ŷ������

(عندما جئت إلى السلطة وجدت الإناء السوفيتي على النار يغلي، وتصورت أن المطلوب هو رفع الغطاء عن الإناء لتنفيس البخار. ولكن ما رأيته داخل الإناء كان أصعب مما تصورت. ولم يكن بمقدوري أن أعيد الغطاء والتظاهر بأنني لا أسمع ولا أرى شيئا، وإنما وجدت أن واجبي يحتم علي أن أصارح الشعب السوفيتي بالحقائق، وأن أدعوه -وهو وحده القادر- إلى المشاركة في مواجهة الخطر!)

كلمات لغورباتشوف في البرلمان نقلها محمد حسنين هيكل في كتابه الزلزال السوفيتي.

الكتاب بشكل عام رائع، وهو مذكرات ركزت على الفترة التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفيتي، وفيه تأريخ لمسيرة روسيا السياسية بعد سقوط الاتحاد، وذكر لنشاطات غورباتشوف بعد تركه المنصب الأعلى في الاتحاد السوفيتي، وآراءه في أحداث العالم التي حدثت بعد 91م حتى الآن، وخلاصة تجاربه وآراءه لوضع روسيا الجديدة ومكانتها القيادية في العالم الذي يجب أن يكون لها كلمة في تسيير شؤونه.

الكتاب يتكون من ثلاثة أقسام:
1- روسيا اليوم:
تكلم فيه غورباتشوف عن السنوات التي تلت سقوط الاتحاد السوفيتي، ودور يلتسين في تقويض الاتحاد السوفيتي. ثم ما قام به يلتسين من إصلاحات متهورة (العلاج بالصدمة) دمرت الاقتصاد الروسي، وتردت الأوضاع في البلد بشكل غير مسبوق. امتلئت الرفوف ولكن دون أن يتمكن الناس من الشراء نظرا للتضخم الجنوني وارتفاع الاسعار.
وتحدث عن مرحلة يلتسين الكارثية باستفاضة حتى بداية تسليم السلطة لبوتين.

2- روسيا إلى أين
دعم غورباتشوف بوتين في بداياته عام 2000، وقد تمكن بوتين من إثبات أنه جدير بثقة غورباتشوف والشعب عموما بإصلاحاته.
تحدث غورباتشوف عن مرحلة بوتين ولكنه عارض التحايل الذي تم بترشيح مدفيديف رئيسا، ليكون بوتين رئيس الوزراء للفترة 2008-2012، ويتمكن بوتين بعد ذلك من العودة للرئاسة مستقبلا بحيلة دستورية وثغرة مقصودة.
يكرر غورباتشوف دعوته لتفعيل البرلمان والأحزاب السياسية، بما يضمن ديمقراطية فعالية وليست صورية.
وتكلم كذلك عن تزوير الانتخابات، وعن الذريعة الاخلاقية التي يتذرع بها الحزب الحاكم للاستئثار بالسلطة، وتطويع البرلمان (رئيس البرلمان زل لسانه مرة فقال : البرلمان ليس مكانا للنقاش!)

3- عالم اليوم المسكون بالقلق
يتضمن هذا الجزء من الكتاب رؤى غورباتشوف عن الأوضاع الراهنة والمستقبلية في العالم.

وعموما، أرى أن الزمن سينصف غورباتشوف، فهو قد حاول علاج جسد مريض، تعرض لخيانات من زملاءه (يلتسين ورفاقه) والذين ثبت لاحقا أنهم ليسوا مؤهلين للقيادة، قدم الحرية للشعب الروسي الذي لم يعتد عليها سابقا، ولم يكن ينوي تدمير الاتحاد السوفيتي (بشهادة بعض من يختلفون معه "ريجكوف-رئيس الوزراء" )، فكيف يدمر كيانا هو على رأسه، بل أخطأ في تقدير بعض الأمور، وامتنع عن بعض الإجراءات قبيل الانهيار لدافع أخلاقي، ولمنع حرب أهلية تريق الدماء -حسب تعبيره-.
للحكم على غورباتشوف بشكل موضوعي، على المرء أن يتجرد من مبالغات الشيوعيين العرب الذين لا يزال بعضهم يؤمن بأوهام الشيوعية.

هذه مراجعة سريعة للكتاب، والكتاب يستحق المطالعة حسب رأيي.