القصيبي يكتب «وصيته» على فراش الموت الثلاثاء, 17 أغسطس 2010
بيروت - عبده وازن شاء غازي القصيبي أن تكون روايته الأخيرة «الزايمر» التي لم يتسنّ له أن يشاهدها مطبوعة والتي تصدر في بيروت خلال أيام، أشبه بوصيته الأخيرة يعرب فيها باختصار عن نظرته الى أمور طالما شغلته سابقاً وشغلت أبطاله الروائيين ومنها مثلاً: الشيخوخة، الذكريات، الموت، الحبّ، النسيان، الألم... لكنّ هذه الرواية القصيرة التي أصرّ على تسميتها «أقصوصة» كما كتب بخطّ يده، وأصرّ أيضاً على توقيعها باسمه الكامل: غازي بن عبدالرحمن القصيبي، هي رواية عن الاحتضار الطويل الذي عاشه هو، مستخدماً قناع «بطله» الذي يدعى هنا «يعقوب العريان» والذي اختار له مرض «الزايمر» ليعالج من خلاله هواجسه الوجودية. رواية قصيرة ما كاد القصيبي ينهيها حتى رحل، مطمئناً الى انها ستحمل الى قرائه مفاجأة جميلة وحزينة في آن. والرواية، وإن بدت مجتزأة من مشروع روائي لم يتمكّن القصيبي من إنجازه، قد تكون من أعماله الفريدة جداً لسبب واحد هو طابع الشهادة الذي يسمها.
انها شهادة القصيبي على أيام المرض والعلاج، لكنّ كبرياءه أو كرامته حالت دون أن يمنح هذا النصّ صفة السيرة الذاتية فاختبأ خلف بطله «يعقوب العريان» ليسرد وقائع المرض والعزلة والمعاناة اليومية. ولم يكن اختياره مرض «الزايمر» الذي أصاب يعقوب إلا هروباً نحو النسيان الذي يجعل الحياة شريطاً واهياً من الذكريات المتداخلة. اعتمد القصيبي فن «الرسالة» ليكتب هذه الرواية، فإذا هي عبارة عن اثنتي عشرة رسالة يكتبها «يعقوب» الى زوجته نرمين، من المصح الأميركي الذي يخضع فيه للعلاج من مرض «الزايمر». لكن هذه الرسائل لن تصل الى الزوجة إلا بعد وفاته إثر جلطة في القلب، وقد أرسلها اليها طبيبه الذي يدعى الدكتور جيمس ماكدونالد من جامعة جورج تاون. وهذه الرسائل المتقطّعة لم تكن إلا ذريعة ليستعيد يعقوب (أو غازي) ملامح من الماضي وليواجه الحاضر إما بالسخرية منه وإمّا بالرثاء المضمر الذي يشي بنظرة وداعية أخيرة.
في الرسالة الأولى يسعى الى الاعتذار من زوجته عن الكذبة التي اختلقها قصداً ليبرّر سفره للعلاج وكأنّه على يقين أنه لن يعود إلا جثة. والزوجة لن تكتشف هذه الكذبة البيضاء إلا بعد وصول الجثة والرسائل، فهي كانت تظن أنه في رحلة عمل طويلة.
لم يشأ «يعقوب» إزعاج أحد بمرضه، لا زوجته ولا ابنه ولا الابنة. أراد أن ينهار وحيداً في لجّة النسيان والذكريات، وفي «أرض الماضي المحروقة» كما يقول.
إلا أن أيام علاجه في المصح الأميركي لم تخل البتة من الطرائف التي يسردها لزوجته، وأبطالها مرضى أميركيون. أحد هؤلاء يتوهّم نفسه الرئيس الأميركي نيكسون وآخر هنري كيسنجر وآخر زوجاً للممثلة الشهيرة مارلين مونرو... انها طرائف أناس هم على حافة السقوط في عتمة الذاكرة، يهلوسون ويهذون... إلا أن الحياة في المصح لا تخلو أيضاً من الألم والكآبة، لا سيما عندما يجد المريض نفسه وحيداً، أمام مرآة مغبشة لا يبصر فيها صورته جيداً.
يكتب يعقوب قائلاً: «أفكار حزينة قاتمة تنتابني» أو: «أعيش يومي لحظة بلحظة، ساعة فساعة». استطاع يعقوب أن يتذكر زواجه الأول من قريبة له أيام المراهقة، هذا الزواج الذي أجبر عليه قسراً لغاية عائلية. تذكر يعقوب أيضاً جدّه. تذكر امرأته نرمين يسري التي تصغره كثيراً وكيف تعرّف اليها في شرم الشيخ خلال مؤتمر مصرفي شارك فيه بصفته رئيساًَ لمجلس بنك «الدهناء»، وشاركت هي فيه كموظفة في بنك يملكه أبوها. يتذكّر «يعقوب» أشياء كثيرة وينسى أشياء أخرى كثيرة. ينسى اسم زوجته الثانية، بل ينسى إن كان تزوج مرة ثانية ويشك في الأمر. ينسى الأحداث الأولى في حياته: الفيلم الأول، الكتاب الأول، الحذاء الأول... «تزعجني ذكريات المرة الأولى لأنها تجيء ثمّ تتملص وتهرب» يقول.
لكنه يتذكر جيداً كيف كان في طفولته يلعب «لعبة الموت» فيتظاهر انه مات ليخيف أهله. هذه الذكرى لم تفارقه، بل هي تلحّ عليه الآن في مرضه الذي دفع به الى حافة الفراغ: «بلا ذاكرة لا يوجد سوى الفراغ، فراغ الموت». ثم لا يتوانى عن مساءلة نفسه: «ألا توجد قوة تقهر النسيان»؟ ولا يضيره في أحيان أن يسخر من هذا المرض الرهيب فيسميه «الزايمر المتلصّص» أو «العزيز ألزايمر» وكأنه يستحضر الطبيب الألماني آلويس ألزايمر الذي اكتشف هذا المرض العام 1906 وسمّي من ثم باسمه، كما يشرح لزوجته في إحدى الرسائل.
ولعلّ أبلغ ما يصف به مريض «ألزايمر» هو وصفه اياه بـ «الخضار البشري». فشكل المريض «شكل إنسان» لكن عقله «عقل حبة طماطم أو كوسة أو بامية». هنا تبلغ السخرية ذروتها العبثية، المرّة والأليمة. ويتذكر يعقوب (غازي) تلك الجملة التي وضعها دانتي على مدخل «الجحيم» في «كوميدياه» الشهيرة: «يا من تدخلون هذا المكان اتركوا وراءكم أي أمل في الخروج». كأن هذا المرض هو جحيم أيضاً، جحيم العذاب والعزلة.
ليس نص «الزايمر» أقصوصة، ولا أحد يعلم لماذا أطلق القصيبي عليه هذه الصفة، مع انه يتعدّى مئة صفحة. هذا النص يمكن وصفه بالرواية القصيرة أو بالقصة الطويلة، وتكمن فرادته في تقنية السرد التي تلبست هنا فن المراسلة، وهذا فنّ عريق روائياً. وقد يشعر القارئ أن هذه الرسائل كتبت لتكون جزءاً من رواية تكمّل رواية «حكاية حب» من خلال مكابدة البطل نفسه (يعقوب العريان) حال الاحتضار والموت.
ولعل القصيبي وجد في هذا البطل صورة لنفسه فحمّله معاناته وهذه الرسائل الموجهة الى قرائه. ومَن يطلع على المخطوط الذي يملكه الناشر اللبناني عيسى أحوش صاحب دار «بيسان» التي حصلت على حق النشر من القصيبي مباشرة، يلحظ كيف تمعّن القصيبي في كتابة النص وتقسيمه بدقة تامة. لعله شاءه فعلاً وصيته الأخيرة على فراش الموت.
He was a Saudi Arabian politician, diplomat, technocrat, poet, and novelist. He was an intellectual and a member of the Al Gosaibi family that is one of the oldest and richest trading families of Saudi Arabia and Bahrain. Al Gosaibi was considered among Saudi Arabia's topmost technocrats since the mid-1970s. The Majalla called him the "Godfather of Renovation".
حسنٌ، أقدر أن هذه آخر أعمال د. غازي القصيبي، وقد كتبها في غمرة المرض والوحشة، لكن هذا لا يعني أن أوفر ملاحظاتي.
- لا أستحسن كثيرا تسميتها بأقصوصة. هي حتما قصة قصيرة، لكن أرى أن تعبير أقصوصة يطلق على القصص ذات الصفحات القليلة. وهذه القصة (إذا أزلنا الرسومات وصغرنا الخط الكبير نسبيا) لا تزال طويلة نسبية على أن نطلق عليها اسم أقصوصة.
- طوال قراءتي وأنا أدون على الهامش ملاحظات تذكرني بأعمال غازي السابقة، خاصة العصفورية وأبو شلاخ البرمائي.
- أليس لافتا أن تكون 3 من أعمال غازي تدور في مستشفى؟ العصفورية، حكاية حب، وألزايمر.
- حسن فعل المؤلف بأن كتب "ألزايمر" بهمزة القطع، ف"ال" ليس أل التعريف هنا، بل جزء من أسم مكتتشف المرض، واسمه بالألمانية بالمناسبة "التسخايمر"!
- مرضى الزايمر ينسون، لكن لم أعرف أنهم يهلوسون! زميله البروفسور ديمري ويلنجر يهلوس بطريقة تذكر ببطل العصفورية (البروفسور)، وهذا لا يتسق مع طبيعة المرض، ولا تبرير له في سياق القصة. كما أن محاولات إقحام مارلين مونرو وصويحباتها مزعجة لأسباب كثيرة، أهمها أنها تفتقد التبرير.
- النبيذ الأبيض، تفاصيل البلوغ، إليزابيث جرينجر، ناتالي نورث، ومارلين مونرو. كنت أتمنى من غازي -غفر الله له- أن يعتقنا من هذه المقحمات. ليس كاتبا مغمورا يستجدي الشهرة حتى يلجأ إلى هذه الأساليب.
- أتساءل (من باب الفضول) عن الكُتاب الذين تحدث عنهم في صفحة 30. هل هم حقيقيون أم من نسخ خياله؟
- نقد القصيبي لمفهوم مرحلة المراهقة المستورد من الغرب خلاّب! (اقرؤوا صفحة 63)
- يبدو أن معضلة البطل/المريض ليست في النسيات حقيقة، إنما في الإفراط في التذكر تخوفا من النسيان. ملمح جميل، أحسن فيه الكاتب.
- الفصل الأخير (12) يتوغل في دقائق النفس البشرية بشكل مذهل.
- القصة قصيرة، لغتها بسيطة، ذات انسيابية آخاذة تجعلك لا تتركها قبل انهائها.
- القصة لشخص أصابه مرض ألزايمر، ترك عائلته وذهب الى المركز المتخصص، كتب رسائل لزوجته، سلمت لها بعد وفاته بنوبة قلبية.
- المميز في هذه القصة، وبعيدا عن المرض الذي يصيب الشخص، هو الإستطراد المبطن لذات المرض الذي يصيب العالم العربي (كيف تستطيع امة ان تصنع مستقبلها وهي في قبضة ماضيها). والملفت ايضا هو مغادرة المريض لمنزله وتركه لعائلته التي تحبه ويحبها كيلا تكرهه ويكرهها وابتعادا عن الشعور بالشفقة الذي يتضح ان الراوي يمقته.
- قصة بأسلوب الرسائل، مؤلمة لكنها تحتوي على الكثير من العبر. سأعود لاحقا لأكتب بعض الإقتباسات الجميلة منها.
هذه الأقصوصة هي آخر ما كتب غازي القصيبي: فقد كتبها وهو في المصحة، كتبها وهو يعلن توديعه للدنيا، كتبها و هو يعلن أنه يتمنى الموت، كتبها وهو يشهد -على نفسه- انتقاله من المرحلة الأولى من المرض إلى الثانية التي يفقد فيها ما تبقى من عقله والتي تسبق الثالثة التي يتحول فيها المريض إلى الإنسان النبات أو الخضروات على حد وصفه
كتبها وهو يعلم أنها آخر أعماله.. ونعى -فيها- نفسه بنفسه
الأقصوصة ممتعة، ومما يتميز به غازي –الأدي�- أنه يستطيع الحديث ووصف أصعب الأمور وأكثرها إحراجًا دون أن يُشعرك بالحرج أو التقزز مما تقرأ، وتلك مزية نادرة في الكتابة قل من يستطيع الوصول إليها من الكتاب
من أجمل أجزاء الأقصوصة السطور التي تحكي عن تجربة المرة الأولى والمرة الأخيرة، المرة الأولى لكل شيء كيف كانت. " عزيزتي ، منذ ذكرى البلوغ وذكريات المرة الأولى تهاجمني بعنف. شيء غريب. منذ سنين، سنين طويلة، لم أعد أتذكر متى فعلت هذا الشيء أو ذاك الشيء للمرة الأولى" " تزعجني ذكريات المرة الأولى لأنها تجيء ثم تتملّص وتهرب قبل أن تتكشف. معظم هذه الذكريات غادرت الذاكرة منذ زمن وحلّت محلها ذكريات لاحقة" تغيب عن العريان (اسم بطل الأقصوصة) ذكريات المرة الأولى بينما "اليزابيت جرينجر" إحدى ساكنات المكان تعاني من مشكلة تذكر المرة الأخيرة
القصة عن شخص اكتشف انه فى بدايات اصابته بألزايمر فقرر ترك عائلته والعيش فى مكان مخصص للمصابين باألزايمر بأمريكا وترك عائلته حتى لاتكرهه يوما ما ويكون عبئا عليهم حين ينسى كل شئ ، وكتب رسائل لزوجته يشرح لها فيها المرض ويحادثها عن افكاره وذكرياته و مقتطفات من كتب لاشخاص اصيبوا بالزايمر او لأشخاص عاشوا مع مصابين بهذا المرض اللعين.
القصة قصيرة و بلغة بسيطة وسلسلة ستنهيها سريعا ، وعدد الصفحات اقل حتى مما توحيه . الرسائل جيدة لكن مع الوصول للرسائل الاخيرة اصبحت مرعبة بالنسبة لى ليست فقط حزينة بل اخافتنى بشدة مع وصفه لتطورات المرض وحال الشخص حينها رغبت ان اقول له هذا يكفي لا أرغب في معرفة المزيد. الرعب الموجود فى افلام وروايات الرعب لا يخيفنى مثل هذا النوع من الرعب ، هذه القصة واجهتني بواحدة من اعظم مخاوفي .
والقصة رغم قصرها بها بعض الاقتباسات والافكار الجيدة منها :
ألزايمر ليس اسم المرض ولكن اسم الجراح الألماني الذي اكتشف المرض آلويس ألزايمر في سنة ١٩٠٦
هل يمكن ان انسى ألاوقات المثيرة والاوقات المملة ، والحكايات الضاحكة والمآسي الدامعة ؟
كيف تستطيع اى أمة ان تصنع مستقبلها وهى فى قبضة ماضيها يعصرها عصرا حتى يستنفذ كل ذرة من طاقتها ؟
أقصوصة جميلة. يبدو أن القصيبي، رحمه الله، كتبها على عجل لذلك تختلف عن سابقاتها من روائعه. إلا أنها تصور لنا حال من يفقد جزءا من ذكرياته وحكاياته كل يوم.. أجمل ما فيها حديثه الجميل لزوجته.. رحمه الله
هذه الأقصوصة -كما يسمّيها الكاتب-، تتحدّث عن مرضِ الزايمر وما يعانيه مرضاه.. تخيّل أن تنسى أين وضعتَ مفاتِيحك، أو تنسى الأمور الطبيعية كأن تزرر قميصَك. نحن لا نحسّ بمشاعرهم، لكن حينما نتصور نسيان شيء ما -طبيعي- ينتابنا شعورٌ أليم.
الأقصوصة إنسانيّة، ولا تكاد تخلو من اسم سياسيِّ ما أو نجم أجهل اسمه!، بحكم أن غازي من الطّبقة السياسية.
نسيت أن أذكر؛ أن هذهِ قرائتي الأولى لغازي، وجيّد أن ابتدأت بها.. الأقصوصة خفيفة على المعدة وقليلة، انتهيت منها في طريق الجامِعة ذهابًا وإيابًا.
أسلوب الكاتِب جمِيل، لا أعلم هذه الأقصوصة لوحدها أو أن أغلب مؤلفاته على هذهِ الشاكلة. لا أنكر أني حين شرائها وضعت يدي على قلبي، خوفًا من أن تكون مكتنزة بجسديّات لامحلّ لها من السرد!
غازي القصيبي مجدداً بأسلوبه الرشيق وثقافته العالية ومنطقه المميز الذي ينفذ إلى قلبك مباشرة حتى إن خالفته الرأي، ومرة أخرى يكتب من المصحة لكنها ليست العصفورية على أية حال، إنها المصحة المعنيّة بمرضى ألزايمر، هذا المرض اللص، سارق الذكريات والأحبة والأشياء العزيزة �
لم تكن هذه أولى قراءاتي للكتب المستوحاة من هذا المرض، فحروب المرضى الخاسرة معه، والجحيم الذي يتلبس حياة من حولهم، والأسرار التي ما زالت تكتنف ظروف المرض وبيئته، جميعها تجعل الحديث عن ألزايمر ملئ بالشجن والحزن والخوف الكثيف والبارد، وقد زاده غازي القصيبي شجوناً باختياره أسلوب الرسائل الذي دوماً ما يحمل حميمية مضاعفة ودفئاً مرغوباً �
وجدتُ أسلوبه في بعض الرسائل يشبه كثيراً أسلوبه في رواية العصفورية، هذه السخرية الممزوجة بالثقافة والمعارف فتنتج لك تلميحات وإسقاطات خفية لا يلتقطها سوى قارئ ذكي .
الرسالة الأخيرة كانت الأشد وخزاً وإيلاماً للقلب، ركز فيها كل مخاوف المرضى وغير المرضى، حتى وإن لم يراودك الخوف سابقاً من هذا المرض، ستجد في نفسك الرهبة لمجرد الخيالات والخواطر التي ستتوارد إلى ذهنك عنه .
الكرام�� البشرية مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالعقل البشري، اذا ذهب العقل ذهبت معه الكرامة �
كما يجب أن تعرف يا صديقي أن الزايمر لا يفرق بين شئ جيد وشيء سيئ، ولعله يمحو الأشياء الطيبة قبل الأشياء الرديئة....وعندما يذهب كل شيء أي معنى يبقى للسعادة!! أن تصبح رجلا بلا ماضٍ، بلا ذكريات، بلا أمس.... تخيل..أن ينسى الإنسان ابتسامة أمه المضيئة،أن ينسى ملامح أبيه الرضية، أن ينسى كل صديق عرفه!!
مرض مخيف ... أهابه كثيرا وأستغرب أن كتب عنه أحد بصيغة المصاب به فعلا ... مخيف لي على الأقل بعد ان مرت علي تجربة مشاهدة جدتي (والدة أمي) تصاب به في أواخر أيامها ... فتظل تسأل أنا سلمت عليكي؟؟ انتي في سنة كام؟؟ وفي ظني أنها حتى نسيت إسمي وإبنة من أكون... وفي اواخر أيامها وتدهور الحالة إحتاجت ممرضات متمرسات لمساعدتها في أمور حياتها كلها وقد أصبحت اقرب للطفلة الصغيرة
إلا ان اسلوب غازي القصيبي كان جذابا للغاية بالنسبة لي وساعدني على تحمل فكرة القصة واعجبتني النهاية للغاية وارتحت لها كثيرا
أحب حينما يجذبني أسلوب كاتب لم أقرا له قبلا وقد كانت تلك هي المرة الأولى التي أقرأ فيها للكاتب غازي عبدالرحمن القصيبي وحتما لن تكون المرة الأخيرة التي أقرأ فيها له ... بل سأبحث عن المزيد من أعماله وأرحب بالترشيحات
ملحوظة
قرأت اننا يمكن أن نتجنب المرض ببعض التمارين العقلية القائمة على التذكر ... كأن نحفظ ارقام تليفونات الأصدقاء بدلا من الاعتماد على ما خزناه في ذاكرة اجهزة المحمول واللاسلكي المنزلي... وكذلك ببعض الأطعمة ... وقرأت ان من تهوين التريكو والكروشيه نظرا لأنهن يحتجن لتذكر عدد الغرز الخاصة بالحياكة وتكرارها قد يكن أقل عرضة للإصابة به والله أعلم والعهدة على مصدر حصولي على المعلومة
واللهم أحسن خاتمتي وخاتمة كل من أحب واكفنا جميعا شر هذا المرض
كتاب القصيبي ( رحمه الله ) الأخير في حياته .. ألزايمر .. هو يوحي لك بأنه كتابه الأخير منذ أول فصوله ! ذكرني .. بكتاب " راندي بوتش " والذي سبق وتحدثتُ عنه بإسهاب في مقالة " المحاضرة الأخيرة " والذي كان عبارة عن تفريغ وزيادة وتنقيح لآخر محاضرة ألقاها في الجامعة بعد أن حددت حياته بأنها لن تتجاوز الستة أشهر .. في كتاب القصيبي والذي بدأت بقراءته قبل البارحة .. وجدتُ مطلعه كمطلع ذاك الكتاب وجزمتُ أنني سأقف على خلاصة الخلاصة لتجارب ورؤية القصيبي للحياة .. ففي ثناياه هدايا نفيسة وحكم بالغة .. خفة دم القصيبي الذي يجعلك تبتسم أو تضحك في بعض الأحيان .. لطائفه ونظرته لنفسه والحياة من حوله .. تجربته وخبرته ومراسه وصولاته وجولاته .. خلافاته واتفاقاته وكلام الناس حوله وله وعنه وفيه .. شخصه الأكثر من بسيط والذي يعتبر بحق أنموذج حي عشناه وعايشناه ببساطة الطرح لكنه عميق وسهولة اللفظ لكنه يمس العظم وربما يكسره .. غازي الذي لم يترك مجداً إلا ناله جاء ليتكلم عن داء ألزايمر .. لا هو لن يتحدث عن الداء نفسه سيتحدث بأقصوصة تعبر للقلب مباشرة عن حاله وهو يعيش لحظاته الأخيرة ! مذ قرعت عيني الفصل الأول .. وهو يتحدث عن عقدة الأرقام ومصيبة الأرقام وداء الأرقام جزمت أنني لن أحب أن تنتهي الأقصوصة .. ثم عرّج على عقدة الموت .. ولدى الصغار بالذات وهو يرمز لأطفاله ولنفسه وزوجته وخليلته ويروي من أشعاره وفتوة شبابه الكثير .. غازي الظاهرة والذي غزا العالم ثر رحل .. صنع لنفسه أسطورة ستتكلم عنه الأجيال .. ولن تتكرر إلا في المائة عام مرة ... في كتابه ألزايمر يحكي عن نظرته للحياة بعد أن طرق السبعين .. نظرته للصحبة للخلاف للبشر للأقرباء والأعداء للناس بشكل عام ولتصرف الأحوال وتبدلها .. لن تقف الكلمات لتصف غازي .. الذي أبدع وصال وجال في كل فن .. حين يكتب الأديب .. فإنه يمسك بقلم الأدب وينسج منه أعذب الكلام .. والشاعر يتفنن في انتقاء اللفظ ووصف الحال والقاص يحاول حبكة الموقف وإيصال الشعور والراوي يتقن مهارة الدقة في القصة والتشابك بين أحداثها .. لكن حين تجتمع هذه الأمور جميعاً في شخص .. وزيادة على ذلك يكون وزيراً وسياسياً ومحنكاً وحكاية لوحدة في تجاربه وما عاش فيها .. لن تجد مجرد كتاب بين يديك ! لا أحتاج أن أنصح الجميع باقتناء حياة في الإدارة مثلاً والذي لا يزال يطبع بالملايين ويكاد يكون منبر إداري بل ومنهج غيّر من طريقة وتفكير ملايين المدراء في العالم العربي .. لأنني أجزم أن نصيحتي تعتبر مثل الرمل المبثوث في رمل .. فلا فائدة من مدح شيء مشهور ومذاع أو الثناء على نار على علم .. بقي أن أشير إلى نقطة واحدة .. ولعلها تقع في القلب ويكون لها مسلك هناك ! حياتك ليست مجرد وقت مهدر .. كل دقيقة تعني من عمرك شيء .. أن تقضي عمرك وأنت تقرأ كتاب " سخيف " بحق أمر يبث " الحسافة " في النفس ! اغتنم عمرك .. فهو أفضل اسثتمار ! لكم فائق تقديري واحترامي محمد الصالح
قلت قبل ذلك أحببت القراءة لغازي كشاعر ولم أحبه كروائي هل لي أن أكرر هذه العبارة إن سمحتم لي ! قرأته في الجنية ، لم يتغير الأمر في أقصوصته الزايمر أعتقد أن هذه القصة تشبه روايات كولن ويلسون التي تختص بأحد الأمراض النفسية أعني من نفس النوع الذي يبدو أشبه بدراسة كمرض نفسي عند ويلسون و زهايمر عند القصيبي لم تبدو لي الرسائل إلا كأنها حلقة تعليمية أكثر منها !! ذاكرة رجل في طريقها للغياب غابت العاطفة إلا في بعض المقاطع كان السرد يتسم بالبرود على الرغم من أن الحالة كانت تستلزم المزيد من الدفء المزيد من الحرارة والألم التعبير عن الواقع النفسي وبعضا من سيولة المشاعر لا أكاد أصدق إنه انتابتني مشاعر الملل بين سطورها القليلة حتى
هل نجح غازي القصيبي في تقصي وضع النفس البشرية كيف تتحطم كيف تضعف كيف تخبو شعلة الإنسان تدريجيا أم إنه نجح في إعطاءنا درسا عن مرض الزايمر ولفت النظر إلى تأثيره أعتقد أنه أخفق في الأول وربما يكون نجح في الثاني
أقصوصة رائعةعن اللص اللعين "ألزايمر",عندما تقرأ الأقصوصة تشعر بعطف شديد تجاه هؤلاء المرضى وتتمنى ألا تكون واحداً منهم في يوم من الأيام
ربما يختلف البعض على تسميتها "أقصوصة" ولكني أجد الكاتب موفق في هذا الاختيار لعمق المضمون
خلاصة المرض في بيت المتنبي كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً.....وجسبُ المنايا أن يكن أمانينا
لويس ألزايمر جراح ألماني اكتشف هذا المرض عندما كان يُشرح مريضاً,فاكتشف تلفاً في نوع خاص من خلايا المخ لم يلاحظه أحد من قب,سماه العرب قديماً العته أو الخرف
قد يكون ألزايمر مرض أرستقراطي يصيب صفوة المجتمع
مرض لا يشفيه سوى الموت,فمن الطبيعي أن تدور خواطر الموت في ذهن المريض بين الحين والآخر
أصيب الرئيس الأربعون للولايات المتحة الأمريكية رونالد ريجان بهذا المرض وقال عنه "هذا مرض جميل تقابل الأشخاص أنفسهم تظن أنك ترى وجوهاً جديدة كل يوم"
حالة الكآبة شيء مألوف في ضيافة العزيز ألزايمر وانها تأتي وتذهب,قد تطول وقد تقصر.تأتي بسبب وبلا سبب
عندما يتغلغل العزيز ألزايمر في خلايا الدماغ سوف يحرق الدماغ بأكمله,فيصبح المريض رجلاً بلا ما وبلا ذكريات وبلا أمس,,فهو يهاجم الإنسان كما تهاجم النسور جثة حيوان ميت
يصحو المريض بذاكرة نظيفة خالية من الشوائب والمنغصات,ألزايمر لا يفرق بين شيء جيد وشيء سيء,لا يفرق بين القبلة الحالمة والطعنة القاتلة,لا يفرق بين ما يفعله الأصدقاء ومايفعله الأعداء
الذاكرة لا يوجد بها سوى الفراغ.....فراغ الموت....الموت بسرعة بطيئة
إنه أسوأ من الموت,في الفترة الطويلة التي تسبق الموت يختفي المريض ويحل محله شخص آخر يدعى أنه هو,وأنت عبر اللقاء اليومي نسخة مرعبة من نفسك القديمة
فشل الحب أمام ألزايمر كل الحب الذي تلقوه والذي اعطوه في حياتهم لم يستطيع الانتصار على اللص القاتل اللئيم ألزايمر
"يا من تدخلوا هذا المكان لا تتركوا وراءكم أي أمل في الخروج"مراكز الرعايا العقلية
طه حسين كان يقول بأنه بسبب عماه "مُستطيع بغيره" كان يقصد بأنه يحتاج لمن يقرأ ويكتب له ومن يساعده على المشي ولكن هنا يتوقف تدخل الآخرين,كان عقل طه حسين الوقاد مستغنياً عن الغير,كان عقلاً جباراً تستضيء به عقول المبصرين,لكن عند الإصابة بــ ألزايمر ماذا يتبقى لنا إذا فقدنا القدرة على الحركة وارتداء ثيابنا والكلام؟
مراحل ألزايمر كما وصفها الطبيب للمرضى المرحلة الأولى: يبدأ المريض بنسيان مواعيده ولا ينتبه بمرور الوقت ولا يتذكر أحداث الماضي القريب وفي نهاية المرحلة ينزع للعزلة والانطواء ويتفوه بجمل لا تحمل معنى محدداً وينسى الكثير من الكلمات التي كان يعرفها المرحلة الثانية:يعجز المريض عن القيام بأمور يدوية مثل شبك الأزراير كما يجد صعوبة في فهم الكلمات ويظهر رغباته الجنسية "وهذا عجيب جداً" على الملأ بلا خجل ويعاني من نوبات الغضب والاحباط
المرحلة الثالثة:"مرحلة الكوابيس" تبدأ بعجزه عما يقوم به الإنسان الطبيعي في دورات المياه وهذا تعبير مهذب وتنتهي إلى أن يصبح كومة بشرية لا تستطيع القيام بشيء دون مساعدة الآخرين في هذه المرحلة تعود طفلاً رضيعاً تحتاج لحفائظ من الأمام وحفائظ من الخلف
لماذا تسارع العائلة مهما بلغ حبها للمريض إلى أقرب مصحة تتركه فيها؟ هذه هي الطبيعة البشرية القاسية,الإنسان الذي تحبه تغير بشكل جوهري جذري حتى لم يبق فيه شيء من الأشياء التي تحبه فيها إذا احببت إنساناً لظرافته ستجد أن ظرافته تبخرت مع تبخر قدراته على الحديث إذا احببت إنساناً لوسامته ستجد أن وسامته أصبحت وسامة تمثال !عندما يعجز المريض عن الحركة هل يبقى هناك شيء صالح للحب؟ لا..قد تبقى الشفقة ولكن الشفقة لا تدوم إذا تعرضت لهجوم يومي مدمر فعندما أشفق على الأعمى ستتطاير شفقتي لو طلب مني ان اعتني به عناية يومية,قد أتمكن من الصمود شهراً او حتى شهرين أو حتى سنة أما بعد ذلك لن يبقى سوى النقمة المختفية تحت قناع الشفقة ______________________________
إذا ذهب العقل ذهبت معه الكرامة وكما يقول المثل الشعبي "إذا اخذ ما وهب ,سقط ما وجب"
حسنٌ، أقدر أن هذه آخر أعمال د. غازي القصيبي، وقد كتبها في غمرة المرض والوحشة، لكن هذا لا يعني أن أوفر ملاحظاتي.
- لا أستحسن كثيرا تسميتها بأقصوصة. هي حتما قصة قصيرة، لكن أرى أن تعبير أقصوصة يطلق على القصص ذات الصفحات القليلة. وهذه القصة (إذا أزلنا الرسومات وصغرنا الخط الكبير نسبيا) لا تزال طويلة نسبية على أن نطلق عليها اسم أقصوصة.
- طوال قراءتي وأنا أدون على الهامش ملاحظات تذكرني بأعمال غازي السابقة، خاصة العصفورية وأبو شلاخ البرمائي.
- أليس لافتا أن تكون 3 من أعمال غازي تدور في مستشفى؟ العصفورية، حكاية حب، وألزايمر.
- حسن فعل المؤلف بأن كتب "ألزايمر" بهمزة القطع، ف"ال" ليس أل التعريف هنا، بل جزء من أسم مكتتشف المرض، واسمه بالألمانية بالمناسبة "التسخايمر"!
- مرضى الزايمر ينسون، لكن لم أعرف أنهم يهلوسون! زميله البروفسور ديمري ويلنجر يهلوس بطريقة تذكر ببطل العصفورية (البروفسور)، وهذا لا يتسق مع طبيعة المرض، ولا تبرير له في سياق القصة. كما أن محاولات إقحام مارلين مونرو وصويحباتها مزعجة لأسباب كثيرة، أهمها أنها تفتقد التبرير.
- النبيذ الأبيض، تفاصيل البلوغ، إليزابيث جرينجر، ناتالي نورث، ومارلين مونرو. كنت أتمنى من غازي -غفر الله له- أن يعتقنا من هذه المقحمات. ليس كاتبا مغمورا يستجدي الشهرة حتى يلجأ إلى هذه الأساليب.
- أتساءل (من باب الفضول) عن الكُتاب الذين تحدث عنهم في صفحة 30. هل هم حقيقيون أم من نسخ خياله؟
- نقد القصيبي لمفهوم مرحلة المراهقة المستورد من الغرب خلاّب! (اقرؤوا صفحة 63)
- يبدو أن معضلة البطل/المريض ليست في النسيات حقيقة، إنما في الإفراط في التذكر تخوفا من النسيان. ملمح جميل، أحسن فيه الكاتب.
- الفصل الأخير (12) يتوغل في دقائق النفس البشرية بشكل مذهل.
الزايمر ذلك المرض الخبيث الذي ينتشل الشخص من عالمه الى عالم اخر لايعرف عنه شيئا .. يضعف المرض خلايا المخ ثم يبدا بضعف الذاكرة .. واختفائها وينتهي بالوفاة .. أن يصاب الشخص بالمرض ، يعني أن يفقد ذكرياته ، وان يصبح بلا ماض وبلا امس أن ينسى ابتسامة أمه المضيئة ، وملامح ابيه الرضية وينسى صديقه المقرب وينسى رفيقة دربه وابناءه ويصبح غريبا عن كل شي .. قصة قصيرة عن مرض الزايمر الذي أصيب به يعقوب العريان الذي لم يشأ ان يجعل اسرته تقاسي معه هذا المرض فقرر السفر الى مصحة للرعاية بمرضى الزايمر في الولايات المتحدة الامريكية .. القصة عبارة عن رسائل كتبها لزوجته نيرمين عن حياته وتطور المرض معه وحكاياته مع زملائه المرضى ..
كم أنها مؤلمة خاصة لمن كان يتعايش مع شخصية قريبة منه تعاني من هذا المرض اللعين ( ألزايمر) 😞.
_ اتعايش مع شخص كبير في السن عزيز على يعاني من هذا المرض للأسف وكنت أول الشخصيات التي نسى اسمها ، ولن أنسى صدمتي الأولى وألمي ولكن تقبلت الموضوع لقرب ومكانة هذا الشخص إلى قلبي ♥️. خاصة وأنا كانت لدي المعرفة المسبقة بأن من يكبرون في السن يحدث لديهم ضمور وتلف في خلايا المخ وفي كل أجسامهم بالتدريج، فليس بيديهم حيلة لفعل أي شيء للأسف.... إذا كان هذا هو حالي وشعوري.. فكيف حال ومشاعر من يعاني من هذا المرض؟ ... لابد أنهم يتألمون ، يخافون، يتوترون، يغضبون ، يحزنون، ويبكون، مشاعرهم مرهفة وأحاسيسهم رقيقة للغاية ... ضعفاء يحتاجون كل الدعم والحب والعطاء بلاحدود ، لأنهم يستحقون ذلك لمعاناتهم الشديدة، فلا يعرف أحد ذلك حق المعرفة إلا من تعايش مع أحد يعاني مرض (ألزايمر). اللهم اشفيهم وكن عوناً لهم وأرزقهم أشخاصاً يحنون عليهم ويرأفون بحالهم ... هنا بطل الأقصوصة مختلف فهو ليس كبيراً بالسن ولكنه عانى مع هذا المرض. وعلم عنه كل شئ، فأصبح يصارع الخوف والقلق مع مرضه (ألزايمر) يبحث عن أمل.. لكن يرجع خائب اليدين وآماله تختفي كأنه يبحث عن سراب.
* بعض الاقتباسات :
_ ( كل يوم أعيشه هو هدية من الله ولن أضيعه بالقلق من المستقبل أو الحسرة على الماضي) حكمة أتمنى أن نتذكرها ونعمل بها... لكن للأسف مرض (ألزايمر) لا يعطي فرصة للمستقبل بل يجعل الماضي يتربع على عرش عقل صاحبه ويجعل الماضي يطارده بكل قوة.
_ يقول بطل الأقصوصة ( يعقوب العريان) : سرعان ما عادت ذكريات الماضي تهاجمني بإصرار ، كما تهاجم النسور جثة حيوان ميت. كل ذكرى تريد أن تسجل نفسها، أن تثبت وجودها ، أن تحصل على شهادة بأنها على قيد الحياة، قبل أن ترحل إلى الأبد. سبحان الله! هل للذكريات حياة؟ هل لها روح؟ هل لها عقل ؟
_ كيف تستطيع أمة أن تصنع مستقبلها وهي في قبضة ماضيها يعصرها عصراً حتى يستنفد كل ذرة من طاقاتها؟ _ألزايمر لا يفرق بين شئ جيد وشئ سيئ . لايفرق بين ذكرى القبلة الحالمة وذكرى الطعنة القاتلة. لا يفرق بين مافعله الأعداء وما فعله الأصدقاء. يمحو كل شئ. ولعله يمحو الأشياء الطيبة قبل الأشياء الرديئة. وعندما يذهب كل شئ أي معنى يبقى للسعادة ؟ ماهي السعادة؟ أليست السعادة في التحليل النهائي؟ مجموع التجارب السعيدة ؟ بلا ذاكرة لا توجد تجارب.... لا يوجد سوى الفراغ.... فراغ الموت. ١٩ /٩ /٢٠٢٠م
_ بعد مرور سنة بالضبط من إتمامي قراءة هذه الرواية فارقتني أمس ١٩ /٩ / ٢٠٢١ م ياجدي الحبيب الغالي على قلبي كثيراً 💔 يوجعني ويؤلمني فراقك 😢. ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون. أدعو الله من كل قلبي أن يرحمك ويغفرلك ويسامحك ويعفو عنك ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة ويسكنك جنة الفردوس الأعلى بدون حساب ولاسابقة عذاب وأن يكون مرضك وآلامك في ميزان حسناتك. اللهم آنسه في وحشته وآنسه في وحدته وآنسه في غربته. اللهم انظر إليه نظرة رضا فإن من تنظر إليه نظرة رضا لاتعذبه أبداً 🤲
في ساعات الليل المُتأخرة أكُون منكبّة على كتبي الدّراسية اقرأ .... لا يمل أبي من تكرار ذاتِ الجملة :عارفة يا مودّة على الحالة هذي والتّعب اللي تتعبي بيه عقلك حيجيك الزايمر ! أتعب من إيصال وجه نظري وأنّ هذا علمي وواجبي أن أسهر عليه... ولا أنكر أني في أحيان أنسى بعض الأشياء إنها أشياء صغيرة لا تُذكر أخاف كثيراً وأستمر في التّفكير ماذا سيحدث لي وإن أصابني الزايمر؟؟ "صديقي الزّهايمر لا يفرّق بين شيءٍ جيد وشيء سيء ،لا يفرق بين ذكرى القُبلة الحالمة وذكرى الطنعة القاتلة"
أقصوصة الزهايمَر.... الزايمر هو ليس بمرض هو زائر ثقيل الظل طويل الإقامة، يشاركك في أبسط التفاصيل منذ إستيقاظك وممارستك لحياتك العادية إلى ذهابك للنُوم.... إنّ صح التعبير هو يتغذى على ذكريات لا يفرق بين جودتها وسوءها ... لا بل يأخذها كلهاا... حتّى لا تعود تتذكر شيء... لن تتذكر نجاحاتك وإخفاقاتك.. لن تتذكر أول حب أو أخر طعنة لن تتذكر خيباتك في الصّداقة .. ستكون أشبه بطفلٍ عائد للطفولة يصور الكاتب المرض بصورة مرعبة مخيفة رسائل تحوي مقدار الخوف والحزن والألم رسائل تستنجد الذّاكرة المتلاشية أن لا تخذليني💔
تار القصيبي أن يصنّف كتابه هذا على أنه "أقصوصة" وهو في الحقيقة قصة طويلة، كان يُمكن -لو شاء مؤلفها وشاء القدر- أن تتحول إلى رواية. تدور أحداث القصة حول (يعقوب العريان) المريض بمرض "ألزايمر" في مصحٍ في أميركا، اختار أن يواجه المرض هناك بعيدًا عن أهله، رفقًا بهم. والقصة مكتوبة بطريقة الرسائل، حيث يُرسل (يعقوب) اثنتي عشرة رسالة- في اثني عشر فصلا- إلى زوجته الأخيرة (نيرمين) يحدّثها عن أحواله وانطباعاته وحواراته في المصحّ مع زملائه.
من يقرأ الكتاب يستشف أنّ القصة ما هي إلا حيلة كتابية يستخدمها (غازي القصيبي) لينقل إلينا حالته الفكرية أثناء المرض الطويل، وليتحدث عن أفكارٍ وجودية مؤلمة، وأفكار أخرى متفرقة يشير إليها في عجالة كعادته. (يعقوب العريان) مريض في السبعين من عمره، وغازي أيضًا مريض في العمر نفسه، والاثنان يقتربان من النهاية. ما يفعله غازي في هذا الكتاب هو إلقاء الضوء على الفزع والألم الذي يكتنف الإنسان في شيخوخته عندما يعرف بأنه مقبل على وهنٍ وعجزٍ ومذلة تأباها كرامته وعنفوانه. أما لماذا اختار القصيبي مرض ألزايمر بالذات، فربما ليستخدم رمز "النسيان" للدلالة على الضعف والوهن والألم، إذ أي قوة وعزّة وكرامة تبقى لدى المرء (والأمّة) إن تلاشت ذاكرته؟
ومن الصفحات الأولى يعرف المؤلف بذكائه أن القارئ سوف يعتقد أنّ غازي قد يستغلّ هذا الكتاب ليتحدث عن نفسه وسيرته، فيجيب على لسان بطله قائلا: "هذه ليست سيرة ذاتية؛ هذه رسائل من زوج إلى زوجته" (ص30)، ثم ينتقد كتّاب السيرة الذاتية بسخرية لاذعة: "والسيرة الذاتية ليست مبررًا كافيًا، أو ناقصًا، للتعري وإي��اء الناس. لا أدري لماذا كتب أستاذ الفلسفة الشهير سيرة ذاتية لم يترك فيها أحدًا من الذين عرفهم إلا تعرض له بسباب بذيء يأنف منه السوقة. ولا أدري لماذا قال كاتب شهير في سيرته الذاتية أنه كثيرًا ما كان يرى أباه، إمام مسجد الحيّ، يتأبط غلامًا مليحًا. ولا أدري لماذا أخبرنا كاتب شبه شهير أن أباه الكاتب الإسلامي ذائع الصيت لم يكن يصوم ولا يصلي. حسنًا! هذا الموضوع يرفع ضغط الدم عندي..." (ص30).
كعادة القصيبي يحبّ أن ينسج المواقف والحوارات الكوميدية التي تتضمن بعض الرسائل الناقدة الساخرة، وهكذا يعرّفنا على زملائه في المصحّ، مثل ذاك الذي يعتقد نفسه (هنري كيسنجر)، والممثل السينمائي الشهير الذي يفشل في تذكر بعض علاقاته النسائية. ويتحدث البطل (يعقوب) عن سنوات المراهقة، وعن فشله في تذكر التجربة الأولى في أمور عديدة، وحتى اسم زوجته الثانية. ولكنّ هذا الحس الكوميدي يبدأ بالاختفاء من الفصل التاسع حين يبدأ يعقوب بالحديث عن الذكريات السيئة التي يتمنى أن يمحوها المرض، ويزداد الحسّ الأليم في الفصل العاشر حين يذكر لنا تجربة روائية أميركية وعذابها في التعامل مع والدتها المصابة بمرض ألزايمر. ويستمر في الفصل الحادي عشر بسرد تجربتين أخريين يستخلص منهما أن هذا المرض لا يصرعه شيء، ولا حتى الحبّ ولا الإيمان.
ربما لأول مرة أشعر بالألم والحزن الشديد وأنا أقرأ كتابًا للقصيبي، وخاصة حين يتحدث عن تجهيز المرضى نفسيا للدخول في المراحل المتقدمة من المرض. كم هو مؤلم ومُبكي أن يشبّه القصيبي ذلك بدخول الجحيم في ملحمة "الكوميديا الإلهية" عندما يقول دانتي : "يا من تدخلون هذا المكان اتركوا وراءكم أي أمل في الخروج". ويبلغ الحزن أشدّه في الفصل الأخير عندما يتحدث البطل عن كوابيسه عندما يفكر في ما سيحدث له، وكيف سيتحول هو وزملاؤه إلى "خضروات بشرية" لا تستطيع أن تفعل شيء بنفسها، وتغدو كائنات لا نفع منها ولا قدرة لها على أي شيء.
كتاب جميل سلس جدًا يثير فيك أسئلة كثيرة مقلقة حول المستقبل والشيخوخة، وستعرف كم أنت محظوظ بِنِعَم الله عليك في صحتك، وشبابك، وذاكرتك.
تخيل : أن تنسى أعز الناس إليك !! أن تنسى إسمك، تنسى كُل شيءٍ في عذا الوُجود وتعود كالطفل الصغير لايوجد بذاكرتك أي شيءٍ يُذكر هذا ماكتبه الدكتور غازي القصيبي رحمه الله في هذه الأقصوصة عن مرضى الزايمر
الزايمر مذكرات يكتبها البطل المصاب بالمرض لزوجته يشرح فيه غازي القصيبي عن طبيعة المرض و مراحله المختلفة و كيف يبدو شعور المريض يحين يحاول تذكر تفاصيل بسيطة و يعجز كيف يتنكر للمريض كل من حوله بشكل يثير القشعريرة
أول مرة أقرأ للقصيبي و راق لي أسلوبه كثيراً كتاب جميل
قرر يعقوب العريان مواجهة هذا المصير المؤلم وحيدا...بكثير من السخرية العبثية النابعة من قلب الألم...تلك السخرية التي لم تستطع حجب دمعاتي في الصفحات الوداعية الأخيرة...وأنا أتأمل عالمه الخالي من مساندة أحبائه بإرادته...وبمبررات حملتها محبته لزوجته وأبنائه...حتى لا يكون عبئا ثقيلا عليهم...ففضل أن ينهار وحيداً في لجّة النسيان والذكريات، وفي "أرض الماضي المحروقة".
كم نتمنى أن ننسى ونمحو شيئا من ذكرياتنا لنتحرر...ولكن "الزايمر المتلصّص" أو "العزيز ألزايمر" يجعلنا نتمنى القوّة لقهر النسيان لا لمحو الذاكرة...فكيف ننسى المرة الأولى لكل شئ؟؟!!
" تزعجني ذكريات "المرة الأولى" لأنها تجيء ثم تتملّص وتهرب قبل أن تتكشف. معظم هذه الذكريات غادرت الذاكرة منذ زمن وحلّت محلها ذكريات لاحقة"
وكيف يستطيع الإنسان أن يحتفظ بحبه وإيمانه وكرامته وعزّته وقوّته وهو يواجه مصيره في التحول إلى "الخضار البشري" كما وصفه غازي القصيبي- رحمه الله-؟؟... فشكل المريض "شكل إنسان" لكن عقله "عقل حبة طماطم أو كوسة أو بامية".
أقصوصة مؤثرة لغازي القصيبي � رحمه الله -، وإن لم تكن بمستوى ما توقعته بعد أن قرأت له "حياة في الإدارة"...وأعجبني أكثر من القصة الفصل التاسع فما بعد...كان مؤثرا توغله في أحاديث النفس البشرية ودواخلها...وتمنيت لو كان الدفء فيها أكبر...ولكن ربما لأنه كتبها في مرضه الأخير قبل وفاته...وربما لأن من طبعه تجاوز الألم بتلك السخرية العبثية...
قراءة ثانية لغازي القصيبي � رحمه الله � ولن تكون الأخيرة.
أُقصوصة صغيرة تتحدث عن قوة النسيان، هذا الشيء الذي يتسبب به مرض الزايمر ليقتل الانسان اجتماعيًا ببطئ فينسى ذكرياته الجميلة وينسى خبرات الحياة التي اكتسبها ويصبح جسد بلا قيمة، عقلٌ خاوي بلا فائدة، الكتاب خفيف يصلح للقراءة في أماكن الانتظار لايحتاج الى تركيز وعدد صفحاته لاتتجاوز فعليًا 100 صفحة
جميلة. . مؤلمة أحيانا. . قصيرة. . تمنيت لو كانت أطول.. يعجبني جدا أسلوب الدكتور غازي في إدخال الكثير من الحقائق والمعلومات بأسلوب ممتع. تعجبت من طبيعتنا البشرية؛ فكثير منا نحن المعافون من مرض ألزايمر نتمنى نسيان الكثير الكثير من أحداث الحياة وقسوتها، ونتناسى احيانا كثيرة، نشغل أنفسنا بكل شيء لننسى. . بينما مريض الألزايمر يعاني اﻷمري� في محاولة التشبث بآخر خيط من الذاكرة، مهما كان نوع الذاكرة.
" التفاصيل الصغيرة بدأت تضيع وقريباً ستضيع التفاصيل الكبيرة .. هل للذكريات حياة ؟ هل لها روح؟ هل تشعر أنها بعد حين لن تجد مرأى في ذاكرة فتضطر الى الهيام ؟ شر طريدة بلا ملجأ .. عندما يتغلغل الزايمر في خلايا الدماغ سوف يحرق الماضي بأكمله .... كيف للذاكرة أن تتلاشى تدريجياً فيبقى الإنسان جسد بلا روح ؟؟ "
قرأت هذه الأقصوصة قبل خمس سنوات تقريبا، ذكرني بها حديث مع صديقتي خولة - التي أحب حديثها جدا - عن جدتها المريضة بالزايمر، كان الحديث ليلة البارحة، وقرأت الأقصوصة اليوم، مربكة.
التجربة الأولى مع غازي القصيبي، تجربة إنسانية ومعالجة أدبية بأسلوب مميز وصادق لمرض ينهش ذاكرة المرء وماضيه وحاضره ومستقبله! أسلوب المراسلة في الكتابة زادت القصة عمق وتلقائية. أحببتها وآلمتني في آن.
"هذا مرض جميل، تقابل الأشخاص أنفسهم وتظن أنك ترى وجوها جديدة كل يوم!" _ رونالد ريجان