أقتبس هذه الفقرة ظلَّتِ العربية واقِفة، وعَجَلة الزمان من حولِها تدُور، وتَسارَع دَورانها في خلال القرنَين الفارِطين، حتى بعُدَت الشّقَّة بين الحياة اأقتبس هذه الفقرة ظلَّتِ العربية واقِفة، وعَجَلة الزمان من حولِها تدُور، وتَسارَع دَورانها في خلال القرنَين الفارِطين، حتى بعُدَت الشّقَّة بين الحياة الجديدة ومطلوبات العلوم والفنون، وبين اللغة العربية، حتى إنَّ الفرق ليُروِّع كلَّ واقفٍ على حقيقة الهُوَّة التي تفصِل بين العلوم والآداب، وبين اللغة العربية من حيث قُدرتِها على تأدِية مدلولات المُصطلحات في كلماتٍ مُضَرية الأصل أو صحيحة الاشتقاق، على القواعد التي احتَكمَ بها بعض اللغويِّين في بناء هذه اللغة الكريمة، وأخذَها عنهم كثيرٌ من أهل هذا العصر، أولئك الذين لم يَفطَنوا إلى أنَّ حاجات هذا الزمان غير حاجات الأزمان السوالِف، ولم يَعرفوا أنَّ اللغة بمثابة جِسمٍ حيٍّ يُولَد ثم ينمو ثم يتوالَد، وأنَّ اللغة حيٌّ يموت كما تموت جميع الأحياء إذا امتنع عليه النَّماء وتعذَّر التوالُد، وأن للُّغة كلَّ خصائص الأحياء، مع قِياس الفارِق، فإذا عدِمَت اللغة القُدرة على التَّغذِّي بعناصر جديدة، وعجزَتْ عن تمثيل تلك العناصر تمثيلًا يُحوِّلها جُزءًا من أصل بِنيَتها، فإن اللغة تموت كما يموت الحيُّ إذا فقد القُدرة على هذه الأشياء.
رغم ذلك لم يقدّم الكاتب حلولًا شاملة للمشكلات التي تجمد اللغة العربية واقتصر على مناقشة مصطلحات أسماء الحيوان والنبات صحيح أنّ الكتاب نُشر لأول مرة منذ سبعين عامًا حيث لم تكن علوم الفضاء وميكانيكا الكم قد تبلورت بالشكل الحالي لكن هذا لا يعفي الكاتب من عدم التطرق لفروع أخرى من العلم كانت قد اتّخذت شكلها شبه النهائي في ذاك الوقت مثل الصناعات الثقيلة للسيارات والقطارات والطائرات والفيزياء النووية والكيمياء بأشكالها
الأمر الآخر هو أنّ الكاتب عرض حلولًا معروفة لدى الجميع لكن يصعب تطبيقها إلا من مختّصين ذوي خبرة عميقة جدًا جدًا في اللغة العربية والقواميس فأنا منذ كنت طالبًا في الابتدائية أعلم أنّ الحلّ للمصطلحات الأجنبية هوإيجاد كلمة عربية تدلّ نفس المدلول وإن عجزنا فلنعرّب أو ننحت لكن النقطة المفصلية هنا هي من سيبحث في الكتب ليجد تلك الكلمات المناسبة؟ فقد عرض أمثلةً معدودة كاقتراحات لتكون بمثابة دليل وحسب معلوماتي منذ خرج هذا الكتاب وحتى اليوم لم يشكل هذا الكتاب دليلًا لأحد ولم يعرّب أحد المصطلحات كما اقترح فالأجدى به بدلًا من الكتابة والتأليف في مواضيع شتى أن يوجّه جهوده لتأليف قاموس المصطلحات العلمية المعربة وأنا أراه أهلًا لهذا العمل كونه وضع أمثلةً ومنهجًا في هذا الكتاب ...more
إنّ سهولة طباعة ونشر الكتب في الوقت الحالي جعلت الناس يحسبون أنّ ما يُنشَر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل النكتة وحتّى النقاش يمكن ببساطة إنّ سهولة طباعة ونشر الكتب في الوقت الحالي جعلت الناس يحسبون أنّ ما يُنشَر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل النكتة وحتّى النقاش يمكن ببساطة جمعه في كتاب ومنحه رقمًا دوليًا وكأنّه كتاب حقيقي يمكن وضعه على رفّ الكتب بجانب كتب نجيب محفوظ أو كارل ساغان. بلغت كميّة التفاهة في هذا الكتاب أنّه كان يلاحق أخطاءً مطبعيّة وليست أخطاءً لغويّة أو نحويّة أو إملائيّة يبدو أنّ الكاتبة ذات أفقٍ ضيّق واطلاعٍ ضعيف على ثقافات الشعوب في كوكب الأرض، حيث إنّ هناك سمة مشتركة بين كلّ الثقافات وفي كلّ اللغات، وهي أنّ لغة الشارع تختلف عن اللغة الأكاديميّة، وكانت الكاتبة -أصلحها الله- تلاحق لافتات الشوارع وإعلاناتٍ صغيرة، وتتسقّط أخطاءهم، وحسبتُ أنّها بعد قليل ستُفرد فصلًا في أخطاء طلاب الابتدائيّة، ومعلومٌ أنّ هذا من الأمور الطبيعيّة. زِد على ذلك أنّها عدّت اصطلاحاتٍ مثل كتابة الياء بلا نقاط في مصر كأخطاءٍ، وبهذه المناسبة أحمدُ الله أنّه لم يقع بين يديها مخطوطًا لإحدى المعلّقات أو لإحدى مراسلات الخلفاء الراشدين وأمرائهم فقد كانت جميعها بلا نقاط. لا يسعني في النهاية إلا أنْ أذكر اقتباسًا من كتاب "لتحيا اللغة العربية: يسقط سيبويه" يقول فيه الكاتب بما معناه "كلّما ازداد تقدّم الأمم كلّما ازدادت الحاجة لتبسيط اللغة، بينما تلجأ الأمم الضعيفة للتمسّك بثوابت وهميّة ومستحاثات تظنّها منبع قوّتها مثل اللغة" ...more
بكلمة واحدة الكتاب رائع يحتاج الكتاب قارئًا جريئًا منفتح الذهن، متحرّرًا من القيود التقليديّة والتاريخية التي تؤطّر علاقة العرب بلغتهم بالطبع لولم يكن ابكلمة واحدة الكتاب رائع يحتاج الكتاب قارئًا جريئًا منفتح الذهن، متحرّرًا من القيود التقليديّة والتاريخية التي تؤطّر علاقة العرب بلغتهم بالطبع لولم يكن الكاتب على قدرٍ كبير من الجرأة لم يكن ليخوض في هذا الموضوع الذي يشبه النزول في وادي الثعابين لأنّ العقل الجمعي العربي لم يعتد نقدًا بهذه القوّة والموضوعيّة، والرائج أنْ يُجلَد كلّ من تسوّل له نفسه بالنقد للعربيّة، لكن سيقف الجلادون بخجلٍ أمام المنطق العالي والحجّة المتينة. استمرّ الكاتب طيلة فصول الكتاب بنقد اللغة وعقد المقارنات بينها وبين اللغات الأخرى لتوضيح أفكاره. في البداية مدح اللغة العربية وأثنى عليها وبيّن مدى عظمتها بالإضافة لصعوبتها التي جعلت أبناءها ينفرون منها طوعًا أو كرهًا، وقال عبارته المهمّة (لا تقلقوا العيب ليس فيكم بل باللغة الصعبة) ثمّ وضّح المعايير التي تعطي اللغة قوّتها، وفنّد المقولة الرائجة (اللغة العربية أقوى اللغات لأنها تتألف من 12 مليون كلمة) وهي صحيحة رغم كلّ شيء إلا أنّ كثرة عدد المفردات لا يجعل اللغة قويّة. ثمّ تطرق إلى علاقة اللغة العربية بالمسلمين وأقول المسلمين وليس الإسلام، لأنّه ما من شك بأنّ العلاقة بين اللغة العربية والإسلام علاقة متينة جدًا بينما المسلمين وأغلبهم من غير العرب لا يتقنون العربية بل إنّهم لا يفهمونها البتّة، وهذا يقود إلى ضحد المغالطة القائلة بأنّ عدد المتحدثين بالعربية يفوق المليار إنسان لأنّ المسلمين لا يتحدّثون بها فضلًا عن فهمها. النقاش السابق قادنا إلى مفهوم خطير وهو العلاقة العكسية بين تطوّر الأمّة وبساطة لغتها، فالأمم المتطوّرة التي تحتاج مفرداتٍ جديدة ووسائل تعبير سريعة تنفر من التعقيد باللغة حتى لو كان هذا التعقيد يعطي اللغة جمالًا وبلاغةً، فالأهمّ في هذه الحالة هو مواكبة التحديث وليس التغنّي بتناسق الحروف والكلمات، واستشهد بمثالٍ نعلمه جيّدًا من تاريخنا وهو أنّ عصور الانحطاط العربية والإسلاميّة رافقها ازدهار في الإنتاج اللغوي الذي لا يفيد ولا يغني من جوع حيث برع الشعراء في نظم القصائد التي تُقرأ أبياتها من اليمين إلى اليسار بنفس الطريقة التي تُقرأ فيها من اليسار إلى اليمين وتفننوا في أمورٍ مشابهة. في الفصل السابع ناقش الكاتب موضوعًا شائكًا عنونه "شيزوفرينيا اللغة" حيث بيّن فيه الصعوبة التي تواجه الطفل العربي الذي يتعلّم في بيته لغةً مختلفةً عن اللغة التي سيتعلّم بها في المدرسة، ثمّ يُضطرّ لتعلّم لغةٍ أجنبيّة إن أراد إكمال دراسته الجامعيّة والعليا. وتسائل الكاتب ما هي الغاية من اللغة؟ هل غايتنا فقط إلقاء الخطابات الرنانة ذات الكلمات المتناسقة؟ هذا ما يقودنا إلى إحدى أهم الصفات التي ميّزت اللغة العربية والعرب عمومًا وهي استخدام المبالغة والتوكيد بكثرة حتى قيل (إنّ أحسن الشعر أكذبه) وضرب أمثلةً من السياسة والمجتمع على ضرر هذه الظاهرة. في الفصل الأخير اقترح الكاتب بعض التعديلات على اللغة العربية والتي كان ينادي بضرورتها طيلة الكتاب وقد طرح تعديلاتٍ خجولة جعلت البعض ممن يؤيدون فكرة الكتاب عمومًا ينتقدون مدى جخله في التعديلات التي اقترحها من التعديلات التي اقترحها (إلغاء المثنى) و (إلغاء التمييز بين المذكر والمؤنت في حالة الجمع) صحيح إنّ التعديلات التي اقترحها لا تتناسب (بالكمّ) مع كميّة النقد التي ساقها في الفصول السابقة، وحجم المشكلة التي نخوض فيها، إلا أنّي أراها جيّدة، فالكاتب لا ينصّب نفسه سيبويه القرن الحادي والعشرين بل يفتح الطريق لإجراء تعديلاتٍ تنهض باللغة العربية والمتحدّثين بها، فالتعديلات المطلوبة لا يمكن لشخصٍ واحد مهما علا شأنه أن يقوم بها منفردًا بل تحتاج جهدًا كبيرًا من مجمّعات اللغة العربيّة والجامعات التي تحوي أقسامًا لتدريس اللغة العربيّة. في النهاية أذكّر بضرورة قراءة كتاب "مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدةمغالطات لغوية - الطريق الثالث إلى فصحى جديدة" للدكتور عادل مصطفى الذي كان أكثر عمقًا، وتناول الموضوع منذ بداياته وأصّل المشكلة، وبالنسبة لي فإنّ قراءة هذا الكتاب في البداية كانت سببًا رئيسًا في فهم وتقبّل وجهات النظر التي طرحها شريف الشوباشي في الكتاب الذي تحدّثنا عنه....more
من الكتب المهمّة والجريئة والمنطقية والواقعية، كيف لا يتميّزبالمنطق ومؤلفه عادل مصطفى لديه كتاب (مغالطات منطقية) قد شرح فيه أغلب المغالطات التي يقع فيمن الكتب المهمّة والجريئة والمنطقية والواقعية، كيف لا يتميّزبالمنطق ومؤلفه عادل مصطفى لديه كتاب (مغالطات منطقية) قد شرح فيه أغلب المغالطات التي يقع فيها الناس في حواراتهم أقول إنّ المؤلف كان جريئًا للغاية بطرحه هذا لأنّه لا يجرؤ أحدٌ على نقد اللغة العربية بمثل ما فعل فمثلًا نقد الترادف الذي يعدّه معظم اللغويّون من ميّزات العربيّة الفريدة، ونقد العدد الهائل للأسماء لنفس الكائن وعرض نظريته لأسباب هذه الظواهر والمتمثلة في أخطاء منهجية أثناء جمع اللغة وتقعيدها نقد طريقة صياغة القواعد واعتماد العلماء على الشعر كمقياس للتقعيد بينما رأى أنّ النثر هو المقياس وهو الوعاء الحقيقي للغة بينما يشوب الشعر التكلف والجوازات تعرّض الكاتب لما يراه من أهم أسباب الفشل المنهجي في وضع القواعد واستنباطها وهو أنّ علماء اللغة العربية كانوا أعجميين فهم رغم إتقانهم العربيّة أشدّ الإتقان إلا أنّهم لم يتذوّقوها كما يجب أن يتذوّقها العربي ولم ينسَ الكاتب التعرّض لتعريب العلوم وما يرافقه من شجون يتمتّع الكاتب بثقافة واسعة حيث يذخر الكتاب بالكثير من الأمثلة من اللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية إلخ رغم إعجابي الشديد بموضوعات الكتاب إلا أني أعطيته أربع نجوم بدل خمسة لأنّ الكاتب حادَ عن نهجه في الكتاب ضمن فصل ميزات العربية فأنا لا أنكر أنّ للعربية ميزات عظيمة إلا أنّ الكاتب يبدو وكأنه أراد تلطيف الجوّ بسبب كثرة ما انتقد وجلب لنفسه العداء فأراد تخفيف وطأة الأمر واخترع ميزات استغرب صدورها منه بالذات مثلًا الجذر (ع،ل،م) اشتق منه عشرات الكلمات التي تختلف بحركات التشكيل تارةً وبأحرف الزيادة تارة ثمّ قال هل تتوفّر مثل هذه الميزة بباقي اللغات؟ ونسي أنّ الحرف العربي نعدّه حرفًا واحدًا بينما هو أربعة حروف بحسب حركته وهذا ما يشكّل عددًا كبيرًا من الاحتمالات الممكنة لتشكيل الكلمات بينما في لغة ٍ مثل اللغة الإنكليزية للحرف حالة واحدة هي السكون فقط بينما يجب إلحاقه بحرفٍ صوتي في كلّ مرةّ نريد تشكيل كلمة حيث إنّه لا يوجد كلمة مكوّنة بالكامل من حروف ساكنة كما لا يوجد كلمة عربيّة جميع أحرفها ساكنة...more