ŷ

محمد خالد شريف's Reviews > شوق الدرويش

شوق الدرويش by حمور زيادة
Rate this book
Clear rating

by
28435843

"هكذا هو الحب يا بخيت. هكذا هو الحب. أن تُصبح درويشاً لمن تهوى."

تتناول رواية "شوق الدرويش" حقبة زمنية لم تُطأ من قبل؛ عن الثورة المهدية التي التف حولها العديد من السودانيين ليواجهوا العدوان المصري التركي على أراضيهم، ومن رحم الحرب الدائرة، ينبثق الحب، وعلى الرغم من أن ثنائية الحب والحرب تكررت واُستهلكت في روايات عديدة، ولكنها في حكايتنا هنا كانت موظفة ومنطقية في أغلب أوقاتها، والأهم من ذلك، هناك هدفاً وغاية وراء كل ذلك.

رُسمت شخصية "بخيت منديل" لتكون رمزاً للشعب السوداني المقهور، يُمثل الأحلام المستحيلة، الفُرص المُهدرة العديدة، الحقوق المسلوبة والمنهوبة، الحريات المقموعة، حتى حريته نفسه، فهو عبد في عرف الحرب، ينتقل من ملكية إلى أخرى، كغنائم الحرب، من مالك إنجليزي إلى مصري إلى تركي، حتى إلى مالك سوداني بأفكاره، لا فارق، هو فقط لا يجد حريته، ولم يعشها، إلا حينما رأى حواء، وقتها أدرك أن ما عاشه قبلها لم يكن، وأن الحب الذي تغنى به سيده حقيقة؛ وحريته الوحيدة.

ولكن، كيف ترى الحب من عيون الاستعمار؟ من عيون البشرة البيضاء؟ تلك مفارقة الرواية، فقصة الحب الناشئة بين "بخيت" و"حواء" تتأرجح بين خيال مجنون وواقع سوداوي، فبخيت لأول مرة يحلم، وحواء تعرف أن العالم لا يُدار بهذه الطريقة، التنقل بين فكريهما، أحلام بخيت المُغتصبة في مهدها، ورؤية حواء له، فالحب يصنع المستحيلات، ولكنه بالنسبة لها لا يصنع حباً بين مستعمر أبيضاً وعبداً أسوداً.

وفي ظل رحلة الانتقام التي يخوضها "بخيت"؛ تأتي شخصية "الحسن الجريفاوي" وما تُجسده بصراعاتها المُتشابكة، رؤية الدين من خلاله؛ فالحسن طوال حياته رجلاً تقياً مشهود له بالأخلاق الحسنة، جُر إلى خدعة الجهاد جراً، رأى أنه سيقربه من الله، سيجعله أكثر أجراً، بسفك الدماء، ونحر الرقاب، وقتل الأطفال، تخنقه الدماء في أحلامه، وينظر إلى ما وراءه ولا يستطيع إلا أن يتحسر ويُكمل طريقه الذي بدأه، كلعنة أبدية لن تنتهي إلا بانتهاء أنفاسه.

كان السرد في الرواية مُربكاً في الانتقال الزمني، الأحداث التاريخية في الخلفية تنتقل وتتحرك إلى الأمام والخلف، حتى ذكريات الماضي التي يجترها بخيت في الحاضر كانت عبثية وغير مُرتبة من الماضي السحيق إلى الماضي الأحدث إلى الماضي القريب دون أي مراعاة للترتيب الزمني، ولكني وجدت نفسي على الرغم من ذلك، أفهم الحكاية، وألم بتلابيبها، فالحكاية التي عرفنا نهايتها من ربع الرواية الأول، لم تكن حكاية "بخيت" وحده، ولكنها حكاية وطن، حكاية شعب، يُحاول أن يعثر على هويته، وبالتالي حريته.

بين الحروب والحب والدين والسياسة، تأتي هذه الرواية بتشعباتها الهائلة وموضوعاتها المتنوعة، وسردها المختلف، -على سبيل المثال كانت تظهر شخصية معينة فتجد الفصول التالية تحكي خلفيتها كاملة- وكل شخصية عندها حكايتها، عندها مأساتها الخاصة، التي ستجعلك أما تتعاطف معها أو تكره دوافعها ولا تراها كافية، وذلك التأرجح والاختلاف هو ما يُعرفنا كبشر، لا تستطيع توقع أفعالنا، ولا تستطيع أن تصل بتفكيرك إلى أي مدى قد نُصبح سفكة للدماء أو سارقين أو خادعين باسم الوطن أو الدين أو أي إيديولوجية ستجعل لنا مُريدين مجنونين يقتنعوا أنهم بذلك سيجدون خلاصاً من سواد حياتهم بإتباعها.

ومن جمال الرواية، أنه بداخلها قصة حب لدرويش يسعى للانتقام من أجل محبوبته، ورغم أن ذلك قد تقوم عليه رواية كاملة، ولكنك تخرج من الرواية، تجد أنه كان فيها الكثير من الحكايات الحزينة والممتعة؛ على التوالي، وأنه لا يوجد أسوأ من شعب مقهور.

3.5/5
22 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read شوق الدرويش.
Sign In »

Reading Progress

June 10, 2023 – Started Reading
June 12, 2023 – Finished Reading
August 5, 2023 – Shelved
August 5, 2023 – Shelved as: 2023
August 5, 2023 – Shelved as: أدب-سوداني
August 5, 2023 – Shelved as: رواية
August 5, 2023 – Shelved as: حمور-زيادة
August 5, 2023 – Shelved as: البوكر2015
August 5, 2023 – Shelved as: البوكر

No comments have been added yet.