ŷ������

يدعو الكتاب إلىٰ التأمل في تفاصيلَ وقضايا كثيرة لم تعرِض في خاطرك من قبل ويعرضها بأسلوب عميق وفلسفي، وربما اعتمد علي المنهج الديكارتي
في بداية الكتاب يذكر المؤلف ثلاثة عناصر مكونة للحضارة والمجتمع وهي: الأشخاص، والأفكار، والأشياء-ووظيفة كل منهم في تكوين المجتمع ويوضح الفرق بين العالم الإسلامي والعالم العربي وأولويات استخدامهم في كلا العالمَين، ويؤكد أن تقدم المجتمع يرجع إلىٰ حفظ التوازن بين الثلاث ركائز، وأي ميل في كفة الميزان لصالح إحدى هذه الركائز كفيل بأن يؤخر تقدم المجتمع.

ثم يتحدث باستفاضة عن عالم الأفكار تحت مسميات عديدة منها: الأفكار الأصيلة، والفعالة، والميتة، والمميتة، والأفكار المطبوعة، والموضوعة.

و يؤكد أن السبب الرئيس في انهيار الحضارة هو موت الأفكار ، وتأخر عالمِنا الإسلامي لم يكن بسبب الاستعمار أو مؤامرات العالم ضد مجتمعنا، بل لأننا تخلَّينا عن أفكارنا الأصيلة واستبدلناها بأفكار مُشوَّهة موجودة في تراثنا، أفكار ميتة ومميتة أتينا بها من الغرب لاستحالة تطبيق حضارة بكاملها علي مجتمع آخر لاختلاف الموروث الثقافي.

أضِف أن هذه الأفكار المميتة والميتة تعود لتنتقم منا
لانفصالنا عن أصولنا ومُثُلنا العليا وتعلُّقنا بأفكار فقدت فعاليتها واأصالتها عندما تم استيرادها من حيِّزها الثقافي الأصلي.

ويوضح أن التطور الحضاري يمرُّ بعدة مراحل:
��- ماقبل الحضارة: حيث عصر الجاهلية والتعصب القبلي.
��- الحضارة: وهنا يكون العقل هو المحرك الرئيس والفاعل، واستمر حتي عصر الموحدين في الدول الإسلامية.

��- ما بعد الحضارة: حيث سيطرت الغريزة علي المجتمع وكان هذا بعد عصر الموحدين.

كما تناول فكرة الاستعمار العقلي ويؤكد أننا بالرغم من تحررنا من الاستعمار العسكري ولكن مازلنا نعاني من الاستعمار الفكري وتبني أنظمة لا نجد فيها الأصالة كالاشتراكية والرأسمالية والشيوعية إلىٰ آخر هذه الأنظمة التي قد لا تناسب مجتمعنا.

و يحلِّل تلك المشكلات وأسبابها بأسلوب علمي، وعبر بكثير من الاستشهادات؛ فيعقد مقارنة مثلًا بين المؤلف روبنسون كروز وحي بن يقظان، وكيف كان هذا تشغله الاشياء، والآخر تشغله الأفكار، وبعد تحليلٍ طويلٍ للقصَّتين يصل إلي أن الشرق ينزع إلىٰ الأفكار، بينما الغرب ينزع إلىٰ الاشياء، وأن روبنسون كروز من المفترض هو المرحلة التالية لحي بن يقظان.

وتناول مشكلة ازدواجية اللغة وتأثيرها علي المجتمع والمثقفين، و كيف كانت عاملًا في بث الثقافة الغربية داخل مجتمعنا دون فحص وتمحيص، مما أدى إلىٰ تأخرنا وتخلفنا.

ويُنهي مالك بن نبي كتابه بحديثه عن الثورة، ويؤكد أن فشل الثورات يعود لاعتمادنا على عالم الأشخاص والأشياء وإهمال عالم الأفكار، فنجد أغلب الناس في المجتمع العربي والإسلامي مستعدين للتضحية من أجل رموز وأشخاص وإهمال الفكرة تماماً.

في النهاية لقد نجح المؤلف في إيضاح كثير من عوامل الخلل في الفكر الإسلامي ومنابع هذا التخلف، وتأصيل شروط النهضة وبناء حضارة متقدمة.

-الكتاب يحتاج إلىٰ التركيز الشديد بسبب سوء الترجمة.

-اختزل مالك بن نبي تأخُّر الحضارة بعد عصر الموحدين فقط، فكان هنا ضيِّق الأفق لاهتمامه بتحليل جانب التأخر في الجزائر فقط، ونسي مثلًا الدولة العثمانية، وسيطرتها علي اغلب دول العالم الإسلامي ودورها في تقدم وتأخر العالم الإسلامي.

-تحدث الكاتب عن ازدواجية اللغة وسلبياتها بالرغم من أن الكتاب كتبه مالك بن نبي باللغة الفرنسية!

لكن في النهاية الكتاب يستحق القراءة

التقييم ⭐⭐⭐⭐

وهذا لسوء الترجمة وغموض بعض النقاط التي تحتاج للتركيز وإعادة القراءة.