BookHunter M ُH َM َD's Reviews > العاقل: تاريخ مختصر للنوع البشري
العاقل: تاريخ مختصر للنوع البشري
by
في الحقيقة أنا لا أقول شيئا على الإطلاق. إن هي إلا فرضيات علمية تدعمها أحافير ودلائل أنثروبولجية وبيولوجية كثيرة وكلها تنتمي إلى الأغلبية الساحقة من المجتمع العلمي الحالي والمؤمنة بنظرية التطور وتعديلاتها الكثيرة.
إن كان لديك تحفظات على ذلك فهذا الكتاب ليس لك.
المهم. هل هذا له تأثير على محتوى الكتاب؟ أعتقد لا أو على الأقل تأثير بسيط وغير جوهري ومحتمل.
من أمثلة تناقض الشخصية اليهودية إيمانها بتفوق الأجناس وكرهها للنازية في الوقت نفسه والفقرة التالية هي ما جعلتني أشك في نازية الكاتب:
وعندما يبدأ في تنبؤات المستقبل أجدني تلقائيا وكأنني أشاهد إحدى حلقات مسلسل بلاك ميرور.
by

حسنا. هل تقول أن البشر أنواع؟ فهل أبوهم كلهم هو آدم؟
مشى على الأرض قبل مئة ألف سنة ستة أنواع مختلفة من البشر على الأقل. والعجيب. أو ربما محل الشبهة. هو تفردنا الحالي وليس ماضينا متعدد الأنواع.
في الحقيقة أنا لا أقول شيئا على الإطلاق. إن هي إلا فرضيات علمية تدعمها أحافير ودلائل أنثروبولجية وبيولوجية كثيرة وكلها تنتمي إلى الأغلبية الساحقة من المجتمع العلمي الحالي والمؤمنة بنظرية التطور وتعديلاتها الكثيرة.
إن كان لديك تحفظات على ذلك فهذا الكتاب ليس لك.
يستنزف الدماغ الضخم الجسم. فليس من السهل حمله خصوصاً عندما يكون مغلفا بجمجمة ثقيلة. والأصعب من هذا تزويده بالوقود. يشكل الدماغ في الإنسان العاقل ما نسبته اثنين إلى ثلاثة بالمئة من وزن الجسم الكلي. لكنّه يستهلك 25 بالمئة من طاقة الجسم في حالة الراحة. بالمقارنة. تستهلك أدمغة النسانين الأخرى ثمانية بالمئة من الطاقة في وقت الراحة. دفع البشر الغابرون ضريبة أدمغتهم الكبيرة بطريقتين. أولاً. أنفقوا وقتاً إضافية في البحث عن الطعام. ثانيًا. ضمرت عضلاتهم.وكما قرأت بالتفصيل قبل ذلك في كتاب الإنسان دراسة في النوع والحضارة فإن عملية تكبير الجمجمة لم تكن عملية سهلة ولا قصيرة وكانت ضريبتها مرتفعة على الإنسان في مراحله التطورية المختلفة.
وبينما كان الأسد يغدو أكثر فتكا تطور الغزال ليجري أسرع. والضباع لتتعاون بشكل أفضل. ووحيدات القرن ليصبحن أسوأ مزاجا. في المقابل. صعد النوع البشري إلى القمة بسرعة كبيرة لم تعط النظام البيئي وقتاً للتلاؤم. وفوق ذلك كلّه. فشل البشر أنفسهم في أن يتلاءموا. فمعظم الحيوانات المفترسة المتربعة على رأس الهرم الغذائي كائنات "عريقة" ملأتها ملايين السنين من السيادة بالثقة بالنفس. أمّا العقلاء. ونقيضا لذلك. فكانوا أشبه بطاغية من جمهوريات الموز. فلأننا كنا حتّى فترة قريبة نسبية أحد مستضعفي السافانا. فإننا مملوؤن بالمخاوف والقلق على مكانتنا. ما جعلنا قساة وخطيرين على نحو مضاعف. جاءت كثير من الأحداث المأساوية في التاريخ. من الحروب المهلكة إلى الكوارث البيئية. نتيجة لهذه القفزة المتعجلة.إذا لماذا بقي نوع واحد الآن على الكوكب بينما انقرضت الأنواع الأخرى من البشر؟ الإجابات كثيرة والنظريات متعددة وإن كان الكاتب هنا قد انتصر للرأي القائل أن نظرية البقاء للأذكى مع التزاوج واندماج الجينات أدى في النهاية إلى كائن حالي هو خليط من عدة أجناس منقرضة وليس فقط لواحد منها.
ويدور احتمال آخر حول أن منافسة على الموارد اشتعلت وأدت إلى عنف ومذابح جماعية. والتسامح ليس سمة من سمات العقلاء. فإن اختلافا صغيرا في لون الجلد أو اللهجة أو الدين كان كافيا في العصور الحديثة لدفع مجموعة من العقلاء للشروع في إبادة مجموعة أخرى. فهل كان العقلاء الغابرون أكثر تسامحا تجاه نوع مختلف كليّاً من الأنواع البشريّة؟ لعل لقاء العقلاء بالنياندرتال أنتج أول وأهم حملة تطهير عرقي في التاريخ.أما لماذا سيطر العاقل على أغلب المحتوى الجيني الحالي للإنسان فذلك يرجع لعاملين أساسيين: الأول هو تطور اللغة بصورة أكبر من باقي الكائنات والأخر هو نتيجة للأول فتطور اللغة أدى لتطور الخطاب بين الجماعة الواحدة وبين الجماعات المختلفة والذي أنتج المزيد من الروابط القوية والمزيد من الخيال والإبداع الفكري للمحافظة على تلك الروابط وتنميتها.
يشكل ظهور الطرق الجديدة للتفكير بين 70.000 سنة خلت و30.000 سنة خلت الثورة الذهنية. ما الذي أحدثها؟ لسنا متأكدين. تجادل النظرية الأشهر والأكثر تقبلا أن طفرات جينية حصلت صدفة غيرت التشبيك الداخلي لأدمغة العقلاء. ما جعلهم يفكرون بطرق غير مسبوقة ويتواصلون مستخدمين نوعا جديدا تماماً من اللغة. يمكننا أن نسميها طفرة شجرة المعرفة. لماذا حدثت هذه الطفرة في جينوم العقلاء عوضاً عن جينوم النياندرتال؟ حسب معلوماتنا الحالية. كانت مسألة صدفة بحتة. لكنّ الأهم لدينا معرفة نتائج طفرة شجرة المعرفة أكثر من معرفة أسبابها.من تلك الخيالات الجمعية حسب رأي الكاتب وربما أهمها هو تطور مفاهيم قديمة كالدين ومفاهيم جديدة كحقوق الإنسان والقانون والعدالة والإنسانية والمال وكلها في رأيه خيالات صنعها البشر لتسهيل إدارة حياتهم والسيطرة على الجماعة البشرية بشكل أفضل للجميع. ومن هنا كان الإيمان بها مهما لاستمرارها سواء كانت حقيقية أم مجرد مصطلحات تم الاتفاق على دلالتها في العقل الجمعي البشري.
فمحاميان لم يلتقيا من قبل أبدا يمكنهما مع هذا أن يوحدا جهدهما للدفاع عن شخص غريب عنهما تماما لأنهما كليهما يؤمنان بوجود القوانين والعدالة وحقوق الإنسان. والأموال التي تدفع لهما كأجر. ومع هذا فلا وجود لأي من هذه الأشياء خارج القصص التي يخترعها الناس ويخبر بها أحدهم الآخر. فلا آلهة في الكون. ولا قوميات. ولا أموال. ولا حقوق إنسان. ولا قوانين. ولا عدالة. خارج خيال البشر المشترك.لكل ما سبق تفوق العاقل على ما عداه من الأجناس سواء عن طريق الاستيعاب الجيني بالتزاوج أو التطهير العرقي أوما تكفلت به الطبيعة نفسها من انقراض بعض الأنواع الهامشية الأخرى.
كان هذا مفتاح نجاح العقلاء. ففي عراك وجها لوجه. سيكون من المحتمل أن يتغلب فرد من النياندرتال على عاقل. لكنّ في صراع جماعات لن تكون للنياندرتال أيّ فرصة للفوز. تمكّن النياندرتال من أن يتشاركوا معا معلومات عن أماكن وجود أسود لكنهم لم يتمكنوا على الأرجح من حبك قصص عن الأرواح القبلية. ومن غير القدرة على تأليف الخيال كان النياندرتال غير قادرين على التعاون معا بفعالية بأعداد كبيرة. ولم يتمكنوا من تكييف سلوكهم الاجتماعي مع التحديات السريعة التغير.لم يوجد كائن واحد منتشر على الأرض كما انتشر الإنسان وتبعا له محاصيله التي نقلها معه وحيواناته الداجنة. ذلك أنه لم يتكيف مع البيئة فقط كباقي الكائنات بل حاول على مر العصور تكييف هذه البيئة نفسها وجعلها مناسبة له في شتى أصقاع الأرض بل وفي الفضاء نفسه بعد ذلك كما في أعماق البحار.
عاشت معظم جماعات العقلاء على الطرق. تتجول من مكان إلى آخر بحثاً عن الطعام. وتأثرت تنقلاتها بالتغيرات الموسمية. كالهجرات السنوية للحيوانات ودورات حياة النباتات. ارتحلوا عادة جيئة وذهابًا عبر نفس منطقة السكن. التي تراوحت بين عدة عشرات إلى عدة مئات من الأميال المربعة. وبين حين وآخر تجولت جماعات خارج مسارها واكتشفت أراضي جديدة. إما بسبب كوارث طبيعية أو صراعات عنيفة أو ضغوطات سكانية أو بمبادرة من قائد ذي وجاهة. كانت هذه الجولات سبب انتشار البشر على نطاق عالمي. وإذا انقسمت جماعة جامعين مرّة كلّ أربعين سنة. وهاجرت الجماعة الوليدة إلى أرض جديدة تبعد مئة ميل إلى الشرق. فإن المسافة من شرق أفريقيا إلى الصين كانت ستغطى في حوالي 10,000 سنة. في بعض الحالات الاستثنائية وخاصّة عندما كانت مصادر الغذاء وافرة.ليس سرا بالطبع أن الكاتب أكاديمي إسرائيلي وإن لم أكن أعرف ذلك إلا أثناء قراءتي للكتاب عندما لاحظت أنه انتصر لنظرية عدم وحدة الأصل الجيني لكل البشر الحاليين ثم تركيزه كثيرا على أريحا كموطن محتمل لأقدم الجماعات البشرية المعروفة والتي تركت آثارا تدل على الحضارة والثقافة ومدى إلمامه بقضايا الشرق الأوسط وذكره للمخلوع مبارك أكثر من مرة. في البداية شككت بوجود خلفية نازية ثم خمنت أنه يهودي قبل أن أتأكد تماما بعد البحث في الإنترنت ولأزيدكم من الشعر بيت: هو أيضا شاذ جنسيا ونباتي ومن أبوين لبنانيين علمانيين وهو غير متدين.
المهم. هل هذا له تأثير على محتوى الكتاب؟ أعتقد لا أو على الأقل تأثير بسيط وغير جوهري ومحتمل.
من أمثلة تناقض الشخصية اليهودية إيمانها بتفوق الأجناس وكرهها للنازية في الوقت نفسه والفقرة التالية هي ما جعلتني أشك في نازية الكاتب:
هناك بعض الأدلّة على أن حجم دماغ عاقل متوسط نقص منذ عصر الجمع. فالبقاء في ذلك العصر تطلب قدرات عقليّة كبيرة من كلّ شخص. وبوصول الزراعة والصناعة كانَ بإمكان البشر بتزايد الاعتماد على مهارات الآخرين كي يتمكنوا من البقاء. وافتتحت "أعشاش بلهاء" جديدة. فبإمكانك البقاء وتمرير جيناتك غير المتميزة إلى الجيل التالي بالعمل كناقل مياه أو عامل في خط تجميع.تعرض الكاتب لأديان الجماعات البشرية القديمة جدا لعصور ما قبل التاريخ والحقيقة أنني كنت قد قرأت الكثير في هذا الموضوع من قبل وخصوصا لفراس السواح الذي أفاض في شرح معتقدات لا نعلم عنها شيئا ولكن الكاتب هنا اتفق مع رأيي بأن كل هذا لا يعدو أن يكون تكهنات لا يوجد فيها ما يرجح رأيا على الأخر وإنما كلها نظريات بانتظار الأدلة الكافية التي لم يظهر أيا منها حتى الآن.
فأي محاولة لوصف تفاصيل الروحانية الغابرة ستكون افتراضية إلى حد كبير. لأنها لا تستند على أي دليل يُعوّل عليه. والأدلة القليلة التي لدينا - حفنة من أدوات ورسومات كهوف - يمكن تفسيرها بطرق لا تحصى. أما نظريات العلماء الذين ادّعوا معرفتهم بما خبره الجامعون فقد سلّطت ضوء غامراً على تحيزات مؤلفها أكثر مما سلطته على أديان العصر الحجري.إلا أن الأدلة القاطعة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن البشرية لم تكن بلا دين أو على الأقل إيمان بالأرواح وإتقاء لشرور خفيه ماورائية ومن اثباتات ذلك طفليّ سنجير اللذين وجدا مدفونين ومحاطين بالخرز وببعض الطقوس الجنائزية المكلفة ماديا وزمنيا وعمر هذا الطقوس يربو على ثلاثين ألف سنة.
من غير المرجح أنه وفي ذلك العمر المبكر تمكن طفلاً سنجير من أن يكونا زعيمين أو صائديْ ماموث. وحدها المعتقدات الثقافية يمكن أن تشرح سبب استحقاقهما لهذا الدفن الباذخ. تذهب إحدى الفرضيات إلى أنهما استحقا مكانتهما بسبب آبائهما. فربما كانا طفليْ الزعيم. في ثقافة آمنت إما بالحق الإلهي للعائلة أو بقواعد صارمة في التوريث. بينما تذهب فرضية ثانية إلى أن الطفلين اعتُبِرا تجسداً لبعض أرواح الموتى الغابرين. وتحاجج فرضية ثالثة بأن طريقاً دفن الطفلين تعكس طريقة موتهما عوضاً عن مكانتهما في الحياة. ضُحِّيُ بهما في طقوس - ربما كجزء من شعائر دفن الزعيم - ثم دفنا في موكب باذخ.كانت نقطة التحول الأولى في حياة البشرية في الثورة الذهنية التي نتج عنها اللغة والخيال ثم جاءت النقطة المفصلية الحزينة بالاعتماد على الزراعة والتي اتفق مع الكاتب تماما بأنها أكبر خديعة للجنس البشري فقد سلبت منا الحرية مقابل حفنة من الطعام البائس والأمان الزائف.
ومهما تكن الإجابة الصحيحة. فإن طفليْ سنجير يعدّان من أفضل الأدلة على أنه وقبل 30,000 سنة استطاع العقلاء أن يبتكروا رموزاً اجتماعية سياسية ذهبت إلى أبعد مما يمليه حمضنا النووي وأنماط سلوك الأنواع البشرية والحيوانية الأخرى.
سار الجزء الأول من الخُطة على ما يرام. وعمل الناس بجهدٍ أكبر فعلاً. لكنّهم لم يقدّروا أنَّ عدد الأطفال سيزداد. ما يعني أنّه يجب أن يشارك الفائض من القمح بين أطفال أكثر. ولم يُدرك المزارعون الأوائل كذلك أنَّ تغذية الأطفال بكثيرٍ من العصيدة وقليلٍ من حليب الأم يُضعف أجهزتهم المناعيّة. وأنَّ المستوطنات الدائمة ستمسي بؤرةً للأمراض المعدية. ولم يتوقعوا أنّه وباعتمادهم على مصدرٍ وحيد للغذاء. فإنهم في الحقيقة يُعرّضون حياتهم أكثر لأضرار القحط. ولم يأخذوا في حسبانهم أنَّ صوامع حبوبهم الممتلئة ستُغري اللصوص والأعداء. لتضطرهم إلى البدء ببناء الأسوار والقيام بواجبات الحراسة.وكلما تقدمت البشرية وظننا أننا أكثر راحة وأوفر وقتا تبخر هذا الحلم وتبين لنا العكس.
كانَ معظم الناس لا يكتبون ويستقبلون أكثر من عدد قليل من الرسائل شهرياً. ونادراً ما شعروا بالاضطرار لأنّ يردوا فورياً. أمّا في وقتنا الحالي فإنني أستقبل عشرات الرسائل الإلكترونية بشكلٍ يومي. وجميعها من أناس يتوقّعون رداً فورياً. ظننا أننا نوفّر الوقت. وبدلاً من ذلك سرّعنا من عجلة سير الحياة عشرة أضعاف سرعتها السابقة وجعلنا أيامنا أكثر قلقاً واضطراباً.وفي فقرة بديعة يصور الكاتب تطور حجم المجتمعات البشرية في عدة آلاف من السنين.
كانت أكبر المستوطنات في العالم حوالي سنة 8,500 ق. م. عبارة عن قرى مثل أريحا التي احتوت على بضع مئات من الأفراد. وبحلول سنة 7,000 ق.م وصلت أعداد الأفراد في بلدة جاتل هویوك في الأناضول إلى ما بين 5,000 و10,000 وربّما كانَ ذلك وقتها أكبر استيطانٍ في العالم. وخلال الألفيّة الخامسة والرابعة قبل الميلاد. ظهرت في الهلال الخصيب مدن تحوي عشرات الآلاف من السكّان. وكانت هذه المدن تسيطر على العديد من القرى المجاورة. وفي سنة 3,100 ق. م. توحّد وادي النيل الأدنى بأكمله تحت راية أول مملكة مصريّة. حکم فراعنتها مئات الآلاف من الناس. وشملت سلطتهم ألاف الكيلومترات المربعة. وحوالي سنة 2,250 ق. م. أنشأ سرجون الأكبر أول إمبراطورية الأكاديّة. التي تباهت بإخضاع أكثر من مليون شخص. وبجيشٍ دائمٍ مكوّن من 5,400 جندي. وبين سنتي 1000 و500 ق.م. ظهرت أولى الإمبراطوريّات الضخمة في الشرق الأوسط: الإمبراطوريّة الآشوريّة المتأخّرة. والإمبراطوريّة البابليّة. والإمبراطوريّة الفارسيّة. حکمت هذه الإمبراطوريّات عدّة ملايين من البشر وقادت عشرات الآلاف من الجنود.يعود بعد ذلك إلى الأديان الحديثة التي لا بتنبه البعض لكونها أديان وهي الإيدولوجيات الحالية من شيوعية وليبرالية والرأسمالية وغيرها.
قال فولتير عن الربّ: "لا يوجد ربّ. لكن لا تخبر خادمي بذلك. وإلا قتلني في الليل". وكان حمورابي ليقول الشيء نفسه عن مبدئه في النظام التراتبي. وتوماس جيفرسون عن حقوق الإنسان: ليس للإنسان العاقل حقوق طبيعية. تماماً كما أنّه ليس للعناكب والضباع والشنابز حقوق طبيعية. لكن لا تخبروا خدمنا بذلك وإلا قتلونا في الليل. وهي مخاوف مبرّرة جداً. فلا يوجد احتمال بأن تتوقف الجاذبيّة عن العمل غداً. حتّى وإن توقف الناس عن الإيمان بها. لكن في المقابل فإنَّ النظام المتخيّل دائماً في خطر من الانهيار. لأنّه يعتمد على الأساطير. والأساطير تتلاشى بمجرّد توقف الناس عن الإيمان بها. ومن أجل حماية نظام متخيّل فلا بدَّ من جهود مستمرّة ومضنية. تأخذ بعض هذه الجهود شكل العنف والإكراه.وهنا الشيوعية كمثال صارخ
كان للشيوعية أعيادها ومهرجاناتها الخاصة. مثل أول مايو وذكرى ثورة أكتوبر. وكان لديها علماء دين بارعون في الديالكتيك الماركسي. وكان لكل وحدة في الجيش السوفياتي قسيس. سمي المفوّض. راقب تقوى الجنود والضباط. وكان للشيوعية شهداء. وحروب مقدسة. وهرطقات. مثل التروتسكية. كانت الشيوعية السوفيتية ديناً متعصباً وتبشيرياً. فلا يمكن أن يكون الشيوعي الورع مسيحياً أو بوذياً. وكان من المتوقع منه أن ينشر إنجيل ماركس ولينين حتى لو دفع حياته ثمناً لذلك.ثم يقفز إلى الاقتصاد في عجالة سريعة وممتعة في الوقت نفسه.
فالمسيحيون والمسلمون الذين لم يستطيعوا الاتفاق على المعتقدات الدينية استطاعوا مع هذَّا أن يتفقوا على المعتقدات النقدية. لأنه في حين يُطالبنا الدين بأن نؤمن بشيء ما. فإن المال يُطالبنا بأن نؤمن أن أناس آخرين يؤمنون بشيء ما.والقول الفصل بين العلم والدين
يمكن للعلم أن يفسر ما يوجد في العالم. وكيف تعمل الأشياء. وماذا يمكن أن يحدث في المستقبل. لكنه بالتعريف لا يملك أي مطامح لمعرفة كيف يجب أن يكون المستقبل: الأديان والأيديولوجيات هي وحدها فقط التي تسعى للإجابة على هذه الأسئلةمن الفصول المهمة أيضا فصل عن نشأة الأوطان والقوميات وفيه تفصيل عن نشأة بعض أوطان الشرق الأوسط كسوريا والعراق:
وغني عن القول إنّه لا يمكن خلق الأوطان من الفراغ. فأولئك الذين عملوا بجد لبناء العراق أو سوريا استفادوا من المواد الخام التاريخية والجغرافية والثقافية الحقيقية التي كانَ عمر بعضها قروناً وآلافاً من السنين.ولكن ماذا عن إسرائيل؟
وعندما يبدأ في تنبؤات المستقبل أجدني تلقائيا وكأنني أشاهد إحدى حلقات مسلسل بلاك ميرور.
هناك تكنولوجيا جديدة أخرى يمكن أن تغير قوانين الحياة: هندسة الحيوالة. والحيوالة هي كائنات حية تتكون من أجزاء عضوية وأخرى غير عضوية. مثل إنسان بيدين إلكترونيتين ميكانيكيتين. وأغلبنا هذه الأيام بمعنى ما. آلات حيوية. ذلك لأننا ندعم حواسنا الطبيعية بأجهزة مثل النظارات وأجهزة ضبط نبضات القلب وأجهزة تقويم العظام وحتّى أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة (التي تخفف على أدمغتنا بعضاً من أعباء تخزين البيانات ومعالجتها. إننا نقف على حافة أن نصبح حيوالات حقيقيّة. بأن يكون لنا خصائص غير عضوية لا يمكن فصلها عن أجسامنا. خصائص تحور قدراتنا ورغباتنا وشخصياتنا وهوياتنا.وعندما يأتي سؤال ماذا نريد أتذكر فورا خاطرة من خواطر المتصوف الشهير أبا يزيد البسطامي:
فلأننا قد نصبح قادرين قريباً على هندسة رغباتنا أيضاً. فربما كانَ السؤال الحقيقي الذي يواجهنا ليس: "ماذا نريد أن نصبح؟". بل: "ماذا نريد أن نريد؟" ومن المحتمل أن أولئك الذين لمّ يُروَّعوا بهذا السؤال لمّ يفكروا فيه ملياً.
إذا: قل لي إلى أين المسير؟ في ظلمة الدرب العسير. طالت لياليه بنا. والعمر لو تدري قصير.
قطعت المفاوز حتى بلغت البوادي
وقطعت البوادي حتى وصلت الى الملكوت
وقطعت الملكوت حتى بلغت الى الملك
فقلت الجائزة
قال قد وهبت لك جميع ما رأيت
قلت انك تعلم انى لم ار شيئا من ذلك
قال فما تريد
قلت اريد ان لا أريد
قال قد اعطيناك
قد نخلُص إرضاء لكل من المتفائلين والمتشائمين إلى أننا على عتبة الجنة والجحيم. نتحرك بعصبية بين بوابة واحدة منهما وردهة الأخرى. ولم يقرر التاريخ بعد أين سينتهي بنا المطاف. وقد تدفعنا سلسلة من المصادفات في أحد الاتجاهين.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
العاقل.
Sign In »
Reading Progress
Comments Showing 1-11 of 11 (11 new)
date
newest »

message 1:
by
Hasan حسن
(new)
Feb 22, 2021 03:46AM

reply
|
flag


هو الصراحة برضو أنا عايش فيها بقالي فترة، وموضوع الأساطير في الأديان والتطور في الأديان والوعي وغيره، مش أول مرة اصتدم بيها، فكان عادي المرة دي مش بصدمة أول مرة عرفته. وبالمرة بقى.. أنا أغلب قراءاتي الفترة دي في موضوع الإيمان، فهل حضرتك عندك ترشيحات بخصوص الموضوع؟ :'')

هو الصراحة برضو أنا عايش فيها بقالي فترة، وموضوع الأساطير في الأديان والتطور في الأديان والوعي وغيره، مش أول..."
عارف الوجودية طبعا بس مكنتش فاهم تقصد ايه في تعليقك لكن فهمت شوية لما دخلت صفحتك و لقيتك مهتم كتير بمسألة وجود الله من الناحيه الفلسفية و العلمية.
الترشيحات في الموضوع ده أفخاخ للمرشح و المرشح له :)
رأيي إن عدم وجود علمي على وجود الله لا يثبت ذلك أو ينفيه فمسألة وجود الله هي مسألة إيمان و تسليم و هي أصلا فوق العقل. يعني العقل لن يصل إلا لحدود معرفتنا القصوى و لن يصل إلى كنه الإله أو جوهره أو أي شيء عنه لم يخبرنا هو نفسه به.
العلم يبحث في الكون و الطبيعة و يحاول الوصول لقوانين المادة التي تمكننا من فهمها و تسخيرها و لا تعارض بينه و بين أصل الدين - أي دين و ليس الإسلام فقط فكما قلت لك هي قضية إيمان و تسليم.
إذا كيف يحدث الإيمان و التسليم؟ هل يحدث بدون فهم و لا وعي؟ إجابتي هو أنه يحدث أولا بالوراثة ثم بالمعايشة ثم بالحاجة ثم بالراحة و السكينة. البعض يمر بكل ذلك و البعض لا يحتاج إليه كله و كل واحد منا حسب طاقته و بيئته و اتجاهاته و علومه.
لإذا اقرأ كل ما شئت و كل ما يستهويك في العلم و التصوف و الفلسفة لتجد المزيج الشخصى الذي تشعر معه باليقين و السكينة و الطمأنينة أو على الأقل تقلل الشكوك إلى حدوده الدنيا.
أعتذر عن الإطالة و أتمنى لك التوفيق في طريق المعرفة