الاسم: ابنُ عُمر. الكاتب: محمّد حمّودة. دار النشر: كتوبيا للنشر والتوزيع. عدد الصفحات: 449. نوع العمل: سيرة ذاتيّة مُنكّهة بنكهة رواية.
عَرِفتُ الرواية من الاسم: ابنُ عُمر. الكاتب: محمّد حمّودة. دار النشر: كتوبيا للنشر والتوزيع. عدد الصفحات: 449. نوع العمل: سيرة ذاتيّة مُنكّهة بنكهة رواية.
عَرِفتُ الرواية من إحدى رفيقاتي التي أخذتها حُجّة حاجّتني بها عندما تباطأتُ ورفضتُ النشر الورقيّ لصِغر سنّي.. قالت وقتها أنّ الكاتب الذي يكبرني بعامٍ واحدٍ قد نشرَ روايته الأولى ولاقت استحسانًا بين الجمهور.. قولها لم يدفعني للنشر.. بل أيقظَ الفضول داخلي للعمل الذي أشاد به الكثير.. ولم يخب ظنّي!
عادةُ البدايات أن تكونَ ضعيفة بها قصورٌ في عدّة مواضع.. تنمّ عن قلّة خبرة الكاتب.. لكنّ هذه الرواية أثبتت أنّ لكل قاعدةٍ شواذها.. وأنّ البدايات قد تكونُ مُحكمة مترابطة متماسكة.. ومدهشة!
لغة الرواية هي أول ما يجذبني فيها.. فإن كانت قويّة عميقة المعنى بليغة اللفظ.. كان لها في قلبي عظيمُ الأثر.. وقد كانت اللغة أول ما أدهشني في العمل.. لغةٌ عربيّة فصيحة، مزينةٌ بحُليّ العبارة وزخارف الأسلوب.. مُطعّمة بكلماتٍ ليبيّة تجعلكَ تُحلّق من بيتكَ إلى طرابلس لتعيشَ أحداثها وجوَّها..
لم تكن اللغة فقط هي المدهشة.. بل الأكثر دهشةً هو الوصف المفصّل الذي جعلني أقسم في داخلي أنّ الكاتب رأى ذلك رأي العين.. كيف يُعقلُ أن يكونَ هذا الوصف الدقيق والتفصيليّ للساحات والباحات والبيوت والمساجد والآثار «مُتَخَيّلٌ» فقط؟ أيّ عقلٍ ذاك الذي يتخيّل بهذه الدقّة ثمّ يصفها بهذه البراعة! حتّى ليُخيّل إليّ أنني بينَهم وفيهم ومعهم في كلّ خطوةٍ!
لا أُحِبّ الروايات التاريخية.. ولا طاقة لي بقراءتها وتحمّل تعدد شخصياتها وتقييد ريشة الكاتب بأحداثٍ معروفة سلفًا.. ورغم ذلك.. وجدت بي حُبًّا لهذه الرواية أذهلني! فعلى الرغم من كثرة الشخوص وتتابع الأحداث، لم تخلُ من الحماس والتشويق وتدفّق الأدرينالين في العروق! كأنني مع إبراهيم تحت شجرة البرتقال.. ثمّ في الحجر المنازل.. ثمّ في ساحة التدريب.. وفي قلب المعركة.. في تمرّده.. في ثورته.. في هزيمته.. في نصره.. في انسحابه.. وأخيرًا.. في سلامه!
بدا لي حرفُ الكاتب متأثرٌ بكتابات السيّدة رضوى عاشور بشدّة.. وتحديدًا روايتها «ثلاثية غرناطة» نفسُ الأسلوب والنهج الذي اتبعته في سرد الأحداث التاريخية.. ونفس الإسهاب في الوصف.. حتّىٰ تشعب الشخصيات وكثرتها! وإن كان فاقها دهاءً، فاختار شخصياته بحِنكةٍ ليعايشوا التاريخ من داخله ويكون لهم تأثيرٌ فيه وعليه.. لا أن يكتفوا بمشهد المتفرّج المتأثّر بالأحداث من بعيد..
ظهرتْ ألمعيّة عقل الكاتب عندما استطاع عرض كمٍّ هائل من المعلومات التاريخية دونَ إشعار القارئ بالملل _بالأخص قارئة تكره التاريخ مثلي_ قرأتُ الرواية على جلستين متفرّقتين لم يمنعني من القراءة إلا سقوط رأسي على الكتاب وغفوتي! لم أتخيل يومًا أن أقرأ عن تاريخ ليبيا بهذا الشغف.. وأنا التي لا أقرأ عن تاريخ مصر حتى! فألممتُ بالموت الأسود وما فعله بالمساكين.. وألممتُ بلؤم الحكام وتوزيعهم لكعكة البلاد دونما حساب للشعوب.. وخسّة المحتل مهما كان لسانه الذي ينطق به.. وأنّ صاحب الحقّ الذي لا يملك سلاحًا.. لا يملك حقًّا! وهذه نقطة تُحسب للكاتب.
أكثرُ ما أبدع فيه الكاتب كان وصف دواخل الشخصيات وصدق مشاعرهم وتأثرهم.. ضعفهم البشريّ.. سقوط القيم والمبادئ تحت سطوة التعذيب والتنكيل.. نقطة تحوّلهم من العفو إلى السنّ بالسنّ والبادئ أظلم.. وصفه للمعارك.. للتخطيط.. لتجهيز الجُند.. لساحة المعركة وما حلّ بها.. لعله أفضل وصفٍ قرأته لساحة معركةٍ حتّى الآن! الأفضل على الإطلاق!
أحببتُ أبياتَ الشافعيّ وإحسان اختيارها لتتناسب مع الأحداث كأنما كُتِبتْ خصيصًا لأجلها!
وإن كان لي على الرواية مآخذٌ ترددتُ في الإفصاح عنها ثمّ قررتُ أن أذكرها لتكون تبصرةً، لحاجة الكاتب لرؤية روايته بعين القارئ.. بالأخص كونه العمل الأول.
أولها أنّ السباب كثير في الرواية دونما داعٍ.. فإن كان هذا ديدنُ الشخوص والأبطال فنحنُ بصدد عملٍ أدبيّ يرتقي بالذوق العام.. فلا يصحّ الإكثار منه.
وثانيها أنّ الكثير من أفعال إبراهيم لا تليقُ بحافظٍ لكتاب الله وطالب علم بعقليّة فذّة كابن عُمر.. وذلك من بداية الرواية وليس فقط في آخرها.. فإن قيلَ: هي لإظهار بشريّته.. إذًا.. وجب على الكاتب أن يصرّح أو يلمّح أنّه أخطأ حينما فعلَ كذا وأن ذلك ليس من الشرع في شيء.. قِس على ذلك تقبيله لمحبوبة واحتضانها وشربه للشيشه قبيل زفافه والذي تكرر أكثر من مرّة.. وتدخينه للسجائر التي جعلها الكاتبُ سهلةً وعاديّة كأنّه يشرب كأس ماء! وليس فقط إبراهيم.. بل وحتى عبدالسلام وأفعاله مع خيرية. ذلك بالإضافة لكون تلكَ المشاهد غير مؤثّرة في حبكة الرواية ولا تُضيفُ إلى الرواية شيئًا جديدًا!
ثالثها أنّ الكاتب جعلَ إبراهيم يثق بلويز ويختلط معه اختلاطًا يصل للانصهار وهو نصرانيّ على غير دين الإسلام.. وأدخله بيوت المسلمين وأمّنه على أهل بيته وهو شيءٌ لا يفعله حافظٌ لكتاب الله.. فهُم وإن كانوا أهل ذمّةٍ إلا أنّ الشرع نهىٰ عن اتخاذهم أولياء. أضف إلى ذلكَ إصلاحه للكنيسة وهي دارٌ يُعبد فيها من دون الله ويشركون معه في العبادة.. فكيف لمُسلمٍ حافظٍ لكتاب الله تتلمذ على يد شيخ صالح أن يقبل بذلك ولا يجد في صدره حرجًا؟ فإن قيلَ: حاجتهُ للمال.. أقول: أتقتصرُ مهنة النجّار على إصلاح الكنائس وحسب؟
ذلكَ مأخذي عليها من الناحية الشرعيّة.. فإن عُدنا للناحية الأدبية والفنية.. فالشخصيات كُثُر دونما داعٍ.. وبالأخص أسماء الشخصيات.. فهناك من ظهروا مرّة واحدة فقط ومنحهم الكاتب اسمًا.. وهناك من لم يكن لهم ظهورٌ ومنحوا اسمًا أيضًا.. والحقّ أن ذلك أربكني كقارئة وجعلني في حيرةٍ من الشخصيات..
وإن كنتُ أقولُ ذلك فالمآخذ ما هي إلا نقطةٌ سوداء في ثوبٍ ناصع البياض.. ولم تكن لتُرى لولا بياض صفحة الرواية. وأتمنىٰ أن تمتلئ مكتبتي الصغيرة بأعمالٍ عديدة مُبدعة للكاتب.
الاسم: الأميرة المنسيّة. الكاتب: نَزهة النميلي. دار النشر: حكاوي للنشر والتوزيع. عدد الصفحات: 206.
اكتشافُ قلمٍ جديد مميز ورائع أشبه بإيجاد كنزٍ ثمين مدفوالاسم: الأميرة المنسيّة. الكاتب: نَزهة النميلي. دار النشر: حكاوي للنشر والتوزيع. عدد الصفحات: 206.
اكتشافُ قلمٍ جديد مميز ورائع أشبه بإيجاد كنزٍ ثمين مدفون في الأرض.. لم أقرأ للكاتبة من قبل، بيدَ أنّ العديد ممن أثق برأيهم رشّحوا لي كتاباتها كلّها وأثنوا عليها.. ولذلك خضتُ غمار التجربة.. وقرأتُ لها...
لغةُ الكاتبة سلسة وواضحة.. تجمعُ بين السهولة والبساطة والوضوح.. لا تخلو من المحسّنات البديعية والحُليّ اللفظية التي أكسبتها رونقًا وبهاءًا...
لم أحبّ روايات التاريخ يومًا.. كنتُ أشعر دائمًا بالملل والنفور ما إن تذكر أمامي رواية تاريخية.. ولكن.. ما إن بدأتُ في تلك الرواية حتّى سافرتْ بي إلى الماضي الأسيف وسرقتني تمامًا من عالمي..
استطاعتْ الكاتبة أن تجعلني أشعر بالفضول والتشويق والحماس وكأنني في روايةٍ بوليسيّة لا تاريخيّة عريقة.. وهذا ما لم أظنّ أبدًا أنني سأشعر به حيال رواية تحكي تاريخ المغرب القديم..
كنتُ دائمًا فضوليّة حيال المغرب.. بالأخص عندما علمتُ أنهم من فتحوا أذرعهم وبيوتهم للأندلسيين الهاربين من محاكم التفتيش والتطهير العرقي.. كنتُ أشعر دائمًا بالامتنان لهم والكثير والكثير من الحبّ.. كذلك أحببتُ الحديث عن القِتا ل والجها د وسلّ السيوف وحمل الدروع والزود عن الأرض والعرض.. وحيثُ أنّ الرواية جمعت كلّ ذلك معًا بطريقةٍ رائعة فقد شعرتُ بأنها شربة ماءٍ باردة على ظمأ.. أو وجبةٌ دسمة بعد مسبغة!
أحببتُ عقليّة لالة الحرّة.. وأحببتُ ثباتها وصلابتها وقوّتها.. كانت رائعة كقائدة وابنة وزوجة وأخت وأم.. حتّى أنني تعجّبتُ كيف طوى النسيانُ صفحتها وأسقطها التاريخ من صفحاته!! وكأنما كُتب لها أن تُبعث من جديد بقلم الكاتبة.. وأن يترحّم عليها وعلى سيرتها العطرة الطيبة!
نهاية الرواية أثبتت أنني أقرأ لكاتبةٍ رحيمةٍ رقيقة رقراقة.. وكأنّما كرِهتْ أن تظلّ قلوبنا مشحونة بالغضب والكراهية لشخصيات روايتها.. فأظهرت جانبهم الإنسانيّ ببراعة.. وتحدّثتْ عن دواخلهم بمهارة فائقة.. لم تجعل شخوص روايتها ملائكة.. ولم تصفهم كشياطين.. كانوا بشرًا عرضةً للزلل والخطأ... ثمّ عاقبتهم على جُرمهم وخطأهم.. ثمّ عفتْ عنهم وأصلحتْ ذات بينهم! فكما منحتهم إنسانيتهم وبشريتهم، فقد منحتهم فرصة العودة إلى الحق والإنابة.
الاسم: السردار. الكاتب: أسماء الريّس. دار النشر: حكاوي للنشر والتوزيع. عدد الصفحات: 293.
لم أكن قد قرأتُ للكاتبة من قبل، وكانت البداية مُبشّرة للغاية! أول الاسم: السردار. الكاتب: أسماء الريّس. دار النشر: حكاوي للنشر والتوزيع. عدد الصفحات: 293.
لم أكن قد قرأتُ للكاتبة من قبل، وكانت البداية مُبشّرة للغاية! أول ما شعرتُ به عند قراءة الرواية أنني وقعتُ على كنزٍٍ عظيم! ونما داخلي شعورٌ بالحيرة بين أن أُخفيه وأستأثر به لنفسي.. وبين أن أنشرهُ بين الناس فينهل منه كلّ وارِد..
لغة الرّواية قويّة مُحكمة مترابطة وآسرة.. تجعلُك متلذذًا مستمتعًا بما تقرأ.. مستزيدًا غير مُكتفي! أنا كثيرةُ التوقّف عند المُرادفات وصياغة العبارات.. مستمتعة حينًا ومنبهرةً أحيانًا.. ويشقّ على المرء أنّ الرّواية انتهت!
لم تكُن حبكة الرّواية بالبسيطة.. ولا السهلة.. كانت معقّدة ومتشابكة الخيوط.. ما إن تحلّ عقدة حتى تظهر لك أخرى.. وفي نفسي تعجّبتُ من الخيال المُتّقِد الذي استطاع الدّمج بين الحاضر والماضي والمستقبل.. والتنقّل بينهم بسلاسة وبراعةٍ دون تشتيتٍ أو إرباك! للحقّ.. حبكة الرواية لا تصفها العبارات ولا توفّيها حقّها الكلمات! فسُبحان من ألهم وعلّم!
كانت الفكرة عبقريّة.. لدرجة أنني لم أعرف كيف أخبر الكاتبة بقدر روعتها وانبهاري بها سوى أن أخبرها بأنها «فاتِنة»..
أحبّ الروايات التي يقدّر الكاتب فيها عقل القارئ.. أحبّ أن ألمس بنفسي الجُهد المبذول على العمل.. وتفاني الكاتب فيه ليخرج بهذه الجودة وبهذا الجمال! وقد كنتُ أرى في كلّ موضعٍ سهر الكاتبة على المراجِع وأمهات الكُتب تنهلُ من علمهم لتخرج لنا إبداعًا منقطع النظير! ولم يخب ظنّي عندما اطّلعتُ على قائمة المراجع في نهاية العمل.. فعلمتُ وأيقنتُ أنني أمام عقليّةٍ فذّة وقلم لا يُضاهى!
كانت مشكلتي دائمًا مع كُتب السّيرة أنها تُكتب بأحد الأقلام.. إمّا عالمٌ تَقِيّ ورِعٌ عرِف الله وعرف نبيّه وعرف سيرة زوجاته وصحابته فكتب عنه بقلم فقيه لا بقلم أدبيّ.. فتجدُ اللغة ثقيلة على النّفس.. مليئةٌ بالحشو والإسهاب.. مملّة مكررة في أكثرها.. وإمّا بقلمٍ أدبيّ أنيق عرف الفصاحة والبلاغة والبيان.. ملك مفاتيح الإبداع فحرّك ريشته الذهبيّة بقليل علمٍ وكثير تحريف.. يُدخل الحديث الصحيح على الموضوع.. والحسن على المكذوب.. والمرسل على الغريب.. فيُفسد أكثر مما يصلح، وينقلبُ عمله عليه وبالًا!
أمّا هذه الرواية، فقد أدهشتني حيثُ جمعت الكاتبة بين العلمِ والفقه ودقّة السند وصحّة المتن.. وبين الحرف الأدبي الأنيق الرشيق.. والريشة الذهبيّة التي سافرتُ على متنها من منزلي إلى منزل رسول الله أعيشُ السيرة لا أقرأها!
تتحدثُ الكاتبة عن المُستقبل فأرى فيه واقِعنا.. وتتحدّثُ بشيء من الخيال فأرى فيه حالنا.. أخبرُها: «كأنّ قلمكِ مُسدد الرّمية.. يعرفُ هدفه فيُصيبهُ ولا يحيدُ عنه..»
تجيدُ الكاتبة رسم الشخصيات وتُبدِعُ في رسمِ دواخلها ومشاعرها كأنها جالسةٌ أمامك تُفصِحُ عن خبيئتها! تُبكيني معهم.. ويضيقُ عليّ صدري حتّى يكاد يحطّم أضلعي مثلهم.. وتُضحكني حتى أكاد أسمعُ رنّة الضحكات في أذني.. أعيشُ معهم.. أفراحهم وأتراحهم.. شهقاتهم وأنّاتهم..
بالناية.. هذا العمل ثقيلٌ في القلب، خفيفٌ عليه.. نادرٌ لا تقع العين على مثله.. مغبونٌ من استطاع قرائته ولم يفعل.. ومسكينٌ من لم يغتنمه ويستفد منه!
حيّا الله الحرف وكاتبه، والمشعل وحامله، والحق وصاحبه.. والتاريخ ومدوّنه.. والمعنى وموصله.. حيّا الله الكاتبة....more
الاسم: أمسِكْ عليكَ قلبكَ. الكاتبة: محبوبة محمّد سلامة. دار النشر: دار البشير للثقافة والعلوم. عدد الصفحات: 104. نوع العمل: كتابٌ فريدٌ من نوعه!
أتخيّل أنّالاسم: أمسِكْ عليكَ قلبكَ. الكاتبة: محبوبة محمّد سلامة. دار النشر: دار البشير للثقافة والعلوم. عدد الصفحات: 104. نوع العمل: كتابٌ فريدٌ من نوعه!
أتخيّل أنّه ربما بعد عَقدٍ أو عَقدين من الزمان.. سيُدوَّنُ في كُتب الأدب أنّ كاتبة _رِقراقة الحرف عذبةُ الأسلوب.. يُشبه حرفها حَرف المنفلوطيّ كأنها من نَسلِه_ غيّرتْ مفهوم الكُتب في أذهان الناس.. ونَفَتْ الحُجّة الباطلة القائلة بأن الكُتب مُملّة!..
أسألُ الكاتبة، ما تصنيفُ عملك الأدبي فتضحكُ قائلة: «أنا ودارُ النّشر حَيارى» والحقّ أنه مزيجٌ حلو بين تشويق الرّوايات ونفعُ الكتب وخيرُها..
أحاديث الكتاب مُباركة كأرضٍ رُويَتْ بماء زمزم.. مسكيّةُ النفحات كأنها بمكّة.. قُدسيّةُ القَسمَات كأنما كُتبت بساحات الأقصىٰ.. تبعث على الهدوء والسكينة.. وتخمد نيران الحُزن والضغينة.. تُعيد للمرء عقله، وتُثيبُه إلى رُشده.. بين أسطر الكتاب وأحرفه.. أنا وجدتُ الكثير من أجوبتي!
لُغة الكتاب لا غُبار عليها، ومثلي لا يحقّ له التعليق على لُغة حفيدة المنفلوطيّ وصائغة الأحرف.. غير أن ما يُميزها عن الكُتب أنها حيّة تتنفّس!
المرّة الأولى لي التي أقرأ فيها حرفًا فأشعر بأنفاسه وأمارات حياته.. إن أحرفها حيّة نابضة بالحب، والرحمة، واللطف، والأُنس، والخير.. والكثير من الحُزن.. مهما كان الأمل طاغيًا على لغة الكتاب فأنا أكاد أُقسم أن الحرف حزين جدًا.. هناك شيء باعثٌ على الشجىٰ في ثنايا وخبايا الكلمات... كأنما كُتبتْ بماء العين!
تعرّفتُ على سردٍ جديد من نوعٍ مميز وفريد للغاية في هذا العمل الأدبيّ.. سردٌ شيّق ممتع لا يملّ منه المرء ولا يجد فيه تكرارًا، ولا يسأم منه اقتضابًا.. سرد يجعلني أفهم الشخصيات فهمًا كاملًا على غموضها، وأتخيّل المكان والزمان كأنما أراهم رأي العين على غيابهم.. وأخال أني جالسة في تلك الجلسة المؤنسة وأنا القابعة في عقر داري! اللغة، حتمًا مُلهمة!!
عندما بدأتْ قراءة العمل أقسمتُ على نفسي أن أستبقيه معي هذا الأسبوع على الأقل.. قلتُ لنفسي لن أقرأ زيادةً على عشر صفحاتٍ باليوم لعلّي آنسُ بصحبته وقتًا أطول.. ثمّ ودون أن أنتبه وجدتني أنهيتُه في جلسةٍ واحدة كأنّه أحد أورادي! وأنا واثقة تمام الثّقة أنني وقبل أن يمرّ يوم آخر سأكون قد عُدت إليه لأقرأه مرّة ثانية، وثالثة، ورابعة! ومثلهُ لا يسأم المرء منه!
بعضُ نصوص الكتاب قد سبق لي قراءتُها، إلا أنّ الكاتبة أجادتْ توظيفها جيدًا وبمهارةٍ فائقة لتُوافق مسار الحديث.. بل وزادتْ عليها وعدّلتْ فيها فخرجت في أبهىٰ حُلّة!
أتمنّى لو يمكنني جعل الشباب والشابّاتْ أجمعين يقرأونه!! لو يسعني ذلك.. أملك لذلك سبيلًا! أكاد أقسم أن الخير سيغمرهم _كما غمرني_ وسيعيدون التفكير بجدّية بأمر الانتحار الذي ناقشتهُ الكاتبة مرّة بالعقل وأخرى بالدّين.. وعشرات المرّات بالقلب والعاطفة! لربّما يقلّ عدد المنتحرين.. لربّما يستفيق أحدهم من غشيته ويثوب إلى رشده! وإنّي مؤمّلةٌ به خيرًا!
تمنّيتُ لو أنّي حاضرةٌ في جَمعِ أنيسة ولطيفة الطيّب هذا، لو أستطيع الاستزادة.. وتخيّلتُ كم من «لطيفة» بيننا؟! تلك التي تواسي والحقّ أن تُواسى.. وتدعمُ والحقّ أن تُدعَم.. وتسمعَ والحقّ أن تُسمَع.. وتربّتُ وهي الأحقّ بالرّبتْ.. وتهوّن ولا تملك من يهوّن عليها!! ليتنا نفتّش فيما بيننا عن أشباه «لطيفة»!
وبالناية.. لا يؤخذُ على الكتاب شيءٌ إلّا أنّه قصير.. ولا يعيبُه شيء إلا أنه ينتهي! باركَ الله القلم وحامله، والحرف وصائغه، والمعنى وشارحه، والمقصَد وموضّحه..
حيّا الله الكاتبة وأدامها علينا نعمة وهدّية من الله لنا❣️...more
الاسم: "كُويكُول". الكاتبة: حنان لاشين. دار النشر: عصِير الكتب للنّشر والتوزيع. عدد الصفحات: 384. نوع العمل: رِواية.
عندما أنهيتُ قراءة الرواية وحاولتُ أن الاسم: "كُويكُول". الكاتبة: حنان لاشين. دار النشر: عصِير الكتب للنّشر والتوزيع. عدد الصفحات: 384. نوع العمل: رِواية.
عندما أنهيتُ قراءة الرواية وحاولتُ أن أكتُب تعليقًا عليها، شعرتُ بالعجز التّام كعادتي كلّما قرأتُ للكاتبة.. فحَرفي قزم أمام جمال روايتها.. لكنني -وبعد طُول تفكير- قررتُ أن أكتُب حتّى لو كان ما سأكتب قليلٌ على وصف الإبداع الذي قرأت..
لم أكُن متحمِسة لفكرة جُزء رابع -رُغم شدّة حُبّي للسلسلة- فكرتُ أنّ ما سيُكتب سيكون مكررًا وستكون الفِكرة قد استُنزفت واستُهلكت.. لكن كان للكاتبة القُدرة -كالعادة- على إبهاري بفكرةٍ جديدة ومميزة وغير مُكررة أو مألوفة.. رغم أن الأربع أعمال نِتاجٌ لفكرة واحدة إلّا أنك لن تستطيع قول: "هذه الفكرة متشابهة مع تلك!"
حين بدأتُ بالقراءة تغلّب الفضول على الفُتور، وبدأتُ أعيش أحداث الرّواية كأنّي معهم يدًا بيد، كتفًا بكتف! دقّة وصف الكاتبة جعل القاريء يتخيّل الأماكن كأنّها مرسومة أمامه، ويتعايش مع الأحداث كأنّها واقعة أمامه.. فسُبحان من أعطى الكاتبة القُدرة على وصف الأماكن والمشاعر بهذه الدّقة وبهذه الجودة!
دائمًا ما تعلّمنا سلسلة البلاغة مجموعةً من القيم، لكن هذه الرواية خصيصًا كانت قائمة في الأصل على القِيم.. يُمكنك بوضوح الشعور بكمّ المشاعر المُتدفق في حوارها وسردها.. فعلَت هذه الرّواية بي الأفاعِيل، وأنهتني قبل أن أنهيها!!
فكّرت أنّه من الحماقة أن أتطرق إلى الحَديث عن لُغة الرّواية؛ فللكاتبة لُغة قويّة مُتماسكة تحببك في الفُصحى وتضيف إليك مرادفاتٍ جديدة.. وما كانت الرّواية بأقل من سابقاتها.. فلُغتها لا غُبار عليها، وسردُها متقن وحِوارها مُتماسك..
استطاعَت الكاتبة أن تجعلنا متشوقين ومتلهِفين لمعرفة الإجابات حتّى الصفحة الأخيرة.. وهذا في رأيي إنجازٌ عظيم.. فالكاتب المُتمكن هو الذي يجعلُك في لهفة وتوتر لمعرفة أصل الحكاية ولا يدع للملل عليك سبيلًا..
أحببتُ عائلة أبادول وتمنيتُ لو كنتُ بصحبتهم، غَمرني دفئهم ومودتهم.. كنتُ أقرأ الرّواية ليلًا، فكّرت لوهلة أنني أريد أن أوقظ المنزل بأكمله لأنعم بصُحبتهم..
ناقَشت الرّواية قضية مهمة جدًا "المُستبعدين".. ليتَ أحدهم ينتشِل المستبعدين من خَراب قلوبهم ويُعمّر لهم واحة جميلة كمدينة "كُويكول"! قررت بعدما أنهيتُها أن أكون مُحاربة.. سأكون مُحاربة في كل معركةٍ أضطر لخوضِها..
بالنّاية: الرّواية أكبر من أن أحصِرها في تعليقٍ بسيط، ولُغتي أضعف من أن تتحدث عن الرّواية بكلمات معدودة..
حيّا الله الحرف وكاتِبه، والقلَم وحامله، والقلب وصَاحبه....more
الاسم: "رسائِل سقطت من ساعِي البريد." الكاتب: يُوسف الدمّوكي. دار النشر: عصير الكتب للنّشر والتوزيع. عدد الصفحات: 265. نوع العمل: رسائل مُجمّعة على هيئة كالاسم: "رسائِل سقطت من ساعِي البريد." الكاتب: يُوسف الدمّوكي. دار النشر: عصير الكتب للنّشر والتوزيع. عدد الصفحات: 265. نوع العمل: رسائل مُجمّعة على هيئة كِتاب، وكتابٌ ممزوجٌ بنكهة رسائِل.
لم تكُن المرّة الأولى التي أقرأ فيها للكاتب، لكن.. ترك العمل فيّ أثرًا أعمق من أثر العمل السابق للكاتب.. هبط دمعي مدرارًا مع أسطر العمل، حتى أخالُ أنّي قضيتُ على مخزون الدموع السنويّ خاصتي..
لغة الكتاب بسيطة سلسلة، تمرّ إلى القلب قبل العقل، فتلاقي قبولًا في كليهما..
حددتُ قائمة قراءات شهر نيسان، وأعددتها بدقّة بالغة.. ثم أتى هذا العمل وأفسد عليّ خُططي كلها، فما كان مني إلا أن أبعدتُ كل الكُتب المُحيطة بي وتفرغت له وحده.
"حين وصل السّاعي متأخرًا" لم تُخطئ عيني التواريخ، فهمتُ منذ اللحظة الأولى إلام يهدف الكاتب، وتوقّعت أنني سبقته بخطوة وأنّه عاجزٌ عن إبهاري..
"يتعذّر إرسال الرسالة، من فضلك حاول في وقت لاحق" تأثرتُ كثيرًا بالكلمات.. تعايشتُ معهم اللحظات.. تعلقتُ بتلك الشخصيّات..
"حين لم يصل السّاعي" لماذا إذا بكيت؟ ألم أكُن قد سبقت الكاتب بخطوة وتوقعت الأحداث؟ لماذا تأثرتُ إذًا؟ أعدتُ قراءة الرسالة عدّة مرات، والدّمع قد خطّ مَسيره..
"الأوراق التي رماها السّاعي لم تكن فارغة، وإنما بدت شفّافة؛ لأنها كُتبت بالعرق" يحدثُك الكاتب عنهم، فتقسِم أنه كان بينهم عندما خط أحرف رسالته.. يجعلهم الكاتب يحدثونك، فتقسم أيمانًا مُغلظة أنهم كتبوها بخط أيديهم.. كيف للكاتب أن يشعر بهم كأنّه منهم؟ وكيف له أن يصف شعورهم كأنّه هم؟
"رسائل لم يرها ساعي البريد، ليس لأنّه نسي نظارته الطبية، وإنما لأن مُرسلي الرسائل كانوا غير مرئيين" شعرتُ في هذا الفصل أنني من الجناة، في كلّ مرّة مررت بأحد الباعة الجائلين ولم ألق عليهم تحية الصباح -رُغم حرصي عليها- إلا أنني أحيانًا أنشغل عنهم.. شعرتُ بقسوتنا.. بسوء خلقنا.. بظلمنا لهم.. وهذا الشعور جعل دمعي يفيضُ مرة أخرى..
"الرسائل بدت باهتة في يد السّاعي، ستراها بوضوح إن اقتربت قليلا، فهي مكتوبة بالرصاص؛ لأن مرسليها يخافون من أي شيء "جاف"." للكاتب قُدرة لا يضاهيها أحد في وصف المشاعر، يصِف مشاعر النّاس كأنه يشعر بهم، يصف -حتّى- ما يعجزون عن وصفِه هُم.. يصيغ المشاعر أحرفًا.. وهذا الفصل كان عنوانه الأكبر: "مشاعر مُصاغَة".
"رسائل كُتبت بالرصاص" سأل الكاتب في هذا الفصل السؤال الذي أفنيتُ كثيرًا من عُمري أسأله.. وإلى الآن لم أجد له جوابًا.. إلّا أن الأسئلة كانت موجعة ومؤلمة.. فقاتلَ الله كلّ قاتلٍ!
"رسائل عُثر عليها في جواز سفر محترق" جربتُ الغربة أربعة أعوام من عمري، لم تكن غُربة مكتملة.. كان البعض برفقتي.. لكنّي أتفهم هذه المشاعر جدًا، أتفهم شعور الغربة.. شعور الوِحدة.. شعور الحنين إلى جحيم الوطن.. أتفهم كلّ حرفٍ كُتب في هذا الفصل..
"رسائل عُثر عليها تحت وسادتِك" لماذا لا نقول كلامًا طيبًا لغيرنا؟ ألهذه الدرجة نعجز عن إخراج الكلمات من أفواهنا؟ آذاني هذا الفصل، وأصابني في مَقتل..
"رسائل وُضعت في الصندوق، بعد مرور السّاعي وإغلاق مكتب البريد" أن تصل متأخرًا يعني فوات الفُرصة.. سيأكلُك الندم طوال عمرك على رسالة لم تُرسل، وعلى كلمة لم تُقال، وعلى إعتذار لم يُنطق.. ستبقى طوال عمرك أسير كلمتَي "يا ليتني.."
"الفصل الأخير" اتخذتُ خطوة إيجابية بعد إتمام قراءة الكتاب.. أخرجتُ مجموعة أقلامي وأوراقي وبدأتُ أكتب للجميع رسائل.. أحدهم كان شوقًا، والثاني كان اعتذارًا، والثالث كان مواساةً.. كتبتُ حتّى أوجعتني يداي.. وأخذتُ عهدًا على نفسي أن أكتب حتّى لا أشعر بالندم.
نصحتني رفيقة ألّا أنهي الكتاب في جلسة واحدة، لكنّي لم أعمل بنصيحتها وأنهيته.. وفهمت الآن لماذا أمرتني بتجزئته.. لقد ترك الكتاب فيّ فراغًا هائلًا..
منذ صغري وأنا أحبّ الرسائل الورقية، أتشممُ فيها عطر المُرسل، وخطّ يده المُتعرج، ارتجافة أنامله عندما يتوتر وهو يكتب.. الرسائل الورقية قطعة من الجنّة -بالنسبة لي- أحب أن أكتب الرسائل، وأن أتلقى الرسائل.. لذا كان الكتاب كشَربةِ ماءٍ على عطش.. روىٰ قلبِي وأنعش روحي..
بالناية: أحرُفي عاجزة عن الكِتابة أمام جمال ما قرأتُ.. وإن كنتُ سأعيبُ العمل في شيء فعيبه الوحيد أنّه انتهى.. حيّا الله الحرف وكاتبه، والقلم وحامله، والنّور وصاحبه.....more
الاسم: "قد شَغفها حُبّا". الكاتبة: نردين أبو نبعة. دار النشر: المؤسسة العربية للدراسات والنّشر. عدد الصفحات: 182. نوعُ العمل: رواية.
قبل أن أبدأ، أعتذرُ جدالاسم: "قد شَغفها حُبّا". الكاتبة: نردين أبو نبعة. دار النشر: المؤسسة العربية للدراسات والنّشر. عدد الصفحات: 182. نوعُ العمل: رواية.
قبل أن أبدأ، أعتذرُ جدًا لتأخُري في قِراءة الرّواية، لكنّي كلما هممت أقرأها وجدتُها أجمل من أن تُقرَأ في حالتي المزاجية تلك، فأردّها إلى المكتبة في انتظار الوقت المُناسب.. وأخيرًا استجمعتُ شجاعتي وشغفي وبدأتُ أقرأ..
حين بدأتُ في قراءة الرّواية وتيقّنتُ أنها تتحدث عن فلسطين ومقاومينها خفق قلبي بشِدّة؛ لطالما كان قلبي معلقًا بفَلسطين وأهلها وديارها.. وكانت الرواية بمثابة شَربة ماءٍ من بعد عَطش؛ فقد رَوَت عطَشي لمعرفة المُقاومين وطريقة حياتهم..
إن كان لي أن أرمز إلى الرّواية بكلمةٍ لقلتُ: "الصّبر".. تحتوي الرّواية على كل أنواع الصّبر، صبرُ الأمّ على فِراق وليدها، صبرُ الزوجة على فِراق زوجها، صبرُ الصديق على فِراق صديقه، وصبرُ الأخت على رحيل أختها! شعرتُ أنني -عندما أغلقتُ الرّواية- مملوءة بالصبر عن آخري.. وأنني قادرة على تحمُل أيّ شيء!
بكيتُ بكاءًا مريرًا وأنا أقرأ الرّواية، فللكاتبة قُدرة مميزة تجعلُك تُعايش أحداث الرّواية كأنّك معهم.. تزداد سُرعة نبض قلبِك عندما يطاردهم الصهاينة.. وتسكُب عينك الدُموع عندما يموت أحدهم.. تضحكُ على طرائفهم.. وتتعجّب من بساطتهم! وتغمرُك المحبّة عندما يلتقون بعد طُول غِياب..
تمنيتُ لو كانت النّهاية سعيدة، لكنني شعرت بحماقة أُمنيتي؛ من أين لفلسطين بنهايةٍ سعيدة؟! شعرتُ بضآلتنا أمامهم، وكيف أننا نبيعُهم بثمن بخس!
لُغة الرّواية أسرتني، وخاصّة اللهجة الفلسطينية المُحببة إلى قلبي، حتّى أنّي أعدتُ قراءة بعض المقاطع وأنا أتخيّل كيف ينطِقونها.. تباسُط اللغة مع ترابط الجُمَل صنع من لُغة الرّواية تحفة فنية.
كانت رحلة جميلة وحزينة ومُمتعة بالرّغم من قصرها.. كم تمنّيت لو طالت أكثر، لو ازدادت الأحداثُ حدثين أو ثلاثة! لكن عادة الشّيء الجميل أن ينقضِي بسُرعة..
عندما قرأتُ شعرتُ أنّ الكاتبة طَغت على حق "وداد" في قصّ حكايتها لصالِح "هيام".. رُغم أنّها كان من الممكن أن تُعطي كلاهما حقّهما في سرد حكايتهما.. ف"وداد" كانت تتحدث كثيرًا عن هَيام لدرجة أنّها قد تقضي فصلها بطوله لا تتحدث فيه عن يُوسف وأحداثُهما.. وهذا محضُ رأيٍ شخصِي، يؤخذ منه ويُرد.. رُغم أنّي أستَحِي أن أُعلّق على كاتبة كبيرة مثل كاتبة الرّواية..
وبالناية: كان هذا هو العمل الأول الذي أقرأهُ للكاتبة، ولن يكونَ الأخير بإذن الله.. حيّا الله الكاتبة وحيّا فلسطين وشَعبها ومُقاومَتها....more
الاسم: "ونراهُ قريبًا". الكاتبة: محبوبة محمد سلامة. دار النشر: البَشير للثَقافة والعُلوم. عدد الصّفحات: 232 نوع العمل: رواية.
لي ساعة جالسة أمام الورقة، أحالاسم: "ونراهُ قريبًا". الكاتبة: محبوبة محمد سلامة. دار النشر: البَشير للثَقافة والعُلوم. عدد الصّفحات: 232 نوع العمل: رواية.
لي ساعة جالسة أمام الورقة، أحاول أن أخطّ حرفًا يليق بجمال الرّواية، فأجدُني عاجزة تمامًا عن كتابة تعليقٍ عليها؛ الرّواية أكبرُ من أن تُحتوى في جُملة، وأعمَق من أن تُختزل في نَص.. وأنا عَهدي بالكتابة حديث، وقُدرتي على التعبير محدودة أمام جمال ما قرأتُ!
أوّل ما جذبني للرّواية كان اسمُها، ثمّ إهداءها.. "وكيف أُهدي ما لستُ أملكه فالكِلم والفتح والمعنى من الله".. هذا الإهداء هو الأروع على الإطلاق كَكلّ إهداءات الكاتبة.. لديها القدرة على كتابة إهداءٍ يجعلُك واقفًا أمامه ساعة تُعيد قراءته المرة تلو الأخرى!
"أمّا قبل" تعلّمك كيف هو التخطيط، تُخبرك عن معنى التصميم والإصرار.. تحكِي لكَ عن نتائج الصبر والإقدام..
"الطَائرة" من الطريف أنني كُنت اقرأها وأنا في الطائرة، فتحسستُ أركانها وهمستُ لها: أحقًا بنا تشعرين؟! تمنيتُ لو أنّي أخترق كيان الطائرة وأنظُر إلى السّحاب والسماء والمَطر، فمن شِدّة لهفة الطائرة لتكون غيثًا، انتقل لي شُعورها فتمنيت بدوري مثلها!
ما أجمل أن تقرأ للكاتبة وصف شعور الجَمادات! أكادُ أقسم أن أحدًا غيرها ما كان ليصف شعورهم كأنّه يراهم ويسمعُهم ويشعُر بهم! وإنّي أظن أنّ هذا من فَرط مشاعر الكاتبة، كيف أنّها لرهافة حسّها تشعُر بالجمادات حولها!
"الأرض" تفكرتُ كثيرًا في أمر الأرض، حاولتُ كثيرًا تخمين أحداثها وعلاقتها ببقية الشخصيّات، ضحكتُ كثيرًا من المُسمَيات.. بكيتُ حنينًا للوطن، فأنا قد قرأتُ الرّواية على أعتاب الغُربة!
توقفتُ عند كثيرٍ من العِبارات، أُعيد القراءة عدّة مرّات! فالكلمات تُصيب غايتها بسهولة، والكاتبة تقدّم حُلولًا مخبوءَة! علّمتني هذه الرواية أن أكتب العبارات التي مسّت قلبي في دفترٍ صغير، وعند انتهاء الرواية اكتشفتُ أنّها تجاوزَت الأربعين جُملة!
"كُن ذا أثر إن شِئت ألّا تمُوت" الجملة الأقرب لقلبي من بين كُلّ الاقتباسات، الإجابة التي جائتني على طبقٍ من ذهب.. علّقتها على باب الغرفة وعلى جِدارها، كتبتُها في كلّ دفاتري كأنني أذكّر نفسي بها إن يومًا نسيتُها!
تَصف الرّواية أجمل العَلاقات، علاقة الزّوج الطيب بزوجته، علاقة الابن البار بأمّه، علاقة الصديق الوفِيّ بصديقه، علاقة الأخ الحنون بأخته.. كما تحدّثك عن سَيئها كأنّما تُريك الظلام لتُذكرك بالنّور.. فتتحدث عن علاقة الصديق الخائن بصديقه، والزوجة الجشعة مع زوجها، والرّفاق التائهين والحَيارى الضائعين والأغبياء الضَالّيين..
"فراشَة مُونارش" الجزء الخاص بالفراشة يقول لكَ بكلّ وضوح: "أبدأ ولو كنتَ الوحيد، لا تبحث عن ثمرة عملِك فربما لن تراها، مَهّد الطريق لمن سيأتي بعدكَ ليَرى العالم النّور"
"بهذا الوقت.. حيثُ الحنين.. أرانِي أُزمم ماء اليقين، وأهتِف جهرًا مع الخاشعين.. "اللهم صلاةً بالأقصَى"؛ فأهتِف.. "آمين" في الوقت الذي نسِي الجميع -أو تناسى- القضية الفلسطينية.. كانت الكاتبة تحمل على كاهلها همّ إيصال الرّسالة.. وتبليغ الأمانة.. تُذكِرُنا في ظلّ نسياننا أنّ للأقصَى رجالًا يحملون همّ تحريره على عاتِقهم، فإن لم تُساعِدهم فلا تُضعِفهم!
وبالناية: ما كَتبت لا يَزِن مثقالَ ذرّة أمام ثقل العمل الذي يبدو للقاريء السّطحي بسيطًا، لكنّه بالنسبة للمتعَمّق في مَعناه يحوي رسائل قويّة وبليغَة.. فليتنا نُجيد قراءة ما توارى بين السُطور!...more
الاسم: "جنودٌ مِن عسَل" الكاتبة: "مَحبوبة مُحمد سلامة". دار النّشر: "البشِير للثقافة والعلُوم". عدد الصفحات: "143" نوعُ العمَل: حين يقرأ أحدُنا عملًا أدبيالاسم: "جنودٌ مِن عسَل" الكاتبة: "مَحبوبة مُحمد سلامة". دار النّشر: "البشِير للثقافة والعلُوم". عدد الصفحات: "143" نوعُ العمَل: حين يقرأ أحدُنا عملًا أدبيًا، فإن أسهل سؤال قد يُجيب عليه هو ما نوع العمل؟! لكن حين قرأتُ هذا العمل الإبداعي عجَزتُ تمامًا عن وصفِه، فلا هو بالرّواية ولا بالكِتاب، كأنّ الله وهبها من فضله بأن أضافَت إلى ألوان الأدب لونًا جديدًا، وسأترُك هذه الخانة فارغة لتملأها هي بما تراه لائقًا أكثر!
أول ما أثار همّي وغمّي أنّ هذه الرحلة -التي تنتهي مع كلمة "تمّت"- قصيرةٌ جدًا! لكنني عندما وصلتُ للنّهاية وجدتُ أنني أنهيتُ الكتاب وما انتهى داخلي، وأنني أغلقتُ دفته وما أغلقتُه في عقلي، وأنّ شيئًا منه بقِي عالقًا بي!
دائما ما يُبهرني قلمها، كأنّ الأحرف تُذلل لها، والكلماتُ تنحني أمامها، والمعاني ترتص حولها، فتنتقي منها أجملها وأبلغها وأفصحها.. فتجد في سردها قوة ومرونة، في وصفها دِقة وعذُوبة، في حوارها براعَة وسهولة.. لم أجد أحدًا -حتى يومنا هذا- قرأ لها نصًا وندم أو امتنع عن التكرار.. فسُبحان من ملّكها الكلمة ومعناها، والجملة ومُحتواها، والفقرة وربطها بأختها!
حين شرعتُ في قراءة جُنود من عسَل تذكرتُ كيف كنتُ -ولا زلتُ- أفكر مليًا كيف تشعر الجمادات؟! ولأنني ما وجدت له يومًا إجابة؛ تناسيتُه. لكنّه عاد يطرأ في ذهني بقوة وأنا أقرأ أولى صفحات الكتاب. حين تقرأ وصف الكاتبة لمشاعرهم، تظن أنّها كانت بينهم، وحين تنقل حديثهم، تُقسم أنّها كانت رابعتهم! توقفتُ في منتصف القراءة أسأل نفسي: أحقًا لا تشعُر الجمادات بشئ؟ إن كان كذلك فكيف لها أن تصِفهم بهذه الدّقَة والبراعة كأنّها حضرت جَمعهُم، وسمِعت حديثهم، وفهِمت حِوارهُم؟! وما جذَب انتباهِي أنّ الفِكرة جديدة، لم أسمع بها من قبل، ورُبّما هذا سبب تأخري في كِتابة هذا التعليق، لا بُدّ للمميز من شئٍ مميز، فأنّى لِي أن أكتُب تعليقًا يصفُ جمال العَمل؟!
رُغم أنّ النّاطِق الوحيد هو العقل، إلّا أنّ العمل ملئ بفيضٍ من المشاعِر، أثار بعضُها دموعي، والآخر ضحكي، والثالث شجني، والرابع حنيني، فسُبحان من منحها القدرة على جمع كلّ هذه المشاعر بين دفتي كِتاب!
بعضُ حكايا هذا الكتاب سمعتها قبلًا، ربما وأنا صغيرة، لكنّي قرأتُها وكأنّها المرة الأولى التي أعرفها بها! من دِقّة وصفِها وجمال تعبيرها تظن أنك كنت حاضرًا ومطلعًا على أحداثها. أدامَ الله القلم وحامِله، والحرف وكاتِبه، والمعنى وموصِله، والحدَث ومصوّره، والمغزَى وموضّحه. تقييم العمل: 5/5 ورُبما أكثر.
بالنهاية: اعذِري حرفِي إن عجَز عن كِتابة تعليق يليق بالعَمل، فجمال عملكِ أخرسه!...more
الاسم: كِريسمَاس في مَكّة. الكاتب: د. أحمَد خَيري العُمري. دار النشر: عصِيرُ الكُتب للنّشر والتّوزيع. تصنيف العمل: رِواية.
هل يُمكن لروايةٍ أن تُسبب لِي الاسم: كِريسمَاس في مَكّة. الكاتب: د. أحمَد خَيري العُمري. دار النشر: عصِيرُ الكُتب للنّشر والتّوزيع. تصنيف العمل: رِواية.
هل يُمكن لروايةٍ أن تُسبب لِي كل هذا الوجع؟! هكذا تساءلتُ وأنا أقرأ صفحاتِها.. بدأتُ قراءتها وأنا في حالة مِزاجية سيئة للحَق، ظننتُ أنّها قد تُخفف عنّي قليلًا، لكِن.. يبدو أنّ الأمر زاد سُوءًا! لم تكُن أوّل عمل أقرأه لد. أحمد.. بل كانَت الرّابعة، لكنّها كانت الأفضل على الإطلاق.
أثارت الرّواية ذِكرياتِي وحنِيني، أدمعَت عيناي حنينًا إلى أربعة أعوام قضيتُهم في السعودية، هذا الوصف الدّقيق للكعبة، وللحرم، ولكُلّ شِبرٍ في مكة يُثير المواجع.. وَصفُه لشُعور الطّائِف تَحت المطر ذكرني بذَلك اليوم الذِي طُفت فيه والمطر يُغرقني، قبل أن أُصاب بعدها بفوبيا المَطر! للمرّة الأولى في حياتي كرِهتُ الوصف الدّقيق! رُبما غاب عن ذِهني بضعة أسطر كنت قد سافرتُ فيهم بذكرياتي إلى الحرَم.. من شِدّة الوجع لم أستطع إكمالها، أوقفتُ القراءة فيها أسبوعًا كاملًا ريثما هدأتُ من ثورة الذّكريات.. وفي الليلة المتممة للأسبوع كان الفضول لمعرفة بقية الأحداث قد غلبني، حدثتُ نفسي وأنا أتناول الرّواية من المَكتبة: "ربّما عليّ أن أكون أقوى" أثارتْ الرواية مَدمعي، من منّا يُمكن أن يُقاوم هذا السّيل الجارف من الذكريات عن مكّة؟!
بكيتُ عند موت عمر، وعند موت الجد، بكيتُ مع سعد ومريم ساعة الفراق، عِشت مع كل واحد فيهم آلامه وأحزانه.. أسعدني تلميحُ مَريم عن سعد وميّادة.. وللحق كنتُ أعرف منذ وطأتْ أقدامُهم مكّة أن شيئًا سيجمعهما..
الشئُ الوحيد الذي أثار حفيظتِي أنّ الكاتب أظهر الحَجِي ثامِر بمظهر المُستغل والجَشِع، لا أدري إن كان هُناك حَجّاج كذلك حقًا، خِبرتي صفر في هذا الأمر، لكن أظنُ أن من جلس بالحرم وحجّ واعتمر لا يُمكن أن يكون بهذا السُوء!!
منذ صغري لم أجد أي مشاعِر تدفعني لحُب العِراق، ربما لأنّ الحديث عنها في كُتب الأدَب والفرق لم يكن مُنصفًا.. أو ربما لأن أمي قالت لي ذاتَ مرّة: "يُقال عن العِراق أنّها بلد فِتن وثوراتٍ وخروج عن الحُكّام" أو رُبما لأنّها تعُج بالشيعة، وللحَق لم أحمل لهم ذرّة حب أو تعاطُف.. هكذا كانت نظرتِي نحو العِراق، ولم أجد من يُصححها، لكنني سعيدة، جَدُّ سعيدة بعدما تعرفتُ عليها عن كَثب.. لم تكُن بهذا السوء الذي قِيل لنا، ولم يكُن الشّيعة بهذا الغباء الذي سمعته عنهم..
وأمّا الحديث عن سُقوط بغداد فقد ذكّرني بكتاب الأدَب الذي درستُ فيه تاريخ العباسيين، أذكر جيدًا أنني وضعت خطًا تحت جُملة: "انتشر لونٌ جديدٌ من ألوان الرّثاء، منه رَثاء المُدن حيث رثَا الشّعراء بغداد بالعديد من المَراثِي.." وقتها تسائلتُ.. كيف هو شعور من يرثي بلدهُ؟! الآن وجدتُ الإجابة..
لُغة الرّواية أسرتني، المَزيج الحُلو بين الفُصحى والعامية العِراقية أضفَت عليها جوًّا مُبهجًا.. وأما الحَبكة فإنّ الحديث عنها يظلمها.. فمهما قِيل عنها لن يفيها حَقّها.. أقل ما قد يُقال أنّ للكاتب قُدرة مُميزة على رَبط الأحداث، لذا حين تقرأ آخر سَطر بالرّواية ستتضِح الرؤية أمامك.. وسيزول الغُموض.. "حَبكة هذه الرّواية جديرةٌ بأن تُدرَس بحَق".
بالنّاية: سترافِق هذه الرّواية عقلي فترةً طويلة، لا أدري متى سأتعَافى منها وأعود إلى طبيعتي.. كلّ الذي أدريه أن هذه الرّواية ستمنعني من القراءة، على الأقل يومين أتعافَى فيهما من آثارها..
كان هذا أوّل تعليق لي على روايةٍ من روايات د. أحمد فاعذر الحَرف إن أخطأ، والعقل إن غَاب، والمشاعر إن طَغت.. فالرّواية حقًا مُربكة!...more
" وا أسَفا على يُوسف " كَم مرّة قرأتُ قِصة يوسف أو سمعتها؟! ربما تَخطى الأمر ال50 مَرة .. و كُل مرة أستخلِص من قِصته - عليه السلام - العِبر و المواعِظ ." وا أسَفا على يُوسف " كَم مرّة قرأتُ قِصة يوسف أو سمعتها؟! ربما تَخطى الأمر ال50 مَرة .. و كُل مرة أستخلِص من قِصته - عليه السلام - العِبر و المواعِظ .. لذا حِين علمتُ أنّ الرّواية تقصّ قِصته شعرت بقليلٍ مِن الخيبة .. ما الجَديد؟! قِصة حفِظتها و ردّدتها حتى أنّي أستطيع أن ألقيها على مسامعِكم دون خطأ واحد في نَصها و مضمونها .. *** كانَت مرتي الأولى الّتي أقرأ فيها شيئا لأ. أيمَن العتّوم.. لكن سِيرته الطيبة تَسبقه؛ لم أتردّد لحظة واحدة في قَرار القراءة له. كُنت أعلم مُنذ البداية أنّ لغته قوية جدًا مما قد يصعُب على الفهم.. و كان هذا أوّل ما جَذبني .. كقارئة تُقَدّس الفُصحى الجَزلة بالتأكيد كنتُ سأولع بالرواية قَوية اللغة .. أحيانًا يكونُ تفرّدك في أن تكتب فِكرة جديدة بطريقةٍ شيقة و حبكة غَير متوقعة.. حينها فإنّ نجاحك مَضمون 100% لكن أن تكتب فِكرة يحفظها أطفال العَرب جميعًا و حبكة لا يُخطئ فيها أحَد،و رغم ذلك كلّه تجذب انتباه القارئ و تجعلُه مُتشوقًا لمَعرفة نهاية يحفظها أكثر مِما يحفظ اسمه فأنتَ حقًا مُبهر .. " الأجمَل حَتْف " كيف للمرء أن يكون جمَاله سبب شقائه؟ كيف يمكن للجَمَال أن يُلقي بصبيٍ إلى بِئر، و بطفلٍ إلى العُبودية، و برجلٍ إلى الأسْر ؟! بأيّ ذَنب رُمي في الجُب ؟! و بأيّ ذَنب بِيع عبدًا ؟! و بأي ذَنب سُجن ظلمًا؟! كيف للجَمال أن يكون ذَنب المرء الوحيد؟! أقرأ الأحداثَ كأنّما أقرأها أول مرة .. أحزنُ لموت العسعاس حزنًا شديدًا كأنّني الأطحل .. و أبتأسُ لغياب يُوسف كأنّني عَمته .. و أغارُ منه كأنّني إخوته .. و أتوجّع خوفا كأنّي يوسف في بئرِه و أبكي أسفًا عليه كأنني والده .. و يفيض صَدري بُغضا لفعلة مالِك كأنّي يُوسف .. و أنقِم على نظرات زليخة كأنّي زوجها .. و أشعر بالقَهر كأنني يوسف في سِجنه .. و أشمَت في زليخة كأنني نِسوة المدينه.. و أمرَض كأنني الملك في مَرضته.. و أغمِض عيني لأحلم بحلمِه.. و أجاوِر يوسف في مَجلسه .. و أفرح لفرَح السّاقي و كأنني هوَ .. و أنقِم لنسيانه كأنّي يُوسف.. و ينشَرح صدري لخروج يوسُف و صُحبته .. و ينقبِض صدري لِما مَسّ يعقوب كأنّي من ذريته .. و أتهلّل فرحًا لرُؤية بنيامين كأنّي يوسف .. و أهيم على وجهي في الصّحاري كأنني قطفير .. و أكاد أجَن كأنني روبيل في حَيرته .. و أمرض جوعًا كأنّي ذُريته .. و أطرَب شبعًا كأنّي إخوَته .. و تبيَض عيناي كأنّي يعقُوب في كُربته ثم ينشرِح صدري كأنّي يُوسف في لقيته .. أسأل نفسي مَع كل تغير في مَشاعري، كيف يحدث هذا لي كأنّما أقرأ القصة أول مَرة؟! إن شئتُ الحديث عن بِداية الرواية فإنها خَير بداية .. و إن شئتُ الحديث عن النهاية فإنها أجمل نهاية .. و إن شئتُ الحديث عن الأحداث و ترتيبها و المَشاعر و وصفِها و القلوب و شِعرها فإنهم والله ما قَلوا جمالًا عن البداية و النهاية .. أنّى لقصة مُستمدة من وحي القرآن أن تكون أقل جمالًا من هذا ؟ أنّى لأحسن القصص أن تكون مُعابة؟! لكن لِي سؤالًا حيرني و أرّقني! من أين للكاتب بهذه التفاصيل؟! فإنّي كلما استحضرتُ آيات القرآن وجدت أن القرآن أوجَز و أسهَب الكاتِب .. و أن القرآن عمّم و خَصّص الكاتِب ! فأنى له التفاصيل؟ تفاصيل المَأكل و المَلبس و المَشرب و وصف الدّيار و ما في النفوس من خَبايا؟! و هل يجوز التّخيل فِي قَصص الأنبياء ؟! #أنايوسف...more
الروايات نوعان ، واحدة تقرأها و أنت تنظر للصفحات مرارا و تكرارا ، تنتظر إنتهائها و كأنها جبل راسخ فوق كتفك ، و الأخرى تقرأها و أنت تتأملها، تقرأها بقلالروايات نوعان ، واحدة تقرأها و أنت تنظر للصفحات مرارا و تكرارا ، تنتظر إنتهائها و كأنها جبل راسخ فوق كتفك ، و الأخرى تقرأها و أنت تتأملها، تقرأها بقلبك ، و تناجي أسطرها ألا تنتهي أبدا ، رغم الشوق الكامن بداخلك لتعرف بأي روعة ذيل الكاتب روايته ! نادر هو النوع الثاني ، لكن ، لقد وصلت له أخيرا .. " دليلة " ذلك النوع من الروايات التي تشعر بأنك تريد أن تحفظها عن ظهر قلب ، لا أن تقرأها و حسب ، ذلك النوع من الروايات التي تجعلك ترسم خريطة للأشخاص عساك تصل للحقيقة قبل أن يصل لها البطل !! " دليلة " ليست من النوع التي تنتهي بمجرد أن تقرأ كلمة تمت ، بل في الحقيقة هي تبدأ وقتها ذلك النوع من الروايات الذي يجعلك تقف وقفة صارمة مع نفسك ، لأي نوع من الأشخاص كنت تنتمي ؟ لأولئك الذين يعاونون الناس على الموت ؟ أم ذلك النوع البرئ الطاهر طيب الأثر ؟ " دليلة " هي ذلك النوع الذي يغير حياة المرء في لحظة ، لذي عادة سخيفة أن أعلق الجمل التي لامست قلبي على حائط من حوائط غرفتي ، و أمام تلك الرواية وقفت حائرة ، فحوائط غرفتي الأربع لن يفوا عدد الجمل التي شئت أن أعلق !! " دليلة " لو قرأتها لأنبهرت مع كل سطر و مع كل جملة ، لو حاولت أن تتخطى فيها سطرا من لهفتك لمعرفة الأحداث فإنك ستعجز، فهي لا تمر على العين ولا القلب و لا السمع مرور الكرام ، إنها متربعة على العرش ، و قلوبنا لها عرش !! " دليلة " لا أدري أي قصة من التي سردت أصدق ، أهي قصة المعلمة أم قصة دليلة ذاتها ام أيهم ؟ لكن ، ما أصدقه هو أن دليلة أحبت ، و تمكن الحب من أعماقها و تخلخلها حتى النخاع ! وصلتني رسالتك بالنهاية ، عرفت الآن لأي شئ كتبت الرواية ، أصبت لب الهدف يا كاتبتي !! " عاليا " إلى أي مدى كان علوك؟ هلا سردتي لي كيف كانت السقطة من هذا العلو على أرض الحقيقة مؤلمة ؟ لا يهمني كم من الوقت إستغرقتي لتصلي للحقيقة و لتخلعي عنك رداء الحماقة ، المهم أنك بالنهاية وصلتي 😍 " وصال " إخلعي عنك رداء الحزن و الخوف عزيزتي ، فغالبك قد رحل و أرتحل ، كفاك الله أخيرا شره ، لا يستحق منك ذرف دمعة ، الدموع غالية ، لا تسكب إلا على من يحسنون تقديرها تشبثي في مدثر ، و اخبريه أن يدثرك جيدا، لئلا يخترق غالب أحلامك ليلا !! " رشاد " يا أقرب القريبين ، والله ما ملكك الصبر إلا ذاك الذي إعتصمت ببابه و الناس نيام ، كان يسمعك ، يسمع انينك و بكائك ، يعلم ماذا فعلت و كم حاربت لئلا تقترب منها ، الله سمعك من فوق سبع سماوات، نم هانئا انت و عروسك ! تزف لك في الجنة عروسا إن شاء الله " علي " تعلمت منك كيف أن الحب عذاب يا علي ، لكن ، ما احلى العذاب من الحبيب ، لقد جرحت كثيرا ، لكن العالية باتت معك قلبا و قالبا، هنيئا لك يا بائع الفلفل الأسود - حاش لله أن أقصد معايرتك - هنيئا لك السعادة مع من إتقيت فيها الله " مدثر " ليكن الختام مسكا ، دثر أحلامك جيدا و احذر أن يصل لها برد النسيان ، لا تخش أحدا ولا تخجل من تلعثمك ، كلنا مجانين يا رجل !! صل وصال ولا تقطعها لا تنس أخاك و زوجه ، لا تلم نفسك أكثر ، أنت لا ذنب لك أبدا ، توكل على خالقك و أوغل في الحياة ! و بالنهاية ، مع كل سطر كنت أقرأ ، كان قلبي يخبرني أنك أعظم كاتبة و أنني ما أخطأت إختيار اللقب ، تبهرينني حد نسيان الكون حولي ... و دون مبالغة كاد قلبي يتوقف عن العمل عند كثير من اللحظات ، إختيار الأسماء كان مبهرا جدا ، راقني الأمر بشدة ، بارك الله في قلم يحيا ليحيي الأنام 😍 هذا آخر قولي .. بعد السلام !...more
" فُوبيا " الاسم وحده كافٍ ليجذبك لقِراءة الرواية ، و فور أن تَبدأها لن تنهض من جَلستك حتى تُنهيها ، للوهلَة الأولى ستحسب مَروة ممّن لهُن العديد من ال" فُوبيا " الاسم وحده كافٍ ليجذبك لقِراءة الرواية ، و فور أن تَبدأها لن تنهض من جَلستك حتى تُنهيها ، للوهلَة الأولى ستحسب مَروة ممّن لهُن العديد من الأعمال الأدبية ، و ذاتُ خبرةٍ في المجال ، فهذا السّرد المتماسك و هذه الحبكة القوية ، و اللغة القومية ، بالتأكيد لكاتبة قوية و مبدعة ، لكن سأترُكك تنبهر وحدك ، فهذا العمل الأوّل لها 💚 تابعتُ الرواية فصلًا بفصل ، و سطرًا بسطر ، و جملةً بجملة ، و لقد وقعتُ في غرام كلماتها حقًا ! تحسب للوهلة الأولى من سَطوة الاسم أنّك واقف أمام رواية نفسية ، لكنّها تحكي عنك و عنّي و عن الجميع ، جميعنا لدينا ذات الجانب المظلم الذي مَلكته " منة " ، لكن رُبما بدرجات متفاوتة تحسب نفسك سويًّا ؟ أعِد التفكير في الأمر بعد إنهاء الرواية ! تعيشُ مع منة تطورات مرضها ، و مع أمها مسَاوئ خوفها ، و مع عُمر روعة الحب و الصبر ! بإختصار : ،" هذه الرواية كُتبَت لتُعَاش لا لتُقرأ "...more