“نحن نعرف أننا نقرأ حتى عندما نتخلى عن عدم تصديقنا , وعندما نفقد القربى من النص ; نحن نعرف لماذا نقرأ حتى عندما لا نعرف كيف نقرأ ; في الوقت نفسه نحتفظ في عقولنا بالعالم الظاهري للنص ونتمسك بفعل القراءة . إننا نقرأ لأننا نريد العثور على النهاية . فقط لأننا نريد مواصلة القراءة . نحن نقرأ كالكشافة الذين يتقفون الخطى ناسين كل ما حولهم من أشياء . نقرأ شاردي الذهن متجاوزين بعض الصفحات . نقرأ باحتقار , بإعجاب , بملل , بانزعاج , بحماسة , بحسد وشوق . في بعض الأحيان تعترينا فرحة غامرة مفاجئة دون أن نستطيع القول ما هو السبب . (( بحق السماء ما هي هذة العاطفة ؟ )) سألت ربيكا وست بعد الإنتهاء من قراءة الملك لير . (( ماذا تتميز به أعمال الفن العظيمة التي تمارس عليّ هذا التأثير الباعث على السعادة ؟ )) إننا لا نعرف ذلك ; عند القراءة نحن سُذج . نحن نقرأ بحركات بطيئة وطويلة كما لو كنّا نسبح في الفضاء . نحن ممتلئون أحكاماً مسبقة وأحقاداً . أو أننا كرماء , نغفر للنص عيوبه ونتغافل عن ضعفه و نصحح أخطاءه . في بعض الأحيان , عندما تكون السماء صحوة صافية , نقرأ بأنفاس محبوسة , بارتجاف , كما لو أنّ أحدهم قد (( سار على قبرنا )) , كما لو أنّ ذكرى قديمة منسية عُثر عليها فجأة في داخلنا - التعرف على شيء ما سبق أن عرفنا أنه كان موجوداً , أو على شيء لم نشعر به إلا كوميض أو ظل , الذي ينطلق منا ويعود إلى داخلنا قبل أن نعرف ماذا حدث - بعدئذ نكون قد تقدمنا في السن وأصبحنا أكثر حكمة .”
―
Alberto Manguel,
A History of Reading