ŷ

بثينة العيسى's Reviews > Daughter of Fortune

Daughter of Fortune by Isabel Allende
Rate this book
Clear rating

by
2849038
's review

it was amazing
Read 3 times. Last read October 26, 2009.

"ابنة الحظ " هي واحدة من روائع الروائية التشيلية إيزابيل الليندي، المدهشة من وجهة نظري، وليس ذلك لأنها تكتب ببساطة استثنائية حتى في أكثر لحظات النص حلكة واستعصاءً، ولا لأنها تعيد للحياة سيلانها ووحشيتها ودفقها البدائي في عروقنا، وليس لأنها تجيد تصوير الشخوص بما يتجاوز حقيقة اللحم ورائحة الجسد، وليس لأي سبب آخر أيضاً، فالروعة - برأيي المتواضع - لا تحتاج إلى مبررات تبرهن عليها، ولكننا ننحاز إلى الفن، ونتعصب للجمالْ، ونحاول بذلك أن نسبغ على الفن الجميل أسبابا تمنطق شاعريته، أو تشعرن منطقه، ولا حيلة لدينا، نحن البشر الميالون بطبيعتنا إلى عقلنة كل شيء، إلا باختراع أسباب تفسر البهاء الذي يحل علينا عندما نتوغل في أحراش نص روائي بديع، كهذا الذي بين أيدينا ..

والآن، وقد بررنا حاجتنا إلى المبررات، واعترفنا بمحدوديتنا وضعفنا بكل ما أوتينا من شفافية، ونحن المكابرون فيما يخص قدراتنا وطاقاتنا، الآن وقد ترافعت مدافعة عن هذا العنوان الضحل، العاجز، المضحك قليلاً .. أعتقد بأن الوقت صار مناسبا لي لكي أضع أسبابي الثلاثة، وأعتذر عن جرأتي في تسلق هذه القامة الشامخة لروائية أحلم بأن أكون بربع موهبتها، لماذا " ابنة الحظ" تحديداً؟

أولا، لأن إيزابيل الليندي في " ابنة الحظ " تألقت في تصوير الأمكنة، واقتناص تفاصيلها، وإذكاء عبقها، وعكس ألوانها، فالفصول التي تدور في الصين، والأخرى في تشيلي، والأخيرة في سان فرانسيسكو، تعكس قدرة استثنائية في اصطياد حقيقة المكان، وقذفه في الكلمة، بكل ما يحمله المكان من أبعاد جغرافية واجتماعية وتاريخية وسياسية وفروقات ثقافية، وعوالم أخرى غزيرة .. غزيرة!

ثانياً، أن إيزابيل الليندي منحازة إلى الإنسان، الإنسان بصفته القيمة التي نسيناها، وهي تكتب من أجل تمجيد الاختلافات، تحتفي بالتفاصيل والفروق الثقافية والعرقية بين الصيني والتشيلي والأمريكي، بين الأبيض والأسود والأصفر، رواياتها وطن للجميع، عالم غاص بالروائح والأجساد والبشر، تشبه تلك الدهاليز العميقة المتوغلة في أحشاء المدن، تحتفي بالتعددية وتنتصر للإنسانِ أبداً، وإذا ما كانت هناك مشاهد للوحشية والعنف والإيذاء، فهي هناك من أجل ذلك الصوت الخفي، الهامس في مؤخرة الرأس، بوجوب نبذ كل أنواع العنصرية الموجودة للعالم، حباً بالله أيها العالم! ولكنها مع ذلك تفعل ذلك بدون أن ننتبه، بدون أن ترفع صوتها، بدون أن تتحول إلى بوق إيدولوجي، بدون أن تحول نصها الأدبي إلى واعظ أو مهرج أو خطيب يصرخ في وجوهنا ..

ثالثا، لأن إيزابيل الليندي بديعة في تصوير الواقع، وإذا كان الكثيرون يرددون بأن روايتها تنتمي إلى جنس الواقعية السحرية، فهذا لأنهم لا يعرفون الواقع كما تعرفه، فلمجرد أنها تصنع أبطالا يستطيعون تحريك الأشياء بقوتهم الذهنية، أو يملكون موهبة الاختفاء، أو ينسلخون عن أجسادهم، فهذا لا يعني أنها تكتب عن فانتازيا، ولمجرد أن واقع الإنسان الحديث هزيل ومؤسف وبعيد من حقيقته التي قايض بها الحضارة المدنية الحديثة، فهذا لا يجعلها إلا أكثر وعيا وحياة منا، من خيالنا الباهت وإيماننا الشحيح بقدرات البشرْ، ما تكتبه إيزابيل الليندي ليس خرافات بقدر ما هو مواهب دفينة في أعماق الإنسان، وهي تستحق أن نحييها على جرأتها في إحياء تلك المنطقة البدائية، الوحشية، والبديعة، نحييها على جرأتها في تذكيرنا بأنفسنا بالدرجة الأولى.

الرواية صادرة عن دار المدى، الطبعة الثانية 2006 ترجمة صالح علماني، وتقع في 438 صفحة من القطع المتوسط.



Merged review:

ابنة الحظ " هي واحدة من روائع الروائية التشيلية إيزابيل الليندي، المدهشة من وجهة نظري، وليس ذلك لأنها تكتب ببساطة استثنائية حتى في أكثر لحظات النص حلكة واستعصاءً، ولا لأنها تعيد للحياة سيلانها ووحشيتها ودفقها البدائي في عروقنا، وليس لأنها تجيد تصوير الشخوص بما يتجاوز حقيقة اللحم ورائحة الجسد، وليس لأي سبب آخر أيضاً، فالروعة - برأيي المتواضع - لا تحتاج إلى مبررات تبرهن عليها، ولكننا ننحاز إلى الفن، ونتعصب للجمالْ، ونحاول بذلك أن نسبغ على الفن الجميل أسبابا تمنطق شاعريته، أو تشعرن منطقه، ولا حيلة لدينا، نحن البشر الميالون بطبيعتنا إلى عقلنة كل شيء، إلا باختراع أسباب تفسر البهاء الذي يحل علينا عندما نتوغل في أحراش نص روائي بديع، كهذا الذي بين أيدينا ..

والآن، وقد بررنا حاجتنا إلى المبررات، واعترفنا بمحدوديتنا وضعفنا بكل ما أوتينا من شفافية، ونحن المكابرون فيما يخص قدراتنا وطاقاتنا، الآن وقد ترافعت مدافعة عن هذا العنوان الضحل، العاجز، المضحك قليلاً .. أعتقد بأن الوقت صار مناسبا لي لكي أضع أسبابي الثلاثة، وأعتذر عن جرأتي في تسلق هذه القامة الشامخة لروائية أحلم بأن أكون بربع موهبتها، لماذا " ابنة الحظ" تحديداً؟

أولا، لأن إيزابيل الليندي في " ابنة الحظ " تألقت في تصوير الأمكنة، واقتناص تفاصيلها، وإذكاء عبقها، وعكس ألوانها، فالفصول التي تدور في الصين، والأخرى في تشيلي، والأخيرة في سان فرانسيسكو، تعكس قدرة استثنائية في اصطياد حقيقة المكان، وقذفه في الكلمة، بكل ما يحمله المكان من أبعاد جغرافية واجتماعية وتاريخية وسياسية وفروقات ثقافية، وعوالم أخرى غزيرة .. غزيرة!

ثانياً، أن إيزابيل الليندي منحازة إلى الإنسان، الإنسان بصفته القيمة التي نسيناها، وهي تكتب من أجل تمجيد الاختلافات، تحتفي بالتفاصيل والفروق الثقافية والعرقية بين الصيني والتشيلي والأمريكي، بين الأبيض والأسود والأصفر، رواياتها وطن للجميع، عالم غاص بالروائح والأجساد والبشر، تشبه تلك الدهاليز العميقة المتوغلة في أحشاء المدن، تحتفي بالتعددية وتنتصر للإنسانِ أبداً، وإذا ما كانت هناك مشاهد للوحشية والعنف والإيذاء، فهي هناك من أجل ذلك الصوت الخفي، الهامس في مؤخرة الرأس، بوجوب نبذ كل أنواع العنصرية الموجودة للعالم، حباً بالله أيها العالم! ولكنها مع ذلك تفعل ذلك بدون أن ننتبه، بدون أن ترفع صوتها، بدون أن تتحول إلى بوق إيدولوجي، بدون أن تحول نصها الأدبي إلى واعظ أو مهرج أو خطيب يصرخ في وجوهنا ..

ثالثا، لأن إيزابيل الليندي بديعة في تصوير الواقع، وإذا كان الكثيرون يرددون بأن روايتها تنتمي إلى جنس الواقعية السحرية، فهذا لأنهم لا يعرفون الواقع كما تعرفه، فلمجرد أنها تصنع أبطالا يستطيعون تحريك الأشياء بقوتهم الذهنية، أو يملكون موهبة الاختفاء، أو ينسلخون عن أجسادهم، فهذا لا يعني أنها تكتب عن فانتازيا، ولمجرد أن واقع الإنسان الحديث هزيل ومؤسف وبعيد من حقيقته التي قايض بها الحضارة المدنية الحديثة، فهذا لا يجعلها إلا أكثر وعيا وحياة منا، من خيالنا الباهت وإيماننا الشحيح بقدرات البشرْ، ما تكتبه إيزابيل الليندي ليس خرافات بقدر ما هو مواهب دفينة في أعماق الإنسان، وهي تستحق أن نحييها على جرأتها في إحياء تلك المنطقة البدائية، الوحشية، والبديعة، نحييها على جرأتها في تذكيرنا بأنفسنا بالدرجة الأولى.

الرواية صادرة عن دار المدى، الطبعة الثانية 2006 ترجمة صالح علماني، وتقع في 438 صفحة من القطع المتوسط
107 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read Daughter of Fortune.
Sign In »

Reading Progress

Finished Reading
Finished Reading
October 23, 2009 –
page 106
24.54%
October 24, 2009 –
page 170
39.35%
Started Reading
October 26, 2009 – Finished Reading
August 2, 2023 – Shelved

Comments Showing 1-3 of 3 (3 new)

dateDown arrow    newest »

لولو  الرفاعي بوركت يا بثينة ، لقد استمتعت بقراءة الرواية و قد زاد متعتي قراءة تعليقك عن الرواية مره و مرتين و ثلاث فعلاً انها القيم الكامنة في سطور الرواية


عبدالمجيد المبارك لسه توني مخلصها .. رواية رائعة وروائية أروع.


رامي رأفت لو قدر لي أن أقرأ ريفيوه بثينة العيسى قبل كتابة الريفيوه الخاص بي لدفعتني المنافسة الأدبية الحميدة لكتابة ما هو أفضل .. سلمت يداك أستاذتنا القديرة


back to top