ŷ

Zahraa AlMudaweb's Reviews > سفر العباءة

سفر العباءة by سعود السنعوسي
Rate this book
Clear rating

by
63824709
's review

it was amazing

كنتُ في الابتدائيةِ حين ولجتُ إلى عالمِ الكتبِ من باب (ساق البامبو)، وروايةٌ من ٤٠٠ صفحة لطفلةٍ في عامها الحادي أو الثاني عشر على أفضلِ تقدير تعدُّ إنجازًا، فكيف إذا كانت قراءتها الأولى؟

بدأَت أُلفتي للسنعوسي وقلمِه الذي يكبرُ مداركي بأعوامٍ وأعوام قبل ما يقاربُ عقدًا من الأعوام، ولأنَّه أول مَن قرأتُ له فبرهنَ لي أنَّ إتمامَ كتابٍ في زمنٍ تسلبُ فيه الأجهزةُ الإلكترونيةُ الأذهانَ ممكنٌ، وثقتُ به، ولم يبقَ في المكتبةِ مؤلَّفٌ عليه اسمه إلا وقرأتُه، لكنني ما جرؤتُ على كتابةِ مراجعةٍ لأيٍّ من المؤلفات الخمسة التي سبقت هذا الكتاب؛ وكأنَّ ارتوائي بلغةِ السنعوسي يفضحُ لي خواءَ بئري اللغوي فيعجزني عن الكتابة، إلا أنَّني هذه المرة أكتبُ ولو لم أملك غير قطرة حبرٍ واحدة، فمثلُ هذا الرَّي حريٌّ بأن يُكتب عنه.

أحبُّ في السنعوسي اهتمامه بالقضايا المحليةِ والتراث، وثقافتنا التي إن لم نكتب عنها ونحييها فقد لا يعود لها ذكر.
كتب عن الصحراء في ناقة صالحة، وفي هذه الأسفار يكتبُ عن البحر والغوص، وإننا كـ"خلايجة" ننتمي لهاتين البيئتين، نُعرف بأهل البوادي والصحاري كما نُعرف بأنَّنا أكثر من أحبَّ البحرَ حتى قدم إليه عيالَه قربانًا.

بدأت الرواية بحيلةٍ كرَّرها السنعوسي في روايتيه السابقتين (ساق البامبو) و(فئران أمي حصة): كتابةُ روايةٍ داخل الرواية.
ورغم أنَّني استأتُ في البدايةِ من تكرارِها، وتمنّيت لو لم يفعل، لأنَّه ككاتبٍ فذٍّ لا تشك في امتلاكِه حيلَ ومهاراتٍ أرفع ولأنَّني وددتُ لو أقرأ له بطريقةٍ غير هذه، لكنَّه أثبت مع كلِّ فصلٍ يُطوى أنَّه وظَّف الحيلة المناسبة في مكانِها المناسب، فلم تعد هنالك مساحةٌ للنقد.
-ومع ذلك أودُّ لو يبهرني بحيلٍ أخرى-

عرفتُ أنَّ في الروايةِ شخوصًا كثيرة قبل قراءتها، فبعض القرّاء كان يسجِّل الشخصيات في ورقةٍ هامشيةٍ تجنبًا لنسيانِها، لكنني ما احتجتُ ذلك، لا لأنني أملكُ ذاكرةً حديديةً -يا ريت-، بل لأنَّ الشخصيات تذكِّرُ بنفسها بين الفصول، وعلى الرغمِ من تعددها وتداخلها، إلا أنَّها مرسومةٌ بعنايةٍ فائقة، فكلُّ تفصيلةٍ تظنها هامشية ستكتشفُ في قادمِ الصفحاتِ أنَّ حدثًا واحدًا أو أكثر بُني عليها، وهذا أكثر ما أثار دهشتي أثناء القراءة.

السردُ في الروايةِ بطيء، يشرِّبُكَ الشخصيات والأماكن ويعرِّفك إياها حتى تغدو جزءًا من الصورةِ لا مطلعًا فحسب، ورغم أنَّ الوصفَ والإسهابَ يتعبني ويضيِّعُ حواسي، إلا أنَّه بلغةٍ كلغةِ السنعوسي يكون "حلو وبارد."
وحين أقول "بارد" فهو بالفعلِ بارد، إذ سرد الأحداث التي من المفترضِ أن تزلزلَ سيرورة العمل كان هادئًا، وكأنَّ الحدثَ اعتياديٌّ لا يدعو للمفاجأة، وهذا ما أوقفني لأتساءل: كيف؟! كيف للكاتبِ أن يخبرَ عن حدثٍ بهذه القوة بكلِّ هذا البرود فلا يسلب من قوتِه شيئًا!
إنَّها البراعة، وهندسةُ السنعوسي المتقنة للنص، اختياره للحجرِ المناسبِ حجمًا وشكلًا ونوعًا، ورصه ببعضِه دون أن تتخلله الفجوات، فكانت النتيجةُ بناءً محكمًا مهما فتشتَ فيه عن عيوبٍ فيصعبُ أن تجد.

على غير العادة، ندرَت الحوارات باللهجة المحليّة في هذه الرواية، وقد مال بعضها إلى اللغة البيضاء، ولا أدري أسلبيةٌ هذه أم إيجابية، لأنَّني في حواراتٍ عدة شعرتُ بأنَّ استخدام اللهجة المحلية أنسب وأجدى، فقرأتُها كما وددتُ لو كُتبت لا كما كُتبت -فصيحةً كانت أو هجينة.-

تُبنى الرواية وأحداثها على خرافاتِ (الصاجّات) التي كان الناس -والنسوة خصوصًا- يعتقدون بها قبل مئة عام، فكانت هذه نافذة تطلُّ بالقارئ على تركيبةِ الشخصيات في المجتمع آنذاك، أفكارها ومعتقداتها ونهجها، فيكون كأنَّما عاش معها ولكن بوعيٍ أكبر، وبإدراكٍ لِـ ويقينٍ بِـ"كذب المنجمون ولو صدقوا."

لم أقرأ روايةً بهذا الطول منذ فترة أظنها تجاوزُ العام على أقل تقدير، لاعتقادي بأنَّ كلَّ روايةٍ يكفيها متوسط ٣٠٠ صفحة وما زاد عن ذلك فهو إسهابٌ وحشوٌ لا معنى له، إلا أنَّ الكاتبَ الذي أقنعني بالقراءةِ قبلَ عشر سنوات، عاد ليقنعني اليومَ بأنَّ منَ الرواياتِ الطويلةِ ما هي جديرةٌ بالقراءة وإن امتدَّت لأكثر من جزء.
15 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read سفر العباءة.
Sign In »

Reading Progress

January 16, 2024 – Shelved as: to-read
January 16, 2024 – Shelved
November 10, 2024 – Started Reading
November 10, 2024 –
page 103
21.91%
November 13, 2024 –
page 259
55.11%
November 15, 2024 –
page 391
83.19%
November 16, 2024 – Finished Reading

Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)

dateDown arrow    newest »

message 1: by Marwa (new) - added it

Marwa Habib أخجلتني المراجعة -مجددًا- من تأجيل القراءة للسنعوسي لحد هذا الوقت. مراجعة عجيبة!


back to top