Nora's Reviews > الضوء الأزرق
الضوء الأزرق
by
by

قراءة في رواية " الضوء الأزرق".* حسين البرغوثي
نورة عبد المهدي صلاح صلاح
-------------------------------------------------------------------------
سمعت عن رواية(الضوء الأزرق)، لم أكن أعرف عنها شيء، إلا أنها تستحق القراءة، ومر في خاطري وأنا أختار الكتاب، بأني سأجد فيه بريقا ولمعانا بأحداث جميلة تتعلق بالضوء وجماليته، وطرد العتمة الخ. ذاك الفهم السطحي لما يمر من عنوانين أمام مخيلتنا البسيطة في البدء، والتي تبدأ لتتكون بصورة أخرى عندما ننزل إلى العمق الجميل.
بالصفحة الأولى للرواية شعرت بأني سعيدة هناك "صوفيا بالقصة"، وجلال الدين بن رومي، قرأته من خيالات أشعاره التي تصل بك لملامسه غيمة، وركوب نسمه لتصل إلى ما بعد الإدراك .
تعتبر القصة وبعد قراءتي الأولى لها، سيرة ذاتية، إن صح تسميتي لها بأدب السيرة، ولكن، قبل أن أتحدث عن الرواية، أقول لكم بأني أقرأ (بإحساسي)، الكاتب يسقط إحساساته وانفعالات روحه، ونحن نتلقاها بإنفعالتنا وإدراكنا الحسي لها.
قرأت في كتاب علم النفس (أن الأزرق يرسل موجات تريح وتهدئ، والرمادي يبث موجات حزن وقلق) أما في قاموسي الذاتي (أنا) أشعر أن الأزرق لون يذكرني بالبحر، والسماء، وحلم جميل ينقلني لعوالم من الغيم الأبيض الشفاف،
أما ما يعنيه الأزرق ل "حسين البرغوثي " فهو مناقض تماما فهو طاقة الشر، والحزن، والسلبية، ولم تأت هذه الإسقاطات من فراغ، إلا من ذكريات كونت له اللون الأزرق بهذا الشكل ، ليبدأ روايته بالحديث عن ذاكرة الألوان في داخله، منذ طفولته من إنارة " الكاز الصفراء" " فيشير إلى تطور الثقافة الفلسطينية في القرن العشرين بما سماه " نقلة ضوئية"؛ من القمر � سراج الزيت- الكهرباء النيون الأبيض". ويتضارب في هذه الذاكرة الملونة بأخرى تربينا عليها دون نقاش، مفاهيم اكتشفنا فجيعتها بعدما كبرنا، حيث يقول الكاتب وكأنه يعبر عن الكثير من الأشياء بداخلي حينما سأل عن موت أخيه الصغير أين ذهب، فتجيبه والدته بأنه تحول إلى طائر أخضر بالجنة. لندرك بعد الكبر أن الطيور لا تعيش طويلا، وموطنها الأشجار وأسطح المنازل.
ليواصل في حديثه وبحثه عن ذاته، ويولد من جديد الولادة الحقيقة للإنسان في فهم نفسه من الصمت والتأمل لما يحيط به حتى تلك الأشياء التي نظنها بأنها عابرة ولا قيمة لها بالحياة، فيقول (لم اكلم احد لتسعة أشهر ولم أكن أعرف أحدا وكنت أمشي حتى الصباح في الغابة المحيطة ولكن الله كان يحيطني بكل عالم الهامش هذا وبكل جاذبيته)-. وكأنه أعاد روحه إلى رحم أمه وما يحيط بها من هامش الكون ووحدة يبقى هناك يتابع بصمت جميل.
يبدأ الإنسان بصنع الهوية التي تناسب مخيلته فكل شخص فينا يصنع الهوية التي تناسبه إمام الجميع، وليست تلك الهوية التي تلصقها بنا القيم والتقاليد، بل ما نحب أن نظهر بها أمام الآخرين، في حديثة " عن جوني"، الذي حاول أن يوجد تاريخ يرضاه لنفسه وحقيقة آمن فيها، بينما الكاتب " حسين"، هويته وجذوره حقيقة وقوية.
ليلتقي بصديقته "سوزان"، الشخصية التي تتابع لبقية الفصول الأخرى، وهي نقيضه المجنون، هويتها حبرها وورقها ولوحاتها الزرقاء المتخيلة. وكلاهما يبحث عن العقلانية بصورة أو بأخرى.
أما الشخصية التي تدور أحداثها من الصفحة الأولى حيث يعرف " ب بري "، ذاك المحور الرئيسي في كل ما يفيض من أفكار الكاتب، أو الدينمو الذي يفجر ويحرر عقل " حسين "، بالتعمق في روحه ليفهمها أكثر، و لربما كلنا نحتاج ل " بري "، في حياتنا، حتى نغوص أكثر بالأعماق، وندرك أنفسنا من حين لأخر.
ونقرأ مدخلات الكاتب ، بطفل يحلم بمدينة أطفال سرية، يعيشها بمخيلة ويسرح في البحث عنها، إلى رهبة من البحر الذي كان لقاءه الأول به لقاء بطعم الموت الأزرق، وهديرة العاتي، تلك الذاكرة التي تتشكل من المواقف، لا يمكن للعقل أن يلغيها أو ينساها إن لم تأت فكرة أخرى تضحد الأولى بنقيضها.
في غمرة البحث عن الذات يعرج "حسين" على منحى أخر من حديثة عن خوفه من أن يعيش حالة انفصام إنسانية من خلال علاقته بالزوجة التي أطلق عليها إسم "ماري"-إسم مستعار، وما خرج فيه من تجربة أن الإنسان يمكن أن يعيش بشخصية أخرى غير شخصيته أو أن كل فينا، وفي عوالمه الداخلية قد يتمنى عيش الآخر، بصفاته وشخصيتة تاركا إرثه الشخصي في الحياة، متمنيا إرث غيره، لينتقل من حالة تحليل ذاتيه إلى حالة تحليل وطنيه في تعريجه على حال الضفة الشرقية والغربية وحلقة الوصل التي لا يمكن أن تنفصل عن إي انفصام ما، وهو جسر الأردن، كوسيلة للانتقال للضفتين تماما بأن الإنسان المنفصم الشخصية لا يمكن أن يعيش بشخصية دون أخرى، ولكن لكل شخصية وقتها الذي تهرب منه الشخصية الأولى للثانية، وحتى الانفصام هذا يولد انفصاما أخر بين العلاقة التي تجمع (عدوين في جسد واحد، العربي واليهودي، وكلاهما يبحث عن هويته وعن واقعة في جسد واحد.)
ويتابع في الفصل الثاني من الرواية، بحديثة عن ذاكرته الطفولية الجبلية، التي نشأ عليها، ومنها كان يجد الآمان الحقيقي بالتطلع من بعيد لكل ألمه وخوفه، ابتداء من خوفه من البحر، وأحلامه التي تطارده لوقت طويل، فسكنه البحر، دون أدنى مقاومة في روحه، وكبر وكبر الخوف بأعماقه حتى أصبح عمق يغلي ويثور، لن ينتهي الخوف طالما ذاك القعر مظلم، ولن يكون إنسان ذو قيمه إن لم يفرغ ذاك القاع من حطامه القديم.
تماما ككل فينا يتشكل بطفولته كل المفاهيم التي قد يقاومها في الكبر، أو يدعي مصادقتها في الواقع، ما تشكلت القناعات وما تشكلت المعارضة لشيء ما إلا وكأن له العمق المتخفي بأنامل الطفولة.
تماما ما عبر عنه "بأن طفلا كبيرا وصغيرا يعيش فينا"( حالة انفصام أخرى نعيشها بطمأنينة وسلام).
في مقدمة الفصل الثالث لرواية، يكون أكثر حديثا عن نفسه، وعن أحداث واقعية شهدنا تاريخها بدروس التاريخ التي ملئت بالكتب وما زالت تعيد نفسها بصور أكثر حداثة لكن بنفس الرتم والسياق التاريخي ، كحرب لبنان الأهلية، وطوائفها المتعددة، والاغتيالات السياسية التي نفذتها إسرائيل ضد العديد من الفلسطيني المهجرين مشيرا إلى اغتيال غسان كنفاني في ذاك الوقت.
ولكن الأهم في كل هذه المقدمة، هو التاريخ الحقيقي لكل إنسان فينا، والمسميات التي تلتصق به، أو ما يلصقونه الآخرون فينا، مما تشيع في روحنا الإيجابية أو السلبية في مراحل عمرنا المتقدم، فكم إسم " حمار"، و " كلب"، " ومعتوه"،"ومجنون" وأهبل" وووووو قد تضاف قبل أي حوار لأي إنسان، فيكون قاموسه قد عمر بكافة أسماء الحيوانات، أو الصفات الدونية، تعبيرا على عظمة الآخرين وتحقيرا للإنسان، دون دليل. فقد لقبوه "بالأهبل"، و"السطل"،و"الأطرش"، وأخيرا ب"العبقري"، بتحليل جميل منه لهذه الكلمة حينما كتب قصيدة اتهموه الآخرين فيها أنه قد سرقها من شاعر معروف ما، مشيرا إلى الواد الذي ذكر في القرآن الكريم، (واد عبقر) الذي يهيم فيه الشعراء، ويتهمون بالجنون، فكل تلك الصفات تكون قاعدة لعلاقة الإنسان بغيره من البشر، وتلك القاعدة نفسها هي التي جعلته منفردا بعيدا عن الناس بعلاقة متميزة بغير جنسه، لتكون الكلمات صديقته، فمنها تخرج روح الإنسان الحقيقة. مسميا لها ب " أصدقاء السفر: الكلمات"، فقرأ الكتب والمعلقات والأشعار وتصادق مع الكلمات، ليكون قاموسه الإنساني الخاص به، بعيدا عن البشر.
قصة الحجر..
".." باختصار.
ما يهمني بالمقدمة: أن التاريخ هو ما نحبذ أو نرغب في قراءته حيث نضع فيه أفكارنا التي نرضاها لأنفسنا ونحس أن فيها أهميتنا الذاتية وليس ما يمليه علينا الواقع ببعض الأحيان. أنا أصنع التاريخ الذي يوافق هواي.
ولم تأت هذه الحكاية جزافا، أو لربما أراد " حسين" أن يشير لخبث اليهود في تزوير الحقائق بكتابة تاريخ يوافق معتقداتهم الدينية والفكرية والصهيونية، ذاك التاريخ حتى لو كان مزورا، أقام لهم "مغتصبة" سميت ب دولة إسرائيل على أرض فلسطين.
ويعود .. بطريقة جميلة يتحدث عن أن الإنسان الذي يرى شيء ذو قيمه ليست عنده، يحاول أن يحط من قيمتها مصبغا صاحبها بما يناقضها، بالحقيقة التي تشوه الجوهرـ تماما مثلما وصفوه بالأهبل والسطل، مشيرا إلى أنهم ومن عصر ما خلق أدم لليوم ، وطاقة ا لحسد والتغذي على طاقة الآخرين موجودة.
في ضوءه الأزرق العنيد، الذي يستطيع من خلاله تخيل أوضاع أكثر جمالية، بأن يتكيف بالعادية، وأن يلبس أقنعة تتناسب مع الحياة. يشعرني أني بحاجة لإعادة قراءة الكتاب مرات ومرات، باحثة فيه عن ذات جميلة ما زالت صافية بعيدة عن الرمادية والسواد.
نورة عبد المهدي صلاح صلاح
-------------------------------------------------------------------------
سمعت عن رواية(الضوء الأزرق)، لم أكن أعرف عنها شيء، إلا أنها تستحق القراءة، ومر في خاطري وأنا أختار الكتاب، بأني سأجد فيه بريقا ولمعانا بأحداث جميلة تتعلق بالضوء وجماليته، وطرد العتمة الخ. ذاك الفهم السطحي لما يمر من عنوانين أمام مخيلتنا البسيطة في البدء، والتي تبدأ لتتكون بصورة أخرى عندما ننزل إلى العمق الجميل.
بالصفحة الأولى للرواية شعرت بأني سعيدة هناك "صوفيا بالقصة"، وجلال الدين بن رومي، قرأته من خيالات أشعاره التي تصل بك لملامسه غيمة، وركوب نسمه لتصل إلى ما بعد الإدراك .
تعتبر القصة وبعد قراءتي الأولى لها، سيرة ذاتية، إن صح تسميتي لها بأدب السيرة، ولكن، قبل أن أتحدث عن الرواية، أقول لكم بأني أقرأ (بإحساسي)، الكاتب يسقط إحساساته وانفعالات روحه، ونحن نتلقاها بإنفعالتنا وإدراكنا الحسي لها.
قرأت في كتاب علم النفس (أن الأزرق يرسل موجات تريح وتهدئ، والرمادي يبث موجات حزن وقلق) أما في قاموسي الذاتي (أنا) أشعر أن الأزرق لون يذكرني بالبحر، والسماء، وحلم جميل ينقلني لعوالم من الغيم الأبيض الشفاف،
أما ما يعنيه الأزرق ل "حسين البرغوثي " فهو مناقض تماما فهو طاقة الشر، والحزن، والسلبية، ولم تأت هذه الإسقاطات من فراغ، إلا من ذكريات كونت له اللون الأزرق بهذا الشكل ، ليبدأ روايته بالحديث عن ذاكرة الألوان في داخله، منذ طفولته من إنارة " الكاز الصفراء" " فيشير إلى تطور الثقافة الفلسطينية في القرن العشرين بما سماه " نقلة ضوئية"؛ من القمر � سراج الزيت- الكهرباء النيون الأبيض". ويتضارب في هذه الذاكرة الملونة بأخرى تربينا عليها دون نقاش، مفاهيم اكتشفنا فجيعتها بعدما كبرنا، حيث يقول الكاتب وكأنه يعبر عن الكثير من الأشياء بداخلي حينما سأل عن موت أخيه الصغير أين ذهب، فتجيبه والدته بأنه تحول إلى طائر أخضر بالجنة. لندرك بعد الكبر أن الطيور لا تعيش طويلا، وموطنها الأشجار وأسطح المنازل.
ليواصل في حديثه وبحثه عن ذاته، ويولد من جديد الولادة الحقيقة للإنسان في فهم نفسه من الصمت والتأمل لما يحيط به حتى تلك الأشياء التي نظنها بأنها عابرة ولا قيمة لها بالحياة، فيقول (لم اكلم احد لتسعة أشهر ولم أكن أعرف أحدا وكنت أمشي حتى الصباح في الغابة المحيطة ولكن الله كان يحيطني بكل عالم الهامش هذا وبكل جاذبيته)-. وكأنه أعاد روحه إلى رحم أمه وما يحيط بها من هامش الكون ووحدة يبقى هناك يتابع بصمت جميل.
يبدأ الإنسان بصنع الهوية التي تناسب مخيلته فكل شخص فينا يصنع الهوية التي تناسبه إمام الجميع، وليست تلك الهوية التي تلصقها بنا القيم والتقاليد، بل ما نحب أن نظهر بها أمام الآخرين، في حديثة " عن جوني"، الذي حاول أن يوجد تاريخ يرضاه لنفسه وحقيقة آمن فيها، بينما الكاتب " حسين"، هويته وجذوره حقيقة وقوية.
ليلتقي بصديقته "سوزان"، الشخصية التي تتابع لبقية الفصول الأخرى، وهي نقيضه المجنون، هويتها حبرها وورقها ولوحاتها الزرقاء المتخيلة. وكلاهما يبحث عن العقلانية بصورة أو بأخرى.
أما الشخصية التي تدور أحداثها من الصفحة الأولى حيث يعرف " ب بري "، ذاك المحور الرئيسي في كل ما يفيض من أفكار الكاتب، أو الدينمو الذي يفجر ويحرر عقل " حسين "، بالتعمق في روحه ليفهمها أكثر، و لربما كلنا نحتاج ل " بري "، في حياتنا، حتى نغوص أكثر بالأعماق، وندرك أنفسنا من حين لأخر.
ونقرأ مدخلات الكاتب ، بطفل يحلم بمدينة أطفال سرية، يعيشها بمخيلة ويسرح في البحث عنها، إلى رهبة من البحر الذي كان لقاءه الأول به لقاء بطعم الموت الأزرق، وهديرة العاتي، تلك الذاكرة التي تتشكل من المواقف، لا يمكن للعقل أن يلغيها أو ينساها إن لم تأت فكرة أخرى تضحد الأولى بنقيضها.
في غمرة البحث عن الذات يعرج "حسين" على منحى أخر من حديثة عن خوفه من أن يعيش حالة انفصام إنسانية من خلال علاقته بالزوجة التي أطلق عليها إسم "ماري"-إسم مستعار، وما خرج فيه من تجربة أن الإنسان يمكن أن يعيش بشخصية أخرى غير شخصيته أو أن كل فينا، وفي عوالمه الداخلية قد يتمنى عيش الآخر، بصفاته وشخصيتة تاركا إرثه الشخصي في الحياة، متمنيا إرث غيره، لينتقل من حالة تحليل ذاتيه إلى حالة تحليل وطنيه في تعريجه على حال الضفة الشرقية والغربية وحلقة الوصل التي لا يمكن أن تنفصل عن إي انفصام ما، وهو جسر الأردن، كوسيلة للانتقال للضفتين تماما بأن الإنسان المنفصم الشخصية لا يمكن أن يعيش بشخصية دون أخرى، ولكن لكل شخصية وقتها الذي تهرب منه الشخصية الأولى للثانية، وحتى الانفصام هذا يولد انفصاما أخر بين العلاقة التي تجمع (عدوين في جسد واحد، العربي واليهودي، وكلاهما يبحث عن هويته وعن واقعة في جسد واحد.)
ويتابع في الفصل الثاني من الرواية، بحديثة عن ذاكرته الطفولية الجبلية، التي نشأ عليها، ومنها كان يجد الآمان الحقيقي بالتطلع من بعيد لكل ألمه وخوفه، ابتداء من خوفه من البحر، وأحلامه التي تطارده لوقت طويل، فسكنه البحر، دون أدنى مقاومة في روحه، وكبر وكبر الخوف بأعماقه حتى أصبح عمق يغلي ويثور، لن ينتهي الخوف طالما ذاك القعر مظلم، ولن يكون إنسان ذو قيمه إن لم يفرغ ذاك القاع من حطامه القديم.
تماما ككل فينا يتشكل بطفولته كل المفاهيم التي قد يقاومها في الكبر، أو يدعي مصادقتها في الواقع، ما تشكلت القناعات وما تشكلت المعارضة لشيء ما إلا وكأن له العمق المتخفي بأنامل الطفولة.
تماما ما عبر عنه "بأن طفلا كبيرا وصغيرا يعيش فينا"( حالة انفصام أخرى نعيشها بطمأنينة وسلام).
في مقدمة الفصل الثالث لرواية، يكون أكثر حديثا عن نفسه، وعن أحداث واقعية شهدنا تاريخها بدروس التاريخ التي ملئت بالكتب وما زالت تعيد نفسها بصور أكثر حداثة لكن بنفس الرتم والسياق التاريخي ، كحرب لبنان الأهلية، وطوائفها المتعددة، والاغتيالات السياسية التي نفذتها إسرائيل ضد العديد من الفلسطيني المهجرين مشيرا إلى اغتيال غسان كنفاني في ذاك الوقت.
ولكن الأهم في كل هذه المقدمة، هو التاريخ الحقيقي لكل إنسان فينا، والمسميات التي تلتصق به، أو ما يلصقونه الآخرون فينا، مما تشيع في روحنا الإيجابية أو السلبية في مراحل عمرنا المتقدم، فكم إسم " حمار"، و " كلب"، " ومعتوه"،"ومجنون" وأهبل" وووووو قد تضاف قبل أي حوار لأي إنسان، فيكون قاموسه قد عمر بكافة أسماء الحيوانات، أو الصفات الدونية، تعبيرا على عظمة الآخرين وتحقيرا للإنسان، دون دليل. فقد لقبوه "بالأهبل"، و"السطل"،و"الأطرش"، وأخيرا ب"العبقري"، بتحليل جميل منه لهذه الكلمة حينما كتب قصيدة اتهموه الآخرين فيها أنه قد سرقها من شاعر معروف ما، مشيرا إلى الواد الذي ذكر في القرآن الكريم، (واد عبقر) الذي يهيم فيه الشعراء، ويتهمون بالجنون، فكل تلك الصفات تكون قاعدة لعلاقة الإنسان بغيره من البشر، وتلك القاعدة نفسها هي التي جعلته منفردا بعيدا عن الناس بعلاقة متميزة بغير جنسه، لتكون الكلمات صديقته، فمنها تخرج روح الإنسان الحقيقة. مسميا لها ب " أصدقاء السفر: الكلمات"، فقرأ الكتب والمعلقات والأشعار وتصادق مع الكلمات، ليكون قاموسه الإنساني الخاص به، بعيدا عن البشر.
قصة الحجر..
".." باختصار.
ما يهمني بالمقدمة: أن التاريخ هو ما نحبذ أو نرغب في قراءته حيث نضع فيه أفكارنا التي نرضاها لأنفسنا ونحس أن فيها أهميتنا الذاتية وليس ما يمليه علينا الواقع ببعض الأحيان. أنا أصنع التاريخ الذي يوافق هواي.
ولم تأت هذه الحكاية جزافا، أو لربما أراد " حسين" أن يشير لخبث اليهود في تزوير الحقائق بكتابة تاريخ يوافق معتقداتهم الدينية والفكرية والصهيونية، ذاك التاريخ حتى لو كان مزورا، أقام لهم "مغتصبة" سميت ب دولة إسرائيل على أرض فلسطين.
ويعود .. بطريقة جميلة يتحدث عن أن الإنسان الذي يرى شيء ذو قيمه ليست عنده، يحاول أن يحط من قيمتها مصبغا صاحبها بما يناقضها، بالحقيقة التي تشوه الجوهرـ تماما مثلما وصفوه بالأهبل والسطل، مشيرا إلى أنهم ومن عصر ما خلق أدم لليوم ، وطاقة ا لحسد والتغذي على طاقة الآخرين موجودة.
في ضوءه الأزرق العنيد، الذي يستطيع من خلاله تخيل أوضاع أكثر جمالية، بأن يتكيف بالعادية، وأن يلبس أقنعة تتناسب مع الحياة. يشعرني أني بحاجة لإعادة قراءة الكتاب مرات ومرات، باحثة فيه عن ذات جميلة ما زالت صافية بعيدة عن الرمادية والسواد.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
الضوء الأزرق.
Sign In »
Reading Progress
Finished Reading
August 25, 2012
– Shelved
Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)
date
newest »

message 1:
by
لونا
(new)
-
rated it 4 stars
Mar 29, 2013 03:32AM

reply
|
flag