ŷ������

كعادته يبذل صنع الله ابراهيم جهدا يحترم لإفراغ نتاجات بحوثه على صفحات رواياته، ولعل الرواية بالنسبة له هي وسيلة تقنية لتقديم رؤيا تاريخية غير حيادية تعتمد على قراءته الديالكتية للأحداث
لكن على عكس تجربتي معه في "بيروت بيروت" و"يوميات الواحة- المذكرات" امتعضت من صحبته في أمريكانلي
تلك المفردة التي اختارها عنوانا مستمدا من مفردة "عصمنلي" التي تلخص حقبة الدولة العثمانية التي لم يخف عدائيته تجاهها وغالبا مستندا إلى أراءه ونظرياته الاجتماعية وليس للواقع التاريخي
في لقاء سابق معه وبعد الاحتفاء في جو مفعم بالمزاج القومي تملص من سؤالي عن تفسيره لزيارته العراق بعد الاحتلال وخصوصا اقليم كردستان ومجاهرته برفضه زيارة البلد في ظل حكم الشهيد متذرعا معاداة الديكتتاورية كما يقول!
لكن في أمريكانلي لم يجد غضاضة من تمرير موقف لا يحمد عليه بالسخرية من الحملات الشعبية الأمريكية لمساندة العراق عبر الغمز من زاوية أن تلك المساعدات سيختلسها رجال المخابرات ملمحا الى الصحة الجيدة لرجال الدولة مقارنة بالصحة المتردية للأطفال في شريط ترويجي
سنتجاهل سوء النية في ذلك التلميح العدائي الواضح ونفسر له هذه الصورة بأن .. من الغباء مقارنة رجل عسكري مكتمل النمو بصحة طفل رضيع يعاني الهزال في ظل منع الحليب والأدوية جراء الحصار

من جانب آخر لا يجد غضاضة من تمرير مفردات لا تليق بمؤرخ-وهي صفة بطل الرواية شكري- حين يصف حادثة بيرل هاربر بالعدوان الياباني على أمريكا!
لقد مرر صنع الله الكثير من المعلومات القيمة عن تاريخ أمريكا التي يمكن أن يجدها القارئ العادي مسلية ومفيدة وهو جهد يشكر عليه، لكن علينا ان نذكر ان الرواية تختلف عن البحث التاريخي الجدلي خاصة وأن الرجل عادة ما يستند الى مراجع تنسجم ومزاجه الماركسي، فيشير الى ما يناقضها إشارات هازءة أو تقلل من قيمتها
وكذا الأمر مع نظرياته الاجتماعية بخصوص المرأة والجنس والطفولة
على صعيد البناء الروائي أظن أن التوفيق جانبه في ذلك فالحبكات الصغيرة القليلة كانت مرخية، والترابط مبتور في مفاصل كثيرة، ولعل هذا مردودخ إلى نظريتنا الأولى بأن الرجل لم يرد سوى طريقة يقدم بها نظرياته التاريخية المتبناة على ألسن باحثين آخرين
ولولا ابقاءه على بذرة تعرية النظام العربي العمومي المستمرة في اعماله لكان هذا الكتاب يستحق ما هو أقل من كتابة رأي فيه