أحمد's Reviews > شرق الشمس غرب القمر
شرق الشمس غرب القمر
by
الأرضُ تعرفُ أبناءها
كلما ارتجفوا راجعينْ
ولقد يستطيلُ عليها الغزاةُ
ولكنّها تتقيّؤهُمْ بعد حينْ
هذا أول ديوان أقرأه للفيتوري، وكنت من قبل قرأت له قصيدة مفردة وأعجبت بها واستعدتها مرّات، وسعدت أني صادفتها في هذا الديوان كذلك.
شدّ ما ذبلتْ زهرة العمرِ
في حين لم يحصدِ الحاصدونَ من الحربِ
إلا الخرابْ
عبثًا سقطتْ من أصابعهمْ هذه الأرضُ
مذ أغلقَ الشعبُ من دونهم بابَه
سقطت مثل زيتونةٍ من أصابعهمْ
هذهِ الأرضُ
والنخلُ ظلَّ يمشّطُ أغصانه تائهًا
والنسيمُ الحريريُّ يرشقُ وردتَهُ
في بلاط السكوتْ
والذبيحةُ مشدودةٌ في موائدهمْ
دَمُ تلك الذبيحةِ كان يقاتلهمْ وحدَهُ
كان جيشًا يحاصرُ جلّادَ بيروتَ
منتقمًا .. ويقرّرُ أن لا يموتْ
..
صلّ من أجل لبنانْ
من أجل كفّينَ مصلوبتين على خشب الأرزِ
شاهقتينَ بأعلى الجبالْ
صلّ من أجل عينين زنبقتين
تحجّرتا، وتحجّر فوقهما كبرياءُ الجمالْ
صلّ للحزن يضفرُ تاجَ البراءةِ
فوقَ جباه المحبّين
صلّ للجرح في وطن الجرحِ
يكبرُ يومًا فيومًا ..
ويسطعُ مستصرخًا كلَّ حينْ
وهذا شاعر كان يلهج بذكر لبنان كثيرًا ..
لبنان .. لا ليسَ لبنان الذي صنعوا
بالأمس، أو قسّموهُ اليومَ واحتفلوا
لا ليس لبنان عرشُ الطائفيّ إذا
استقوى، وألعوبة الحُكّامِ إن عدلوا
لا ليس لبنان تلك الملصقات على
الحيطانِ، تنزو جراحاتٌ وتندملُ
ولكن لبنان الذي يخاطبه فيقولُ:
أنكَ الأفقُ، حيثما اتسعَ الأفقُ
وأنتَ الجبينُ والأكليلُ
ويزولُ الذي تُحجّبُ ضوءَ العصرِ
خوذاتُهمْ، ولستَ تزولُ
ويخونُ الذي يخونُ، ويبقى
عاليًا وجهُكَ الجميلُ الجليلُ
ويغنّيكَ مَنْ يغنّي، ويجثو
في زواياكَ مَجدُهُ والأفولُ
أيها الكلٌّ، والكمالُ، ومجدُ
اللهِ، والمعجزاتُ، والمستحيلُ
ولا يفوّت الفيتوري فرصة لإبداء كراهيته للطائفية ..
وتمنّى لبنانُ لو لم يُبدِّدْ
إرثَهُ: الطائفيُّ والمخبولُ
فالنبيُّ الشهيدُ طفلٌ جنوبيٌّ
بآلامِ شعبهِ مجبولُ
والنبيُّ الشهيدُ أغفى وفي كلتا
يديهِ: القرآنُ والإنجيلُ
نعم، وكان يكره السادات أيضًا، وكنت أحسب أن نزار وحده هو الذي تفنّن في شتمه في شعر جميل، عند زيارة السادات للقدس، ولكني وجدت الفيتوري هنا كان أقوى جمالاً وأشدّ شاعرية، وهو يقول في صورة لم أملّ من جمالها المتفجّر بعد.
قال وهو يرى السادات يغادر مصر مارًّا بسيناء ليوقع معاهدة السلام بعد الحرب ..
لقد رأيناهُ إلا من خيانتِهِ
عريانَ، يرفلُ في أثوابِهِ الجُدَدِ
رأتهُ مصرٌ، فغطّتْ وجهَها بيَدٍ
كي لا تراهُ، ومسّتْ رأسَها بيَدِ
لا تمض أكثرَ! لن تبقى الغداةَ وإنْ
ظننتَ أنّكَ باقٍ في ضميرِ غَدِ
وأعْوَلَ الرملُ في سيناءَ، وارتعدتْ
عينا فدائيّةٍ مصريّةِ الجَسَدِ
وكان يمشي، وكان الدربُ منزلقًا
والعارُ يهطلُ أمطارًا، ولم يَكَدِ
ثم عندما وصل السادات إلى فلسطين واستقبلته القدس ..
مَن أنت؟ - قالت له القدسُ التي سمعتْ
خطاهُ بين خطى الأعداءِ تقتربُ
هذا الترابُ رجالٌ أحرقوا دمَهمْ
نصرًا سجينًا عليهِ، قبلما ذهبوا
من أنت؟ في مشية الأبطالِ يا طَلَلًا
يمشي وفي دمِهِ التاريخُ ينتحبُ
من أنت؟ تنهارُ في كفّيكَ أعمدةٌ
من الجلالِ، ويبكي المجدُ والحسَبُ
من أنت؟ يا أنت، لا ربٌّ ولا قَدَرٌ
ولا دمشقُ ولا مصرٌ ولا العرَبُ
مرّغ جبينك أنَّى شئتَ، تنحسرُ
المأساةُ يومًا ويكسو الساحةَ الغضَبُ
..
ورحم الله السادات، عادي، ورحم الله الفيتوري
ولكن الشعر جميل!
by

الأرضُ تعرفُ أبناءها
كلما ارتجفوا راجعينْ
ولقد يستطيلُ عليها الغزاةُ
ولكنّها تتقيّؤهُمْ بعد حينْ
هذا أول ديوان أقرأه للفيتوري، وكنت من قبل قرأت له قصيدة مفردة وأعجبت بها واستعدتها مرّات، وسعدت أني صادفتها في هذا الديوان كذلك.
شدّ ما ذبلتْ زهرة العمرِ
في حين لم يحصدِ الحاصدونَ من الحربِ
إلا الخرابْ
عبثًا سقطتْ من أصابعهمْ هذه الأرضُ
مذ أغلقَ الشعبُ من دونهم بابَه
سقطت مثل زيتونةٍ من أصابعهمْ
هذهِ الأرضُ
والنخلُ ظلَّ يمشّطُ أغصانه تائهًا
والنسيمُ الحريريُّ يرشقُ وردتَهُ
في بلاط السكوتْ
والذبيحةُ مشدودةٌ في موائدهمْ
دَمُ تلك الذبيحةِ كان يقاتلهمْ وحدَهُ
كان جيشًا يحاصرُ جلّادَ بيروتَ
منتقمًا .. ويقرّرُ أن لا يموتْ
..
صلّ من أجل لبنانْ
من أجل كفّينَ مصلوبتين على خشب الأرزِ
شاهقتينَ بأعلى الجبالْ
صلّ من أجل عينين زنبقتين
تحجّرتا، وتحجّر فوقهما كبرياءُ الجمالْ
صلّ للحزن يضفرُ تاجَ البراءةِ
فوقَ جباه المحبّين
صلّ للجرح في وطن الجرحِ
يكبرُ يومًا فيومًا ..
ويسطعُ مستصرخًا كلَّ حينْ
وهذا شاعر كان يلهج بذكر لبنان كثيرًا ..
لبنان .. لا ليسَ لبنان الذي صنعوا
بالأمس، أو قسّموهُ اليومَ واحتفلوا
لا ليس لبنان عرشُ الطائفيّ إذا
استقوى، وألعوبة الحُكّامِ إن عدلوا
لا ليس لبنان تلك الملصقات على
الحيطانِ، تنزو جراحاتٌ وتندملُ
ولكن لبنان الذي يخاطبه فيقولُ:
أنكَ الأفقُ، حيثما اتسعَ الأفقُ
وأنتَ الجبينُ والأكليلُ
ويزولُ الذي تُحجّبُ ضوءَ العصرِ
خوذاتُهمْ، ولستَ تزولُ
ويخونُ الذي يخونُ، ويبقى
عاليًا وجهُكَ الجميلُ الجليلُ
ويغنّيكَ مَنْ يغنّي، ويجثو
في زواياكَ مَجدُهُ والأفولُ
أيها الكلٌّ، والكمالُ، ومجدُ
اللهِ، والمعجزاتُ، والمستحيلُ
ولا يفوّت الفيتوري فرصة لإبداء كراهيته للطائفية ..
وتمنّى لبنانُ لو لم يُبدِّدْ
إرثَهُ: الطائفيُّ والمخبولُ
فالنبيُّ الشهيدُ طفلٌ جنوبيٌّ
بآلامِ شعبهِ مجبولُ
والنبيُّ الشهيدُ أغفى وفي كلتا
يديهِ: القرآنُ والإنجيلُ
نعم، وكان يكره السادات أيضًا، وكنت أحسب أن نزار وحده هو الذي تفنّن في شتمه في شعر جميل، عند زيارة السادات للقدس، ولكني وجدت الفيتوري هنا كان أقوى جمالاً وأشدّ شاعرية، وهو يقول في صورة لم أملّ من جمالها المتفجّر بعد.
قال وهو يرى السادات يغادر مصر مارًّا بسيناء ليوقع معاهدة السلام بعد الحرب ..
لقد رأيناهُ إلا من خيانتِهِ
عريانَ، يرفلُ في أثوابِهِ الجُدَدِ
رأتهُ مصرٌ، فغطّتْ وجهَها بيَدٍ
كي لا تراهُ، ومسّتْ رأسَها بيَدِ
لا تمض أكثرَ! لن تبقى الغداةَ وإنْ
ظننتَ أنّكَ باقٍ في ضميرِ غَدِ
وأعْوَلَ الرملُ في سيناءَ، وارتعدتْ
عينا فدائيّةٍ مصريّةِ الجَسَدِ
وكان يمشي، وكان الدربُ منزلقًا
والعارُ يهطلُ أمطارًا، ولم يَكَدِ
ثم عندما وصل السادات إلى فلسطين واستقبلته القدس ..
مَن أنت؟ - قالت له القدسُ التي سمعتْ
خطاهُ بين خطى الأعداءِ تقتربُ
هذا الترابُ رجالٌ أحرقوا دمَهمْ
نصرًا سجينًا عليهِ، قبلما ذهبوا
من أنت؟ في مشية الأبطالِ يا طَلَلًا
يمشي وفي دمِهِ التاريخُ ينتحبُ
من أنت؟ تنهارُ في كفّيكَ أعمدةٌ
من الجلالِ، ويبكي المجدُ والحسَبُ
من أنت؟ يا أنت، لا ربٌّ ولا قَدَرٌ
ولا دمشقُ ولا مصرٌ ولا العرَبُ
مرّغ جبينك أنَّى شئتَ، تنحسرُ
المأساةُ يومًا ويكسو الساحةَ الغضَبُ
..
ورحم الله السادات، عادي، ورحم الله الفيتوري
ولكن الشعر جميل!
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
شرق الشمس غرب القمر.
Sign In »
Reading Progress
Finished Reading
March 3, 2024
– Shelved