ŷ������

رغم مرور سنوات طويلة على صدور هذا الكتاب (صدرت طبعته الأولى سنة 1996) إلا أني لم أقرأه إلا هذه الفترة - لظروف ناسبت وقته- ومن حين شرعت فيه ، تملكني هذا الكتاب بمنهجه وقوته وعمقه الشديد.
الكتاب نقدي من الطراز الأول، يتتبع كتاب " نقد العقل العربي" للجابري، فيفتش في مصادره ويكشف زيف أو تحريف نقله، ثم يشتبك مع مصادره الوسيطة فيقومها ومنها ينتقل إلى محاكمة القضية كلها إلى أصلها الأول، ومن مصادرها الأصلية ، فتجد فلسفة الغرب التقت بفلسفة الشرق ، وعلم الكلام اتصل بعصر النهضة، كأن تراث البشرية حلقات تأخذ بحجز بعضها حتى تفهم أصول القضية التي يشتبك فيها.. وهو في كثير من الأحيان - بل في أغلبها - عارض محايد لا صاحب موقف - وإن كان موقفه لا يخفى - مما يجعلك أكثر اطمئنانا للملحمة التي تخوضها.
هذا الكتاب مثال لما ينبغي أن يكون عليه الباحث من جد ومثابرة وشمولية وتشكك وتوثق .. لا تملك إلا ان تشيد بهذا العمل (الذي هو جزء من مشروع كبير له فرغ نفسه له لسنوات) سواء وافقته في نتائجه النهائية أم خالفته.
الكتاب وجبة دسمة جدا ولن يستفيد منه إلا من قرأ في الفلسفة العربية والغربية بقدر ما.
لغته الأدبية تحتاج لقدر من الثقافة لفهم تشبيهاته وتنسيباته.
يسترسل مع الفكرة كفيلسوف لا كأكاديمي يبحث نقطة نقطة وإن كان في بحثه ملتزم بكل شروط التوثيق والإحالات العلمية