محمد خالد شريف's Reviews > المفتاح
المفتاح
by
رغم أن تاريخ نشر رواية "المفتاح" للكاتب الياباني "جونيشيرو تانيزاكي" هو 1956، أي منذ أكثر من 65 سنة ولكن موضوعها مُثير للاهتمام، ويُمكن ربطه بالعديد من الموضوعات في عصرنا الحديث، ولكي لا أطيل عليك فموضوع الرواية الأساسي هو الجنس والعلاقات الزوجية.
تبدأ الحكاية بعلاقة مُضطربة بين زوج وزوجته، فيبدأ كل طرف بكتابة مُذكراته، لا تعرف ما الهدف؟ هل يُريد كل طرف أن يقرأ الطرف الأخر ما يكتبه أم لا؟ لا تعلم، ذلك الباب الموارب الذي يُعطي شعور بدغدغة وارتفاع الأدرينالين، أن يكتشف الأخر أنك تكتب أفكارك بلا تزييف أو إدعاء، ويقرأها، بل ويصر الطرفان على كتابة المذكرات وما تحتويه من وقائع وأحداث خارجة عن الحياء، ولكنها تحمل مفتاحاً، ذلك المفتاح الذي كان دائماً ما يتركه الزوج لكي تفتح به زوجته درج مكتبه وتقرأ مذكراته، من الصعب قراءة هذا النوع من الروايات إذا كنت حساساً. فالزوج لا ينفك أن يصف زوجته بالشبق والولع الجنسي، ولكن من منظورنا نحن، نرى أنه المولع بإرضاءها، نظراً لفارق السن بينهما -الذي تجاوز عشرة سنوات- فيُحاول بكافة الطُرق، أن يُمتعها رغم الجليد القارس الذي يرتسم على وجهها أثناء علاقتهم، الرواية لا تكتفي بتلك التعرية فقط، فتعرية الأجساد سهلة، ولكن تعرية الأرواح أصعب بكثير، ورغم التكثيف الذي شهدته الأحداث، ولكننا تابعنا أفكار الشخصيات ورصدناها، وشاهدنا تلك التحولات المجنونة، والإيروتيكية بالطبع.
البناء الأساسي الذي قامت عليه الرواية هو المصارحة والمُكاشفة، القراء يعلمون تماماً ما يحدث، لكن سينتابك بعض التساؤلات -التي في محلها- حول دوافع بعض الشخصيات الأخرى، كالابنة مثلاً، أو من زُعم بأنه سيتزوجها، فعلى الرغم من أن الأحداث نراها من منظور شخصيتان فقط -الزوج والزوجة- لا يلغي تأثير الشخصيات الأخرى الموجودة، وكان تأثيرهم جلياً وفعالاً.
ولكن، دوافع الزوجة هي من جعلتني حائراً بعض الشيء، فالعلاقة الجنسية مع زوجها الذي تقرف منه وتكره جلده الشمعي، وهوسه وولعه بجسدها وبطُرق إرضاءها، كل ذلك تمقته، إلا أنها مُستمرة في لعبة الكر والفر والسجال بينهما فكرياً قبل جنسياً، بل وباعترافها وجدت نفسها مُستمتعة بالخوض في غمارها، واستمرت تلك الحيرة حتى النهاية، حتى آخر صفحة في الرواية! فوجدت أنني وبكل صراحة، خُدعت، كان هناك حبكة وقصة بعيداً عن الجنس وتطرفه، بعيداً عن الأجساد والمُتعة والشبق، ولم أراها قادمة حتى! جعلني الكاتب ملهياً بالجنس ورمزيته وطبيعته وحميميته وإلى ماذا يرمز وأهميته، ونسيتُ أننا بشر، نُخطط لأقصى الأشياء مكراً وخداعاً، فوجدت أن بهذه الخاتمة قد ارتفع قدر الرواية عندي، ليس بشكل هائل، ولكنه في نفس الوقت ليس بقليل أو على الأقل كما كُنت متوقعاً.
وظف الكاتب "جونيشيرو تانيزاكي" الجنس وحميميته ليحكي حكاية خبيثة وخادعة، ولكنه لم يستخدمه دون غرض، فالتعمق في حيثياته وتفاصيله يُريك بعداً لزوجان غير قادرين على أن يُكاشفا بعضهم عن رغباتهم، وكيف أن ذلك قد يؤدي إلى نهاية مآسأوية.
وجدت نفسي مآخوذاً بجمال تفاصيل الرواية على مدار أحداثها، وأفكارها، وعلى الرغم من صفحاتها القليلة، فتكثيفها جاء ليُكمل كل الفراغات.
بكل تأكيد لا أستطيع أن أرشح هذه الرواية للجميع فموضوعها حساس، ولكن إن كنت تبحث عن رواية قصيرة ستجعلك تلهث وراء أحداثها، وتُفاجئك نهايتها، وفجة وإيروتيكية أيضاً وساخرة بشكلأً ما، فهذا ترشيحي الأول.
ملحوظة أخيرة:
الرواية تُرجمت إلى العربية ثلاث مرات:
أول مرة من دار المركز الثقافي العربي وجاءت بعنوان "المفتاح" بترجمة صلاح صلاح، عام 2006.
المرة الثانية من دار ورد السورية، وجاءت بعنوان "اعترافات خارجة عن الحياء" بترجمة عدنان محمد، عام 2008.
والمرة الثالثة من دار الجمل، وجاءت بعنوان "المفتاح" بترجمة خالد الجبيلي، عام 2014.
اخترت الترجمة الأخيرة لاعتقادي أنها الأحدث وربما بالترجمات السابقة أخطاء فتتجنبها، رغم معرفتي بجودة ترجمات صلاح صلاح، ولكن في الحقيقة كانت الترجمة عادية بل من وجهة نظري كانت تحتاج إلى مراجعة دقيقة.
by

محمد خالد شريف's review
bookshelves: ترجمات-خالد-الجبيلي, 2023, أدب-ياباني, أدب-مترجم, رواية
Jan 21, 2023
bookshelves: ترجمات-خالد-الجبيلي, 2023, أدب-ياباني, أدب-مترجم, رواية
رغم أن تاريخ نشر رواية "المفتاح" للكاتب الياباني "جونيشيرو تانيزاكي" هو 1956، أي منذ أكثر من 65 سنة ولكن موضوعها مُثير للاهتمام، ويُمكن ربطه بالعديد من الموضوعات في عصرنا الحديث، ولكي لا أطيل عليك فموضوع الرواية الأساسي هو الجنس والعلاقات الزوجية.
تبدأ الحكاية بعلاقة مُضطربة بين زوج وزوجته، فيبدأ كل طرف بكتابة مُذكراته، لا تعرف ما الهدف؟ هل يُريد كل طرف أن يقرأ الطرف الأخر ما يكتبه أم لا؟ لا تعلم، ذلك الباب الموارب الذي يُعطي شعور بدغدغة وارتفاع الأدرينالين، أن يكتشف الأخر أنك تكتب أفكارك بلا تزييف أو إدعاء، ويقرأها، بل ويصر الطرفان على كتابة المذكرات وما تحتويه من وقائع وأحداث خارجة عن الحياء، ولكنها تحمل مفتاحاً، ذلك المفتاح الذي كان دائماً ما يتركه الزوج لكي تفتح به زوجته درج مكتبه وتقرأ مذكراته، من الصعب قراءة هذا النوع من الروايات إذا كنت حساساً. فالزوج لا ينفك أن يصف زوجته بالشبق والولع الجنسي، ولكن من منظورنا نحن، نرى أنه المولع بإرضاءها، نظراً لفارق السن بينهما -الذي تجاوز عشرة سنوات- فيُحاول بكافة الطُرق، أن يُمتعها رغم الجليد القارس الذي يرتسم على وجهها أثناء علاقتهم، الرواية لا تكتفي بتلك التعرية فقط، فتعرية الأجساد سهلة، ولكن تعرية الأرواح أصعب بكثير، ورغم التكثيف الذي شهدته الأحداث، ولكننا تابعنا أفكار الشخصيات ورصدناها، وشاهدنا تلك التحولات المجنونة، والإيروتيكية بالطبع.
البناء الأساسي الذي قامت عليه الرواية هو المصارحة والمُكاشفة، القراء يعلمون تماماً ما يحدث، لكن سينتابك بعض التساؤلات -التي في محلها- حول دوافع بعض الشخصيات الأخرى، كالابنة مثلاً، أو من زُعم بأنه سيتزوجها، فعلى الرغم من أن الأحداث نراها من منظور شخصيتان فقط -الزوج والزوجة- لا يلغي تأثير الشخصيات الأخرى الموجودة، وكان تأثيرهم جلياً وفعالاً.
ولكن، دوافع الزوجة هي من جعلتني حائراً بعض الشيء، فالعلاقة الجنسية مع زوجها الذي تقرف منه وتكره جلده الشمعي، وهوسه وولعه بجسدها وبطُرق إرضاءها، كل ذلك تمقته، إلا أنها مُستمرة في لعبة الكر والفر والسجال بينهما فكرياً قبل جنسياً، بل وباعترافها وجدت نفسها مُستمتعة بالخوض في غمارها، واستمرت تلك الحيرة حتى النهاية، حتى آخر صفحة في الرواية! فوجدت أنني وبكل صراحة، خُدعت، كان هناك حبكة وقصة بعيداً عن الجنس وتطرفه، بعيداً عن الأجساد والمُتعة والشبق، ولم أراها قادمة حتى! جعلني الكاتب ملهياً بالجنس ورمزيته وطبيعته وحميميته وإلى ماذا يرمز وأهميته، ونسيتُ أننا بشر، نُخطط لأقصى الأشياء مكراً وخداعاً، فوجدت أن بهذه الخاتمة قد ارتفع قدر الرواية عندي، ليس بشكل هائل، ولكنه في نفس الوقت ليس بقليل أو على الأقل كما كُنت متوقعاً.
وظف الكاتب "جونيشيرو تانيزاكي" الجنس وحميميته ليحكي حكاية خبيثة وخادعة، ولكنه لم يستخدمه دون غرض، فالتعمق في حيثياته وتفاصيله يُريك بعداً لزوجان غير قادرين على أن يُكاشفا بعضهم عن رغباتهم، وكيف أن ذلك قد يؤدي إلى نهاية مآسأوية.
وجدت نفسي مآخوذاً بجمال تفاصيل الرواية على مدار أحداثها، وأفكارها، وعلى الرغم من صفحاتها القليلة، فتكثيفها جاء ليُكمل كل الفراغات.
بكل تأكيد لا أستطيع أن أرشح هذه الرواية للجميع فموضوعها حساس، ولكن إن كنت تبحث عن رواية قصيرة ستجعلك تلهث وراء أحداثها، وتُفاجئك نهايتها، وفجة وإيروتيكية أيضاً وساخرة بشكلأً ما، فهذا ترشيحي الأول.
ملحوظة أخيرة:
الرواية تُرجمت إلى العربية ثلاث مرات:
أول مرة من دار المركز الثقافي العربي وجاءت بعنوان "المفتاح" بترجمة صلاح صلاح، عام 2006.
المرة الثانية من دار ورد السورية، وجاءت بعنوان "اعترافات خارجة عن الحياء" بترجمة عدنان محمد، عام 2008.
والمرة الثالثة من دار الجمل، وجاءت بعنوان "المفتاح" بترجمة خالد الجبيلي، عام 2014.
اخترت الترجمة الأخيرة لاعتقادي أنها الأحدث وربما بالترجمات السابقة أخطاء فتتجنبها، رغم معرفتي بجودة ترجمات صلاح صلاح، ولكن في الحقيقة كانت الترجمة عادية بل من وجهة نظري كانت تحتاج إلى مراجعة دقيقة.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
المفتاح.
Sign In »
Reading Progress
January 20, 2023
–
Started Reading
January 21, 2023
– Shelved
January 21, 2023
– Shelved as:
ترجمات-خالد-الجبيلي
January 21, 2023
– Shelved as:
2023
January 21, 2023
– Shelved as:
أدب-ياباني
January 21, 2023
– Shelved as:
أدب-مترجم
January 21, 2023
– Shelved as:
رواية
January 21, 2023
–
Finished Reading