ŷ helps you follow your favorite authors. Be the first to learn about new releases!
Start by following عبد الرحمن بدوي.
Showing 1-16 of 16
“لكن هناك عاطفة أهم من الضجر فيها يتجلى العدم أبرز ما يتجلى.
وهي القلق. والقلق ليس هو الخوف، لأن الخوف هو دائماً خوف من شيء معين، أما القلق فيتعلق بالأشياء كلها في مجموعها.
وليس القلق هو الذي يوجد العدم، إن صح هذا التعبير، بل هو فقط الذي ينبه الإنسان إلى وجوده.
ولهذا لابد للإنسان أن يعيش في القلق ليتنبه إلى حقيقة الوجود.
ذلك أن الإنسان بطبعه يميل إلى الفرار من وجه العدم الماثل في صميم الوجود وذلك بالسقوط بين الناس وفي الحياة اليومية الزائفة، ولكي يعود إلى ذاته لابد من قلق كبير يوقظه من سباته.
والقلق على نوعين: قلق من شيء، وقلق على شيء.
والموجود في العالم يقلق على إمكانياته التي لن يستطيع مهما فعل أن يحقق منها غير جزء ضئيل جداً: أولاً لأن التحقيق يقتضي الإختيار لوجوه والنبذ لسائر الوجوه. وثانياً: لأن ثمة حقيقة كبرى تقف دون استمرار التحقيق ألا وهي: الموت.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
وهي القلق. والقلق ليس هو الخوف، لأن الخوف هو دائماً خوف من شيء معين، أما القلق فيتعلق بالأشياء كلها في مجموعها.
وليس القلق هو الذي يوجد العدم، إن صح هذا التعبير، بل هو فقط الذي ينبه الإنسان إلى وجوده.
ولهذا لابد للإنسان أن يعيش في القلق ليتنبه إلى حقيقة الوجود.
ذلك أن الإنسان بطبعه يميل إلى الفرار من وجه العدم الماثل في صميم الوجود وذلك بالسقوط بين الناس وفي الحياة اليومية الزائفة، ولكي يعود إلى ذاته لابد من قلق كبير يوقظه من سباته.
والقلق على نوعين: قلق من شيء، وقلق على شيء.
والموجود في العالم يقلق على إمكانياته التي لن يستطيع مهما فعل أن يحقق منها غير جزء ضئيل جداً: أولاً لأن التحقيق يقتضي الإختيار لوجوه والنبذ لسائر الوجوه. وثانياً: لأن ثمة حقيقة كبرى تقف دون استمرار التحقيق ألا وهي: الموت.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
“المالنخوليا هي "وعكة روحية" أو "هستيريا روحية" تجابه الإنسان بهاوية من الفراغ والخلو من المعنى، وتكشف عن القلق والإنفصام في وجوده. لكن الفرد المعرض لأحوال الملل والمالنخوليا المقلقة غالباً ما يرفض قبول حالته، ولهذا يسعى لإخفائها بألوان من النشاط الملهي المتنوع.
ثم يصل إلى اليأس، وهو تعبير عن التهديد بالخواء وانعدام المعنى، وهو أوج النمط الحسي في الوجود.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
ثم يصل إلى اليأس، وهو تعبير عن التهديد بالخواء وانعدام المعنى، وهو أوج النمط الحسي في الوجود.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
“والأصل في السؤال عن الحرية وهل أنا حر هو أنني أريد أن أكون حراً. ولهذا فإن إمكان الحرية ناشيء من إرادتي للحرية. فالحرية ليست شيئاً يحتاج إلى برهان، بل هي قراري أنا أن أكون حراً.
وإذن لا تأتي الحرية من خارج، ولا تحتاج إلى شيء لإثباتها، بل يكفي أن أقرر أنني حر كيما أكون حراً.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
وإذن لا تأتي الحرية من خارج، ولا تحتاج إلى شيء لإثباتها، بل يكفي أن أقرر أنني حر كيما أكون حراً.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
“وتلك قاعدة عامة في تاريخ المذاهب والحركات السياسية: أن كل حركة سياسية تخرج عن مبادئها الأولى ابتغاء كسب أنصار من خصومها لا بد أن يصيبها الإخفاق والانحلال”
― سيرة حياتي - الجزء الأول
― سيرة حياتي - الجزء الأول
“ومن مظاهر تصرفات الدكتور طه (حسين) الحزبية المحض، أنه كان يبلغ رجال البوليس عن زعماء الطلبة المعارضين في كلية الآداب، مستعينا في ذلك ببعض الجواسيس المتزلفين إليه من الطلاب، فكنا نسمع في اليوم التالي أن البوليس قبض على فلان وفلان من هؤلاء الزعماء”
― سيرة حياتي - الجزء الأول
― سيرة حياتي - الجزء الأول
“إن المفهوم الصحيح للقانونية (أو الشرعية) ليس هو أن يُحكم الناس وفقا للقانون أيا كان هذا القانون. وإلا فإن في وسع أي ديكتاتور أن يصدر أشد القوانين استبدادا بالطرق القانونية أعني عن طريق البرلمان الذي يتحكم فيه، وبموجب السلطات الممنوحة له بحكم الدستور... وإنما القانونية الصحيحة هي مطابقة القانون لحقوق الإنسان الأساسية. وأي دستور أو قانون يخالف أو ينتقص من هذه الحقوق هو باطل بطلانا أساسيا.
إن القانون هو مجرد صيغة شكلية؛ ولا عبرة بالشكل، بل العبرة دائما بالمضمون. فإن اتفق المضمون على حقوق الإنسان الأساسية كان سليما واعتبرت قانونيته؛ أما إن خالف في مضمونه حقوق الإنسان الأساسية فإنه قانون ظالم باطل لا يُعتبر بقانونيته.”
―
إن القانون هو مجرد صيغة شكلية؛ ولا عبرة بالشكل، بل العبرة دائما بالمضمون. فإن اتفق المضمون على حقوق الإنسان الأساسية كان سليما واعتبرت قانونيته؛ أما إن خالف في مضمونه حقوق الإنسان الأساسية فإنه قانون ظالم باطل لا يُعتبر بقانونيته.”
―
“إن كل حضارة تولد فى اللحظة التى فيها تستيقظ روح كبيرة تستقل بذاتها عن الحالة النفسية البدائية التى توجد فيها الطفولة الإنسانية.”
― من تاريخ الإلحاد في الإسلام
― من تاريخ الإلحاد في الإسلام
“ما من مستبد طاغية في العصر الحاضر إلا وادعى أن ما يصدره من قرارات وقوانين إنما هو لـ "مصلحة الشعب".
فباسم مصلحة الشعب صادر عبد الناصر الأموال والعقارات الزراعية والعمائر المشيدة والأسهم والسندات، ثم بدد هذا كله على "مخابراته" ومغامراته المخفقة في اليمن وسائر البلاد العربية وعلى المرتزقة في وسائل الإعلام، وكل هذا في سبيل تمجيد شخصه، و"مصلحة الشعب" من هذا كله براء.
وباسم "مصلحة الشعب" صادر حريات الناس جميعا وأنزل بهم شتى صنوف العذاب، واعتقل عشرات الآلاف من الأبرياء، وكل هذا كان إشباعا لأحقاده ومن أجل الاستئثار وحده بكل سلطة ولإذلال الجميع وإخضاعهم. فأين هذا كله من "مصلحة الشعب"؟!
وباسم "مصلحة الشعب" جرَّ البلاد إلى حربين مدمرتين (حملة السويس 1956، وحرب الأيام الستة في يونيو 1967) بسبب حماقته وخرقة تصرفاته واندفاعه الأهوج دون تبصر، فقُتِل الآلاف من الجنود ومن المدنيين، ودُمِّرت مرافق عديدة، وبُدِّدت على الأسلحة أموال لا تحصى � فهل قتل آلاف المصريين في هاتين الحربين كان لـ "مصلحة الشعب"؟! وهل ضياع كل هذه المرافق والعتاد والأموال قدّم "لمصلحة الشعب"؟!!
وباسم "مصلحة الشعب" أغلق حدود مصر على أهلها، فمنع المصريين من الخروج من مصر طلبا للرزق، فأضاع عليهم فرصا عديدة جدا وعظيمة جدا للكسب بالعملة الصعبة خصوصا في تلك السنوات التي كانت فيها أبواب دول النفط وأمريكا وكندا واستراليا مفتوحة على مصاريعها لاستقبال العاملين � فهل كان إفقار المصري وحرمان مصر من هذه المزايا في "مصلحة الشعب"؟!
والقائمة طويلة تستغرق عدة صفحات من هذه القرارات والتصرفات التي أصدرها عبد الناصر باسم "مصلحة الشعب"، فقضى بها على مقدرات هذا الشعب المصري المسكلين، الذي كانت تُساق غوغاؤه في مظاهرات كاذبة مفتعلة لتأييد هذه القرارات "الشعبية" كما كان حملة مباخر عبد الناصر يُسَوِّدون صفحات جرائده الهزيلة لإحراق البخور حول هذه القرارات "بصراحة”
― سيرة حياتي - الجزء الأول
فباسم مصلحة الشعب صادر عبد الناصر الأموال والعقارات الزراعية والعمائر المشيدة والأسهم والسندات، ثم بدد هذا كله على "مخابراته" ومغامراته المخفقة في اليمن وسائر البلاد العربية وعلى المرتزقة في وسائل الإعلام، وكل هذا في سبيل تمجيد شخصه، و"مصلحة الشعب" من هذا كله براء.
وباسم "مصلحة الشعب" صادر حريات الناس جميعا وأنزل بهم شتى صنوف العذاب، واعتقل عشرات الآلاف من الأبرياء، وكل هذا كان إشباعا لأحقاده ومن أجل الاستئثار وحده بكل سلطة ولإذلال الجميع وإخضاعهم. فأين هذا كله من "مصلحة الشعب"؟!
وباسم "مصلحة الشعب" جرَّ البلاد إلى حربين مدمرتين (حملة السويس 1956، وحرب الأيام الستة في يونيو 1967) بسبب حماقته وخرقة تصرفاته واندفاعه الأهوج دون تبصر، فقُتِل الآلاف من الجنود ومن المدنيين، ودُمِّرت مرافق عديدة، وبُدِّدت على الأسلحة أموال لا تحصى � فهل قتل آلاف المصريين في هاتين الحربين كان لـ "مصلحة الشعب"؟! وهل ضياع كل هذه المرافق والعتاد والأموال قدّم "لمصلحة الشعب"؟!!
وباسم "مصلحة الشعب" أغلق حدود مصر على أهلها، فمنع المصريين من الخروج من مصر طلبا للرزق، فأضاع عليهم فرصا عديدة جدا وعظيمة جدا للكسب بالعملة الصعبة خصوصا في تلك السنوات التي كانت فيها أبواب دول النفط وأمريكا وكندا واستراليا مفتوحة على مصاريعها لاستقبال العاملين � فهل كان إفقار المصري وحرمان مصر من هذه المزايا في "مصلحة الشعب"؟!
والقائمة طويلة تستغرق عدة صفحات من هذه القرارات والتصرفات التي أصدرها عبد الناصر باسم "مصلحة الشعب"، فقضى بها على مقدرات هذا الشعب المصري المسكلين، الذي كانت تُساق غوغاؤه في مظاهرات كاذبة مفتعلة لتأييد هذه القرارات "الشعبية" كما كان حملة مباخر عبد الناصر يُسَوِّدون صفحات جرائده الهزيلة لإحراق البخور حول هذه القرارات "بصراحة”
― سيرة حياتي - الجزء الأول
“الحضارة كالكائن الحى العضوى، لها ما لكل كائن حى من قانون للميلاد والنمو والانحلال والفناء. فكل حضارة طفولتها وشبابها، ولها نضجها وشيخوختها.”
― من تاريخ الإلحاد في الإسلام
― من تاريخ الإلحاد في الإسلام
“إن كيركجور لم يكن أبداً خصماً للتفكير، إنما هو ألح فقط في توكيده أن التفكير ينبغي أن يوضع في الوجود، بعد أن أفسده يجل بالتجريد.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
― دراسات في الفلسفة الوجودية
“كما أنه بالنسبة إلى الشهواني كل فتاة هي امرأة بوجه عام، فكذلك بالنسبة إلى المفكر العقلي: كل حقيقة تنحل إلى مقولات عامة.
والتفكير النظري لا يرى غير الحركة العامة للتاريخ مفسرة خلال توسط المقولات المنطقية، ولكنه ينسى الفرد الذي يدرك نفسه في داخل تاريخه العيني الجزئي.
وهكذا نجد أن كلاً من رجل اللذات والمفكر العقلي يتهرب من مسئولية اتخاذ قرار، وكلاهما يغازل مملكة الإمكان، لكنه لايقفز في الوجود.
لذا ترى العقليين قادرين على التوسط للمسيحية والوثنية، وقادرين على اللعب بقوى التاريخ الماردة، لكنهم عاجزون عن أن يبينوا لرجل بسيط ما ينبغي أن يفعله في الحياة. بل لا يعرفون ما ينبغي عليهم هم أنفسهم أن يفعلوه.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
والتفكير النظري لا يرى غير الحركة العامة للتاريخ مفسرة خلال توسط المقولات المنطقية، ولكنه ينسى الفرد الذي يدرك نفسه في داخل تاريخه العيني الجزئي.
وهكذا نجد أن كلاً من رجل اللذات والمفكر العقلي يتهرب من مسئولية اتخاذ قرار، وكلاهما يغازل مملكة الإمكان، لكنه لايقفز في الوجود.
لذا ترى العقليين قادرين على التوسط للمسيحية والوثنية، وقادرين على اللعب بقوى التاريخ الماردة، لكنهم عاجزون عن أن يبينوا لرجل بسيط ما ينبغي أن يفعله في الحياة. بل لا يعرفون ما ينبغي عليهم هم أنفسهم أن يفعلوه.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
“أوصى كيركجور بأن تنقش على قبره عبارة: أن الذات الإنسانية ليست هي الإنسانية بوجه عام، فإن الإنسانية لاتوجد، وإنما الكائنات الإنسانية الفردية هي الموجودة. والواقع الوجودي لايقوم في الجنس أو النوع بل في الفرد العيني. والكليات شأنها شأن الجماهير، هي تجريدات لاأيادي لها ولا أرجل.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
― دراسات في الفلسفة الوجودية
“إن "اليجلي" يقدم لنا مثلاً على المهزلة الفلسفية التي فيها نفكر بدون مفكر.إنه يشيد قصراً عقلياً رائعاً لايعيش هو فيه.
فالذات في فكر يجل الموضوعي، تصبح عارضة وبهذا تضيع الحقيقة كذاتية.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
فالذات في فكر يجل الموضوعي، تصبح عارضة وبهذا تضيع الحقيقة كذاتية.”
― دراسات في الفلسفة الوجودية
“جوهر اللبناني أنه تاجر بالفطرة، ولا غاية للتاجر سوى الربح، ويستوي لديه أن يتجر في أي سلعة كانت، مادية أو روحية، ما دامت تأتي بالربح، ومن هنا يستوي لديه أن تكون بضاعته هي السياسة أو الدين أو الأخلاق أو العلم أو أي شئ آخر جالب للأرباح. وهذه الخاصية هي التي تفسر كل الأحداث التي جرت وتجري في لبنان منذ أقدم الأزمان حتى الآن.”
―
―
“السنة الكبرى
هي سنة 1952..
وهي سنة الفصل بين عهد وعهد.
كانت الحرية نعمة ينعم الكل بظلالها الوارفة ويطالب دائما بالمزيد، وإذا بها في العهد الجديد حكرا لفرد تحيط به عصابة.
وكانت الكرامة من أعز ما يعتز به المصري، فصارت هدفا لكل اضطهاد ومصدرا لكل حرمان وشقاء.
وكان الأمن على النفس والمال موفورا لكل شخص، فصار الخوف على كليهما يقضّ كل فرد وكل أسرة.
وكان النفاق مقصورا على فئة من الوصوليين وعديمي الضمائر، فأضحى خصلة لشعب بأسره يتنافس الجميع في ممارستها ويتباهي بالتفوق فيها.
وكان التفريط في أي حق من الحقوق الوطنية خيانة تنهار بسببها الحكومات، وإذا بالتخلي عن أكبر هذه الحقوق –وه� حق مصر في السودان- يعد إنجازا عظيما يتباهى به الحكام.
وكانت الهزيمة البسيطة في فلسطين سنة 1948 كارثة تزعزت بسببها الثقة في الحاكمين، وإذا بالهزيمة الساحقة الماحقة في يونيو سنة 1967 تحتشد لها جماهير 9 و 10 يونيو للهتاف بحياة من تسببوا في الهزيمة، ويرقص لها ممثلو الشعب في مجلس الأمة ابتهاجا باستمرار المسؤولين عن الهزيمة في التحضير لهزائم تالية.
وكان ضياع آلاف قليلة من الجنيهات في شراء أسلحة فاسدة جريمة هائلة طالت من أجلها المحاكمات، وإذا بالتخلي لإسرائيل عن أسلحة تقدر بآلاف الملايين أمر هيّن يُكافأ عليه فاعلوه بالمزيد من التمكين لهم من البطش والاستبداد.
وكان النقص في سلعة من السلع أمرا نادر الوقوع، فصار النقص في معظم السلع هو القاعدة وتوفير سلعة هو الاستثناء.
وكانت العلاقات مع البلاد العربية والإسلامية تتسم بالمودة وتبادل المنافع وبالتقدير، فصارت القطيعة والعداوة وعدم التعاون هي الصفات السائدة في هذه العلاقات.
وكان المصري في سائر بلاد العالم مقبولا لا يثير نفورا ولا ارتيابا ولا ازدراء، فإذا به يصبح هدفا لكل مظنة فاسدة، ومدعاة للحذر أو الاحتقار.
وكانت حقوق الإنسان المصري مكفولة بالدستور والقوانين، فإذا انتهكها حاكم ردَّه القضاء إلى الصواب وأنصف المظلومين، فإذا بهذه الحقوق تصبح تعطفا متعاليا من الحاكم على المحكومين، أو تُهْدَر دون مراجعة ولا جزاء، ويضحى الدستور والقوانين ألعوبة في أيدي الحاكم وزبانيته يعبث بها كما يشاء هواه.
وكان الاقتصاد المصري يقوم على أسس راسخة وأرقام صادقة واضحة وينهض بأعبائه رجال وشركات خاصة تخلص في أعمالها وإدارتها، وإذا به يصبح أرقاما بهلوانية يتلاعب بها وزراء مال لا علم عندهم ولا ضمير، يقدمون موازنات زائفة ويخططون خططا وهمية خمسية وغير خمسية مما أدى باقتصاد مصر إلى الإفلاس وتكاثر الديون وانهيار سعر الجنيه المصري انهيارا متواصلا لا يصده شيء حتى أصبح –ف� مقابل العملات القوية- يساوي أقل من عشرة في المائة من سعره القديم.
وكان الإسكان ميسورا يُعلن في كل مكان عن شقق خالية للإيجار وتتزايد المباني بما يزيد عن حاجة الساكنين، وإذا بالملايين لا يجدون مساكن لهم، فضلا عن عشرات الآلاف من المنازل القديمة التي تنهار كل عام على رؤوس ساكنيها.
وكان لكل مصري الحق في أن يغادر وطنه طلبا للرزق أو للعلم أو للتجارة أو غير ذلك من مطالب الحياة، وإذا بمصر تتحول إلى سجن كبير يُعتقل فيه كل المصريين، ولا يُسمح بالخروج منه إلا لحفنة قليلة جدا من المحسوبين والمقربين إلى الحاكم وزبانيته.
وكانت أدوات الثقافة تتدفق على البلاد في حرية تامة ودون انقطاع أو تشويه ورقابة، وإذا بهذه الأدوات تُمنع من الدخول تدريجيا حتى فقدت مصر الاتصال بمصادر الفكر العالمي.
وما أريد بهذه المقارنة أن أُمَجِّد العهد السابق على 1952، فهيهات، هيهات! ولكن الأمر كما قال الشاعر:
رب يوم بكيت منه فلما .. صرت في غيره بكيت عليه
ولا يعقل مني أن أمجد العهد السابق على سنة 1952، وأنا الذي ناضلت طوال الأعوام السبعة عشر السابقة على ذلك التاريخ ضد مفاسد ذلك العهد، وما استشرى فيه من خيانات في حقوق الوطن ومن مفاسد ومحسوبيات ومظالم واستهتار بالحقوق وعدوان على الحريات. لكن هذه المفاسد والشرور لا تعادل واحدا في الألف مما حدث بعد 23 يوليو 1952”
― سيرة حياتي - الجزء الأول
هي سنة 1952..
وهي سنة الفصل بين عهد وعهد.
كانت الحرية نعمة ينعم الكل بظلالها الوارفة ويطالب دائما بالمزيد، وإذا بها في العهد الجديد حكرا لفرد تحيط به عصابة.
وكانت الكرامة من أعز ما يعتز به المصري، فصارت هدفا لكل اضطهاد ومصدرا لكل حرمان وشقاء.
وكان الأمن على النفس والمال موفورا لكل شخص، فصار الخوف على كليهما يقضّ كل فرد وكل أسرة.
وكان النفاق مقصورا على فئة من الوصوليين وعديمي الضمائر، فأضحى خصلة لشعب بأسره يتنافس الجميع في ممارستها ويتباهي بالتفوق فيها.
وكان التفريط في أي حق من الحقوق الوطنية خيانة تنهار بسببها الحكومات، وإذا بالتخلي عن أكبر هذه الحقوق –وه� حق مصر في السودان- يعد إنجازا عظيما يتباهى به الحكام.
وكانت الهزيمة البسيطة في فلسطين سنة 1948 كارثة تزعزت بسببها الثقة في الحاكمين، وإذا بالهزيمة الساحقة الماحقة في يونيو سنة 1967 تحتشد لها جماهير 9 و 10 يونيو للهتاف بحياة من تسببوا في الهزيمة، ويرقص لها ممثلو الشعب في مجلس الأمة ابتهاجا باستمرار المسؤولين عن الهزيمة في التحضير لهزائم تالية.
وكان ضياع آلاف قليلة من الجنيهات في شراء أسلحة فاسدة جريمة هائلة طالت من أجلها المحاكمات، وإذا بالتخلي لإسرائيل عن أسلحة تقدر بآلاف الملايين أمر هيّن يُكافأ عليه فاعلوه بالمزيد من التمكين لهم من البطش والاستبداد.
وكان النقص في سلعة من السلع أمرا نادر الوقوع، فصار النقص في معظم السلع هو القاعدة وتوفير سلعة هو الاستثناء.
وكانت العلاقات مع البلاد العربية والإسلامية تتسم بالمودة وتبادل المنافع وبالتقدير، فصارت القطيعة والعداوة وعدم التعاون هي الصفات السائدة في هذه العلاقات.
وكان المصري في سائر بلاد العالم مقبولا لا يثير نفورا ولا ارتيابا ولا ازدراء، فإذا به يصبح هدفا لكل مظنة فاسدة، ومدعاة للحذر أو الاحتقار.
وكانت حقوق الإنسان المصري مكفولة بالدستور والقوانين، فإذا انتهكها حاكم ردَّه القضاء إلى الصواب وأنصف المظلومين، فإذا بهذه الحقوق تصبح تعطفا متعاليا من الحاكم على المحكومين، أو تُهْدَر دون مراجعة ولا جزاء، ويضحى الدستور والقوانين ألعوبة في أيدي الحاكم وزبانيته يعبث بها كما يشاء هواه.
وكان الاقتصاد المصري يقوم على أسس راسخة وأرقام صادقة واضحة وينهض بأعبائه رجال وشركات خاصة تخلص في أعمالها وإدارتها، وإذا به يصبح أرقاما بهلوانية يتلاعب بها وزراء مال لا علم عندهم ولا ضمير، يقدمون موازنات زائفة ويخططون خططا وهمية خمسية وغير خمسية مما أدى باقتصاد مصر إلى الإفلاس وتكاثر الديون وانهيار سعر الجنيه المصري انهيارا متواصلا لا يصده شيء حتى أصبح –ف� مقابل العملات القوية- يساوي أقل من عشرة في المائة من سعره القديم.
وكان الإسكان ميسورا يُعلن في كل مكان عن شقق خالية للإيجار وتتزايد المباني بما يزيد عن حاجة الساكنين، وإذا بالملايين لا يجدون مساكن لهم، فضلا عن عشرات الآلاف من المنازل القديمة التي تنهار كل عام على رؤوس ساكنيها.
وكان لكل مصري الحق في أن يغادر وطنه طلبا للرزق أو للعلم أو للتجارة أو غير ذلك من مطالب الحياة، وإذا بمصر تتحول إلى سجن كبير يُعتقل فيه كل المصريين، ولا يُسمح بالخروج منه إلا لحفنة قليلة جدا من المحسوبين والمقربين إلى الحاكم وزبانيته.
وكانت أدوات الثقافة تتدفق على البلاد في حرية تامة ودون انقطاع أو تشويه ورقابة، وإذا بهذه الأدوات تُمنع من الدخول تدريجيا حتى فقدت مصر الاتصال بمصادر الفكر العالمي.
وما أريد بهذه المقارنة أن أُمَجِّد العهد السابق على 1952، فهيهات، هيهات! ولكن الأمر كما قال الشاعر:
رب يوم بكيت منه فلما .. صرت في غيره بكيت عليه
ولا يعقل مني أن أمجد العهد السابق على سنة 1952، وأنا الذي ناضلت طوال الأعوام السبعة عشر السابقة على ذلك التاريخ ضد مفاسد ذلك العهد، وما استشرى فيه من خيانات في حقوق الوطن ومن مفاسد ومحسوبيات ومظالم واستهتار بالحقوق وعدوان على الحريات. لكن هذه المفاسد والشرور لا تعادل واحدا في الألف مما حدث بعد 23 يوليو 1952”
― سيرة حياتي - الجزء الأول
“ليس من وظيفة الفيلسوف المنطقي الباحث في علم المناهج أن يعطي تعاليم ونصائح جزئية يفرض على العالم المتخصص اتباعها، بل كل مايقدمه له إشارات عامة وتوجيهات كلية يدعوه إلى الاهتداء بها أثناء بحثه: وليس فيها أي إثقال عليه أو خنق لروحه، إذا لا يفرض أن يتبعها كما هي بل للعالم المتخصص مطلق الحرية في اتباعها أو عدم اتباعها أو تعديلها بما يتلاءم مع موضوع بحثه الخاص. وعلى الفيلسوف أو المنطقي أن يقهم أن المناهج ليست أشيائ ثابتة بل هي تتغير وفقّا لمقتضيات العلم وأدواته، ويجب أن تكون قابلة للتعديل المستمر حتى تستطيع أن تفي بمطالب العلم المتجددة وإلا كانت عبثّا ومصدرّا للضرر.”
― مناهج البحث العلمي
― مناهج البحث العلمي