كان سجنه الحقيقي داخل ذهنه. ففي الذهن يكون الناس إما أحرارًا أو سجناء.
حين نرى زهرة وسط الصالكتاب خفيف وجميل ولكنه ليس من أفضل ما قرأت.
بعض الاقتباسات:
كان سجنه الحقيقي داخل ذهنه. ففي الذهن يكون الناس إما أحرارًا أو سجناء.
حين نرى زهرة وسط الصحراء، نعجب بها، أما إذا عشنا محاطين بالأزهار الجميلة فإننا لا نكترث للأمر.
صحيح أنّي لا أُتقنُ اللّغة الرُّوسية، لكنّي أُتقن قراءة الوجوه المُختبئة وراء الزمن. إنّ ذلك مثل قراءة الكلمات. نرى حروفًا فنحوّلها بالقراءة إلى أصواتٍ وأفكار. والشيء نفسه ينطبق على الوجوه. إن الوجوه لُغة ولا بدّ من معرفة قراءتها.
ثمة عدة أماكن يمكن أن يتوه فيها المرء، لكن لا يوجد مكان أكثر تعقيدا من مكتبة. بل إن الكتاب الواحد يمكن أن يُمثّل مكانًا نضيع فيه ونتوه. ...more
السُلطة المقبولة تستند أولاً إلى العقل. فلو أمرتَ شعبك بالذهاب وإلقاء أنفسهم في البحر، ثاروا عليك. لي الحقُّ في طلب الطاعة لأن أوامAn amazing novella
السُلطة المقبولة تستند أولاً إلى العقل. فلو أمرتَ شعبك بالذهاب وإلقاء أنفسهم في البحر، ثاروا عليك. لي الحقُّ في طلب الطاعة لأن أوامري معقولة.
أعرف كوكبًا حيث يوجد سيد ذو وجه أحمر، لم يسبق له أن شم زهرة. لم ينظر قط إلى نجمة، لم يحب أحدًا، أمضى حياته كلها وهو يجمع الأرقام. كان يردد مثلك طوال النهار: إنني منهمك بأمور مهمة، إنني منهمك بأمور مهمة. مرارًا وتكرارًا وهو ينتفخ كبرياء. لكنه ليس رجلًا، إنه فطر. إن الأزهار ضعيفة. إنها ساذجة، وهي تضمن أنفسها بأفضل ما يمكن. إنها تعتقد بأن أشواكها رهيبة� إليك سرِّي. إنه سرّ بسيطٌ جداً: بالقلب وحده يمكن أن يبصرَ المرء. والعين لا ترى الجوهريّ. إن الوقت الذي بددته على وردتك هو ما يجعل وردتك مهمة جدًّا. وإنه لمن المحزن أن ينسى المرء صديقا ،فليس كل الناس لهم أصدقاء. إن هؤلاء الكبار لا يدركون شيئاً من تلقاء نفوسهم فلا بد للصغار من أن يشرحوا لهم ويطيلوا الشرح ويكرروا. ولا يخفى ما في هذا من التعب والعناء. الكوكب الذي جاء منه الأمير الصغير هو الكوكب رقم ب 612 ويرتكز اعتقادي على أسباب وجيهة. فإن هذا الكوكب لم ير في المجهر إلا مرة واحدة في سنة 1909 وكان الذي رآه فلكيا تركيا. أثبت الفلكي اكتشافه بأدّلة قاطعة في مؤتمر فلكي دولي غير أّنه لم يجد من يصدقه لأنّه كان مرتدياً ثياباً تركية، وهذا دأب الكبار فما الحيلة؟ ثم إنّه، لحسن طالع الكوكب رقم ب 612، قام في تركيا "دكتاتور" فرض على الشعب، تحت طائلة الموت، ارتداء الألبسة الأوروبية، فارتدى الفلكي التركي لباساً أوروبياً أنيقاً، وأدلى في سنة 1920 ببيانه وأدّلته عن اكتشافه، فأنضم الجميع إلى رأيه هذه المرة. الكبار يحبون الأرقام فإذا حدثتهم عن صديق عرفته حديثاً أغفلوا مزاياه الجوهرية ولم يسألوك عن رّقة صوته ولا عما يؤثر من الألعاب ولا عن رغبته في جمع الفراشات بل يسألونك: في أية سنة هو، وكم عدد إخوته، وكم وزنه، وكم يربح أبوه؟ فإذا عرفوا كل هذا اعتقدوا أنّهم عرفوه رأيت بيتاً جميلاً مبنياً بالقرميد الأحمر وعلى نوافذه الرياحين وعلى سطحه الحمائم..."عجزوا عن تمّثل ذلك البيت، فإذا أردت الإيضاح وجب عليك أن تقول "رأيت بيتاً قيمته ألف دينار" فيصيحون قائلين: "ما أجمل هذا البيت!" الأزهار ضعيفة البنية ساذجة الطبع. تعمل على طمأنة نفسها قدر استطاعتها، فإذا تسّلحت بالأشواك حسبت أنّها تبعث الرعب في القلوب. عرفتُ كوكباً كان فيه رجلٌ قرمزي اللون. ما شم يوماً زهرة ولا نظر إلى نجمة ولا أحب أحداً فكان انهماكه طوال حياته في جمع الأرقام، وكان يردد في يومه، من صبحه إلى مسائه، ما قلت أنت: "أنا رجل رزين، أنا رجل رزين" وكان ينتفخ كبراً لكّنه ما كان رجلاً بل ضرباً من الفطر. ---------- فليس من الحكمة أن يطلب من المرء ما يكون فوق طاقته، إن أول أركان السلطة العقل. ألا ترى أن الشعب إذا أمرته بأن يلقي بنفسه في البحر استسلم للفتنة وثار عليك. أ ما أوامري فإن أنا اقتضيت تنفيذها فذلك لأّنها تنّفذ ----------- قال الأمير: وما معنى الإعجاب؟ قال الرجل: الإعجاب أن تقر لي بأني أجمل رجل على هذا الكوكب وأني أحسن الرجال أناقةً وثوباً وأكثرهم غنى وذكاء. قال الأمير: غير أّنك وحيد في كوكبك هذا. قال: وإن أكن وحيداً فاشرح صدري بأن تعجب بي. قال الأمير، بعد أن هز كتفيه: أنا معجب بك، لكن ما يهمك إعجابي؟ وانصرف الأمير الصغير وهو يردد في نفسه طوال رحلته: إن شأن الكبار لعجيب حّقاً. --------------- فقال له الأمير: ما تصنع هنا؟ قال السكّير بصوت ملؤه الحزن والأسى: أشرب. قال الأمير: ولماذا تشرب؟ قال: لأنسى. قال الأمير، وقد أخذته فيه الرأفة: لتنسى ماذا؟ قال السكّير وقد أطرق برأسه: لأنسى عاري. قال الأمير الصغير، وقد أحس برغبة في إسعافه ومساعدته: وأي عار؟ قال: عار الشرب. قال هذا ولزم الصمت. وانصرف الأمير الصغير متحيراً من أمره، وكان يردد في نفسه طوال رحلته: إن شأن الكبار لعجيب ------------------ لا يعرف المرء إلا ما دجن فالناس ليس عندهم من الوقت ما يمكنهم من معرفة شيء من الأشياء. هم يشترون حاجاتهم جاهزة. وما من باعة يبيعون الأصدقاء فلا أصدقاء للناس. فإذا شئت أن يكون لك صديق فدجني. ------------ لا يرى المرء رؤية صحيحة إلا بقلبه فإن العيون لا تدرك جوهر الأشياء ------------ للناس نجوم يختلف بعضها عن البعض الآخر، فمن الناس من يسافر فتكون النجوم مرشدات له، ومن الناس من لا يرى في النجوم إلا أضواء ضئيلة “ل� بدَّ لي، إذا أردت رؤية الفراشات، من تحمل جيرة بعض الديدان.� “فأ� تحاكم نفسك بنفسك لهو أصعب بكثير من أن تحاكم الآخرين. وإن أفلحت في أن تحاكم نفسك،فهذا يعني أنك حكيم حقيقي.� “إ� سرّ جمال الصحراء يكمن في أنها تخفي بئرًا في مكان ما.�
الرواية مؤثرة وملهمة، لكنها غمرتني بالحزن في الوقت نفسه.
اقتباسات:
عندما يكون امرؤ في حالة البحث، يحدث بسهولة ألا يرى إلا الشيء الذي يبحث عنه، وأن يعجز الرواية مؤثرة وملهمة، لكنها غمرتني بالحزن في الوقت نفسه.
اقتباسات:
عندما يكون امرؤ في حالة البحث، يحدث بسهولة ألا يرى إلا الشيء الذي يبحث عنه، وأن يعجز عن العثور على أي شيء أو عن الاستغراق في أي شيء لأنه لا يفكر إلا في الشيء الذي يبحث عنه. لأن لديه هدفًا، ولأن هدفه يستحوذ عليه. البحث يعني أن يكون لك هدف. ولكن العثور يعني أن تتحرر، أن تصبح قابلاً للتلقي، ألا يكون لك هدف.
المعرفة يمكن أن تُنقل، ولكن الحكمة لا. قد يستطيع المرء أن يجدها ويعيشها، ويتعزز بها ويقوم بأمور مدهشة من خلالها، لكنه لا يستطيع أن ينقلها أو يعلّمها.
الحكمة شيء لا ينقل. الحكمة التي يحاول حكيم أن ينقلها تبدو، دائماً، سخيفة.
أن اللطف أقوى من القسوة، وأن الماء أقوى من الصخر، والحب أقوى من الشدة.
الكلمات لا تعبر عن الأفكار جيدًا. إنها تصبح مختلفة بعض الشيء فور التعبير عنها، تصبح مشوهة قليلاً وسخيفة قليلاً. لكن يظل من المفرح بالنسبة إليَّ ويظل يبدو صحيحًا أن ما هو ذو قيمة وحكمة لشخص يبدو هراءً وسخفًا لآخر. ...more
الرواية رائعة ومهمة للغاية وتناقش قضايا الهوية والتمييز العرقي والديني وواقع الأكاديميا والسياسة في الولايات المتحدة، فضلا عن الحرب في فيتنام. رواية مالرواية رائعة ومهمة للغاية وتناقش قضايا الهوية والتمييز العرقي والديني وواقع الأكاديميا والسياسة في الولايات المتحدة، فضلا عن الحرب في فيتنام. رواية مهمة وشيقة. هناك معلومات مهمة عن الميثولوجيا والأدب الكلاسيكي.
بعض الاقتباسات:
الأدب الأوروبي كلّه انطلق من معركة.
ما أن تقع في قبضة الألم المعنوي، فإنك لن تتحرّر منه إلا بعدما يقتلك أولاً. واقعيته الفجّة لا شيء يشبهها.
الموسيقى التي أعزفها بعد العشاء ليست تخفيفًا لوطأة السكون بل هي شيءٌ من تجسيده: الإنصات للموسيقى لساعة أو اثنتين كل مساء لا يحرمني من السكون � الموسيقى هي السكون متجسّدًا.
لم أفعل أكثر من أن وجدتُ صديقًا، فاندفعت نحوي كل مكائد العالم.
أنت لم تعد تعارك جماعة حسنة التربية من نخبة الصفوة الذين ينادون بالمساواة بين الطبقات، ممّن يخفون طموحاتهم وراء أفكارٍ مستنيرة. أنت الآن تعارك في عالم حيث فظاظة الناس لا تعبأ بإخفاء نفسها وراء بلاغة الصالح العام.
إن توقع الاكتمال، ناهيك عن الكمال المتقن والعادل، يكون وهماً أحمقاً لا يحمله إلا عقل مراهق.
كأنما الموت ليس عاقبة الحياة بل عاقبة أن تكون يهودياً.
الناس يكبرون، الأمم تشيخ، والمشاكل تتقدم في العمر، أحياناً تشيخ المشكلات حتى تخرج من الوجود.
أن تقلع عن الخمر أسهل من أن تسيطر على الكراهية.
النقي والملوث، بكل عنفيهما وحدتيهما، دائما الحركة، متشابهان في حاجتهما المشتركة لوجود عدو. ...more
يرى «برنارد لويس» أن قبول الشعوب المسلمة للأحزاب الإسلامية قد ينعكس عند وصول القوى الأصولية إلى الحكم، حيث يبدأ الشعب ف نتائج وصول الأصوليات إلى الحكم
يرى «برنارد لويس» أن قبول الشعوب المسلمة للأحزاب الإسلامية قد ينعكس عند وصول القوى الأصولية إلى الحكم، حيث يبدأ الشعب في التفريق بين الإسلام كممارسة روحية وأسلوب حياة وبين تحويله إلى عقيدة سياسية لا تعرف الرحمة. ويكمُن ذلك في أن الحركات الأصولية تختزل المشاكل المعاصرة الملحّة في جانبي الأخلاق وقمع الحريات الجنسية، وترى أن حل جميع المشاكل يكمُن، بحسب تحليل «لويس»، في العودة إلى الأصولية الدينية وتطبيق الشرع، ولكن تعقيدات الحياة المعاصرة تتجاوز ذلك، ومشروعهم، بحسب «لويس»، لا يتضمّن ما يمسّ الواقع وما من شأنه تحقيق الرفاه الاقتصادي.
ويرى «لويس» أن وصول القوى الأصولية إلى الحكم خطير، وله تداعيات عالمية، وأن ذلك قد حدث في الماضي ومع بدء انتشار الإسلام، حيث غزا أماكن شاسعة سكنتها أممٌ مسيحية، وأن المسيحية، كديانة مسالمة، لم تردّ إلا بعد قرون، ويرى أن الحروب الصليبية هي بمثابة حركة انتصارية تولّدت كرد على الغزوات الإسلامية، وأن صعود الأصوليات من جديد قد يعيد تنشيط الروح الصليبية في أوروبا، وإن خفت الاهتمام بالمسيحية. مع ذلك، لا أجد تحليل «لويس» منطقيًا في هذه الناحية، لأنه يتبنّى وجهات نظر «جيبون» الذي يرى أن المسيحية أضعفت الإمبراطورية الرومانية، ويكرّر نظريات «نيتشه» وغيره من فلاسفة ماديّين، ويتجاهل هذا الخطاب جميع الحروب الضارية للإمبراطورية الرومانية (البيزنطية) ضد الفرس والآفار والبلغار والقوط والعرب غيرهم، ويتجاهل أن ضعف تلك الدولة ليس مرتبطًا بالمسيحية، بل بظروف أشد تعقيدًا، وأن الحروب مع البلغار والساسانيين والقوط قد أضعفتها كثيرًا، وما كان سقوطها إلا حتمية تاريخية لا علاقة لها بالمسيحية.
وعن تصوير الإسلام على أنه الخطر العالمي القادم، بعد اندثار الشيوعية، يرى «لويس» بأن ذلك حقيقي جزئيًا، لكنه يبقى مبالغة سخيفة عندما نأخذ الفرق في القوة القتالية بين الغرب والعالم الإسلامي، مع تفوّق واضح للغرب على المسلمين. شخصيًا، أرى أن مشكلة الإسلام مع الغرب اليوم تكمُن في أنه الدين الوحيد الفاعل في حياة معتنقيه بقوّة، ولا يزال يؤخذ على محمل الجد بحرفيّة عالية، ولهذا السبب يتصادم قيميًا مع رغبة الغرب في فرض قيمه والزعم بعالميتها، ومن هنا ينشأ هذا الصدام الثقافي أساسًا، المتمثل في رفض المسلمين لفرض القيم الغربية عليهم، وانزعاج الغرب من مقاومة المسلمين لهيمنتهم الثقافية على العالم. مع ذلك، يقرّ «لويس» أن العالم الإسلامي نفسه ينتهج على نحو متزايد الأساليب الغربية في الحكم والحياة والسياسة منذ الحملة الفرنسية والاحتلالات الغربية التالية.
مع ذلك، يرى «لويس»، في موضعٍ آخر من كتابه، أن الإرهاب هو السمة الأساسية للأصوليين، ويقصد هنا الإسلاميين، وأنهم يمارسون الإرهاب الداخلي إذا كانوا في معسكر المعارضة، ويمارسون الإرهاب الخارجي (التوسّع) إذا ما أحكموا السيطرة على مقاليد السلطة.
الصراع العلماني-الإسلامي في العالم العربي
في كتابه «مستقبل الشرق الأوسط: تنبؤات»، يرى المؤرخ والمستشرق برنارد لويس أن الديمقراطيين أو العلمانيين في وضع غير مواتي في الدول العربية لأنهم، وبدافع الإيمان بالمبدأ الديمقراطي، يمنحون الأصوليين فرصًا متساوية في الدعاية ويؤمنون بحقهم في الفوز بالانتخابات، في حين أن الأصوليين يرون في الديمقراطية خطًا أحادي الاتجاه يصل بهم إلى السلطة، مدفوعين بتصوّرهم لماضٍ أسطوري محاط بهالة من القداسة.
مع ذلك، أرى أن هذا المنظور تبسيطي للغاية لأن الديمقراطيين في المنطقة العربية لا يؤمنون أيضًا بحق الأصوليين في الوصول إلى السلطة، ولهذه الأسباب يؤيدون الانقلابات العسكرية إذا أسقطت أحزابًا إسلامية ظفرت بالانتخابات، ويؤيدون ويحاربون إلى جانب الدكتاتوريات القومية العلمانية إذا ما خاضت حربًا ضد تمرّد أو ثورة ذات طابع إسلامي. ما يتجاهله «لويس» أن العلماني العربي يتحدث عن الديمقراطية ولا يريد تطبيقها إذا لم تكن نتائجها تخدم مصالحه، في حين أن الإسلامي يستغل الديمقراطية � التي يرفضها كمبدأ � للوصول إلى السلطة، وعليه ليست هناك تيارات تؤمن بالديمقراطية في العالم العربي.
وفي موضع آخر من كتابه، يقول «لويس» بأن النظام البرلماني يضمن التبادل السلمي للسلطة لأنه ليس هناك نصر تام ولا هزيمة نهائية، وما تخسره الآن قد تظفر به غدًا. أمّا الأديان، فيقول «لويس» أنها لا تؤمن بذلك، لأن تأطير الصراع لا يتعلق بصراع اقتصادي أو سياسي، بل وفق ثنائية الحق والباطل، وأن الأصوليين بصفتهم محتكر «الحق» يرومون الوصول إلى السلطة وحرمان الطرف الآخر «الباطل» من أي حقوق ومن فرص المنافسة ونشر أفكارهم، وعليه فإنهم لا يؤمنون بتبادل السلطة. كلام «لويس» صحيح، لكنه يتناسى أن الأحزاب العلمانية في الكثير من الدول ترفض هي الأخرى وصول الضد الأيديولوجي لها إلى السلطة، وإن تحدثت بالحريات والحقوق.
مستقبل الديمقراطية في إسرائيل
في كتابه «مستقبل الشرق الأوسط: تنبؤات»، يرى المؤرخ والمستشرق برنارد لويس أن نجاح الديمقراطية في إسرائيل معجزة لأن أغلب سكّانها ينحدرون من دول ضعيفة في ممارستها الديمقراطية (ويقصد من دون أن يصرّح يهود شرق أوروبا والدول العربية وأثيوبيا، وهذا صحيح)، فضلاً عن الصراع المستمر الذي عاشته تلك الدولة والذي يعني منح المؤسسة العسكرية المزيد من القوة والسطوة، وأن هذين العاملين يرجحان قيام حكم عسكري وتضاؤل فرص التجربة الديمقراطية.
مع ذلك، يرى أن العزلة عن جيرانها أجبرت إسرائيل على اعتبار نفسها أقرب إلى أوروبا، وأن روما وباريس أقرب إليها من بغداد ودمشق والقاهرة، لكنه تنبّأ في تسعينيات القرن الماضي أن إسرائيل تتحول تدريجيًا إلى دولة شرق أوسطية، جزئيًا بسبب الزيادة الديموغرافية للسكان المنحدرين من الشرق الأوسط في تركيبتها وهيكلها السياسي، وأن من شأن ذلك أن يحوّل الصراع الداخلي فيها من صراع ما بين الأحزاب اليسارية الاشتراكية والليبرالية واليمين وفق المنظور الغربي إلى صراع ما بين الديمقراطيين والأصوليين (بمعنى العقيدة الدينية) على نمط الصراع في دول الشرق الأوسط.
أعتقد أن مثل هذا التصوّر يتحقّق بالفعل في إسرائيل الحالية، ولا يعود ذلك إلى السكّان الشرق أوسطيين فحسب، بل إن الكثير من الأصوات الإسرائيلية المتطرفة من أصول تنحدر من أوروبا الشرقية، لكن «لويس»، كمعظم الغربيين، يربط كل ما هو سيء بالشرق الأوسط، حتى على الصعيد اليهودي.
يرى «لويس» أن القومية العربية ذابلة ولا يبثّ فيها الحياة سوى الصراع الإسرائيلي وما تفعله إسرائيل بين الفينة والأخرى، ويرى أن فرص تحويل الدول العربية إلى دول علمانية ديمقراطية يعزّز فرص السلام مع إسرائيل (لكنه يتجاهل تمامًا حقوق الفلسطينيين ويتجاهل أسس الصراع)، ويرى قيم أن الديمقراطية والتسامح أقرب للانتشار في وسطٍ مرفّه منه في وسطٍ معوز، وهذا صحيح في نظري، لكنه يبقى يتجاهل أسس الصراع وغياب العدالة والروابط بين الدول العربية. ...more
إن جميع جرائم الإنسان لتبدأ بتشرّد الأطفال. الجرأة، هذا هو ثمن التقدم.
إن جميع الفتوح الجليلرواية رائعة، ملهمة، وحزينة في الوقت نفسه.
بعض الاقتباسات:
إن جميع جرائم الإنسان لتبدأ بتشرّد الأطفال. الجرأة، هذا هو ثمن التقدم.
إن جميع الفتوح الجليلة هي، كثيرًا أو قليلاً، ثواب الجرأة. فلم يكن كافيًا � لكي تندلع الثورة � أن يتنبّأ بها مونتسكيو، ويبشّر بها ديدرو، ويعلنها بومارشيه، ويدبرها كوندورسيه ويمهّد لها فولتير، ويتعمدها روسو. كان من الضروري أن يجرؤ عليها دانتون.
وهكذا الإنسان جحود، لا يعترف بفضل، يظاهر القوي ويعضد ذا البأس، ويتنكر لمن جاهد في سبيل البشرية وضحّى من أجلها.
التطرف هو تجاوز الحدود ونصب الشِراك.. إنه مهاجمة الصولجان باسم العرش، ومهاجمة تاج الأسقف باسم المذبح.. إنه الإساءة إلى الشيء الذي تؤيده، وتأييد الشيء الذي يسيء إليك.. إنه تعنيف المثّال للنقص في عبدة الأصنام.. إنه الإهانة التي هي من قبيل الإسراف في الاحترام.. إنه المبالغة في تعداد مناقب البابوية في البابا.. صفات الملكية في الملك. وكثير من النور في الليل البهيم.. إنه البرم من طير القادوس ومن الثلوج، ومن السوسنة، باسم اللون الأبيض.. إنه موالاة لشخص أو فكر إلى الحد الذي يستحيل معه مناهضته. إنه أن تكون مواليًا إلى درجة تصبح معها معارضًا.
- الهيجان، الانفعال، والحماس، والاشمئزاز، والحرية المكبوتة، والشجاعة الفتية، والأحاسيس النبيلة، والفضول، والميل إلى التغيير، والظمأ إلى المفاجأة، والحقد الغامض، والحزازات، والمآسي، والخيبة، والشظف، والأحلام الفاشلة، والطموح المقاوم .. ووراء هذا كله الدهماء، ذلك الطين الذي يشتعل ... هذه هي عناصر الشغب! والطغام، أو الحثالة، أو الرعاع، أولئك المرتزقة والمقامرون، جميع هؤلاء يكوّنون عناصر الشغب. وكل ناقم، وكل حاقد، وكل ثائر، يقف عن كثب من الشغب، ومتى قدحت الشرارة الأولى جرفهم التيّار. - ومن يصدّ الثورة؟ من يعيقها؟ إنه البورجوازي، إنه الرجل المكتفي، إنه الرجل الذي لديه الوقت للجلوس. ولكن الرغبة في الجلوس تُبطل الحركة، بل تصدّ تقدم الجنس البشري.. وهذا هو عيب الرجل القانع أو البورجوازي الذي هو وسطٌ بين الناس، هذا هو عيبه. وشعر البورجوازي، كما شعر السياسي، بالحاجة إلى رجل يتسنّى له النطق بكلمة: قف، هذا يكفي!
- لا شيء في أن يموت الإنسان، ولكنه من المخيف ألا يموت. - متى فاض الألم تداعت الفضيلة. - الأمور الوسط لا يعرفها الحب، فهو إما أن ينقذ وإما أن يحطّم.. الحب حياة إن لم يكن حتفًا. - ثمة آباء لا يحبّون بنيهم، ولكن ليس هناك جد لا يعبد حفيده. - هل يطيق الإنسان أن يجد نفسه بين دينين، دين لم يتخلّ عنه بعد ودين لم يتخذه بعد؟
- الحرمان في الصغر عظيم الجدوى متى آل إلى الفلاح، إنه طاقة توجّه إرادة الرجل نحو العمل المتواصل، وتلهم الروح، وتلهب الإحساس، وترهف الحس، وتجرّد الإنسان من الحياة المادية وتجعله يتشوف إلى الحياة المثالية. ...more
“Another vital truth that we Israelis have come to understand after so many months of war is that we need committed, strong allies here in the Middle “Another vital truth that we Israelis have come to understand after so many months of war is that we need committed, strong allies here in the Middle East, because what we have discovered � contrary to everything we believed in, to all the arrogant illusions we were fed for decades � is that we will probably not be able to win the next war on our own.�
“Peace must be the primary element in Israel’s security policy, for it is a condition no less critical to the state’s survival than its military might. Any agreement that strengthens Israel’s ties in the region � the ‘Abraham Accords�, for example � must address the Palestinian nation, its tragedy, and its wounds: the wound of being refugees, the wound of occupation.�
“Is there a chance for true peace between nations that are becoming more and more religious, fanatical and nationalistic? �
“Are these the states in which we want to live and raise our children?�
“Tell it to the eighty breaches in the most advanced border fence in the world.� ...more
وسط وشرق أوروبا في القرن الثامن عشر بعيون أرستقراطية إنجليزية بدأتُ البارحة بقراءة كتاب «رسائل السفارة إلى تركيا» Turkish Embassy Letters للأرستقراطي وسط وشرق أوروبا في القرن الثامن عشر بعيون أرستقراطية إنجليزية بدأتُ البارحة بقراءة كتاب «رسائل السفارة إلى تركيا» Turkish Embassy Letters للأرستقراطية والكاتبة الإنجليزية الليدي ماري وورتلي مونتاغيو، والتي شغل زوجها منصب السفير في القسطنطينية وتعد أول وثيقة غربية علمانية بقلم كاتبة عن المسلمين وشرق أوروبا. يضم الكتاب رسائل كُتبت بين عامي 1716 و1718، وتخلّد انطباعات الكاتبة عن المدن التي زارتها وعاشت فيها. عن روتردام الهولندية، تحدثت الكاتبة عن إكساء الشوارع بالحجارة وعن نظافتها، وكيف أنها سارت لمسافات طويلة من دون أن يتّسخ حذائها. تحدثت عن غياب المتسولين، بخلاف لندن، وعن تنوّع القبعات التي ارتدتها السيدات في الشوارع. تحدثت الكاتبة عن رخص البضائع عنها في لندن. وعن فيينا، تحدثت «مونتاغيو» عن جمال المدينة وضيق شوارعها ممّا يجعل المنازل مظلمة في الداخل. مع ذلك، أبدت إعجابها الكبير بالعمارة والأثاث والطعام وتنوّع النبيذ، وذكرت أن العديد من المنازل مؤلفة من خمس أو ست طوابق بسبب اكتظاظ السكّان، وأن الكثير من المنازل تسكنها أسر كثيرة ويفصلون الشقق بجدران داخلية. مع ذلك، بدت معجبة بالمدينة. كما تحدّثت الكاتبة عن ظاهرة الأقزام، التي تستهوي الشعوب الجرمانية، وأن أشكالهم مخيفة بسبب التشوهات، لكن الأمراء والأرستقراطيين يمنحون هؤلاء الأقزام حرية كبيرة في التحدث إليهم عن كل شيء. لم تبدُ معجبة شخصيًا بشغف الألمان هذا بهذه الشريحة السكانية. وعن براغ، نجدها تتحدّث عن مملكة بوهيميا وعن فقر الحال الواضح، وعن افتقار المنازل للمياه وأن مثل هذه الأمور تعد رفاهية بعيدة المنال لمعظم السكّان، وأن بعض معالم المدينة تحكي عن مجدٍ غابر. أثارت لديّ هذه المقارنات أسئلة حول الاستشراق: من الطبيعي أن يقارن الإنسان على الدوام بين ما يرصده وما يعرفه ويعيشه، وعليه لماذا تُتّهم هذه المقارنات بالاستعلاء أو المركزية الغربية عندما يكتب الغربيون عن الشرق؟ أليس هذا أمرًا طبيعي؟ ثم إنها لم تتوانَ عن الحديث عن كون روتردام تبدو أنظف وأجمل من لندن وعن خلوها من المتسولين الذين يملؤون شوارع بريطانيا. - حمام النساء: مقهى النساء في العهد العثماني في الرسائل التالية من كتاب «رسائل السفارة إلى تركيا» Turkish Embassy Letters للأرستقراطية والكاتبة الإنجليزية الليدي ماري وورتلي مونتاغيو، تحدثت الكاتبة عن رحلتها خلال هنغاريا وبلغراد في مطلع القرن الثامن عشر. أسهبت الكاتبة في الحديث عن الحروب التركية في شرق أوروبا في فترة السلطان سليمان القانوني والمدن التي أستعيدت من أيدي الأتراك، وتحدثت عن القرى المدمّرة نتيجة الحروب المتعاقبة. كما تطرقت لغابات المنطقة وكثرة الطيور والخنازير والذئاب البرية وفقر السكان (وكيف توفّر الطبيعة لهم احتياجاتهم)، وتحدثت عن استغراب السكّان من كرمها معهم، وإصرارهم على منحها بعض الهدايا. لفت نظري حديثها عن مدينة بودا (بودابست لاحقًا) وكأنها مدينة صغيرة فوق تل قرب ضفاف الدانوب، وتحدّثت عن هدايا من النبيذ الهنغاري، وعن جمال الهنغاريات الذي يفوق كثيرًا جمال النمساويات. تحدثت عن قرىً روسية في تلك النواحي، وعن ملابس القرويين البدائية المؤلفة من أغطية من الصوف. في الرسالة الثانية، بعد دخولهم الأراضي التركية، والحديث عن بلغاريا وأدريانوبوليس (أدرنه)، تحدثت الليدي «مونتاغيو» عن العربات الجميلة المغلفة لمنع الناس من رؤية النساء داخلها، ووصف رسوم سلاّت الأزهار والفواكه التي تزينها من الداخل وعن المقاعد الحريرية للعربة. ذكرت أن المشهد قد تغيّر تمامًا وكأنها تكتشف عالمًا جديدًا. تسهب بعد ذلك في الحديث عن حمام النساء الذي زارته، والذي تواجدت فيه أكثر من 200 امرأة محترمة وجميلة. قالت إنها دهشت لأنهن لم يبدين استغرابهن من كونها ترتدي ملابس تختلف عنهن، وتعاملن بلطف. وصفت قباب الحمام، عديم الشبابيك، وكيف يدخل الضوء عبر القباب المتصلة ببعضها، وتطرّقت لتفاصيل الحمام الساخن والبارد، وكيف كانت النساء عاريات تمامًا وهُن يتحرّكن بكل انسيابية، وقد اعتدن ذلك الأمر، مع خادماتهن. تصف النساء بأنهن بيضاوات ولهن شعورٍ منسدلة. تصف أيضًا تأثير العري الجسدي وكيف يجذب الإنسان بعيدًا عن ملامح الوجه، وكيف أن بعض النساء الجميلات من ناحية الجسد لم يكنّ الأجمل ملامحًا عند النظر إلى وجوههن. قالت إن النساء كُن يقلن عنها بالتركية «فاتنة، فاتنة جدًا» أثناء مرورها وسطهن. وصفت الحمّام بأنه مقهى النساء، حيث تُقال فيه كل الأسرار والفضائح، وأن النساء يقضين فيه أربع أو خمس ساعات كل أسبوع. وتحدثت عن فنانٍ إنجليزي وكيف سيتطوّر فنّه لو أتيحت له فرصة الدخول إلى الحمام وملاحظة كل هذا العدد من النساء العاريات بأوضاعٍ مختلفة: جالسات، يتحدثن، يعملن. وفي النهاية، أخبرت من كانت تراسلها، بأن هذه الرسالة وصفت لها مشهدًا لم تره في حياتها، ولا توفره حتى كتب الرحلات، إذ يستحيل على رجلٍ التواجد في مثل هذا الحمام من دون أن يكون الموت مصيره. ربما ألهب هذا الوصف مخيلة الفنانين الغربيين الذين أسرفوا في تصوير مشاهد من حمامات النساء في المشرق، وكلها من بنات خيالهم، إذ لم تتح لأيّ منهم فرصة الدخول إلى الحرملك، ناهيك عن الحمّام، وساهمت تلك اللوحات في بناء شرق متخيّل في العقلية الغربية في تلك العصور. ...more
سأكون صريحة معك: فأنت وقحٌ وساذج جدًا. انظر إلى نفسك. تتقن جميع الكلمات الرواية شيقة وجميلة.
اقتباسات:
في السياسة، لا تفيدك الرغبة أو الخيال بلا سلطة.
سأكون صريحة معك: فأنت وقحٌ وساذج جدًا. انظر إلى نفسك. تتقن جميع الكلمات التمائم: الديمقراطية، الوطنية، دولة الحقوق، فصل السلطات، المجتمع المدني، الإصلاح الأخلاقي. الخطير أنك تؤمن بها، والسيء أنك تقولها باقتناع. يا حبيبي، نيكولاس بالديبيا الحنون المعبود، لقد دلفت إلى الغابة وترغب في قتل الأسود بدون أن تحشو بندقيتك بالذخيرة.
لا يوجد بين الصحافي والمسؤول سوى حوارٌ أصمّ. إن المكتوب خفية سوف ينقلب علنًا ضدنا يومًا ما. كل سياسي عليه أن يكون منافقًا. كل شيءٍ مباح للصعود. ولكن على المرء ألاّ يكون مزيفًا وحسب وإنما ماكر. للنظام حدود، والفوضى تفتقر لهذه الحدود.
أطلق سراح أفكارك قبل أن تطلق هي سراحك. على المدى الطويل، إن لم تكن لديك أفكار سوف تهاجمك أفكار الآخرين. شرير أم ساذج، ميكافيللي أم مثالي، يعتقد صاحب السلطة دائمًا أنه على حق وأن من يعارضه خائن أو على أقل تقدير شخص لا لزوم له. في السياسة تكون الدماء الجديدة لازمة ولكنها خطيرة. ينبغي التأكد من أن ضحايانا ليس لديهم أسلحة للانتقام.
ليس هناك تدريب أفضل على السياسة من الزنا. أسرار، أسرار. مفاجئات. من الخطأ الاعتقاد أن الرئيس لا يحكم سوى الضعفاء. الأكثر ضرورة وصعوبة هو التحكّم في الأقوياء. إن اخترت من يدين لك بالكثير، يمكنك أن تثق أنه سيخونك ليثبت أنه لا يعتمد على سيادتك. بمعنى أن أكثر من يدين لك سيشعر بأنه مرغم على إثبات استقلاليته.
إن الليل يساوي مليونًا من المجندين. يتمتع الواحد في حرب العصابات بميزة عدم إتباع أية قاعدة؛ لأن العدو لا يحترم أي قانون. ليست هناك وسيلة أفضل ليحبك فريقك من أن تسمح له بالسرقة وتنسبها إلى العدو. كل عدو هو حصن يجب مهاجمته عسكريًا، باكتشاف زاويته الضعيفة، وكسر الخطوط وترهيب ساكنيه، فالشعب دومًا يؤيد التمرّد الناجح. الوقت ذو قيمة في السياسة. وأكثر من ذلك، فإن إتقان السياسة هو القدرة على تقدير الوقت.
إن أكثر الرجال قسوة هو أكثرهم افتقادًا للأمان. فهم قاسون لأنهم يخشون ألا يكونوا موجودين. تمنحهم القسوة صك الهوية. وهي أسهل الطرق. فالحب ومساعدة الآخرين والاعتناء باحتياجاتهم هو الذي يتطلب الوقت والعاطفة، وقليل من الناس يمتلكونهما. ليس هناك فوضوي واعٍ إلا وينتهي حتمًا إلى إرهابي. هذا لا مفر منه. إن مشكلة المساواة الكبرى ليست في التغلب على غطرسة الأثرياء، وإنما التغلب على أنانية الفقراء.
يقول أفلاطون أن الكتابة مثل الجريمة التي يرتكبها الأب؛ لأنها تستمر تحمل المعنى بعد غياب المتحدّث. إن عدم اتخاذ قرارات أسوأ من ارتكاب الأخطاء. الكوارث جيدة تقوّي عزيمة الشعب. النظام الرئاسي كالنظام الشمسي، سيادتك الشمس ووزراء الدولة هم الكواكب. ولكن لا أنت إله ولا هم ملائكة. السياسة هي فن الممكن، ورسم المتوقع، وتخطيط القدر.
الأسرار في السياسة مفضوحة، والفضائح هي الأسرار. فكّر في لغز كل ما تعرفه وأنسَ الأسرار، فهي أوعية فارغة، وهي تلاهي. عندما تجري الأمور في العلن، لا تثير الشكوك. الأسرار هي التي تثير حاسة الشم لدى الذئاب. هل تعلم أن القذر والمقدس يتقاسمان شيئًا. ولا نجرؤ على الاقتراب منه.
الصحفي الجيّد لا يغضب القرّاء بمدح أحد. يهاجم وحسب. فالثناء يشعرهم بالملل. إن أضواء السلطة قوية لدرجة أنها تكشف ما كنا عليه منذ الأزل، ونخفيه في ظلال العجز.
الجريمة التي دافعها الخوف من القتل أكثر انتشارًا من الجريمة الناتجة عن الغربة في القتل.
- ليس بإمكاني أن أظلم عدوًا. - أنت مخطئ، لأن العدو سيكون ظالمًا معك. ...more
انتهيتُ صباح اليوم من قراءة قصة قصيرة عن «القديس جوليان الفقير» للروائي الفرنسي غوستاف فلوبير، وبالطبع تتكرّر فيتمجيد الفقر في قصص القديسين والمتصوفين
انتهيتُ صباح اليوم من قراءة قصة قصيرة عن «القديس جوليان الفقير» للروائي الفرنسي غوستاف فلوبير، وبالطبع تتكرّر في القصة ثيمات معينة يتحوّل فيها شابٌ ثري وقاسي القلب، يتورّط في قتل والديه الثريان من دون قصد في مناسبتين وبطرق غريبة، إلى ناسك يتسوّل طعامه ويرفضه الجميع وتُغلق الأبواب في وجهه، وينتهي به الأمر لقبول أحد المجذومين ومنحه طعامه وشرابه (الذي يتحوّل إلى خمر) وملابسه، ويتركه لينام في سريره، بل وينام بالقرب منه عاريًا ليدفئه، وإذا به المسيح متجسدًا.
بالطبع، يتحدّث «فلوبير»، الذي زار الشرق، عن الكثير من المشاهد الشرقية في القصة، فيصف «جوليان» في صباه وقد حصل على سيفٍ معقوف من سيوف السراسنة (العرب)، ويصفه بأنه يصيد على صهوة جواده كفارس عربي، ويذكر مشاهد مطاردة النعامات في الصحاري، ويذكر بابل بالطبع. في قصص القديسين، تتكرّر ثيمات تحوّل شاب ثري، وفارس شجاع أخضع الممالك في هذه الحالة، إلى متسوّل يرضى بحياة مهينة، ولهذه القصص صدىً عند المسلمين الصوفيين، والذين يمثلون في الغالب نسخة شعبية ذات نزعة مسيحية من الإسلام.
الغريب هو هذا التبجيل لشظف العيش والفقر، بل والرفض الاجتماعي، وجعله قرينًا للتحوّل الإيجابي في عيون المسيحية الأرثوذكسية والكاثوليكية والتصوّف الإسلامي، لدرجة أنهم يجعلون الفقر قرينًا للإيمان والقداسة بشكلٍ لم يرق لي يومًا منذ الطفولة. ...more
النزعة الاستشراقية لأوائل المستوطنين اليهود في فلسطين
في قراءتي لرواية «قصة عن الحب والظلام» لعاموس عوز، وغيره من روائيين إسرائيليين ولدوا قبل قرار ا النزعة الاستشراقية لأوائل المستوطنين اليهود في فلسطين
في قراءتي لرواية «قصة عن الحب والظلام» لعاموس عوز، وغيره من روائيين إسرائيليين ولدوا قبل قرار التقسيم، لا يمكننا إغفال النظرة الاستشراقية للمستوطنين القادمين من أوروبا لهذه الأرض الجديدة، وفي كثير من الأحيان نلمح نظرة استعلائية غربية لا يمكن أن تصدر إلاّ من شخصٍ يشعر أنّه أوروبي، ويحتقر الشرق، ولكن أوروبا ترفضه وأجبرته على المغادرة.
ليلة البارحة، بدأتُ بقراءة كتاب «مع الأتراك في فلسطين» With the Turks in Palestine، لألكساندر آرونسون، المولود لأسرة يهودية مهاجرة من رومانيا في مستوطنة في جبل الكرمل، شمال الأراضي المقدسة. يتطرق الكتاب لحياة المستوطنة، والعلاقة مع العرب والسلطات التركية قبيل الحرب العالمية الأولى وأثنائها.
تزخر الفصول الأولى من الكتاب بمحاولات رسم ملامح التفوق الأوروبي اليهودي على السكّان المحليين، ونشر بروباغاندا المشروع الصهيوني، ووصف سوء أوضاع الإدارة العثمانية.
عن مستوطنته، حاول رسم صورة مشروع حضاري وسط بيئة بربرية. تحدث عن إدخال أشجار اليوكالبتوس من أستراليا، وعن كون القرى الزراعية تستخدم أحدث التقنيات، التي يحتقرها العرب، وأن مشروعهم ليس رجعيًا، ويتمثل في إقامة قرى على النمط الشيوعي يتشارك فيها النساء والرجال العمل على حدٍ سواء، ويحظون بحقوقٍ متساوية، فيما يحبس العرب نساءهم في الحرملك.
في الواقع، يحتاج هذا الخطاب الحداثوي للتفكيك حيث إن النساء في الأرياف عملت إلى جانب الرجل، وربما أكثر منه، عبر التاريخ وحول العالم، ولم يكن هناك مجتمع زراعي واحد يمنع المرأة من العمل، فضلاً عن ضرورة أن نفهم أن العمل وسيلة لا غاية، وأن كل إنسان ثري وله مصادر دخل دائمة لن يفضّل العمل، لأن الجميع يحب أن يعيش حياة راحة لو أمكنه ذلك، لكنّ الشيوعية حاولت جعل العمل غاية بحد ذاته. بالطبع، لا يمكن لأحد إنكار مشاركة النساء الفلسطينيات في جمع الزيتون في جميع القرى� مسلمين ومسيحيين.
تحدّث «آرونسون» أيضًا عن إقامة محكمة يهودية للمستوطنة للفصل في كل القضايا، وأنهم لم يشهدوا حالة قتل واحدة حتى. وتحدّث عن حصولهم على المواطنية العثمانية، وسفره إلى الولايات المتحدة للحصول على الجنسية الأميركية ونشر البروباغاندا الصهيونية في عام 1910. وتطرّق لحادثة يقول فيها أن طبيبًا يهوديًا كان يعالج جميع السكان، بغض النظر عن العرق والدين، قد هوجم برفقة فتاة في السادسة عشرة من عمرها من قبل أربعة عرب بهدف اغتصابها، وأنهم لذلك أدركوا ضرورة التسلّح لحماية أنفسهم.
عبّر «آرونسون» عن عدم رغبته في خدمة الجيش العثماني في الحرب العالمية الأولى، مع إقراره أن قرار الدولة بفرض التجنيد على جميع المواطنين، بما في ذلك اليهود والمسيحيين، كان بوابة للحصول على حقوق متساوية. وذكر أنه رغم ذلك لا ينكر أن تركيا فتحت أبوابها على مدى ستة قرون مرحبة باليهود الهاربين من اضطهاد محاكم التفتيش الإسبانية وغيرها من الدول المتحضرة في أوروبا.
في الفصول الأولى، يتكرّر ذكر التأثير الألماني على الدولة العثمانية في أواخر أيامها، من خلال وجود موظف ألماني عند تقديمه للتجنيد في حيفا وعكّا، والزي العسكري الكاكي والبوطات العسكرية التي حُدثت بمساعدة الألمان � قبل خمس سنوات � وغطاء الرأس الخاص الذي صمّمه أنور باشا ليمزج بين العمامة الشرقية والخوذة الألمانية لدواعٍ عملية، وسُمّي بالأنورية.
وعند الحديث عن الجيش، تزداد الإشارات إلى العرب وكأنهم شعب همجي. إذ يصفهم بالمتوحشين، وأنه اضطر للنوم مع المئات من العرب «المتسخين»؛ وأن الحذاء بالنسبة للعربي للمناسبات فقط وأنه، وعند المشي لمسافات طويلة، يخلع حذائيه ويحملهما تحت إبطه ويسير حافيًا؛ وأنهم يأكلون الرز � الطعام الوحيد في الجيش � بأصابعهم وأنه اضطر لإغماض عينيه عند الأكل مثلهم لتجنّب رؤية المناظر المقزّزة؛ وذكر أنهم يعاملون النساء أقل من الحصان، وأن العرب هاجموا حصانًا وأكلوه بسبب الجوع. وأشار إلى أن العربي يحترم القوة الوحشية ويستخدمها ضد ضحاياه ويتوقّع معاملة مماثلة ممّن هم أقوى منه. مع ذلك، يقرّ بأن الجميع عامله بلطف.
وذكر بأن بعض المسيحيين العرب أفضل وأنهم يجيدون القراءة والكتابة ويتفوقون على نظرائهم من «المحمديين» في البلاد. في الواقع، هذا الفارق كان نتيجة للتجهيل العثماني وافتتاح الإرساليات للمدارس في أواخر القرن التاسع عشر، وقبل ذلك تساوى الجميع في الجهل بسبب سوء الإدارة العثمانية. كما ذكر دبكات العرب، وكيف استمرت لساعات وسط نشوة من دون خمر، وأنهم تحدثوا عن الطقس والمحاصيل وقصص لا تنتهي عن أبو زيد الهلالي وعنترة بن شداد. فوجئتُ صراحة لانغماس السكان المحليين بتلك القصص العربية، ممّا يشي بمدى تغيّر الأجيال اللاحقة ونسيانها مثل تلك القصص بعد التغريب. وذكر بأنهم يكثرون من الحديث عن نابليون بونابرت والملكة فيكتوريا وكأنهم لا يزالون على قيد الحياة.
وعند شكواه من النوم في المسجد مع الجنود في صفد، كان المسؤول، وهو عربي من اللاذقية، يجلس على الأرض في خيمته، ويقول له بأنه يجب أن يكون سعيدًا لأنه يخدم السلطان، وأن وضعه ليس بأفضل من وضع الجنود، لكنه سمح له في النهاية بالنوم في خان أو حانة يملكها يهود، وأن ذلك كان أفضل من النوم في المسجد الثكنة. ...more