ŷ������

يقال ان افضل بداية يبدأها القارئ مع مؤلفات كاتب لم يقرأ له من قبل هي ان يبدأ من السيرة الذاتية للمفكر او الكاتب نفسه .
و هذه الملاحظة قيّمة جدا لانها تمكنك من معرفة الظروف و التجارب الانية و المناخ السائد و بقية العوامل التي تؤثر حتما على قلم المؤلف .
نصر حامد ابو زيد المفكر الكبير ، اكثر ما لفت انتباهي لقصة حياته هو انه رجل مستقل جدا ، بفكره و سلوكه و منهجه و آراءه الجديدة في تأويل النص الديني .
هذه الاستقلالية التي كونت شخصية ابي زيد الفريدة لم تأتِ من فراغ ، فالرجل صار مسئولا عن نفسه و عن عائلته بعد وفاة ابيه و هو في عمر 14 سنة .
ابو زيد اعطى ملخصا لحياته الاجتماعية و الاسرية و الفكرية و شيئا من رؤيته السياسية في هذا الكتاب .
يطرح ابو زيد الاسلام برؤية جديدة ربما يقاربه فيها المفكر الايراني محمد شبستري في طرحه لنظريات الهرمنيوطيقيا و تأويل النص الديني .
قبل هذا الكتاب كانت صورة ابو زيد - التي صنعتها آراء القراء و وسائل الاعلام - غامضة عندي لكنها سلبية قليلا ، و لهذا احببت ان اقرأ له لا عنه .
بعد هذا الكتاب وجدت ان نصر حامد ابو زيد رجل عظيم اسيئ فهمه عمدا او جهلا به ، و هو من اهم مفكري الاسلام الذين حاولوا ان ياتوا بصورة جميلة عن هذا الدين الذي شوهه اتباعه قبل اعدائه .
قصة ابو زيد تشبه قصة ابن رشد كمفكر و مثقف مسلم ..
فما حدث مع ابن رشد حدث مع ابو زيد تقريبا .. فكلاهما قد تم اتهامه و تغييبه و نفي افكاره من قبل قومه . و ليس غريبا ان يتبوأ ابو زيد كرسي ابن رشد للدراسات الاسلامية و الانسانيات في أوتخرت بهولندا عام 2002 ، و فوزه بجائزة ابن رشد للفكر الحر في برلين في عام 2005 .
يؤمن ابو زيد بان العدل الاجتماعي هو اكبر مطالب الاسلام ، لكن صُور تحقق هذا العدل ليست ثابتة ، فما كان مصداقا للعدل في القرن السابع من احكام ، كقطع يد السارق او للذكر مثل حظ الانثيين او غيرها ، لا يمكن ان يكون مصداقا للعدل الاجتماعي اليوم ، و لهذا وجب التفريق بين البعد البشري و البعد الالهي في القران ، البعد القراني البشري يجب ان يكون متغير بتغير الزمان و المكان حسب فكر الدكتور ابو زيد .
و هذه الفكرة هي تقريبا اعظم افكار ابي زيد التي حورب بسببها في رأيي ، فهي مفتاح لبقية افكاره الكبيرة الاخرى التي دعت للفكاك من اسر النص الديني على العقلية المسلمة اليوم .
هذه هي تجربتي الاولى مع ابو زيد ، تجربة غنية جدا و تصلح كبداية ممتازة ، و هي ليست الاخيرة بإذن الله .