Mohammad's Reviews > نظرية العقل العربي
نظرية العقل العربي
by
by

كان أول لقاء لي مع جورج طرابيشي في كتابيه "هرطقات"، بعد أن نصحني بهما أحد الأصدقاء. شدّني فيه سعة اطلاعه وأسلوبه المنطقي والعلمي في طرح الأمور. يزعجني كثيرا في بعض الناس شدّة اليقين عندهم، فما يحدّثك بأمر إلا وتجد عنده الجواب القاطع لكل مسألة. وجدت كتابات طرابيشي أقرب إلى المنهجية العلمية الحديثة التي تقوم على التساؤل وتحدّي الأفكار والمفاهيم للوصول إلى إجابة أقرب للحقيقة. لا داعي للذكر أن هذا الأسلوب يجعل عملية الكتابة -والقراءة بطبيعة الحال- أصعب، خصوصا في مجالات الفكر. فعندما يسألك طفل "لماذا الشمس تشرق وتغيب؟" الجواب الأسهل لعقل طفل هو جواب مثل "لكي نستطيع أن ننام بالليل"، بينما الجواب الحقيقي يتطلب شرح لمفاهيم فيزيائية ومفهوم دوران الأرض وكرويتها، إلخ. أشعر أن كتاب الجابري يمثّل الجواب الأول، بينما يقوم طرابيشي في مشروعه هذا بتفنيد الإجابات المبتذلة وطرح أجوبة تطمح لأن تكون كالإجابة الثانية.
في هذا المشروع في نقد نقد العقل العربي، يقوم جورج طرابيشي بالرد على كتاب "نقد العقل العربي" لمحمد الجابري. لا أخفي القارئ أنني وجدت القراءة صعبة للغاية، وفي كثير من الأحيان كنت أضيع في التفاصيل، وفي بعض المرات أقوم بتجاوز بعض الفقرات لما وجدت فيها من تفصيل "مُمِل" (أقول ممل لأنني لا أفهم التفاصيل، وأعتقد أنها قد تكون ممتعة أو حتى رائعة لشخص مُطَّلع بهذه المواضيع). الكتاب هذا يطرح الكثير من الأفكار الفلسفية وفيه جرعة دسمة من تاريخ الحضارات. في الحقيقة، لو لم أخرج من هذا الكتاب الدَّسِم سوى التعرّف على أسلوب طرابيشي الرائع في النقد لكفاني! أسلوبه رائع، يطرح الإشكالية ومن ثم يعود إلى أساس المشكلة، مستحضرا مواد تاريخية ذات صلة، وآراء الفلاسفة والكُتّاب في مسألة معينة، وبهذه الطريقة الرصينة ينتقد الفكرة المطروحة في كتاب الجابري "نقد العقل العربي". الكثير من القُرَّاء هنا في جودريدز ينتقدون هذا الكتاب لأنه لا يُقدّم منهجاً جديداً أو بديلاً لكتاب الجابري. ولكنني أعتقد أن هذا يعود إلى رصانة الأسلوب العلمي للكاتب جورج طرابيشي، فهو لا يدّعي امتلاك الحقيقة، ولم أشعر للحظة أثناء القراءة أنه يستغفل القارئ- كما يفعل الجابري. بل أن الكتاب مليء بالمصادر، ولا تكاد تخلو صفحة من الهامش، يذكر فيه المصدر أو يعقّب فيه على نقطة في النص. أذكر أنه في أحد الفصول تخطّت عدد الهوامش فيه ال١٢٠، أي أكثر من صفحات ذلك الفصل.
أعتقد أن مواجهة الصعوبات أثناء القراءة أمر إيجابي، فهو مؤشر على أنه من المرجّح أنني أتعلم شيئا جديداً. في الحقيقة أشعر أنني استوعبت بعض الأفكار، واستمتعت بالتعرّف عليها. هنا سوف أشارك بعض الملاحظات التي أخذتها أثناء قراءتي للكتاب (غالبيتها من الفصل الثاني من الكتاب)، وهي استنتاجات أو أفكار وجدتها مثيرة للاهتمام. هي خلاصات تسبقها صفحات من المناقشة والتحليل لذلك قد لا يكون لها معنى لمن لم يقرأ الكتاب، ولكنني سوف أشاركها لكي أحتفظ بها لنفسي على الأقل:
الفلسفة تراكمية، وكل حضارة لها دور في تطوير الفكر البشري.
التفكير في العقل أمر نسبي، ولا يمكن إخراجه من ظروفه التاريخية والاجتماعية.
الحضارة الصينية لم تمارس التفكير في العقل، وإنما بالعقل، ونتج عن ذلك حضارة رائعة، وهذا لا يقلل من شأنها.
مقارنة العقول بالعقل اليوناني والحكم عليها من خلاله هو عنصرية، حيث (إن لم تكن معي فأنت ضدي).
الحداثة الأوروبية هي من أعطت قيمة للفكر اليوناني وليس العكس.
الفكر الأوروبي قائم على النّقد، حيث يُقدَّم العقل المكوِّن ويُنتقد العقل المكوَّن.
يجب علينا عدم تقديس الفلسفة الغربية، وإنما ينبغي علينا الاستفادة من جميع التجارب البشرية واحترامها.
خلاصنا يكون بنقد ذواتنا والمضي قدما.
العقل اليوناني دخل في دوامة التفكير في العقل وأصبح "كلام فاضي"، ومن هنا جاء القول "لا تتفلسف"!
اليوم دخل العلم في المعادلة، ولابد للفلسفة أن تخضع للعلم لكي لا تصبح مثل اللاهوت الديني مُعَرقِلة للعلم.
من الخطأ اعتبار العقل الغربي الحديث استمرار للعقل اليوناني، وهذه الفكرة أساساً عبارة عن عملية "تغريب" للثقافة اليونانية، والواقع أن العقل اليوناني كان "شرقيّاً بقدر ما كان "غربيّا".
من الخطأ اعتبار اللغة العربية عائق أمام الحداثة، أو أن اللغة اليونانية كان لها فضل (من ناحية لغوية بحتة) في تطوّر العقل.
الحضارة اليونانية لم تكن مثالية وكان فيها أفعال مشينة مثل الرّق وغيرها.
الخلاصة أنني أعتقد أن الكتاب سيكون أمتع للمثقفين والمهتمين بمسألة الفكر والفلسفة، ولمن قرأ كتاب نقد العقل العربي وانبهر فيه. سوف أكمل قراءة السلسلة لأنني مستمتع بأسلوبه في الطرح والنقد.
ملاحظة: لم أقرأ كتاب نقد العقل العربي
في هذا المشروع في نقد نقد العقل العربي، يقوم جورج طرابيشي بالرد على كتاب "نقد العقل العربي" لمحمد الجابري. لا أخفي القارئ أنني وجدت القراءة صعبة للغاية، وفي كثير من الأحيان كنت أضيع في التفاصيل، وفي بعض المرات أقوم بتجاوز بعض الفقرات لما وجدت فيها من تفصيل "مُمِل" (أقول ممل لأنني لا أفهم التفاصيل، وأعتقد أنها قد تكون ممتعة أو حتى رائعة لشخص مُطَّلع بهذه المواضيع). الكتاب هذا يطرح الكثير من الأفكار الفلسفية وفيه جرعة دسمة من تاريخ الحضارات. في الحقيقة، لو لم أخرج من هذا الكتاب الدَّسِم سوى التعرّف على أسلوب طرابيشي الرائع في النقد لكفاني! أسلوبه رائع، يطرح الإشكالية ومن ثم يعود إلى أساس المشكلة، مستحضرا مواد تاريخية ذات صلة، وآراء الفلاسفة والكُتّاب في مسألة معينة، وبهذه الطريقة الرصينة ينتقد الفكرة المطروحة في كتاب الجابري "نقد العقل العربي". الكثير من القُرَّاء هنا في جودريدز ينتقدون هذا الكتاب لأنه لا يُقدّم منهجاً جديداً أو بديلاً لكتاب الجابري. ولكنني أعتقد أن هذا يعود إلى رصانة الأسلوب العلمي للكاتب جورج طرابيشي، فهو لا يدّعي امتلاك الحقيقة، ولم أشعر للحظة أثناء القراءة أنه يستغفل القارئ- كما يفعل الجابري. بل أن الكتاب مليء بالمصادر، ولا تكاد تخلو صفحة من الهامش، يذكر فيه المصدر أو يعقّب فيه على نقطة في النص. أذكر أنه في أحد الفصول تخطّت عدد الهوامش فيه ال١٢٠، أي أكثر من صفحات ذلك الفصل.
أعتقد أن مواجهة الصعوبات أثناء القراءة أمر إيجابي، فهو مؤشر على أنه من المرجّح أنني أتعلم شيئا جديداً. في الحقيقة أشعر أنني استوعبت بعض الأفكار، واستمتعت بالتعرّف عليها. هنا سوف أشارك بعض الملاحظات التي أخذتها أثناء قراءتي للكتاب (غالبيتها من الفصل الثاني من الكتاب)، وهي استنتاجات أو أفكار وجدتها مثيرة للاهتمام. هي خلاصات تسبقها صفحات من المناقشة والتحليل لذلك قد لا يكون لها معنى لمن لم يقرأ الكتاب، ولكنني سوف أشاركها لكي أحتفظ بها لنفسي على الأقل:
الفلسفة تراكمية، وكل حضارة لها دور في تطوير الفكر البشري.
التفكير في العقل أمر نسبي، ولا يمكن إخراجه من ظروفه التاريخية والاجتماعية.
الحضارة الصينية لم تمارس التفكير في العقل، وإنما بالعقل، ونتج عن ذلك حضارة رائعة، وهذا لا يقلل من شأنها.
مقارنة العقول بالعقل اليوناني والحكم عليها من خلاله هو عنصرية، حيث (إن لم تكن معي فأنت ضدي).
الحداثة الأوروبية هي من أعطت قيمة للفكر اليوناني وليس العكس.
الفكر الأوروبي قائم على النّقد، حيث يُقدَّم العقل المكوِّن ويُنتقد العقل المكوَّن.
يجب علينا عدم تقديس الفلسفة الغربية، وإنما ينبغي علينا الاستفادة من جميع التجارب البشرية واحترامها.
خلاصنا يكون بنقد ذواتنا والمضي قدما.
العقل اليوناني دخل في دوامة التفكير في العقل وأصبح "كلام فاضي"، ومن هنا جاء القول "لا تتفلسف"!
اليوم دخل العلم في المعادلة، ولابد للفلسفة أن تخضع للعلم لكي لا تصبح مثل اللاهوت الديني مُعَرقِلة للعلم.
من الخطأ اعتبار العقل الغربي الحديث استمرار للعقل اليوناني، وهذه الفكرة أساساً عبارة عن عملية "تغريب" للثقافة اليونانية، والواقع أن العقل اليوناني كان "شرقيّاً بقدر ما كان "غربيّا".
من الخطأ اعتبار اللغة العربية عائق أمام الحداثة، أو أن اللغة اليونانية كان لها فضل (من ناحية لغوية بحتة) في تطوّر العقل.
الحضارة اليونانية لم تكن مثالية وكان فيها أفعال مشينة مثل الرّق وغيرها.
الخلاصة أنني أعتقد أن الكتاب سيكون أمتع للمثقفين والمهتمين بمسألة الفكر والفلسفة، ولمن قرأ كتاب نقد العقل العربي وانبهر فيه. سوف أكمل قراءة السلسلة لأنني مستمتع بأسلوبه في الطرح والنقد.
ملاحظة: لم أقرأ كتاب نقد العقل العربي
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
نظرية العقل العربي.
Sign In »
Reading Progress
March 22, 2018
–
Started Reading
March 22, 2018
– Shelved
April 2, 2018
–
Finished Reading