ŷ������

بداية يجب عليّ القول إنه تروفني كثيراً قراءة هذا النوع من الكتب، التي تتناول شخصيات وأحداث تاريخية بشيء من الحياد والتجرّد، بعيداً عن التصوّرات المترسخة في أذهان الناس، والتي عادة ما تكون غير دقيقة ومجانبة للحقيقة. ورغم كثرة ما تقذفه المطابع ودور النشر من مؤلفات تُعنى بالتاريخ، أحداثه ورجاله، إلا أنه يندُر ان تقع على كاتب يأتي بقراءة الجديد، يخرج بها عن التصوّرات المسبقة المتأثرة بالدين أو بالعِرق أو التعصّب.

عنوان (شخصيات غير قلقة في الإسلام) لمؤلّفه هادي العلَوي، يبدو وكأنه جاء نقيضاً لكتاب عبد الرحمن بدوي (شخصيات قلقة في الإسلام) رغم أنه لاتوجد أي علاقة بين الكتابين، فالأول اهتم بالحالة الإيمانية والعقائدية للشخصية المترجَمة، أما هذا الكتاب فقد عُني بمدى فعالية الشخصية التاريخية والإجتماعية. تقول مقدمة الكتاب إن المؤلف قد خرج بالشخصيات "من فروض المقدّس بل ومن دواوين القُرب والمحبة، لتظهر كما هي لا كما نريدها. بمعنىً آخركانت دراسته لهذه الشخصيات بعيداً عن العاطفة وأقرب إلى الفكر والعقل".

الشخصيات المذكورة اختارها الكاتب بعشوائية كما قال، ويبلغ عددها 15، منهم الفرزدق، الحسين بن علي، النظّام، الرازي، سلمان الفارسي، وأبوحنيفة،غيرهم. وجاءت الدراسة حيادية بشكل بارع، وكأنك تقرأ كتاباً مترجماً. رجع الكاتب في دراسته إلى أمهات الكتب في التاريخ والسيَر والتراجُم، ولم يُسلم بكل ما جاء فيها، بل وازن ورجّح وردّ وفنّد.

تبقى الملاجظة الأخيرة التي ينبغي ذكرها، أن صاحب الكتاب ماركسي شهير، ورغم حياديته الكبيرة، إلا أنني شعرت بشيء من الأدلجة في كتابته، خصوصاً فيما يتعلق بتحليلاته المتعاطفة مع الثوار وأصحاب حركات التمرد، لكنها على أي حال بقت أدلجة طفيفة وطبيعية إلى حد معقول، ولم تخرج بالعمل إلى الإنحياز.