Islam's Reviews > في بيت أحمد أمين ومقالات أخرى
في بيت أحمد أمين ومقالات أخرى
by
by

ما لفت نظري في الكتاب تصويره في البداية لأجواء بيت أحمد أمين وفي النهاية كيف انقطعت صداقة أحمد أمين وطه حسين ورأي الاثنين في بعض... كتاب ممتع
1
فالأدب في أسرتنا لم يكن "درسًا" تتلقاه في ساعات معينة من ايام معينة، نفرغ منه فنعود إلى ما كنا فيه.. وإنما كنا نتنسم عبيره فى جو المنزل نفسه، وفي كل ساعة من ساعات اليوم لا يكاد ينفصل عن سائر مظاهر حياتنا اليومية.. يدق جرس التليفون فنهرع نحن الأطفال للرد بأصواتنا الرفيعة المتحمسة، والسماعة الكبيرة لا تكاد نستطيع أن نثتبتها عند أذننا... "ألو! من حضرتك؟ "فيجيب المتكلم بأنه عباس العقاد، أو توفيق الحكيم، أو محمود تيمور، أحمد بك موجود؟" "دقيقة واحدة" ثم نجري إلى المكتبة صائحين: "بابا.. بابا... محمود تيمور" فيتوجه أبي إلي التليفون, ونسمعه يسأل محمود تيمور هم سبب تخلفه عن حضور جلسة المجمع اللغوي، ثم يسرد عليه ما دار خلالها، وكيف اقترح فيها إقرار المجمع للكلمة العامية "مُحٓنْدٓق" لخلو معاجم اللغة من كلمة تعبر عن نفس المعنى بدقة.. ويقص عليه ما كان من موقف طه حسين، واعتراض لطفي السيد.. ثم يقرأ عليه رسالة وصلته لتوه من المستشرق الألماني برجشتراسر يعلق فيها على ما ذكره في كتابه "فجر الإسلام" عن طبيعة العقلية العربية.. وتتناهى إلى أسماعنا أسماء ابن خلدون والجاحظ والغزالي وابن رشد تنطق في الفة غريبة، وتتكرر على لسان أبي تكرر أسمائنا نحن عليه، فكأنما هي أقارب لنا او جيران أو مستأجرو أرض.. وكثيرًا ما تهتف به والدتي إذ يفرغ من المحادثة التليفونية، قائلة إنه "إما أن يشرح لنا من هو ابن عبدربه أو ألا يأتي بسيرته، لأن تكرر نطقه بهذا الاسم قد بدأ يغيظها حقًا!" وهو احيانًا يعود من الخارج فيسأل عمن اتصل به تليفونيًا.. فتجيب والدتي:
� اتصل بك ابن خلدون مرتين
� ويسأل ولدي مبتسمًا:
� هل ترك رسالة؟
� نعم.. يقول إنه قد بدأ يتململ في قبره من كثرة تناولك سيرته بالحديث!
فأسماء تيمور وهيكل والمازني وطه حسين وغيرهم أسماء مألوفة لدينا مذ كنا في الخامسة أو السادسة، وقبل أن نقرأ لأصحابها حرفًا.. ووالدتي تقلد لنا أصواتهم وطريقتهم في الكلام، فنضحك لصدق محاكاتها بصوت العقاد الضخم، وبطء حسين الشديد، وثرثرة الدكتور السنهوري وصياح الشاعر علي الجارم بإسمه فكأنما يعلنه للتاريخ: "أنا الجااااارم" وتبسط عبدالعزيز فهمي باشا في الأخذ والرد.. ثم ها هو والدي يقص أمامنا أصل العداء المرير بين السنهوري وطه حسين، وحيرته هو بينهما وكل صديقة الحميم، ويسرد علينا طرائف عن بخل توفيق الحكيم، ويثني على اريحية تيمور وسماحته وكيل خلقه، ويشبه لنا اسلوب طه حسين بحلوى "غزل البنات" ويأتي بأمثله منه.. أو هو يقص علينا ذكرياته عن الشيخ محمد عبده، ونبأ مقابلاته لحافظ إبراهيم، أو يتبأ بمستقبل باهر في الأدب لموظف صغير بوازة الأوقاف يدعي نجيب محفوظ.."
2
في نهاية الكتاب ينشر حسين أحمد أمين تحت عنوان، تذييل "قصة الخلاف بين أحمد أمين وطه حسين" وهي من الأوراق التي عثر عليها حسين أحمد أمين من بين أوراق والده وكان يحمل غلاف تلك الكراسة كما يقول حسين أمين "قصة العمادة أو حوادث سنة 1942" وفيها يدون أحمد أمين خلافه مع طه حسين عقب تولي أحمد أمين عمادة كلية الآداب وكان محور الخلاف كما يقول أحمد أمين رغبة طه حسين في إملاء إراداته على أحمد أمين في بعض القرارات الإدارية اعتمادًا على أن طه حسين هو من أتى بأحمد أمين من الق...
1
فالأدب في أسرتنا لم يكن "درسًا" تتلقاه في ساعات معينة من ايام معينة، نفرغ منه فنعود إلى ما كنا فيه.. وإنما كنا نتنسم عبيره فى جو المنزل نفسه، وفي كل ساعة من ساعات اليوم لا يكاد ينفصل عن سائر مظاهر حياتنا اليومية.. يدق جرس التليفون فنهرع نحن الأطفال للرد بأصواتنا الرفيعة المتحمسة، والسماعة الكبيرة لا تكاد نستطيع أن نثتبتها عند أذننا... "ألو! من حضرتك؟ "فيجيب المتكلم بأنه عباس العقاد، أو توفيق الحكيم، أو محمود تيمور، أحمد بك موجود؟" "دقيقة واحدة" ثم نجري إلى المكتبة صائحين: "بابا.. بابا... محمود تيمور" فيتوجه أبي إلي التليفون, ونسمعه يسأل محمود تيمور هم سبب تخلفه عن حضور جلسة المجمع اللغوي، ثم يسرد عليه ما دار خلالها، وكيف اقترح فيها إقرار المجمع للكلمة العامية "مُحٓنْدٓق" لخلو معاجم اللغة من كلمة تعبر عن نفس المعنى بدقة.. ويقص عليه ما كان من موقف طه حسين، واعتراض لطفي السيد.. ثم يقرأ عليه رسالة وصلته لتوه من المستشرق الألماني برجشتراسر يعلق فيها على ما ذكره في كتابه "فجر الإسلام" عن طبيعة العقلية العربية.. وتتناهى إلى أسماعنا أسماء ابن خلدون والجاحظ والغزالي وابن رشد تنطق في الفة غريبة، وتتكرر على لسان أبي تكرر أسمائنا نحن عليه، فكأنما هي أقارب لنا او جيران أو مستأجرو أرض.. وكثيرًا ما تهتف به والدتي إذ يفرغ من المحادثة التليفونية، قائلة إنه "إما أن يشرح لنا من هو ابن عبدربه أو ألا يأتي بسيرته، لأن تكرر نطقه بهذا الاسم قد بدأ يغيظها حقًا!" وهو احيانًا يعود من الخارج فيسأل عمن اتصل به تليفونيًا.. فتجيب والدتي:
� اتصل بك ابن خلدون مرتين
� ويسأل ولدي مبتسمًا:
� هل ترك رسالة؟
� نعم.. يقول إنه قد بدأ يتململ في قبره من كثرة تناولك سيرته بالحديث!
فأسماء تيمور وهيكل والمازني وطه حسين وغيرهم أسماء مألوفة لدينا مذ كنا في الخامسة أو السادسة، وقبل أن نقرأ لأصحابها حرفًا.. ووالدتي تقلد لنا أصواتهم وطريقتهم في الكلام، فنضحك لصدق محاكاتها بصوت العقاد الضخم، وبطء حسين الشديد، وثرثرة الدكتور السنهوري وصياح الشاعر علي الجارم بإسمه فكأنما يعلنه للتاريخ: "أنا الجااااارم" وتبسط عبدالعزيز فهمي باشا في الأخذ والرد.. ثم ها هو والدي يقص أمامنا أصل العداء المرير بين السنهوري وطه حسين، وحيرته هو بينهما وكل صديقة الحميم، ويسرد علينا طرائف عن بخل توفيق الحكيم، ويثني على اريحية تيمور وسماحته وكيل خلقه، ويشبه لنا اسلوب طه حسين بحلوى "غزل البنات" ويأتي بأمثله منه.. أو هو يقص علينا ذكرياته عن الشيخ محمد عبده، ونبأ مقابلاته لحافظ إبراهيم، أو يتبأ بمستقبل باهر في الأدب لموظف صغير بوازة الأوقاف يدعي نجيب محفوظ.."
2
في نهاية الكتاب ينشر حسين أحمد أمين تحت عنوان، تذييل "قصة الخلاف بين أحمد أمين وطه حسين" وهي من الأوراق التي عثر عليها حسين أحمد أمين من بين أوراق والده وكان يحمل غلاف تلك الكراسة كما يقول حسين أمين "قصة العمادة أو حوادث سنة 1942" وفيها يدون أحمد أمين خلافه مع طه حسين عقب تولي أحمد أمين عمادة كلية الآداب وكان محور الخلاف كما يقول أحمد أمين رغبة طه حسين في إملاء إراداته على أحمد أمين في بعض القرارات الإدارية اعتمادًا على أن طه حسين هو من أتى بأحمد أمين من الق...
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
في بيت أحمد أمين ومقالات أخرى.
Sign In »
Reading Progress
Finished Reading
July 26, 2019
–
Started Reading
July 27, 2019
– Shelved
July 27, 2019
–
Finished Reading