إبراهيم عادل 's Reviews > طقس
طقس
by
by

نتعرَّف في بداية الرواية على الكاتب الروائي الذي انتهى لتوّه من إحدى رواياته، وإذا به في إحدى حفلات التوقيع يفاجئ بمن يطارده لكي يحصل على توقيعه، ثم إذا يخبره بأنه بطل روايته (نيشان حمزة نيشان)، وبأن قصة حياته تتشابه إلى درجة التطابق مع بطل روايته “أمنيا� الجوع”� وأن كل ما يخشاه أن يكون مصيره مثل مصير البطل الذي كتبه ذلك الروائي؛ وهو الموت مريضًا بالسرطان.
(كانت كتابتي في مجملها خليطًا من الواقع والخيال، شيئًا ما أستوحيه من محيطي، وشيئًا أخترعه، وحتى ما أستوحيه لا أكتبه كما هو، ولكن أعدِّله بحيث لا يجرح أحدًا، ولا يعطي الواقع أي فرصةٍ ليدعي امتلاكه في يومٍ من الأيام، وقد دخل إلى الكتابة عبر هذا الدرب أصدقاءٌ وأهل وجيران ومعارف، لم يقل أحدٌ من قبل أن هذه الشخصية هي أنا، ولا ردد صاحب موقفٍ استلفته أن هذا الموقف موقفه، وسيقتلني لكتابتي له!)
ولكن السحر -فيما يبدو- انقلب على الساحر، ووجد الكاتب نفسه بالفعل إزاء شخصية روايته بكل تفاصيلها، ولم يعد أمامه إلا التحقق من صدق ذلك المدعي، ومحاولة تفهم كيف جاءت هذه المصادفة الغريبة والنادرة، لتتحول الرواية إلى ما يشبه العمل البوليسي الذي يحاول أن يتبين حقيقة الجريمة.
بعيدًا عن فكرة المطاردة الشيقة تلك، ومحاولة الكشف عن حقيقتها، يدور بنا “أمي� تاج السر� في كواليس العالم السري للكتّاب والروائيين، كاشفًا عن مواقف تبدو متواترة ومعروفة في علاقات الكتاب والروائيين ببعضهم البعض من جهة، وعلاقاتهم بشخصياتهم من جهة أخرى، ثم علاقاتهم بالشخصيات العادية التي يراقبونها في المجتمع بحس روائيٍ قد يجد في كل شخصية تقابله بطلاً لعمله الروائي الجديد، يذكر في هذا الإطار كاتبة شابة اسمها “نجمة� يصفها “بالمتعجرفة� تطارده بنصوصها التي يرى أنها لا ترقى لمستوى النصوص الأدبية الجيدة، فيعلق على كتابتها راصدًا ردود أفعالها:
(أخبرت الفتاة برأيي صراحةً، وطلبت منها أن تعيد كتابتها بعد أن تقرأ لآخرين، وتكتسب ولو قليلاً من الأدوات، فلم يعجبها ذلك، خاصمتني وانقطعت عن التواصل معي عدة أشهر، لكنها عادت مرة أخرى حين علقت في ورطة وأرادتني أن أشارك فيها، ليس في حلها لأنها ستحلها بنفسها، وفي الوقت المناسب كما قالت، ولكن كي أحولها إلى رواية.. في الحقيقة لم تكن الفكرة رائعة قط، ولا مشروع رواية يمكن أن تحتضنها الكتابة الحديثة على الإطلاق، كانت قصص الحب من طرف واحد قد استهلكت بشدة في كل آداب العالم).
وهكذا يتعرض “أمي� تاج السر� للفكرتين معًا، فكرة مواجهة الكاتب المتحقق لكتابٍ مبتدئين يرون في أنفسهم وعوالمهم المحيطة وسائل وأفكار للكتابة الأدبية يمكنها أن تجعلهم كتابًا مثله، بل وربما أفضل منه، من جهة أخرى يتناول تلك الأفكار التي تستهلك بوفرة في الكتابة الأدبية وربما يمل منها القراء لكثرة تواردها دون أن يكون هناك استخدام مختلف لها يجعلها كتابة متميزة فارقة.
لا يقتصر الأمر بالتأكيد على الحكاية، ولكنه يتجاوزه إلى أفكارٍ وشخصياتٍ أخرى، يبرز منها شخصية الكاتب المسرحي الكبير المغمور “عب� القوي الظل� الذي يلجأ إليه الروائي ليستشيره في تلك المصادفة الغريبة التي مر بها، ويفاجئ بأنه يستخف به وبأفكاره كثيرًا، ويستشهد على ذلك بمواقف عجيبة مرت به وبكتابته التي لم يسمع بها أحد!
ينتقل السرد بسلاسة إلى تلك الحكايات المتشابكة، ليضع الروائي نفسه في مشكلة جديدة مختلفة، مع “ليندا� ابنة ذلك الكاتب المغمور، التي يصفها الروائي بأنها “قارئ� جيدة جدًا� كان يهتم دومًا برأيها، وكان قد رسم لها في خياله صورة جمالية، بل وجعلته تلك القصة وهذه المصادفة للقاء والدها يتخيّل أنه ربما يقترب منها أكثر، فبدأت تداعب خياله ويحلم بالارتباط بها، ولم يجد أفضل منها قارئة محترفة تصلح كزوجة له، ثم تأتي المفاجأة التي لم يحسب لها حسابًا فتغيَّر خطته وتجعله يتراجع عن أفكاره
(كانت كتابتي في مجملها خليطًا من الواقع والخيال، شيئًا ما أستوحيه من محيطي، وشيئًا أخترعه، وحتى ما أستوحيه لا أكتبه كما هو، ولكن أعدِّله بحيث لا يجرح أحدًا، ولا يعطي الواقع أي فرصةٍ ليدعي امتلاكه في يومٍ من الأيام، وقد دخل إلى الكتابة عبر هذا الدرب أصدقاءٌ وأهل وجيران ومعارف، لم يقل أحدٌ من قبل أن هذه الشخصية هي أنا، ولا ردد صاحب موقفٍ استلفته أن هذا الموقف موقفه، وسيقتلني لكتابتي له!)
ولكن السحر -فيما يبدو- انقلب على الساحر، ووجد الكاتب نفسه بالفعل إزاء شخصية روايته بكل تفاصيلها، ولم يعد أمامه إلا التحقق من صدق ذلك المدعي، ومحاولة تفهم كيف جاءت هذه المصادفة الغريبة والنادرة، لتتحول الرواية إلى ما يشبه العمل البوليسي الذي يحاول أن يتبين حقيقة الجريمة.
بعيدًا عن فكرة المطاردة الشيقة تلك، ومحاولة الكشف عن حقيقتها، يدور بنا “أمي� تاج السر� في كواليس العالم السري للكتّاب والروائيين، كاشفًا عن مواقف تبدو متواترة ومعروفة في علاقات الكتاب والروائيين ببعضهم البعض من جهة، وعلاقاتهم بشخصياتهم من جهة أخرى، ثم علاقاتهم بالشخصيات العادية التي يراقبونها في المجتمع بحس روائيٍ قد يجد في كل شخصية تقابله بطلاً لعمله الروائي الجديد، يذكر في هذا الإطار كاتبة شابة اسمها “نجمة� يصفها “بالمتعجرفة� تطارده بنصوصها التي يرى أنها لا ترقى لمستوى النصوص الأدبية الجيدة، فيعلق على كتابتها راصدًا ردود أفعالها:
(أخبرت الفتاة برأيي صراحةً، وطلبت منها أن تعيد كتابتها بعد أن تقرأ لآخرين، وتكتسب ولو قليلاً من الأدوات، فلم يعجبها ذلك، خاصمتني وانقطعت عن التواصل معي عدة أشهر، لكنها عادت مرة أخرى حين علقت في ورطة وأرادتني أن أشارك فيها، ليس في حلها لأنها ستحلها بنفسها، وفي الوقت المناسب كما قالت، ولكن كي أحولها إلى رواية.. في الحقيقة لم تكن الفكرة رائعة قط، ولا مشروع رواية يمكن أن تحتضنها الكتابة الحديثة على الإطلاق، كانت قصص الحب من طرف واحد قد استهلكت بشدة في كل آداب العالم).
وهكذا يتعرض “أمي� تاج السر� للفكرتين معًا، فكرة مواجهة الكاتب المتحقق لكتابٍ مبتدئين يرون في أنفسهم وعوالمهم المحيطة وسائل وأفكار للكتابة الأدبية يمكنها أن تجعلهم كتابًا مثله، بل وربما أفضل منه، من جهة أخرى يتناول تلك الأفكار التي تستهلك بوفرة في الكتابة الأدبية وربما يمل منها القراء لكثرة تواردها دون أن يكون هناك استخدام مختلف لها يجعلها كتابة متميزة فارقة.
لا يقتصر الأمر بالتأكيد على الحكاية، ولكنه يتجاوزه إلى أفكارٍ وشخصياتٍ أخرى، يبرز منها شخصية الكاتب المسرحي الكبير المغمور “عب� القوي الظل� الذي يلجأ إليه الروائي ليستشيره في تلك المصادفة الغريبة التي مر بها، ويفاجئ بأنه يستخف به وبأفكاره كثيرًا، ويستشهد على ذلك بمواقف عجيبة مرت به وبكتابته التي لم يسمع بها أحد!
ينتقل السرد بسلاسة إلى تلك الحكايات المتشابكة، ليضع الروائي نفسه في مشكلة جديدة مختلفة، مع “ليندا� ابنة ذلك الكاتب المغمور، التي يصفها الروائي بأنها “قارئ� جيدة جدًا� كان يهتم دومًا برأيها، وكان قد رسم لها في خياله صورة جمالية، بل وجعلته تلك القصة وهذه المصادفة للقاء والدها يتخيّل أنه ربما يقترب منها أكثر، فبدأت تداعب خياله ويحلم بالارتباط بها، ولم يجد أفضل منها قارئة محترفة تصلح كزوجة له، ثم تأتي المفاجأة التي لم يحسب لها حسابًا فتغيَّر خطته وتجعله يتراجع عن أفكاره
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
طقس.
Sign In »
Reading Progress
January 2, 2015
– Shelved as:
to-read
January 2, 2015
– Shelved
Started Reading
July 28, 2015
–
Finished Reading