Sign in with Facebook
Ahmed Elkhatib's Reviews > العطر
العطر
by
مُعجزة التلاشي، الخفة، الاختفاء...الخوض في غمار العالم بدون رائحة دالة على المادة المُفعمة بالحياة، هذا ما حلّ على بطل قصتنا، العجز الجسدي في أضفاء رائحته الخاصة على العالم، والمُعجزة الشمية التي من خلالها يستطيع صنع عطرٍ إلهي.
هكذا عاش حياته، بين عجز ومُعجزات يصعب على أمثالنا تصديقها، يقضي وقته في تتبع الروائح، يتصيدها مثل خيط ذهبي في ثوب، يتضمخ بها، يُخزنها في ذاكرته، ويغلق عليها ألف باب، ويوصدها بألف قفل.
لم يتلقفه العالم بالمراحب، ولكنه دفعه في زاوية قذرة، بين قشور الأسماك وأوساخ البشر، وعفونة الوحل. حطمه العالم، أمرضه، ذله وأخذ منه كل مأخذ، إنما هو...هو بالذات أحب العناد، فهو وحده صُنع من العناد والقذارة، لم ينحني لأحد، لم يعطف عليه أحد، لا يعترف بوجود إله حامي يطيب خاطره، أنه هو الإله، لم يتعثر، لم يُخطأ في الحسابات، خطط ونفذ وكأنه إله، فهو شخصاً يمتلك ميزة تُبعده عن أقرانه من البشر، وتُقربه من السماء، أنه عظيم، فتّاك، هائل، شامل، أنه جان بابتيست غرينوي، الشاب الفرنسي فاقد الوِجهة والوجه، ينثني ويتحلل خلف مئات الأقنعة من الروائح والأبخرة، هو وحده من يستطيع فك روحها.
عند رؤية هذا الشاب الهزيل، الموجود بضألة، الضائع بين الهوى والهوية، فاقد الرائحة والأصل ستُخبرك روحك أنه شحاذ أو من المجاذيب، ولئن واجهته صدمك بحرارة ضعفه، ودفء خنوعه، بيد أنه يُخطط لشيء أكبر وأعظم...يُخطط أن يكون إلهاً ويجلب البشر جميعاً تحت قدمه.
كيف سيصنع النابغة السافل، عطراً للحب والاستحواذ، كيف لفتى قذر، غرائبي، مُنحدر من عوالم باريس السُفلية، يولي وجهه شطر المعرفة لا يلوي على شيء، كيف سيحجز لنفسه مكاناً في الصفوف الأولى لحفل النوابغ السفلة؟
ستظل تُفكر في الحكاية، مبهور بقوة السرد، وحضور التفاصيل الدقيقة، والحوارات الداخلية المُثيرة للعصبية والمُهيجة للأنف، الكثير والكثير في هذه الرواية للعبقري باترك زوسكند، أنه عبقري، عبقري في نسج الحكايا، وجلب الأفكار العظيمة، كيف له بهذه الأفكار؟ كيف سلم قلمه لمثل هذه السطور، الغريبة، العجيبة؟
سيتسلق على أجسادكم المُنتشية، الداعرة، المُعربدة، لكي يشعُر أنه إنسان مثلكم، سيحولكم جميعاً إلى أبخرة، سيمتص روحكم، ويضيفها إلى مُعجم روائحه.
الرواية هي سيرة عظيمة لشخص رُبما وجد، ورُبما من نسج الخيال، لكني صدقته، وأمنت بقدرته، ولمسته بكل تفاصيله.
الترجمة عظيمة جداً، شكراً للمُترجم كاميران حوج، وشكراً لمنشورات الجمل.
خمس نجمات...
by
مُعجزة التلاشي، الخفة، الاختفاء...الخوض في غمار العالم بدون رائحة دالة على المادة المُفعمة بالحياة، هذا ما حلّ على بطل قصتنا، العجز الجسدي في أضفاء رائحته الخاصة على العالم، والمُعجزة الشمية التي من خلالها يستطيع صنع عطرٍ إلهي.
هكذا عاش حياته، بين عجز ومُعجزات يصعب على أمثالنا تصديقها، يقضي وقته في تتبع الروائح، يتصيدها مثل خيط ذهبي في ثوب، يتضمخ بها، يُخزنها في ذاكرته، ويغلق عليها ألف باب، ويوصدها بألف قفل.
لم يتلقفه العالم بالمراحب، ولكنه دفعه في زاوية قذرة، بين قشور الأسماك وأوساخ البشر، وعفونة الوحل. حطمه العالم، أمرضه، ذله وأخذ منه كل مأخذ، إنما هو...هو بالذات أحب العناد، فهو وحده صُنع من العناد والقذارة، لم ينحني لأحد، لم يعطف عليه أحد، لا يعترف بوجود إله حامي يطيب خاطره، أنه هو الإله، لم يتعثر، لم يُخطأ في الحسابات، خطط ونفذ وكأنه إله، فهو شخصاً يمتلك ميزة تُبعده عن أقرانه من البشر، وتُقربه من السماء، أنه عظيم، فتّاك، هائل، شامل، أنه جان بابتيست غرينوي، الشاب الفرنسي فاقد الوِجهة والوجه، ينثني ويتحلل خلف مئات الأقنعة من الروائح والأبخرة، هو وحده من يستطيع فك روحها.
عند رؤية هذا الشاب الهزيل، الموجود بضألة، الضائع بين الهوى والهوية، فاقد الرائحة والأصل ستُخبرك روحك أنه شحاذ أو من المجاذيب، ولئن واجهته صدمك بحرارة ضعفه، ودفء خنوعه، بيد أنه يُخطط لشيء أكبر وأعظم...يُخطط أن يكون إلهاً ويجلب البشر جميعاً تحت قدمه.
كيف سيصنع النابغة السافل، عطراً للحب والاستحواذ، كيف لفتى قذر، غرائبي، مُنحدر من عوالم باريس السُفلية، يولي وجهه شطر المعرفة لا يلوي على شيء، كيف سيحجز لنفسه مكاناً في الصفوف الأولى لحفل النوابغ السفلة؟
ستظل تُفكر في الحكاية، مبهور بقوة السرد، وحضور التفاصيل الدقيقة، والحوارات الداخلية المُثيرة للعصبية والمُهيجة للأنف، الكثير والكثير في هذه الرواية للعبقري باترك زوسكند، أنه عبقري، عبقري في نسج الحكايا، وجلب الأفكار العظيمة، كيف له بهذه الأفكار؟ كيف سلم قلمه لمثل هذه السطور، الغريبة، العجيبة؟
سيتسلق على أجسادكم المُنتشية، الداعرة، المُعربدة، لكي يشعُر أنه إنسان مثلكم، سيحولكم جميعاً إلى أبخرة، سيمتص روحكم، ويضيفها إلى مُعجم روائحه.
الرواية هي سيرة عظيمة لشخص رُبما وجد، ورُبما من نسج الخيال، لكني صدقته، وأمنت بقدرته، ولمسته بكل تفاصيله.
الترجمة عظيمة جداً، شكراً للمُترجم كاميران حوج، وشكراً لمنشورات الجمل.
خمس نجمات...
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
العطر.
Sign In »
Reading Progress
March 1, 2018
– Shelved
(Other Paperback Edition)
March 1, 2018
– Shelved as:
to-read
(Other Paperback Edition)
April 1, 2019
–
Started Reading
April 25, 2019
–
Finished Reading
May 23, 2019
– Shelved
August 28, 2021
– Shelved as:
favorites
