجيا المسيحية باعتبراها مجرد "قراءة ثانية للآلهيات""
ص208 "ان سبينوزا الذي نتحدث عنه ليس عينه الذي يتحدث عنه الجابري. وما ذلك لأنه يجعله، في نظرية العقل، متابعاً لخط سقراط وأفلاطون وأرسطو، مع ان سبينوزا نفسه سخر من سذاجتهم وأكّد ان "سلطتهم لا تزن عنده وزناً ثقيلاً"، وانه لو كان يريد انتماء الى تراث لأنتمى الى تراث "أبيقور وديموقريطس .. وأنصار الذرات" اي بالتحديد الى ذرية الفلاسفة الذين استبعدهم الجابري من سلالة منظّري "العقل""
ص213 "عندما يجعل الجابري من الطبيعة الطابعة "مصدر الصفات والأحوال" ومن الطبيعة المطبوعة "هذه الصفات والأحوال نفسها"، فإنه يكون من جهة أولى قد أعاد، ضداً على السبينوزية (نسبة لسبينوزا)، بناء قطبية الله والطبيعة، وتأول العلاقة بين الطبيعة الطابعة والطبيعة المطبوعة إن لم يكن على انها علاقة خالق بمخلوق كما يفعل يوسف كرم، فعلى انها علاقة "المصدر" بما يصدر عنه"
ص258 "إن مرجعاً رئيسياً للجابري في نظريته عن العقل، بعد لالاند وكورنو واشلار، هو جان أولمو في كتابه المميّز "الفكر العلمي الحديث". ولنقر حالاً بأن هذه العلاقة المرجعية هي نفسها مميزة. فخلافاً للالاند وكورنو اللذين لم يطلع الجابري على نظريتهما إلا من خلال معجم فوكييه الفلسفي، وخلافاً لباشلار الذي لا يصرح اصلاً برجوعه اليه، فإن الجابري يفيدنا بأمانة علمية "نحن نستلهم هنا بكيفية خاصة كتاب جان أولمو""
"ص279 ان مؤلف "بنية العقل العربي" الذي لا يزال يعتقد ان "الإحتراق" هو حصراً فعل "النار" في الأجسام الصلبة واليابسة، لا يتردد في ان يصف النتيجة التي ينتهي اليها من يقول، اثر لافوازييه، بأن "الهواء يحترق في رئة الحيوان البري" بأنها "نتيجة مضحكة..
ترى هل نستطيع ان نعلق بأكثر من ان الظاهرة التي لحظها باشلار في الثقافة الغربية في النصف الأول من هذا القرن يمكن رصدها في الثقافة العربية المعاصرة ايضاً ولكن في صورة "تخلف عميق"
ص222 ما دامت كل الأطروحة المباطنة لمشروع "نقد العقل العربي" هي تأسيس "الشرق" في لاعقلانية تكوينية وبنوية معاً فقد بدا لنا ضرورياً التوقف عند تلك المدرسة من مدارس الفلسفة اليونانية - اي المكتوبة باليونانية- التي تبوأ فيها تراث العقل مكانة حملت "مؤرخ اللوغوس" الذي هو إميل برهييه على القول بأنه مع الرواقية "احتل العقل المساحة كلها وكرد كل ما ليس بضعة منه
ص 357 إن ترجمات السماع الطبيعي والتولد والفساد والسماء لأرسطو، مصحوبة بأعمال ابن سينا وابن رشد، كانت هي المؤشر (في فلسفة العصر الوسيط) لظهور علم طبيعي متحدد بموضوع مخصوص: الطبيعة ونظرية الحركة والمتحرك.
آلان دي ليبيرا، الفلسفة الوسطي