محمد إلهامي's Reviews > الخلافات السياسية بين الصحابة
الخلافات السياسية بين الصحابة
by
by

قرأت هذا الكتاب قبل مدة، ولم يعجبني مطلقا، ولكن عادتي ألا أكتب مراجعات لما لا يعجبني من الكتب إلا إن دعت ضرورة..
حتى جاءت الضرورة حين رأيت اثنين من إخواني ممن أحسن الظن بهما وأعول عليهما وهما ممن يقومان على ثغرات دعوية مهمة، قد قرآه -تقريبا في وقت واحد، قبل أيام- ثم إنهما أعجبا به!! فقررت أن أكتب هذه المراجعة المختصرة جدا في هذا الكتاب لأحيل إليها متى دعت الحاجة، وليتحقق بعض البيان في المسألة.
مقدمات:
- أهدي إلي الكتاب ثلاث مرات، وهذا يدل على شهرته وانتشاره، منها هدية من مؤلفه شخصيا، وكتب عليه: هدية مع أعطر التحايا لشيخنا الفاضل محمد إلهامي، وهذه هي النسخة التي كتبت عليها ملاحظاتي، وهي التي نشرتها الشبكة العربية، أهدانيها في اسطنبول 2015.
- ولا يحسبن أحد أن المؤلف يراني حقا شيخا له، إنما هذا من لطفه ووده وتهذبه، ولفظه "شيخنا" هذا يستعمله لمن يعرف ولمن لا يعرف على مجرى التودد والتهذب والتأدب.. وكيف يكون ذلك وهو أكبر مني بسبعة عشر عاما، إنما هو صاحب فضل وأدب.
- العلاقة الشخصية بيني وبين مؤلفه علاقة جيدة، وربما قلت: ممتازة، وليس بيننا ما يعكرها، بل مواقفنا السياسية تكاد تكون متطابقة مع اختلاف أصولنا ومنطلقاتنا في كثير منها.. وسائر ما بيني وبينه من الخلاف إنما هو خلاف فكري، وهو خلاف كبير وواسع.. ولا زلت حتى لحظة كتابة هذه السطور أحسن الظن به وأرى أنه قد أُتِي من إعجابه بالديمقراطية الغربية ومؤسساتها وفكرة المواطنة وسيادة القانون والدستور، فنظر إلى تراثنا الإسلامي بهذه العين فكان لا بد أن يصطدم كثيرا بالفقه والتاريخ، وهذا سر انحرافه في أكثر هذه القضايا.
وبعد المقدمات ندخل إلى الكتاب، فنجمل القول فيه في هذه النقاط:
1. الكتاب بنفسه قليل الفائدة.. إذ هو لا يضيف شيئا للموضوع، وإنما كان بناء الكتاب على وضع قواعد للبحث في مسألة الخلافات السياسية بين الصحابة.. وهذا يشبه أن يأتي كاتب في موضوع معقد فيقول: لا بد أن نتحلى بالموضوعية، لا بد أن نوثق الأقوال إلى قائليها، لا بد أن نوازن بين الآراء بحسب قوة أصحابها، لا بد ألا نوازن ونقارن بين المعلومات.. إلخ!
فالكتاب الذي يقدم هذه القواعد لا يقدم فائدة في الموضوع نفسه.. ولهذا فالكتاب لا يحل إشكالا.. ولهذا فبالاستقراء رأيت أنه لم يعجب به إلا من لم يكن له نظر سابق في موضوع الفتنة.. فبدا له الكتاب سهلا بسيطا، في حين أن الكتاب لم يخض أصلا غمار الموضوع، وإنما ظل واقفا يحوم حوله.
ثم إن هذه القواعد التي وضعها المؤلف منها ما هو صحيح في نفسه.. وهذا ما يدعيه كل قارئ لنفسه ولقراءته، ومنها ما هو مختلف فيه فليس وضعه كقاعدة يحل إشكالا، ومنها ما هو غير صحيح في نفسه فلا يزال موضع جدل ومساءلة.. وبعضها اخترعه الرجل من عنده فلا يعول عليه إلا أن يثبته ويستدل له، ولأن الكتاب مختصر فهو لم يفعل، ولهذا لا يعول عليه.
2. دخل الكتاب إلى الساحة السنية بمدخل هادئ، ولكن فيه خبث ومكر، فقد زعم المؤلف أنه إنما سيستند إلى أقوال ابن تيمية والذهبي وابن حجر، وقد أكثر فعلا من الاستناد إلى أقوالهم لا سيما ابن تيمية.. فيظن القارئ أن المؤلف يستند إلى الموقف السني السليم لهؤلاء الأعلام.. لكن الذي يفرغ نفسه بعض الشيء ويراجع أقوال ابن تيمية والذهبي وابن حجر يرى أن المؤلف يخون هذه الأمانة.. فهو يقتطع من الأقوال ما يعجبه فحسب، ويتصرف بالبتر في النقل تصرفا يشوه المعنى بل ربما يقلبه..
فأنت حين تقرأ نصا لابن تيمية في مصدره.. ثم تقرأ نفس النص المنقول عند المؤلف يختلف رأيك تماما.. ابن تيمية -مثلا- يوازن بين عثمان وعلي فيما تأولا فيه، أي ما أخطآ فيه ولكن كانت لهما أسباب ووجهات نظر: اجتهادات، فيأتي المؤلف فيأخذ قول ابن تيمية في عثمان فقط ويستدل به على أخطاء عثمان، ويكتم تماما أقوال ابن تيمية في علي.. فيخرج قارئ نص ابن تيمية بصورة متوازنة، بينما يخرج قارئ نص الشنقيطي بصورة تشويهية لعثمان.
وكذلك صنيعه طول الكتاب.. فإن لم يعجبه قول ابن تيمية في الموضوع ذهب إلى ابن حجر أو الذهبي أو ابن كثير أو غيرهم.. يأخذ من كل أحد منهم العبارة التي يريد، ويضرب صفحا عن الموقف الذي لا يعجبه.
3. من بين القواعد التي وضعها المؤلف: الاستناد إلى الروايات الصحيحة وترك الروايات الضعيفة.. وشنع المؤلف على من يأخذ الرواية بالهوى.. ولكنه للأسف فعل ذلك مرارا.. فأخذ الضعيف الذي يريد، وترك الصحيح الذي لا يخدم غرضه.. ولا يتسنى معرفة هذا لقارئ لم يكن على علم بأخبار الفتنة أو لقارئ لم يفرغ نفسه لمراجعة صحة الروايات وضعفها وراء المؤلف.
وهذا الصنيع منه قد تكرر كثيرا.
4. اتخذ المؤلف ابن تيمية -وبشكل أقل: الذهبي وابن حجر وابن كثير- ستارا له، يدخل به إلى القارئ السني ويتقي به النقد، فيبدو لقارئ الكتاب أنه إنما يجري على الجادة.. ولكن المؤلف بعد أن تمتع بهذا الغطاء وهذا الستار، كتب فصلا في منهج ابن تيمية ينقده فيه.. فكأنه ما اتخذه إلا خديعة للقارئ، فلئن كانت لك ملاحظات على منهج ابن تيمية لا تجعله ينهض للتعبير عن موقفك ورأيك فدع ابن تيمية وخاطب الناس بلسانك وابسط لهم رأيك وقدِّم لهم أدلتك، وهنا يظهر قدرك من العلم والاستيعاب والمقارنة.. ولئن كان ابن تيمية يصلح للتعبير عن رأيك فأحل عليه أو انقل رأيه كاملا وبأمانة أو حتى لتكن ملاحظاتك على منهجه ملاحظات هامشية لا تضرب أصل منهجه ولا تتعلق بأصل موقفه.. لكن المؤلف تعامل مع ابن تيمية هذا التعامل الملتوي.
5. مع أن لهجة المؤلف عموما هادئة، وتلك اللهجة الهادئة هي التي غرَّت كثيرين فظنوا موقفه هادئا ومتوازنا- إلا أنه مارس كثيرا النقد ذي الألفاظ القاسية من نوعية أن معاوية وعمرا هدموا أركان الخلافة الراشدة، وأسالوا الدماء التي ظلت جارية لأربعة عشر قرنا.. وكانت طريقته في اختيار الروايات دالة على نزوعه هذا.. فإذا وجد رواية صحيحة ولكن لفظها هادئ ووجد أخرى ضعيفة فيها لفظ قاسٍ، أثبت في المتن الرواية الضعيفة ذات اللفظ القاسي ثم كتب في الهامش يشير إلى صحتها استنادا إلى الرواية الصحيحة التي لم يوردها في المتن.. وقد تكرر هذا منه في العديد من المرات.
6. في عموم كتب الشنقيطي -هذا، والأزمة الدستورية، وأثر الحروب الصليبية- تبرز مصادره الشيعية.. هو لا ينقل من مصادر شيعية مباشرة، ولكنه ينقل عن مصادر تراثية سنية متخصصة عميقة الغور، ولم نعلم عن الرجل اهتماما بالحديث وكتب السنة والأثر وكتب الرجال والجرح والتعديل.. لهذا فإن المصادر الشيعية تمثل أطراف بحثه وأبواب مداخله، ثم هو يذهب فيوثق وينقل الاقتباس من المصدر الأصلي السني..
هذا أمر يعرفه الباحثون بالخبرة والممارسة.. يعرفونه في لحن القول وفي ترتيب المسألة وطريقة عرضها
7. هذا الكتاب من الكتب التي لم تكد تمر فيه صفحة إلا وأسجل على هامشها ملاحظة أو أكثر، رغم أنه كتاب قصير ينتهي منه القارئ غير المعتني في جلسة واحدة.. وقد تنوعت الملاحظات بين رواية ضعيفة يستند إليها، وتصحيح من أحدهم يتعلق به رغم مخالفته سائر المحدثين، واندفاع في الاستنتاج لا تخدمه الرواية، وتكثير من الأدلة لا تفيد دليلا، ونسيان لزمن الرواية مؤثر في معناها وما يستنبط منها، ونصوص مقتطعة بما يشوهها.. إلخ!
لقد دخل المؤلف إلى الموضوع وهو منحاز صاحب رأي، لا أنه دخل إليه وهو يريد سبر أغواره وأعماقه.. وقد بدا في كثير من الأحيان جاهلا بأحداث ضرورية في وقت الفتنة، ولهذا ظهر الأمر بالنسبة له بسيطا واضحا، مع أنه فتنة كبيرة اضطربت فيها العقول، بل وأقول: لولا وجود النص من النبي على صحة موقف علي رضي الله عنه وأنه أولى الفئتين بالحق.. لكان القارئ لأخبار الفتنة واقفا مع معاوية ومنتصرا له ويرى أن عليا قاد انقلابا على عثمان وتمكينا لقتلته وعزلا لولاته ورجاله.. وهو ما ننزه عنه عليا رضي الله عنه، ونحن نراه المصيب وأن فئة معاوية هي الباغية ولكننا نقول بأن الأمر فتنة شديدة وتفاصيلها محيرة.. فأي استخفاف بما وقع واستسهال للحكم فيه إنما ينبئ عن ضعف عقل صاحبه وعن جهله بتعقدات الموضوع.
8. ربما قال قائل: ولكن القرضاوي والغنوشي كتبوا مقدمة للكتاب وقرظوه
فأقول: أما القرضاوي فعلى جلالته عندي فليس قوله في هذه الأمور برأي، فما كان الرجل مؤرخا ولا له عناية خاصة بأمور الفتنة
وأما الغنوشي فليس بشيء لا في فقه ولا في تاريخ.. بل لعل مدح الغنوشي لشيء يجعلني أستريب فيه لكثرة انحراف هذا الرجل شرعا وسياسة، وكثرة تزويره وتدليسه وانهياره أمام الحداثة الغربية.
حتى جاءت الضرورة حين رأيت اثنين من إخواني ممن أحسن الظن بهما وأعول عليهما وهما ممن يقومان على ثغرات دعوية مهمة، قد قرآه -تقريبا في وقت واحد، قبل أيام- ثم إنهما أعجبا به!! فقررت أن أكتب هذه المراجعة المختصرة جدا في هذا الكتاب لأحيل إليها متى دعت الحاجة، وليتحقق بعض البيان في المسألة.
مقدمات:
- أهدي إلي الكتاب ثلاث مرات، وهذا يدل على شهرته وانتشاره، منها هدية من مؤلفه شخصيا، وكتب عليه: هدية مع أعطر التحايا لشيخنا الفاضل محمد إلهامي، وهذه هي النسخة التي كتبت عليها ملاحظاتي، وهي التي نشرتها الشبكة العربية، أهدانيها في اسطنبول 2015.
- ولا يحسبن أحد أن المؤلف يراني حقا شيخا له، إنما هذا من لطفه ووده وتهذبه، ولفظه "شيخنا" هذا يستعمله لمن يعرف ولمن لا يعرف على مجرى التودد والتهذب والتأدب.. وكيف يكون ذلك وهو أكبر مني بسبعة عشر عاما، إنما هو صاحب فضل وأدب.
- العلاقة الشخصية بيني وبين مؤلفه علاقة جيدة، وربما قلت: ممتازة، وليس بيننا ما يعكرها، بل مواقفنا السياسية تكاد تكون متطابقة مع اختلاف أصولنا ومنطلقاتنا في كثير منها.. وسائر ما بيني وبينه من الخلاف إنما هو خلاف فكري، وهو خلاف كبير وواسع.. ولا زلت حتى لحظة كتابة هذه السطور أحسن الظن به وأرى أنه قد أُتِي من إعجابه بالديمقراطية الغربية ومؤسساتها وفكرة المواطنة وسيادة القانون والدستور، فنظر إلى تراثنا الإسلامي بهذه العين فكان لا بد أن يصطدم كثيرا بالفقه والتاريخ، وهذا سر انحرافه في أكثر هذه القضايا.
وبعد المقدمات ندخل إلى الكتاب، فنجمل القول فيه في هذه النقاط:
1. الكتاب بنفسه قليل الفائدة.. إذ هو لا يضيف شيئا للموضوع، وإنما كان بناء الكتاب على وضع قواعد للبحث في مسألة الخلافات السياسية بين الصحابة.. وهذا يشبه أن يأتي كاتب في موضوع معقد فيقول: لا بد أن نتحلى بالموضوعية، لا بد أن نوثق الأقوال إلى قائليها، لا بد أن نوازن بين الآراء بحسب قوة أصحابها، لا بد ألا نوازن ونقارن بين المعلومات.. إلخ!
فالكتاب الذي يقدم هذه القواعد لا يقدم فائدة في الموضوع نفسه.. ولهذا فالكتاب لا يحل إشكالا.. ولهذا فبالاستقراء رأيت أنه لم يعجب به إلا من لم يكن له نظر سابق في موضوع الفتنة.. فبدا له الكتاب سهلا بسيطا، في حين أن الكتاب لم يخض أصلا غمار الموضوع، وإنما ظل واقفا يحوم حوله.
ثم إن هذه القواعد التي وضعها المؤلف منها ما هو صحيح في نفسه.. وهذا ما يدعيه كل قارئ لنفسه ولقراءته، ومنها ما هو مختلف فيه فليس وضعه كقاعدة يحل إشكالا، ومنها ما هو غير صحيح في نفسه فلا يزال موضع جدل ومساءلة.. وبعضها اخترعه الرجل من عنده فلا يعول عليه إلا أن يثبته ويستدل له، ولأن الكتاب مختصر فهو لم يفعل، ولهذا لا يعول عليه.
2. دخل الكتاب إلى الساحة السنية بمدخل هادئ، ولكن فيه خبث ومكر، فقد زعم المؤلف أنه إنما سيستند إلى أقوال ابن تيمية والذهبي وابن حجر، وقد أكثر فعلا من الاستناد إلى أقوالهم لا سيما ابن تيمية.. فيظن القارئ أن المؤلف يستند إلى الموقف السني السليم لهؤلاء الأعلام.. لكن الذي يفرغ نفسه بعض الشيء ويراجع أقوال ابن تيمية والذهبي وابن حجر يرى أن المؤلف يخون هذه الأمانة.. فهو يقتطع من الأقوال ما يعجبه فحسب، ويتصرف بالبتر في النقل تصرفا يشوه المعنى بل ربما يقلبه..
فأنت حين تقرأ نصا لابن تيمية في مصدره.. ثم تقرأ نفس النص المنقول عند المؤلف يختلف رأيك تماما.. ابن تيمية -مثلا- يوازن بين عثمان وعلي فيما تأولا فيه، أي ما أخطآ فيه ولكن كانت لهما أسباب ووجهات نظر: اجتهادات، فيأتي المؤلف فيأخذ قول ابن تيمية في عثمان فقط ويستدل به على أخطاء عثمان، ويكتم تماما أقوال ابن تيمية في علي.. فيخرج قارئ نص ابن تيمية بصورة متوازنة، بينما يخرج قارئ نص الشنقيطي بصورة تشويهية لعثمان.
وكذلك صنيعه طول الكتاب.. فإن لم يعجبه قول ابن تيمية في الموضوع ذهب إلى ابن حجر أو الذهبي أو ابن كثير أو غيرهم.. يأخذ من كل أحد منهم العبارة التي يريد، ويضرب صفحا عن الموقف الذي لا يعجبه.
3. من بين القواعد التي وضعها المؤلف: الاستناد إلى الروايات الصحيحة وترك الروايات الضعيفة.. وشنع المؤلف على من يأخذ الرواية بالهوى.. ولكنه للأسف فعل ذلك مرارا.. فأخذ الضعيف الذي يريد، وترك الصحيح الذي لا يخدم غرضه.. ولا يتسنى معرفة هذا لقارئ لم يكن على علم بأخبار الفتنة أو لقارئ لم يفرغ نفسه لمراجعة صحة الروايات وضعفها وراء المؤلف.
وهذا الصنيع منه قد تكرر كثيرا.
4. اتخذ المؤلف ابن تيمية -وبشكل أقل: الذهبي وابن حجر وابن كثير- ستارا له، يدخل به إلى القارئ السني ويتقي به النقد، فيبدو لقارئ الكتاب أنه إنما يجري على الجادة.. ولكن المؤلف بعد أن تمتع بهذا الغطاء وهذا الستار، كتب فصلا في منهج ابن تيمية ينقده فيه.. فكأنه ما اتخذه إلا خديعة للقارئ، فلئن كانت لك ملاحظات على منهج ابن تيمية لا تجعله ينهض للتعبير عن موقفك ورأيك فدع ابن تيمية وخاطب الناس بلسانك وابسط لهم رأيك وقدِّم لهم أدلتك، وهنا يظهر قدرك من العلم والاستيعاب والمقارنة.. ولئن كان ابن تيمية يصلح للتعبير عن رأيك فأحل عليه أو انقل رأيه كاملا وبأمانة أو حتى لتكن ملاحظاتك على منهجه ملاحظات هامشية لا تضرب أصل منهجه ولا تتعلق بأصل موقفه.. لكن المؤلف تعامل مع ابن تيمية هذا التعامل الملتوي.
5. مع أن لهجة المؤلف عموما هادئة، وتلك اللهجة الهادئة هي التي غرَّت كثيرين فظنوا موقفه هادئا ومتوازنا- إلا أنه مارس كثيرا النقد ذي الألفاظ القاسية من نوعية أن معاوية وعمرا هدموا أركان الخلافة الراشدة، وأسالوا الدماء التي ظلت جارية لأربعة عشر قرنا.. وكانت طريقته في اختيار الروايات دالة على نزوعه هذا.. فإذا وجد رواية صحيحة ولكن لفظها هادئ ووجد أخرى ضعيفة فيها لفظ قاسٍ، أثبت في المتن الرواية الضعيفة ذات اللفظ القاسي ثم كتب في الهامش يشير إلى صحتها استنادا إلى الرواية الصحيحة التي لم يوردها في المتن.. وقد تكرر هذا منه في العديد من المرات.
6. في عموم كتب الشنقيطي -هذا، والأزمة الدستورية، وأثر الحروب الصليبية- تبرز مصادره الشيعية.. هو لا ينقل من مصادر شيعية مباشرة، ولكنه ينقل عن مصادر تراثية سنية متخصصة عميقة الغور، ولم نعلم عن الرجل اهتماما بالحديث وكتب السنة والأثر وكتب الرجال والجرح والتعديل.. لهذا فإن المصادر الشيعية تمثل أطراف بحثه وأبواب مداخله، ثم هو يذهب فيوثق وينقل الاقتباس من المصدر الأصلي السني..
هذا أمر يعرفه الباحثون بالخبرة والممارسة.. يعرفونه في لحن القول وفي ترتيب المسألة وطريقة عرضها
7. هذا الكتاب من الكتب التي لم تكد تمر فيه صفحة إلا وأسجل على هامشها ملاحظة أو أكثر، رغم أنه كتاب قصير ينتهي منه القارئ غير المعتني في جلسة واحدة.. وقد تنوعت الملاحظات بين رواية ضعيفة يستند إليها، وتصحيح من أحدهم يتعلق به رغم مخالفته سائر المحدثين، واندفاع في الاستنتاج لا تخدمه الرواية، وتكثير من الأدلة لا تفيد دليلا، ونسيان لزمن الرواية مؤثر في معناها وما يستنبط منها، ونصوص مقتطعة بما يشوهها.. إلخ!
لقد دخل المؤلف إلى الموضوع وهو منحاز صاحب رأي، لا أنه دخل إليه وهو يريد سبر أغواره وأعماقه.. وقد بدا في كثير من الأحيان جاهلا بأحداث ضرورية في وقت الفتنة، ولهذا ظهر الأمر بالنسبة له بسيطا واضحا، مع أنه فتنة كبيرة اضطربت فيها العقول، بل وأقول: لولا وجود النص من النبي على صحة موقف علي رضي الله عنه وأنه أولى الفئتين بالحق.. لكان القارئ لأخبار الفتنة واقفا مع معاوية ومنتصرا له ويرى أن عليا قاد انقلابا على عثمان وتمكينا لقتلته وعزلا لولاته ورجاله.. وهو ما ننزه عنه عليا رضي الله عنه، ونحن نراه المصيب وأن فئة معاوية هي الباغية ولكننا نقول بأن الأمر فتنة شديدة وتفاصيلها محيرة.. فأي استخفاف بما وقع واستسهال للحكم فيه إنما ينبئ عن ضعف عقل صاحبه وعن جهله بتعقدات الموضوع.
8. ربما قال قائل: ولكن القرضاوي والغنوشي كتبوا مقدمة للكتاب وقرظوه
فأقول: أما القرضاوي فعلى جلالته عندي فليس قوله في هذه الأمور برأي، فما كان الرجل مؤرخا ولا له عناية خاصة بأمور الفتنة
وأما الغنوشي فليس بشيء لا في فقه ولا في تاريخ.. بل لعل مدح الغنوشي لشيء يجعلني أستريب فيه لكثرة انحراف هذا الرجل شرعا وسياسة، وكثرة تزويره وتدليسه وانهياره أمام الحداثة الغربية.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
الخلافات السياسية بين الصحابة.
Sign In »
Reading Progress
Finished Reading
June 17, 2020
– Shelved
Comments Showing 1-8 of 8 (8 new)
date
newest »

message 1:
by
أسامة التميمي
(new)
-
added it
Jun 17, 2020 06:38AM

reply
|
flag
