“اعلم يا أخي أن الله جل ذكره قد افترض فرائض ظاهرةً وباطنة، وشرع لك شرائع، دلّك عليها وأمرك بها، ووعدك على حسن أدائها جزيل الثواب، وأوعدك على تضييعها أليم العقاب، رحمةً لك، وحذرك نفسه شفقةً منه عليك.
فقم يا أخي بفرائضه، والزم شرائعه، ووافق سُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، واتّبع آثار أصحاب نبيه، والزم سيرتهم، وتأدّب بآدابهم، واسلك طريقهم، واهتدِ بهُداهم، وتوسّل إلى الله بحبهم، وحب من أحبهم، فهم الذين أنابوا إليه وقصدوا قصده، واختارهم لصحبة نبيه، فجعلهم له أحباباً وأخداناً.
واعلم يا أخي أن علامة حبك إياهم: لزومك محجتهم، مع استقامة قلبك وصحة عملك، وحسن سريرتك لأمر دنياك وآخرتك، كما كان القوم في هذه الأحوال؛ فهذا يحقق منك صدق دعواك لحبهم والتمسك بسنتهم”
―
الحارث المحاسبي,
آداب النفوس