ŷ

Sarah Abanamy's Reviews > ‫مذكرا� عزة فهمي: أحلام لا تنتهي�

‫مذكرات عزة فهمي by عزة فهمي
Rate this book
Clear rating

by
5607348
's review

it was amazing

(مذكرات تحببك في الحياة)

يُقال بأن الكتب تسافر بنا ونحن لم نبرح مكاننا، وهذا ماحدث لي منذ انغمست بأولى صفحات مذكرات عزة فهمي. كما أنا ممنونةٌ لها بأن تكون زيارتي الأولى لمصر بعيونها!

"أنا زي السمكة، لو طلعت من مصر أموت" بهذه الكلمات تعرفت على عزة فهمي في لقائها مع أنس بوخش بعد سنوات من معرفتها من خلال حُلِيها الشهيرة. تميزت عزة المصممة السبَّاقة في إضافة جملٍ من أغانٍ محبوبة مثل (إنتَ عمري) أو أبيات شعرٍ خالدة مثل (عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعة السحر) لتُجمِّل بها قطعها الفريدة. حليّها ليست حلياً اعتيادية، فكل قطعة منها تحمل كلمةً، أو نقشاً أو إشارةً لعنصر ثقافي مميز من حضارات مصر والوطن العربي. كيف لنا أن نصنف قرطاً صممته على هيئة درويش يتابع رقصه ودورانه، استوحته من قصيدة بيرم التونسي التي لحنها السنباطي، وغنتها الست أم كلثوم (القلب يعشق كل جميل) سوى بأنه فنٌ مختلف يحمل قيماً معنويةً ويخاطب دواخلنا؟!

مذكرات غنية تقع في ٤٠٠ صفحة ولا أخف منها على القلب! كُتبت أغلب فصولها بلهجة مصرية (زي السكر)، وغيرت من رأيي المتحيز بوجوب الكتابة بالعربية الفصحى بشكل مطلق، فلا أتصور أنني كنت سأستمتع بهذه القصص وأتخيل صوت عزة لو كتبتها بغير لهجتها المصرية.

لم أشعر بأني أقرأ كتاباً ممتعاً فقط بل شعرت بأني في رحلة سياحية، ثقافية، تاريخية واجتماعية لمصر وكانت عزة هي المرشدة والرفيقة في هذه الرحلة التي لم أرد لها نهاية، وكأنها فعلاً (حلم لا ينتهي). هذه المذكرات أنارت عقلي وأشعلت مخيلتي وحفزت حس الفضولِ لدي لمعرفة تفاصيل لا حصر لها، تفاصيل تؤكد مقولة سمعناها منذ الصغر وهي بأن مصر (أم الدنيا)!

تفاصيلٌ غنية لمسيرةٍ ملهمة، من طفولتها في سوهاج، ما غرسه والدها فيها من حبٍ للوطن بنسيجه الملون واهتمامٍ بالرحلات الثقافية، وكنز القناعة الذي ورثته من والدتها و عزيمتها القوية كلما تذكرت مقولتها الرنَّانة "ما عنديش وقت أعيا"، حب النباتات وأشجار الجميز ومواسم جني القطن، المرأة الصعيدية بزينتها وقوتها، زقازيق الأطفال، حلوى المخروطة والعيش الشمسي، الإفطار مع الرهبان والعسل الأسود والجبنة البيضاء الجاموسي، أبيدوس ولوتس الفراعنة وقصة أم سيتي، "حبوبتها" السودانية وطبق الويكا المفضل لديها ومفاجأتها المتعلقة بأجدادها في زيارتها للسودان، كلية الفنون وتعدد تجاربها حتى حانت اللحظة الفارقة في حياتها وعثورها على شغفها بعد زيارة أول معرض دولي للكتاب في القاهرة، دخولها لعالم الصياغة وسنوات خان الخليلي ثم لندن بعدها. سنواتٌ من صقلٍ للمهارة وتدربٍ على الإتقان وصولاً لتأسيس مدرستها الخاصة لنقل خبرتها في التصميم وصولاً لإلهام ابنتيها فاطمة و أمينة وانضمامها لهذا المشوار المميز.

في الفصل الذي كرسته للصاغة وخان الخليلي، لم يقتصر حديثها على الصنايعية والأسطوات والزملاء الذين تعلمت منهم بل كرمتهم بصفحات من الصور الشخصية وصورٍ أخرى تترجم طبيعة عملهم وأجواء ورشهم. لم أقرأ بعد ثلاثية محفوظ ولا روايتيه (خان الخليلي) أو (زقاق المدق) لكنني استمتعت بتفاصيل هذا المربع الشهير مع عزة قبل أن أقرأها بقلمه. بفضلها تعرفت على باب زويلة ومشيت في شارع المعز ورأيت الجوامع بزخارفها الفاطمية و المملوكية الفريدة وتعلمت ما تعنيه كلمة (الأبلق) و (الشفتشي) وتكونت لدي صورةٌ عن حياة وأحاديث الصاغة وحرفيي وتجَّار هذه المناطق التاريخية من القاهرة.

رحلات عزة للعديد من المناطق المصرية ولمختلف البلدان والقارات وتقديرها لأنواع الفنون يشعرك بأهمية أن نلتفت للحرف والجماليات التي تضفي ألوناً على أيامنا. كل هذا ترجمته في كتابها ابتداءً من غلافه حيث ابتسامتها اللطيفة المُعدية وهي ترتدي شالاً مزخرفاً بالتطريز الفلسطيني الجميل، حتى رسوماتها المميزة التي ذيَّلت بها نهاية كل فصل. أحببت كثيراً رسوماتها للنخيل، وللعصافير، وللقلوب التي تُنبت أزهاراً!

عدا عن فنون صياغة الحلي، أحب أن أشكر عزة فهمي على الكنز المعرفي وغزارة المعلومات التي تعلمتها منها ودونتها كلائحة للإطلاع عليها مستقبلاً سواءً أكانت مواقع أثرية لمختلف الحضارات التي سكنت مصر، أم كانت وصفاتٍ من المطبخ المصري أو أسماء لشخصياتٍ تاريخية أو فنية أو عناوين لأفلام كفيلة بأن تغني ثقافتي لأعوام عديدة!
بلا شك سأحرص على أن ترافقني مذكراتها وتكون مرجعاً سياحياً إن كتبت لي زيارة المحروسة يوماً ما.


*ملحوظة:

إن كنتم لم تقرأوا بعد مذكرات عزة فهمي، فأرجوكم أن تقرأوها بعد مشاهدة لقائها الجميل على ABtalks. أعتبر هذا اللقاء إضافةً غنيةً لمذكراتها، وكأن الحوار والمذكرات مكملان لبعضهما. الممتع فعلاً هو أنكم ستسمعون صوت عزة وأنتم تقرأون كتابها وستتخيلون تعابيرها وكأنكم (بتشربوا كباية شاي) معها!
2 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read ‫مذكرا� عزة فهمي.
Sign In »

Reading Progress

December 30, 2022 – Shelved
December 30, 2022 – Shelved as: to-read
January 7, 2023 – Started Reading
January 19, 2023 –
page 60
14.53%
January 19, 2023 –
page 60
14.53%
January 25, 2023 –
page 96
23.24%
January 25, 2023 –
0.0%
January 25, 2023 –
page 96
23.24%
February 13, 2023 –
page 122
29.54%
March 22, 2023 –
page 232
56.17%
March 22, 2023 –
page 232
56.17%
March 29, 2023 – Finished Reading

No comments have been added yet.