Baher Soliman's Reviews > رحلة الدم
رحلة الدم
by
by

نجمة واحدة فقط من أجل لغة الرواية الجيدة ، أما الرواية نفسها فهي رحلة للتشكيك والطعن والغمز واللمز في كل صفحة وفي كل مشهد في الصحابة رضي الله عنهم ، والعجيب أنه في صفحة الإهداء كتب " هي لله" ، ولا ندري في واقع الأمر هل يعني هذا الرجل ما يقول أم أنه يعيش في غيبوبة فكرية !! يسب الصحابة ويتهمهم في ذمتهم وعدالتهم وهم الذين زكَّاهم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم يقول " هي لله " !! بل هي للشيطان أو لتواضروس أو للخميني ، فأي من هؤلاء لو قُدِّر له أن يكتب هذا العمل لما زاد حرفاً عما كتبه إبراهيم عيسى .
إبراهيم عيسى ذكر المراجع التاريخية في بداية الرواية ليُهَيِّىء القارىء نفسياً لتلقي صدماته عن الصحابة ، فكونك تقرأ من ضمن المراجع التاريخية ( تاريخ الرسل والملوك ) للطبري ، ( البداية والنهاية ) لابن كثير ، ( الكامل في التاريخ ) لابن الأثير ، ( الطبقات الكبرى) لابن سعد ، وغيرهم ستشعر أن الروائي قد بذل جهداً في البحث والتدقيق والتحقيق ، وهكذا تنطلى الخدعة على جيل من الشباب يقرأ هذه الرواية ولا يعرف شيء عن منهج التحقيق التاريخي ، فهذه المراجع وغيرها على أهميتها ليست حجة بذاتها ، إنما ما فيها لابد أن يخضع للتحقيق التاريخي ، فالطبري مثلا لم يزعم أبداً أن المرويات التاريخية في كتابه على شرط الصحة ، ولا زعم ذلك ابن كثير ولا غيره من المؤرخين ، ليتبين لك أن المرجع في ذات نفسه ليس بحجة وأن الحجة في [ سند] المرويات التاريخية ، ولكن إبراهيم عيسى وغيره ممن على شاكلته لا يفقهون هذا العلم ؛ بل ينتقون الروايات الشاذة والمنكرة التي توافق هواهم ، فأي محقق يحترم عقل قارئه لابد أن يقدم حيثيات اختياره للرواية أو بمعنى أدق منهج التحقيق التاريخي الذي حاول تلميذ مدرسة " روزاليوسف" القفز عليه تحت مسمى " العمل الأدبي " !! .
عندما كتب إبراهيم عيسى -مندوب دولة التشيع في مصر � هذه الرواية كان يهدف إلى عدة أمور ؛ أهمها اسقاط قيمة الصحابة والطعن في الفتوحات الإسلامية ومغازلة الأقباط على حساب التاريخ ، فعندما يختلط ابن ملجم بمعسكر "عمرو بن العاص" في بداية الرواية تبدأ صورة الصحابة في التساقط من نظره تباعاً ، إنه كان يسأل نفسه كثيراً بأي وجه استحق هؤلاء صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل إنه لما أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعمرو بن العاص مدداً فيه أربعة من الصحابة وهم ( الزبير بن العوام ) و ( المقداد بن عمرو) و ( عبادة بن الصامت) و ( مَسلَمةُ بن مُخلَّد) وقال له إن الواحد منهم بألف ، كان ابن ملجم لا يراهم إلا أشخاصاً عاديين ويتساءل عندما يرى الواحد منهم أين التسعمائة وتسعة وتسعين رجلاً الذين معه! ؛بل إن هذه الصورة السلبية لم تكن تقتصر على هؤلاء الأربعة من الصحابة ، فكان كل الصحابة الذين شاركوا في فتح مصر موضع تحقير من ابن ملجم الذي ان يرى الصحابة جباة ضرائب لا مجاهدين في سبيل الله !! .
هل هذه رؤية ابن ملجم أم رؤية إبراهيم عيسى ! فالروائي يطعن في نياتهم وفي إخلاصهم لله تعالى بمنظور علماني لا يستسيغ فكرة الفتوحات الإسلامية ، فهي رؤية علمانية أكثر من كونها رؤية شخص عاش في صدر الإسلام ولو كان منحرفاً فكرياً ، وهكذا كل قناعات إبراهيم عيسى يلبسها لإبن ملجم المرادي ، ليس أدل على ذلك من محاولة جر المفاهيم الحداثية والقومية إلى تاريخ صدر الإسلام وتلبيسها للشخصيات التاريخية ، وفى الواقع هذه سقطة روائية فلا يمكن أن تتكلم على لسان شخصية تاريخية بمفاهيم لم تكن موجودة أصلاً في تلك الفترة الزمنية ، مثل ذلك الصدام الفكري بين ابن ملجم وصحابي يدعي ( عبد الرحمن بن عديس ) الذي يقوم باعادة صياغة مفاهيم ابن ملجم بالتشكيك في مشروعية الفتوحات الإسلامية .
صورة الجند الفاتح لمصر في نظر إبراهيم عيسى ، مجموعة من الهمج لا يفهمون القرآن الكريم ! فكل غرضه من هذه التهم هو نفي عن الفتوحات غايتها وهدفها الديني وجعلها حروب للسلب والنهب ! تخيل يُقال هذا عن جيش قائده الأعلى ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه !! بل تزداد الدهشة عندما تعلم أن الذين شاهدوا فتح مصر من الصحابة نحو 140 صحابياً !! .
تقطر كلمات الرواية كرهاً لعمرو بن العاص رضي الله عنه إلى حد التشنيع عليه بأمه [ النابغة ] ، بل الصحابة في الرواية يتهكمون عليه وينادونه بـ ( ابن النابغة ) فلا يغضب من تهكمهم ، ينقل إبراهيم عيسى حكاية النابغة في روايته فيدعي أنها كانت في الجاهلية بغياً ومغنية ، وأنها نسبت عمرو بن العاص إلى العاص بن وائل إذ كان أقرب شبهاً به من غيره من الرجال الذين عاشروها قبل حملها به [ ص/ 130-136] ، وهكذا ينقل إبراهيم عيسى أي رواية تمثل مطعناً في شرف عمرو بن العاص رضي الله عنه ؛ وهي نفس التهمة التي كان الأقباط الذين تفيض قلوبهم بكره عمرو بن العاص رضي الله عنه يرددونها على منتدياتهم ، فهل تثبت أصلاً هذه القصة ؟! ، وهي قصىة مختلقة تماماً أو ضعيفة ضعفاً لا تقوم بها حجة [ أنظر نقد هذه القصة عند أحمد عادل كمال في كتابه الفتح الإسلامي لمصر ] .
تستمر أحداث الرواية من بعد فتح مصر وموت عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى تولى عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة ، ثم حدوث الفتنة الكبري التي ستنتهي بمقتل عثمان رضي الله عنه ، وأحداث الفتنة ساقها إبراهيم عيسى من الروايات الضعيفة والتهم الباطلة التي ألصقت بعثمان رضي الله عنه ، وقد ناقشنا ذلك بالتفصيل في كتاب " روايات في ميزان النقد " .
بقى ملاحظة في غاية الأهمية وهي أن إبراهيم عيسى في أحداث الفتنة لم يذكر ( عبد الله بن سبأ) قط ولا أشار له من قريب أو من بعيد ؛ وهو رجل يهودي ادعي الإسلام وكان من عوامل تأجيج نار الفتنة ، عدم ذكر إبراهيم عيسى لشخصية ابن سبأ يجعله مغازلاً أو متواطئاً أو مؤيداً للفكر الشيعي الذي ينكر هذه الشخصية .
إبراهيم عيسى ذكر المراجع التاريخية في بداية الرواية ليُهَيِّىء القارىء نفسياً لتلقي صدماته عن الصحابة ، فكونك تقرأ من ضمن المراجع التاريخية ( تاريخ الرسل والملوك ) للطبري ، ( البداية والنهاية ) لابن كثير ، ( الكامل في التاريخ ) لابن الأثير ، ( الطبقات الكبرى) لابن سعد ، وغيرهم ستشعر أن الروائي قد بذل جهداً في البحث والتدقيق والتحقيق ، وهكذا تنطلى الخدعة على جيل من الشباب يقرأ هذه الرواية ولا يعرف شيء عن منهج التحقيق التاريخي ، فهذه المراجع وغيرها على أهميتها ليست حجة بذاتها ، إنما ما فيها لابد أن يخضع للتحقيق التاريخي ، فالطبري مثلا لم يزعم أبداً أن المرويات التاريخية في كتابه على شرط الصحة ، ولا زعم ذلك ابن كثير ولا غيره من المؤرخين ، ليتبين لك أن المرجع في ذات نفسه ليس بحجة وأن الحجة في [ سند] المرويات التاريخية ، ولكن إبراهيم عيسى وغيره ممن على شاكلته لا يفقهون هذا العلم ؛ بل ينتقون الروايات الشاذة والمنكرة التي توافق هواهم ، فأي محقق يحترم عقل قارئه لابد أن يقدم حيثيات اختياره للرواية أو بمعنى أدق منهج التحقيق التاريخي الذي حاول تلميذ مدرسة " روزاليوسف" القفز عليه تحت مسمى " العمل الأدبي " !! .
عندما كتب إبراهيم عيسى -مندوب دولة التشيع في مصر � هذه الرواية كان يهدف إلى عدة أمور ؛ أهمها اسقاط قيمة الصحابة والطعن في الفتوحات الإسلامية ومغازلة الأقباط على حساب التاريخ ، فعندما يختلط ابن ملجم بمعسكر "عمرو بن العاص" في بداية الرواية تبدأ صورة الصحابة في التساقط من نظره تباعاً ، إنه كان يسأل نفسه كثيراً بأي وجه استحق هؤلاء صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل إنه لما أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعمرو بن العاص مدداً فيه أربعة من الصحابة وهم ( الزبير بن العوام ) و ( المقداد بن عمرو) و ( عبادة بن الصامت) و ( مَسلَمةُ بن مُخلَّد) وقال له إن الواحد منهم بألف ، كان ابن ملجم لا يراهم إلا أشخاصاً عاديين ويتساءل عندما يرى الواحد منهم أين التسعمائة وتسعة وتسعين رجلاً الذين معه! ؛بل إن هذه الصورة السلبية لم تكن تقتصر على هؤلاء الأربعة من الصحابة ، فكان كل الصحابة الذين شاركوا في فتح مصر موضع تحقير من ابن ملجم الذي ان يرى الصحابة جباة ضرائب لا مجاهدين في سبيل الله !! .
هل هذه رؤية ابن ملجم أم رؤية إبراهيم عيسى ! فالروائي يطعن في نياتهم وفي إخلاصهم لله تعالى بمنظور علماني لا يستسيغ فكرة الفتوحات الإسلامية ، فهي رؤية علمانية أكثر من كونها رؤية شخص عاش في صدر الإسلام ولو كان منحرفاً فكرياً ، وهكذا كل قناعات إبراهيم عيسى يلبسها لإبن ملجم المرادي ، ليس أدل على ذلك من محاولة جر المفاهيم الحداثية والقومية إلى تاريخ صدر الإسلام وتلبيسها للشخصيات التاريخية ، وفى الواقع هذه سقطة روائية فلا يمكن أن تتكلم على لسان شخصية تاريخية بمفاهيم لم تكن موجودة أصلاً في تلك الفترة الزمنية ، مثل ذلك الصدام الفكري بين ابن ملجم وصحابي يدعي ( عبد الرحمن بن عديس ) الذي يقوم باعادة صياغة مفاهيم ابن ملجم بالتشكيك في مشروعية الفتوحات الإسلامية .
صورة الجند الفاتح لمصر في نظر إبراهيم عيسى ، مجموعة من الهمج لا يفهمون القرآن الكريم ! فكل غرضه من هذه التهم هو نفي عن الفتوحات غايتها وهدفها الديني وجعلها حروب للسلب والنهب ! تخيل يُقال هذا عن جيش قائده الأعلى ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه !! بل تزداد الدهشة عندما تعلم أن الذين شاهدوا فتح مصر من الصحابة نحو 140 صحابياً !! .
تقطر كلمات الرواية كرهاً لعمرو بن العاص رضي الله عنه إلى حد التشنيع عليه بأمه [ النابغة ] ، بل الصحابة في الرواية يتهكمون عليه وينادونه بـ ( ابن النابغة ) فلا يغضب من تهكمهم ، ينقل إبراهيم عيسى حكاية النابغة في روايته فيدعي أنها كانت في الجاهلية بغياً ومغنية ، وأنها نسبت عمرو بن العاص إلى العاص بن وائل إذ كان أقرب شبهاً به من غيره من الرجال الذين عاشروها قبل حملها به [ ص/ 130-136] ، وهكذا ينقل إبراهيم عيسى أي رواية تمثل مطعناً في شرف عمرو بن العاص رضي الله عنه ؛ وهي نفس التهمة التي كان الأقباط الذين تفيض قلوبهم بكره عمرو بن العاص رضي الله عنه يرددونها على منتدياتهم ، فهل تثبت أصلاً هذه القصة ؟! ، وهي قصىة مختلقة تماماً أو ضعيفة ضعفاً لا تقوم بها حجة [ أنظر نقد هذه القصة عند أحمد عادل كمال في كتابه الفتح الإسلامي لمصر ] .
تستمر أحداث الرواية من بعد فتح مصر وموت عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى تولى عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة ، ثم حدوث الفتنة الكبري التي ستنتهي بمقتل عثمان رضي الله عنه ، وأحداث الفتنة ساقها إبراهيم عيسى من الروايات الضعيفة والتهم الباطلة التي ألصقت بعثمان رضي الله عنه ، وقد ناقشنا ذلك بالتفصيل في كتاب " روايات في ميزان النقد " .
بقى ملاحظة في غاية الأهمية وهي أن إبراهيم عيسى في أحداث الفتنة لم يذكر ( عبد الله بن سبأ) قط ولا أشار له من قريب أو من بعيد ؛ وهو رجل يهودي ادعي الإسلام وكان من عوامل تأجيج نار الفتنة ، عدم ذكر إبراهيم عيسى لشخصية ابن سبأ يجعله مغازلاً أو متواطئاً أو مؤيداً للفكر الشيعي الذي ينكر هذه الشخصية .
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
رحلة الدم.
Sign In »
Reading Progress
Finished Reading
Finished Reading
Finished Reading
October 16, 2018
– Shelved
October 16, 2018
– Shelved as:
روايات