الكلام أو الموت (اللغة بما هي نظام اجتماعي: دراسة تحليلية نفسية)
مسارُ هذا الكتاب هو سلسلةً متتابعة من الرؤى التي تتمحور، من أول العمل إلى آخره، حول سؤالين توأمين؟ أولهما: ما الذي يشكّل وحدةَ المجتمع؟ وهو سؤال يحاول بعض الكتاب المعاصرين الإجابة عنه من خلال دمج "الإنسان الاقتصادي" (Homo economicus) لِبنْتام مع "الإنسان الاجتماعي" (Homo Sociologicus) لدوركهايم. أما السؤال الثاني فهو: كيف يحدث، رغم هذه الوحدة التي يبدو أن لا حياة إنسانية ممكنة خارجاً عنها، أننا نعيش كما نحلم، فرادى، تبعاً لقول كونْراد؟ وهو سؤال تتم الإجابة عليه عادة بشكل متعثر من خلال الكلام عن التضحيات التي تفرضها الحضارة على الفرد، ومن خلال ما تمليه من مكبوتات.
لم يدخر المترجم الدكتور حجازي اي جهد في التبسيط والترجمة، ولكن الكاتب العلامة الدكتور صفوان متاثر للغاية باستغلاق لاكان وصعوبة لغته واستطرادات لا أزال احاول فيه، يجهدني ويستفزني، وأفهم بعضه ويعييني بعضه وبالاخص الفصل الاول المتعلق بالمقدمة المنطقية واللغوية، فعلًا مرهقة للغاية ومعقدة
سأكمله إن شاء الله وأعيد قراءته بعد بضعة سنوات، محاولة مني لإدراك كيف انمو على المستوى العقلي وفي التحصيل الفلسفي والتحليلي
ولكن جمال الكتاب يظهر في كونه يمنحك جمعا جميلا بين الفلسفة واللسانيات والتحليل النفسي وعلم الاجتماع، بشكل لا يمكن ابدا أن يناسب قارئًا غير متمكن في كل تلك العلوم، وبشكل متبحر لا محض عابر
لذا هو يمثل أداة تقييمية ذاتية جيدة بالنسبة لي في هذه المرحلة أكثر من كونه محلًا للاستزادة
ولكن لا أخفي أنه أثار فيّ الشيء الكثير، وأن المساحات التي فهمتها منه حتى الآن لها عظيم الأثر في استفزاز أفكاري وغمري بتأملات استثنائية
فجمالية صفوان تكمن في كونه قادر على استثارة التساؤل أكثر من منحك إجابات جاهزة معلبة مستوردة دخيلة على ذاتك
صفوان يعتمد خطاب المحلل الغامض الذي يجبرك أن تملأ الفجوات وتسقط عليه حكمة دواخلك، ولا يعتمد خطاب السيد أو خطاب الجامعي الموجه العلموي
لم أكن أعرف من قبل أن صفوان المحلل منطيق فريد هكذا، ولم أعرف ايضًا ترجمته لظاهراتية العقل لهيجل، سأحرص على مطالعته إن شاء الله
لقد شدني عنوان الكتاب شداً كاملاً .. العنوان بليغ .. يختصر الكثير من الأمور، ولأن الكتاب من تأليف مصطفى صفوان وترجمة مصطفى حجازي فقد كان ذلك حاسماً في اتخاذ قرار قراءة الكتاب
إلا هذا أول كتاب لي قرأته كاملاً ولم أفهم منه شيء .. إلا بعض الهوامش هنا وهناك
لغة سرد الكتاب غير مفهومة بتاتاً
كتب مترجم النسخة الإنجليزية في نهاية مقدمته يقول: "لقد قرأت كتاب (الكلام أو الموت) أكثر من عشر مرات إلى ألآن، في كل من الفرنسية والإنجليزية. ولا يمكنني الإدعاء بأنني فهمته تماماً"
هذا المترجم المختص وبعد ما قراه عشر مرات يذكر إنه بالكاد فهم شيئاً منه فمبا بالك بي أنا وأنا القارئ العادي الغير مختص
هذا أول كتاب لي أقراه لمصطفى صفوان .. وهناك كتاب آخر (التحلل النفسي) .. أتمنى أن لا تكون لغة السرد بنفس الطريقة
عندما يطرح طفل علينا وجهة نظره بخصوص قضية اخلاقية و نقول له ان تلك القضية محرمة و السبب ان القران هو من قال انه محرمة و نريد بنفس الوقت ان نسمح بالحريات , فنحن نهذي لا اكثر , الحديث يبين شخصين فضاءهم العام هو قانون ( قران) يجعل من يفقه القران و الدين متفوق على المتحدث و قيس على كل سلطة نتحدث معه بشخص لهذا نشعر بالخوف عندما نتحدث مع رجل دين او مع اهلنا نحن نتحدث داخل قوانين مسبقة و لا نتحرك الي من داخل تلك السياقات و نحول دائما ان نراوغ و نحاول ان نخرج متحدثنا من قانونه و يصبح في سياق او قاعدة جديدة تسمح بالحوار الحر و انطلاق الكلام يملك خطورة السياق
الكبت يحدث مع مع كل قانون و اصلا لماذا سوف نكبت فكرة معينة الي بسبب نجد ان الوضع اجتماعي نعيش فيه يمنع التحدث به و لهذا نصبح مكبوتين و نحل هذا الكبت بفهم القوانين بمعنى لا يصبح قانون نقبله مثل ما هو لا نصبح مثل المشرع نفهمه فنحن يوم نفهم شيء لا يصبح مفروض علينا بل يصبح قضية قبول يصبح شيء منا او ان نسافر او نحدث مع صديق نحبه و نقول لهذا الصديق تعال نخرج من قوانين المجتمع و نبني قوانين جديدة فنشعر براحة النفسية بسبب دخولنا في قوانين جديدة نستطيع ان نتحرك فيه
درس لاكاني (نسبة إلى جاك لاكان) أسلوبًا في أولوية الكلام على النظام في الوجود البشري، وكونه مرسخًا للحياة بما هي نظام تفاعلي على النطاقات الثلاثة (الخيالي، الرمزي، الواقعي)، وإلا فدونها كل تجليات الموت بدءًا بالخرس مرورًا بالقمع وانتهاء بالقتل. ولأنه بأسلوب لاكاني، فقد نجمة الاكتمال في نظري؛ إذ يكاد يستحيل نقل هذا الأسلوب بالعربية مهما اجتهد مترجمه، رغمًا عن اجتهاد الدكتور مصطفى حجازي الواضح هنا.