ŷ������

هذا الكتاب عبارة عن خلاصة للسيرة النبوية مرتبة على هيئة رؤوس أقلام، لم يهتم المؤلف - رحمه الله وأجزل مثوبته - بتوسيع الكلام في أحداث السيرة التاريخية بقدر اهتمامه في استنباط الدروس والعبر منها.

ابتدأ - رحمه الله - الكتاب بمقدمة تتضمن فصلين ماتعين: فصل في ميزة السيرة النبوية وأهمية دراستها، وفصل في مصادر السيرة النبوية ومراجعها الصحيحة وأبرز المؤلفات فيها قديمًا وحديثًا .. وكأنه أراد بهذين الفصلين - كما هو ملاحظ في مختلف فصول الكتاب - علاوة على تشويق القارئ وطمئنة نفسه على صحة هذه السيرة المباركة وإحالته على المراجع المعتمدة.. أراد الرد على شبهات المستشرقين المشككين في السيرة النبوية وصحة احداثها.

ثم تحدث عن السيرة النبوية وقد قسمها إلى عشرة فصول تمتد من حياته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة إلى وفاته صلوات الله وسلامه عليه وما بين ذلك من أحداث وغزوات. وكما أسلفت؛ فإن المؤلف يعتني بذكر أحداث السيرة بشكل مختصر على هيئة رؤوس أقلام، مع تحري التدقيق والتحرير لتلك الحداث، ثم يتبعها بالكلام على الدروس والعبر والاستنباطات الجميلة من الأحداث المختلفة. ولا يغيب عن عين القارئ اهتمام المؤلف - رحمه الله - ببيان الجوانب الدعوية في السيرة، سواء على صعيد الدعاة أنفسهم أو على صعيد الجماعات، كما لا يغيب اهتمامه بالقضايا المعاصرة التي أثارتها التيارات المادية، وبيان ضلالها من خلال السيرة النبوية، إضافة إلى رده على شبهات المستشرقين وأباطيلهم. غير أن المؤلف - رحمه الله - لربما أخذته الحمية في الرد على شبهات المستشرقين لا سيما شبهة الحرب العدوانية اتي يثيرونها في وجه أهل الإسلام فيجيب بجواب فيه نوع غموض ولا يتأدى به الغرض، مقررًا: أن غاية مشروعية القتال في الإسلام هي دفع العدوان عن الدين والبلد .. وهذا الذي قرره - رحمه الله - تأباه النصوص الشرعية وإجماع العلماء. والحق أن القتال في الإسلام يكون للدفاع كما يكون للهجوم، وغرض الهجوم ليس إهلاك الحرث والنسل، بل تعبيد الناس لربهم، وإنفاذ حكم الله في أرضه، وتقليل شر الشرك والكفر.

وعلى كل حال فإن المؤلف - رحمه الله - كتب هذا الكتاب النافع - الذي هو محاضرات ألقيت على طلبة كلية الشريعة بدمشق - في زمن كان والد كاتب هذه الحروف صبيًا يلعب ويلهو .. فاللهم اجزه عنا خير الجزاء، وتجاوز عنا وعنه، واجمعنا به في مستقر رحمتك، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.