ŷ������

.... مع سيّد قطب في هذا الكتاب الفريد ندع مؤقتاً قداسة القرآن الدينية و أغراض الدعوة الإسلامية و أن نتجاوز حدود  الزمان والمكان و نتخطى الأجيال و الأزمان لنتذوق حلاوة هذا الجمال الفني الخالص عنصراً مستقلاً بجوهره خالداً في القرآن بذاته .

هذا الجمال يتملى وحده فيغنى
و ينظر في تساوقه مع الأغراض الدينية فيرتفع في التقدير .
كتاب ليس فوقه كتاب ، تعالى جل جلاله عندما أرسل الرسل مبشرين ومنذرين لأقوام الأرض كانت كل معجزة رسخ بها دين التوحيد متناسبة مع أحوال الناس وعقولهم .
معجزة أمة محمد عليه الصلاة والسلام كانت القرآن فهي أمة ضليعة بالشعر و اللغة وهم كانوا أهل الفصاحة فأنزله عليه وأفحم العرب به وتحداهم أن يأتوا ولو بي بكلمة من مثله ولو اجتمعوا و أبهرهم و سرق ألبابهم وأسلموا له وآمنوا واطمئنوا . بداية الإسلام كان القرآن هو العامل الأساسي في جذب  قلوب الناس بلغته وتركيبه و جماله وكماله من كل النواحي وعندما اشتدت شعرة الإسلام  كانت هناك عوامل آخرى بالإضافة للقرآن و هي أخلاق القائد الأعلى وصحبه وقوتهم و سنته كلها مجتمعة كانت تجلب الناس للإيمان والتعرف على الإسلام  . جاء بعده عصر آخر وأخذت الأمة بالتوسع في التفسير و الغرق بالمباحث الفقهية والجدلية و اللغوية والصرفية و علوم التجويد  وضاعت الفرصة أمام إبراز صورة واضحة للجمال الفني فيه .
سأشرح التصوير كما عرفه سيّد قطب وبذلك أعطي صورة مختصرة عن محتوى الكتاب ، هو التعبير عن الصورة المحسة المتخيلة عن المعنى الذهني و الحالة النفسية و عن الحادث المحسوس و المشهد المنظور و النموذج الإنساني و الطبيعة البشرية ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة الشاخصة أو الحركة المتجددة ، فإذا المعنى الذهني هيئة أو حركة و الحالة النفسية لوحة أو مشهد و النموذج الإنساني حيّ و الطبيعة البشرية مجسمة ومرئية .
الحوادث والقصص كلها شاخصة متحركة ليضيف لها الحوار فتستوي العناصر و تشعر و كأنه عرض حيّ أمامك بكل تفاصيله .
الكتاب يكشف لنا آفاق و آفاق و يلفت العقل لمواضع تكمن فيها قمة الإعجاز الإلهي و الإبداع و أنت مررت به مرور سطحي فقط لختم الكتاب والأجر و أليس هو القائل بذلك ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) هم الذين عرفوه بأسمائه و صفاته و عظيم حقه و خلقه وإبداعه الذي لامثيل له سبحانه و تعالى فنمت في قلوبهم خشيته و الخوف منه و الخضوع لجلاله وإتباع سنة رسله وكتابه .
القراءة الثالثة لسيّد قطب و كانت الأروع والأفضل هذا العام في قائمة الكتب ، وقفت على بعض المواضع و التسميات في اللغة والأدب  والتي كان لابد من الرجوع لأهلها  لتوضيحها ولكن ذلك لم يستطع أن يبدد غرامي بلغة سيّد قطب الشفافة الهادئة و الرقيقة التي كانت في هذا الكتاب بالذات بمنتهى الجمال .شغفه بالقرآن سيصلك فعلاً و يلمس قلبك و يحرك فيك من خلال أسلوبه كل مشاعر الحب والشوق للتعرف على القرآن ودراسته أكثر فهذا الكتاب ليس مجرد للقراءة .
💛��