ŷ

محمد المنسي قنديل's Blog

June 4, 2014

لماذا خسرنا؟

خسرنا لأن مصر قد تغيرت ونحن لم نتغير، ما يقارب الأربعة ملايين صوت قد ذهبت هباء، لم يبق منها إلا أصوات متفردة، يضاف إلى الخسارة ما لحق بنا من شماتة وتشويه بلغ حد الإهانة، نتيجة محبطة لا جدوى من إخفائها أو التخفيف من مرارتها، كان هناك شباب وطنى نبيل، آمن أنه يجب أن يكون للثورة مرشح فى مواجهة آلة الدولة العملاقة، أمنوا أن حلم التغيير سيصل إلى الناس، دون حاجة إلى الدعاية، فإمكانياتهم البسيطة لا تسمح بالمنافسة، ولا مكان للجدل السياسى، لأن المرشح الآخر لم يطرح شيئا يمكن الجدل حوله، ولكن الأمور لم تكن متوازنة منذ البداية، مرشح لا يملك سوى تاريخه الثورى هو حمدين صباحى، أمام ظاهرة شعبية أسهم اندفاع العقل الجمعى فى تضخيمها هى المشير السيسى، دخلنا الانتخابات وفى الذهن بقايا أرقام المعركة السابقة، لم ندر أن مياها كثيرة قد جرت تحت الجسور، وأن أشياء كثيرة قد اختلفت:

أولها: أن الثورة قد تغيرت، لم تعد المرجعية هى ثورة يناير، التى كنا نعتبرها الأصل، وما حدث فى يونيو هو موجة ثانية منها، ولكن ثورة يناير أصبحت فى أفضل الأحوال مجرد صحوة، هبة عفوية، وتحولت فى أغلب الأحوال إلى مؤامرة دبرها عملاء من الشباب، وأفكارهم والنقود التى تمولهم قادمة من الخارج، والسجن هو مصيرهم الطبيعى كما هو حاصل الآن، لا توجد إلا ثورة حقيقية واحدة حدثت فى يونيو، بداية أسطورة المشير عبد الفتاح السيسى وصعوده إلى سدة الحكم، هكذا دأبت أجهزة الإعلام على زرع تلك الرؤيا الملتوية فى ذهن الجميع، لم يعد هناك مكان لمرشح آخر قادم من عمق الثورة مثل صباحى، لأن ثورته قد انتهت أصلا، ضاعت شعاراتها وأهدر دم شهدائها وانقسم رموزها على أنفسهم، لذا فقد بدا شباب حملة صباحى كأنهم يحاربون طواحين الهواء، يريدون إيقاظ وعى قد تم تشويهه وكأنهم يتكلمون من خارج التاريخ.

ثانيها: أن الشارع المصرى قد تغير، ضاق بمسيرات الثورة وشعاراتها، وبثت مظاهرات الإخوان الأسبوعية العنيفة الرعب فى نفوس الجميع، كما أن الجماعات الإرهابية التابعة لها قد نقلت عملياتها من سيناء إلى قلب المدن المصرية المزدحمة، لم يكتفوا باغتيال رجال الشرطة فقط، ولكنهم تفننوا فى زرع قنابلهم البدائية فى كل مكان حتى بجوار المدارس، أصبح الهاجس الأمنى هو الأكثر إلحاحا، لا مجال لأى دعوة للديمقراطية والحرية أو حتى العدالة الاجتماعية. وقد استغلت أجهزة الأمن هذه الحالة لتبقى الشارع المصرى على صفيح ساخن، وبدا هذا واضحا فى عمليات التخريب التى قام بها طلاب الإخوان داخل الجامعات، فقد تركت الشرطة لهم الحبل على الغارب ليثيروا فزع الأساتذة وبقية الطلاب، وجعلوا العملية التعليمية غير مستقرة، وكان لذلك أثر مروع على المئات من البيوت المصرية، فقد انتابها القلق على أبنائها لدرجة منعتهم من الذهاب إلى الجامعة، وكان من الممكن أن تقوم أجهزة الأمن بإجراءات مسبقة تجهض هذه المظاهرات، خصوصا أن فى مقدورها رصد القادة المحركين والممولين لها بواسطة عيونها المبثوثة داخل الجامعة، ونتيجة لهذا الفزع اليومى سيطر على الجميع هاجس الحاجة إلى بطل مخلص، لم يكن هناك بد من اللجوء إلى القوات المسلحة، بديلا عن الشرطة المترددة والعاجزة التى تلاحقها الضربات، شعر الجميع أنهم فى حاجة إلى قائد عسكرى قوى يخرج من صفوف الجيش ويقودهم فى معركة البحث عن الأمان، لا إلى رئيس مدنى قد لا يتمتع بالقوة والحزم.

ثالثها: أن أحوال الناس قد تغيرت، تدهورت إلى الأسوأ، فقد أعيد إنتاج الوجوه القديمة فى أكثر من حكومة أدارت البلاد بطريقة عشوائية، صعد لصوص المال العام ومسببو الكوارث إلى مواقع المسؤولية، واستشرى التجار والموردون فالتهم غول الغلاء الجميع، وتدنت الخدمات الأساسية، وعادت مشكلة انقطاع الكهرباء إلى الظهور، وظل الإسراف الحكومى وإهدار الأموال على كبار المسؤولين كما هو، تبخرت كل الوعود، لم يطبق الحد الأدنى والأعلى للأجور، ولم ترفع الديون عن كاهل الفلاحين، ولم يتم تشغيل المصانع المعطلة، وحتى الوجبة المدرسية كانت مسممة، وتحولت مؤسسة القضاء إلى فضيحة دولية وهى تتبارى فى إصدار أحكام الإعدام الجماعية، وتوصل الناس إلى نتيجة واحدة مؤداها أن كل مؤسسات الدولة فاسدة، من الصعب إن لم يكن من المستحيل إصلاحها، مؤسسة واحدة فقد لم يطلها الفساد، وأصبحت فى نظر الجميع هى الجديرة بالثقة والقدرة على الإنجاز، القوات المسلحة، لقد شوه الإخوان نظرة الناس إلى الحكم المدنى، ونزعت حكومات العجائز أى أمل فى التغيير، ولم يعد هناك مفر من العودة إلى المربع رقم صفر، العودة إلى الفصيل الذى حكم مصر على مدى السنوات الستين الماضية، المؤسسة العسكرية.

لقد تغير الزمن يا حمدين، لم يعد لجيلنا مكان فى عالم اليوم، الشعب الذى ننتمى إليه قد تغير، لم يعد لديه القدرة على الحلم، لم يعد ينشد سوى الأمان وكفاف العيش، آن لك أن تستريح، استراحة المحاربين. لا مزيد من الاتهامات والجروح الصغيرة، لا مزيد من خيبة الأمل. سلم رايتك للشباب النقى الذى آمن بك، دعهم يواصلون حلمهم، لم يعد المستقبل يخص أحدا سواهم، الثورة هى أمانتهم، هم الذين أشعلوها ودفعوا ثمنها. دعهم يكملون وحدهم الطريق.
58 likes ·   •  1 comment  •  flag
Published on June 04, 2014 13:13 Tags: مقالتي-في-التحرير

May 31, 2014

لسان الشاعر

العلاقة بين صاحب السلطة والمبدع دائمًا ما تكون شائكة، لا تستقيم مهما صفى الجو بينهما وتلاقت أفكارهما، لكل واحد وسائله المختلفة، صاحب السلطة وسيلته السيف، قاطع ومانع، والمبدع لا يمتلك سوى الكلمة، رهيفة وضعيفة، السيف دائمًا ما ينتصر، ولكن الكلمة تبقى، الديناصورات الضخمة انقرضت وبقيت الأميبيا الدقيقة، حكام قلائل هم الذين وعوا درس التاريخ ولم يصلوا بالعداء إلى مداه الأخير، توقَّفوا قبل أن ينساب الدم ويتحوَّل ليكون وصمة على جبينهم، الخليفة عمر بن الخطاب كان من هذا النوع، كان حاكمًا قاسيًا، ولكنه لم يكن مستبدًّا، يدرك أن تحقيق العدل يتطلَّب بعضًا من القسوة على النفس قبل الآخرين، فالدعوة الإسلامية كانت غضّة، فى بواكيرها الأولى، خاض أبو بكر حربًا ضد المرتدين من القبائل العربية، ويستعد خليفته عمر لخوض حرب أكبر لتثبيت الدولة ومد نفوذها خارج الصحراء، كان عليه أن يكون صارمًا متقشّفًا لا يخضع للغواية، وأن يكون مثالًا للقادة الذين يقومون بفتح الأمصار حتى لا تشغلهم الغنائم عن فكرة الجهاد، وتستيقظ فى داخلهم غرائز الطمع بدلًا من السعى لنشر الدعوة.

ولكن هذه الشدّة المبالغ فيها كانت أحيانًا توقعه فى المآزق، مثلما حدث بينه والشاعر «الحطيئة»، الشخصية النقيض منه تمامًا، لم يكن من سادات العرب، ولكن من صعاليك الصحراء، بلا حسب ولا نسب شريف، رغم أن أُمَّه كانت تؤكِّد له أنه لا بد أن يكون ابن أحد أشراف القوم، فقد كانت لا تعاشر سواهم، وإن كانت لا تعرف عددهم، المهم أنه نشأ كنبات صبار جاف، مَن اقترب منه يصيبه بعض من أشواكه، وغد حقيقى لا يختلف أحد على جودة شِعره، إنه الشاعر الكامل كما يقول الأقدمون، وعندما كان يسألونه عن أفضل شعراء العرب كان يشير إلى لسانه، قائلًا: هذا إذا طمع، وهذا ما كان يفعله، يسخِّر شعره لأطماعه الشخصية، إذا أعطاه القوم مدحهم، وإذا امتنعوا عنه هجاهم، قصائده لم تكن إلا نوعًا من الابتزاز، ولكنها كانت ترفع أقوامًا وتهبط بآخرين، وفى مثل هذه الصحراء حيث لا يبقى الرمل على أثر ولا يحفظ فى داخله جذورًا، ولا تبقى غير الكلمات الشفاهية التى يتداولها الجميع، ويرتضونها مقياسًا للشرف.

وبخلاف ابن الخطاب الذى اعتنق الدين متحمّسًا وحسن إسلامه، لم يحسن الحطيئة ذلك، فقد دخل الإسلام متأفّفًا وخرج منه سريعًا، فبعد أن مات الرسول الكريم لم يجد داعيًا للتمسك بقيوده الأخلاقية، لم يكن يطيقها لأنها تمنعه من الهجاء الذى كان مصدر رزقه، ولم يكتفِ بذلك، ولكنه قال أشعارًا يهجو فيها الخليفة أبو بكر ثم ابن الخطاب من بعده، شعر أن الحطيئة قد تجاوز كل الحدود، وليس الممكن أن يتركه طليقًا فى الصحراء وأن يترك قصائده تسكن فى أفواه الناس، أمر عماله بالقبض عليه، وعندما وقع فى يده أخيرًا وضعه فى بئر عميقة عليها غطاء ثقيل، وأقسم أن يريح المسلمين من شر لسانه، وظل الحطيئة حبيسًا يقول أشعارًا يتوسَّل فيها لعمر حتى يفرج عنه، عرف لسانه العصى طعم التوسُّل للمرة الأولى، وجاء من الصحابة مَن يرجون الخليفة أن يخرجه حتى لا يموت مختنقًا، ووافق ابن الخطاب أخيرًا وجعله يقف أمامه وهو مقيَّد، وهتف فى الناس: أشيروا علىَّ فى أمر هذا الشاعر، فإنه يقول الهجو، ولا يتورَّع عن الحرام، ويمدح الناس ويذمّهم بغير ما فيهم، ما أرانى إلا قاطعًا لسانه، كان قد اتّخذ قراره بالفعل دون حاجة إلى رأى من أحد، أمر من حوله أن يحضروا له طستًا، وموسى حادة الشفرة، أحنى الحراس رأس الحطيئة، ضغطوا بأصابعهم على وجنتيه حتى انفتح فمه رغمًا عنه، تدلَّى اللسان الذى قال عشرات الأبيات مدحًا وهجاءً وتشفّيًا، لكن عبد الرحمن بن عوف، أحد الصحابة المبشرين بالجنة، وقف بين يد عمر التى تمسك بالموسى ولسان الشاعر المتدلّى، هتف بالخليفة: يا عمر، ستكون سُنَّة تتداول من بعدك، كلما قال أحدهم شعرًا قطع السلطان لسانه، وتوقف عمر، فطن فجأة لخطورة ما كان سيقدم عليه، خفت صوت الحاكم الصارم فى لحظته الآنية، ومد بصره ليرى مستقبل الأيام، وكان الموقف الذليل الذى عاشه الشاعر فيه الكفاية، ولكن عمر لم يرد التراجع بسهولة، فقال مهددًا: إياك وهجاء الناس، أحسّ الحطيئة أنه قد اقترب من النجاة، قال: إذا يموت عيالى جوعًا، هذا مكسبى، ومنه معاشى، عاد عمر يقول: فإياك والمقذع من القول، قال الحطيئة مدعيًا الغباء: وما المقذع؟ قال عمر: أن تخاير بين الناس فتقول فلان خير من فلان، وآل فلان خير من آل فلان، قال الحطيئة وقد بدأ يستعيد وقاحته: فأنت والله أهجى منى.

لا فائدة فى تقويمه، هكذا أحسّ عمر، لجأ فى السر أن يفعل ما عجز عنه فى العلن، استرضى الحطيئة واشترى منه أعراض المسلمين جميعًا بثلاثة آلاف درهم، ورغم ذلك فقد ترك هذا الحادث فى نفس الحطيئة أثرًا عميقًا، زادت درجة توحّشه وتباعده عن الإسلام، ولكنه بشكل أو بآخر قد أنقذنا، فلو أن عمر بن الخطاب قد فعلها، لكانت ألسنتنا جميعًا مقطوعة لأوهى الأسباب.
7 likes ·   •  1 comment  •  flag
Published on May 31, 2014 13:40 Tags: مقالتي-في-التحرير

March 11, 2011

حسنى مبارك.. بطلًا

هل يمكن أن تتحول مشاعر المصريين تجاه الرجل الذى ما زال يدعى حسنى مبارك؟ بعد كل ما فعله بنا طوال الثلاثين عاما الماضية.
61 likes ·   •  6 comments  •  flag
Published on March 11, 2011 23:47

February 23, 2011

وجب علينا الشكر.. للجيش المصرى

 على فكرة.. أنا أفضل لقب الجيش المصرى أكثر من لقب القوات المسلحة الذى لا أدرى من أين جاء، فهو مكون من كلمات مجردة، لا تنتمى لأرض أو وطن بعينه

5 likes ·   •  0 comments  •  flag
Published on February 23, 2011 00:11

February 18, 2011

العـدو على الأبـواب

 أنا خائف على الثورة، خائف على تلك التجربة الوليدة التى حلم بها جيلنا، ولم نستطع أن نحققها، خائف من ألا نستطيع حمايتها أيضا

4 likes ·   •  0 comments  •  flag
Published on February 18, 2011 00:56

February 12, 2011

لا تدعوه يرحل

 أخيرًا جاء اليوم الذى رأيت فيه «جيجى» وهى تطالب مبارك بالرحيل، و«جيجى محمد» ليست فتاة وهمية، وليست اسمًا للدلع كالذى يظهر فى الأفلام المصرية والإعلانات، ولكنها فتاة حقيقية

2 likes ·   •  0 comments  •  flag
Published on February 12, 2011 01:36