ŷ������

"استحوذت عليّ حقيقة أن كل ما يشتريه لنا أبي كان بفضل الموت وحتى ما نأكله كان الموت هو الذي يشتريه لنا."

- وحدها شجرة الرمان، وحدها التي تعرف! فهي التي شربت المياه الممزوجة بالدم المتدفق منذ الحرب العراقية-الإيرانية مرورًا بالغزو الأمريكي للعراق وصولًا لدماء الأبرياء في الحرب الطائفية العبثية. "وحدها شجرة الرمان"، رواية اخرى من روايات سنان انطون المؤلمة التي تنقل تفاصيل الجرح العراقي الذي لا يزال نازفاً.

- الرواية توازن ما بين الواقعية والخيال، فالأحداث شبه الحقيقية من جهّة والرؤى (من أحلام وكوابيس) من جهّة أخرى، اللغة العامية العراقية من جهّة واللغة الأدبية الفصحة من جهة ثانية. الإعتماد على التشظي الزمني المنطقي نسبةً لحالة الراوي الرئيسي، الإسترجاع والتقديم والتأخير، بالإضافة الى تنويع في السرد من خلال إدخال الرسائل في صلب العمل، كل هذه التقنيات جعلت من العمل قطعة متماسكة ومتناسقة من البداية حتى النهاية.

كنا نستقبل الحروب كمن يستضيف زائرًا يعرفه تمام المعرفة فيهيئ له كل ما يمكن لتكون إقامته خفيفة.

- أفكار كثيرة وثيمات متداخلة وثنائيات، وإذا كانت ثيمة الموت هي المسيطرة إلا ان ثيمة الفن كانت حاضرة بقوة من خلال الشخصيات الفنية (باسم وعاصم وجواد نفسه) وحواراتها وأعمال لفنانين عالميين مثل جواد سليم و جياكوميتي. الغربة والتيه كانا حاضران خصوصًا في شخصية "صبري" المثقف الشيوعي الذي تهجّر من العراق وعاد اليه ليشاهد الدمار والفتن الطائفية وتخلّي أصحاب المبادئ عن مبادئهم مقابل كرسي على المائدة! الحب والجنس، الوعي واللاوعي، الصداقة، الموت المجاني، الإقتتال الطائفي والتهجير الطائفي، الصبر والتكيّف، القبول القدري والرفض العقلي....

- من الملاحظ ان الكوابيس أضحت اكثر تواترًا في الجزء الأخير من الرواية، وهذا الشكل يعكس الحالة النفسية للراوي (جواد) التي أصبحت أكثر صعوبة وأضحى الخروج هو السبيل الوحيد من ذلك المستنقع. لكن الواقع أقوى، وجحيم أل "هنا" أشدّ تمسكًا بساكنيه! هذا التكثيف في النهاية كأنه تصعيد موسيقي في التوتر السردي.

- في الفصل الأول الصادم الدموي ينسج الراوي شبكته ليمسك بتلابيب القارئ، لكن هذا المشهد الكابوسي لم يكن أقسى من المشهد الحقيقي الذي جرى لاحقُا عند غسل الرأس المقطوعة، وكأني بالراوي يقول لنا ان واقعنا هو أسوأ من أفظع كوابيسنا!

- لكل راوٍ رسائل يمررها في روايته، بعضها يكون واضحاً والآخر مبطن... اروع رسالة، بالنسبة لي، بمدلولها الزمني كانت في الصفحة 242 واقتبس "كنت قد وضعت فيها كتاب اساطير الخلق الرافدينية"... اذا كان قصده ما فهمته انا فهذا مثير للإعجاب.

رواية مؤلمة وقاتمة.