مقدمة كتابي ما أخفاه العلمانيون من تاريخ مصر الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وبعد:
فإن فترة (القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين) من تاريخ مصر الحديث، من المهم دراستها للغاية؛ كي نتعرف على تطور فكر المصريين، وما هو الأصيل فيه والدخيل عليه، وما الفكر الذي يستحق الإنكار وما الذي يستوجب الإقرار.
وتستمد أيضًا تلك الفترة أهميتها من كونها الفترة السابقة على الحرب العالمية الأولى وإعلان بريطانيا الحماية على مصر عام 1914م، ودخول مصر مرحلة التاريخ المعاصر، وانفصالها شكلًا وموضوعًا عن الدولة العثمانية، قبل أن تسقط هذه الدولة رسميًّا وينهار نظام الخلافة عام 1924م، وتسيطر الأفكار العلمانية والقومية والغربية على بلاد المسلمين، ويتشتت المسلمون الذين يحملون المنهج الإسلامي الصحيح غير المتأثر بالغرب وأفكاره، ويصيروا هم الغرباء أصحاب الفكر الدخيل على المجتمع!
ثم تبدأ مرحلة إنشاء الجماعات الإسلامية، التي حاولت كل جماعة منها أن تسد الفراغ الذي تركه سقوط النظام الإسلامي والخلافة الإسلامية، وأن تسعى لإعادة ذلك النظام وتلك الخلافة على منهاج النبوة، كما بشّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته.
وقد ساهم المؤرخون والكُتاب و"المثقفون" العلمانيون بشكل كبير في طمس المعالم الإسلامية لتلك الفترة محل البحث وحرّفوها، من أجل أن يُثبتوا لأفكارهم امتدادًا عبر التاريخ المصري الحديث بلا وجود شيء تاريخي معارض لها، ومن ثَم تكون لديهم حجة في ترويجها ونشرها في مصر المعاصرة، تبعًا لتوجه البلاد الجديد نحو الغرب وأفكاره المسيحية المختلطة بفلسفته الملحدة، وكي لا تكون تلك المعالم الإسلامية تكئة وجذورًا تاريخية للمطالبين بالمرجعية الإسلامية كأساس للنهضة، النابذين لأفكار الغرب المتعارضة مع الشريعة الإسلامية.
من هنا جاءت أهمية كتابة هذا البحث، الذي لا أزعم أني استقصيت فيه كل ما هو داخل في موضوعه، لكني اكتفيت فقط بضرب المثل على الطمس والتزوير والتزييف في الثقافة والمناهج ووسائل الإعلام المختلفة، التي يتم تقديمها للقراء وطلبة المدارس والجامعات والجمهور المسلم، في مواد التربية الوطنية والقومية والتاريخ وغير ذلك.
وما أكثر ما تركته سعيًا للإيجاز وعدم التشعب (كما هو الحال في عدم تناول المواقف الإسلامية العظيمة لبعض شخصيات الثورة العرابية غير أحمد عرابي، كخطيب الثورة العرابية عبدالله النديم وغيره، والمواقف الإسلامية لأئمة الأدب الحديث؛ كأحمد شوقي ومحرم وحافظ إبراهيم وغيرهم، ومواقف الزعيم محمد فريد الذي أكمل مسيرة مصطفى كامل بعد وفاته، وغير ذلك)، هذا غير ما فاتني مما هو موجود في المصادر الأخرى التي لم أطلع عليها ولم أحط بما فيها.
لذا أدعو جميع الباحثين المنصفين إلى التنقيب في هذه الحقبة الثرية وغيرها؛ لاستخراج القيم والمبادئ الإسلامية التي تم طمسها ممن كتبوا التاريخ وعملوا بالثقافة والإعلام بالدولة المصرية الحديثة، سواء ما يتعلق بالأحداث التاريخية أو مناهج بعض العظماء والزعماء، ومن أجل تصفية التاريخ من شوائب العلمانيين غير المهنيين، وتجلية الأمور على حقيقتها.
ومعلوم ما للتاريخ من قيمة في تربية النشء، والإفادة من التجارب، من أجل صناعة حاضر ومستقبل أفضل.
وقد اعتمدت في هذا البحث على مصادر متنوعة، ولكن عمدة المصادر التي اعتمدت عليها حرصت على أن تكون بقلم مَن عايشوا الأحداث، كالشيخ عبد الرحمن الجبرتي، والمعلم نقولا الترك، فيما يخص الاحتلال الفرنسي مثلًا.
أما بالنسبة للشخصيات التاريخية، فحرصت على الاعتماد على ما كتبوه وحرروه بأيديهم، سواء كانت مذكرات، كما في فصل أحمد عرابي، أو مؤلفات الشخصية التي أتحدث عنها، كما في فصل رفاعة الطهطاوي ومصطفى كامل.
وختامًا، أهدي هذا الكتاب وأهب ثوابه إلى شهداء الإسلام الأبطال، الذين قضوا في مذبحة رابعة العدوية، وغيرها من المذابح في أنحاء القطر المصري، من سيناء إلى مطروح، ومن الأسكندرية إلى أسوان، وأخص بالذكر الصديقين العزيزين: الشهيد مهند سلام، والشهيد عبد الرحمن فرج، تقبلهما الله، سائلًا الله تعالى أن يقتص لهم جميعًا في القريب العاجل.
وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.
كتبه: معتز زاهر
الجيزة، السبت، 7 � 5 - 1435
فإن فترة (القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين) من تاريخ مصر الحديث، من المهم دراستها للغاية؛ كي نتعرف على تطور فكر المصريين، وما هو الأصيل فيه والدخيل عليه، وما الفكر الذي يستحق الإنكار وما الذي يستوجب الإقرار.
وتستمد أيضًا تلك الفترة أهميتها من كونها الفترة السابقة على الحرب العالمية الأولى وإعلان بريطانيا الحماية على مصر عام 1914م، ودخول مصر مرحلة التاريخ المعاصر، وانفصالها شكلًا وموضوعًا عن الدولة العثمانية، قبل أن تسقط هذه الدولة رسميًّا وينهار نظام الخلافة عام 1924م، وتسيطر الأفكار العلمانية والقومية والغربية على بلاد المسلمين، ويتشتت المسلمون الذين يحملون المنهج الإسلامي الصحيح غير المتأثر بالغرب وأفكاره، ويصيروا هم الغرباء أصحاب الفكر الدخيل على المجتمع!
ثم تبدأ مرحلة إنشاء الجماعات الإسلامية، التي حاولت كل جماعة منها أن تسد الفراغ الذي تركه سقوط النظام الإسلامي والخلافة الإسلامية، وأن تسعى لإعادة ذلك النظام وتلك الخلافة على منهاج النبوة، كما بشّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته.
وقد ساهم المؤرخون والكُتاب و"المثقفون" العلمانيون بشكل كبير في طمس المعالم الإسلامية لتلك الفترة محل البحث وحرّفوها، من أجل أن يُثبتوا لأفكارهم امتدادًا عبر التاريخ المصري الحديث بلا وجود شيء تاريخي معارض لها، ومن ثَم تكون لديهم حجة في ترويجها ونشرها في مصر المعاصرة، تبعًا لتوجه البلاد الجديد نحو الغرب وأفكاره المسيحية المختلطة بفلسفته الملحدة، وكي لا تكون تلك المعالم الإسلامية تكئة وجذورًا تاريخية للمطالبين بالمرجعية الإسلامية كأساس للنهضة، النابذين لأفكار الغرب المتعارضة مع الشريعة الإسلامية.
من هنا جاءت أهمية كتابة هذا البحث، الذي لا أزعم أني استقصيت فيه كل ما هو داخل في موضوعه، لكني اكتفيت فقط بضرب المثل على الطمس والتزوير والتزييف في الثقافة والمناهج ووسائل الإعلام المختلفة، التي يتم تقديمها للقراء وطلبة المدارس والجامعات والجمهور المسلم، في مواد التربية الوطنية والقومية والتاريخ وغير ذلك.
وما أكثر ما تركته سعيًا للإيجاز وعدم التشعب (كما هو الحال في عدم تناول المواقف الإسلامية العظيمة لبعض شخصيات الثورة العرابية غير أحمد عرابي، كخطيب الثورة العرابية عبدالله النديم وغيره، والمواقف الإسلامية لأئمة الأدب الحديث؛ كأحمد شوقي ومحرم وحافظ إبراهيم وغيرهم، ومواقف الزعيم محمد فريد الذي أكمل مسيرة مصطفى كامل بعد وفاته، وغير ذلك)، هذا غير ما فاتني مما هو موجود في المصادر الأخرى التي لم أطلع عليها ولم أحط بما فيها.
لذا أدعو جميع الباحثين المنصفين إلى التنقيب في هذه الحقبة الثرية وغيرها؛ لاستخراج القيم والمبادئ الإسلامية التي تم طمسها ممن كتبوا التاريخ وعملوا بالثقافة والإعلام بالدولة المصرية الحديثة، سواء ما يتعلق بالأحداث التاريخية أو مناهج بعض العظماء والزعماء، ومن أجل تصفية التاريخ من شوائب العلمانيين غير المهنيين، وتجلية الأمور على حقيقتها.
ومعلوم ما للتاريخ من قيمة في تربية النشء، والإفادة من التجارب، من أجل صناعة حاضر ومستقبل أفضل.
وقد اعتمدت في هذا البحث على مصادر متنوعة، ولكن عمدة المصادر التي اعتمدت عليها حرصت على أن تكون بقلم مَن عايشوا الأحداث، كالشيخ عبد الرحمن الجبرتي، والمعلم نقولا الترك، فيما يخص الاحتلال الفرنسي مثلًا.
أما بالنسبة للشخصيات التاريخية، فحرصت على الاعتماد على ما كتبوه وحرروه بأيديهم، سواء كانت مذكرات، كما في فصل أحمد عرابي، أو مؤلفات الشخصية التي أتحدث عنها، كما في فصل رفاعة الطهطاوي ومصطفى كامل.
وختامًا، أهدي هذا الكتاب وأهب ثوابه إلى شهداء الإسلام الأبطال، الذين قضوا في مذبحة رابعة العدوية، وغيرها من المذابح في أنحاء القطر المصري، من سيناء إلى مطروح، ومن الأسكندرية إلى أسوان، وأخص بالذكر الصديقين العزيزين: الشهيد مهند سلام، والشهيد عبد الرحمن فرج، تقبلهما الله، سائلًا الله تعالى أن يقتص لهم جميعًا في القريب العاجل.
وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.
كتبه: معتز زاهر
الجيزة، السبت، 7 � 5 - 1435
Published on April 13, 2014 07:15
date
newest »

message 1:
by
نور
(new)
Nov 15, 2014 10:43AM

reply
|
flag