ŷ������

- قرأت الكثير من مقاطع هذا النص على فترات باللغة الفرنسية، لكن كان لا بد من قراء العمل بشكل كامل، وكان ذلك عملاً صائباً وقاسياً في الوقت ذاته.

- نحن امام عمل توثيقي ينقل لنا حقيقة صادمة جرت ولا تزال تجري في هذا العالم العربي!! والعمل يتعدى قصة السجن وما بعده، الى قصة وطن بكامله سأعود للتحدث عنها في السياق..

- لنبدأ منذ البداية، حيث اخبرنا احمد المرزوقي عن قائد انقلاب ال 71، وكيف تم الإنتقال من مدرسة اهرمامو الى قصر الصخيرات، وكيف كانت الأوامر مموهة وغامضة (ذكرني السرد ببعض الإنتحاريين الأفغان الذين كانوا يوهمون بأنهم سيقجرون حافلات فيها اسرائيليين، فإذ بهم يفجرون حافلات تحمل اطفال)، ثم يكمل بوصف مشهد المجزرة في الصخيرات الى ان يصل لموت الجنرال اعبابو وانتهاء الإنقلاب، ويذكر كيف تم تصفية 111 جندياً بعد الإنقلاب مباشرة، اولئك الذين لم يذكرهم احد. هنا لا بد من التوقف والتساؤل، ما هو نوع التنشئة العسكرية التي تتلقاها جيوشنا؟ هل العقيدة العسكرية تبيح لك فتح النار على مواطنين عزّل؟ ما جدوى تنفيذ اوامر الضباط وتغييب عقلك؟!.. مجرد تساؤلات.

- سجن تزمامارت: هذا الجحيم الذي لا بد وانه لا يزال موجوداً في عدة دول عربية، فالسجون هي اهم انتاجات معظم الأنظمة العربية، فلا مكان للرأي في مجتمعات القطعان البشرية هذه.. اتى الوصف والسرد ليكملا بعضهما البعض، رغم المعلومات الكثيفة التي ضخها المرزوقي بين هذه السطور والتفاصيل الكثيرة، الا انها لم تكن مملة او رتيبة، بل جعلت القارئ يعيش الرواية بكل جوانبها ومآسيها الفظيعة. احسست بصدق الكاتب، وهذا امر جوهري، فلم ينسب لنفسه ادوار بطولية، بل كان يعطي كل ذي حق حقه، وهذا يحسب له. النفس الكبيرة للكاتب، ورقّته وطيبته تظهر كثيراً في هذه الرواية، وهذا قد يكون نتيجة السجن الرهيب وتهذيب النفس.

- الحرية: هذا الجزء برأيي اهم من جزء السجن، المعاناة في السجن هي معاناة بينك وبين ربك والمساجين والسجانيين، اما في الحياة فهي معاناةبينك وبين البشرية!!ما عانى منه المرزوقي واصدقائه بعد الحرية كارثي، ولولا جهودهم مع المنظمات الدولية، لماتوا جوعاً ومن دون ان نعرف قصصهم حتى!! لن تفقه الكثير من الأنظمة اننا لم نعد في القرن العاشر! اتت القصة لتكمل قصة المعاناة، من السجن الصغير الى السجن الكبير، وكم كنت كبيراً يا احمد حين اثبت ان العين يمكنها ان تقاوم المخرز.

-اللقاء بالسجانين: ان عرض اللقاء بالسجانين، والترفع عن الإنتقام منهم هو من أرقى التصرفات التي ترفعنا في مقاماتنا الإنسانية، وبغض النظر عن صدقها لكنها رسالة مؤثرة للتسامح والغفران وهذه الرسالة من اهم رسالات الرواية، و هي تثبت مرة اخرى حب الكاتب لوطنه ونظرته البعيدة للتصحيح وطي صفحة الماضي

- الوطن: لم يكتف المرزوقي بنقل وقائع السجن والمعاناة خلاله وبعده، بل تعدى الأمر الى نقد الأوضاع المعيشية والإجتماعية، احوال الطرقات السيئة، والبنيان المهمول واتي نقده بناءاً وليس كالنقد التي تتحفنا فيه التلفزيونات العربية الهدامة... فهذا الإنسان الخلوق يحب وطنه، ولم يتخلى عنه ويعيش في الخارج، رغم ما فعلوه به، فلم يصب غضبه على الوطن.. كم اتت موجعة حينما قال:" ان الذين بنوا تزمامارت هم الذين اساؤوا الى سمعة هذا الوطن وتاريخه وابنائه"

- الخاتمة، جملة واحدة ختم بها المرزوقي الكتاب، وتحمل الاف المعاني، سوف اخذها بمعناها الإجتماعي: "هل سنفلح ذات يوم في تغيير هذا الوطن؟" كيف ستغير اوطاناً تقرأ 5 دقائق في السنة؟!!

هذ الرابط لفيديو توثيقي عن سجن تزممارت: وفترة السجن: