ŷ������

في رواية العمى لجوزيه ساراماغو ظلت الأسئلة تنتابني إن كان الفكر يصنع رواية فعلى الروايات أن تسرد وتنتقل إلى أبعد حدود الرؤية ذات بُعد الإدراك المستطاع .
تصوير ساراماغو لطريقة المجتمع ومؤهلاته البصرية وانعدامها في حدود العمى دلالة على موت الإنسانية وظهور المطامع البشرية والقمع التي تُبنى عليه الحاجات والمصالح التي يساق به الأفراد فاقدوا البصيرة عن الرؤية الواضحة خلف الحقبة الضائعة .
في هذه الرواية بنيت قضايا المجتمعات فبداية تشبث العميان بالحبل دلالة التبعية وأيضاً طريقة سياسة الحكومة إتجاه حاجات الشعوب
وفي المنتصف تحارب المجتمع الذكوري في سياقه لإحالة المرأة وفق الظروف والصراع الملحمي الذي تعانيه المجتمعات خلف هذه القضية الغير منتهية ...

"كونك تستيقظ مبكراً لا يعني انك ستموت قريبا"


عندما تحرر العميان في ليلة شاعرية يطل عليها ضوء القمر الحليبي كلون البياض الذي غطى أعين سكان المدينة علمت أن لحظات الحرية تبنى في ليالٍ مجازية يطل عليها نور القمر
فعندما نال العميان حريتهم ولكن من غير حاسة البصر صار تخبطهم للعودة إلى ملاجأهم خلف قضبان الحرية أمراً مستحيلاً فمهما بلغت درجة الحرية مداركها من غير بصيرة واضحة ستتخبط في تلك الدروب إثر الوصول .
أذهلني الكاتب لدرجة الخذلان الذي أخشى أن لا أجد جمالاً وصراعاً حقيقاً في الحياة للمشكلات الإنسانية
أثناء قرائتي لروايات أخرى .
عندما يفقد الشخص البصر يغلب على شخصيته طابع الضياع في أمور الحياة الجديدة كما حدث في الرواية عندما فقد بعض من العميان أخلاقهم الإنسانية وأصبحت تصرفاتهم شبيهه بالحيوانات .
وعندما نسي الطفل تذكر والدته هل لإن مشاعر المحبة و الإنتماء عميت بعد فقد بصره أم لإن بصيرته نبأته بعدم عودته لإمه ؟
هل العمى يجردنا من المشاعر عندما لا تبصر الشخص أمامها ؟

في كل جزء من الرواية كان التساؤل ينتابني وفي المقابل شعور الثناء الذي يجتاحني على نعمة البصر .

أراد الكاتب أن يوضح أن من يفتقد للبصيرة فهو فاقد للبصر تماماً وسيعيش كتابع لترهات مجتمعه و سيلازمه التخبط في الحياة .
في عقل الكاتب عينان تبصر الحقائق التي عمي الناس عنها

"العمى" رواية تستحق إمعان النظر بالتحديق في تفاصيلها حتى إكتساب القدرة على تمييز الحقائق المعمية في مجتمعاتنا لإفتقادنا لا للبصر بل للبصيرة .