محمد عبد العزيز's Reviews > رحيق العمر
رحيق العمر
by
by

"منذ سنوات كثيرة، رأيت فيلماً بولندياً صامتاً لا يزيد طوله على عشر دقائق، ظلت قصته تعود إلى ذهنى من وقت لآخر، وعلى الأخص كلما رأيت أحداً من أهلى أو معارفى يصادف فى حياته ما لا قِبَل له برده أو التحكم فيه.
تبدأ القصة البسيطة بمنظر بحر واسع، يخرج منه رجلان يرتديان ملابسهما الكاملة، ويحملان معاً، كل منهما فى طرف، دولاباً عتيقاً ضخماً، يتك...ون من ثلاث ضلف، وعلى ضلفته الوسطى مرآة كبيرة. يسير الرجلان فى اتجاه الشاطئ وهما يحملان هذا الدولاب بمشقة كبيرة، حتى يصلا إلى البر فى حالة إعياء شديد، ثم يبدآن فى التجول فى أنحاء المدينة وهما لا يزالان يحملان الدولاب. فإذا أرادا ركوب الترام حاولا الصعود بالدولاب وسط زحام الركاب وصيحات الاحتجاج، وإذا أصابهما الجوع وأرادا دخول مطعم، حاولا دخول المطعم بالدولاب فيطردهما صاحب المكان.
لا يحتوى الفيلم إلا على تصوير محاولاتهما المستميتة فى الاستمرار فى الحياة وهما يحملان دولابهما الثقيل، إلى أن ينتهى بهما الأمر بالعودة من حيث أتيا، فيبلغان الشاطئ الذى رأيناه فى أول الفيلم، ثم يغيبان شيئاً فشيئاً فى البحر، حيث تغمرهما المياه وهما لا يزالان يحملان الدولاب.
منذ رأيت الفيلم وأنا أتصور حالى وحال كل من أعرف وكأن كلاً منا يحمل دولابه الثقيل يأتى معه إلى الدنيا ويقضى حياته حاملاً إياه دون أن تكون لديه أية فرصة للتخلص منه، ثم يموت وهو يحمله. على أنه دولاب غير مرئى، وقد نقضى حياتنا متظاهرين بعدم وجوده، أو محاولين إخفاءه، ولكنه قدر كل منا المحتوم الذى يحكم تصرفاتنا ومشاعرنا واختياراتنا أو ما نظن أنها اختياراتنا، فأنا لم أختر أبى وأمى أو نوع العائلة التى نشأت بها، أو عدد إخوتى أو موقعى بينهم، ولم أختر طولى أو قصرى، ولا درجة وسامتى أو دمامتى، أو مواطن القوة والضعف فى جسمى وعقلى. كل هذا على أن أحمله أينما ذهبت، وليس لدىّ أمل فى التخلص منه."
كانت هذه القصة البسيطة الحكيمة البليغة هى نهاية المقدمة التى كتبها الدكتور/ جلال أمين، أستاذ الاقتصاد، وابن الكاتب الكبير أحمد أمين، لمذكراته الشخصية، أو سيرته الذاتية والتى أسماها "ماذا علمتنى الحياة؟..
قرأت ماذا علمتني الحياة في ليالي الامتحانات قبل ان اذهب الي النوم وانا شديد التوتر والقلق اشعر اني بحاجة الي قراءة بعض حكم السنين وعصارة تجربة الرجل الذي وعد في اول كتابة بالصدق...فكان اكثر ما يميز كتابه هذا الامر..
جلال امين في تصوري المتواضع يجمع بين السهل الممتنع العمق مع البساطة ..
يطرح اشد القضايا تعقيدا ببساطة شديدة لغته سلسلة لا يستخدم حذلقات مدعي الثقافة ....يحث عن الفهم لدية نزعة تعليل واضحة يحاول ان يفسر بها الاشياء والاحداث..
اليوم انهيت الجزء الثاني من سيرته الذاتية رحيق العمر ,الكتاب اجمل من الجزء الاول
شعرت انه اكثر حكمة وحاول ان يكون اكثر نضجا انتقي الاحداث التي ضمها بين دفتي الكتاب بعنية اصاب القاريء بمتعة في استعراض التجارب بطريقة شيقة خصوصا عندما كان يذكر الرسائل المتبادلة بينة وبين اخية حسين احمد امين...
ابحثوا عن كتبة التي يخلط فيها بين تجربتة الذاتية وبين الحياة كما قام بذلك في كتابة ماذا حدث للمصريين في 50 عام....
تبدأ القصة البسيطة بمنظر بحر واسع، يخرج منه رجلان يرتديان ملابسهما الكاملة، ويحملان معاً، كل منهما فى طرف، دولاباً عتيقاً ضخماً، يتك...ون من ثلاث ضلف، وعلى ضلفته الوسطى مرآة كبيرة. يسير الرجلان فى اتجاه الشاطئ وهما يحملان هذا الدولاب بمشقة كبيرة، حتى يصلا إلى البر فى حالة إعياء شديد، ثم يبدآن فى التجول فى أنحاء المدينة وهما لا يزالان يحملان الدولاب. فإذا أرادا ركوب الترام حاولا الصعود بالدولاب وسط زحام الركاب وصيحات الاحتجاج، وإذا أصابهما الجوع وأرادا دخول مطعم، حاولا دخول المطعم بالدولاب فيطردهما صاحب المكان.
لا يحتوى الفيلم إلا على تصوير محاولاتهما المستميتة فى الاستمرار فى الحياة وهما يحملان دولابهما الثقيل، إلى أن ينتهى بهما الأمر بالعودة من حيث أتيا، فيبلغان الشاطئ الذى رأيناه فى أول الفيلم، ثم يغيبان شيئاً فشيئاً فى البحر، حيث تغمرهما المياه وهما لا يزالان يحملان الدولاب.
منذ رأيت الفيلم وأنا أتصور حالى وحال كل من أعرف وكأن كلاً منا يحمل دولابه الثقيل يأتى معه إلى الدنيا ويقضى حياته حاملاً إياه دون أن تكون لديه أية فرصة للتخلص منه، ثم يموت وهو يحمله. على أنه دولاب غير مرئى، وقد نقضى حياتنا متظاهرين بعدم وجوده، أو محاولين إخفاءه، ولكنه قدر كل منا المحتوم الذى يحكم تصرفاتنا ومشاعرنا واختياراتنا أو ما نظن أنها اختياراتنا، فأنا لم أختر أبى وأمى أو نوع العائلة التى نشأت بها، أو عدد إخوتى أو موقعى بينهم، ولم أختر طولى أو قصرى، ولا درجة وسامتى أو دمامتى، أو مواطن القوة والضعف فى جسمى وعقلى. كل هذا على أن أحمله أينما ذهبت، وليس لدىّ أمل فى التخلص منه."
كانت هذه القصة البسيطة الحكيمة البليغة هى نهاية المقدمة التى كتبها الدكتور/ جلال أمين، أستاذ الاقتصاد، وابن الكاتب الكبير أحمد أمين، لمذكراته الشخصية، أو سيرته الذاتية والتى أسماها "ماذا علمتنى الحياة؟..
قرأت ماذا علمتني الحياة في ليالي الامتحانات قبل ان اذهب الي النوم وانا شديد التوتر والقلق اشعر اني بحاجة الي قراءة بعض حكم السنين وعصارة تجربة الرجل الذي وعد في اول كتابة بالصدق...فكان اكثر ما يميز كتابه هذا الامر..
جلال امين في تصوري المتواضع يجمع بين السهل الممتنع العمق مع البساطة ..
يطرح اشد القضايا تعقيدا ببساطة شديدة لغته سلسلة لا يستخدم حذلقات مدعي الثقافة ....يحث عن الفهم لدية نزعة تعليل واضحة يحاول ان يفسر بها الاشياء والاحداث..
اليوم انهيت الجزء الثاني من سيرته الذاتية رحيق العمر ,الكتاب اجمل من الجزء الاول
شعرت انه اكثر حكمة وحاول ان يكون اكثر نضجا انتقي الاحداث التي ضمها بين دفتي الكتاب بعنية اصاب القاريء بمتعة في استعراض التجارب بطريقة شيقة خصوصا عندما كان يذكر الرسائل المتبادلة بينة وبين اخية حسين احمد امين...
ابحثوا عن كتبة التي يخلط فيها بين تجربتة الذاتية وبين الحياة كما قام بذلك في كتابة ماذا حدث للمصريين في 50 عام....
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
رحيق العمر.
Sign In »